(فتحي الضو) يمسح بـ(نافع علي نافع) الأرض !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-16-2024, 00:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الفساد
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-29-2010, 11:00 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(فتحي الضو) يمسح بـ(نافع علي نافع) الأرض !!

    لا نافع إلا وجه الله ... بقلم: فتحي الضَّـو
    الاثنين, 29 مارس 2010 07:45
    [email protected] هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته

    كان ذلك منذ نحو عشرين عاماً أو يزيد. وتحديداً صبيحة يوم الجمعة 30 يونيو 1989 أي اليوم الأول لإنقلاب العُصبة ذوي البأس، ومن منَّا يا صاحٍ ليست له قصة دراماتيكية في ذلك التاريخ البئيس؟ كنت ثالث ثلاثة سودانيين في أسرة صحيفة الوطن الكويتية، تجمع بيننا روابط الصداقة والزمالة والهم الوطني، نعيش في بلد بعثر استقراره الرئيس الضرورة صدام حسين، فقد صحونا في الثاني من أغسطس عام 1990 ووجدنا أنفسنا في المحافظة العراقية رقم 13 عوضاً عن البلد المستقل والمنتمي للأسرة الدولية. وتبعاً لذلك تبعثرنا نحن أيضاً في كل وادٍ، إذ شرَّق صديقنا محمود عابدين، وغرَّب صديقنا الآخر بدر الدين حسن على، ومثلهم كان لنا في بعض بلدان العالم نصيب. وشأننا جميعاً كشأن سائر السودانيين الذين ظلوا يهيمون على وجوههم في رحلة المنافي السرمدية، وكأنهم يكفرون عن ذنوب لا يعرفون خطاياها. على كلٍ هرعنا في ذلك اليوم (التاريخي) نحو مقر الصحيفة ونحن نمني النفس بأن (يكذب الله الشينة) على حد تعبير المثل السوداني الدارج. تحلَّقنا حول طابعات وكالات الأنباء المختلفة، وهي تضخ بهمة عالية أطناناً من أخبار الإنقلاب الذي رُزيء به السودان وشعبه، ونعلم أنه في مثل هذه الظروف دائماً ما تتضاءل الدقة على حساب السبق الصحفي. لهذا لم يكن غريباً أن يختلط الخطأ بالصواب، ويحاذي الكذب الصدق، ويصبح الواقع صنو الخيال. كانت أصوات (التيكرز) تنهمر على رؤوسنا كليلٍ تهاوت كواكبه. ونحن في غمرة إنهماكنا.. نقرأ ونتأفف، نُعلق ونندهش، نُحلل ونستعجب. ثم جمعنا حصيلة صيدنا الذي كدنا أن نتوارى منه خجلاً أمام زملائنا، لولا أن هاجسنا كان تقديم خدمة إعلامية متميزة للقراء في اليوم التالي. وكنا نعلم أن بينهم من كان أكثر تعطشاً منَّا لمعرفة الحقيقة، لكننا لا ندري إن كانت هي ذات الحقيقة التي غابت يومذاك عن عيون الذين انطلت عليهم خدعة العصبة، والتي لم يُزح النقاب عن سيناريوهاتها السمجة.. إلا عندما اختلف اللصان وظهر المسروق بعد نحو عقد كامل من الزمن!

    صحيح أن الكثيرين أنطلت عليهم تلك الحيلة، ولكن ثمة فئة قليلة أدركت مغزاها منذ الساعة صفر. ففي مساء ذلك اليوم طلب مني مدير التحرير الاستاذ الراحل سليمان فليحان أن أقترح له العنوان الرئيس (المانشيت) الذي ستصدر به الصحيفة صباح اليوم التالي. فوضعت أمامه بعد حين ورقة فيها عنوان مقترح (الجبهة الإسلامية تطيح النظام الديمقراطي في السودان) وما أن قرأه حتى جحظت عيناه، ونظر إلي ملياً كأنه يريد أن يتفرس شيئاً لم أدر كنهه، ثم أفتر عن دهشة مخبوءة بين حاجبيه الكَثِيثن، وقال لي بلهجته اللبنانية الجبلية المميزة (شو هيدا يا خيو، إنت عم بترجم بالغيب) فقلت له كأنني كنت أتوقع ما قال: (بالتأكيد لا، وطبعاً ما ذكرته لا وجود له في المادة التي أمامك، ولكنه مبني على وقائع أحداث ما قبل الانقلاب) لم يكن بمقدوره أن يجادلني وهو يعلم إنني من الذين يتابعون هذا الشأن كما يتابع النمل زاده، فأردفت بلغة الواثق من نفسه حتى أُبدِّد الشكّ الذي وجد موقعاً في نفسه.. (الحقيقة قلبي يحدثني يا أستاذ.. بل أنا واثق بمعطيات الواقع) لم ينتظرن أن أسترسل فعقب على الفور جامعاً بين الجد والهزل (شو عم بسوى في ثقتك بعد ما يتخرب بيتي) ومع ذلك صدرت الوطن بذاك العنوان المثير، وزاد عليه فليحان بثلاثة عناوين فرعية لاحتمالات أخرى، تواضعت عليها وكالات الأنباء وكأنها كانت ترياقاً أراد به تبديد استنتاجاتي الواثقة. ومع ذلك لم ينقطع سيل تلفونات القراء في اليوم التالي، بعضهم يريد التأكد، وبعضهم يزيد القصيدة كفراً ببيت شعرٍ لم يرد في احتمالاتنا، وآخرون يخفضون أسهم البورصة بشائعة تناهت إلى مسامعهم ولم يتورعوا في إلباسها ثوب الحكمة، غير أن قلَّة من أزلام العصبة شاءت السخرية والتهكم من ما توصلنا له، وهم يسقطون من ذاكرتهم ممارسات الجماعة إبان فترة الديمقراطية الثالثة. بيد إنني لن أنسى ما حييت أحدهم وهو يرسل لي عبر الهاتف شواظاً من لهب.. كان يحادثني كأنني عزرائيل الذي جاء ليقبض روحه. لعنني الرجل – غفر الله له – مثنى وثلاث ورباع، ثمَّ لعن سنسفيل أجدادي، ولما لم يرو ظمأه ذلك.. لعن القلم الذي ضل طريقه إلى أيادينا غير المتوضئة، غير انه ختم بعبارة لم أستطع أن أتمالك نفسي فيها من الضحك، وما زالت ترن في أذني كأنها قيلت للتو (ما تخلوها تصبح يا أخي)!

    لم نكن نحن الذي شئنا أن تصبح قد أن تصبح، فقد أصبح يوم شعب بأكمله. ولا شك أن صاحبنا أدرك بعد حين إننا لم نكن نرجم بالغيب. فقد اتضحت الحقيقة عندما نشرت الشمس أشعتها الباهرة على المليون ميل مربع، واتّضح له مثلما اتضح لسائر الكفار والمؤمنين أن شعباً يرزخ تحت وطأة حمل كاذب.. وما انفك يرسف في سلسلة ذرعها عشرون عاماً أو تزيد قليلاً. شعب استغفله الانقلابيون وحبكوا له مسرحية القصر والسجن استخفافاً بعقولهم. ثم مارسوا كل أنواع الإفك والتضليل ليمسحوا عار أم الكبائر السياسية بلا جدوى. بدأت الأراجيف والهرطقات منذ أن خرج علينا رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة ولعل اسمه اللواء محمود قلندر، بعنوان رئيس (مانشيت) يسأل فيه الشعب المسكين سؤالاً تقريرياً (هل هؤلاء الرجال جبهة؟!) وكأنه لا يعلم أن الجبهة يومئذ كان قد أندى لها الجبين خجلاً! ولهذا لم يطل الانتظار فقد بدأ الصحابة المتعطشون للتسلط على رقاب العباد يسفرون عن وجوههم رويدا رويدا، وبعد أن دالت لهم السلطة بدأوا في ممارسة الترهيب والترعيب وفق نظرية التفويض الإلهي، وتحت وطأة الألم والمعاناة بهت السواد الأعظم من أهل السودان، ووخزات أصحاب الضمائر الحية تنهش في أصحاب الأجسام الميتة، ولم يكن ثمة مناص من ذرف دموع الندم وندب الحظ العاثر الذي أوقع بلداً عظيماً في يد عصبة لم تخش فيه الخلق ولا الخالق. ثم بدأت الروائح النتنة تفوح حتى أزكمت الأنوف. بدأت أعمالها وأفعالها تطفو على السطح، بدءً من قطع الأرزاق والفصل التعسفي، ومروراً بالتعذيب في بيوت سيئة السمعة، وانتهاءً بقطع الأعناق ونصب أعواد المشانق!

    لقد مارس الإسلاميون كل أنواع الافك والتضليل من أجل السلطة. مرة على شعب السودان وهم يخفون هوية الإنقلاب ردحاً من الزمن، وثانية على خالق شعب السودان، وهم يفترون عليه كذباً بقولهم (هي لله) وثالثة على أهل السودان تارة أخري، وهي التي نعيش ارهاصاتها هذه الأيام تحت دعاوي الانتخابات. وهم حينما يعودون إلى المربع الطبيعي - أي مربع الانتخابات – هذا، لا يفعلون ذلك من أجل أن تكون حرة كما يقولون، لأنهم هم أنفسهم من سجن الحرية طيلة وجودهم في السلطة، وهم أنفسهم من أذلَّ الإنسان الذي كرمه رب العالمين، وهم أنفسهم من قتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق. ثمَّ إنهم يتحدثون عن الانتخابات ليس من أجل أن تكون نزيهة كما يشيِّعون، لأن النزاهة بمعاييرهم أنتجت فساداً لم يعرف شعب السودان له مثيلاً منذ أن هبط سيدنا آدم من الجنة واختارت بعض سلالته أرضه السودان مستقراً، ولأن النزاهة في عهدهم الميمون أنتجت فساداً أخلاقياً حتى ضاقت (دار أطفال المايقوما) بما رحبت، ولأن النزاهة في ظل دولة الطهر والإيمان التي يدعونها تطاولت في بنيانٍ الناس عليه شهود. ثمَّ إنهم لا يرجعون لصندوق الانتخابات من أجل إنتخابات ديمقراطية كما يدَّعون، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولأن الديمقراطية في عرفهم رجس من عمل الشيطان ينبغي اجتنابه. أيها الناس إن من جاء للسلطة بكذبة بلقاء لا يمكن أن يكون صادقاً، وإن من أدمن الكذب طيلة عشرين عاماً لا يمكن أن يكون أميناً في ثلاثة أيام إنتخابية، وإن من كُتب عند شعب السودان كذاباً لا يمكن أن يثق فيه الناس، حتى ولو نزل من سبع سماوات طباقاً حاملاً كتاب براءته بيمينه!

    بعد نحو عام إلا قليلاً، أي مطلع تسعينيات القرن الماضي، وبرغم وضوح الرؤية سألت الأستاذ التيجاني الطيب بغية التوثيق .. كيف يا أستاذ استدليتم على أنهم جبهة؟ فقال لي بطريقته التي تحاول تبسيط الأشياء دائماً.. (ما هو السودان رغم كبره واتساعه، لكن أي زول بعرف الثاني جاي من مربع وين) رغم هذا لم يكونوا يعرفون شعباً عرفهم! كان التيجاني ثاني ثلاثة ممن ضربوا للقاهرة أكباد الأبل بالطريق الذي شقاه جيش محمد على باشا رغم إختلاف المآرب، هذا كان يبحث عن الحرية وذاك كان يبحث عن الذهب والعبيد! كان الدكتور الراحل عز الدين على عامر قد سبق التيجاني بذات الطريق، ثم لحق بهم بعدئذ ثلاثة من الضباط المتقاعدين، العميد عبد العزيز خالد والعميد عبد الرحمن خوجلي والرائد عبد العظيم سرور. لم أكن أعرف الدكتور عز الدين على عامر حينها، ولكن من خلاله عرفت لأول مرة اسم الدكتور نافع على نافع وقد كان نسيا منسياً بين أقرانه. جاء ذلك في أول حوار أجرته صحيفة (الأهالي) المصرية مع دكتور عز الدين، وقال لها إن شخصاً اسمه نافع هو من يشرف على الانتهاكات في معتقلات سرية (لم يكن حينها قد شاع مصطلح بيوت الأشباح) وقال إنه كادر إسلاموي كان أستاذاً في كلية الزراعة بجامعة الخرطوم، وأضاف إنه اختفى من الجامعة لبضع سنوات لم يعرف أحد أين قضاها، واستدرك قائلاً تردد إنه كان في إيران يتلقى تدريباً أمنياً آيدولوجياً، وبناءً على تلك الفرضية، لم أقرأ أو أسمع شخصاً يتحدث عن ظاهرة (بيوت الأشباح) بعدئذٍ، إلا وقرن وزرها بشخصية رجل الأمن الغامض الدكتور نافع على نافع. ومن كثرة ما ظلَّ يتردد ويلصق باسمه من ممارسات فظيعة، ظن البعض إنه محض أسطورة صنعها خيال أحد المعارضين، وإزداد الأمر إبهاماً في أن الدكتور نافع نفسه لم يكن من الذين يظهرون في وسائل الاعلام آنذاك، ولا من الذين يرتادون المناسبات الاجتماعية، حيث درج السودانيون على لقاءات الأفراح والأتراح بغض النظر عن هوياتهم السياسية! على العموم كانت القاهرة التي روجت لأسطورة نافع قد أصبحت معقلاً من معاقل المعارضة فلم يستطع نافع ولا عصبته اختراقها إلا عن طريق أديس أبابا، ويومها سمعت للمرة الثانية باسم الدكتور المبجل، وكان ذلك في يونيو من العام 1995 وهو التاريخ الذي ارتكبت فيه العصبة الإسلاموية إحدى موبقاتها خارج الحدود، يوم أقبل بعضهم على بعض يتلاومون!

    يومذاك أجرت العصبة تعديلاً في جهاز الأمن بغير كثير ذكاء، وهو تعديل المريب الذي كاد أن يقول خذوني. فبحسب المحبوب عبد السلام في مقال نشرته المواقع الإسفيرية في أبريل 2005 وصدَّره بعنوان (رسالة مفتوحة إلى الدكتور نافع على نافع) ذكر فيها بالتفصيل تنقلات كوادر العصبة، فقال:(نقل الطبيب مطرف صديق مدير العمليات الخاصة إلى سفارة السودان في نيجيريا، ونائبه المهندس صلاح عبد الله قوش إلى التصنيع الحربي، والمهندس حسب الله عمر مدير المخابرات المضادة إلى سفارة السودان بباريس، ونصر الدين محمد أحمد مدير معهد التدريب إلى سفارة السودان بالقاهرة، وكمال عبد اللطيف مدير إدارة الولايات إلى سفارة السودان بنيروبي) أما نافع فقد ترك أيضاً جهاز الأمن بقضه وقضيضه وذهب إلى وزارة الزراعة، في إيماءة بأنها تتواءم مع تخصصه الزراعي، وكأن الناس لا يعلمون إنه من شاكلة قوم يعملون على عكس ما يتخصصون. والمفارقة أن ذلك التعديل قال عنه دكتور الترابي في حوار مع مجلة المجلة بتاريخ 23/2/1997 وكان وقتئذٍ عراباً للنظام لكنه بريء من الفعلة النكراء التي ارتكبتها عصبته (إذا سألتني عن سلامة الإجراء الذي أدى إلى تغيير القيادات الأمنية، وهل هو سليم ام لا؟ أقول لك كلا، لم يكن سليماً) ثم كافانا نافع نفسه مغبة الاجتهاد، حيث قرأت له لأول مرة مقابلة صريحة أجرتها معه صحيفة البيان الأماراتية أوائل الألفية الثانية (للأسف لم أحصل عليها في الأرشيف واستشهد بها على ذمة الذاكرة على غير ما اعتدت) فيها وجَّه له الصحفي (عمر العمر) أسئلة تتعلق بدوره إبان إدارته لجهاز الأمن في تلك الفترة العصيبة، والغريب في الأمر إنه لم ينفِ ما كان يجري من ممارسات وقال إنه كان ينفذ سياسة دولة (إن أصبت فلي أجران، وإن أخطأت فلي أجر المجتهد) وأكد وإنه لا يتبرأ مما حدث ولن يطلب العفو من أحد، بل أصرَّ على أنه لا يوجد ما يعتذر عنه أصلاً!

    في الواقع كنت قد سمعت باسم دكتور نافع على نافع قبل تلك المقابلة بقليل، جاء ذلك في (مذكرة العشرة) الكرام المبشرون بالقصر، وهي المذكرة التي لا تزال تُعتبر كالطفل اللقيط في أجندة الإسلامويين، بمعني وإن كان أبواها معلومين، إلا أنهما مجهولي الهوية، فهي مذكرة لا تريد العصبة أن تميط اللثام عنها حتى الآن، يقولون إن صانعها واحد استقطب الآخرين ونحا بنفسه باسطاً ذراعيه بالوصيد، ويقولون أن بعضهم أقبل عليها بمحض إرادته وآخرون أُلحِقوا بها إلحاقاً وهم لا يعلمون عنها شيئاً، ويقولون إن فيهم من وقع عليها بغضاً وكرهاً للشيخ حتى ولو أنها ناصرت كارل ماركس، ويقولون إن من هؤلاء من لم يرها إلا يوم اختلف الجمعان في لعبة (العسكر والحرامية) أياً كانت التفسيرات، فالمهم أن أي طرف مضى في طريق الأحلام، لكن ثمة فئة واصلت الهرولة بين الصفا والمروة حتى تيقنت من ساكن القصر الذي هجره غردون، وهي ذات الفترة التي تردد فيها اسم نافع على نافع بعد أن خرج من حياة الكواليس إلى رحاب العلانية. ثمَّ هنيهةً وأصبح يشار له باعتباره أحد المتنفذين في النظام، ثمَّ واحداً من صقوره، ثمَّ كائناً خفياً يدير الدولة من وراء حجاب، ثمَّ شخصاً بلسان وشفتين يرفع بهم من يشاء ويذل من يشاء في جهاز السلطة ومعارضيها. قال المحبوب في الرسالة التى ورد ذكرها أعلاه أن نافع يحلو له أن يردد عبارة (على أجسادنا) فإن صحًّ هذا يكون الرجل قد يسر على تلاميذ سيجموند فرويد محصلة إدخرنا لها دهراً للوصول إليها!

    وتلك فرضية عضدتها عندي المرة الرابعة التي سمعت فيها اسمه، كان ذلك في مذكرة كشف عنها دكتور فاروق محمد ابراهيم في القاهرة، وكان قد وجهها بتاريخ 13/11/2000 للفريق عمر حسن البشير بواسطة سفير السودان في القاهرة الراحل أحمد عبد الحليم، كبادرة منه لتسوية حالات التعذيب على غرار تجربة جنوب أفريقيا فيما سُمي بمبدأ (الحقيقة والتعافي) استعرض فيها من غير حقد ولا ضغينة ما تعرض له من جلاوزة في تلك البيوت سيئة السمعة (إن ما يميز تجربة التعذيب الذي تعرضت له في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 1989 ببيت الأشباح رقم واحد الذي أقيم في المقر السابق للجنة الانتخابات، إن الذين قاموا به ليسوا فقط أشخاصاً ملثمين بلا هوية تخفوا بالأقنعة، وإنما كان على رأسهم اللواء بكري حسن صالح وزير الدفاع الراهن ورئيس جهاز الأمن حينئذ، والدكتور نافع على نافع الوزير ورئيس جهاز حزب المؤتمر الوطني الحاكم اليوم ومدير جهاز الأمن حينئذ، وكما ذكرت في الشكوى المرفقة التي تقدمت لكم بها بتاريخ 29 يناير 1990 من داخل السجن العمومي وأرفقت نسخة منها لعناية اللواء بكري، فقد جابهني اللواء بكري شخصياً وأخطرني بالأسباب التي تقرر بمقتضاها تعذيبي، ومن بينها قيامي بتدريس نظرية التطور في كلية العلوم بجامعة الخرطوم، كما قام حارسه بضربي في وجوده، ولم يتجشم الدكتور نافع تلميذي الذي صار فيما بعد زميلي في هيئة التدريس في جامعة الخرطوم، عناء التخفي وإنما طفق يستجوبني عن الأفكار التي سبق وأن طرحتها في الجمعية العمومية للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم، وعن زمان ومكان انعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة، ثم عن أماكن تواجد بعض الأشخاص – كما ورد في مذكرتي – وكل ذلك من خلال الضرب والركل والتهديد الفعلي بالقتل وبأفعال وأقوال أعف عن ذكرها. فعل الدكتور نافع ذلك بدرجة من البرود والهدوء وكأنما كنا نتناول فنجان قهوة في نادي الأساتذة) على أنه بالرغم من كل ذلك لم يطالب فاروق أولى الألباب بالقصاص وفق شريعة الإسلام، ولكنه تمنَّى على معذبيه الحد الأدني وهو الاعتذار كمبدأ لإشاعة ثقافة المصالحة. وصديقنا فاروق كما نعلم رجل مثابر أو إن شئت فقل (حقاني) ولهذا لم يكِل ولم يمِل حتى هذه اللحظة من طرق أي باب يتأمل أن يجد فيه ضالته. ولعل قليل من الناس يعلم أن المحكمة الدستورية سبق وأن قبلت في سبتمبر 2007 طعناً مقدماً منه ضد حكومة السودان والهيئة التشريعية، يقضي بعدم دستورية بعض المواد في القانون الجنائي وقانون الأمن الوطني، وهي المواد المتعلقة باسقاط بعض القضايا بالتقادم، وكذلك منح الحصانة لبعض منسوبي الأجهزة الأمنية. ذلك ما جعل الطريق ممهداً لكل ذي مظلمة أن يأخذ بمظلمته، وأكد في الوقت نفسه أن مثل تلك القوانين لن تعبر إلا على جثث ضحاياها!

