|
أهزوجة سرجي مرجي بقلم صلاح يوسف
|
على المحك صلاح يوسف [email protected]
من الحكمة عدم الأخذ برأي شخص واحد إذا كان في مقدور المرء أن يستطلع آراء عدد من المختصين بأمر ما، لأن لكل واحد منهم حائطه الذي يستند عليه قبل أن يدفع برأيه دون اعتبار لآراء نظرائه أو بالأحرى منافسيه. وبالنسبة للطب نادراً ما يشخّص الطبيب علتك وينصحك بتناول نوع معين من الأدوية فيتحقق لك الشفاء من الوهلة الأولى اللهم إلا أن تكون محظوظاً دون الذين يعانون من ذات المرض ويراوحون في مكانهم. فقد ظل كثيرون ممن حاصرهم المرض يستبدلون أطباءهم مثل قمصانهم بلا طائل. فما أن تزور طبيباً وتطلعه على ما بدأت من علاج مع طبيب آخر، حتى ينصحك بإيقاف ذلك العلاج والأخذ برايه هو حيث لا تملك سوى الانصياع لأمره باعتباره يشكل بارقة أمل. وقد لا ينصلح الحال فتذهب إلى ثالث لينصحك بشيء مغاير لما سبق أن بدأته من علاج مع أكثر من طبيب فترضخ لما يقول، كأنك حقل تجارب قد تشفى على يد أحدهم بمحض الصدفة أو قد تسوء حالتك فتضطر للسفر إلى الخارج حاملاً ملفاتك ووصفات العلاج فيتم وضعها جانباً ويشرع الطبيب الخارجي في التشخيص والعلاج الجاد لتعود بعد أيام قليلة موفور الصحة والعافية، فهل سألنا أنفسنا لماذا يتفوّق الطب الخارجي على الداخلي؟ وحتى لا نغمط الأطباء النجباء حقهم فإن أطباءنا الذين يعملون بالخارج وفي أكثر الدول تحضراً مثل بريطانيا يعتبرون من أكفأ الأطباء وبالطبع تعينهم أجهزة الكشف الحديثة والمختبرات الطبية الدقيقة والدواء الذي لا تشوبه شابة تصنيع أو انتهاء صلاحية فضلاً عن الاطلاع والمواكبة الشيء الذي لا يحرص عليه أغلب العاملين في مجال الطب داخلياً. فقد تجد الطبيب الذي ربما، منذ تخرجه، لم يجد وقتاً أو يبدي حماساً للاطلاع ولو على المجلات الطبية وهي أضعف الإيمان ناهيك من متابعة المكتشفات والتجارب العلمية. ولعل العجلة وكثرة المراجعين تجعل الدقائق القليلة التي تمضيها مع طبيبك لا تمكنه من الإلمام بكل أطراف العلة، وقد يأخذ بمقولتك أنت الشاكي على أنها التشخيص السليم كسباً للوقت خاصة وأنه يسابق الزمن وعينه على الشخص الذي ينتظر خارجاً للدخول، فتجده يصرفك سريعاً طالباً بعض التحاليل التي تعينه على تحديد العله وصرف الدواء. وبالطبع إن هذا هو الأسلوب الأمثل لمعرفة الداء، غير أن المختبرات الطبية تتفاوت من حيث كفاءة الأجهزة وقدرة العاملين عليها. فقد تجد مختبراً يعتمد في تحليلاته على أجهزة حاسوبية دقيقة النتائج وقد تجد آخر يكتفي بالنظر والتقدير الذي ربما يكون خاطئاً أو غير دقيق. وهنا لا يلام الطبيب الذي يعتمد على نتيجة التحاليل، ولكنه شاء أم أبى يكون قد أدخلك في متاهة كبيرة إذا لم تتوفر الدقة في التحليل. والحال كذلك يتوجب الارتقاء بكفاءة المختبرات الطبية ومواكبتها لمستجدات الأجهزة الطبية التي تتقدم يوماً بعد آخر خاصة وأن هناك بعض المراكز الصحية الصغيرة لا تتوفر لديها مختبرات دقيقة كما أن أماكنها لا توحي بتوفر البيئة الصحية المطلوبة، فهل نقوم بتفتيشها وترخيصها دورياً؟ في أحد المراكز الصحية دخل المريض شاكياً من ألم بالمعدة وارتفاع درجة الحرارة فأحاله الطبيب إلى المعمل الذي زود الطبيب المعالج بتقرير يشير إلى وجود (الحائط القصير في التحليل) وهو الملاريا، فقرر الطبيب علاجاً يوصف بالراجمات التي ما أن بدأ المريض تناولها حتى لفظتها معدته، فافتدى ذلك المريض بحكمة عدم الأخذ برأي شخص واحد وذهب إلى مختبر آخر حديث الأجهزة لمعرفة إن كانت هناك ملاريا أم لا. وهنا كانت النتيجة سلبية ولا تشير إلى الملاريا أو شيئا من هذا القبيل كالتيفويد مثلاً، فما كان منه إلا أن استسلم وخلد إلى النوم لينهض صبيحة اليوم التالي دون شكوى مما يدل على أنه كان يعاني من ألم عارض زال بالمقاومة الذاتية. وعليه لنكن حريصين على فعالية أجهزة فحصنا وسلامة مختبراتنا وصلاحية أدويتنا ومصداقية مصادرها حتى لا نعود لترديد أغنية الأطفال الشعبية القديمة: واحد اثنين سرجي مرجي ,, انت حكيم ولا تمرجي.
|
|
|
|
|
|