عندما كنا تلاميذَ في مدرسة مصنع سكر الجنيد الابتدائية.. وكنا نسكن في الحي الذي خصص لموظفي المصنع.. لا تزال ذاكرتي تحفظ منظر والدي– رحمه الله- وكان موظفاً في المصنع.. في عصر كل يوم.. يخرج مرتدياً "شورت" أبيض، وقميصا أبيض، ويحمل في يده (مضرب كرة التنس).. ويذهب مع مجموعة من زملائه إلى ملعب كرة التنس الذي أقامته إدارة المصنع في أجمل موقع بالحي. حتى اليوم ما زلنا نحتفظ بثلاثة كؤوس حصل عليها الوالد في مسابقات "التنس" التي كانت تقام- آنذاك. تعلم والدي لعب التنس في مدينة "الفاشر".. وظل يمارس هذه الهواية طوال سنوات إقامتنا في دارفور.. في مدينة الجنينة، ثم نيالا.. كان يمارس هذه اللعبة قبل ميلادي.. وأين؟ ليس في الخرطوم- هنا- في العاصمة.. بل في مدن دارفور الكبرى، ثم في مدينة الجنيد بالجزيرة، وأخيراً في مصنع سكر حلفا الجديدة!. تعلَّم والدي– رحمه الله- لعبة التنس في دارفور في أربعينيات القرن الماضي.. لهذا يدهشني للغاية ما قاله نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن أمس في لقائه مع قيادات النازحين بمدينة "زالنجي" بدارفور.. قال (وبتاع كرة التنس عاوز يقودنا بالإشارة).. ويقصد السيد الصادق المهدي. ما هي المذمة في هذه اللعبة العالمية الشهيرة؟، التي كان للسودان فيها أبطال لا تزال أسماؤهم محفورة في ذاكرة النجومية على مستوى القارة الأفريقية، أمثال خالد طلعت فريد، وآخرون.. وقبل سنوات قليلة نالت فتاة سودانية بطولة أفريقية في التنس، وهي من أسرة فقيرة تعمل في حراسة نادي التنس بالخرطوم. التنس ليست بدعة حديثة عهد في السودان.. ونادي التنس بالخرطوم من أقدم وأعرق الأندية السودانية.. وهي ليست لعبة ارستقراطية خاصة بطبقة مترفة.. فوالدي تعلمها ومارسها في مدن دارفور قبل أكثر من ثمانين عاماً.. فما الذي يجعلها اليوم "وصمة" تستحق أن يذم بها سياسي سوداني محترم؟، ويوصف بأنه (بتاع التنس)!. تمنيت لو أصدر اتحاد كرة التنس بياناً يوضح بالأرقام عدد من يمارسون هذه اللعبة الآن في نادي التنس بالخرطوم، ومن أي المستويات الاجتماعية والاقتصادية ينحدرون.. كلهم من أبناء السودان الحاملين لهموم المعيشة، وكدر الحياة.. لكنهم يدركون أن الرياضة، ولعبة التنس ليست جاهاً محسوباً لأبناء المترفين.. بل هي لعبة بسيطة وسهلة المطلوبات.. وتمتاز بأنها لكل الأعمار.. فليس فيها سن معاش. وليت اتحاد التنس يوجه دعوة كريمة إلى السيد حسبو عبد الرحمن لزيارة نادي التنس؛ ليرى بنفسه.. أن أعداداً كبيرة من محبي هذه اللعبة الممتعة أصابهم رزاز ما قال بلا أدنى ذنب لهم سوى أنهم يعشقون هذا الضرب من الرياضة. السيد نائب الرئيس.. ما هو وجه المذمة في لعب السيد الصادق المهدي لكرة "التنس"؟، وإن كان للدولة رأي في هذه اللعبة لماذا لا تصدر أمراً بإغلاق نادي التنس، والاستفادة من المساحة الهائلة التي يشغلها في أجمل موقع بالعاصمة؟.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة