|
أمريكا وإيران يتفقان بقلم فادي أبوبكر
|
02:12 AM Jul, 18 2015 سودانيز اون لاين فادي أبوبكر-فلسطين مكتبتى فى سودانيزاونلاين
وصف العديد من الكتاب والباحثون اتفاق أمريكا – ايران الجديد بالحدث التاريخي ، الأمر الذي لا أراه على هذا النحو ، وإنما هو اتفاق ظهر للعلن بعد سنين من المباحثات السرية ، لأنه على ما يبدو أن خطة أمريكا – ايران قد دخلت حيز التنفيذ . في سبيل قراءة تاريخ العلاقة الايرانية – الأمريكية ، فإن أمريكا و لغرض تنفيذ استراتيجيتها في الخليج العربي ، قامت بتفويض الشاه أن يلعب دور شرطي الخليج ، حيث استغلت طموح الشاه لاعادة عصر الامبراطورية الفارسية ، وقامت امريكا بتزويد ايران بأحدث الأسلحة المتطورة وأرسلت الخبراء والفنيين والمستشارين العسكريين لدعم ايران عسكرياً وذلك بالفترة 1970-1973م. وفي العام 1971م قامت ايران باحتلال الجزر الثلاث (الطنب الكبرى والصغرى وأبوموسى) ولم تعارض امريكا وبريطانيا ذلك . اضافة الى ذلك حاولت ايران اخماد الثورات الوطنية في المنطقة ففي العام 1973 شاركت ايران بقواتها العسكرية مع الولايات المتحدة وبريطانيا لاخماد الثورة العُمانية خلال الأعوام 1975-1977 . بعد أن تغير نظام الحكم في ايران وجاء العهد الجمهوري ، لم تتغير السياسات عما كانت في عهد الشاه ،فقد صرح ابو الحسن بني صدر الرئيس الايراني الأسبق في العام 1980 بأن ايران لن تتخلى عن الجزر الثلاث التي احتلتها ، وأن الدول العربية مثل قطر، أبوظبي، عُمان، دبي، الكويت والسعودية ليست دول مستقلة بالنسبة لأيران . كما اعتبرت العراق فارسياً ، وذلك جاء صراحةً على لسان قائد القوات البرية الايراني بعد اجتماع عقده مع الخميني وبني صدر بتاريخ 7/4/1980 ، اضافة الى تصريحات قطب زاده وزير الخارجية الايراني بأن عدن و بغداد تابعتان لايران ، وقامت ايران بتحريض العراقيين على الثورة على نظام الحكم معتبرةً العراق جزءاً من الامبراطورية الفارسية. وبعدما قامت ايران بانتهاك شروط ومكونات التسوية الشاملة التي تضمنها اتفاق الجزائر بين العراق وايران الذي تم في 6/3/1975 وذلك بتدخلها المستمر في الشأن العراقي الداخلي ، واحتضانها للعناصر المعادية للعراق اضافة الى الاعتداءات المتكررة على الحدود ، نشبت الحرب بين العراق وايران والتي استمرت 8 سنوات من 1980-1988م. ولم تقف ايران عند حد حربها مع العراق فحسب ، بل قامت بضرب الأراضي الكويتية في منطقة العبدلي ، وعلى الرغم من احتجاج الكويت على ذلك ، الا أن ايران كانت واضحة في نيتها بالسيطرة والهيمنة في منطقة الخليج العربي. ايران ببساطة تعد اليوم أهم مصادر التهديد في المنطقة ،خصوصاً بعد أن أصبحت ايران مطلة عن قرب على المنطقة ( لبنان،سوريا، العراق واليمن). وهذا الخطر أو التهديد هو أمر واقع وليس مبالغاً فيه . أمريكا من جانب آخر والتقارب الجديد بينها وبين ايران ، يشكل التهديد الأكبر والأخطر في المنطقة ، فمع تسلم الرئيس الايراني حسن روحاني مهامه الرئاسية ، سرعان ما أجرى مفاوضات سرية مع الأمريكان ، وذلك برعاية سلطنة عمان ، ووصل هذا التقارب ذروته في اتفاق بخصوص البرنامج النووي الايراني الذي أعلن عنه في تاريخ 24 نوفمبر 2013، وأعطى ايران الحق في تخصيب اليورانيوم . ولكن هذا التقارب الامريكي – الايراني ليس بالمجان ، فخلف الستار هناك مصالح مشتركة بالطبع . ان توجه امريكا نحو ايران ، وتقاربها منها جاء في خطوة جديدة وتحول غير مسبوق في سياسة أمريكا منذ سقوط الشاه وتأسيس الجمهورية الايرانية الاسلامية عام 1979م ، واليوم يتفقان أمريكا وإيران على مرأى ومسمع من العالم ويقضي الاتفاق برفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة على إيران مقابل موافقتها على فرض قيود طويلة الأجل على برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب بأنه يهدف إلى صنع قنبلة ذرية. "بني غنتس " رئيس الأركان الاسرائيلي الأسبق كان قد صرح في العام 2012 في مقابلة له مع صحيفة هآرتس العربية بأن " ايران لن تطور سلاحاً نووياً" وهو تصريح مغاير لما كان يصدر عن نتنياهو ، وفي اعتقادي أنه التصريح الأصدق ، لأن تصريحات نتنياهو لم تكن سوى خزعبلات اعلامية القصد منها استجداء الدعم الامريكي العسكري المستمر لإسرائيل. ومن هنا فإن إيران لم تكن لتطور سلاحاً نووياً ، وإنما تستخدمه كورقة مساومة لفرض مطالبها ، وبالفعل فإن إيران بهذا الاتفاق قد حصدت نجاحاً سياسياً باهراً ، فهي قد رفعت عن نفسها العقوبات التي كانت تدمرها من الداخل . أما أوباما فمثله مثل أي رئيس أمريكي في أواخر عهده يحاول أن يحصد أي انجاز سياسي شخصي قبل رحيله ، وهو بالفعل يعد انجاز غير مسبوق بالنسبة لمن سلفه، إضافة إلى أن ذلك الاتفاق سيأتي بانتعاش اقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية . إذاً أمريكا وإيران معاً حققتا نصراً سياسياً ، ولكن ما سيرافق هذا الزرع وما الذي سيحصدونه في الدول العربية والشرق الأوسط بشكل عام ؟ داعش الصهيوأمريكية تم زراعتها في الوطن العربي ، لتساعد أمريكا وإيران في تنفيذ خططهما التوسعية الاستعمارية ، فبعد أن زرعوا داعش يتفقان اليوم على محاربتها ، وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد ذكرت في السابع عشر من مارس أن إيران نشرت صواريخ وقذائف صاروخية متطورة في العراق لمحاربة داعش ، الأمر الذي لا يؤكد سوى على أن داعش هي مجرد مبرر لتنفيذ خطة التقسيم الايرامريكية في العراق . أما سوريا ، فقد سارع بشار الأسد في الترحيب بالاتفاق الايراني – الامريكي ، والتحليل المنطقي هنا يقول أن هناك اتفاق روسي-امريكي-ايراني-أسدي سينضج قريباً بخصوص المسألة السورية ، وسيتم تقاسم الادوار والمصالح فيما بينهم في سوريا. التاريخ يعيد نفسه ، فكما كان الاستعمار الأوروبي القديم يستغل شعارات حماية حقوق الأقليات للتدخل في البلدان العربية في عهد الحكم العثماني وصولاً الى احتلالها ، فان الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عاد ليلعب بهذه الورقة من جديد حيث أن متاجرة القوى الاستعمارية بقضية الأقليات والتيارات الانفصالية والانعزالية في الوطن العربي ، والمطالبة بحقوقهم وتوفير الدعم لهم كما نرى اليوم ، ما هو الا مبرر الى التدخل في شؤون الدول العربية الداخلية ، وبقصد تمزيق المجتمعات العربية والدول العربية التي قامت بعد الاستقلال. ان أحد أسباب معاناة العرب اليوم من هذه الفرقة والاتجاهات التقسيمية ، هو تراجع الفكر القومي العربي ، بفضل الهجمات الضارية الموجهة من قبل أعداء الوحدة العربية سواء كان ذلك داخلياً أم خارجياً. ولهذا فإن السيناريو القادم يتلخص في تنافس الأقطار العربية على توطيد العلاقات مع إيران ، في سبيل الحصول على الفتات من حصة ايران الكبرى في المنطقة ، والدول التي ستطرها ايران ستتجه إلى اسرائيل وأمريكا وتبيع أنفسها بأبخس الأثمان في مقابل المحافظة على العروش التي لن تغني ولن تسمن من جوع، لأن مصيرها الحتمي الزوال في ظل السياسات القمعية التي تمارسها بحق شعوبها. ان الثالوث القبيح والأسود ( امريكا-اسرائيل-ايران) بدأت تتضح معالمه ، خصوصاً بعد الاتفاق الأمريكي – الايراني الجديد ، الذي سيكون له أوخم العواقب على الاستقرار ووحدة الاوطان في المنطقة العربية، لان كلا الدولتين أمريكا وايران تجدان مصلحتهما في تأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة العربية، بل إن هناك تحالف عملي بينهما من أجل صعود قوة الشيعة في المنطقة وهو ما برز عملياً في الساحة العراقية ويظهر في المساندة الامريكية للاحتجاجات الشيعية في دول الخليج وخاصة البحرين والسعودية. أما اسرائيل فليس جديداً شكل الدور التي تتخذه في منطقة الخليج العربي، فامريكا منذ بداية استعمارها جعلت اسرائيل شرطاً اقليمياً في المنطقة . أي أن الخلاصة والنتيجة مفادها هو أن هذا الثالوث سيتقاسم الوطن العربي بشكل مباشر أو غير مباشر جغرافياً أو اقتصادياً أو سياسياً أو حتى عسكرياً، ولهم أدواتهم فيه ، وما يسمى بقادة العرب اليوم بسجذاتهم المعتادة وقصر نظرهم سيسلمون الأوطان على طبق من ذهب .
فادي أبوبكر mailto:[email protected]@hotmail.com
أحدث المقالات
- العالم يبحث في أديس أبابا اليوم قضايا التنمية والفقر والبيئة 07-18-15, 02:04 AM, حسين سعد
- اثر تدخُلات من إتحاد الصحفيين وقيادات إعلامية: جهاز الأمن يوقف بث المسلسل الإذاعي (بيت الجالوص) 07-18-15, 02:02 AM, صحفيون لحقوق الإنسان (جهر)
- تصريح صحفي مجزرة بورتسودان بين الدستورية والجنائية 07-18-15, 02:01 AM, اخبار سودانيزاونلاين
- النقابي جعفر إبراهيم: العمل في مشروع الجزيرة(جايط) الشفيع مخلص وشجاع وقاسم امين كان مرتب وقيافة 07-18-15, 01:59 AM, حسين سعد
- حركة العدل والمساواة السودانية أمانة الشئون السياسية تعميم صحفى / حول الراهن السياسى 07-18-15, 01:57 AM, حركة العدل والمساوة السودانية
- كاركاتير اليوم الموافق 18 يوليو 2015 للفنان عمر دفع الله 07-18-15, 01:52 AM, Sudanese Online Cartoon
|
|
|
|
|
|