دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري.
|
علي ايام الدراسة، قضيت سنيني كلها تقريبا بمقهي النشاط معارضا للفكر الجمهوري، مما اضطرني لاعادة سنة دراسية كاملة، بسبب غيابي المستمر ، ما عدا محاضرات الفلسفة.
كان مأخذي الاساسي علي الاخوان الجمهوريين، ان فكرتهم "مسروقة" من الفلسفة الاغريقية.
بعد اعدام محمود، تغيرت نظرتي للفكر الجمهوري حيث كان لثباته وابتسامه في وجه الموت، تأثير كبير وان ظلت قناعاتي من حيث التفاصيل، كما هي.
بعد قدومي للولايات المتحدة، وبعد اكتشافي للمدرسة الافريقية واضطلاعي علي كتاب بروفسر George G.M.James,Stolen Legacy في نهاية الثمانينات، تبدلت حياتي وتغيرت نظرتي لنفسي وللعالم من حولي، تماما.
كثيرا ما كنت اسرح بخيالي بعيدا، وانا اتصفح هذا الكتاب، مستعيدا من شريط الذكريات ايام النشاط، صوت احمد المصطفي دالي، وهو يكرر علي مسمعي:
"امرنا ده ما فلسفة" او "شيل الفلسفة من راسك، عشان ما يقع ليك كلامنا ده"!
العنوان الجانبي او الثاني لكتاب بروفسر James الذي صدر في خمسينات القرن الماض كان يقرأ:
.Greek Phillosophy is Stolen Egyptian Philosophy
حينها تذكرت اصراري في اركان دالي، علي وصف الفكر الجمهوري بالمسروق، وتعجبت غاية العجب لكون العكس هو الصحيح!
نعم وطبقا لبروفسر James، كل الفلاسفة الاغريق من Thales 640 B.C الي Aristotal 322 B.C تلقوا دراستهم في مصر، الابنة الكبري لسودان اليوم!
رغم ان المراجع الاغريقية نفسها، تجمع علي هذه الحقيقة، لكن اي من هذا لايدرس او حتي يشار اليه، في مقررات الفلسفة الاغريقية اطلاقا!
كما نبهنا مرارا، لطبيعة الصراع، بل الحرب الضروس مابين الافارقة والغربيين حول تاريخنا القديم، هذا الجانب من تاريخ السودان او افريقيا القديم، يمثل جبهة الصراع الاساسية الان، بعد حسم معركة الاصل الافريقي، او السوداني تحديدا-للتاريخ.
فكتاب Mary Lefkowitz: Not Out Of Africa يمثل نموذج حي لهذا الصراع، حيث حاولت Mary Lefkowitzالتصدي لبروفسر James لتنتهي المحاولة بالطعن في مصداقية المؤرخين الاغريق انفسهم، من امثال هيرودتس وهو من اطلقوا عليه لقب "ابو التاريخ"!
نعم ابو التاريخ علي الاطلاق ولا تسألوني كيف!
دكتور ديوب يسمي هذا الاسلوب المعروف في اوساط المدرسة الغربية ب: Intelectual Acrobatics
بروفسر James يقول عن ديانة مصر القديمة او ديانة امون-رع الاتي:
It regarded the human body as a prison house of the soul, which could be liberated from it's bodily impediments, through the disciplines of the Arts and Science, and advanced from the level of a mortal to that of a God"!!
page#1
طلاب العلم الاغريق، من امثال افلاطون وفيثاقورث اطلقوا علي هذا الدين مصطلح "The Mystery System"التسمية في حد ذاتها تدلل بوضوع علي مدي الصعوبة اللتي واجهت العقل الغربي العلماني بطبيعته، في استيعاب مثل هذا الطرح الروحاني "اللدني" كاساس للمعرفة!
فيثاغورث كان الوحيد الذي حظي باحترام "شيوخه" كسالك او "حوار" من بين كل من درسوا هناك.
اما افلاطون فيبدو انه واجه صعوبة شديدة في التلقي علي هذا الاساس الجديد والغريب!
بروفسر James يمضي ليحدثا ان: The Egyptian "Mystery System" was alos a Secret Order,and membership was gained by initiation and pledge to serecy.
The teaching was graded and delivered orally to the Neophyte; and under these sercumstances of secrecy, the Egyptians developed secret systems of writing and teaching and forbade their Initiates from writing what they had learnt page#1
هكذا نضع ايدينا معا علي الخطوط الاولية الاولي لما اصطلح علي تسميته "بالتصوف" وهي كلمة اغريقية وغير عربية طبقا لعقلية التفسير العروبي للتاريخ، المهيمنة علي عقولنا المستعبدة-كما سنوضح.
ارجو من الاخ دكتور حيدر او الاخ طناش، المساعدة بالترجمة للنصوص الواردة علاه لو في طريقة وحصل مرو علي البوست ده يعني! مع خالص شكري مقدما!.
يتبع
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
قبل المواصلة، اود ان انوه للاتي:
كل ما يتعلق بتاريخ السودان القديم تمت صياغته بايدي وعقول غربية.
انا لا اتحدث عن التزوير والتلفيق بدوافع الهيمنة والعنصرية البحتة، ابتداء من عام 1829، ولكني اشير الي المصادر الاساسية المتمثلة في مساهمات قدماء الاغريق كشهود عيان، بالاضافة للوثائق المكتوبة باللغة الهيروغلوفية ونتائج الاكتشافات الاثرية.
مما يعني ان المادة المقدمة مصبوغة سلفا بقدر معين بقيم وعقلية الثقافة الغربية المختلفة تماما ومتقاطعة معظم الاحيان مع قيم وعقلية الثقافة الافريقية كمكون اساسي لهذه المادة.
هذا واضح جدا فيما يتعلق بالدين، حيث افسد تناول العقل الغربي العلماني"الحسي" لقيمنا الموغلة في الروحانية، لدرجة بعيدة، مما يتطلب منا ان نبدأ من الصفر، دراسة وصياغة لديانة التوحيد المروية، ام الاديان وكل امهات المعارف الانسانية قاطبة!
هنا يأتي السؤال: هناك سوداني واحد مؤهل للمشاركة في انجاز مهمة بهذه الضخامة؟
كلا ثم كلا!
نحن في حوجة لجيل كامل من العلماء علي شاكلة انتا ديوب، وعارفين بالله من عيار محمود محمد طه، فقط لنبدأ مشوار طويل كهذا.
حتي ذلك التاريخ دعونا نواصل التغذي من فتات مهضومات الكرشة العربية كما الصراير، وتقيؤات الفكر الغربي.
بالنسبة للنص الهيروغلوفي، الاشكال الاساسي يتمثل في ان اللغة نفسها رمزية وغير لفظية مما يجعل النص اقرب للوحة التجريدية منه للكتابة ذات الحروف الهجائية المنطوقة. هذا يفتح الباب واسعا للاسقاط الذهني والنفسي للقارئ وبالذات الشارح.
هكذا وصلنا النص الاصلي مترجم بالاغريقية، لتتم قراءته "هيروغلوفيا" بالاستعانة باللغة القبطية كممثل شرعي واوحد للغة "ابو الهول" مما يفضح البناء الايدلوجي التحتي الذي نهض عليه ما يسمي بعلم المصريات، او علم التلفيق الحديث.
حتي نستوعب هذه المعضلة المنهجية المفصلية في تناول العقل الغربي لموروثنا الروحي دعونا نتأمل ما قاله جان بول سارتر عن ما يحدث للغة الفرنسية عندما يكتب بها الافارقة شعر.
بالنسبة لي سارتر الافريقي، عندما يكتب باللغة الفرنسية، فهو يفرغ المفردة من "فرنسيتها" اولا:
It is only when they [the words] have disgorged their whiteness that he [the Black herald] adopts them, making of this language in ruins a solemn and sacret super language, in short, Poetry.
Cited by, Anta Diop, Civilization or Barbarism,p223
بناءا عليه كل ما صاغه الاباء المؤسسون للحضارة الغربية من شرح وتفصيل لموروثنا الروحي، هو في حقيقة الامر عملية افراغ للشحنة الروحية الاصلية، ثم شحن للقيمة المادية الحسية الغربية!
هذه خلاصة ما اسهم به اعمال الة العقل "العلماني" الاغريقي الجبار في كتلة الارث السوداني الروحاني، كما سيتضح لاحقا.
الشهيد محمود قام بنفس دور الوسيط الاغريقي، لكن من مواقعنا نحن، بتبنيه لخط الجمهورية من الجمهور كما سنشرح لاحقا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
هذه محاولة لترجمة ما ورد باللغة الأنجليزية أعلاه:
Quote: Greek Phillosophy is Stolen Egyptian Philosophy |
الفلسفة الأغريقية هى فلسفة مصرية مسروقة
Quote: It regarded the human body as a prison house of the soul, which could be liberated from it's bodily impediments, through the disciplines of the Arts and Science, and advanced from the level of a mortal to that of a God"! |
"يعتبر جسم الأنسان كسجن تسكن فيه الروح, و التى يمكن تحريرها من عوائق الجسد هذه من خلال التدريب على نظم المعرفة المنضبطة بشكل صارم للفنون و العلوم, و بالتالى التقدم و الأرتقاء من المستوى البشرى الفانى الى مرتبة الأله الخالد"
Quote: The Egyptian "Mystery System" was alos a Secret Order,and membership was gained by initiation and pledge to serecy |
"ان النظام الغامض" المصرى كان أيضا "قانون سرى" , و العضوية فيه يتم نيلها بتأدية طقوس و شعائر خاصة, و كذلك بأخذ العضو عهدا على نفسه بكتمان المعرفة التى سينالها."
Quote: The teaching was graded and delivered orally to the Neophyte; and under these sercumstances of secrecy, the Egyptians developed secret systems of writing and teaching and forbade their Initiates from writing what they had learnt |
"ان هذا التعليم مقسم الى مراتب و يتم تدريسه شفاهة الى الأعضاء المبتدئين, و تحت ظروف هذه السرية, طور المصريون نظام كتابة و تعليم سرى و منعوا الأعضاء الجدد من كتابة ما يحصلوا عليه من معرفة."
Quote: After the death of Aristotle, his Athenian pupiles, without the authority of the state, undertook to compile a history of philosophy, recognised at that time as the Sophia or wisdom of the Egyptians
|
بعد وفاة "أرسطو", قام طلبته الأثينيين, و بدون حصولهم على سلطة الدولة, بجمع و تصنيف تاريخ الفلسفة, التى عرفت فى ذاك الوقت بأسم "صوفية" أو "حكمة المصريين".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
محاولة ترجمة للنص أدناه:
Quote: It is only when they [the words] have disgorged their whiteness that he [the Black herald] adopts them, making of this language in ruins a solemn and sacret super language, in short, Poetry.
Cited by, Anta Diop, Civilization or Barbarism,p223
|
انه فقط عندما تفرغ – الكلمات – من "فرنسيتها" يقوم الأفريقى بتبنيها جاعلا من هذه اللغة الفقيرة الخربة لغة رفيعة تنضح بالجلال و الوقار و القداسة, باختصار, جاعلا منها شعرا. عن كتاب "شيخ أنتا ديوب – حضارة أم بربرية ص 223"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
تعريف مصطلح "صوفي او صوفية": لازلت اذكر وانا تلميذ بالمرحلة الابتدائية، كيف كنا نتواري خجلا عندما يذكر اسم قريتنا "كنكلاب"، لاقتران الاسم بالكلاب انطلاقا من تصور مسبق ان الكلمة عربية، ليأتي التعليق: الكانو كلاب، متي مااتي ذكرنا!
هذه اداة اساسية في تعريب او افتراض الاصل العربي لكل مناحي واوجه ثقافتنا الافريقية السوداء!
[لاحظ الاحساس غير المريح لوقع كلمة "السوداء" مقارنة بي كلمة السودان والتي افرغت من معناها الاصلي تماما]
وهكذا وانطلاقا من فرضية لفظة "صوفية"، كلمة عربية- المركزية العربية تفسر مدلول المصطلح علي نحو غاية في الغرابة، مما يدعو للسخرية!
فمن قائل ان كلمة صوفي من الصوف..الي اخر يشتق الكلمة من عبارة "اهل الصفة"..الخ
خلاصة الامر، بينما ما اصطلح علي تسميته "تصوف" يمثل مفتاح الشخصية السودانية، فهو غريب تماما عن مناخ ومزاج الشخصية العربية مما يؤكد طبيعة التصوف الوافدة من الخارج واقامته كضيف فقط، بين ظهراني الثقافة العربية، بدليل ان لا وجود يذكر للتصوف، في العالم العربي والمهد الشمالي للحضارة بصفة عامة، مقارنة بالسودان مثلا.
فكلمة صوفية او صوفيا، اغريقة بالكامل، لدرجة التطابق حتي في النطق! الاختلاف الوحيد يتمثل في استبدال حروف الكلمة الاغريقية بحروف عربية! واليكم الدليل:
After the death of Aristotle, his Athenian pupiles, without the authority of the state,undertook to compile a history of philosophy, recognised at that time as the Sophia or wisdom of the Egyptians
page:"10
جماعة الاسلام السياسي في السودان وكما اورد عبد الوهاب الافندي في كتابو ثورة الترابي، ترجع التصوف للهند. المصادر العربية ايضا تشير الي تلقي الحلاج للتصوف في الهند.
سنتناول هذه الفرية عندما نعود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
و هذه اضافة صغيرة تأكيدا للأصل السودانى – الأفريقى الأسود - "للصوفية", مقتبسة من كتاب "أثينا السوداء" للباحث الدبلوماسى "مارتن بيرنال": لقد أعجب "ايسوكراتيس" – و هو الخطيب الأثينى البارز فى الدعوة الى فكرة الجامعة بين الدويلات الأغريقية و الأعتزاز بالثقافة الأغريقية – بنظام الطبقات و بحكم الفلاسفة و صرامة و سائل التربية "Paideia", التى كان يتبعها الفلاسفة / الكهنة المصريون و التى أنتجت "الرجل المتأمل" "Aner theoretikos" الذى كان يستخدم حكمته العليا لصالح دولته. كذلك فقد أدى تقسيم العمل الى و جود "وقت فراغ" Schole – بكسر ال E – مكن بدوره من "التعلم" Schole – بفتح ال E – و فوق هذا فقد أصر "أيسوكراتيس" على أن الفلسفة (حب الحكمة) Philosophia كانت نتاجا مصريا و كان لا يمكن الا أن تكون كذلك. حقيقة ان هذه الكلمة (الفلسفة) كان يستخدمها "الفيثاغورثيون" المتمصرون (المنتمون الى مصر ثقافيا) لبعض الوقت – ربما منذ القرن السادس ق.م – و لكن أحد استخداماتها الأكثر قدما و التى ظلت سائدة جاءت من خطاب "بوزيريس".* * كلمة Sophia = الحكمة مشتقة من الهيروغلوفية بمعنى "أعلم , تعلم", و يناقش "مارتن بيرنال " ذلك فى الجزء الثانى من كتابه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
بارك الله فيك يا حبيب، والمساهمة مقدرة جدا. لاحظت لي عبارة "بارك" من BA, RA, KA!
هل التصوف مصدرو الهند؟
ابدا!
الهند او اي بقعة اخري في العالم اخذته من السودان المروي "كوش" مهد ديانة التوحيد علي الاطلاق باجماع كل المؤرخين تقريبا!
كما ذكرنا من قبل، الهند كانت واحدة من مستعمرات كوش، كمصر وجنوب الجزيرة العربية، وايران الحالية والعراق وفلسطين.
واليك عزيزي القارئ بعضا من المراجع العديدة جدا في هذه النقطة: A)قدماء الاغريق: ملخصا رأي قدماء الاغريق،Sir E.A.Wallis Budge يقول: According to Homer and Herodots, the inhabitants of the following teroteries were Ethiopians: 1. The Sudan 2.Egypt 3.Arabia 4.Palestine 5.Western Asia 6.India See, a Hhistory of Ethiopia, Vol. 1, pp. 1-2
B)من المعاصرين الاعلام، Sir Godfery Higgins يقول: There were two Ethiopians, one to the east of the red see, and the other to the west of it; and a very great nation of Blacks from India, did rule over almost all Asia in a very remot era,in fact beyond the reach of history of any of our record See, Anaclypsis, Vol. 1
فسكان الهند الاصليين هم ال"Dravidians" كما ذكرنا من قبل، قبل قدوم ال"Aryans" من الشمال، حيث بدأ نزوحهم الجماعي الي جنوب الكرة الارضية،ابتداء من 1500ق.م، ليغيروا شكل التركيبة السكانية للعالم الكوشي القديم، الي شكله الحالي.
ال"Oral Traditon" لل"Drqavidians" يشير الي مروي كموطن للاجداد!
اغرب من الخيال، لكني تأكدت من هذه الرواية بنفسي حينما التقيت باحدهم هنا في كالفورنيا.
هذه الخلفية هي سر الارتباط الوثيق والغامض بين الكثير من العادات والتقاليد المشتركة بين الهند والسودان في الازياء وبالذات الحلي الذهبية.
لانود الخوض في هذا الجانب، نتمني ان يسعفنا الوقت لافراد بوست منفرد لعلاقة السودان بالهند.
اذا كانت البوذية هي اساس كل المتقدات في الهند، فكل المراجع تتفق علي بودا هذا كان كوشيا اشبه ما يكون بنوبة الجبال في التمثال المنحوت في الصخر، والذي اكتشف في فيتنام في 875م.
البوذية وكل معتقدات وفلسفات غرب اسياك كونفيوشن في الصين، زرادشت في ايران،زاها في اليابان..الخ، لا تذهب ابعد من القرن السادس ق.م طبقا للمختصين حسب ما اورد دكتور ديوب.
فبعد سقوط مصر تحت الاحتلال الاجنبي بنهاية الاسرة 25[بعانخي] في 661ق.م وبالذات علي عهد الفرس لاحقا، تعرض اعلام ديانة امون او صوفية ذلك الزمان للاضطهاد مما اضطرهم للفرار بدينهم في ارجاء الارض، هائمين في الصحاري كرهبان، وبوذا كان واحدا منهم.
Gerald Massey وهو علم في راسه نار واحد المراجع الاساسية في عصرنا الحديث في ديانة مصر القديمة، كتب حول هذ الموضوع قائلا:
It is certain that the Black Buddha of India was imaged in the Negroid type. In the black Negrow God, whether called Buddha or Sut-Nahsi we have a datum. They carry thier color in the proof of their origin. The people who first fashioned and worshipped the divine image in the Negroid mold of humanity must, according to all khowledge of human nature, have been Negroes themselves. For blackness is not merely mystical, the features and hair of Buddha belong to the black race and Nahsi is the Negro name.
Book of the Beginnings,Vl.1(New York, 1932
لك الله يا قيرالد ماسي! ما اعظمك، مااعدلك، وما اعلمك!
اذكر القارئ ان Nahsi "محسي" كان من اوائل الاسماء اللتي اطلقت علي سودان اليوم!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
]محاولة ترجمة للنصوص أدناه:
Quote: Sir E.A.Wallis Budge يقول: According to Homer and Herodots, the inhabitants of the following teroteries were Ethiopians: 1.The Sudan 2.Egypt 3.Arabia 4.Palestine 5.Western Asia 6.India See, a Hhistory of Ethiopia, Vol. 1, pp. 1-
|
يقول "واليس بادج" ملخصا رأى قدماء الأغريق أنه بالنسبة الى "هومر" و "هيرودوتس" أن سكان المناطق التالية كانوا "أثيوبيون": 1- السودان. 2- مصر. 3- الجزيرة العربية. 4- فلسطين. 5- غرب آسيا. 6- الهند. (أنظر تاريخ أثيوبيا المجلد الأول)
Quote: B)من المعاصرين الاعلام، Sir Godfery Higgins يقول: There were two Ethiopians, one to the east of the red see, and the other to the west of it; and a very great nation of Blacks from India, did rule over almost all Asia in a very remot era,in fact beyond the reach of history of any of our record See, Anaclypsis, Vol. 1
|
يقول "سير جودفرى هيجينز": هناك اثنين من "الأثيوبيين", أحدهم الى الشرق من البحر الأحمر, و الثانى الى الغرب منه, و هناك شعب تعداده ضخم من السود استطاع أن يحكم تقريبا كل القارة الآسيوية من الهند فى فترة سحيقة من الزمان, فى الحقيقة أبعد من أى سجلات تاريخية فى حوزتنا.
Quote: ال"Oral Traditon" لل"Drqavidians" يشير الي مروي كموطن للاجداد! |
التراث الشفاهى بالنسبة " للدرافيديين = الجنس الهندى الفاحم السواد ذو الشعر الناعم", يشير الى "مروى" كموطن للأجداد.
