|
(ورطة بالجد)! ضياء الدين بلال
|
[email protected]
تكثر أخطاء المدافعين في كرة القدم، حينما يشتد عليهم الضغط، وتتكاثف الهجمات من كل حدب وصوب. الضغط المتواصل، يجعل المدافعين أكبر خطر يهدد المرمى، أكثر من هجوم الخصم. صديقنا فوزي بشرى، له مقولة رائعة في تصوير ذلك الخطر: (تحت الضغط والمساومات، كل حارس ينطوي على خطورة ما.. الخطورة من طبيعة الحراس، حين يحولون البنادق إلى الأهداف التي أوكلوا بحراستها). ما قاله وكيل الخارجية السفير عبد الله الأزرق لرويترز والبي بي سي، من نوع الأخطاء التي يصعب تصحيحها وتلافي آثارها. (دعك من مريم وأبرار والأزرق). لا رويترز ولا البي بي سي بكل إرثهما في تحرير وتمحيص الأخبار، من الممكن أن تضحيا بمصداقيَّتيهما من أجل أهم خبر في العالم، وهو قيام الساعة، ووقوع الواقعة. لا لأنهما تتمتعان بالصدق المطلق والنزاهة الكاملة، ولكن لإيمانهما بأن المصداقية صمام وجودهما، ومصدر تأثيرهما على الجمهور. الإسرائيليون -بخبث- ينصحون ناشئة الإعلام: (المصداقية ثم المصداقية، فهي شبكة اصطياد الجمهور حتى ولو كانوا من الأعداء). ما إن أعلن نفي الخبر في الخرطوم من قبل الناطق الرسمي بالخارجية، حتى قامت البي بي سي بتنزيل التسجيل الصوتي على موقعها الإلكتروني. فعلت ذلك على طريقة الأستاذ/ طلحة الشفيع: (اسمع واتفرج يا سلام)!. ذات الشيء فعلته الحياة اللندنية، في خبر الوزير علي كرتي، عن منصات الصواريخ الإيرانية قبالة السعودية: (نفي ورقي مقابل تسجيل صوتي)!. المؤسسات الإعلامية الكبرى، تدافع عن مصداقيتها بشراسة ولؤم. الخبر الذي نشر في رويترز والبي بي سي، جاء بذات المحتوى في الزميلة الانتباهة، منسوباً لمصدر مجهول!. (قرار وشيك بالإفراج عن أبرار المرتدة خلال أيام). الانتباهة دعمت خبرها بتصريح الوكيل المنشور في الوكالات العالمية. لن أجزم أن المصدر المجهول هو نفسه الوكيل المعلوم، رغم أنني أرجح ذلك لعدة أسباب... لا داعي لذكرها. لكن... تفسيري لما حدث هو الآتي: الأزرق بلندن في رحلته الاستشفائية، وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه. حملات إعلامية ضارية، تحركات دبلوماسية محمومة، الأنباء تتحدث عن مطالبات بإغلاق السفارات السودانية في كل دول أوروبا، وطرد السفراء.
فكر الوكيل وقدر... فكان خياره -تحت الحصار والضغط- إرجاع الكرة إلى الخلف، فإذا بها تسكن الشباك. تصريح وكيل الخارجية السفير عبد الله الأزرق -غير القابل للنفي- حقق ما ترغب فيه الدعاية المعادية للحكومة السودانية. وهو تصوير ما صدر في حق أبرار من حكم بالإعدام، باعتباره قراراً سياسياً قابلاً للمراجعة تحت الضغط. للأسف أن تصريح الوكيل صوَّر القضية في أسوأ صورها: (الساسة يقررون والقضاة ينفذون)!.
رغم أن كل المعطيات تقول إن ذلك غير صحيح تماماً. لا علاقة للسياسيين بقرار المحكمة، بل هم أشقى الناس به. قضية أبرار قضية قانونية بالدرجة الأولى، ولكنها تمت في محاكم الدرجة الثانية. ستثبت أول مراحل الاستئناف ما بالحكم من ثغرات وثقوب، تسللت من خلالها إلى جسد الوطن، كل أنواع الحشرات الضارة. وسينتبه السياسيون إلى ضرورة إجراء تعديلات ضرورية وملحة، للقانون الجنائي الذي مضى عليه ربع قرن من الزمان. خاصة المادة 126 المتعلقة بالردة. أخطر ما في تصريح الوكيل، أنه وضع القضية أمام سيناريوهيْن لا ثالث لهما: الأول/ إذا شطبت محكمة الاستئناف القضيةَ أو عدلت الحكم، اعتبر ذلك تنفيذاً للقرار السياسي. الثاني/ إذا أقرت الحكم، استمرت الأزمة وتفاقمت آثارها. أخيراً: ألم أقل لكم من قبل، إننا أكثر خطراً على أنفسنا من أعدائنا، بما نفعل وما نقول؟!. :::
|
|
|
|
|
|