|
(نحن أخطر من الأعداء)! ضياء الدين بلال
|
[email protected]
حسين خوجلي له براعة في الحكي والسرد. حتى إذا لم تتفق معه، تجد نفسك معجباً بطريقته في التعبير عن ما يرى. كنت في الطريق إلى الصحيفة مساء الأمس، وكان مؤشر المذياع على موعد مع إذاعة المساء. كشكول من المواضيع المتنوعة، يتناولها حسين في برنامجه التلفزيوني المنقول على إذاعة المساء (مع حسين).
كان الحديث عن قضية أبرار أو مريم المحكومة بالإعدام. حسين اعتبر ما يحدث مؤامرة خبيثة على سمعة الإسلام والسودان.
تفسيرالأستاذ/ حسين خوجلي أن قضية أبرار أو مريم ما هي إلى مؤامرة مصنوعة، سقطنا في فخاخها على عمى وجهل. لا أتفق مع هذا التفسير. عدم اتفاقي لا لأنني لا أؤمن بنظرية المؤامرة، أو لحسن ظني بالأعداء. عدم اتفاقي لقناعتي الشخصية بأننا أخطر على أنفسنا من أعدائنا!. أخطر بما نفعل وما نقول. أخطر بصمْتنا على الأخطاء، خوفاً من الوقوع في دوائر الاشتباه في الاعتقاد والموقف والولاء. أروع الأهداف هي التي ندخلها في أنفسنا على طريقة لاعب الهلال أتير توماس. ما تلحقه بنا النيران الصديقة من أضرار، لا تحققه نيران العدو. (نحن ضحايا أنفسنا، الآخرون مجرد حجة). الصورة هي التي تحرك العالم اليوم، لا القوانين ولا التصريحات. الصورة في عالم اليوم أقوى من أي منطق وبيان: صورة صقر ينتظر احتضار طفل ليهجم على جثته، كانت أقوى من كل إحصائيات الموت والمجاعات في أفريقيا. صورة الشهيد محمد الدرة، وهو يقتل في حضن والده، هزمت كل القصائد والأشعار وبيانات الشجب والتنديد. صورة معز بتلفزيون السودان، وهو يأكل الموز من إحدى العربات المحترقة، في الهجوم على أم درمان، كانت تعني للجماهير أن المعركة انتهت، وأن الذراع الطويلة قد قطعت. صورة الراعي السوداني، وهو يشير بإصبعه إلى السماء في مواجهة إغراء المال، كانت أكبر انتصار لكرامة وأمانة السودانيين.
قضية أبرار تحولت إلى صورة. أبرار الكافرة المرتدة المستحقة للإعدام، وفقاً للقانون الجنائي لعام 1991، على منطوق المادة 126. هي الآن في عالم الصورة وفضاء الأسافير، بطلة استثنائية، تدافع عن قناعتها إلى حد الموت. تبتسم في مواجهة حكم الإعدام.. هل هناك دعاية للمسيحية أفضل من التي تقدمها هذه الصورة: امرأة حامل لزوج مشلول، لها طفل صغير تلتقطه الكاميرا وهو يبكي، يجتمع عليها القضاء ورجال الدين، حتى تغير معتقدها الديني، وهي ترفض كل ذلك ولو كان جزاؤها الموت شنقاً. واسمها مريم.. صورة درامية دعائية، تعجز عن إنتاجها شركات هوليود. لا أعتقد أن هناك صورة أو قصة يمكن استخدامها ضد الإسلام والحد من انتشاره في العالم مثل هذه القصة. الضرر الذي لحق بالإسلام جراء أفعال حكومة طالبان في أفغانستان، وبوكو حرام في نيجيريا، لم تلحقه حروب التتار. حروب التتار أحرقت الكتب والمكتبات، وقتلت المسلمين، واغتصبت المسلمات، ولكنها لم تستطع تشويه صورة الإسلام. بل العكس... مع الأيام تحول الغزاة إلى دعاة.
مولانا الشيخ جلال الدين المراد، وهو يتحدث في برنامج (حتى تكتمل الصورة)، ألمح إلى أنه غير مقتنع بالطريقة التي تمت بها الاستتابة.
24 دقيقة داخل قفص في قاعة مزدحمة بالحضور، لا يمكن أن تكون مناسبة لإقناع أيِّ شخص بتغيير لون قميصه دعك من دينه!. عدد مقدر من الفقهاء والقانونيين، تحدثوا عن وجود ثغرات في الحكم، ورجحوا أن تنقض المحاكم العليا قرار محكمة الحاج يوسف.. ولكن.. إلى أن يحدث ذلك، سيكون ما لحق بصورة السودان من أضرار وتشوهات، أكبر من كل محاولات الإصلاح والترميم. ألم أقل إننا أخطر على أنفسنا من أعدائنا!. :::
|
|
|
|
|
|