|
أعان إشتراكيوا الأمس، هل يُعين مستثمروا اليوم؟ )حلقة ثالثة( بقلم محجوب التجاني
|
11:54 PM Sep, 13 2015 سودانيز اون لاين محجوب التجاني-تنسى-الولايات المتحدة مكتبتى فى سودانيزاونلاين
في ورقةٍ لمؤتمر دولي دعانا له مركز آفرو- ميدل إيست القآئم في بريتوريا بجنوب إفريقيا ( AMECنوفمبر 2013)، بعنوان "نظرة إفريقية جامعة للعلاقات الإفريقية-الشرق أوسطية"، أشرنا بوضوح إلي تقرير ميرنا سليمان (رويتر، يناير 2013) الذي حدد بوضوح مسار الإستثمار الخليجي في أقطار إفريقيا في الزراعة بوجه خاص بديلا لإفتقار دول الخليج لما تملكه إفريقيا من مياه وأراض خصبة. وبينت الورقة قدرا مما يحيط بهذا الإستثمار من إشكالات، وما يتغطي به من عتمة وسرية في السودان، سيد أكبر مقومات طبيعية لسلة غذآء العالم، وما تسرب من مزارعي الجزيرة المتضررين لأبعد حدٍ عن عرض مقومات حياتهم في المزاد. وفي مقالاتٍ لاحقة، إن حكومة السودان الراهنة التي وقعت عقودا ببلايين الدولارات لمشروعات لم تُمّلكْ أصحابَ الأرض من مواطنيها فقرآء السودانيين معلومة عنها ولم تسلمهم قرشا فينعكس صافيا علي تحسين كفاية الإنتاج ورفع مستوي الدخول، ويؤدي مباشرة لارتقآء الحياة اليومية بالتعليم والصحة والإعلام والترفيه، وتحقيق سعادة الأسر وإعانتها علي حسن تنشئة الأطفال، وما إلي ذلك من معالم الفلاح والإنجاز.
إستثمارات المجاعة ما حدث من هذا شئ ٌ ملموس في خمس وعشرين عاما كؤود. وكان مردود الضلال والمقامرة بأرض السودان سلبا وإفقارا وتهجيرا قسريا للشباب، فمجاعة تلتهم أهل السودان يوما إثر يوم بفساد الحكومة وآل الحكومة، وانفلات المعايش وحدة الإنقسام الطبقي والصراع النفسي والإجتماعي لعامة الناس بمستوي "التهلكة" فالهلاك، حتي ليقال اليوم أن المجاعة المحيقة الآن بأخصب أرض النيل والوديان تفوق عمقا واتساعا مجاعة سنة 6 هـ الشهيرة التي انقطعت فيها الأمطار وفتكت الحروب بالأقطار. ولقد طلب الكثيرون من الخليج المستثمر أن ينشر بالعربي الفصيح والدارج كل ما يتعلق بإستثماراتهم الزراعية في البلاد، فيبرئ الذمة من هذه الكارثة المفجعة في بنية السودان وحياة شعبه. هنالك حكومات إفريقية عديدة تعاني من الفشل الدآئم في المالية والإقتصاد نتيجة لإغراق الديون الخارجية وتبديد القروض الباهظة صرفا فارغا علي بذخ الحكام وثمنا لا أخلاقيا لقمع الشعوب، والهبوط من ثم في خدمة الديون بأغلي الفوآئد، والرشاوي، والفساد، وانعدام المراجعة، ورفض التصحيح، بنص تقارير أنكتاد والصناديق الدولية. بين هذه الحكومات، تتمتع حكومة السودان برتبة "الطيش بامتياز" في تقارير الشفافية الدولية (التسعينيات وما بعدها) وهي منظمة مختصة تقّيم بنآءا علي تقارير معتمدة المراجع أوضاع الأدآء المالي للدول في كل القارات، ومرتبة حكومة الأخوان التي لا يحسدها عليهم أحد 173 من 176؛ ودرجاتها 13 من 100 بين الأحط قدرا في قآئمة الشفافية. ويعني هذا إنها حكومة ليست أهلا لأي تعامل مالي خفيف، دع عنك آلاف الملايين. أما قطر والسعودية ونظرآءهم فمراتبهم حسنة في مقاييس الشفافية الدولية، أعلي بكثير مما أسقطت به حكومة الإنقلابيين الإسلاميين مكانة السودان وسمعة دولته المسروقة المأكولة المظلومة. وبالتالي، عيبٌ علي استثمارات الخليج، مهما كانت، أن تحجب الحقآئق عما يستثمرون، أيا سار مجراها. أين ذهب إستثمار الإنتهاز بألف مليون دولار في السودان؟ مثالا علي استثمارات الخليج موضع السؤال، "إتفق حَصَاد قطر، أحد أذرعتها المتنفذة، علي تنمية الزراعة في 2009 بمبلغ بليون دولار في شراكة مع حكومة السودان." متي بالضبط، أين، وكيف تم التصرف في الألف مليون دولار؟ مَنْ يأخذ كم، ومَن يُسدد؟ إستراتيجية الأخوان في إشباع بطونهم من أموال الدولة والناس معلومة تماما في السودان. وإحجام حكومتهم عن مواجهة تقارير ديوان المراجع العام الدستوري مذكور في كل تقرير موثوق وعلي كل لسان. أما استراتيجية الإستثمار القطري، فيقول فيها حسين العبدالله، عضو المجلس التنفيذي لإستثمارات قطر: "إن الإستراتيجية بسيطة: إننا ننتهز الفرص... إذا كانت هناك فرصة في رواندا، فسنذهب إلي رواندا" (ريقان دوهارتي، رويتر، الدوحة، 23 أبريل 2002). إن الموضوع بكل تأكيد ليس "بسيطا". وليس في كل فرصة عدلا واجبا في حياة الملايين من صغار المزارعين، أغلبية الشعوب الإفريقية ومصآئرها. وفي رقاب المستثمرين والسماسرة يقع كل إلتزام أخلاقي بتوخي حقوق الخلق تماما بمثلما يحيط برقاب الحاكمين من إلزام. ولنسأل: لما لا يصح مثل ذلك الإنتهاز الإستراتيجي ؟ لأن ما بين الشعوب أكبر وأقوي سبيلا مما قد يُتاحُ لأي مستثمر إقتناصه لضعف نظام أو لهوان حكام. واستثمارات بهذه الأحجام الهآئلة تغطي مقومات الحياة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية لملايين المواطنين الفقرآء، والمساكين الذين لا يملكون في الدنيا نصيبا خلاف ما ورثوه من أجدادهم وآبآئهم من تراب. والمعروف في أي إستثمار أن بنوده تناقش ملء الفم في المجالس والبرلمانات والصحافة والقري والشوارع قبل إجازتها في الدواوين، ناهيك بتفعيلها ورآء ظهر السكان. ثم إن ما يجري من ميكنة وتغييرات في البنية الإيكولوجية من مثل هذه الإستثمارات يؤثر تأثيرا كبيرا علي الشؤون الحياتية، ومدي ما يصيب التربة من تآكل والبيئة من أخطار وعلي رأسها مجري النيل والأطيان، وبالتالي مستقبل الأجيال، ناهيك بما انساقت له حكومة الأخوان من إنشآءات تحتية فيها مشروعات سدودية يقاومها أهالي البلاد.
إنذار بالتصحيح والمراجعة قال هنيك هوبلينك، منسق منظمة GRAIN الدولية غير الربحية والمعنية بدعم صغار المزارعين "إننا معنيون عنآءا شديدا بأن صفقات الأرض سوف تقود إلي العنف في المستوي المحلي، ولقد شهدنا ذلك في عدة أنحآء في إفريقيا". ونقول إنه لا يجب أن ينسي دارس أو مستثمر أو حاكم أن أي استثماراتٍ لا يُتفق عليها سياسيا بين الحكومات وشركات الإستثمار لن تثمر خيرا ما لم تشارك فيها بالرأي الثاقب والسهم المباشر منظمات الشعوب من الأحزاب وإتحادات المزارعين والعمال والمثقفين غير الحكوميين فهم ممثلوا الإرادة الشعبية الحرة التي تفقه أخلاقيات الإقتصاد وأغراض الإستثمار، وتعين الدولة الصادقة الجادة علي حفظ المصلحة العليا للبلاد وحقوق السكان. ما تهجير سكان حلفا وقراها في ستينيات القرن الماضي ببعيد؛ وقد تم في نطاق إستثمارات السد العالي في مصر، وأورد إشكالا مقيما وفشلا سحيقا في السودان. وما المعروف إلي اللحظة عن تدمير الحكومة لمشروع الجزيرة العملاق مع شركات "عربية" وأخري بسر غير مذاع. حذرت منظمة الدفاع الدولي عن مصالح بلايين المزارعين من إنفجار نزاع عميق وعنف بعيد المدي بسبب أنشطة الحكومات والمستثمرين اللاهية عن خلق الله. إنه لإنذارٌ رشيدٌ يستحق من كل عاقل أقصي التصحيح وأدق المراجعة، قبل أن يمضي الأوان.
