|
(الفضيحة والسترة)! ضياء الدين بلال
|
[email protected] -1- أُغلقت صحيفة (الصيحة)، ووزير الاعلام يهدد بإغلاق مزيد من الصحف! قال ذلك والشرر يتطاير من عينيه، وسيفه يقطر دماً! الوزير يريد للصحافة أن تسير تحت ظل الحيط وألا تُدخل يدها في الاطعمة الساخنة، (وأن تمشي على العجين وما تلخبطوش). وزير الإعلام يريد لكل الصحف أن تخشى على نفسها من مصير الثور الابيض الغارق في دمه! -2- صحيح بالإمكان تسجيل بعض الملاحظات على تناول الزميلة صحيفة الصيحة لبعض القضايا ولكن ذلك لا يبرر أن تغلق بتلك الطريقة!
كان بإمكان المحاكم أن تقول كلمتها في ما تنشر (الصيحة) من قضايا وموضوعات، تُبرأ الصحيفة أو تدان. لا مانع من انشاء محاكم خاصة بالصحافة ولا مانع من تطبيق عقوبات صارمة على المخطئين. كل هذا أفضل للدولة وسمعتها وللصحافة ومهنيتها من الاجراءات الاستثنائية. على الصحافة أن تتحمل كامل مسؤوليتها في ما تنشر، وأن تدفع فواتير أخطائها ولكن عبر نوافذ القانون. -3-
قد لا يدرك متخذ قرار ايقاف (الصيحة) وقع وتفسير القرار لدى الرأي العام. أقرب تفسير تجده في مجالس المدن والأرياف هو أن الحكومة ضاقت ذرعاً بالحريات التي منحتها، وأنها تريد بتلك الخطوة توفير حماية للذين أثيرت حولهم شبهات الفساد وللذين لم يصلهم رأس السوط بعد. تغييب الصحيفة بتلك الطريقة سيكسبها تعاطف قطاعات واسعة من المتابعين. الايقاف التعسفي سيعطي مصداقية لكل القضايا التي طرحتها وموثوقية لكل الاتهامات التي صدرت منها في حق مسؤولين حتى ولو كان بعضها خاطئا. -4-
الاتهامات لن تتوقف، ستجد مساحات واسعة في الأسافير وستختلط الأكاذيب بالحقائق بالشائعات دون مسؤولية قانونية للناشرين. لا نزال نكرر:
الصحافة الحرة القادرة على الحصول على المعلومات والوصول الى المسؤولين والتواصل مع الجماهير تمثل أحد مكونات الجهاز المناعي للدولة في مواجهة البكتيريا التي تستغل غياب الضوء وغبش الرؤية ورخاوة الانتباه لإلحاق أكبر الأضرار بجهاز الدولة وبنية المجتمع في مقابل كسب مغانم ذاتية محضة. من المهم جداً أن تتجاوز الحكومة تصور أن الصحافة تمثل ملاذات آمنة لأعدائها، ومكمن مخاطر مقبلة، فهذا التصور سيصبح المحدد الدائم للتعامل معها بصورة فيها كثير من العدوانية . إضعاف الصحافة عبر التعسف أو الإجراءات الاستثنائية لا يحقق مصلحة الدولة، بل هو خطر عليها. يجب ألا ينجح البعض في تسويق مخاوفهم من الصحافة من أن ترفع الأغطية عن بعض ما يفعلون، أن ينجحوا في تسويق تلك المخاوف لجهاز الدولة ليخوض المعركة نيابةً عنهم! -5- الصحافة السودانية في كل القضايا المفصلية الوطنية كانت أول المعينين في تجاوز الأزمات وتحقيق الانتصارات. الخطأ الأكبر الذي ظَلّت تقع فيه الإنقاذ ، أن تجاوزات منسوبيها - في كل مستويات إدارة شأن السلطة - كانت ترحل (للحساب العام).ولا يسددها المخطئون من حساباتهم الشخصية بالجزاء والعقاب. فقه السترة تحول الى تستر على الفاسدين، كما قال الاستاذ أمين بناني. حديث مُعارضي الإنقاذ وشانئيها المتكرّر عن الفساد والتجاوزات واستخدام ذلك في معركة السياسة، جعل الإنقاذ تتعامل مع هذا الملف بحساسية مفرطة، باعتبار أن كل ما يُقال ما هو إلاّ مُحاولات عدائية لضرب مشروعيتها، بتشويه صورتها أمام الجماهير. -6- في الصين عندما كَثُرَ الحديث عن الفساد ، لم يكن أمام قيادة الحزب سوى أن تطلق أقلام الصحافة لتقوم بتنظيف صفوف الحزب من المفسدين. الحزب نقل ملفات المتجاوزين إلى القضاء لتصدر أحكاما بالإعدام في مُواجهة قيادات نافذة داخل الحزب. المحاسبة كانت في السابق تتم في الغرف التنظيمية المغلقة، ويتحمّل الحزب تسديد الفواتير السياسية نيابةً عن المخطئين! من مصلحة الحكومة والحزب الحاكم أن يجعل كل فرد من عضويته يدفع فواتير أخطائه من حسابه الشخصي لا من الحساب العام! /
|
|
|
|
|
|