Quote: Gerald Massey وهو علم في راسه نار واحد المراجع الاساسية في عصرنا الحديث في ديانة مصر القديمة، كتب حول هذ الموضوع قائلا: It is certain that the Black Buddha of India was imaged in the Negroid type. In the black Negrow God, whether called Buddha or Sut-Nahsi we have a datum. They carry thier color in the proof of their origin. The people who first fashioned and worshipped the divine image in the Negroid mold of humanity must, according to all khowledge of human nature, have been Negroes themselves. For blackness is not merely mystical, the features and hair of Buddha belong to the black race and Nahsi is the Negro name.
Book of the Beginnings,Vl.1(New York, 1932
|
"جيرالد ماسى" أحد أعلام ديانة مصر القديمة فى عصرنا الحديث يقول: أنه من المؤكد أن "بوذا الأسود" الهندى تم تصوره فى شكل " زنجوى". أنه فى هذه الآلهه "الزنجية", فيما لو كانت تسمى "بوذا" أو "سوت – ناحسى", تكمن حقيقة. لقد كانوا يحملون لونهم الأسود هذا للدلالة الى أصولهم العرقية. اذ لابد ان يكون البشر الذين فى البدء صمموا و عبدوا هذا الشكل الرائع المنحوت فى قالب "زنجوى" للجنس البشرى, و اضعين فى الاعتبار كل معارف الطبيعة البشرية, "زنوجا" أنفسهم. لأن اللون الأسود لا يدل على الغموض فحسب, اذ أن ملامح و شعر "بوذا" تمت الى العرق الأسود و " ناحسى" ما هو الا اسم "الزنجى". ( كتاب البدايات المجلد الأول - 1932)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
نسبة للصلة الوثيقة، ما بين ديانة التوحيد السودانية"المروية" او التصوف والفلسفة الاغريقية كما واضح حتي في تركيبة كلمة Philo..sophy، سنحاول قدر الامكان تفادي الانجراف خلف تاريخ الفلسفة، والتركيز قدر الامكان علي التصوف.
من امهات المشاكل متي تحدثنا عن البدايات الاولي لهذه العقيدة واللتي مرت بمراحل تطور متعددة ومعقدة عبر الاف السنين، هي مشكلة التقويم "Chronology" المتعلقة ببداية حضارة مصر القديمة.
التعقيد المحيط ببداية حضارة مصر كمستعمرة للسودان القديم، ناشئ من الرغبة الخفية لمدرسة علم المصريات الاوربية، في ربط تاريخ بداية حضارة مصر"3400ق.م" بتاريخ بداية حضارة بابل او بلاد الرافدين لاسباب ايدلوجية بحتة لا نود الخوض في تفاصيلها هنا.
كنموذج للصعوبة البالغة المحيطة باعطاء تاريخ معلوم ومتفق عليه لبداية هذه الحضارة ومن ثم العقيدة، نشير لما يعرف "بالسنة العظمي" المكونة من 26,000 سنة!
طبقا ل "Gerald Massey" فقد تم اكتشاف السنة العظمي من 39,000 سنة خلت!
عليه السنة الثانية "العظمي" بدات من 13,000 سنة مضت او 10,858ق.م وتعرف هذه السنة "الدهر" ب Leo " برج الاسد".
السنة الثالثة تبدأ ما بين 8702-8698ق.م وتعرف ب Khepera او Cancer"برج السرطان".
Khepera او الخنفسانة بالدارجي، او ال"كوكندارا" بلهجة الدناقلة -ترمز لمفهوم الصيرورة كما سنفصل لاحقا، عندما نتناول مفهوم "الخلق" في هذه العقيدة.
هذا المفهوم القائم علي مبدأ الصيرورة او "الجدل" مطابق في جانب منه علي نحو مدش لمفهوم محمود محمد طه!
فيما يتعلق بالسنة العظمي راجع: Echoes of The Old Darkland,Charles S.Finch,pp123,124,125
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
مزيدا من الأضاءة فى تأكيد عمق دين "التوحيد" عند السودانيين نقتبسها من دراسة أعدها "عبد العزيز سيد أحمد" لسمنار "معهد الدراسات الآسيوية و الأفريقية" بجامعة الخرطوم, ما بين 2- 8 مارس 1985 و الخاص بحضارة "النوبة", و الدراسة بعنوان "التوحيد عند النوبيين":
( كان القائد " جوهر الصقلى" قد أسس " القاهرة و أقام دولة " الفاطميين" و أرسل "سليم الأسوانى", من كبار دعاة الفاطميين الى " قرقة بن زكريا" ملك "النوبة" يدعوه الى الدخول فى الاسلام و المذهب " الاسماعيلى الفاطمى" حيث جرت المحاورة الشهيرة فى بلاط ملك " النوبة", بين مبعوث الفاطميين و رجل من الجباليين – سكان الجبال - حيث صادف وجوده فى بلاط الملك. سأل " الأسوانى" الرجل فى حضور الملك عن بلده ؟ قال : مسافته الى النيل ثلاثة أهلة. و سأله عن دينه؟ فقال : ان ربى و ربك و رب الناس كلهم واحد. و عن مكانه أين يكون؟ فقال : فى السماء وحده سبحانه. و قال : أنه اذا أبطأ عنهم المطر أو أصابهم الوباء أو وقع بلاء و بهم آفة, صعدوا الى الجبل و دعوا الله فيجابون للوقت و تقضى حاجتهم قبل أن ينزلوا. فسأله الأسوانى هل أرسل فيهم رسول ؟ فقال : لا. فذكر له الأسوانى بعثة موسى" و " عيسى" و "محمد" و ما أبدوه من معجزات. فقال : اذا كانوا فعلوا هذا فقد صدقوا ثم قال قد صدقتم أن كانوا فعلوا. و نحن نستنتج من هذا الحوار أربع مسائل هامة: أولا : التسامح الدينى العظيم الذى جعل ملك " النوبة" يسمح بمثل هذا الحوار الفلسفى أمامه و فى بلاطه مما يدل على ثقته بمعتقداته و رسوخها مع ما يلزم ذلك من قناعة فلسفية و ليس ايمانا أجوفا عاطفيا فقط. ثانيا : أن هذا الرجل الذى و جده الأسوانى فى بلاط الملك " النوبى" "قرقى بن زكريا" كان من الموحدين من سكان الجبال بدليل موقع بلده على مسافة شهر و نصف قمرى من النيل و بدليل معتقداته التوحيدية ربما من " دارفور" أو " كردفان". ثالثا : أن التوحيد كان قائما و موجودا و معتقدا راسخا قبل و صول أى رسالات الى هؤلاء و دون حوجتهم الى رسل و أنبياء, و لعل مثل هذه الوقائع هى التى أوحت الى الفيلسوف العربى " أبى بكر بن طفيل" بعد قرنين من هذا الزمان, قصة " حى بن يقظان". رابعا : أنه ثمة تعايش بين مختلف الملل و العقائد المحلية و المسيحية تحت ظل مملكة " النوبة" المسيحية المترامية الأطراف, و لا يكون هذا غريبا اذا ما قورن بما هو حادث فى سودان اليوم ذى الملل و النحل و العقائد و الأديان. [ هذه الدراسة قدمت فى 1985 قبل أن يجثو نظام "الأنقاذ" على صدر الشعب السودانى] .. )
و يواصل الباحث فيقول بعد سقوط الممالك المسيحية: ( ... انتهت المسيحية فى السودان كدين رسمى و لكنها لم تنتهى كعلامة و يقين و طقوس و ممارسات يومية عن طريق الهداية و التبشير و وجدت الأرض الخصبة و العقل الواعى المتحضر و الروح المؤمنة الخاضعة الى الله المسلمة به فى السماء واحدا فلم يكن ثمة تغيير كثير فى أعماق الانسان النوبى حيث صار المعبد القديم كنيسة و الكاهن قسيسا و الثالوث الآمونى ( آمون – موت – خنسو ), ألأم الأب الأبن [الروح – الأم – الأبن], ثلاثة أوجه لشىء واحد فى السماء خلق الوجود و جاء ليطهر العالم عما لحق به من درن و علق به من اثم, و امتلأت جدران الكنائس باللوحات التى تعبر عن هذه المضامين الروحية التوحيدية دون المساس بالتفاصيل, فأنحدرت كثير من العادات و الطقوس المروية القديمة الى المسيحية " اليعقوبية" و صارت الرسومات ترمز الى المسيح و أمه بدلا عن [موت – خنسو] بينما ظل الروح القدس فى السماء حيث كان دائما. فالمسيحية لم تغير جوهر اعتقاد "النوبى" فى الله ......... و حدث الشىء نفسه عندما جاء الاسلام ..... فمرة ثانية تحولت الكنائس الى مساجد, و صار القس شيخا أو فقيها و مع الصوفية و رجالها انتشر الأولياء هنا و هناك و فى جميع أنحاء السودان و هم لهم كرمات و قدرات خارقة على النفع و الضر تذكر النوبى بالآلهة الكثيرة الصغيرة و المنتشرة فى المدن و القرى قبل آلاف السنين تنفعه و تضره بالرغم من وجود اله أكبر فى السماء. و انتقلت كثير من التقاليد و الطقوس القديمة فى يسر و سهولة من "مروى" و "البركل" و " الكوة" عبر المسيحية و عبر القرون و من خلال الانسان "النوبى" الى تقاليد كأنها اسلامية و ان كانت هى بعيدة عنه و مازال السودان فى جميع أنحائه ملىء بالتقاليد و الطقوس التى يمكن ارجاع أصلها الى عبادة آمون أو الشمس أو تقديس النيل, و انتشرت الطقوس المسيحية النوبية بكل صورها المروية و استطاع "النوبى" المسالم الطيب الكثير المعبودات الجانبية و المؤمن بالسحر و الطوطم و النيل و الشمس و الحيوان و الصابر الزارع الراجى حصاد الشهور و المنتظر الفيضان كل عام, هذا الانسان "النوبى" استوعب المسيحية حتى لم يبق فى بلاد "النوبة" و ثنى واحد, ثم جاء الاسلام و اعتنقه حتى لم يبق فى بلاد "النوبة" مسيحى واحد و لم يتغير شىء فى مكانه و تغيرت الاسماء و الأطر و التفسيرات لنفس الظاهرة. )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
