:: وصلاً لزاوية الأمس.. ذات عام، وكانت قضية الساعة هي خلافة الرئيس البشير، وكانت مراكز القوى تطحن بعضها حول الرئيس للفوز بالخلافة، سألت أحدهم بكل وضوح : ( ح تسلموها لنافع علي نافع و لا لعلي عثمان؟)، فصمت قليلاً ثم أجاب : ( ما بالضرورة نافع ولا علي، ح نسلمها لمن يختاره الشعب)، وقبل إعادة السؤال بشكل آخر بحيث لا تكون الإجابة دبلوماسية، باغتني بالنص : ( لو حركتنا في ليلة 30 يونيو فشلت، تفتكر موقف الجبهة الإسلامية كان ح يكون كيف؟)، فأجبت بأنها كانت سوف تصدر بياناً يستنكر الإنقلاب ثم تطالب بمحاكمتكم مثل كل الأحزاب، وربما تزايد على الأحزاب بإعدامكم بلا محاكمة، ثم ( ثطلع زي الشعرة من العجين)، فابتسم بلا تعليق ..!! :: ورغم أن بعض شيوخ ورموز الحركة الإسلامية يرسمون لأنفسهم أدواراً بطولية في تخطيط وتنفيذ حركة تلك الليلة (30 يونيو 1989)، إلا أن الحقيقة التي ظهرت هي أن هؤلاء الشيوخ والرموز ظلوا على مسافة بعيدة جداً عن مواقع الحدث، ثم ترقبوا ما قد يحدث.. ثم تبنوا نجاح التخطيط والتنفيذ، ثم ركبوا نجاحاً ليس لهم فيه غير جهد الإنتظار.. ولو فشلت حركة تلك الليلة، لكان رئيس و أعضاء مجلس قيادة الثورة في أعداد الموتى أوالسجناء، ولظل شيوخ و رموز الحركة الإسلامية في ( أمن وأمان)، وربما نسبوها لحزب الأمة أو الشيوعي .. وهكذا السياسة، إذ هي تختلف عن الجندية بحيث أنها ( لعبة قذرة)..فالجنود يحمون ظهور بعضهم عند الوغى، بيد أن الساسة يطعنون ( ظهوربعضهم) في معاركهم السياسية ..!! :: والمهم .. كل هذا محض خواطر أمام مشاهد تعكس نوايا المؤتمر الوطني ورغبته في تشكيل حكومة ما بعد الحوار الوطني .. فالحكاية القديمة تقول أن أحدهم جاء من الريف بابنته ليلحقها باحدى الجامعات، وكانت تلك زيارته الأولى لعاصمة البلد، فهو من المرابطين بالقرية..وخرجنا ذات صباح في إطار برنامج سياحي ليعرف بعض ملامح ومعالم الخرطوم، وساقته خطى القدر إلى السوق العربي ساعة الذروة وزحامها، فسأل ابنته : ( الناس ديل بالليل بينوموا وين؟)،فأجابت : (في بيوتهم)، فوضح السؤال : ( لا قصدي الحكومة بتكفيهم عناقريب وسراير كيف و من وين؟)..فالمسكين لايعلم أن هذا الزحام هو من يوفر المرقد الوثير لسادة الحكومة..!! :: وعندما يتلكأ المؤتمر الوطني في تقديم التنازل الحقيقي بحيث تستوعب سلطة البلد الآخرين، وعندما يمارس هذا الحزب نهج المراوغة بإضافة الآخرين على البرلمان و الوزارات دون أن تخصم الإضافة من نصيبه (نائبا برلمانيا أو وزيراً)، فهنا يصبح السؤال : ( كيف الحكومة ح تكفيهم مكاتب وعربات ومرتبات وحوافز ونثريات؟)..عفواً، فالشعب - وليس الحكومة - هو من يوفر تكاليف الفيلق الحكومي الذي يسعى اليه المؤتمر الوطني..!! ::قائمة النواب والوزراء في بلادنا أطول من حبل صبر الشعب، وهذا يُرهق المواطن و يهدر موارد البلد.. وليس تنازلا إضافة نواب إلى نواب و وزراء إلى وزرء، أو هذا ما يسعى إليه المؤتمر الوطني تحت مسمى (التنازل).. وعليه، فان رئاسة الجمهورية فقط، بكل قوة المؤسسة العسكرية، هي التي عليها تحديد شكل وحجم هذا (التنازل)، بحيث تبدوا للناس والبلاد ملامح مرحلة ( ح نسلمها لمن يختاره الشعب)، بكل وضوح ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة