:: صديقنا علي الدويد، الكاريكاتيرسيت الرائع، من ذوي الخيال الخصب والفكرة المدهشة..شاهد ذات ليلة مسؤؤلاً يعد الناس - عبر التلفاز - بمكافحة الفقر..ولم يعجبه حديث المسؤول، ولم يصدق وعده، فرسمه جالساً على مكتبه الأنيق ومتحدثاً للمذيع بالوعد القائل : ( ونحسب أننا بنهاية هذا العام سوف نقضي على الفقر أو الفقراء)، أو هكذا أنقذ الدويد ذاك المسؤول من قيود الوعد ..أي، إن لم ينجح في القضاء على الفقر خلال العام، فالقضاء على الفقراء - خلال عام أو أسبوع - ليس بحاجة إلى عبقرية في أزمنة الحرب والفقر ..!! :: ويبدو أن وزارة الرعاية الإجتماعية - حين عجزت عن القضاء على الفقر- قضت على الفقراء ..فالتصريحات الصادرة - بصحف الأمس - عن إبراهيم آدم، وزير الرعاية الإجتماعية، بحاجة إلى لحظة تأمل وبعض النقاش .. يقول سيادته : ( لقد تدنت نسبة الفقر في البلاد إلى 28%، عما كانت عليها في العام الماضي 46%).. وهذا يعني أن هناك نهضة إقتصادية قد أخرجت ما نسبته (18%) من دائرة الفقر خلال (عام واحد فقط لاغير) .. لتبقى الأسئلة، هل قرأ وزير الرعاية الإجتماعية بعض علوم الإقتصاد؟، أو هل يعرف بعض أبجديات هذه العلوم؟.. نشك في ذلك، إذ هذه النسبة لا تحققها - خلال عام - حتى الدول التي معدل نموها الإقتصادي خمسة أضعاف معدل نمو إقتصاد بلادنا..!! :: إقتصادياً- وليس من وحي أحلام اليقظة - لاتوجد دولة قادرة على إخراج تلك النسبة - 18% - من شعبها من دائرة الفقر خلال ( سنة واحدة)..ولا الدول الناهضة نهضت بهذه السرعة التي لا توجد إلا في خيال وزارة الرعاية الإجتماعية .. عفواً، ربما أمطرت السماء ذهباً ودولاراً في بعض مناطق السودان التي يعرفها الجهاز المركزي للإحصاء، أي الجهة التي مدت وزارة الرعاية بهذه النسبة (18%).. وصدقت الوزارة تلك النسبة ثم صرحت بها وكأن رؤوس الناس محض عظام (بلا أمخاخ ).. وما لم يكن قد قضى الجهاز المركزي على بعض الفقراء بغير علم القانون، فأن الأزمة الإقتصادية لتي تمر بها البلاد - منذ إنفصال الجنوب - لم تخرج الفقراء من دائرة الفقر إلا إلى المشافي ثم المقابر ..!! :: ما هي المعجزة التي حدثت خلال هذا العام بحيث تتدنى نسبة الفقر من (46%) إلى (28%).؟..هل إنخفض سعر الدولار من ( 16 جنيه) إلى ( 4 جنيهات)، أم تصاعد من هذا السعر إلى ذاك؟.. وهل صدرنا من البترول ضعف صادر ما قبل الإنفصال؟..(لا)، لقد تقزم الصادر لحد الإستيراد لتغطية الإستهلاك ..هل أنتجنا وصدرنا من الزرع ما يوازي عجز صادر بترول ما قبل الإنفصال؟..(لا)، فلا تزال فواتير إستيراد القمح والدقيق ترهق كاهل (الدول المانحة).. !! :: وهاهي السفن الأمريكية تعود إلى ميناء بورتسودان - يوم الأثنين الفائت - بالإغاثة، ويستقبلها والي البحر الأحمر بلسان حال قائل ( هل من مزيد؟).. لا يوجد أي عامل إقتصادي ساهم في تخفيض نسبة الفقر إلى (28%)..وعليه، فلترفع وزارة المالية الدعم عن القمح والكهرباء والوقود، ثم تفرض بعض الرسوم على الخدمات، ليكون تقرير العام القادم : ( بفضل الله قد نجحنا في القضاء على الفقراء بنسبة 100%)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة