كعهدنا بها كل عام ، بينما تزداد بإضطراد الرسوم الدراسية للمدارس الخاصة سنوياً ، تظل وزارة التربية متشبثة بما أسميه تضليل الرأي العام وعامة الناس بإعلانها المتكرِّر بأنها أبلغت أصحاب المدارس المعنية بأن الزيادة محددة لائحياً كل ثلاث سنوات وبنسبة محدَّدة لا نعلم عنها شيئاً حتى الآن ، هذا ما تنقله الصحف والأجهزة الإعلامية المختلفة من تصريحات أدلى بها مسئولين كبار بالوزارة ، أما الواقع الفعلي والمُعاش فإن المدارس الخاصة ظلت و(ستظل) ترفع من رسوم ولوجها فضلاً عن بدعة رسوم تسجيل الطالب أوالطالبة اللذين هما أصلاً مُسجلين بالمدرسة ومنقولين من صف إلى آخر ، وعندما يحتج ولاة الأمور ويعلو صوتهم ويجأرون بالشكوى ، تكون إجابة مدراء المدارس أو من ينوبون عنهم في التعامل المباشر مع (الزبائن) ، ده كلام جرايد وناس الوزارة نفسهم السنة دي رفعوا رسوم تراخيص المدارس الخاصة وبقية (الجبايات) التي تتمتع بها من رسوم تدفعها المدارس الخاصة ، وهي من هذا المنظور لا يمكن أن تقف بجانب المواطن ، بل وإن أمعنا النظر إلى القضية وجدنا أن المنطق يجعل الوزارة والمدارس الخاصة (أولاد عم) ، وذلك تطبيقاً للمثل العامي الشهير(أنا و إبن عمي على الغريب) ، وسيظل المواطن السوداني المغلوب على أمره ما بين سنديان اللهث والركض اليومي وراء لقمة العيش التي أصبحت عزيزة وبعيدة المنال بفعل الغلاء الفاحش والفساد الذي إستشرت أطنابه في بطون الدولة والمجتمع وما بين لهثٍ آخر لا ينقطع يتعلق بضمان مستقبل فلذات كبده ، يحيط بكل ذلك سياسة الدولة المشبوهة تجاه التعليم والتي حوَّلته من قومي ومجاني إلى تجاري لا يطاله إلا الميسورين وهو أي التعليم الخاص في حد ذاته درجات ومستويات يحدِّدها مستوى(الزبون) فهناك المدارس التي لا يستطيع إليها سبيلاً إلا المنتمين للطبقات المخملية و(أولاد المصارين البيُّض) ، من المنتفعين إحتكاراً بخيرات هذا الوطن إما لإنتمائهم لعصبة التمكين السياسي للمؤتمر الوطني وأذياله من أحزاب الخنوع والإرتجاف والمنفعة الذاتية ، وهناك مدارس خاصة تخص متوسطي الدخل من عامة الموظفين وصغار التُجار ، كما توجد مدارس خاصة للطبقات الفقيرة ، كلٌ من تلك المدارس لها مواصفاتها ومعاييرها التي تحكي عن (صفوية) التعليم في هذه البلاد التي كانت يوماً ما يُعتبر فيها التعليم اللَّبنة الأساسية التي يُعتمد عليها في تحقيق التنمية المُستدامة والتواصل العرقي والتعايش السلمي على المستويين الديني والفكري ، وجدت وزارة التربية ضالتها في (ملجة) التعليم الخاص لترفع عن كاهلها تعليم أبناءنا مجاناً أو شبه مجاناً ، لتسترسل ملياً في إهمالها لواجباتها التاريخية المتعلِّقة بإنقاذ وحماية المدارس الحكومية من سقوطها في جُب الإهمال والهدم المُنظَّم ، حتى أصبح الناس يخافون على أبناءهم ولوجها لأنها بصراحة لا تضمن مستقبلاً ولا تبني إنساناً ولا توصلُ علماً .. ولا يدخلها إلا المضطرون مع العلم أنهم يدفعون الكثير طوعاً لضمان أقل قدر ممكن من بيئة تعليمية وتربوية سليمة .. لك الله أيها التعليم في بلادي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة