|
العنف السياسى وإندلاع النزاع حول أبيي – 1950م -1983م بقلم الدكتور لوكا بيونج دينق ترجمة غانم سليمان
|
05:04 AM Apr, 03 2015 سودانيز اون لاين غانم سليمان غانم-السعودية مكتبتى فى سودانيزاونلاين
mailto:[email protected][email protected] ستظل مسألة مستقبل وضع أبيي موضع نزاع شديد بين السودان ودولة جنوب السودان المستقلة، وحيث أن العلاقة بين العنف السياسي وإندلاع الحربين الأهليتين فى السودان لم يتم توثيقها بشكل موسع فإن هذا المقال يقدم تحليلاً لدور العنف السياسي في إندلاع النزاع حول مستقبل أبيي، وهذا المقال يوثق كذلك التطور التاريخي لمسألة أبيي:أولاً: من خلال سرد تاريخ دينكا نوك ووصف المكونات السكانية لأبيي ومن ثم استعراض تاريخ مظاهر العنف إبتداء من مرحلة الاستقلال والحرب الأهلية الأولى في أوائل السبعينيات من القرن الماضي وفشل اتفاقية أديس أبابا وأخيراً الحرب الأهلية الثانية في ثمانينيات القرن الماضي. لقد كان العنف السياسي فى أبيي القضية المركزية في النزاع الكبير بين جنوب وشمال السودان وفي كفاح مواطني أبيي في تشكيل الهوية الوطنية لدولة جنوب السودان وفي تحديد هوية دولة جنوب السودان المستقلة. لقد تم وصف أبيي قديماً بأنها الخيط الذي يربط شمال وجنوب السودان معاً ولكنها أصبحت اليوم منطقة نزاع وسط ما أصبح مؤخراً دولتين مستقلتين 1. إن وضع أبيي غير المحلول والعنف المتكرر كان لهما تأثيرهما خلال عقود من العنف 2 بين دينكا نوك – السكان المقيمين بشكل دائم فى المنطقة - والمسيرية السكان المجاورين لهم في الشمال وهذا الوضع أدى إلى النزاع حول ملكية الأرض وحق الوصول إلى مناطق الرعي الموسمية. على أية حال، أدت الحروب المستمرة والدائمة إلى تعميق العداوة والخصومة وخلقت حزازات في النفوس ومظالم جديدة. لقد كان العنف في أبيي جزءاً مكملاً للعنف المرتبط بالحربين الأهليتين اللتين سبقتا انفصال جنوب السودان. لا تعتبر أبيي فقط منطقة مهمة استراتيجيا ورمزياً بالنسبة للنخب الحاكمة فى الخرطوم وجوبا بل يمكن لدينكا نوك والمسيرية أن يحشدا قوات قتالية بأعداد كبيرة وقد ظلت القبيلتان (دينكا نوك والمسيرية) دائرتين رئيسيتين للأحزاب الحاكمة في جنوب السودان (الحركة الشعبية لتحرير السودان) وشمال السودان (المؤتمر الوطني) على التوالي. تنبع أهمية منطقة أبيي من حقيقة أن أحد البروتوكلات الستة المرتبطة باتفاقية السلام الشامل المبرمة فى عام 2005م بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان كانت مكرسة لمعالجة هذا النزاع. وهذا يضيف بعداً آخراً للصراع المحلي ويزيد من تعقيده. يقدر تعداد سكان منطقة أبيي التى يقيم فيها حالياً دينكا نوك بحوالي 300,000 نسمة. كان ترسيم حدود منطقة دينكا نوك نتيجة لعملية تحكيم طويلة ملزمة لحكومة السودان ودولة جنوب السودان 3. بدأت هذه العملية بتقرير لجنة حدود أبيي فى عام 2005م وانتهت بقرار المحكمة الدولية الدائمة للتحكيم في عام 2009م. إضافة إلى ذلك، وبناء على قرار تم إدراجه فى اتفاقية السلام الشامل يجب إجراء استفتاء حول مستقبل أبيي يتم بالتزامن مع استفتاء مستقبل جنوب السودان في يناير 2011م. رفضت حكومة السودان الوفاء بهذا القرار الملزم والمدرج في اتفاقية السلام الشامل كما رفضت المقترح اللاحق للإتحاد الأفريقي الخاص بإجراء استفتاء أبيي في أكتوبر 2013م 4. قام قادة ومثقفي أبيي – وهم محبطين من الأوضاع الجامدة - بتنظيم استفتاء من جانب واحد بخصوص مستقبل أبيي في الفترة من 27 وحتى 29 أكتوبر 2013م، و تم إجراء الإستفتاء بدون أى مساعدة حكومية رسمية. شارك دينكا نوك في الإستفتاء بينما لم يشارك رعاة المسيرية نظراً لأن إقتراح الإتحاد الأفريقي حصر أهلية المشاركة فى استفتاء أبيي على دينكا نوك والسكان الآخرين المقيمين فيها. صوت فى الإستفتاء ثلاثة وستين ألف وأربعمائة وثلاثة وثلاثين شخص:99,99% لصالح إنضمام المنطقة لدولة جنوب السودان بينما صوت 12 شخص فقط لصالح الإنضمام للسودان 5. وهذا يعطي مؤشراً في أين يكمن إختيار دينكا نوك وقد كان الإستفتاء مجرد لفته رمزية للضغط على الحكومتين والمجتمع الدولي لحل النزاع. وظلت الأوضاع جامدة في المنطقة: وأعلن الإتحاد الأفريقي أن الإستفتاء غير قانوني ويمثل تهديداً للسلام وأعلنت حكومتي السودان ودولة جنوب السودان مسبقاً بأن نتيجة الإستفتاء لا تشكل أي أهمية 6. حرض استمرار التوتر والعنف منذ 2005م قادة وزعماء دينكا نوك علي محاولة فرض إجراء الاستفتاء. وبرغم وجود قوات السلام التابعة للأمم المتحدة في أبيي حاولت القوات المسلحة السودانية مرتين إحتلال المنطقة بشكل مؤقتً بعد تفاقم القتال بشكل كبير وذلك في مايو 2008م ومن ثم مجدداً في مايو 2011م 7. إضافة إلى ذلك، تسببت الحروب بين دينكا نوك والمليشيات المسلحة لقبيلة المسيرية في حالة من عدم الأمان وعدم الإستقرار والخراب وكذلك نزوح دينكا نوك من موطنهم. ويرتبط هذا العنف بشكل كبير بمطالبة المسيرية بحق الوصول إلي مناطق الرعي في أبيي كما إنه متجذر فى النزاع الكبير بين السودان ودولة جنوب السودان حيث تم تعبئة وحشد بعض أفراد قبيلة المسيرية في مليشيات مسلحة محلية تحت مظلة الدفاع الشعبي وتم استقطاب وتجنيد العديد من مواطني دينكا نوك بواسطة الحركة الشعبية لتحرير السودان 8. في مايو 2013م تم إغتيال كول دينق كول كبير سلاطين دينكا نوك – الذي كان يرغب فى أن تكون أبيي جزءاً من دولة جنوب السودان – بواسطة مليشيات المسيرية. وقد اتهم الرئيس سالفا كير حكومة السودان بالتورط في هذه الجريمة. وقد تم الإستشهاد بأن هذه الجريمة كانت أحد الأسباب التى أدت إلى إجراء استفتاء أبيي في أكتوبر 2013م 9. يدعي مواطني أبيي وقادتهم بأن العنف الدائم والمستمر يقتضي بأن يتم حل مسألة وضع أبيي سريعاً – الآن قبل الغد، ليس لأن الحل يمنح مواطني أبيي الحماية التى يحتاجونها بل لمعالجة مشكلة يمكن أن تتفاقم وتتحول إلي حرب جديدة بين السودان ودولة جنوب السودان. لأجل حل مشكلة أبيي مطلوب تحقيق فهم جيد لخلفيتها التاريخية. لماذا إتخذت مسألة أبيي مكاناً مهماً في العلاقات السياسية بين السودان ودولة جنوب السودان؟ إن الغرض من هذا المقال هو تتبع أصل ونشأة الصراع الحالي حول وضع أبيي وتقييم أثر العنف السياسي في أبيي على تاريخ النزاع بين حكومة السودان وشعب جنوب السودان. يبدأ هذا المقال بتمهيد يقدم خلفية عن دينكا نوك وتاريخ وصولهم إلى أبيي ويعقبه استعراض عن كيفية إندلاع وتطور النزاع حول أبيي. تتناول الأقسام الأخرى من المقال مكانة أبيي في عملية استقلال السودان فى خمسينيات القرن الماضي، والعنف السياسي فى أبيي خلال الحرب الأهلية الأولى (1963-1972م)، وقرار (عدم) تنفيذ حل قضية أبيي فى إتفاقية أديس أبابا المبرمة فى عام 1972م وأخيراً إندلاع العنف السياسي فى أبيي في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي. من خلال هذا الإستقصاء يظهر هذا المقال أن مشكلة أبيي إكتسبت أهمية سياسية فقط بسبب العنف المتكرر من الحكومة وحلفاءها وكذلك من خلال التجربة المشتركة لمواطني أبيي في الكفاح السياسي ضد الهيمنة والقهر. دينكا نوك ووصولهم إلى أبيي يعرف دينكا نوك" بشكل عام بأنهم نوك الغرب وهم يمثلون جزء من مجموعة عرقية ولغوية وزراعية رعوية كبيرة وهي "مجموعة البادانج"التى تعتبر بدورها أحدى المجموعات الرئيسية في "قبيلة الدينكا". ويروي التاريخ الشفهي بأن "دينكا نوك" والمجموعات الأخرى من "البادانج" بأنهم منحدرين من الجماعات التى "بدأت الهجرة باتجاه الغرب من النيل الأبيض منذ حوالي 300 سنة مضت وكانوا مجبرين على الهجرة بسبب تزايد السكان وضغوط زحف وتقدم قبيلة النوير 10. ويروي سانتاندريا كيف عاش ومات الزعماء الثلاثة الأوائل لدينكا نوك: جوك، بولابيك ودونجبيك شرق النيل الأبيض بين ملكال وبحيرة نو. وكان أول زعيم يجتاز النهر هو كولديت الذى قاد شعبه باتجاه الغرب بسبب الضغوط من النوير والبحث عن المراعي الخصيبة للأعداد المتزايدة من ماشيتهم 11. وقد "مات ودفن" كل من الزعيم كولديت وابنه الزعيم مونيدانج فى منطقة "دمبولوليا" شمال شرق أبيي التى تقع فى نهر "نول". ويستطرد سانتاندريا بأن ألور بن الزعيم مونيدانج قام بغزو منطقة "بيجي" أو "جرما" ووصل إلى ما يعرف اليوم مدينة أبيي 12. كما أقام بيونج بن الزعيم ألور جنوب أبيي على نهر كير في منطقة تسمى"ونشوي" حيث مات ودفن هناك. ويتفق صباح مع هذا الرأي ويقول أنه في أوائل القرن التاسع عشر استوطن الزعيم بيونج فيما يسمى اليوم أرض نوك 13. بحلول عام 1810م استوطن الأسباط (الفروع) التسعة لدينكا نوك في منطقة أبيي في مجموعتين رئيسيتين متميزتين: المستوطنين الأوائل (أبيور، أشوينج، أنيل، ديل، مانيوار ومارنج) 14 والقادمين المتأخرين (آلاى، آشاك و بونجو). ويزعم أنه من بين المستوطنين الأوائل السبط أبيور قائداً لسلالة باجوك التى وصلت أولاً للمنطقة واستوطنت أفضل المناطق بما في ذلك أبيي وأراضي المرتفعات بينما وصل لاحقاً السبط مانيوار وهو يقود سلالة ديندور وقام باستيطان ثاني أفضل المناطق 15. وأصبح الموقع المعروف بمدينة أبيي موطن كبير السلاطين والمركز السياسي والتجاري لدينكا نوك. ومنذ استيطانهم في أبيي أبدى دينكا نوك مقاومة ملحوظة للإنصهار فى دائرة الثقافة العربية الإسلامية لشمال السودان 16. ترك دينكا نوك المقيمين في أبيي الخضوع لقيادة قبييلة الدينكا الرحل النيليين وتبنوا نظاماً سياسياً مركزياً شبيه بنظام قبيلة الشلك 17. وبحسب بزويك، بحلول القرن العشرين طور دينكا نوك نظاماً سياسياً مركزياً يحكمه كبير السلاطين الذي لديه صلاحية فرض الضرائب وممارسة السلطات القضائية والقيادة العسكرية 18. وقام بزويك بتوضيح أسباب هذه الخصائص المتفردة وعزاها إلى عاملي الصراع الداخلي للقيادة ومواجهة الضغوط الخارجية من الشمال، خاصة من قبل قبيلة المسيرية والمحيط البيئي والايكولوجي المتميز لمنطقة أبيي. تتميز بيئة أبيي بمناخ جاف وموسم جفاف حار وموسم أمطار تغطي فيه الفيضانات مناطق كبيرة. تتركز الأرض الزراعية في منطقة واحدة تحيط بها التلال والكثبان الرملية وهذا يعيق الهجرة الموسمية، التي - بحسب بزويك – ساعدت على قيام نظام سياسي مركزي 19. تعايش دينكا نوك مع العديد من المجموعات المجاورة بما في ذلك عرب المسيرية الرحل ودينكا ملوال ودينكا أوان ودينكا تويك ودينكا روينج وكل من هذه المجموعات تقوم بالاستخدام الموسمي لمنطقة أبيي. لقد أثبت عرب المسيرية الرحل أنهم أكثر الجيران إثارة للمشاكل وأسهموا في خلق العنف السياسي المتكرر وتورطوا لما يصل وصفه بصراع السلطة مع دينكا نوك. يقر معظم العلماء بأن عرب البقارة المسلمين بدأوا التحرك على طول حزام السافنا من مملكة وداى في أفريقيا المدارية الفرنسية بالمرور عبر دارفور في القرن الثامن عشر. تميزت هذه الهجرة بحروبات عنيفة بين البقارة وأدت إلى إنقسامهم إلى أربعة مجموعات مميزة: المسيرية الحمر والمسيرية الزرق والحوازمة والرزيقات 20. وصل المسيرية الزرق وأقاموا فى المجلد (دينجا) في جنوب غرب كردفان في نهاية القرن الثامن عشر وأصبحوا الجيران المباشرين شمال دينكا نوك في أبيي 21. العلاقات الأولية بين دينكا نوك والمسيرية كانت سلمية وقد قيل أن بعض مجموعات دينكا نوك ساعدت المسيرية فى إحتلال مناطقهم الحالية والإستيلاء عليها من السكان المحليين المتحدرين من شاد والإقامة في المجلد 22. نشأة النزاع فى أبيي قدوم الحكم التركي المصري للسودان فى عام 1821م غير ميزان القوة لصالح المسيرية وهذا أدى إلى تبنى دينكا نوك استراتيجيات دفاعية جديدة لمناهضة جيرانهم الشماليين 23. خلال الحكم التركي (1821-1881م) قامت السلطات التركية المصرية وتجار الرقيق بحملات بحثاً عن الرقيق وذلك على نطاق كبير فيما يسمي اليوم جنوب السودان 24. وقام المسيرية كذلك بحملات على الدينكا والقبائل الأخرى في ولاية بحر الغزال بحثاً عن الرقيق والماشية والتى أصبحت جزءا من إمبراطورية الزبير باشا لتجارة الرقيق في بحر الغزال 25. نتيجة لإنتشار تجارة الرقيق والتوسع فى ملكية الرقيق في كردفان سمح الحكم التركي المصري في عام 1951م للمسيرية القيام بدفع الضرائب المفروضة عليهم في شكل رقيق 26. بقيادة السلطان أروب بيونج قاوم دينكا نوك حملات البحث عن الرقيق وحاربوا تجار الرقيق العرب وتبنوا مختلف الإستراتيجيات الدفاعية مثل "استخدام الفئات العمرية الشبابية" كجيش احتياطي واختيار "زعماء الحرب" لكل قرية. بالإضافة إلى ذلك، استخدم السلطان أروب بيونج الدبلوماسية: وبدأ في إقامة علاقات مع زعماء الرزيقات والمسيرية ونجح فى إقامة تحالف مع ناظر المسيرية على مسار. وقيل أن السلطان أروب وناظر المسيرية أزوزة قاما بمزج دميهما معاً تعبيراً عن علاقتهما الأخوية الخاصة 27. ونظراً لأن الحكم التركي المصري أصبح أشدة قسوة وظلماً في الربع الأخير من القرن التاسع عشر كان المسيرية من أوائل من أيد الدعوة المهدية. وفي مسعى لحماية مواطنيهم ضد حملات تجارة الرقيق قام سلطان دينكا نوك وزعماء الدينكا الآخرين في ولاية بحر الغزال بقبول عرض هدنه قدمه قادة الثورة المهدية وكونوا تحالفاً مع المسيرية للتخلص من الحكم التركي المصري 28. هذه التحركات تسببت فى إنهيار الإدارة المصرية الرسمية فى ولاية بحر الغزال 29 ولكن بسقوط الحكم التركي المصري في عام 1881م وظهور المهدية تدهورت العلاقات بين المسيرية ودينكا نوك بشكل مطرد. ولأجل حماية مواطنيه من حملات تجارة الرقيق قام السلطان أروب بيونج مع الزعماء الآخرين (بما فيهم ألور أجينق زعيم مانيوار وديل ياك زعم أشاك) بزيارة للشمال لتقديم البيعة للمهدى وللشكوى من حملات تجارة الرقيق وسرقة ماشية مواطنيهم بواسطة العرب 30. بعد عودتهم، ولأجل ابراز علاقاتهم الوطيدة مع المهدي قام السلطان أروب بيونج بتسمية أحد أبنائه المهدي، كما سمي السلطان ألور أجينق أحد أبنائه صباح وسمي السلطان ديل ياك إحدى بناته حواء وهذه من ممارسات الدينكا التقليدية في تسمية أبناءهم باسماء مرتبطة بمناسبات وشخصيات معينة 31. بالرغم من أن الدولة المهدية تميزت بعقدين من الصراعات المصحوبة بالفوضى يزعم بعض العلماء أنها كانت فترة هادئة نسبياً بالنسبة لدينكا نوك 32، لكن هناك بعض الشواهد تشير إلى أن دينكا نوك عانوا من حملات تجارة الرقيق في تلك الفترة 33. إن قيام وسقوط الدولة المهدية كان له تأثير غير مباشر في تعزيز النظام السياسي المركزي، وكذلك تعزيز موقف دينكا نوك في علاقاتهم مع جيرانهم المسيرية 34. إن إنقسام المسيرية فيما يتصل بمساندة المهدي أدى إلى طرد المسيرية الذين لم يعترفوا بالمهدي من دار المسيرية. هؤلاء المسيرية المطرودين من دار المسيرية تم استضافتهم بواسطة السلطان أروب بيونج زعيم دينكا نوك إلى حين الفتح الانجليزى المصري فى عام 1895م 35. بعد هزيمة الدولة المهدية توحد المسيرية وعاد المطرودين مجددا إلى دار المسيرية. في ذلك الوقت تم الإعتراف بعلى الجلة - الذى كان يعمل بصفة مراسلة للخليفة عبدالله التعايشي - ناظراً من جانب الحكم الثنائي الانجليزى المصري 36 وبالرغم من العلاقة الطيبة بين دينكا نوك والمسيرية المناهضين للدعوة المهدية في بداية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري فإن عودة المسيرية المناصرين للمهدية لدار المسيرية وتوليهم القيادة أشعل عنفاً قبلياً داخلياً وقد قام على الجلة الناظر الجديد للمسيرية بتشجيع كما كان مسئولاً عن حملات تجارة الرقيق ضد دينكا نوك ودينكا تويك 37، لكن يجب الملاحظة أن هذه الحملات كانت متبادلة وقام دينكا نوك باسترقاق العرب المأسورين خلال الهجمات الإنتقامية 38. خلال الحكم الإنجليزي المصري قام دينكا نوك بتعزيز نظامهم السياسي المركزي، وقاموا كذلك بتعزيز وضع أبيي بإعتبارها ممر حدودي بين الجنوب الأفريقي والشمال العربي 39، وظهرت سلالة جديدة في قيادة دينكا نوك. أصبح السلطان كول أروب كبير السلاطين بعد موت أبيه أروب بيونج في عام 1905م وقام بالدفاع عن دينكا نوك من حملات المسيرية المستمرة. ونظراً لأن الدينكا كان ينظر لهم بشكل عام بأنهم معادين للحكم الجديد قامت الإدارة البريطانية أول الأمر بتغاضى النظر عن الحملات المستمرة من عرب البقارة على مناطق الدينكا بما في ذلك أبيي. وفي ضوء هذه التحديات وجدت مجموعة مارنج، وهي مجموعة فرعية من دينكا نوك، أنه من الضروري الدفاع عن أنفسهم من تلك الحملات بالسماح بمرور المسيرية مصحوبين بماشيتهم ورقيقهم عبر منطقتهم بعد قيامهم بحملات مطاردة الرقيق فى الجنوب 40. بعد سلسلة من الشكاوي من جانب دينكا نوك ودينكا تويك قرر الحكم الإنجليزي المصري أن وضع ضحايا ومنفذي حملات تجارة الرقيق في إدارة واحدة سيكون أفضل طريقة للتمكن من منع ومقاومة هذه الحملات 41. وبذلك تم وضع كبير السلاطين أروب بيونج ومواطنيه تحت إدارة ولاية كردفان في مارس 1905م 42. بعد ثورة الدينكا في عام 1922م غيرت الإدارة البريطانية سياستها وحاولت كسب ثقة قبيلة الدينكا. ونتيجة لذلك، قام كبير السلاطين كول أروب بتقديم البيعة للحكم الإنجليزي المصري وتم الإعتراف به ليس فقط زعيماً لدينكا نوك بل كذلك زعيماً لمجموعات الدينكا الأخرى المجاورة بما في ذلك دينكا روينج ودينكا تويك 43. وأسهم تحسن العلاقات بين الإدارة البريطانية المصرية تدريجياً فى تعزيز النظام السياسي المركزي لدينكا نوك. وإضافة إلى ذلك، قامت الحكومة الإستعمارية بإنهاء موافقتها السابقة غير الصريحة لحملات تجارة الرقيق التى كان يقوم بها العرب ضد دينكا نوك وذلك بتحذير على الجلة ناظر المسيرية 44. أثار النظام السياسي المركزي لدينكا نوك مخاوف بعض الإداريين البريطانيين في الجنوب بأن ذلك يمثل دليلاً على إنتشار التعريب وبالرغم من عدم وجود أساس ملموس لهذه المخاوف فإن هذه التصورات أسهمت بكل تأكيد في فرض "سياسة المناطق المقفولة" عام 1922م وترسيم خط حدود جديد في عام 1924م يقع على بعد 25 - 40 ميل جنوب بحر العرب/نهر كير الواقع في أرض الدينكا وتطبيق "سياسة الجنوب" في عام 1930م. كان الغرض من فرض هذه السياسات هو عزل الشمال العربي المسلم من الجنوب الأفريقي بما في ذلك دينكا نوك وبذلك يتم تحصينهم من تأثير السودانيين الشماليين ذوي الإنتماء العربي الإسلامي 45. لقد أسهمت هذه السياسة بشكل كبير في نشوء هوية سودانية جنوبية مستقلة بين دينكا نوك ولعبت دوراً كبيراً في إندلاع مشاكل أبيي بشكل خاص. أبيي واستقلال السودان بنهاية عشرينيات القرن العشرين أصبح وضع أبيي مثيراً لإهتمام الإدارة الإستعمارية وقد سعت الإدارة البريطانية لترحيل دينكا نوك جنوباً لأجل وضعهم ضمن إدارة ولاية بحر الغزال وترك مناطقهم التى توجد شمال نهر كير/بحر العرب 46. هذا الإجراء كان سيفصل دينكا نوك رسمياً من المسيرية وقد ناشد زعماء الدينكا الآخرين السلطان كول أروب لقبول هذا الترحيل ولكن السطان كول أروب رفض تلك المناشدات 47. أوضح السلطان أروب لزعماء الدينكا الآخرين بشكل سري أن دينكا نوك لو إنضموا لإدارة بحر الغزال فإنه يتخوف من أن العرب – الذين وصفهم بـ"اللصوص" سيسعون للإستيلاء على أراضيهم 48. ويعتقد بزويك أن السلطان كول أروب ربما إختار البقاء فى كردفان بسبب "رغبته فى تعزيز سلطته السياسية والإحتفاظ بوضعه بصفته كبير سلاطين دينكا نوك" 49. على أية حال، بعد قرار البقاء فى كردفان أصبح السلطان كول أروب معزول سياسياً وإضافة إلى ذلك ضعف مركزه القيادي عندما تم إلحاق دينكا تويك ودينكا روينج بإدارة الجنوب. بعد ذلك فشل السلطان كول أروب في توريث إبنه دينق أبوت ليحل محله وكان دينق أبوت غير راغب في التحالف مع المسيرية 50 وبدلاً عن ذلك قام أحد أبناءه الآخرين: دينق ماجوك بانقلاب سياسي قبلي في عام 1942م وقامت الإدارة البريطانية – وبدعم من ناظر المسيرية بابو نمر - باختياره كبير سلاطين دينكا نوك. وبمجرد اختياره كبيراً لسلاطين دينكا نوك ظهر دينق ماجوك بصفته قائداً محنكاً له نفوذ كبير. خلال فترة حكمه عرف دينكا نوك اقتصاد التبادل النقدي وأنظمة السوق الحديث والتعليم الغربي وقام دينق ماجوك بتشجيع أبنائه وأبناء الزعماء الآخرين لدينكا نوك لكي يتعلموا ويذهبوا للمدارس 51. بزواجه لمائتين إمراة قام السلطان دينق ماجوك بتعزيز مركزه القيادي بين دينكا نوك، وقام السلطان دينق ماجوك بالمحافظة على علاقات وثيقة مع المسيرية حيث إن كلا المجموعتين تتوليان مراكز سياسية ذات اهمية كبيرة 52، وبقيادته تحسنت العلاقات مع المسيرية والحكم البريطاني بشكل كبير وتمتع دينكا نوك بدرجة كبيرة من الإستقرار السياسي والإقتصادي. شهدت ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين نمواً مطرداَ في الحركة الوطنية السودانية والخطوات الأولى نحو استقلال السودان، وخلال مفاوضات الحكم الذاتي في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين تم الإعتراف بالوضع المتميز لأبيي. وفي عام 1951م، منحت الفرصة لدينكا نوك للإنتقال إلى بحر الغزال 53 وقد كان البريطانيون متخوفين في ذلك الوقت من عدم قيام الحكومة المركزية فى شمال السودان برعاية مصالح دينكا نوك بشكل عادل، وقد تم عقد اجتماع في أبيي فى 7 مارس 1957م وقرر الإجتماع "أن أفضل مستقبل لدينكا نوك يكون فى وجودهم فى بحر الغزال" ولكن بحسب تقرير البريطانيين الرسمي بخصوص الإجتماع إختلف الزعماء حول مستقبل منطقتهم 54. وكان بعض زعماء دينكا نوك - وخاصة دينق ماجوك - ضد قرار تحويل دينكا نوك لإدارة ولاية بحر الغزال وكانوا يعتقدون أن ولاية كردفان – باعتبارها ولاية شمالية – ستكون إدارتها وتمويلها أفضل من إدارة وتمويل ولاية بحر الغزال 55. وتكشف التفاصيل الدقيقة للإجتماع أنه بالرغم من حقيقة أن معظم هؤلاء الزعماء كانوا معينين بواسطة السلطان دينق ماجوك إلا أن معظمهم صوت لصالح تحويل دينكا نوك لإدارة ولاية بحر الغزال. وكان الإستثناء الوحيد هو السلطان دينق ماجوك وزعيمي أبيور ودييل 56، وعندما شعر السلطان دينق ماجوك بأنه يمثل الأقلية لعب على الوقت مدعياً رغبته فى إجراء المزيد من المشاورات والدراسة، وقد منحته الإدارة الاستعمارية بعض الوقت بعد الإجتماع في عام 1951م لزيارة واو وأويل و قوقريال قبل إتخاذ القرار النهائي حول مستقبل أبيي 57. عقب اجتماع مارس 1951م، قام السلطان دينق ماجوك بكل نشاط وحيوية بإجراء عدة مشاورات مع زعماء وشيوخ نظارات وعموديات نوك التسعة وزعماء ولاية بحر الغزال وكذلك زعماء وشيوخ المسيرية 58. على أية حال، استمرت هذه المشاورات فى تحقيق نتائج متضاربة، وقد رفض معظم زعماء نظارات وعموديات نوك التسعة اقتراح تحويلهم لبحر الغزال ووافق فقط أربعة من زعماء نوك على الاقتراح وهم زعماء أبيور وأنيل ودييل ومانيوار 59. من الظاهر أن موقف السلطان دينق ماجوك والزعماء الآخرين المرتبط بعدم الإنضمام للجنوب كان يعتمد، من ضمن أشياء أخرى، على حقيقة أنهم لم يكونوا يرغبون للانتقال للجنوب بدون أراضيهم الكائنة شمال نهر كير. ونتيجة لذلك، رفض السلطان دينق ماجوك، مثل أبيه، إقتراج التحويل" وقيل أنه قال:"هل علينا ترك هذه الأرض وجميع خيراتها؟ في يوم من الأيام سيلومنا أحفادنا على ذلك" 60. بالإضافة إلى هذه الإهتمامات والمخاوف الإدارية كان للسلطان دينق ماجوك أسباب شخصية للبقاء فى كردفان وكان يعتقد أنه في بحر الغزال وبصفته أحد زعماء الدينكا من مجموعة زعماء آخرين ستنزل مكانته. علاوة على ذلك، كان شقيقه الشاب دينق أبوت مناصراً قويا لإقتراح التحويل. لهذا السبب شك بعض المراقبين في أن السلطان دينق ماجوك تخوف من أنه فى حالة إجراء التحويل فإن شقيقه دينق أبوت سيحل محله بصفته كبير سلاطين دينكا نوك. ناصر بعض المتعلمين من دينكا نوك السلطان دينق ماجوك - بسبب المقاومة المتنامية ضد الحكم الإستعماري بين النخبة في السودان – لأنهم كانوا متخوفين من أن قرار التحويل كان جزءاً من الخطة البريطانية لتقسيم السودان بناء على التقسيمات العرقية 61. ومع ذلك، فإن معظم زعماء وشيوخ ومثقفي دينكا نوك كانوا يفضلون العودة للجنوب ويرفضون قرار الزعيم دينق ماجوك الخاص بعدم قبول إقتراح الإنتقال للجنوب، وقد كانوا يتخوفون على مصير دينكا نوك تحت الحكم الجديد الذي سيقوده حكام عرب مسلمين 62. ومع ذلك قرر دينكا نوك في عام 1951م - بتأثير من زعيهم دينق ماجوك - الإنضمام لمجلس مركز المسيرية بدلاً من الإنضمام لمجلس دينكا مركز قوقريال فى بحر الغزال بشرط وتحفظ واحد: "خلال تلك السنة قرر دينكا نوك الإنضمام لمجلس مركز المسيرية وليس الانضمام لمجلس مركز دينكا قوقريال وذلك عندما يتم تكوينه وتحفظوا بأن يكون لهم حق الإنسحاب من مجلس مركز المسيرية بعد خمسة (5) سنوات" 63. في عام 1954م والحكم الاستعماري على وشك الإنتهاء قامت بعض الجماعات الأخرى وسط دينكا نوك في أبيي وهم يمثلون مجموعة سياسية شبابية بإرسال مندوبين للفولة في كردفان وكانوا يرغبون فى مناقشة ممارسة حق الإنسحاب من مجلس مركز المسيرية والإنضمام لمجلس مركز دينكا قوقريال في بحر الغزال وتم اعتقالهم وإتهامهم بتبني الإنفصال 64. وقد سرد الدكتور الراحل جون قرنق هذه التفاصيل التاريخية عند مخاطبته لمواطني أبيي فى عام 2004م مقراً بأن كفاح مواطني أبيي بدأ فى عام 1954م قبل عدة شهور من تمرد توريت فى عام 1955م الذى دائماَ ما يوصف بأنه كان بداية الحرب الأهلية فى السودان 65. أبيي والحرب الأهلية الأولى في ديسمبر 1955م غادر السير الإكسندر نوكس هيلم آخر حاكم عام بريطاني السودان وفي 1 يناير 1956م أصبح السودان بلداً مستقلاً وقبل ذلك تعرض المواطنيين الجنوبيين – بما فيهم دينكا نوك – لسياسات التمييز الحكومية 66. وتدهورت الممارسات الدينية والثقافية والتعليمية السليمة خلال سنوات السودنة (إحلال المستعمرين بالسودانيين) قبل الإستقلال. ومن يناير 1956م وبحسب رواية مولانا القاضي أبيل ألير تم إتخاذ العديد من الإجراءات لأسلمة وتعريب الحياة الثقافية في عموم البلاد مما أغضب الجنوبيين في كل مكان بما في ذلك المقيمين في منطقة أبيي 67. في أبيي تم تغيير المنهج التعليمي فى المدارس الإبتدائية من المنهج التعليمي المعمول به في ولاية بحر الغزال للمنهج التعليمي المعمول به في الشمال وتم نقل وترحيل جميع المدرسين إلى ولاية بحر الغزال وتم استبدالهم بمدرسين من الشمال. وأصر المدرسون الشماليون على استبدال أسماء طلاب دينكا نوك بأسماء عربية. وبحسب جونسون، قام زعماء دينكا نوك المناصرين للانضمام للجنوب بإرسال أبناءهم إلى بحر الغزال ليتعلموا هناك بينما قام الزعماء المناهضين لإنضمام أبيي للجنوب مثل السلطان دينق ماجوك بإرسال أبناءهم إلى كردفان بما في ذلك الطلاب الذين كانوا يدرسون في الجنوب مثل فرنسيس دينق وزكريا بول الذين تم نقلهم من مدرسة رمبيك الثانوية وتم إرسالهم إلى كردفان 68. تم نقل جميع الموظفين الحكوميين والمدرسين العاملين في أبيي مثل لينو وور أبيي ولويس نيوك كول أروب إلى بحر الغزال. هذه التطورات أشعلت السخط في الجنوب وأدت سريعاً إلى نشوب التمرد فى حامية توريت في الإستوائية فى عام 1955م. وكشف تقرير لجنة تقصى الحقائق أن من بين أسباب اضطرابات عام 1955م المظالم التى ارتكبت فى حق الجنوبيين 69. وقد قام بعض أبناء دينكا نوك المقيمين في أبيي مثل داو دينق كويث بالمشاركة فى تمرد حامية توريت في عام 1955م. وبعد فترة قصيرة من تمرد توريت، وفي عام 1957م قام شباب وطلاب أبيي بتنظيم أنفسهم وكونوا تنظيماً سياسياً 70، و ترأس هذا التنظيم السياسي بونا بولابيك كوال وانجيليو أجينق جيبور. كان هؤلاء الطلاب وآخرين أول جيل في أبيي ينضم للحركة السياسية الجنوبية 71. ضعف النظام السياسي المركزي لدينكا نوك برحيل الإدارة البريطانية فى عام 1956م التى ساندت قيادة وزعامة السلطان دينق ماجوك. وفي غياب الإدارة البريطانية ظهرت سريعاً الخلافات والنزاعات القبلية بين ووسط مختلف فروع دينكا نوك. وقام دينكا مانيوار (ديندور) الذين كانوا أكثر عدداً من الفرع الحاكم دينكا أبيور (باجوك) بتكوين حلف مع الحكومة الشمالية لتغيير ميزان القوة ولإنهاء نظام الحكم القبلي القديم 72. بنهاية الحكم البريطاني زادت شدة الصراع بين المسيرية ودينكا نوك، وقام المسيرية بعدة حملات عدائية تجاوزت وغضت الطرف عنها الحكومة الجديدة. ووصلت العدائيات بين دينكا نوك والمسيرية إلى قمتها في عام 1965م عندما قام دينكا نوك بالهجوم على المسيرية خلال ترحالهم إلي الجنوب في فصل الجفاف، وتم هذا الهجوم إنتقاماً لاساءة بالغة لمواطن دينكاوي في أويل تم قتله وقطع يديه بواسطة البدو العرب الذين قاموا باستعمالها لقرع طبولهم. استمرت هذه الدورة من العنف لاحقا في عام 1965م عندما تم حرق أكثر من 200 مواطن جنوبي – بما فيهم دينكا نوك - وهم أحياء في حضور المسئولين الحكوميين وناظر المسيرية في مدينتى المجلد وبابنوسة. صعدت هذه الإنتهاكات والجرائم الفظيعة وتيرة الصراع المحلي وتحولت إلي حرب عظمى بين الشمال والجنوب 73. نظراً لأن استراتيجية السلطان دينق ماجوك كانت تتمثل فى حماية مواطنيه بخلق علاقات طيبة مع المسيرية ورفض الإنتقال الى إدارة الجنوب فقد شعر السلطان دينق ماجوك بالخذلان من حملات المسيرية طوال هذه السنين وتأسف لقراره الخاص بالبقاء في الشمال وأصبح بشكل صريح معاد لجيرانه الشماليين 74. وبدلاً من كسب ثقة دينكا نوك الذين كنوا يمثلون الجماعة الوحيدة غير المسلمة والدينكا الذين كانوا تحت إدارة شمال السودان قامت الحكومة السودانية الجديدة بدفع دينكا نوك بعيداً عن مظلة القومية السودانية والتوجه نحو تبنى قضية جنوب السودان والإنفصال. وبالطبع تصاعد التوتر بين دينكا نوك وجيرانهم المسيرية باشتعال الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب التى انضم فيها دينكا نوك تدريجيا لأهلهم وأقاربهم في كفاح حركة تحرير الجنوب 75. توفي السلطان دينق ماجوك فى عام 1969م وخلفه ابنه مونياك دينق وبهذا انتهي النظام السياسى المركزي لدينكا نوك 76. عندما قام الإتحاد الوطني الأفريقي السوداني (سانو) وجناحه العسكري الأنيانيا بالتعبئة للتمرد في عام 1963م قام شباب أبيي بمناصرتهما وتأييدهما في عام 1964م والإلتحاق بمظلة الأنيانيا والقيام بالعصيان في منطقة أبيي 77. شملت القيادة السياسية لوحدة الأنيانيا فى أبيي كل من أروب دينق وجستين دينق بيونج وجون مالويل وكان الجناح العسكري بقيادة دودول نيانج وايرينو بيونج بول بصفته المفوض السياسي 78. مثلت هذه الوحدات المحلية تهديداً حقيقياً للسلطات في أبيي واستطاعت استقطاب أعداد كبيرة من الشباب الذين أرسلوا لرئاسة الأنيانيا فى الكنغو لمزيد من التدريب 79. قام هؤلاء الناشطين المستقطبين والمجندين من أبيي بعد ذلك بلعب دور كبير في تقدم وتطور تمرد الأنيانيا وكان دومنيك كول أروب من بين أوائل رجال الشرطة من أبيي الذى انشق من شرطة راجا في مارس عام 1963م والتحق بقوات الأنيانيا فى الكنغو وأصبح لآحقا مدرباً عسكرياً 80، و كان أحد ثلاثة ضباط رافقوا المقدم بيرناندينو ماو جول عندما أرسله الإتحاد الوطني الأفريقي السوداني (سانو) لشن عمليات عسكرية في منطقة بحر الغزال وقاموا بمهاجمة واو في يناير 1964م. أرسلت هذه العمليات إشارة ورسالة واضحة بأن التمرد عم جميع أنحاء جنوب السودان وبأنه شهد بداية سلسلة عمليات عسكرية في ولاية بحر الغزال 81. بعد الهجوم على واو أصبح دومنيك كول نائب القائد للوحدة الخامسة التابعة للأنيانيا في أبيي وقوقريال. وترقى بعد ذلك ليصبح قائد نفس الوحدة خلال الفترة من 1965م وحتي 1967م 82. إلى جانب دومنيك كول إنضم طالبين آخرين من ثانوية رمبيك وهم: أكنون ماثيانج وسيزار أيوك دينق – أبوت للأنيانيا في عام 1964م وكانا من أوائل الشباب المتعلمين من أبيي ينضمان لحركة التمرد الجنوبية 83. ونظراً لتفوق أكنون ماثيانج كمتدرب عسكري فقد أصبح من أوائل المدربين في جيش الأنيانيا فى الكنغو. وقد انضم لاحقا لمجلس القيادة المكون من ستة ضباط والتابع للجناح العسكري لحركة الأنيانيا في بحر الغزال الذى تم تكوينه في عام 1966م. أصبح أكنون القائد العسكري لمنطقة قوقريال والتونج والبحيرات حيث اشتهر بأنه قام بنجاح بقطع خط السكة الحديد الرابط بين الشمال والجنوب 84. وكان سيزار أيوك دينق – أبوت من بين أول ثلاثة ضباط تم اختيارهم للتدريب في فرنسا 85، وكان هو وأكنون ماثيانج من أقدم الضباط في حركة الأنيانيا من منطقة ابيي وقد استشهدا في الميدان خلال الحرب الأهلية الأولى. في عام 1970م قامت الحكومة السودانية بقتل موياك دينق زعيم دينكا نوك من ضمن آخرين والذي تم إتهامه بالتعاون مع الأنيانيا، وبالشعور بالذنب قام أخوة الزعيم: أروب دينق وجستين دينق بتسليم أنفسهما للسلطات الحكومية في أبيي 86. ورغم ذلك استمر تدفق المستقطبين والمجندين الجدد من أبيي لرئاسة جيش التحرير التابع للأنيانيا 87. خلال الفترة بين عام 1969م و1970م أصبحت مجموعات الأنيانيا في جنوب السودان أكثر تنسيقاً وتزايداً تحت قيادة سياسية مركزية في مظلة حركة تحرير جنوب السودان. باغتيال كبير زعماء دينكا نوك سارعت الحكومة السودانية بعملية تفكيك النظام السياسي المركزي لدينكا نوك. وقضى تطبيق قانون الحكومات المحلية لعام 1971م على معظم نفوذ وتأثير دينكا نوك في ولاية كردفان 88. أبيي وإتفاقية أديس أبابا في عام 1969م قام العقيد جعفر نميري بالاستيلاء على السلطة في السودان بواسطة إنقلاب عسكري. وللمفارقة فتح الإنقلاب العسكري الباب لحل الصراع في السودان عن طريق الوسائل السلمية بدلاً عن الوسائل العسكرية. في 9 يونيو 1969م قام النظام الجديد باصدار "إعلان الحكم الذاتي الإقليمي للمديريات (الولايات) الجنوبية"، مبيناً خطط الحكم الذاتي الإقليمي. هذا الإعلان مهد الطريق أمام "حركة تحرير جنوب السودان" للقيام بالتفاوض مع النظام الجديد، وخلال اسبوعين إثنين من المفاوضات بين حكومة نميري وحركة تحرير جنوب السودان تم ابرام وتوقيع "اتفاقية أديس أبابا" في 27 فبراير 1972م. وتم مناقشة مسألة أبيي بشكل مطول فى محادثات أديس أبابا وأصرت حركة تحرير جنوب السودان على ضم أبيي للإقليم الجنوبي 89 ومن جانب آخر أراد الوفد الحكومي المحافظة على الوضع القائم على أساس أن حركة تحرير جنوب السودان ليس لها الحق في التحدث نيابة عن جميع مواطني أبيي. وتم معالجة هذا الموقف بصيغة توفيقية تم إدارجها في تعريف "مديريات السودان الجنوبية" على النحو التالي: "مديريات بحر الغزال والإستوائية وأعالي النيل حسب حدودها التى كانت قائمة في 1 يناير 1956م والمناطق الحدودية الأخرى التى كانت ثقافياً وجغرافياً جزءاً من إقليم جنوب السودان حسب ما يتم تقريره بواسطة الإستفتاء"90. في هذا السياق تضمنت اتفاقية أديس أبابا بنداً خاصاً بمواطني أبيي والمناطق الحدودية الأخرى يشمل حق الإختيار من خلال الإستفتاء بين البقاء ضمن الشمال أو الإنضمام للجنوب. على أية حال، لم تحدد إتفاقية أديس أبابا أى المناطق التى كانت "ثقافياً" و "جغرافياً "جزءاً من إقليم جنوب السودان ولم يتم تكوين آلية لتحديد هذه المناطق. ومع ذلك كان الهدف الواضح هو إدراج أبيي والمناطق الحدودية الأخرى كمناطق تابعة لإقليم جنوب السودان. بعد تطبيق إتفاقية أديس أبابا وجد بدو العرب أنفسهم يتعاملون مع إداريين جنوبيين وشرطة جنوبية وحتي جنود جنوبيين وتضاعفت تأثيرات هذه التغييرات بإلغاء الإدارة الأهلية في الشمال في عام 1971م مع استمراريتها في الإقليم الجنوبي. واستجابة للواقع الجديد في الجنوب، قام الرئيس نميري بإعلان تكوين قوات المراحيل (القوات المتنقلة) والتى أصبحت مؤخراً قوات الدفاع الشعبي. وهذه القوات تمثل حرساً عسكرياً شبه نظامي وكانت تسافر مع البدو العرب خلال موسم الجفاف لمنع القتال بينهم وبين الدينكا . كانت فكرة تكوين قوات المراحيل رد فعل لظهور قوات تعزيز القانون الجنوبية في المناطق التى يصل إليها الرعاة العرب. في ديسمبر 1972م وفوراً بعد إبرام اتفاقية أديس أبابا قام الرئيس نميري بزيارة أبيي وخلال هذه الزيارة طالب دينكا نوك بإجراء استفتاء فى أبيي حسب ما هو منصوص عليه فى الإتفاقية وتكوين إدارة محلية والحق فى تكوين حرسهم المسلح الخاص بهم. وبرغم حقيقة أن النميري لم يكن مسروراً بالطريقة التى استقبله بها دينكا نوك الغاضبين لكنه وعد بأنه سيعلن عن وضع إداري خاص لأبيي يكون تحت إشراف الرئاسة بشكل مباشر وذلك تعبيراً عن وحدة السودان وقد تجاهل المطلب الخاص بالإستفتاء ومطلب تكوين الحرس المسلح 91. قام الرئيس نميري – عقب زيارته لأبيي - بالوفاء بوعده وأصدر مرسوماً رئاسياً يمنح أبيي وضعاً إدارياً خاصاً تحت الإشراف المباشر للرئاسة. ولكن هذا الإجراء كان دليلاً عن التراجع عن الإلتزام المنصوص عليه فى إتفاقية أديس أبابا والخاص بإجراء استفتاء يحدد الوضع المستقبلي لأبيي. قام الدكتور فرنسيس دينق ابن الزعيم دينق ماجوك بالمساعدة في تأسيس مشروع تنموي في أبيي تموله الولايات المتحدة الأمريكية. وكان هذا المشروع يعني تقديم "خيرات السلام" لدينكا نوك مثل الآخرين في الجنوب، كما كان يعني دعم الوضع الإداري الخاص لأبيي باعتبارها صورة مصغرة من السودان الكبير. تملك المسيرية الاستياء من كسب دينكا نوك حق إدارة منطقتهم ومن المشروع التنموي الذي تموله الولايات المتحدة الأمريكية. في عام 1977م بدأت قوات المراحيل في الهجوم على دينكا نوك. وقد تم قطع الطرق أمام الشاحنات التى تقل المسافرين من دينكا نوك من المجلد – المدينة الرئيسية للمسيرية – الي أبيي وتم سلبها وسرقتها وتم قتل العديد من الناس. في عام 1977م تم قتل مارك ماجيك أبيم الذى كان يقوم بتحضير رسالة الدكتوراه فى جامعة لندن ويقوم بإجراء بحث ميداني حيث قتل ضمن مجموعة تضم حوالي ثمانين شخصاً في حادث واحد 92. في عام 1980م قام أفراد قبيلة المسيرية بشكل مشترك مع قوات المراحيل بشن هجوم كبير على قرى دينكا نوك وقاموا بحرق المنازل وتدمير المحاصيل وسرقة الماشية والقتل عشوائياً وإجبار العديد من الناس على الهرب 93. بعد أحداث 1977م، أرسل الرئيس نميري اللواء الباقر أحمد النائب الأول لزيارة أبيي، وبمجرد وصوله وعد اللواء الباقر بأن يتم إجراء الإستفتاء المنصوص عليه في إتفاقية اديس أبابا. وأدى هذا الوعد مصحوباً بأسباب أخرى إلى إقالة نائب الرئيس. وقد لقى خلفه اللواء أبو القاسم محمد ابراهيم نفس المصير – من بين أسباب أخرى – وذلك بسبب الموقف الذى اتخذه تجاه أبيي. يبدو أن الرئيس نميري كان متعنتا في رفض إجراء الإستفتاء، وقد إدعي بأنه حتى لو أن المادة 3/3 من إتفاقية أديس أبابا كان الهدف منها تضمين أبيي فإن كلمة "يجوز" في استخدامها اللغوي تعطي الحكومة الحرية في إجراء أوعدم إجراء الإستفتاء. مع ذلك قام مواطني أبيي في الفترة من 1973- وحتي 1982م بإرسال العديد من الإلتماسات ناشدوا فيها الحكومة بإجراء الإستفتاء 94. وقد تم تجاهل جميع هذه الإلتماسات وبدلاً عن ذلك ركزت الحكومة السودانية على توطيد الحكم الذاتي. وتم إحضار جستين دينق أقوير – أحد أبناء أبيي – من جوبا وتم تعيينه بصفته "مساعد مفوض" تحت الإشراف المباشر لوزير الحكومات المحلية المركزي. تبنى دينق أقوير عملية إحياء نظام الإدارة المحلية واستطاع القيام بتعيين رجال الشرطة والمدرسين بشكل خاص من بين دينكا نوك، وتم ارجاع المدرسين السابقين الذين تركوا منطقة أبيي بعد "السودنة" مثل لينو وور – المدير السابق لمدرسة أبيي الإبتدائية من بحر الغزال وتم تعيين أفراد الأنيانيا السابقين من منطقة أبيي في الشرطة المحلية. أبيي وإندلاع الحرب الأهلية الثانية لعبت مشكلة أبيي دوراً كبيراً ليس فقط في تدهور العلاقات بين الجنوب والشمال ولكنها أسهمت كذلك بشكل كبير في الحراك السياسي الداخلي في الجنوب. عدم الرضاء عن السيد أبيل ألير أول رئيس للحكومة الإقليمية فيما يتعلق بمعالجته لمشكلة أبيي أدى إلى قيام مثقفي دينكا نوك المقيمين فى جوبا للإنضمام لحركة "رياح التغيير" في عام 1977م، واستهدف هذا الإنضمام جناح السيد أبيل الير ودعم ترشيح قائد الأنيانيا السابق اللواء جوزيف لاقو بأمل أنه سيتحدى الرئيس نميري فيما يتعلق بمسألة أبيي. في انتخابات عام 1978م فاز الدكتور زكريا بول دينق ابن الزعيم دينق ماجوك والرئيس السابق لجبهة تحرير أبيي بمقعد في المجلس الإقليمي لجنوب السودان ومن ثم تم تعيينه نائب رئيس المجلس 95. أجاز المجلس قررا ضم أبيي للإقليم الجنوبي وفشل الرئيس الجديد المنتخب في رفع القرار للرئيس نميري. في وسط صراع السلطة في الجنوب تم سحب الثقة من رئيس الحكومة الإقليمية اللواء جوزيف لاقو في عام 1980م وبالمقابل تم فصل رئيس المجلس السيد كلمنت أمبورو ونائب رئيس المجلس السيد زكريا بول ورائد المجلس السيد فيلب أكوت وكذلك بعض الوزراء وهذا الصراع السياسي أعطي الرئيس نميري المبرر في فبراير 1980م للقيام بحل المجلس الإقليمي وإقالة حكومة اللواء جوزيف لاقو وتكوين لجنة فنية عليا برئاسة السيد أبيل ألير للإشراف على الإنتخابات الإقليمية. في إنتخابات أبريل 1980م قام مثقفوا أبيي - يترأسهم الدكتور زكريا بول الذي فاز مرة أخرى بمقعد في المجلس الإقليمي – بدعم السيد أبيل ألير لرئاسة الحكومة الإقليمية. وقد شعروا بالخذلان من طرف اللواء جوزف لاقو الذى فشل في رفع قرار ضم أبيي للجنوب للحكومة المركزية حسب وعده عند الترشيح لانتخابات الحكومة الإقليمية في عام 1978م. فاز السيد أبيل ألير فوزاً كاسحاً في الإنتخابات وقام بتشكيل الحكومة التى ضمت الدكتور زكريا بول وزيراً للصحة وهو أول شخصية من دينكا نوك يصبح وزيراً في الحكومة الإقليمية. قام المجلس الإقليمي الجديد – بتأثير واضح من الدكتور زكريا بول – بإجازة قرار ضم أبيي للاقٌليم الجنوبي وطلب من رئيس الحكومة الإقليمية الجديد رفع القرار للحكومة المركزية للتنفيذ. كان السيد أبيل ألير أكثر صلابة هذه المرة ولكن الرئيس نميري استجاب هذه المرة بإقالة الحكومة الإقليمية والمجلس الإقليمي فى أكتوبر 1981م وقام بتعيين اللواء قسم الله عبدالله رصاص للإشراف على عملية إفراغ اتفاقية أديس أبابا من محتواها وإعادة تقسيم الجنوب إلى عدة أقاليم. رغم ذلك أدت إتفاقية أديس أبابا الى التمتع بعقد من السلام النسبي وقد تم إجهاض بنودها تدريجياً بواسطة الرئيس نميري فى 5 يونيو 1983م 96. من بين العوامل التى أسهمت في فشل الإتفاقية إنعدام التمويل من الحكومة المركزية وتصرفات الحكومة المركزية عند إكتشاف البترول في الجنوب وإعادة تقسيم الإقليم الجنوبي وفشل الحكومة المركزية في الوفاء بالبند الخاص بالاستفتاء المرتبط بضم أبيي والمناطق الحدودية الأخري للإقليم الجنوبي 97. أثار فرض قوانين الشريعة على جميع السودان بما في ذلك الإقليم الجنوبي في سبتمر 1983م غضب وسخط الجنوبيين بشكل كبير. تم إنشاء جبهة تحرير أبيي فى عام 1978م بواسطة دينق ألور وجيمس أجينق وأروب مادوت وإدوارد لينو وكول دينق آلاك برئاسة الدكتور زكريا بول دينق 98. كان أهم أهدافها تكوين قيادة موحدة لأبيي والعمل لإجراء الإستفتاء وجمع الأموال والموارد لشراء الأسلحة للدفاع الذاتي عن أبيي والتأثير على القيادة الجنوبية لأجل دعم قضية أبيي 99. نتج تكوين جبهة تحرير أبيي من إجتماع تم عقده بين مثقفي دينكا نوك المقيمين فى جوبا و السيد أبيل ألير رئيس الحكومة الإقليمية فى ذلك الوقت بعد تدمير وتخريب منطقة أبيي في عام 1977م. في ذلك الإجتماع أوضح السيد أبيل الير وبشكل جلي (حسب رأيه) أن مشكلة أبيي مشكلة غير قابلة للحل وإذا لم يكونوا يقظين فإن مصير أهل أبيي سيكون مثل مصير الفلسطينيين وإن الإنضمام لكردفان أفضل من الإبادة 100. وبحسب قول أروب مادوت كان هذا هو السبب الذى أدى لقيام مثقفي دينكا نوك فى جوبا بتكوين جبهة تحرير أبيي والعمل مع "حركة رياح التغيير" لأجل إسقاط السيد أبيل الير. لقد تم تكوين حركة تحرير أبيي للدفاع عن دينكا نوك من اعتداءات المسيرية وقوات المراحيل. في عام 1981م تم الهجوم على مجموعة من مثقفي وزعماء دينكا نوك الذين كانوا مجتمعين في مناسبة اجتماعية في مدينة أبيي بواسطة القوات الحكومية وتم قتل ألور أروب الذى كان يعمل مدرساً فى مدرسة ابتدائية وهرب كبار الموظفين و كذلك كول دينق كبير زعماء دينكا نوك إلى بحر الغزال. بعد هذا الحادث تم تكوين أنيانيا – 2 بأبيي بواسطة ميوكول دينق بدعم ومساندة حركة تحرير أبيي. قام ميوكول دينق بقيادة قوة من أبيي إلى منطقة دينكا تويك وبدأ مع دينكا ملوال والأنيانيا - 2 تدريباً محلياً مكثفاً. قامت قوات أنيانيا – 2 بأبيي بشن هجوم على أرياث وهي محطة لسكة الحديد التي تربط الشمال والجنوب في أوائل عام 1983م وهذه الحادثة هزت العاصمة الخرطوم. تم مساعدة ميوكول في هذه العملية بواسطة عدة طلاب منهم بينق دينق وكان طالب هندسة يدرس في جامعة الخرطوم وباقات أجويك وكان جندياً مقيماً في جوبا استطاع تهريب الأسلحة إلي أبيي. ولعب ميوكول وباقات دوراً كبيراً في توحيد مختلف جماعات الأنيانيا - 2 في بحر الغزال. ويقدر بأن ميوكول دينق أحضر حوالي عشرة ألف (10,000) مقاتل لجيش/الحركة الشعبية لتحرير السودان الناشئة وقتئذٍ في مقر رئاستها في بيلبام وقد توفي العديد من شباب أبيي في الطريق الى مقر رئاسة الجيش الشعبي لتحرير السودان. ولدى مخاطبته مواطني أبيي أشاد الدكتور جون قرنق بالدور المهم الذى لعبه ميوكول دينق 101. إلى جانب قوات الأنيانيا -2 التى كونها ميوكول دينق في أبيي وبحر الغزال قامت مجموعات من الطلاب والمثقفين من منطقة أبيي بالذهاب إلى بيلبام في أوائل عام 1982م وكان من بين أوائل المجموعات التى ذهبت إلى هناك كول أنيل ابن أنيل كول الذي أغتيل بواسطة القوات الحكومية في عام 1969م في مدينة أبيي. حفزت إعتقالات قادة أبيي في أوائل عام 1983م المزيد من طلاب ومثقفي أبيي للإنضمام للأنيانيا -2. بعد تمرد بور في مايو 1983م قام بعض الطلاب من جامعة الخرطوم وجامعة جوبا وبعض المثقفين القياديين من أبيي والمقيمين في الجنوب والخرطوم بالذهاب إلي أثيوبيا والإنضمام للحركة الشعبية لتحرير السودان. كان من بين هؤلاء المثقفين من أبيي دينق ألور وكان يعمل دبلوماسياً في وزارة الخارجية القومية في الخرطوم وشول دينق وهو مسئول كبير في الحكومة الإقليمية ومادينق دينق أبوت وهو خريج جديد من جامعة جوبا. عقب هذه التطورات في منطقة أبيي وتكوين أنيانيا – 2 بأبيي قامت الحكومة السودانية في أوائل عام 1983م بإعتقال مجموعة من مثقفي أبيي وكبار المسئولين من أبيي العاملين في الحكومة الإقليمية 102. وتم إعتقال حوالي 50 مثقف وزعيم قبلي وقائد سياسي بما فيهم قائدهم الدكتور زكريا دينق في كل من ملكال وواو وجوبا والخرطوم وأبيي. وتمت دفعة أخرى من الإعتقالات لمثقفي دينكا نوك في عام 1984م شجعت مجموعات أخرى من مواطني أبيي للإنضمام للجيش الشعبي لتحرير السودان. وبحسب ماوصن فإن هذه التطورات أدت الى مشاركة مجموعات كبيرة من دينكا نوك في عضوية الجيش الشعبي لتحرير السودان 103. خاتمة شكل تحويل إدارة دينكا نوك وأراضيهم لولاية كردفان في عام 1905م بداية الجدل المحموم المتعلق بمستقبل وضع أبيي. تشكلت أزمة أبيي - بإعتبارها وحدة سياسية – بسبب صراع السلطة بين دينكا نوك وعلاقاتهم مع المسيرية وبديناميكيات الحراك الكبير للصراع بين المركز (الخرطوم) وجنوب السودان. ساعد قرار قادة وزعماء دينكا نوك في القرن العشرين برفض نقلهم إلى الجنوب بشكل غير مباشر في حماية منطقتهم حتى صدور قرار ترسيم الحدود بواسطة المحكمة الدولية الدائمة للتحكيم في عام 2009م الذي شمل أراضيهم شمال نهر كير/بحر العرب. لقد أوضح هذا المقال أن مشكلة أبيي اكتسبت أهمية سياسية ليس فقط بسبب العنف المتكرر من الحكومة أو من عملاء يعملون لصالح الحكومة ولكن كذلك بسبب الكفاح المشترك لمواطني أبيي لمحاربة القهر والظلم. أتاحت العلاقات بين دينكا نوك والمسيرية بروز فرص وتحديات شكلت مسار العنف السياسي فى منطقة أبيي. رغم أن المسيرية ارتكبوا أعمال عنف متعددة في منطقة أبيي بأمر مختلف الأنظمة التى حكمت السودان فإن العلاقات بين القبيلتين كانت أكثر تعيقداً من هذا الأمر: قام زعماء دينكا نوك بتبني استراتيجيات دفاعية وكذلك إقامة علاقات طيبة مع المسيرية. ساعد إقامة العلاقات الطيبة مع المسيرية دينكا نوك في البقاء وتجاوز الحملات الكثيفة لتجارة الرقيق خلال الحكم التركي وفوضى الدولة المهدية وتغاضي الحكم الإنجليزي المصري عن حملات تجارة الرقيق في بداية أيامه والعقود اللاحقة من سوء إدارة أنظمة الصفوة الشمالية بعد الإستقلال. لقد اثرت العمليات العنيفة والمتكررة لتغيير السلطة بواسطة مختلف الأنظمة المتعاقبة في السودان على العلاقات بين دينكا نوك وجيرانهم المسيرية ومع ذلك استطاع دينكا نوك وزعماءهم الإحتفاظ بعلاقات طيبة مع الأنظمة المتعاقبة التى حكمت السودان وعلى الأقل حتى وصول نيران الحرب الأهلية الأولى إلى منطقة أبيي في ستينيات القرن الماضي. مع أن دولة جنوب السودان الوليدة وجمهورية السودان قد بذلتا جهوداً حثيثة لتطبيع علاقاتهما فإن تاريخ النزاع حول أبيي يستلزم أن تعتمد العلاقات السلمية بين البلدين على حل مشكلة أبيي. لقد أسهمت المشاركة الفعالة لمواطني أبيي في الحرب الأهلية الأولي في تشكيل هوية الإقليم الجنوبي، وأسهم إندلاع العنف السياسي في أبيي في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي في اشتعال الحرب الأهلية الثانية التى أدت إلى تحقيق الجنوب لهدفه السياسي وهو الإستقلال وحصول مواطني أبيي على وعود رسمية للقيام بإجراء الإستفتاء لتحديد الوضع النهائي لأبيي. لقد تم تأمين وتثبيت حقوق مواطني أبيي في أراضيهم من خلال عملية التحكيم الدولية ولكن لم يتم بعد حل الوضع السياسي النهائي لأبيي. إن نتيجة الإستفتاء الذى تم إجراؤه في أبيي فى أكتوبر 2013م تضع دولة جنوب السودان ودولة السودان والإتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي أمام خيارين فقط: أما قبول نتيجة الإستفتاء التي أظهرت بشكل كبير تفضيل مواطني أبيي للإنضمام لدولة جنوب السودان أو إجراء استفتاء جديد – لاحاجة له – على أساس مقترح الإتحاد الأفريقي. وإلى حين حل الوضع السياسي النهائي لأبيي ستظل أبيي في موضع جدال حامي الوطيس. تنويه وشكر وتقدير تم تقديم نسخة أولية من هذا المقال للمؤتمر الخاص بـ"الصراعات حول الدول الناشئة في أفريقيا" في جامعة درم المنعقد في الفترة من 9 إلى 11 مايو 2013م. ويود المؤلف أن يشكر السيد دوجلاس أتش. جونسون والسيد أويستين أتش. رولاندسن ومنسوبي معهد الوادي المتصدع والدكتور فرنسيس دينق الممثل الدائم لدولة جنوب السودان في الأمم المتحدة لتعليقاتهم البناءة وإطلاعهم على المسودات الأولية للمقال. ويعرب المؤلف عن تقديره للدعم الذي تلقاه من مركز أبحاث النرويج من خلال المشروع رقم 21349/إف 10"ديناميكيات إنهيار الدولة والعنف" والذى أداره مركز أبحاث السلام بأوسلو.
الملاحظات والحواشي
1. دينق، فرنسيس: " الرجل المسمي دينق ماجوك". 2. جونسون: "لماذا تكون أبيي مهمة؟"، جونسون:"السودان الجديد"، دينق، لوكا: "الثروة الإجتماعية" وماوصن:"حملات المراحيل". 3. جونسون: "السودان الجديد". 4. سودان تربيون،" الإتحاد الأفريقي يدعم استفتاء أبيي ويعطي مهلة بمدة ستة أسابيع للوصول إلى صفقة" – 25 أكتوبر 2012م. (:http //http://http://www.sudantribune.com/spip.php?article44335www.sudantribune.com/spip.php?article44335. 5. البي بي سي، مواطني أبيي يختارون جنوب السودان، 31 أكتوبر 2013م. (world-africa-24761524http://www.bbc.co.uk/news/http://www.bbc.co.uk/news/) 6. سودان تربيون،"الإتحاد الأفريقي يقول استفتاء أبيي "غير شرعي" – 28 أكتوبر 2012م. (http://www.sudantribune.com/spip.php?article48603)،http://www.sudantribune.com/spip.php?article48603)، سودان تربيون،"السودان يرفض نتائج استفتاء دينكا نوك حول مستقبل أبيي" – 31 أكتوبر 2012م. (http://www.sudantribune.com/spip.php?article48645http://www.sudantribune.com/spip.php?article48645) 7. هيومان رايتس ووتش، "السودان: يوقف إنتهاكات أبيي ويحمل القوات المسئولية" – 26 مايو 2011م. (http://www.hrw.org/news/2011/05/26/sudan-stop-abyei-abuses-hold-forces-accountablehttp://www.hrw.org/news/2011/05/26/sudan-stop-abyei-abuses-hold-forces-accountable) 8. ماوصن:"حملات المراحيل" و جونسون: "لماذا تكون أبيي مهمة؟". 9. سودان تربيون:"سالفا كير يتهم السودان بقتل زعيم أبيي لإيقاف إجراء الإستفتاء – 9 مايو 2013م. (http://www.sudantribune.com/spip.php?article46516http://www.sudantribune.com/spip.php?article46516) 10. استبس آند موريصن:" دينكا الغرب: أرضهم وزراعتهم" الصفحة: 251 -265، وبزويك: "دينكا نوك" – الصفحة 147. 11. سانتاندريا: "اللاو". 12. المرجع السابق. 13. صباح: "التركيبة القبلية". 14. هندرسون: "ترحال المسيرية" الصفحة 58. 15. بزويك: "دينكا نوك" – الصفحة 148 16. المرجع السابق الصفحة 157 وهوويل"مذكرات بخصوص دينكا نوك" اصفحة 239 -293. 17. بزويك: "دينكا نوك" – الصفحة 145 18. المرجع السابق، الصفحة 146. 19. المرجع السابق، الصفحة 148. 20. المرجع السابق، الصفحة 149. 21. هندرسون: "ترحال المسيرية" الصفحة 55 - 63. 22. المرجع السابق، الصفحة 55 -63. 23. بزويك: "دينكا نوك" – الصفحة 151. 24. صالح: "عقيدة الدينكا" ". 25. جونسون: "لماذا تكون أبيي مهمة"، الصفحة 151-152. 26. بزويك: "دينكا نوك" – الصفحة 153 27. دينق، فرنسيس: "الرجل المسمي دينق ماجوك".الصفحة -46. 28. جونسون: "لماذا تكون أبيي مهمة"، الصفحة 153. 29. المرجع السابق، الصفحة 154. 30. مقابلة مع رينج ماكواك- جوبا – دولة جنوب السودان يوليو 2014. 31. المرجع السابق. 32. دينق، فرنسيس: "الرجل المسمي دينق ماجوك" الصفحة -47. 33. جونسون: "مذكرات موجزة عن أبيي". 34. المرجع السابق. 35. هندرسون: "ترحال المسيرية" الصفحة -69. 36. المرجع السابق، الصفحة 69 -70. 37. حكومة السودان: التقرير الإستخباراتي و جونسون: "مذكرات موجزة عن أبيي". 38. دينق، فرنسيس: "أفارقة من عالمين"، الصفحة - 138. 39. بزويك:"دينكا نوك" – الصفحة 155 40. المرجع السابق، الصفحة 156. 41. دالي: "إمبراطورية على النيل". 42. حكومة السودان: "التقرير الإستخباراتي". 43. بزويك :"دينكا نوك" – الصفحة 156 44. دينق، فرنسيس: "الرجل المسمي دينق ماجوك". 45. بزويك:"دينكا نوك" – الصفحة 157و هولت آند دالي: "تاريخ"، الصفحة - 96. 46. حكومة السودان:"التقرير الإستخباراتي" – الصفحة – 135 مايو 1929م (كما ورد أيضاَ في بزويك: "دينكا نوك" – الصفحة 157). 47. دينق، فرنسيس: "الرجل المسمي دينق ماجوك". 48. جونسون: "مذكرات موجزة عن أبيي". 49. بزويك:"دينكا نوك" – الصفحة 158. 50. المرجع السابق الصفحة 159. 51. دينق، فرنسيس: "الرجل المسمي دينق ماجوك"، الصفحة – 130. 52. المرجع السابق. 53. دار الوثائق القومية: الخرطوم (لاحقاً د وق) الرقم دبليو كيه دي/66 أيي. 5 ، بي هوق:" مستقبل دينكا نوك" خطاب صادر من محافظ مركز غرب كردفان وموجه لحاكم كردفان، 1951م. 54. حكومة السودان:" تقرير الإدارة". 55. دينق، فرنسيس: "الرجل المسمي دينق ماجوك". 56. المرجع السابق. 57. المرجع السابق الصفحة 225. 58. المرجع السابق الصفحة 224 -226. 59. المرجع السابق. 60. المرجع السابق الصفحة 227. 61. جونسون: "مذكرات موجزة عن أبيي". 62. دينق، فرنسيس: ”الرجل المسمي دينق ماجوك"، الصفحة 223 -228. 63. حكومة السودان:"تقرير الإدارة"، الصفحة 158. 64. مقابلة مع جستين دينق، 30 مارس 2013م، كوجوك، "جنوب السودان". كان دينق أحد الشباب الذى أخذ الخطاب من الإدارة الإستعمارية. 65. جون قرنق:" خطاب موجه لمواطني أبيي" ورد في افتتاحية: كيف يرى الدكتور جون قرنق أن تكون أبيي؟" سودان ميرور، 26 يناير 2007م. 66. غردون، تشارلس:" السودان على مفترق الطرق" 67. ألير، أبيل: "جنوب السودان". 68. جونسون: "مذكرات موجزة عن أبيي". 69. حكومة السودان: "تقرير لجنة تقصى الحقائق" . 70. مقابلة مع مانو كول، 30 مارس 2013م، واو، جنوب السودان. 71. جونسون: "مذكرات موجزة عن أبيي". 72. دينق، فرنسيس: "الرجل المسمي دينق ماجوك"، الصفحة 23 -24 و 43 -45. 73. المرجع السابق الصفحة 238. 74. المرجع السابق. 75. دينق، فرنسيس:"السودان الجديد". 76. بزويك ،"دينكا نوك" – الصفحة 162 77. مقابلة مع جستين دينق، 30 مارس 2013م، كوجوك، جنوب السودان و رولاندسن:"تكوين الأنيانيا". 78. مقابلة مع دودول نيانج، أبريل 2013، أبيي، جنوب السودان. 79. مقابلة مع دومنيك كول، أبريل 2013، واو، جنوب السودان. 80. المرجع السابق. 81. ألير، أبيل: "جنوب السودان". 82. مقابلة مع دومنيك كول، أبريل 2013، واو، جنوب السودان. 83. مقابلة مع ماناو كول، أبريل 2013، واو، جنوب السودان. 84. أروب مادوت- أروب:"نشأة الوعي السياسي". 85. مقابلة مع دومنيك كول، أبريل 2013، واو، جنوب السودان. 86. مقابلة مع جستين دينق، 30 مارس 2013م، كوجوك، جنوب السودان. 87. جونسون: "مذكرات موجزة عن أبيي". 88. بزويك ،"دينكا نوك" – الصفحة 162 89. ألير، أبيل: "جنوب السودان" الصفحة 117 و118، وجونسون:"الأسباب الرئيسية"، الصفحة 44. 90. مسودة الدستور القومي الخاص بتنظيم الحكم الذاتي الإقليمي في ولايات جنوب السودان"، إتفاقية أديس أبابا"، المادة 3/3 مع إضافة بعض الإيضاح. 91. مقابلة مع رينج أروب، أكتوبر 2013م، جوبا، جنوب السودان. قام أروب بإلقاء خطاب نيابة عن مواطني أبيي خلال زيارة الرئيس نميري لأبيي في عام 1972م. 92. أروب مادوت- أروب:"طريق السلام المؤلم"، الصفحة 63 -66. 93. دينق، فرنسيس:"صراع الرؤى". 94. واكوصن:"سياسات الحكم الذاتي لجنوب السودان". 95. أروب مادوت- أروب:"نشأة الوعي السياسي". 96. غردون، تشارلس:" السودان على مفترق الطرق" 97. ألير، أبل: "جنوب السودان". 98. أروب مادوت- أروب:"نشأة الوعي السياسي". 99. مقابلة مع زكريا بول دينق، سبتمبر 2013م ، برمنجهام، المملكة المتحدة. 100. مقابلة مع أروب مادوت، أكتوبر 2013م ، أوكسفورد، المملكة المتحدة. 101. جون قرنق:" خطاب موجه لمواطني أبيي" ورد في افتتاحية: كيف يرى الدكتور جون قرنق أن تكون أبيي؟" سودان ميرور، 26 يناير 2007م. 102. دينق، فرنسيس:"صراع الرؤى". 103. ماوصن: "حملات المراحيل"، الصفحة 137 -149.
المراجع:
1. ألير، أبيل: "جنوب السودان: التمادي فى نقض المواثيق والعهود"، اكستر، مطبعة إيتاشا، 1992. 2. أروب مادوت- أروب:"طريق السلام المؤلم: القصة الكاملة لنشأة وتطور الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان"، تشارلستون، أس سي: مطبعة بوك سيرح، 2006م. 3. أروب مادوت- أروب:"نشأة الوعي السياسي فى جنوب السودان"، تشارلستون، أس سي: أروب مادوت - أروب، 2012م. 4. بزويك، إستيفاني:"دينكا نوك: قيام وخراب الدولة النيلية الأولى في جنوب غرب كردفان" ورد في" "غزو كردفان: ضم الهامش والتحول الإجتماعي فى أفريقيا المسلمة"، تحرير أندريه ستينسن وميشيل كيفان، الصفحة 145 – 164، ليدن:أي. جيه, بريل – 1998. 5. دالي، إم. دبليو: "إمبراطورية على النيل: السودان الإنجليزي المصري 1898 -1934م"، كمبريدج، مطبعة جامعة كمبريدج، 1987م 6. دينق، فرنسيس:"أفارقة من عالمين: الدينكا في السودان الأفريقي العربي"، نيوهيفن ولندن: جامعة مطبعة ييل 1987م 7. دينق، فرنسيس:"الرجل المسمي دينق ماجوك: السيرة الذاتية في السلطة وتعدد الزوجات والتغيير"، نيوهيفن ولندن: جامعة مطبعة ييل، 1986م. 8. دينق، فرنسيس:"السودان الجديد فى طور التكوين: مقالات عن أمة في طريق البحث المؤلم عن نفسها"، ترينتون، إن جيه: مطبعة البحر الأحمر، 2009م. 9. دينق، فرنسيس:"صراع الرؤى: نزاع الهويات في السودان" واشنطن، دي سي: بروكنجز،مطبعة إنستتيوشن، 1995م. 10. دينق، لوكا:"الثروة القومية والحرب الأهلية: مجتمعات الدينكا خلال الحرب الأهلية في السودان"، شئون أفريقية الصفحة – 109، رقم 435 (2010): 231 – 250 دي أو أي: (10.1093/afraf/adq001). 11. حكومة السودان: "التقرير الإستخباراتي – الصفحة – 110" : الخرطوم: حكومة السودان، 1903م. 12. حكومة السودان: "تقرير عن الإدارة في عام 1950/1951م" : الخرطوم: ماكوركووديل وشركاه (السودان)، 1955م. 13. حكومة السودان: "تقرير لجنة تقصي الحقائق في أحداث جنوب السودان خلال شهر أغسطس 1955م"، الخرطوم ، المطبعة الحكومية، 1956م. 14. حكومة السودان: "إتفاقية أديس أبابا بخصوص مشكلة جنوب السودان"، أديس أبابا، المطبعة الحكومية، 1972م. 15. غردون، تشارلس:" السودان على مفترق الطرق"، ويسبيش: مطبعة دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 1984م. 16. هندرسون، كيه. دي. دي. : "مذكرات حول ترحال قبائل المسيرية في جنوب غرب كردفان"، السودان: "مذكرات ومدونات" الصفحة -22، رقم 1(1939م): الصفحات 49 -77. 17. هولت، بيتر ام. و مارتن دبليو. دالي: "تاريخ السودان منذ مجيء الإسلام وحتي يومنا الحاضر"، هارلو ونيويورك: لونجمان، 2010م. 18. هاويل، بي. بي:"مذكرات حول دينكا نوك المقيمين بغرب كردفان"، السودان: "مذكرات ومدونات" الصفحة -32، رقم 2 (1951م): الصفحات 239 -293. 19. جونسون، دوغلاس اتش.: "مذكرات موجزة عن أبيي"، ورقة بحثية غير مطبوعة، أوكسفورد، 2002م.(نسخة في حيازة الكاتب). 20. جونسون، دوغلاس اتش.: "الأسباب الرئيسية للحروب الأهلية في السودان: سلام أم هدنة"، طبعة معادة، أكسفورد: جيمس كيوري، 2011م. 21. جونسون، دوغلاس اتش.: "السودان الجديد أم جنوب السودان؟ المعاني المزدوجة لتقرير المصير فى اتفاقية السلام الشامل السودانية"، "الحروب الأهلية – الصفحة 15، رقم 2(2013) 141 – 156 دي أو أي: (10.1080/13698249.2013.817850). 22. جونسون، دوغلاس اتش.:"لماذا تكون أبيي مهمة: الحد الفاصل في اتفاقية السلام السامل السودانية؟"، شئون أفريقية الصفحة – 107، رقم 426 (2008): 1 – 19 دي أو أي: (10.1093/afraf/adm070). 23. ماوصن، أندرو ان. إم: "حملات المراحيل على الدينكا 1985 – 1989م"، الكوارث الصفحة 15 الرقم 2 (1991): 137 -149، دي أو أي: (10.1111/j.1467-7717.1991.tb00443.x). 24. رولاندصن، أويستن اتش.:"تكوين الأنيانيا: تمرد في جنوب السودان 1961-1964م"، مجلة دراسات شرق أفريقيا، الصفحة 5، رقم 2 (2011): 211 – 232 دي أو أي: (10.1080/17531055.2011.571386.). 25. صباح، محمد أ. أ.: "التركيبة القبلية لدينكا نوك المقيمين في ولاية جنوب كردفان"، ورقة عمل بحثية، مركز أبحاث التنمية، كلية الإقتصاد والدراسات الإجتماعية، جامعة الخرطوم ، 1978م. 26. صالح م.أ. محمد: "عقيدة الدينكا والحركة الشعبية لتحرير السودان" ورد فى كتاب الأعراق والصراعات في القرن الأفريقي، تحرير كانسويشي فوكوي وجون ماركاكيس، الصفحة 187-201، أكسفورد، جيمس كوري، 1994م. 27. سانتاندريا، استيفانو:"لاو بحر الغزال (السودان)": مذكرات تاريخية، الصفحة 23، بولونا: اديتريس نيجريتزا، 1968م. 28. استبس جيه. إم وحيه إم موريصن: "دينكا الغرب: أرضهم وزراعتهم"، السودان: مذكرات ومدونات، الصفحة 21، رقم 2(1938م): الصفحات 251-265. 29. واكوصن، الياس ان.:"سياسات الحكم الذاتي لجنوب السودان 1972-1983م"، ورد في "الحرب الأهلية في السودان" تحرير أم. دبليو. دالي و أحمد أ. سكينجا، الصفحة 27-50، لندن، مطبعة أكادميك برس، 1993.
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- عوامل فشل وساطة الإيقاد في مفاوضات أطراف النزاع في دولة جنوب السودان بقلم: الدكتور/لوكا بيونج دينق 03-22-15, 06:08 AM, غانم سليمان غانم
- ثم ماذا بعد انهيار مفاوضات أطراف النزاع في دولة جنوب السودان بقلم: الدكتور/لوكا بيونج دينق ترجمة: غ 03-14-15, 02:43 PM, غانم سليمان غانم
- سنار كما في شهر مايو 1701م: من يوميات الرحالة والمبشر النصراني الألماني ثيودورو كرومب 03-10-15, 06:34 PM, غانم سليمان غانم
- مستحقات تطبيع العلاقات السودانية الأمريكية: هل سيدفع نظام الإنقاذ الثمن الباهظ؟ بقلم غانم سليمان غ 02-25-15, 05:23 AM, غانم سليمان غانم
- داعش تتراجع القهقرى: التنظيم الإرهابي يكافح من أجل التماسك وعدم الإنهيار بقلم: ميشيل برجنت وروبن س 02-19-15, 01:19 PM, غانم سليمان غانم
- أقوى جيوش العالم:ترتيب الجيوش العالمية والأفريقية ومقارنة بين قوة الجيش السوداني وجيش جنوب السودان 01-28-15, 05:18 AM, غانم سليمان غانم
- أفضال اليونان (الإغريق) على أهل السودان بقلم: إيفانجيليا إن. جورجتسوياني* ترجمة (بتصرف): غانم سليم 11-18-14, 06:29 PM, غانم سليمان غانم
- بوكو حرام: حرام عليكم، بحق الله ورسول الله ارجعوا لنا بناتنا بقلم : غانم سليمان غانم 05-10-14, 01:28 PM, غانم سليمان غانم
- الشراكة الصينية الأفريقية: أثيوبيا أهم شريك استراتيجي للصين فى القرن الأفريقي بقلم غانم سليمان غا 05-07-14, 06:01 AM, غانم سليمان غانم
- حقوق الثقافات والقوميات السودانية: إمتيازات الهيمنة ومرارات التهميش بقلم : غانم سليمان غانم 04-30-14, 05:18 AM, غانم سليمان غانم
- مستقبل علاقات الصين مع الاتحاد الأوروبي: استشراف الرئيس الصينى الحكيم تشى جينبينغ 04-16-14, 02:00 PM, غانم سليمان غانم
- رأي فى الاقتصاد السياسي: وكالة للتخطيط الاقتصادي أم وزراة ومجلس قومي للتخطيط الاقتصادى والتنمية الق 01-31-14, 06:50 PM, غانم سليمان غانم
- مصر والمصريون: الخيار الصعب بين الديمقراطية الليبرالية والديكتاتورية الناعمة بقلم :غانم سليمان غانم 01-21-14, 06:11 AM, غانم سليمان غانم
- تحديات توظيف الشباب الأفريقي: مشروع مارشال أفريقي لمكافحة البطالة بقلم: الأستاذ/ توني أو. إلوميلو* 01-14-14, 04:54 PM, غانم سليمان غانم
- نيران الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان من أجدر منا بالوساطة بقلم : غانم سليمان غانم 01-04-14, 09:18 PM, غانم سليمان غانم
- الرئيس المعلم أوباما يؤبن الزعيم الراحل ماديبا (نلسون مانديلا) ترجمة*: غانم سليمان غانم 12-12-13, 03:55 PM, غانم سليمان غانم
- الأصل الأفريقي للحضارة: وهم أم حقيقة؟ تأليف: الشيخ أنتا ديوب عرض وتقديم:غانم سليمان غانم 12-08-13, 06:01 PM, غانم سليمان غانم
- الحزب الشيوعي الصينى: جن ولا شنو يا رفاق: خارطة طريق الاصلاحات بقلم: غانم سليمان غانم 11-21-13, 05:18 PM, غانم سليمان غانم
|
|
|
|
|
|