قبل أن أتعرض لتعليق أحد متمردي الجبهة الثورية في (قروب) واتساب صب فيه جام غضبه على شخصي الضعيف مردداً فرية العنصرية التي ظلوا يدمغونني بها آناء الليل وأطراف النهار حتى صدقوها، أود أن أشير إلى خبر مثير أوردته صحيفة (التيار) في صفحتها الأولى مع صورة مفزعة لبعض أفراد المعارضة الجنوبية المعتقلين داخل حاوية معدنية من قبل قوات الجيش الشعبي التابع لرئيس حكومة دولة الجنوب. أهمية الخبر تنبع من كونه يعبر عن إفادة لمنظمة العفو الدولية (امنستي انترناشيونال) التي تحدث مديرها الإقليمي في شرق أفريقيا موثوني وانيكي عن أن المعتقلين يقبعون في سجن كئيب وحرارة خانقة وأنهم يعانون من ظروف مروعة ويجري إطعامهم مرة أو مرتين في الأسبوع مع توفير الحد الأدنى من الماء ويتعرضون للتعذيب والضرب من قِبل جنود الجيش الشعبي وكثير منهم ماتوا داخل السجون جراء تلك المعاملة القاسية. أضاف التقرير المفزع أن السجناء محتجزون في موقع يدعى غوريم يضم سجناً بدائياً على بعد (20) كم جنوب مدينة جوبا وأن معظمهم مدنيون ولم توجه لهم تهم كاشفاً أن جميع المليشيات تتهم بتنفيذ مجازر إثنية وتجنيد وقتل أطفال والقيام بعمليات اغتصاب واسعة ويجبر الأهالي على النزوح. تذكرت وأنا اقرأ ذلك التقرير ذلك الخبر المروع الذي أوردته وكالات الأنباء إبان احتدام المعارك بين قوات سلفاكير ومشار حين أجبرت بعض المليشيات جنود المليشيات الأخرى على أكل لحوم قتلاهم. ذلك كله يكشف الحقيقة المرة أن الجنوب ليس وطناً واحداً إنما هو أوطان متشاكسة متحاربة بعدد قبائله المتناحرة ذلك أنه لا توجد هوية مشتركة تجمع أبناء الجنوب إنما الولاء للقبيلة ولا شيء سواها، وإذا كان العداء للشمال هو الذي كان يوحد الجنوبيين قبل الانفصال فقد اندلع القتال بين القبائل الجنوبية بعيد قيام الدولة الجديدة سيما القبيلتين الكبيرتين الدينكا والنوير اللتين تتنافسان على زعامة الجنوب الذي لطالما نصحنا زعماءه ألا يضيعوا عمر وطنهم المنكوب في السعي لصنع المستحيل المتمثل في توحيد الزيت والنار كما فعلت قبيلة النعام من ساسة السودان الذين أهدروا عمر وطنهم في وحدة مستحيلة بين الشمال والجنوب لم يجن منها السودان غير التخلف والاضطراب والموت الزؤام والدماء والدموع. اندلعت الحرب بين الدينكا والنوير بعد خلافات متطاولة بين زعيمي القبيلتين سلفاكير ورياك مشار بالرغم من انهما تقاسما السلطة في منصبي الرئيس والنائب الأول وبلغت الخلافات أوجها في منتصف ديسمبر 2013 حين حدث الانفجار الكبير الذي قتل الآلاف من النوير في الأيام الأولى من الحرب ومورست عمليات تطهير عرقي ضد النوير في العاصمة جوبا ونجا مشار بأعجوبة واعتقل عدد من قيادات الحركة الشعبية خاصة من أولاد قرنق وفر مشار ليواصل الحرب الدامية التي دمرت ملكال تماما كما دمرت عدداً من المدن الكبرى خاصة في ولايات أعالي النيل وجونقلي والوحدة وأوردت مجلة الايكونوميست البريطانية تقريراً أكد أن عدد من ماتوا في حرب الجنوب خلال شهرين من اندلاعها تجاوز عدد من ماتوا خلال فترة الحرب الاخيرة بين الشمال والجنوب التي استغرقت 22 عاما.. أي بين عامي 1983 و 2005. الأحد بإذن الله أعقب على ما أورده ذلك المتمرد خاصة الحديث المكرور عن قصة الثور (الأسود) الذي ظلوا يرددون أننا ذبحناه احتفالا بالانفصال وأذكر كيف ذبحنا (51) ثوراً وليس ثوراً واحداً .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة