|
(الانقاذ) حماقاتٌ مدهشة و أفاعيلٌ طائشة تنحرُ الدين أحمد يوسف حمد النيل
|
(الانقاذ) حماقاتٌ مدهشة و أفاعيلٌ طائشة تنحرُ الدين
أحمد يوسف حمد النيل
الحياة عادة ما تسير ضمن دائرتين , دائرة للخير و دائرة للشر , و المنفذ الاول و الاخير هو من بني البشر , بني آدم الذي حمل الأمانة و لم يشفق على نفسه من حملها. مواصلة لما كتبناه من قبل عن بوادر الشر لدى حركات الاسلام السياسي المعاصرة , و من ضمن هذه الحركات الحركة (الاسلاموية السودانية) و كل تلك الحركات مجتمعة تدين بعقلية تنظيم الاخوان المسلمين العالمي , و الذي ثبت تورطه مع جهات غربية معادية للدين الاسلامي الحق. و المتتبع لهذه الحركة في السودان. يجد ان التركيبة النفسية لدى منظومتها تعتمد الاغتيالات و انتهاك كل محرم , و عدم الاعتراف بشرعية أو قانون. فقد اصاب افراد هذه الحركة داء العظمة , و عندما وجدوا انفسهم منحطين و فاشلين سبوا هذا الشعب الكريم و كالوا عليه الشتائم. ففرضية الارهاب عندهم نتاجها , انهم يحسون بوهم كبير بحيث يفترضون انهم من ينقذ الشعب السوداني بدعواهم الدينية , و هذا ما جعلهم يفترضون انهم لا يخطئون و ان المجتمع السوداني كله لا يعرف الدين , بل معارضة الشعب لهم جعلهم مذعورين , لذا كبرت عندهم بوادر الارهاب تجاه الشعب المغلوب على أمره , فتكبرهم الذي يشبه تكبر ابليس , ما أوردهم هذه المهالك , فالخطأ في منهجهم انهم افترضوا افكارا ثم تبنوها ثم فرضوها على غيرهم و هذا هو اس البلاء و الارهاب, لا احد يتناقش معهم , بل كانوا يأملون من الشعب السوداني ان يخدمهم كالملوك و ان يروهم كالجواري. فهم كما يزعمون انهم شعب الله المختار في الارض.
فالدول الغربية التي تحارب الارهاب هي التي تفرخ الارهاب على يد هؤلاء المشوهين , و هم ليس الا ثلة تقتاد الناس بفعل السلاح و المال , و لا يتورعون من تبني كثير من المبادرات الاجرامية العالمية فقط لتثبيت حكمهم , فقد جعلوا البلاد الآمنة أراضي للويل و الدمار. كما قال أحدهم:
فماذا جنينا من حماقات ثلـــــــــــــة تزيّت بزي الدين في الدين تنحرُ
أفاعيلُ طيش تحتسي الأرض سمها و درب الهدى منها كئيب ٌ مُعـــثَّرُ
فهذا النظام الذي يقوده البشير فاقد ٌ للأهلية و الشرعية الدستورية منذ ليلته الأولى في العام 1989 , عندما جاء بانقلاب عسكري على الحكومة الديمقراطية المنتخبة من قبل الشعب. فقد احالوا السودان الى ساحات للحروب , و كذبوا باسم الدين و لا يزالون. فهم جاءوا منزوعين من الشعب السوداني فلا يشبهونه و لا يمثلون ثقافته و لا تقاليده , فهم يتبعون لتنظيمات عالمية تتلاعب بأموال الشعوب و انفس البشر فيتاجرون بقوت الشعوب و ارواحهم و يتاجرون بالأسلحة. و الخلافات التي تظهر بينهم داخليا و بينهم و بين العالم الخارجي ليس الا تناحر مصالح فردية أو شركات , فهكذا هو ديدن الارهابيين يجعل الله كيدهم في نحورهم.
فهل هذا النظام الغاشم يشبه حياة الناس البسطاء؟ هذا النظام استعلائي متكبر و هذا يبدو من العبارات التي ترد في خطب الساسة و العسكر و الشعبيين من اعلى مستوى من رئيس هذا النظام و مرورا بالوزراء ثم المرتزقة من الشعبيين و التنفيذيين و الصحفيين. فقد اتوا بألفاظ احتار معها الناس , و كان الناس في كل مرة يسمعون فيها تعبيرا شاذا يصمتون و يصبرون و يقولون لعل الله يزيل هذا الحكم من الوجود ,حتى شُبِه لهم بانهم مصلحين عظماء لأن الشعب الذي يسكت عن جرائمهم فهو موافق على تسلطهم عليه , لذا يجدون انهم مصلحون و لكنهم في الحقيقة غير ذلك. يقول الله تعالى:
(و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالو إنما نحن مصلحون. ألا إنهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون. ) الآيات (11-12) من سورة البقرة.
الآن السطحيون في التفكير و الذين تصبح المفاهيم عليهم عصية , يعتمدون على الفكر الارهابي , يضيقون ذرعا ً بالديمقراطية و مفاهيمها , فهي اسلوب حياة قبل ان يكون نمط من انماط الحكم. و لكن هيهات لمن وشحوا تاريخهم بالدماء , ففي الوقت الذي يكرس العالم المتحضر و المتطور مفهوم التطور و العلوم و النجاحات و الطموحات في حياة الطلاب الجامعيين , و هي اخصب مرحلة من حيث التفتق الذهني و المرور نحو تكوين الشخصية. نجدهم يكرسون لحمل الأسلحة البيضاء منها و النارية. فقدرية الجماعات الاسلاموية انها خطت مصيرها بأيادي منظريها. و نهاياتها كنهايات مسرحيات شكسبير التي دائما ما يصنع البطل قدره بنفسه , فهل آن الأوان للجماعات المتأسلمة أن تفيء الى الصواب؟ و تتصالح مع شعوبها , فهذا لا يخدم دعوتها بغض النظر عن صحتها أو فسادها. فهل هم يدعون لإصلاح الحجر و الشجر أم البشر؟ فان كانوا يريدون اصلاح البشر فليعودوا لدين المجتمع السوداني و ثقافته. فدعوتهم مرهونة بمفاتن فكرية خارجية لا تشبه ثقافتنا و لا ديننا الحنيف , لذا كثرت العلل النفسية و الانشقاقات في هذا التنظيم المبطن بكل العلل. و عندما يقف الشعب في طريقه يطأهم كالكلاب , لأن خيالاتهم ترتبط بمفاتن العالم الخارجي. هنالك دلائل كثيرة في الاسلام تدل على مفهوم الوطن بحدوده (العشيرية) و روابط الرحم و اللسان و الانتماء له. فالحدود السياسية الحديثة اصبحت من الواقع فمن باب أولى الانتماء اليها بدلا ً من الخروج الى خارج الحدود و الوقوع في فخ القوميات و التي هي صنيعة (استشراقية) و (تغريبية) ان صح التعبير. فالأولى دم البشر في تلك الرقعة من البلاد التى تدعى السودان , فدم المسلم هنا مقدم على المقدسات الدينية و ان كانت الكعبة المشرفة. فبأي منطق من بعد ذلك يدعوننا؟ و ان كانوا مصلحون فلماذا لا يتبعون سنة الرسول محمد صلى الله عليه و سلم. و صحابته الكرام في نظم الحكم و الادارة و جوهرها العدلي. فالعدل هو اساس الحكم و مخافة الله و الورع هما اساس التدين. فمن بعد ذلك يقنعني بانهم عقلاء ليسو عملاء؟ و من بعد ذلك يقنعني بان علماءهم علماء اتقياء انقياء و ليسو علماء سلطان؟ و من يقنعني بان دعوتهم ليست مفخخة؟
و ان المراقب لحكمهم في السودان طيلة ال24 سنة التي حكموا فيها السودان , يجد انهم لم يخرجوا من طور الشرنقة السياسية. فحكومات السلم و السلام , ان جلست في الحكم فقط ل 10 سنوات فسترى أثر التخطيط و التطور. لم يخرجوا الى طور الاقتصاد أو التعليم أو الصحة يوما ما , فكان العراك سياسيا تنتشر فيه روائح الفساد من كل حدب و صوب , و تنتشر فيه مهالك الجهلاء من عسكر و مدنيين , و تنتشر فيه سراديب المؤامرات , و الكواليس العارية التي تظهر من خلفها مشاهد مكشوفة للعيان , و النية الظاهرية التي تختبئ من ورائها مشاهد الغدر و الخيانة , و ردود الافعال المرتعدة التي تنم عن جبن و خوف كبيرين , كل ذلك يولد من عدم الثقة و احساس سرقة جهد الشعب في سبيل ارساء دعائم الديمقراطية. فالديمقراطية الأمريكية التي جاءت بباراك حسين أوباما ما كان لها ان تأتي برئيس له صبغة دينية ان لم تكن ديمقراطية ناضجة و رغم التحفظات على أوباما. فالديمقراطية التي اتت بمحمد مرسي لا يشوبها شائبة و رغم تحفظاتنا على الاخوان المسلمين الذين لا يصبرون على العيش مع أي مجتمع آخر غيرهم. و لكن تنظيم الاخوان آثر عدم احترام الآخر و رجعوا بمجتمعاتنا الى الوراء الى ما قبل القرن الخامس الميلادي الذي كان فيه الضلال و الجهل و الغواية. فكلمة (بالمعروف) ذكرت في القرآن (20) مرة و هي تعني بما يتعارفه الناس. فكل مشكلة استعصت على الناس يجب ان يحلها العقلاء و الحكماء في المجتمع ان اختلفوا و ذهبوا في كل وادٍ و تفرقت بهم السبل. و لكن التشدد و التزمت هو ما أوردهم المهالك و الخاسر هو الشعب السوداني , لأن قادة الانقاذ يهيمون في وديان الشياطين , و فيهم حماقات ثلة تنحر الدين نحراً. و ما تصريحاتهم اليومية من عسكر و مدنيين بما فيهم حملة الدرجات العلمية العليا , الا دليل دامغ على ذلك , و لكن ينطبق عليهم رأي العرب (فاقد الشيء لا يعطيه) . و لكنهم متى يصحون من غفوتهم و يرشدون بعد غيهم؟
فكل يوم يفقدون فيه وعيهم , عندما خرجت جموع الشعب ثائرة بعد قرارات رفع الدعم عن الوقود , فثارت ثائرتهم و تصرفوا بلا اتزان و وحشية ضد شعب يعتبر بحق الشرع و القانون رعيتهم , ففي هذا الزمان الغريب اصبحت الرعية تأتمن الذئب على غنما و أرواحها و لا تأتمن هؤلاء العسكر فاقدي الرشد و من لف لفهم من اصحاب اللحى و الكروش المكتنزة و علماء السلطان و قضاة الجهل و الظلم على أرواحها و مصالحها. فقد جاء في الاخبار (صحيفة الراكوبة) ان هؤلاء البشر (الأكثر غرابة) و (مثيري الدهشة) الذين يحكمون بلادنا بمنطق البندقية , قد أمنوا هذا الشعب الجريح فعادت قلوبهم الى اقفاصها , و بعدما ظنوا ان (حليمتهم) عادت لعادتها القديمة. قامت عصبة من جهاز الأمن يتفقدون البنايات الشاهقة و الباهظة الثمن. يقال انها أكاديمية الأمن العليا و هو عبارة عن مبنى يتكون من 8 عمائر فخمة , تكلفة هذا المشروع تساوي 130 مليون دولار , و تقوم بتنفيذ هذا المشروع شركة صينية في منطقة سوبا. عليكم ان تتخيلوا هذا المبلغ و هذه المنشأة البوليسية , ماذا يستفيد منها الشعب؟ و هل تدفقت الأموال حتى لا يوجد لها مخرج غير هذا؟ أين المدارس ؟ و أين المستشفيات ؟ و أين الجامعات المتطورة؟ و هل الشعب السوداني اصبح كاللقيط يكتوي بنيران الغربة في محيط لا يعترف بهويته ؟ و في وطنه يرزح تحت نير الكبت و الارهاب من قبل مجموعة منسلخة منه تعاني عقدة الهوية التي اوردتنا مزالق التفرقة و الشتات و الانفصال؟
و لكن الدين الاسلامي دين هداية و سلوك قويم و استقامة , فيا أهل الانقاذ انكم فارقتم هذه الصفات , و وقعتم في معترك الكلام و القول دون الفعل , فلو انه وقر في قلوبكم لصدقتموه بالعمل , فانتم تبيعون أجمل القول بثمن بخس , و تستدعون أقبح العمل بأثمان غالية , فالذي يتطهر عدو لكم , و من غوى و أغوى رفعتموه مكانا عليا . فماذا بعد ذلك انتم فاعلون؟ و ماذا بعد ذلك تنشدون؟ فالعقول السودانية الحرة عصية عليكم , تتبعون خطى الشيطان لتدجينها , و لكنكم لا تستطيعون معاندة الاقدار. فتظهر عليكم هستيريا الرفض , فتتنزل اللعنة لتعجلون بتحريك ألسنتكم بما لذ و طاب من الحديث الممسوخ , و تهرعون الى بيوتكم الحصينة , و الشعب ينام في العراء لا يخشى من شيء الا منكم , فقد استأمن دواب الأرض و زواحفها و حشراتها و لكن لا يستأمنكم على اولادهم و بناته و نسائه, فان اوداجكم تغلي بدم الغيرة و الحسد على شباب السودان النقي الحر الذي استعصى عليكم. لأن ينام الشعب السوداني في احراش الغابات و في ضفاف النيل مستصحبا كل مرعب و مخيف طول حياته خير له من أن ينام ليلة واحدة في قصوركم الزائلة.
|
|
|
|
|
|