|
أجراس تدق برائحة الحنوط! بقلم هاشم كرار
|
10:18 PM Sep, 02 2015 سودانيز اون لاين هاشم كرار- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
71 من الفارين من أوطان النيران والقهر والإذلال، كان مصيرهم مأساويا: تجمدوا حتى الموت، في شاحنة لنقل اللحوم المبردة، جنوب شرق العاصمة النمساوية، فيينا.
أترك لكم تصور، لحظات الإحتضار، والشاحنة ثلج.. ويد الموت- منذ أن كان الموت- دائما باردة.
لا أعرف جنسياتهم، لكنهم في النهاية، يحملون هوية وآحدة، وهوية أن تكون بشرا، هى الهوية التي لا تحدها حدود.. ولو كانت تحدها، لما كان هؤلاء قد فروا من البشر الوحوش، إلى ماوراء البشر البشر!
أترك لكم تصور، أن تموت- أمد الله في أيامك- في شاحنة مثلجة.. أترك لك تصوّر نزعك. أترك لك تصوّر- وأنت في النزع الأخير في البلد الغريب- أن ليس من نائحة لك، ولا من باك، ولا مترحم!
تصورتهم، وآحدا وآحدا.
آه ياصحاب، ما أفجع أن يبكي المرء نفسه.. أن يرثيها، وهو يرتجف كله، موتا، في البلد الغريب!
تجمّدوا.. وتجمدت الشرطة، وهى تمد عينيها في داخل الشاحنة، وتجمّدت النمسا كلها، فاجعة.
زمان الفجيعة، هو أيضا زمان الصلاة... وهو أيضا زمان التأبين.
صلت النمسا، من مستشارها "فيرنير فايمان" إلى حارس بوابة كاتدرائية "شتيفانز دوم" التاريخية، الذي لا أعرف اسمه، وأقامت مراسم تأبين، والشموع تبكي، ومناديل الورق تتبلل بالدمع السخين.
الموت، هو الموت.. وفي موت أنسان، موت للآخر.. لكن، لولا دفع الله الناس-بعضهم ببعض- لفسدت الأرض.
تصورتهم- والشموع تتراقص موتا- كل وآحد منهم، كان يتصور مصير كل وآحد من الذين، كان يتنازعه الموت ثلجا، في شاحنة الموت!
كان ذلك التصور نوعا من العزاء،والموتى.. من قال ياصحاب، أنهم لا يسمعون التعازي في موتهم؟
أجمل التعازي، كانت من كاردينال فيينا، "كريستوف شونبورن". نظر إلى شمعة روحها قد بلغت الحلقوم، وقال في صوت تتعتعه غصات: " أيها المؤمنون، كفى مايحدث من موت وكراهية واضطهاد. أيها المؤمنون: من كان يظن أن هويتنا الأوربية قد تتأثر بعاصفة المهاجرين، فليظن شيئا آخر. هويتنا تتأثر بفقدان الإنسانية".
النمسا، بهذا التأبين الأنساني، لأناس ليسوا منها، ارتفعت درجات في مقام الإنسانية.
.... وكانت الشموع لا تزال تبكي، والمناديل بلل، حين راحت كل أجراس كنائس فيينا تدق 71 دقة، كل دقة كانت.. كانت برائحة الحنوط!
أحدث المقالات
- الإمام وموسم العودة على رفاة نداء السودان!! بقلم حيدر احمد خيرالله 09-01-15, 06:46 PM, حيدر احمد خيرالله
- أداء و كفاءة محطات توليد الكهرباء ( 1 ) بقلم د. عمر بادي 09-01-15, 06:45 PM, د. عمر بادي
- الحوار "النوبى – النوبى" .. كلمة حق أريد بها باطل .. (صديق منصور) بقلم عاطف نواى 09-01-15, 06:12 PM, مقالات سودانيزاونلاين
- ترخيص (إسلامي) و(علماني)!! بقلم عثمان ميرغني 09-01-15, 06:09 PM, عثمان ميرغني
- المحاولات الفاشلة (لأدلجة) معاوية محمد نور و(تجييره) حزبيا! (10 من 11) بقلم محمد وقيع الله 09-01-15, 06:05 PM, محمد وقيع الله
- في منع الأحزاب الإسلامية من العمل السياسي بقلم مبارك أباعزي 09-01-15, 06:04 PM, مبارك أباعزي
- الرحلة الحزينة وداعا اشرف الروح والذكريات 09-01-15, 06:01 PM, صافي الياسري
- البربرية..!! بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 09-01-15, 04:28 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- التواضع هو الشفاء لنفوسنا العليلة بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان 09-01-15, 04:24 PM, الريح عبد القادر محمد عثمان
- الكاتبة الروائية الشاعرة البلجيكية هيلدا كتليير Hilde Keteleer بقلم د.الهادى عجب الدور 09-01-15, 04:22 PM, الهادى عجب الدور
- سبتمبر ذكرى إنتفاضة شبابنا المجيدة بقلم أحمد الملك 09-01-15, 04:18 PM, أحمد الملك
- ما قبل الاستقالة فخامة الرئيس بقلم سميح خلف 09-01-15, 04:09 PM, سميح خلف
- الإتحاد البرلماني الدولي.. أين الديمقراطية؟ بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 09-01-15, 03:07 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- خذوا الحكمة من الجنرال سلفاكير..!! بقلم عبدالباقي الظافر 09-01-15, 03:04 PM, عبدالباقي الظافر
- (راميها) جمل !! بقلم صلاح الدين عووضة 09-01-15, 03:02 PM, صلاح الدين عووضة
- المعتمدون.. كيف يحكمون الخرطوم؟! بقلم الطيب مصطفى 09-01-15, 03:01 PM, الطيب مصطفى
- إنها الإدارة ..!! بقلم الطاهر ساتي 09-01-15, 02:59 PM, الطاهر ساتي
- ما وراء الدعوة إلى الحوار النوبي النوبي!!.. بقلم عبدالغني بريش فيوف 09-01-15, 04:54 AM, عبدالغني بريش فيوف
- مستنقع الموت وسط جوبا بقلم ميارديت شيرديت دينق 09-01-15, 04:02 AM, ميارديت شيرديت دينق
- مزامير البؤس شعر نعيم حافظ 09-01-15, 03:59 AM, نعيم حافظ
- بيع الترام في السويد بقلم شوقي بدرى 09-01-15, 03:25 AM, شوقي بدرى
- قانون الفاتكا و الخاص بالإيفاء الضريبى لمن لديهم حسابات مالية خارج الولايات المتحدة الأمريكية 09-01-15, 03:22 AM, ماهر هارون
- بين زنقة زنقة القذافي.. و كركور البشير! بقلم عثمان محمد حسن 09-01-15, 01:49 AM, عثمان محمد حسن
- سلام الجنوب .. سلام السودان بقلم نورالدين مدني 08-31-15, 10:24 PM, نور الدين مدني
|
|
|
|
|
|