|
( صينية الغداء ) بقلم الطاهر ساتي
|
10:22 PM Jul, 02 2015 سودانيز اون لاين الطاهر ساتي -الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
:: قبل الثانية بربع الساعة، تنتهي الحصة الأخيرة.. ونخرج أفواجاً من المدرسة، ونلتقي في منتصف الطريق إلى البيت بشقيقاتنا اللائي خرجن أفواجاً من مدرستهن في ذات التوقيت..وندخل سوياً إلى بيوتنا، وبظل الجدار الذي شكل مستطيلاً بطول المنزل، تعرف ست الحبايب بأن أبنائها لم يتأخروا في هذا اليوم ، أي لم يلعبوا في الطريق أو يشغلهم شاغل عن موعد الوصول ..بظل الجدار فقط لاغير، كانت ست الحبايب تترقب موعد دخولنا إلى البيت..!! :: ثم تنبهنا إلى وضع ملابس المدرسة بعد طيها - وأحذيتها - في مكانها، وأن نصلي الظهر، ثم نغلق باب الغرفة ونستلقي على أسٍرتنا لحين ( النداء).. ثم تدخل المطبخ، وتكون قد إطمأنت على صلاتنا وراحتنا .. فنشتم رائحة الطبيخ ونجوع، ونشتهي الأكل..ثم نسترق السمع بفارغ الصبر، لا أكل قبل وصول الوالد في موعده أيضاً.. ونعرف هذا الموعد بمساحة أخرى لذات الظل المستطيل أيضاً.. وبوصوله يصدر صخباً محبباً : ( الأولاد جو من المدرسة؟، صلوا؟، إرتاحوا شوية؟، يلا جهزي الغدا)، فترفع ست الحبايب تقريرها عن أبنائها..وتستلم منه البطيخ أو ( كيس الفواكه)..!! :: وننتظر النداء، وكان النداء حبيباً إلى النفس، فينادي أحدهما : ( يلا يا أولاد الغداء )، فنتسابق في الخروج.. ونفرش البرش، وبجواره على المنضدة قوارير المياه، والإبريق والصابون في ذاك الظل بالحوش..ونجلس، فيأتي الوالد وننهض ونسلم عليه وكأن كان على سفر، ثم ننتظر وقوفاً لحين جلوسه، ثم نجلس بعده.. ( تعال شيل الصينية)، إنها ست الحبايب، أعدت طبق اليوم في الموعد أيضاً.. والموعد بذات الظل المستطيل أيضاً .. فيذهب أحدنا ويأتي بالصينية، وست الحبايب تحمل (ثيرموس الشاي).. ومع الأكل، يبدأ المنتدى العائلي ..!! :: ( إدوكم شنو الليلة؟)، سؤال عام، ومن الأكبر سناً نبدأ في سرد جدول الحصص..فيقاطع أحدنا : ( شد حيلك شوية في الرياضيات دي، درجتك فيها ما كنت زي أخواتها)، ثم يقرب إلى أحدنا صحناً بعيداً، مع التنبيه : ( أكل من الرز ده، وأمبارح شايفك مساهر ولمبتك مولعة قريب للصباح)، فيرافع هذا : ( لا والله ما ساهرت، بس نمت وخليتها مولعة)، فتبتسم ست الحبايب، ولكنها لا تتستر على جريمة السهر : ( وكمان نسيت تقفل الردايو؟)، فنضحك ليعيد الوالد تحذيره : ( سهرات الإذاعة دي بعد الإمتحانات)، ويصبح التحذير قراراً.. !! :: عادت صينية الغداء إلى المطبخ، لتخرج أطباق البطيخ، ولا يزال المنتدى العائلي يناقش (برنامج اليوم)..(أبوي الليلة عندي تمرين)، ( أبوي الليلة حفلة ناس حمزة، ولدهم بيقرأ معانا وعزمني)، ( أبوي ما تنسى انت وعدتني بهدية لو خليت البحر لحد الإجازة)، فتتدخل ست الحبايب بتنظيم النقاش و ترتيب المطالب، وتطرح الحلول الوسطى : ( امشي التمرين، ولو رجعت بعد المغرب ح يكون آخر تمرين ليك)، (انا ذاتي معزومة العرس، وتمشي وترجع معاي حجل بالرجل)، و.. والوالد يستمع، ويسأل، ويناقش، ويضحك ونضحك..وننهض، ويكون المنتدى العائلي قد ناقش تفاصيل (برنامج اليوم)..عندما غابت صينية الغداء ومنتداها العائلي، حلت محلها مواسم هجرة الأبناء والبنات إلى داعش بغير علم ( الأب و الأم)..!!
أحدث المقالات
- جداريات رمضانية (10) بقلم عماد البليك 07-01-15, 02:16 PM, عماد البليك
- ذكرى عملية العنف المسلح 1989 (1) لماذا لا تحكم الجبهة القومية الاسلامية.. وماذا بعد حكمها..!! عرض:م 07-01-15, 02:14 PM, محمد علي خوجلي
- حتى لا نصبح كلنا داعشيون الجهاد ليس أصل قى الاسلام بقلم عصام جزولي 07-01-15, 02:13 PM, عصام جزولي
- أطربتني أغنيات أستاذنا الكابلي في اغاني وأغاني بقلم صلاح الباشا 07-01-15, 02:11 PM, صلاح الباشا
- الظل المتسكع نص شعري (من وحي عمل تشكيلي وحفريات أخري) بقلم الحاج خليفة جودة - سنجة 07-01-15, 02:10 PM, الحاج خليفة جودة
- اخر مناصب الرئيس وماذا بعد..؟؟!! بقلم سميح خلف 07-01-15, 02:08 PM, سميح خلف
- ربع قرن.. بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 07-01-15, 11:28 AM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- جرائِمْ الكراهِيّة والعُنف المُعرقنْ – الجُرح الغائِر فِى قلُوب الملايين – الطُغيان والإضْطهاد والقه 07-01-15, 11:25 AM, حماد سند الكرتى
- دعوة بنسودا باعتقال البشير وآخرين تضع مصداقية مجلس الأمن على المحك بقلم الصادق حمدين 07-01-15, 11:23 AM, الصادق حمدين
- ... حديث الترابى حياة مابعد الموت ... وجدلية الروح والجسد ( 2 ) بقلم ياسر قطيه 07-01-15, 11:21 AM, ياسر قطيه
- د.الترابي انها بلادنا وليست ارض (شفتة )!! بقلم حيدر احمد خيرالله 07-01-15, 11:19 AM, حيدر احمد خيرالله
- الإعلان هو الذى يقتل أوّلاً، أمّا الرصاصات، ففيما بعد !. بقلم فيصل الباقر 07-01-15, 01:31 AM, فيصل الباقر
- للوصول بسفينة السودان إلى بر الحل الديمقراطي بقلم نورالدين مدني 07-01-15, 01:21 AM, نور الدين مدني
- اِنهيار الدبلوماسية في السودان بين .. الهروب والدموع بقلم عبدو حماد 07-01-15, 01:18 AM, مقالات سودانيزاونلاين
|
|
|
|
|
|