يا «ليات»، وأنت بريئة من السوء، في «كل الأنهار» قمر حيفا، هو ذاته قمر نيويورك، تذكري وأنت تغتسلين بمياه الينابيع الكنعانية، وتمشطين بأصابعك سواد شعرك، ثم تجمعينه في ضفائر، أن قمر حيفا يستأنس بهذا الجمال حين يكون بريئاً.. كان عليكِ أولاً أن ترسلي «كل الأنهار» إلى الرقيب الايديولوجي في الآبارتهيد ، ثم تستفسري المعضلة من جذور الزيتون الكنعانية، مع كأس من الخمور المعتقة لدير اللطرون، كي تحلمي بحياةٍ إنسانية مع من تحبين، وببيتٍ تحيطه الزهور، تحلق فوقه الطيور.. كخفقة الروح في السماء.. كما كنت في نيويورك المدينة الطبيعية الجميلة .. وإن كانت «كل الأنهار» تصب في ذات المحيطات.. يا «ليات»، في مسقط رأسك «كفار سابا» لا فسحة لكِ في هذي السماء، هنا تحلقين بجناحين خشبين.. أو معدنيين.. تذكري وأنت تقفين على ذات على مياه «كل الأنهار» أن البرَّ الذي تقفين عليه، هو ذاته.. الأرض التي تلمُّ الإنسانية جميعها، بما لا يشبه الآبارتهيد الدولة الكيان، وأنتِ على أرض لا تشبه شيئاً .. على هذه الأرض الواحدة، هنا ضعي كفيّك على عينيّكِ، كي تتراءى لروحك خفقة الضوء، لتكن كما هي في «كل الأنهار»، كي لا يهرب ظلكِ منكِ، وتنمو الطحالب الكثة في المياه الآسنة .. التي هجرتها الضفادع والأسماك، فلا تفقد كرياتك الحمراء نقاء الهواء.. لتتحول إلى دماءٍ زرقاء.. يا ليات، سيأتي يوم تتساءلين به:«هل حقاً عشت حياةً سعيدةً أم تعيسة؟!» وكيف لم تعد حُمى الحب تهزكِ من الرأس إلى القدم.. أية كراهية مشتعلة ضد هذا الحب..(!) الطاقة الطهرانية التي تتوقين إليها، وقدرٌ من الإنجذاب والحنو والجلال.. دونه سيبقى عقيماً أمام الكراهية المشتعلة.. فمن سيحنُّ إلى السلام..(!!) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هامش:- * رواية «كل الأنهار» للروائية اليهودية الاسرائيلية دورين رابينيان، تدور حول علاقة حب بين «ليات» الإسرائيلية والشاب الفلسطيني حلمي، الاثنان يشدُّهما حنين جارف بالعودة إلى الوطن، بعد انتهاء الدراسة والتخرج، الرواية قصة حب وحرب، وقصة مدينة نيويورك التي لاتشبه أبداً مدينتها.. دوريت رابينيان ولدت في كفار سابا 1973 وقد أصدرت قصصاً عدة وثلاث روايات، رواية «كل الأنهار» صدرت في الولايات المتحدة عن دار نشر بينغين راندام هاوس، في 25نيسان/أبريل من هذا العام، مُنعت في إسرائيل من النشر والإعلام، رغم الإدعاء بالحريات الخاصة، كما مُنعت من الفصول الدراسية من قبل وزارة «التربية والتعليم الإسرائيلية».. *«حلمي» هوالشاب الفلسطيني الجذاب الذي أحبته «ليات»، وكلاهما يتوق بعد أن تخرجا للعودة إلى الوطن.. يذكرها حلمي: «أن الأنهار جميعها تتدفق إلى ذات البحر الذي يقفون أمامه، سواءٌ أكان في حيفا أم في نيويورك»..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة