:: و صار في بلادنا، سيان من يأتي ثائراً الى السُلطة المركزية من المناطق الموصوفة - سياسيا - بمناطق الهامش، ومن كان - ولايزال - سلطاناً في المسمى بالمركز..وكذلك، صدقاً من عاشر قوماً أربعين يوماً صار منهم أو فر منهم ..ومن واقع الحال الصحي ببعض ولايات دارفور، يبدو أن وزير الصحة المركزية - وكذلك نواب دارفور بالبرلمان - صاروا منهم، أي من أهل المركز المغضوب عليهم سياسياً.. حمى الضنك بدارفور تحصد الأرواح وتؤرق المضاجع، وكل هؤلاء في نعيم الخرطوم صامتون ..!! :: منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، تهمس الصحف ومواقع التواصل وتجهر منظمة الصحة العالمية بهذه الحمى التي تكتوي بها مناطق بوسط وغرب دارفور..ولكن كالعهد بها وبنهج الدولة في إدمان سياسة (أم غومتي)، ظلت وزارة الصحة الإتحادية صامتة، وكأن موت البعض ومرض البعض الآخر لا يعنيها..وكذلك حال الذين يمثلون بأهل تلك المناطق في البرلمان..نعم، يمثلون بهم ولا يمثلونهم كما يزعمون، ولو كانوا كذلك لصرًحوا وصرخوا وإستدعوا وزير الصحة، ولكنهم لم - ولن - يفعلوا .. !! :: وأخيرا، أي بعد أسابيع من المرض والموت، تزيح وزارة الصحة بحياء - على لسان وزيرها ووكيلها - الستار عن سوء نهجها وتقول : ( نتيجة الفحوصات المعملية أثبتت وجود مرض حمى الضنك في غرب دارفور ووسط دارفور وليست الحمى النزفية، ولا تأثير لها على الاقتصاد في السودان، وتم إرسال فرق اتحادية للتقصي وتوفير الأدوية ومتابعة الأوضاع)..صادر المواشي و دولاره أكبر همهم وليس الإنسان مريضاً كان أو ميتاُ، ولذلك تحرص الوزارة بمثل هذا التصريح على نفي النزفية وتأكيد الضنك، ثم التقليل من أمر الضنك القاتل أيضاً.. أكثر من ثلاثة أسابيع، وحالات وفيات وإصابات تتجاوز المائة، ولم يتفقد الوزير تلك المناطق ولا الوكيل، ولم يسأل البرلمان.. بما أنها ليست نزفية تعطل صادر الماشية، فلا بأس بأن يمرض الإنسان أو يموت ، أو هذا لسان حالهم ..!! :: وهكذا دائماً مقابر القضايا أهل الريف في دهاليز السلطات المركزية.. وما كان على بحر أبوقردة نواب تلك المناطق بالبرلمان أن يقتدوا بهذا النهج الذي يتنافى مع قيم العدالة المساوة والتحرير والشفافية وغيرها من شعارات ما قبل إتفاق الدوحة و الإنتخابات وآداء القسم..فالإنفعال بقضايا الناس وأزماتهم وأمراضهم هو بداية العلاج لأية قضية أو أزمة أو مرض - صحياً كان أو سياسياً - وليس (الدغمسة) و( اللامبالاة).. سكونهم - في المناصب المركزية - يعكس بأن مآسي حمى الضنك لاتعنيهم، ولو لا الصحف والمنظمة لما حدثتهم أنفسهم بالحديث عن حمى الضنك..!! :: والى يومنا هذا، لم تحدثهم أنفسهم بتشكيل (غرف طوارئ)، ولم تحدثهم أنفسهم بمخاطبة البرلمان بالحقائق، بل ولم تحدثهم أنفسهم بزيارة تلك المناطق وتفقد المرضى ومواساة أسر الضحايا..من الخرطوم، ومن المباني المجاورة النيل، ينصحهم الوزير باستخدام الناموسيات وردم البرك لمواجهة الباعوض الناقل للمرض، وكذلك يفعل الوكيل.. ولم - ولن - يذهبوا بالناموسيات ومعدات ومبيدات مكافحة الباعوض الى حيث المنكوبين، ربماً خوفاً من العدوى أو لأن موت ومرض ( شوية ناس) في أطراف البلد أمر لا يستدعي إرهاق الوزير والوكيل بالسفر..أو ربما يشغلهم - عن تفقد أهل غرب ووسط دارفور - توفير الرعاية الصحية الكاملة لجرحى اليمن وسوريا و فلسطين و.. و..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة