|
ألا رحم الله خالدة زاهر طبيبة الأجيال، رآئدة الحركة النسوية الحديثة بقلم محجوب التجاني
|
07:39 AM Jul, 12 2015 سودانيز اون لاين محجوب التجاني-تنسى-الولايات المتحدة مكتبتى فى سودانيزاونلاين
في رحيل الدكتورة خالدة زاهر يُرفع أصدق العزآء للمرأة السودانية وحركتها الديمقراطية وللوطن السوداني الذي قضت حياتها العامرة في محبته والإعتزاز بوحدته، والعمل بعلم وإيمان لإنهاضه وتنوير العالم بقدرات شعبه ورفعته. أنعم الواهب علي أم الأطبآء بأمومة رؤوفة علي كل أهلها السودانيين بلا تمييز أو تفرقة؛ ومن حق سيرتها الفاضلة وأعمالها المشرقة علي كتابنا والمؤرخين تقديمها للأجيال المتعاقبة عنوانا للتقدم ونبراسا وقدوة مُثلي.
لم اقوي علي حبس ما زحم من افكار في سيرة الدكتورة خالدة والذاكرة تعود بي لأطفال أحيآء البقعة المباركة، فرحتهم برمضان المعظم وأعياد الفطر والأضحي، وجماعاتهم الصغيرة أعمارا وعددا تدق أبواب الديار للمعايدة بيتا بيتا في أحيآء النيل الموردة والملازمين، وما جاورهما من الشهدآء والسيد المكي وبيت المال – كانت سانحة طيبة للتجول علي حدآئق الضفة وجمع ما تيسر من ثمار، لهوا من أطفال تلك الأيام. اما الحّي فوطنٌ. وأما الجيرة فأهلٌ في تعاليم الكبار. فكيف ننسي في تسابقنا لمعايدة الأهل والجيران الاستاذ عثمان محجوب والدكتوره خالده زاهر وهما يستقبلان فرقنا بالمحبة ويودعونها إلي الباب بالسلام ورسالات حانية لمعايدة الآل... كانا ينعمان بروح عذبةٍ هادئة، تنساب إنسانية ورحمة، تميزا بها وأكبرها كبارنا، مثلما لمسها الصغار. رحمهما الله.
وعندما يُذكّر تاريخ الحركة النسوية السودانية الحديثة التي أسهمت مساهمات فكرية وعملية مصيرية في مسيرة المجتمع السوداني الديمقراطية وتقدمه في مختلف أوجه الحياة الكريمة، يعتلي إسم الدكتورة خالدة زاهر مكانا عليا... في هذا الشأن، نقتطف فقراتٍ من مؤلف "نسآء ضد الطغيان" للكاتب، من إصدرات المنظمة السودانية لحقوق الإنسان القاهرة (2009).
نضالٌ سامقٌ في سبيل الإستقلال والإرتقآء بأوضاع النسآء قامت الحركة النسوية السودانية الحديثة علي نضالات نسوية رآئدة: رصد مؤلف الأستاذة حاجة كاشف بدرى "الحركة النسائية" ومؤلف الأستاذة فاطمة أحمد ابراهيم "حصادنا خلال عشرين عاماً" بالوثائق ما يدل على أن مشاركة المرأة السودانية فى الحياة العامة انطلقت من خلال تنظيماتٍ نسائية عديدة، تفاوتت أدوارها من حيث المدى والحجم فى تخليق اليقظة النسائية الحديثة فى المجتمع السودانى على النحو الذى سارت عليه، ذاتيةً مستقلة.
"خالدة زاهر سرور أول سودانية تدخل الجامعة وأول طبيبة سودانية: مع زروى سركسيان، إنتظمت فى العمل السياسى وهى طالبة. شاركت فى قيادة اتحاد الطلاب فى أواخر الأربعينيات وبداية الخمسينيات. قادت مظاهرة نادى الخريجين الشهيرة فى عام 1946 ضد الجمعية التشريعية، واعتقلت؛ من مؤسسات وقيادات الحركة النسائية السودانية، تولت رئاسة الاتحاد النسائى آخر الخمسينات، عضو مؤسس لهيئة نساء السودان الشعبية، عضو مؤتمر السلام العالمى فى أصعب الظروف، والعديد من المؤتمرات الطبية؛ وعضو مؤسس لجبهة الهيئات وليدة ثورة أكتوبر 64..."
"فاطمة طالب إسماعيل، أول مديرة لمدرسة ثانوية عليا، وهى صاحبة فكرة أول تنظيم نسائى اجتماعى؛ أسهمت فى تخطيط تعليم المرأة باليمن الشعبية، كونت أول تنظيم نسائى فى السودان وهو رابطة الفتيات المثقفات؛ وشاركت فى تكوين جمعية ترقية المرأة بأم درمان عام 1949 مع نساء بيت المهدى..."
"فاطمة أحمد ابراهيم أول امرأة سودانية تنتخب فى البرلمان، من قائدات أول اضراب عرفته مدارس البنات معارضةً للإدارة التعليمية البريطانية؛ من أبرز العاملات فى الحقل النسائى وتكوين هيئاته؛ أنشأت مجلة صوت المرأة وأصبحت رئيسة تحريرها منبراً فكرياً معادياً للحكم العسكرى، فعطلت أكثر من مرة. لعبت دوراً بارزاً فى ثورة أكتوبر 1964. عضو فى جبهة الهيئات. قادت عدداً من المؤتمرات الإقليمية والعالمية (رئيسة الاتحاد النسائى بالانتخاب منذ دورة 56/1957 – المؤلف)".
"سعاد الفاتح البدوى، أول امرأة سودانية تعين عميدة بكلية جامعية. نالت درجة الماجيستير ودرجة الدكتوراه فى الأدب العربى من جامعة الخرطوم؛ عضو أول لجنة تنفيذية للإتحاد النسائى، وأول من مثلته خارج الوطن عام 1952 واشتركت فى تكوين هيئة نساء السودان الشعبية إبان الحكم العسكرى. صاحبة فكرة التجمع النسائى فى 1967، عضو مؤسس لجبهة الهيئات بعد ثورة أكتوبر 64؛ عميد لكلية البنات بجامعة الرياض بالمملكة العربية السعودية بعد أن انتدبتها اليونسكو إليها عام 1969 لتقويم تعليم البنات..."
وسجل حافل لكل قائدات الحركة النسائية الأخريات؛ لا يقل نضالهن السياسى والإجتماعى- إن لم يبز- أعمال الرجال. قمن بقيادة التظاهرات ضد الاستعمار، أنشأن الأحزاب والمنظمات، خدمن مواطناتهن بإنشاء المدارس، وأنهضن المجتمع سنوات طويلة ...
تاريخٌ حافلٌ بكفاح الرآئدات أعلن الاتحاد النسائى السودانى، أكبر تنظيم نسوى فى تاريخ الحركة النسوية السودانية، منذ تكوينه في خمسينات القرن الماضي، إنه لا يتحيز لأى حزب، فمهمته هى تنشيط النساء لممارسة حقوقهن السياسية. ولكل عضوة فى الاتحاد، سواء فى القاعدة أو القيادة، حرية العمل السياسى لمصلحة الحزب الذى تنتمى إليه وتؤيده. ولكن بشرط أن لا يُستغل إسم الاتحاد أو فروعه أو أجهزته ودوره لأغراض الدعايه الحزبية (حصادنا خلال عشرين عاما، ص 68).
اتخذت الحركة أشكالا عديدة، بدأت "بلفيفٍ من زوجات كبار الموظفين فى الوقت، وفيهن السودانيات والأجنبيات، لتكوين نادٍ نسائى يجمعهن بهدف أساسى، هو الترفيه عن أعضائه بشتى الوسائل" (الحركة النسائية، ص103). ثم تطورت الفكرة من موقعٍ آخر "عندما دعت فاطمة طالب عدداً من الفتيات المتعلمات فى أم درمان بمنزلها لمناقشة فكرة قيام تنظيم نسائى، وهن خالدة زاهر، التى كانت تحمل نفس الفكرة، زكية مكى عثمان أزرق، عزيزة مكى عثمان أزرق، أم سلمة سعيد، سعاد على بدر الدين، آمنة على بدر الدين، زينب الفاتح البدوى، آسيا عباس، زروى سركسيان، وآمنه حمزة. ولقد قررن إنشاء رابطة للفتيات المتعلمات ليقدمن نوعا من الإرشاد والتوجيه لإخواتهن اللائى لم يحظين بشئ من التعليم. وكان هدف الرابطة بصورةٍ عامة خدمة المرأة السودانية. فتكونت الرابطة فى يونيو 1947م برئاسة خالدة زاهر. والأعضاء المؤسسات كن أعضاء فى اللجنة التنفيذية" (نفسه، ص105).
قام الاتحاد النسائى على أكتاف قائدات المرأة المتعلمة فى البلاد خالدة زاهر، فاطمة أحمد ابراهيم، نفيسة المليك، فاطمة طالب، عزيزة مكى عثمان أزرق، سعاد الفاتح، ثريا أم بابى، نفيسة أحمد الأمين، حاجة كاشف، عمايم آدم، بتول آدهم، محاسن جيلانى، أم سلمة سعيد، فاطمة عبدالرحمن، وخديجة مصطفى. وترأست أول لجنة تنفيذية فاطمة طالب وسكرتارية نفيسة أحمد الأمين، عام 1952م. (جمعنا هذه الأسماء من مؤلفى حاجة كاشف وفاطمة أحمد ابراهيم).
كان الدستور شاملا لأهداف رفع مستوى المرأة السودانية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وإنعاش الوعى القومى، والاشتراك فى الأعمال الخيرية، وهى أهداف إرتبطت منذ البداية باحتياجات المرأة؛ وكان هذا من أسباب نجاحه وترسيخ أعماله فى المجتمع (نفسه، ص110-111). "ومن أهم العوامل التى مكّنت الاتحاد ووطّدت مكانته فى المجتمع ما لقيه من سندٍ أدبى من مؤيديه، وفى مقدمتهم تنظيمات العمال والطلاب والزراع والمعلمين والأدباء والفنانين، ثم قطاعات كبيرة من المتعلمين، والصحافة السودانية وفى مقدمتها جريدة "الصراحة" التى أفردت عدداً خاصاً بالاتحاد الناشئ فى أول سبتمبر1952" (نفسه، ص111-112).
نال الإتحاد النسائى ما نال التنظيمات الشعبية المستقلة عن الحكومات من مصادرة وتكميم ومحاولات للإحتواء والإخضاع. عُطل عام 1959 بقانون حل جميع التنظيمات والهيئات الإجتماعية. وبعد ثورة أكتوبر عام 1964 عاد مُرّكزاً فى رأى حاجة كاشف على العمل السياسى "أكثر منه فى العمل الإجتماعى، وكان يزاول عمله ويقدم كل جهده فى سبيل المرأة حتى كسب لها حقوقا إقتصادية وسياسية أساسية. فقد كسبت المرأة السودانية حق الأجر المتساوى للعمل المتساوى فى عام 1968م، وكسبت المساوة السياسية بحقها فى الانتخابات والترشيح، ودخلت أول إمرأة الجهاز التشريعى- الجمعية التأسيسية - وهى فاطمة أحمد ابراهيم" (نفسه، ص113-114).
كان الاتحاد النسائى قد اتصل بالعالم الخارجى، ووطد صلاته بالمنظمات النسائية فى الأقطار الإفريقية والآسيوية والأوروبية، كما كان عضواً فى بعض التنظيمات العالمية النسائية. "وكان الإتحاد يتيح الديمقراطية لأعضائة حتى تتجدد قيادته وتتكيف برامجه وأهدافه حسب الظروف والواقع. وفى مدى سبع سنوات كان لأعماله صدى بعيداً فى المجتمع. وكان مدرسة متكاملة بأفكاره وتقاليده وضوابطه وأحكامه وحكمه على الأشياء" (نفسة، ص113). هكذا قدمت المرأة فى المجتمع الحديث قضاياها وانتصرت لها فى عدة جوانب، من خلال المجهود السياسى والاجتماعى المتلاحم مع واقع المجتمع، المعايش لهمومه، لصيق الصلة بحركته الجماهيرية. ْ وغداً يومٌ جديد.
أحدث المقالات
- الكشة..!! بقلم عبدالباقي الظافر 07-11-15, 09:56 PM, عبدالباقي الظافر
- الترابي.. و لعبة (الغموض)..!! بقلم عثمان ميرغني 07-11-15, 09:53 PM, عثمان ميرغني
- ذكريات (القنا)!! بقلم صلاح الدين عووضة 07-11-15, 09:27 PM, صلاح الدين عووضة
- ألم يقتنع الباكون على الوحدة؟ بقلم الطيب مصطفى 07-11-15, 09:01 PM, الطيب مصطفى
- تدخل جائر بقلم الطاهر ساتي 07-11-15, 08:59 PM, الطاهر ساتي
- وما زال التركي الحاقد –الطيب مصطفى يتطاول على الجنوب وبأقان أموم..بقلم عبدالغني بريش فيوف 07-11-15, 07:03 AM, عبدالغني بريش فيوف
- من نفحات العشر الأواخرفي رمضان بقلم نورالدين مدني 07-11-15, 06:43 AM, نور الدين مدني
- التركة التى ورثها عبدالرحيم محمد حسين!! بقلم حيدر احمد خيرالله 07-11-15, 06:40 AM, حيدر احمد خيرالله
- نكتة جديدة لنج (كوز تحت التمرين)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 07-11-15, 06:37 AM, فيصل الدابي المحامي
- سياط القاضي أمين حسين أقرين: قاض في النار بقلم عبد الله علي إبراهيم 07-11-15, 06:35 AM, عبدالله علي إبراهيم
- الرئيس البشير والشوط الإضافي الأخير بقلم بهاء جميل 07-11-15, 06:24 AM, بهاء جميل
- قطاع طرق في قلب الخرطوم !!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 07-10-15, 10:55 PM, فيصل الدابي المحامي
- وزير الكهرباء يفسر الخطأ بالخطأ!!. بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 07-10-15, 10:50 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- مياه – كهرباء –خريف- مواطن– رساله الى الوالى بقلم عمر عثمان-Omer Gibreal 07-10-15, 10:45 PM, عمر عثمان-Omer Gibreal
- اليقين بقلم الطيب مصطفى 07-10-15, 10:41 PM, الطيب مصطفى
|
|
|
|
|
|