وغدًا يومٌ جديد.
أحدث المقالات
- في الغرْب مَنْ يدعُو لسُوداننا الواحد الشعب والأرض (4) بقلم محجوب التجاني 09-12-15, 06:45 PM, محجوب التجاني
- دارفور - جبال النوبة - جنوب النيل الأزرق قضايا إنسانية منسية سودانيا بقلم برير إسماعيل يوسف 09-12-15, 06:44 PM, برير إسماعيل يوسف
- الحزب الشيوعي.. أي التيارات يسعى لتصفيته؟.. الحلقة الخامسة فخ اللائحة بقلم علاء الدين محمود 09-12-15, 06:42 PM, علاء الدين محمود
- امتزاج المثقف الحيوي بشروط الولي الصوفي السناري هذا هو معنى الإنسان النبيل بقلم الطاهر ساتي 09-12-15, 06:40 PM, أحمد محمد البدوي
- ازمة الرئاسة في اقليم كردستان العراق قراءة في المشاهد المحتملة 09-12-15, 06:39 PM, مقالات سودانيزاونلاين
- منطق القوة والقانون والعدل بقلم د.أمل الكردفاني 09-12-15, 05:27 PM, أمل الكردفاني
- نوبة الحركة قطاع الشمال و الحوار النوبي .... النوبي بقلم محجوب تاور كافي 09-12-15, 05:22 PM, محجوب تاور كافي
- ملائكة رحمة ورسل إنسانية بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 09-12-15, 05:18 PM, سيد عبد القادر قنات
- أنفاقُ غزة شراكٌ إسرائيلية بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 09-12-15, 05:15 PM, مصطفى يوسف اللداوي
- اسألوا نساء غزة عن يوم الجمعة بقلم د. فايز أبو شمالة 09-12-15, 05:14 PM, فايز أبو شمالة
- هل سيعترف (الغرب) و (العرب) بانتصار بشار الاسد بقلم جمال السراج 09-12-15, 05:12 PM, جمال السراج
- الانقاذ والمهدية شبه شديد 3 بقلم شوقي بدرى 09-12-15, 04:30 PM, شوقي بدرى
- قرار بتصفية الاستراحات.. بقلم عثمان ميرغني 09-12-15, 04:24 PM, عثمان ميرغني
- الوصمة..!! بقلم عبد الباقى الظافر 09-12-15, 04:20 PM, عبدالباقي الظافر
- الولد المعجزة !! بقلم صلاح الدين عووضة 09-12-15, 04:18 PM, صلاح الدين عووضة
- التفريق بين الإسلامي والعلماني يا عثمان ميرغني! 2-2 بقلم الطيب مصطفى 09-12-15, 04:16 PM, الطيب مصطفى
- الرئيس البشير و عرمان من يكسب الرهان بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 09-12-15, 08:02 AM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
- شول مانوت كشف عوراتنا.. بقلم خليل محمد سليمان 09-12-15, 07:57 AM, خليل محمد سليمان
- بيع اعضاء الشباب السودانى بمصروتواطؤ السفارة!! بقلم عبد الغفار المهدى 09-12-15, 07:55 AM, عبد الغفار المهدى
- إمبراطوريات الرعب بقلم الفاضل عباس محمد علي 09-12-15, 07:52 AM, الفاضل عباس محمد علي
- العالم يتجه نحو تورنتو إفتتاح مهرجان تورنتو السينمائي العالمي بقلم بدرالدين حسن علي 09-12-15, 07:49 AM, بدرالدين حسن علي
- نسخة معاصرة لحقبة ملوك الطوائف الأندلسية بقلم نقولا ناصر* 09-12-15, 07:47 AM, نقولا ناصر
- دفع الله والعودة قصة قصيرة جديدة بقلم هلال زاهر الساداتى 09-11-15, 10:45 PM, هلال زاهر الساداتى
- أدعموا الهلال بالمعينات لا الخزعبلات بقلم كمال الهِدي 09-11-15, 10:43 PM, كمال الهدي
- أداء و كفاءة محطات توليد الكهرباء (2) بقلم د. عمر بادي 09-11-15, 10:41 PM, د. عمر بادي
- لأجلهم/ن يسروا ولا تعسروا بقلم نورالدين مدني 09-11-15, 10:40 PM, نور الدين مدني
|
|
|
|
|
|