نقلا عن "بوست": "نوبيون أم قبليون جدد", لعلاقته بموضوع هذا "البوست":
محكمة "أوزيريس"
( اليكم النص الشهير الذى يقدم فيه المتوفى الحساب عما فعله فى الحياة الدنيا للمحكمة التى يرأسها الأله "أوزيرى", و هو مذكور فى ما اصطلح المؤرخون "الأوروبيون" على تسميته ب"كتاب الموتى", بينما الأسم الحقيقى لهذا الكتاب هو :" القادم الى الأمام ليلا و نهارا – The coming forth by day & by night". و سيتبين لنا بوضوح أنها على غرار عقيدة يوم الحساب فى الأديان الثلاثة: اليهودية و المسيحية و الاسلام: < " لم أرتكب خطيئة ضد البشر .. و لم أفعل شيئا يكرهه الآلهة. و لم أكدر أحدا أمام رئيسه, و لم أترك أحدا جائعا. و لم أدفع أحدا الى البكاء, و لم أقتل. و لم أتسبب فى آلام أحد. و لم أقلل من الغذاء فى المعابد, و لم آكل من خبز الآلهة. و لم أسرق قرابين الموتى, طوبى لهم ... و لم أطفف مكيال الحبوب, و لم أقصص مقياس الطول أو أطفف الميزان أو أحرف مؤشره. و لم أنتزع اللبن من فم الطفل. و لم أحرم الماشية من مرعاها .. و لم أحتجز ماء الفيضان فى موسمه, و لم أقم حاجزا أمام الماء الجارى ... و لم أتسبب فى خسائر فى القطعان الموقوفة على المعابد ... المجد لك يارب ... انى قادم اليك بلا خطيئة و بلا شرور ... لقد نفذت ما يرضى الآلهة ... فأعطيت الخبز للجوعان, و الماء للعطشان, و الملابس للعارى, و معبرا لمن ليس لديه قارب. لقد قدمت القرابين للآلهة و هدايا جنائزية للموتى, طوبى لهم. أنقذنى و أحفظنى. انك لن تتهمنى أمام الاله الأعظم. أنا انسان فمه نقى و يداه طاهرتان, و من يرونه يقولون: "مرحبا بك". ")
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
طناش، فوق دربك!
في المرحلة القادمة محتاجين لخدماتكم التوثيقية، بالحاح! لو في طريقة عايزين الصور الاتية: -shinx 1او ابو الهول. -Aha 2 او Narmer اول الفراعنة ومؤسس مصر القديمة 3400ق.م. -Ausir3 او Osiris
من المرة القادمة سنبدأ باستعراض "الرؤية للعالم" وفق عقيدة التوحيد السودانية الصوفية.
سننشر النص الكامل لملخص العلامة ديوب، ل"المذاهب" الاربعة او النظريات الاربعة لهذه العقيدة.
هذا الملخص "يكاد" يشتمل علي كل ما اعتمل في عقول مفكري البشرية علي مدي الستة الف سنة، الماضية!!!
بمافيها الفكر الجمهوري، مما يؤكد مقولة ان"لا جديد تحت الشمس"!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
الفرعون "نعرمر" أو "مينا":
و قد سجل "شيخ أنتا ديوب" تحته التعليق التالى: "نموذج للزنجى يمثل أول فراعنة "مصر" الذى وحد الصعيد و الوجه البحرى لأول مرة فى تاريخ "مصر" و من الواضح بكل تأكيد أنه ليس آريا أو هندو - أوروبيا, أو ساميا, بل أسود بلا جدال.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
Egyptian Cosmogony
Egyptian "Cosmogony" as sumerized here is the one attested to by the texts of the pyramids "2600B.C", so that we may stick to sure facts, meaning, to the epoch when even the Greeks did not exist in history yet, and when the Chinese and the Hindu philosophies were meaninigless.
One can distinguish three great systems of thoughts in Egypt that tried to explain the origin of the universe and the appearance of all that is; the Hermopolitan system, the Heliopolitan system, the Memphite system, and to tyhis can be added the Theban system The summary below condenses the essentials of these four doctrines, but it's rigorously faithful to the Egyptian texts; it is not a tenddenious interpretation. قال "تجسير الهوة" قال!عيييييييييييييييييييك!
يتبع..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
Egyptian Cosmogony
عزيزي القارئ، هذه لمقدمة دكتور ديوب وهو يلخص المذاهب او المدارس الاربعة اللتي تشرح رؤية الديانة المصرية "تقرأ سودانية" للعالم او الوجود. دكتور ديوب يقول:
هذا الملخص لرؤية الدياتة المصرية للعالم تستند اساسا علي الوثيقة المعروفة ب"Texts of the Pyramids"واللتي يعود تاريخها الي 2600ق.م. حينها لم يكن للاغريق وجود يذكر في التاريخ، وفلسفات الهنود والصينين، لم يكن لها معني.
كانت هناك ثلاث مدارس للفكر تحاول شرح اصل العالم، وكيفية بروز المخلوقات للوجود. وهذه المذاهب هي: A) نظام هيرموبولتن " نسبة لمدينة هيرموبولتن". B) نظام هيليوبولتان " نسبة لمدينة هيليوبولتان". C) نظام ممفس " نسبة لمدينة ممفس". D) بلاضافة للنظام "الطيبي"،" نسبة لمدينة طيبة"، كنظام رابع.
الملخص التالي، يدمج جوهر المذاهب الاربعة مع الالتزام الصارم بروح النص.