    ثمَّ أخيراً لم أكن الوحيد الذي ملأ اسم الدكتور نافع على نافع يافوخه أو صك أذنيه، ولكن حدث ذلك مع غالبية أهل السودان، ولم يكن هذا لأنه اخترع نظرية سياسية تهدي الناس سواء السبيل، أو لأنه تبرع بمخصصاته المالية – لا سمح الله - لليتامى والمساكين. ولكن من خلال مخزون ثقافي وفكري هائل، وذخيرة ثرة في اللغة الفصحى وآدابها، والعامية وتراثها، ظلَّ يذرهما شعراً ونثراً على مسامع معارضيهم، حتى أصبح له قاموس فريد في القدح والذم والشتم والانتقاص من قدر الأحياء والأموات، وبرغم أنها أفعال يمكن أن تعصف بأي شخص إلى أسفل سافلين في الغرب اللعين، إلا أنها على العكس في سودان العصبة حفَّزت كاتباً نحريراً لتوثيق سيرة خشى أن تُحرم أجيال لاحقة من نفحاتها. ذلك ما كشف عنه خبراً قرأته في صحيفة (الأحداث) بتاريخ 25/2/2010 (في طبعة فاخرة وأنيقة صدر كتاب "مسيرة الدهاليز" لمؤلفه صديق موسى، الذي يتناول من خلاله مسيرة الدكتور نافع على نافع في الساحة السياسية، ويحوي الكتاب تحليلاً سياسياً مهماً ويغوص في تفاصيل النشأة والبيئة للرجل ومراحل دراسته ورفقاء "الدفعة" والآراء المختلفة حوله) فيا قارئنا الصبور أسألك بالله إلحافاً أن توفر أي مسوغات للدهشة، فقد إندهشت لك بما فيه الكفاية. ولعلك توافقني الرأي في الكتاب - الذي لن تقرأه - أن كاتبه الذي صعد إلى الهاوية.. صدق في عنوانه!

    يا من أردت نفعنا بسيرة النافع بالله، لقد صدقناك وهل في ذلك شك لذى حجر؟ تعلمون أيها الكرام المبجلين أن بعض الآباء من مسلمي أهل السودان وغير السودان يتقربون لله زلفى بتسمية أبنائهم باسماء تختلس قبساً من اسمائه الحسنى، آملين أن يطرح المولى عزَّ وجل بركته في الوليد القادم للدنيا. منهم من يستجيب له الله ويأتي ابنه صالحاً فيفيد نفسه والبشرية معاً، ومنهم من يخذل والديه فيخرج للملأ طالحاً يخسر نفسه والبشرية معاً. ونحن نسمع ونقرأ دائماً أن صالحاً وثق لنفسه أو وثق له الناس، ولكن لعمري لم أسمع أو أقرأ طالحاً وثق لنفسه أو وثق له الآخرون، وذلك بالطبع خشية أن يبقى من درنه شيء بعد رحيله تتأذى منه أجيال لا ذنب لها!!

    تصويب:

    في المقال الأخير (فقه الخصام والوئام في قاموس السيدين) ورد خطأ مني سهواً، في أن السيد محمد أحمد محجوب سبق وأن تقلد منصب أمين عام حزب الأمة، وبالطبع لم يكن ذلك صحيحاً. ويبدو أنني نظراً لحجم الفقيد الذي شغل منصب وزير خارجية ورئيس وزراء وزعيم معارضة تحت راية الحزب، عزَّ على أن اضعه في مرتبه أدنى مما ذكرت. وهكذا قال أيضاً القاريء الكريم (عمر عبد الله فضل المولى) الذي صوبني وله الشكر على حسن صنيعه. وبما أننا من سلالة آدم الخطائين، فلا بد وأن نحمد لله الذي هيأ لنا مثل هؤلاء القراء الذين يصوبوننا حتى نُحشر مع زمرة التوابين!
                  

03-29-2010, 11:28 AM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (فتحي الضو) يمسح بـ(نافع علي نافع) الأرض !! (Re: خالد عويس)

    Quote: ولم يتجشم الدكتور نافع تلميذي الذي صار فيما بعد زميلي في هيئة التدريس في جامعة الخرطوم، عناء التخفي وإنما طفق يستجوبني عن الأفكار التي سبق وأن طرحتها في الجمعية العمومية للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم، وعن زمان ومكان انعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة، ثم عن أماكن تواجد بعض الأشخاص – كما ورد في مذكرتي – وكل ذلك من خلال الضرب والركل والتهديد الفعلي بالقتل وبأفعال وأقوال أعف عن ذكرها. فعل الدكتور نافع ذلك بدرجة من البرود والهدوء وكأنما كنا نتناول فنجان قهوة في نادي الأساتذة)


    شهادة يندي لها جبين الإنسانية عبر كل العصور! تلك الشهادة تجعل من هذا الرجل البئيس (نافع) غولا خرافيا وحيوانا من فصيلة الذئاب. كيف بالله تقوم على تعذيب من علمك حرفا وشاركك الملح والملاح؟!

    من أين أتى هذا الغول؟

    شكرا الصحفي الرصين فتحي الضو
    شكرا صديقي الصحفي الهميم عويس...
                  

03-29-2010, 11:48 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (فتحي الضو) يمسح بـ(نافع علي نافع) الأرض !! (Re: عبدالأله زمراوي)

    عزيزي زمراوي

    وبعد كل ذلك لا يجد نافع في نفسه حتى شجاعة الاعتراف بالخطأ.
                  

03-29-2010, 03:31 PM

Alshafea Ibrahim

تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 6959

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (فتحي الضو) يمسح بـ(نافع علي نافع) الأرض !! (Re: خالد عويس)

    شكرا الأخ فتحي الضزء ، شكرا خالد عويس
    المؤسف انه يجزم ويقول عن ماذا يعتذر ولمن ؟؟؟
    وبيننا منسوبي اللا وطني بالمنبر يرون فيه نبيا وشيخا وسياسياوإنقاذيا يستحق التقدير ...
    الشفيع ابراهيم
                  

03-29-2010, 05:50 PM

قرشى محمد عبدون
<aقرشى محمد عبدون
تاريخ التسجيل: 08-24-2008
مجموع المشاركات: 1767

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (فتحي الضو) يمسح بـ(نافع علي نافع) الأرض !! (Re: Alshafea Ibrahim)
                  

03-29-2010, 06:05 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (فتحي الضو) يمسح بـ(نافع علي نافع) الأرض !! (Re: قرشى محمد عبدون)

    سودانيزاونلاين.كوم
    sudaneseonline.com
    4/17/2005 4:59 م
    بسم الله الرحمن الرحيم
    رسالة مفتوحة الي الدكتور نافع علي نافع
    و قماشة الأيام من خيطان غزلك و هيَّ ضافيةٌ عليك
    المحبوب عبد السلام
    لندن – أبريل 2005م

    للمرة الثانية خلال عقد واحدٍ يجد السودان المغلوب نفسه في مواجهة الشرعية الدولية الباطشة و لأسباب متشابهة و من ذات الأيدي الممسكة بمقاليد الحكم و السلطان و الأمن و الاقتصاد و الماء و الهواء منذ يونيو 1989.
    المرة الأولى كانت في يونيو 1995 فيما عرف بالمحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري محمد حسني مبارك في أديس أبابا و هو في طريقه من المطار الى قاعة مؤتمر القمة الإفريقية، حيث انتهت اصابع الإتهام كافة الى أجهزة الاعلام السودانية التي آوت و موّلت و رحّلت المجموعة المصرية المنتمية لتنظيم الجهاد و التي نفذت و فشلت.
    الرئيس المصري ما لبث لدى عودته بلاده بعد سويعات نجاته فيما يشبه المعجزة أن صرح باتهامه للسودان، تعينه الظروف كافة و حوله: علاقات متوترة بين البلدين و اطنان من المعلومات تمده بها أجهزته عن تورط أجهزة الأمن السودانية في علاقات بلا حدود مع الجماعة الإسلامية المصرية الموسومة بالارهاب.
    أثيوبيا سلكت طريق (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا ...) ظلت لاسبوع لا تقول شيئاً و لا تتهم أحداً، و أصدرت بياناً عشية وصول فريق مشترك من المخابرات الداخلية و المخابرات الخارجية الامريكية إلى عاصمتها أنها لم تتوفر بعد على أي أدلة كافية لاتهام السودان. فرحنا ساعتئنذٍ، بل أن الخرطوم كلها قرعت الطبول للبراءة الاثيوبية، فالحبشة ما تزال كما وصفها الرسول صلى الله عليه و سلم- أرض صدق لا يظلم عند مليكها أحد و لكن الفرحة الجاهلة لم تعمر سوى بضع أسابيع و توفرت أثيوبيا على الشواهد الدامغة. خرج علينا رئيس الوزراء الاثيوبي بكلمات كأنها من مآسي شكسبير ( إن محاولة إغتيال الرئيس المصري على أرضنا إغتصاب في رابعة النهار)، وجه المأساة أن رئيس الوزراء الأثيوبي شاكلة أخرى من الرجال يرعى العهد و يمنعه وفأءه أن ينسى تاريخاً قريباً سلخ فيها سنوات من عمره في السودان و أنه دخل عاصمته فاتحاً على ظهر دبابته. لكن من الذي تردى بالعلاقات السودانية الأثيوبية و السودانية الارترية و بلغ بها كل ذلك الوحل ؟!
    في الخرطوم تزلزلت الأرض شيئاً ما و بدأت ملامح الانشقاق في الصف الانقاذي الاسلامي بارزة لأول مرة. تعطلت اجتماعات القيادة نحو شهر و اعتكف كل في بيته في أعقاب الاجتماع الشهير الذي اعترف فيه علي عثمان وزير الخارجية - يومذاك- لأول مرة امام أكثر بضع و عشرة من أعضاء الصف الأول باشتراكهم في الحادث. يعني نفسه و مجموعة جهاز الأمن في تغييب محكم لزعيم الحركة و رئيس الجمهورية، و أعقب إعترافه باقتراح شنيع زعم أنه يملك كل مبرراته السياسية و الشرعية. تغييب القيادة و الحركة ساعة الائتمار و التآمر و القرار ثم استدعائها و حشدها ساعة الانفاذ و الفشل و المأزق منهج علي عثماني راسخو مزاجٌ أمني غالب ، فالإجتماع أساساً كان من أجل ذلك المقترح الذي لم يقوّ على المضي به وحدهم. الرئيس في آخر الأمر( outsider) كما يقول الأنجليز أو (لا منتمي) بلغة كولن ويلسون و (غريب) بلغة آلبيرت كامو و يسهل توظيف، انتحى به مناجياً علي عثمان - كما يفعل دائماً – و جنده بسهولة لإقتراحه، و اجتاحتهما معاً سيول الغضبة المشيخية المضرية ساعة المساس بحدود الله أو مقاربتها الحرام، المناجاة بالإثم و العدوان حمل عليها القرآن حملة شعواء لولا أنه على قلوبٍ أقفالها و الغريب أن منهم من أدعى أنه تأمل في في سورة محمد خاصة. و الى هذا الاجتماع تحديداً تعزى أصول الإنشقاق في الحركة الإسلامية السودانية التي بلورتها فيما بعد معركة الحريات العامة و اللامركزية أو قضية الدستور و التوالي، ثم أكملت حلقتها الاخيرة مذكرة العشرة في أكتوبر 1998.

    أما المجموعة الأمنية بقيادة الدكتور نافع علي نافع فقد تجلى فيها المثل الأمدرماني البليغ (ملك الموت و قد زاره فجأة الموت). الدكتور المدير العام لم يعد نافعا لأيما اعباء ينتظر أقداره و معه حكومة الحركة الاسلامية بل و السودان كله تسونامي العقوبات الاول بتعبير قطبي المهدي – سبقه تسونامي التنقلات : الطبيب مطرف صديق مدير العمليات الخاصة إلى سفارة السودان بنيجيريا ، نائبه المهندس صلاح عبدالله قوش الى التصنيع الحربي، المهندس حسب الله عمر مدير المخابرات المضادة الى السفارة السودان بباريس ، نصرالدين محمد أحمد مدير معهد التدريب الى سفارة السودان بالقاهرة، كمال عبد اللطيف مدير ادارة الولايات الى سفارة السودان بنيروبي.
    السودان كأنه استراح من شر عظيم و جهاز الأمن يتهيأ لمرحلة جديدة بعد سنوات بيوت الأشباح، و الحركة الاسلامية السودانية قد تقف لحظة لتتأمل في أمر تلك الجماعة. الحركة الاسلامية السودانية من سماتها المدهشة التأدب الشديد مع كل من يوضع فوق رأسها و من بينهم جماعة (إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغه). صحيح في السياسة البسيط إن اقالة الدكتور نافع علي نافع و مجموعته يعني اعتراف ضمني بارتكاب الجرم، و لا يشبه اقالة الرئيس السوري لمدير استخباراته بعد اغتيال الحريري، و لكن ساعة الحقيقة كانت أكبر فمغزى قرار الرئيس يشار الى أن مدير أمنه و كأنه قد تقاصر عن مسؤليته في حماية الحريري، و قرار القيادة السودانية يومها كان يقول أن السيل قد بلغ الزبى ، لولا أن الشيطان لا تعتريه فترة أو رهق.. و كذلك الدكتور نافع.
    كانت الانقاذ يومها لا تزال تغشاها نفحات من عبير فتوتها و عنفوانها فامتصت الصدمة، بل و تجاوزت الهجوم بهجوم مضاد و بدا المنطق المصري و الاثيوبي شديد الضعف أمام إعلامها الذي ترفده الآلاف الأصوات و ملايين القلوب علىامتداد ساحة العالم الاسلامي، فهم يدافعون عن مثال الاسلام الذي شخص على الأرض بعد قرون و عن أعز أحلامهم. كما وجدت مجموعة الدكتور نافع من يعطف عليها و يتعاطف معها فهم في رأي الكثيرين يومها يشملهم أجر من أجتهد و أخطأ، و انهم فوق ذلك كمن شرى نفسه ابتغاء مرضات الله، و غفرت الجماعة أو غفلت أن مقتل المستكبرين دائماً في حظوظ نفوسهم و أنهم غادروا الميدان يطون كشحاً على مستكنةٍ، لم تلبث أن عصفت بالحلم الاسلامي التاريخي و ادخلت الحركة في الفتنة الهوجاء التي امتدت السنتنا و استدارت عليهم. ارتاح الدكتور نافعفي بيته الحكومي و اختار كتاب ابن كثير تفسير القرآن ليجتاز به عزلته المفاجأة و بدى لأول مرة في التاريخ السودان الرجل المناسب في المكان المناسب، لو استطاع معه صبرا.
    و من بين الملايين التي بذلت خطاها و عرقها و دمائها و صلواتها و دعائها لتشديد صرح الحركة الاسلامية، هنالك ثلة تعتقد أن لها حق خاص في هذا الميراث و انها خلقت من رأس الإله و بينما خلق الآخرون من صدره و قدميه، و من أكثر الذين تتلبسهم مثل هذه الأوهام و تستغرقهم بالكامل هواة الاستخبار و المعلومة. من لدن "مترنخ" و حتى الدكتور نافع، دون أي ميزة واضحة من علمٍ أو أخلاق، أما اذا تناسخت شياطين الوهم مع شياطين الدولة فقد حدث الكمال.
    فقبل ان تشتغل حرائق دارفور، و التي عبرت ابشع تعبير عما تنطوي عليه نفوسهم من افكار خاطئة، قام فصيل الدكتور رياك مشار المتحالف وقتها مع حكومة الانقاذ بمبادرة فريدة لاصلاح الحال بين قبائل التماس في الجنوب و الشمال تحديدا (الرزيقات، المسيرية و الدينكا) لأنه استشعر بوادر انفراط الحال في ظل استمرار الحرب و استخراج البترول و بين يدي بشائر السلام. قام للمبادرة الدكتور كستيلو قرنق، نجل أحد أكبر سلاطين الدينكا في منطقة أويل هو السلطان رينق وصهرٌ لآخر لا يقل عنه هو السلطان عبدالباقي أكول. و لأن والده كان عضواً يشار اليه بالبنان في حزب الامة و له وشائج تليدة مع تلك القبائل العربية على تخوم الجنوب، جاء اختياره انسب ما يكون سوى أن البلاد كانت قد خلصت للدكتور نافع و جماعته في مفارقة قلبت المعادلة الى مظالمة الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب.. نافع في مستشاراً للسلام. كان الاعتراض الأول أن الدكتور كستيلو إستعان بمنظمة الدعوة الاسلامية، و المنظمة يقوم عليها الدكتور الأمين محمد عثمان، والدكتور الأمين مدهوم بأنه شعبي. قال الدكتور كستيلو للدكتور نافع: (أنا جئت من ألمانيا و لو جاءت معي منظمات أوروبا الانسانية و الكنسية لقلتم ان الجنوبيين يحبون النصارى و الخواجات، و اذا جئنا بمنظمة الدعوة الاسلامية تقولون شعبي). الاعتراض الثاني ان كوستيلو اذا ذهب الى العرب فسيقتلونه، إختار الدكتور كستيلو رداً عملياً على الدكتور نافع هذه المرة، أخذ سيارات منظمة الدعوة الاسلامية و اتصل بنافع عبر هاتف الثريا و اخبره أنه الآن في منطقة الميرم و قد استقبله اصدقاء أبيه القدامى خير استقبال و أن العرب جميعاً يرحبون بمؤتمر الصلح.
    جاءت نصيحة الكتور جليـة : (يا كـستـيـلو عــد الى الخرطوم و سافر فوراً الى بلادك المانيا). و عندما جاء كستيلو الى الخرطوم و اخبر الدكتور نافع عن الأوضاع لا تبشر بخير و أن المسيرية سيتمردون اذا شقتهم خطوط النفط دون أن تنتبه أو ترعى حاجاتهم. لم يزد قلب الدكتور الآمن دقه و هو يقول: (يا كستيلو هل تظن ان الدولة بسكويت؟ اذا تمرد المسيرية فسنلحقهم بحبوباتهم!) إلتفت الدكتور كستيلو الى ابن اخته في جواره كمن لا يفهم، فقد طال العهد بينه و بين خواص عاميتنا، لكن الاشارة جاءت لتؤكد بأن الدكتور يعني جز الرؤوس.
    حالة كستيلو أشبه بحالة تيتو عندما قال له خرتشوف لماذا لا تبتلع الجمهوريات من حولك و عندما علت الدهشة وجه تيتو أشار خرتشوف بيده الى أغوار حلقه و هو يردد: (swallow, swallow ) نافع هو خرتشوفونا، لكنه جاء بعد حمل طالت مدته و وُلِد في غير زمانه، خورتشوفونا ملك متوج على حطام مملكة، و قائدٌ بغير معركةً.
    جمع الدكتور كستيلو أوراقه و خرج و لم يعد، و تبعه كثيرون لم يعودوا (تعبان دينق، رياك مشار، د. لام أكول و آخرون) .. و ذات الذين ورطوا السودان مع الخارج أفسدوه من الداخل. قال الدكتور كستيلو للشيخ حسن الترابي أنه كان يريد مؤتمر الصلح شعبياً و لكن الجماعة رفضوا مجرد الاتصال به و بزعماء الأحزاب، و خشوا أن يذهب الفضل الى آخرين بدلاً عن مستشارية السلام. ضحك الشيخ الترابي و قال: ( هؤلاء لا يعرفون الشعب بل لا يعرفون حتى جيرانهم في بيوتهم ).. يا دكتور نافع ما أقصر الرحلة، ما أطول الثورة.. ما أعظم الفكرة ما أصغر الدولة.
