|
أخر البدع "الكونجرس" الإنقاذي بشير عبدالقادر
|
أخر البدع "الكونجرس" الإنقاذي بشير عبدالقادر في مقالنا الأخير بتاريخ 12 فبراير 2014م كنا قد كتبنا "فكل الشعب السوداني وحتى راعي الشاه في "الخلاء" و"ست الشاي" يعلم بأن إستمرارية الإنقاذ مرتبطة بإستمرارية تلك الحرب التي وقودها المواطن السوداني نفسه، وهي حرب تستنزف ما تبقى من موارد البلاد. وأنه من الأفضل توجيه وإستثمار ما تبقى من تلك الموارد والإمكانيات في الخروج من الضائقة الإقتصادية والمساهمة في إستقرار البلاد سعياً نحو السلام". كدلالة على وعي الشعب السوداني. وصادف أن إنتشرت قصة الراعي الطيب أسم على مسمى، وقيل إنها شوهدت ما يقارب الثلاث ملايين مرة وترجمت إلى لغات غير عربية، وإنتشرت بعدها نكتة تقول "السودانيين في السعودية يعيشون هذه الأيام أحلى أيامهم ويخرجون م غير أقامات ويعملون مع غير الكفيل فإذا تعرض لهم أحد أشهروا الهوية الجديدة وقدموا أنفسهم "نحن أهل الطيب الابا يبيع النعجة". ثم جاء الصحافي عبدالباقي الظافر فكتب مقال بعنوان "الوجه القبيح في حكاية الراعي" وتسأل في نهاية المقال "... كيف كنا ولماذا أصبحت أمانتنا تختبر بنعجة سعرها مئتي ريال"، ونسى أن جزء من الإجابة يوجد في أول سطور مقالته "قبل عقدين من الزمان وكنا )وقتها( طلاباً في جامعة الخرطوم قررنا القيام برحلة جماعية إلى الأراضي المقدسة لإداء فريضة العمرة وقضاء بعض المنافع..."، وجاء تبيين وتفصيل للإجابة على سؤال الصحافي من احد المعلقين فكتب " قبل عقدين من الزمان تعني في 1993م أو 1994م ... طبعا- الصحافي -إتجاه إسلامي...، في 1993م كان الدبابون في معارك الجنوب... فانظر أين كان وأعظنا الجديد...كيف بطالب ومن أين له بالأنفاق على نفسه من حر مال يملكه حتى يذهب لأداء العمر...أما كان أولى بالمال الذي صرف على هؤلاء الطلاب الكيزان أن يعمر به معمل واحد من معامل احدى الكليات الجامعية...." !!! تلك المقدمة عن التجارة والتلاعب بالدين ما هي إلا بداية الإجابة لتسأول الظافر، ولكن لتشخيص الحالة السياسية السودانية ووصف أهم عللها ، دعونا نعرج على ماجرى أخيراً من أحداث توضح لنا جزء كبير من مأساة السودان التي تتم حبكتها عبر "الاستهبال" الديني !!! فقد تناقلت الأخبار قيام الندوة الشهرية التي نظمتها هيئة علماء السودان في يوم الاربعاء 12 فبراير 2014م بمقرها بالخرطوم تحت عنوان (الهوية السودانية والدستور)، "... بحثت الندوة مسألة حقوق المواطنة من منظور إسلامي – الرؤية من قيام أحزاب لا دينية أو ملحدة – قضية الدستور والقوانين في الفترة القادمة – الهوية السودانية - دور الدعاة والعلماء في ظل الدولة الإسلامية - قضية الشريعة ومصادر التشريع - ودور القوات المسلحة في حماية وحراسة الدولة الإسلامية". وكان أبرز المتحدثين فيها الدكتور عبد الرحمن محمد عبد الرحمن شرفي نائب رئيس القضاء و قاضي المحكمة العليا سابقا، والدكتور المكاشفي طه الكباشي الذي إشتهر في 1983م أيام المحاكم الشرعية الناجزة. وبحسب مانقله ولخصه الكاتب الهادي محمد الأمين عن الندوة فإن شرفي قال "كيف يسمح للحزب الشيوعي الملحد الذي ثارت عليه ثورة رجب الإسلامية نهاية عقد الستينات بعد وقوع حادثة المعهد العلمي باتهام أحد عناصر الشيوعيين للسيدة عائشة وببيت النبوة الأمر الذي أغضب الإسلاميين وضغطوا علي الجمعية التأسيسية التي أصدرت قرارها بحل الحزب الشيوعي وحظر نشاطه وطرد نوابه من البرلمان وقال مولانا شرفي (بعد هذا كيف سمحت هذه الحكومة للشيوعيين بالعودة مجددا لممارسة نشاطهم ؟" ولم يتوقف مولانا شرفي عند هذا الحد بل قال متسائلا : (كيف تسمح الحكومة الحالية بعودة الجمهوريين الذي تقدموا بالرسالة الثانية التي أعدم بموجبها زعيمهم محمود محمد طه كوثيقة للتصديق لهم بقيام الحزب مؤخرا ؟ ومما قال أيضا )...وأن الربا في النظام المصرفي بالدول الغربية والأوربية ليس هو الربا المحرم في الدين الإسلامي" !!!، وقال المكاشفي " (اقترحنا علي الحكومة أن يكون دور الجيش بجانب مهامه المعروفة في الدفاع عن حدود البلاد أن يمنح دورا إضافيا بحراسة الشريعة وقيادة إنقلاب عسكري علي النظام المنتخب ديمقراطيا في حالة نكوصه عن تطبيق الشريعة الإسلامية مشيرا إلي أن التغيير العسكري الذي حدث في 30 يونيو 1989م هو إنقلاب عسكري علي شرعية ديمقراطية رفضت تنفيذ أحكام الشريعة الإسلامي". أي أن المكاشفي بعد 25 عاماً لا يأتي ليناقش تجربة الإنقاذيين سلباً وإيجاباً ويناصحهم بل ليبرر إنقلابهم على الشرعية الديمقراطية حينها في 1989م ويصف حكومة الصادق الأخيرة بأنها "رفضت تنفيذ احكام الشريعة" !!! ايها المكاشفي هل يعني ذلك أنك تطلب من "العساكر" البشير وبكري حسن صالح وعبدالرحيم محمد حسين أن يطبقوا الشريعة الإسلامية !!! أم هي دعوة وتورية بإعادة الإندماج بين العسكر والمؤتمر الشعبي !!! ولماذا تأتي دعوتك متواكبة مع تقارب الترابي والبشير ؟، ثم ما هو موقع ما دعوتم له من "قيام (مجلس شيوخ ) أو (حكماء) يعطي إختصاصات وصلاحيات واسعة تسمح له بحق نقض قرارات أجهزة الدولة المخالفة للشريعة الإسلامية بل وحتي نقض المراسيم الدستورية والرئاسية وأن يكون مجلس العلماء والشيوخ مرجعية دينية يراقب مسار الحكم في مستوياته التنفيذية والتشريعية مركزيا وولائيا ومحليا في شكل وصيغة تتشابه مع (مجلس الشيوخ الأمريكي) و(مصلحة تشخيص النظام الإيراني" ، نعم ما موقع "مجلس الشيوخ" من السلطة العسكرية هل تأتمر بأمره أم لا وإذا إختلفت معه ما هو الحل حينئذ !!! .. إلى وقت قريب كنا نعتقد بأن السلطة القضائية هي سلطة محايدة ومنفصلة عن الجهاز التشريعي والتنفيذي ولكننا نفاجأ بتحالف قمة الجهاز القضائي مع هيئة علماء السودان ومحاولتهم عبر ماسموه "مجلس شيوخ" او "مجلس العلماء والشيوخ مرجعية دينية" تعمل على أن تهيمن على كل أجهزة الدولة التشريعية و التنفيذية بما فيها القوات المسلحة !!! لا نملك إلا أن نقول بأنه رغم قلة بضاعتنا في السياسة إلا أننا قد حاولنا من خلال سلسلة من المقالات بلغت الثماني مقالات بأن ندعو لوقف الحرب والمحافظة على الأرواح وإيقاف شلالات الدماء، وفتح باب الحوار وإطلاق الحريات، في حين لم نسمع دعوة لوقف الحرب من هؤلاء القضاة والدعاة والعلماء، وكأن أمر هذه الأرواح التي زهقت خلال ربع قرن من عمر الأنقاذ لا تهمهم في شيء !!! لأنهم مشغولون بكل ما يهمهم على المستوى الشخصي أي كل ما يتعلق بالمرأة مثل إمامة المرأة للصلاة وزواج الصغيرة وزواج المسيار وأخيراً زواج "العصرية" !!! ولا نملك إلا أن نستشهد هنا بقولين لأثنين من المعلقين على مقال عبدالباقي الظافر المذكور أعلاه، كتب الأول ""... حكومة الوطني لم تدع مكان للأمانة بل ضربت نموذجاً في الكذب والسرقة والقتل والفجور وكل ذلك بإسم الدين" !!!، وكتب الثاني "الراعي لم يدهشنا ولكن صدم اصحاب المشاريع الحضارية والدعاة المتخمين بأموال الدعوة إلى الله"... "الراعي قال لكم الله "ماداير" ليه تمكين وإشعال حروب وإنقلابات ومساجد فخمة تكنزوها ومطاردة ملابس النساء وحلاقة الشباب، ذهبتم تبحثون عن تقوى الله في الناس ونسيتم أنفسكم" !!! . ولعل في قول الأخير عظة وعبرة لمن يسمون أنفسهم علماء ودعاة وقضاة وماهم إلا "كرت رصيد" تستخدمه الطغمة الظالمة الإنقاذية لإطالة عمرها فبعد الجمهورية الأولى والجمهورية الثانية نجيء اليوم لجمهورية مجلس الشيوخ. أن المواطن السوداني وحتى راعي الشاة في "الخلاء" و"ست الشاي" يعلم أن الإنقاذ أشعلت الحروب وزرعت الفتن ما ظهر منها للعلن وما بطن، وقسمت البلاد بل دمرتها تماماً، وأفسدت التعليم والقضاء و"ضيقت" على كل الكفاءات فهاجرت، و يعلم أن ما تتناوله الأخبار عن تكوين حكومة قومية بإضافة "تمومة جرتق" جديدة و بمباركة الأمريكان، ورضا الشيخ الترابي ما هو إلا إعادة أخراج للإنقاذ في ثوب جديد وما هو إلا إعادة إنتاج للأزمة. ولعلك فهمت الأن يأايها الظافر إنه بسبب كل هؤلاء وأولئك من تجار الدين "... أصبحت أمانتنا تختبر بنعجة سعرها مئتي ريال" !!! [email protected]
|
|
|
|
|
|