|
أنـا لسـت شـارلي! بقلم فيصل الدابي/المحامي
|
بعد الهجوم على مجلة شارلي ابيدو في العاصمة الفرنسية باريس ومقتل إثني عشر شخصاً، زعمت فرنسا أن الهجوم قد نُفذ من قبل الأخوين الفرنسيين المسلمين كواشي ، ونشر معلق فرنسي غير مسلم شريط فيديو ينفي ذلك ويشير لتورط الاستخبارات الفرنسية في تدبير الهجوم! زعم البعض أن سبب الهجوم هو التمييز العنصري ضد الفرنسيين ذوي الاصول الأجنبية وأن الحل هو المساواة، وقال آخرون إن السبب هو مشاركة فرنسا في محاربة الاسلاميين في الدول الأخرى! زعم البعض أن المعالجة الامنية السريعة وقتل الأخوين هي نجاح أمني فرنسي، ونفى آخرون ذلك وقالوا إن الحرب ضد حركتي القاعدة وطالبان المتشددتين في افغانستان فشلت وأضطر الغرب للانسحاب من هناك وأن العالم امتلأ الآن بتنظيمات أكثر تشدداً كداعش وبوكو حرام! زعم البعض أن مسيرة باريس المليونية ، التي شارك فيها رؤساء 40 دولة ، هي اقوى سلاح ضد الارهاب، وقال آخرون إنها مسيرة صورية ولم يشارك فيها سوى اثنين أو ثلاثة من رؤساء الدول الإسلامية وأن مجرد إنضمام رئيس وزراء إسرائيل إليها أفرغها من مضمونها لأن إسرائيل تمارس إرهاباً يومياً ضد الفلسطينيين في الاراضي المحتلة! أكد البعض أن السبب هو الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لرسول الاسلام التي نشرتها المجلة، ونفى آخرون ذلك وقالوا إن زعماء ورجال دين مسلمين شاركوا في المسيرة التي رفعت ذات الرسوم الكاريكاتورية! قال البعض إن السبب هو تطرف فئة ضئيلة من المسلمين، بينما زعم اليمين الفرنسي المتطرف أن السبب هو عدم تسامح المسلمين وأن الحل هو شحنهم جميعاً في سفن كبيرة وإعادتهم لبلدانهم الاصلية! تبنت قاعدة اليمن الهجوم وكذبتها الاستخبارات الامريكية ، وادعت مجلة لافيجارو الفرنسية تورط الاستخبارات الاسرائيلية في الهجوم! زعم البعض أن الخاسر الأكبر من الهجوم هم مسلمو فرنسا والرابح الأكبر هو اليمين الفرنسي ومجلة شارلي اليسارية العلمانية الملحدة التي ستكتسب شهرة عالمية وتصبح أغنى مجلة في العالم ، وقال آخرون إن الدول المصدرة للسلاح هي المستفيد الأكبر وأنها تدبر الحروب في كل العالم لترويج مبيعات السلاح! في اعتقادي أن السبب الرئيسي لهجوم باريس هو التناقض التشريعي القاتل، فالدستور الفرنسي ينص على احترام الكرامة الانسانية لكل الفرنسيين، وبديهي أنه لا كرامة بدون احترام الرموز الدينية المقدسة، بينما يبيح القانون الفرنسي الاساءة إلى الرموز الدينية باعتبارها جزءاً من حرية التعبير! وغني عن القول إن السماح بالاساءة للأديان وعدم حمايتها من الدولة يشكلان دعوة مفتوحة للخلايا النائمة والذئاب الوحيدة (كما يسميها رجال الاستخبارات الأوربية) لممارسة الانتقام الفردي من الجهات المسيئة، وهنا مكمن الخطر لأن أي قوة أمنية في العالم لا تستطيع إيقاف أي شخص انتحاري يسعى للانتقام الفردي العنيف في زمان ومكان غير متوقعين! من المؤكد أن الحل العملي الوحيد لمكافحة هجمات المتطرفين الدينيين من جميع الملل هو تبني إعلان الدوحة المدعوم من قبل الأمم المتحدة والذي دعا لتضمين قانون تجريم الاساءة للأديان في القوانين الدولية والقوانين المحلية لكل الدول، أما إذا نجح دعاة العلمانية المتوحشة في الترويج لمفهوم حرية التعبير وحرية التحقير فسيكون رد الفعل هو انتشار حرية التكفير وحرية التفجير وستصحو الخلايا النائمة وتنقض الذئاب الوحيدة على الاهداف المسيئة ويسقط المزيد من الضحايا ، أخيراً يجب على فرنسا أن تجيب على سؤال الكاتب الفرنسي اليساري ميشيل فيدو وهو: إذا كانت فرنسا تقول إنها ضد الارهاب وليست ضد الاسلام ، فلماذا تسمح بالإساءة إلى نبي الاسلام؟! فيصل الدابي/المحامي
مكتبة فيصل الدابي المحامي
|
|
|
|
|
|