    كانت الارض قد سلمت لنافع و جماعته بعد هزيمتين صاعقتين و ثالثة... و لكن الشيطان لا يفتر. الجماعة الامنية لها مرشد روحي لا يفتأ يذكرها كان ينبغي أن يذهب معها و لكن الحركة الطيبية وفقاً لنزار قباني- اختارت لي منصبا أرفعاً نائباً أولاً لرئيس الجمهورية في اعقاب استشهاد الزبير محمد صالح.
    النائب الأول على استحياء قليل وضع الدكتور نافع علي نافع فيما يشتبه أنه تخصصه وزيراً للزراعة.. و لكم ان تسألوا عن مشروع الجزيرة و المناقل و مشاريع النيل الأبيض و الأزرق و صادرات السودان الزراعية في عهد الدكتور الزراعي المختص، و لكن تلك قصة أخرى..
    كانت كلمة الدستور بغيضة للجماعة الأمنية السياسية، فهُم (دكاترة بلا حدود) إلا حدود شهواتهم المريعة، أما أن تأتي قيود الدستور بالحريات العامة و لو توالياً سياسياً ( فعلى أجسادنا) كما يحلو للدكتور أن يقول. و لكن التوالي انتصر تحت رآية الشيخ الهمام في شمس نهار الشورى و أحترقت صيحات الدكتور، خذله يومذاك الأقربون يقدمون رِجلاً و يؤخرون أخرى و لكنهم لم يخذلوه فيما وقر في قلب من كفر بالديمقراطية. و في معركة التوالي داخل صف الحركة الاسلامية الملتزم رأينا لأول مرة الفوضى التي أشعلناها في الخارج ترتد إلينا، سُنة الله التي لن تجد لها تبديلا. و لأول مرة يستعمل الترغيب و الترهيب و المخادعة في إعمال قرارت الشورى التي لا يدخلها العضو الا بقسم غليظ في مقدمة منطقية للفجور الفاحش بالخصومة الذي وقع فيما بعد على أشقاء الأمس أعضاء المؤتمر الشعبي اليوم فيما تلى من أعوام.
    قال لنا الأستاذ الكريم منير شفيق: ( جماعتكم هؤلاء في غاية العجب، كنا في منظمة التحرير الفبسطينية حول عضو في القيادة و أثبتت عليه كل ما يحدث أن يحرم من حضور الاجتماعات و يقصى من منصبه لكن لا أحد يحرمه من مرتبه أو يطرده من بيته، جماعتكم هؤلاء لمجرد اختلاف في الرأي يأخذون حتى الموبايل!!)
    وذات صباح أكمل الدكتور نافع و صحبه عدتهم للإنتصار لكبريائهم الجريحة و أفكارهم الكسيحة في معركة الرد على انتصار التوالي، و ليفاجئوا مجلس شورى المؤتمر المطني بورقة من خارج أجندته. جاء الرئيس وفقاً لنصائحهم بزيه العسكري ليضفي على الجلسة أجواء الانقلاب و الرهبة و القهر يوافي عشقهم السرمدي و يباعد عن الطبيعة الشورية المدنية الشعبية لمؤسسة الشورى.
    أطالت مذكرة العشرة التباكي على ضياع المؤسسية و الشورى و تحدثت عن الحركة الاسلامية و لم تذكر المؤتمر الوطني الذي اختطفت جلسته و أحصرت أجندته، و لكن الدكتور نافع ورفاقه كانوا يبكون على أيام جهاز الأمن حينما كانت الحركة الاسلامية ترفدهم بكل شئ و هم يشوهون مثلها و تاريخها، كانوا حانقين على فسحة الحرية حاقدين بوجه خاص على الشيخ الذي أنزلهم من عليائهم و ذكرهم بأنهم مثل سائر جنوده في معركة بناء مجتمع الاسلام قبل دولته. و مهما يكن الذي كتب المذكرة أو تلاها أو نظم أفكارها ممن التقت حماقته أو أحقادة باحقاد المجموعة الأمنية، فإن الدكتور نافع و ثلته كانوا على بصيرة من أمر معركتهم و انها ماضية حتى اقالة الشيخ و ابطال الحريات و اعادة المجد لجهازهم (ذو الشر).
    كانت الريح تجري رخاءً بالريئس البشير داخل أجهزة الحركة الاسلامية و أروقتها، لا يكاد ينازعه أحد أو يعكر عليه صفوة أيامه حتى عرض له الدكتور نافع و جماعته كما عرّض ابليس لآدم في الجنة، عادوا من هزيمة الاخراج و هزيمة التوالي بطاقة أوفر للشر و وجدوا ضالتهم في هواجس النفس البشرية و ضعفها ثم في موافاة أجندتهم السرية لأجندة النائب الأول. قال النائب الأول لكاتب هذه السطور عشية الحريق الذي أشعلته مذكرة العشرة، و قد جاء الى الاجتماع متأخراً و تسلل منه مبكراً قبل أن تحسم المداولات في أمر المذكرة بعد أن نقلت إليه بالتفصيل ما حدث.. ( هنالك مشكلة بين الرئيس و الشيخ، نعم.. و لكن لا يمكن أن تحل بهذه الطريقة، أخبروني بأنهم سيقومون بعمل يحل المشكلة و لم أتصور أن يتم بهذه الطريقة.. سنخرج من هذه الفتنة بحزبين أو ثلاثة أو أربع إلا اذا لطف الله و صفد ت الششياطين في رمضان المقبل بعد يومين).
    و بحساب السياسة البسيط - كذلك – لا تكاد تجد أي مصلحة للنائب الأول في جعل عاليها سافلها و قد عكف الرئيس و الشيخ معاً يخيطان له تاج الامارة، و مهما تكن أفكاره تتناقض جذرياً مع أفكار الشيخ فقد أثبت في مرات عديدة أنه يخلص إلى أهدافه في هدء أكثر. أما الرئيس فقد أفلحوا في بعث الفوضى في عالمه و وضعوه على حافة الجنون: (لن تكون أنت مرشح شيخ حسن للرئاسة على أية حال، سيختار محمد الأمين خليفة أو علي الحاج، الشيخ صار همه كله مع ناس الغرب... الشيخ لا يشربك و يضعك كما تفعل مع زجاجة البيبسي و لكنه يشربك و يعفصك و يلقي بك في سلة المهملات كما تفعل مع علبة البيبسي).
    يستعيد الدكتور أيام دراسته في أمريكا و يذكر كاوبوياً نزقاً فعلها لأنه لا أحد يفعل ذلك بعلبة البيبسي.
    ثم أدخلوا الفوضى الى عالم النائب الأول المعتزل المحصن، و دفعوه أن يقول في جلسة عادية للمجلس القيادي يريد أن ينقض في أسبوع واحد ما أثبتته في الاسبوع الماضي: (أنا من اليوم إنسان آخر لقد صمتُّ كثيراً و لكن كل سيوفى سأشرعها منذ هذه اللحظة).
    و كما أدخلوا الفساد و الفوضى الى اروقة القرار الداخلي للحركة أثاروا لأول مرة نتانة العنصرية و جاهليتها، و لنعرف لأول مرة - كذلك - بعد ربع قرن قضيناه في الحركة الاسلامية أن هناك شايقية و جعليين و دناقلة و أولاد غرب و أولاد بحر... و أن هنالك من يريد جنوب بلا جنوبيين... و اختاروا للفصل الخاتم من فتنتهم مناسبة شديدة الدلالة على بؤس الأخلاق و بؤس النظر، قطع الطريق على انتخاب الوالي من شعب الولاية.. القرار الذي اتخذه المؤتمر العام.
    و الذي أمَّه عشرة آلآف من كل انحاء السودان. و لهم ان يحقدوا خاصة على مؤتمر اكتوبر 1999 لأنه أفصح لهم عن أوزانهم داخل الحركة حينها أقصى كل جماعة مذكرة العشرة عن مجرد عضوية مجلس الشورى الذي يضم أكثر من ستمائة عضو. و عندما كانوا غارقين في مؤامرات الخرطوم (كان الشيخ يحاصرهم بالولايات كما فعل الإمام المهدي) بتعبير أحد الأساتذة الأجلاء. واقع الأمر أن الشيخ استفرغ وسعه في ترسيح الطبيعة الشعبية للحزب الحاكم و هم كما قال لا يؤمنون أصلاً بالشعبية، اما الذي اذاقهم مرارة الاقصاء فهم ثلة من أنصاره أدارت عليهم مكرهم و أعملوه فيهم بعد أن كان المكر و التآمر منكراً و حراماً في داخل أروقة الحركة الاسلامية، و المكر السئ يحيق بأهله على أية حال.
    وفي فاتحة أعمال ذلك المؤتمر العام تحديدا عبرت الحركة الاسلامية أو حزبها المؤتمر الوطني لحظات شديدة الأثربالغة العاطفة، إذ استشرى نبأ الخلاف و تسرب الى صحف الخرطوم و حتى الى صحف العالم، أن الشيخ و الرئيس لا يلتقيان منذ وقت طويل. و ذلكم كان واقع الحال بالفعل فقد رفضت بعض القيادات و منهم الدكتورعوض الجاز و الأستاذ ياسين عمر الامام أن يتم اللقاء على ملأ مما عرف يزمها بالقيادة الوسيطة (المجموعة الممسكة فعلا بدولاب العمل اليومي). و استعصم الشيخ يرفض أي لقاء آخر. و أخيراً تمكن كاتب هذه السطور بالذات أن يجمع الصف القيادي بما فيهم الرئيس قبل منتصف ليلة المؤتمر بقلي لفي الصالون الملحق بغرفة الشيخ الترابي الخاصة، و بمساعدة سخية من د.علي الحاج محمد و الأستاذ علي عثمان محمد طه، و قد اتسم اللقاء بكثير من المشاعر الفياضة بعد أكثر من عام على التجافي و الخلاف. و قد انتقلت تلك المشاعر الى جلسة الافتتاح صباح المؤتمر حيث أكد كلاهما أن الذي ينتظر الخلاف و الشقاق سيخيب رجائه. و تجاوب العدد الكبير من المؤتمرين بحناجر باكية و عيون دامعة سوى رجل واحد.. الدكتور نافع أقسم على الملأ أن أي خروج عن سياق خطتهم لن يكون و قد أخذته المفاجأة، فهو لحسن الحظ لمن يشهد اجتماع منتصف الليل.
    الدكتور نافع من حسناته التي لا فضل له فيها أنه لا يكاد يكتم مشاعره: و كما في تصريحاته الأخيرة بعد قرارات مجلس الأمن أنه سيرد الكأس كأسين الى أمريكا و بريطانيا و فرنسا و مجلس الامن ( يقصد الصاع صاعين) : ( أنت يا مستر مصطفى سعيد رغم المجهود الذي بذل في تثقيفك تبدو و كأنك تخرج من الغابة لإول مرة). استطاع مصطفى سعيدنا أن يبر بقسمه و يدفع أجواء المؤتمر الى عكسها تماماً و يحوله الى حلقة في مسلسل الكارثة التي بدلت ملحمة الحركة الاسلامية الى مأسأة و لعنة.
    لقد انتصر الشيخ الترابي عبر المؤتمر العام تحت رآيات الشورى و الشفافية و الوضوح و لكن طليعة الشؤم انتكست الى الطريق الذي تعرفه و تألفه.. التآمر ثم التآمر ثم الارهاب ثم القهر.. و كما توهموا أن الاغتيال تحول استراتيجي يمكن أن يغير التاريخ ، خدعوا أنفسهم بأن شق الصف الاسلامي و نقض قراراته سيمضي وفق أهوائهم. إن قرار حل المجلس الوطني الذي دفعوا اليه الرئيس عشية التعديل المرتقب للدستور ليوافي تطور خطة الحركة الموضوعة منذ سنوات هو الذي فتح الطريق أمام فتنة دارفور و فتنة الشرق و أجبرهم على قبول كل الأفكار و المبادئ التي بسطها لهم الشيخ من أصول الاسلام، و لكنهم أذعنوا لها على الأقل نظرياً و وقعوا على أوراقها تحت ضغوط الغربيين الكفارو كفى بها مذلة لمن أبى أن تكون العزة لله و لرسوله و للمؤمنين. و هي مذلة ستمضي عليهم سننها حتى النهاية و قد ساروا طريقها حذو النعل بالنعل، فبعد شق الحركة و بعد تسليم الاسلاميين و بعد تعريض البلد للتشرذم و التقسيم سيأخذ الغرب بخطام أنوفكم حتى تطبعوا مع إسرائيل في مشروع الصفقة التي قد تنجو بكم من محكمة لاهاي و لكنها لن تنجو بكم من ابتزازهم حتى يكبكم على وجوهكم في النار، و ما أحرى الدكتور نافع و ثلته بدعوة الحجاج بن يوسف: ( اللهم أغفر لي، فقد زعم أناس أنك لن تفعل). ثم قدر الله ألا يهربوا بعيداً بجريمة دارفور، أحاطت بهم دماء بريئة و أنفس استعصمت بالجبال و الوديان و الصحارى عن ظلمهم و عكفت تكتب القرآن صباح مساء. لكنهم أدركوها بالطائرات، و أكرر أن الجريمة و المجزرة ليست في عشرة آلآف ينتخبون من ينتخبون و يعضومن من يعضون و لكن الجريمة و الفضيحة أن تقصف شعبك بالطائرات مهما تكن المسوغات و الحجج سوى ما رسخ في القلب من الاستكبار و العنجهية و العنصرية و صدقه الإثم و العدوان.
    ان الذي أوقع عليكم القرارات 1590، 1592، 1593 هو ما كسبته أيديكم و ليس القوائم التي أعدها قادة المؤتمر الشعبي في الخارج - كما زعم الدكتور نافع و هو يخدع نفسه و يخادع الناس- ، ان الذي يستطيعه كاتب هذه السطور ان يكتب فيكم مثلها كل صباح و يقل لكم في أنفسكم قولاً بليغاً، و لكنه لم يفعل لأن الله سبحانه و تعالى لا يحب ذلك، و لأن بدوياً بسيطاً جاء من اغوار البطانة او مغـاويرها كما جاء الدكتور نافع لقال لنا ( كـعب الاقـربين اتفاتتـوا الامغـاس ) ولأنه أراد ان يلقي ببصره بعيداً نحو المستقبل و يغضه عن أمثالكم. أما أن جحافل ضباط الأمن الأذكياء منهم و الأغبياء المؤهلين منهم والعاطلين عن الموهبة والتأهيل إلا من رضـاً عـرقي او محسوبيـة و أرتال المرتزقة الذين تشترونهم بأموالكم وجيوش الدبلوماسيين والسفراء لم يخبروكم بحقائق العالم الصعبة، وبالذي يستطيع أن يؤثر على قرار امريكا و بريطانيا و فرنسا و مجلس الامن، و يجلبكم من آذانكم الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، و أن امساككم بمقاليد الحياة و الموت في السودان وتداولكم على المناصب في لعبة الشطرنج الانقاذية منذ ستة عشر عاماً لم يسعفكم في فهم طبيعة السياسة الدولية الراهنة و حقائقها فانها لا تعمى الابصار و لكن تعمى القلو ب التي في الصدور.
    و لو أن قادة المؤتمر الشعبي يقبلون المساومة على المبادئ و الأصول لجلسنا معكم في حل و سهل نرتع في أموال الشعب الحرام و نتطاول في البنيان و نحدث الناس كل يوم بلسان :

    و آل يزيد عليهم نعيم غلائل في السحن الزائفة
    و آل عليًّ عراة حفاة على الرمل يمشون في الصائفة
    و يسألنا سائل: و فيم اضطرراكم و المرارات و المحن الجمة المسرفة
    وان شئتم مثل من شاء كنتم .. ففيم و فيم ؟!
    نجيب : ولكنها الحمية والمعرفة
    درجنا علي الزود عن شعبنا
    و ذلك جد مكلف

    نـواصــل. . .

    لندن – أبريل 2005م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de