عزيزي القارئ ننتقل بك الان الي صلب ملخص المذاهب الاربعة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
فيما يلي ملخص ديوب ل"المذاهب الاربعة"!: According to these systems, the universe was not created ex nihilo, on a given day; but there has always existed an uncreated matter, without a beginning or an end (the apeiron, without limit and without determination, of Anaximimander, Hesiod,etc); this chaotic matter was, in origin, the equivalent of non-being, because of the sole fact that it was unorgnized; thus, non-being is not, here,the equivalent of nothingness, from which would rise, no one knows how, the matter that would be the substance of the universe
This chaotic matter contained at the archetypal state(Plato) all the essences of the body of the future beings that, one day, would be called existence; sky, stars, earth, air, fire, animals, plants, human beings,etc.
This primordial matter, the nous or the "promordial waters," was elevated to the level of divinity (called Nun in Egyptian cosmogony). Thus, from the start, each principle of the explanation of explanation of the universe is doubled by a divinity, and as philosophical thougt developed in Egypt, and more particulary in Greece (materialistic school), the latter replaced the former
Primitive matter also contained the law of transformation, the principle of evolution of matter through time, equally considered as a divinity;Khepra.
It is the law of becoming that, acting on matter through time, will actualize the archetypes, the essences, the beings who are therefore already created in potentiality, beofre being created in actuality, etc. Thus Plato's "the Same and the Other", the theory of reminiscense, etc; and Aristotle's matter and privation, potentiality and actualiy, etc.
Thus carried by it's own evolutionary movement, eternal matter, uncreated, by dint of going through the stages of orgnization, ends up by becoming self-awre. The first consciousness thus emerges from the primordial Nun; it is God, Ra, the demiurge (Plato) who is going to complete creation
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
فيما يلي عزيزي القاري، ترجمة، اقرب للشرح، للنص اعلاه، للعلامة ديوب:
ملخص ديوب ل"المذاهب الاربعة":
طبقا لهذه المذاهب، الوجود لم يخلق من عدم في يوم محدد، ولكن علي الدوام وجدت مادة غير مخلوقة "الماء" بلا بداية او نهاية (the apeiron, without limit and without determination, of Anaximimander, Hesiod,etc); "مفهوم" العدم هنا يعادل حالة الفوضي وعدم النظام في هذه المادة الازلية، واللتي احتوت علي كل عناصر الوجود اللاحق (Plato) كالسماء،النجوم، الارض، الهواء، النار، الحيوانات، النباتات، البشر..الخ. هذه المادة الازلية، "المياه الازلية" فقد تم ترفيعها الي درجة الالوهية (تسمي Nun"نون"). هكذا ثنايئة الاولوهية "الروح" والمادة، لازمت كل مظاهر الوجود منذ البداية. مع تقدم التفكير الفلسفي في مصر واليونان(المدرسة المادية)، الثانية استبدلت الاولي.
المادة الازلية احتوت علي مبدأ الصيرورة "الجدل" كاساس لتطور المادة عبر الزمن، وهذا المبدأ روحاني ويسمي Khepera.باعمال قانون الصيرورة في المادة الازلية، تبرز الي حيز الوجود الفعلي عناصر المخلوقات المركوزة، "في مستوي الاسم"Thus Plato's "the Same and the Other", the theory of reminiscense, etc; and Aristotle's matter and privation, potentiality and actualiy, etc
حركة تطور المادة الازلية، الغير مخلوقة وهي تنتقل من حالة الفوضي للنظام، انتهي بها الي الوعي بالذات. اول وعي للمادة الازلية "نون-الماء" تمثل في الذات الالهية، رع the demiurge (Plato) والذي سيكمل عملية الخلق "عن طريق الكلمة كما سيأتي لاحقا".
االعبارت التالية من عندي: 1)مفهوم 2)الروح 3)الجدل 4)نون 5)مستوي الاسم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
طناش اخوي، الله يكون في عونك لانو القطعة دي "عضم" من ناحية ترجمة!
عزيزي القارئ، لا ادري ما وقع القطعة اعلاه عليكم، من جانبي فقد ذهلت تماما عند اضطلاعي عليها اول مرة، خاصة اذا ما وضعنا في الاعتبار القدم الضارب في اعماق، اعماق التاريخ لهذا الفهم المذهل للوجود وعملية الخلق او التكوين، والذي لم تتجاوزه البشرية الي اليوم، كما سنوضح!
لقد صدق Count C.F.Volney عند ما قال:
There are people now forgotten discovered while others were yet Barbarians, the elements of the Arts and Sciences.A race of men now rejected for thier Black skin and wooly hair founded on the study of the Laws of Nature those civil and religious systems which SILL GOVERN THE UNIVERSE
See, Ruins of Empire,1789,preface of the 1st edition
في كتاب اخر له اضاف:
This race of Blacks...is the very one to which we owe our arts, our sciences, and even the use of the spoken word..
Voyages en Syrie et en Egypte, Paris, 1787,Vol.1pp74-75
لنوضح كيف ان ملخص ديوب لرؤية اجدادنا الصوفي للوجود تمثل اساس ما تواضعت عليه البشرية في مجال الفلسفة والدين، سنبدأ بالفلسفة ثم نعرج علي الاديان، ونختتم بالفكر الجمهوري -الوريث الشرعي لارثنا الروحي، واملنا في التواصل مع هذا الموروث بعد ان هوت به طرقنا الصوفية الي اسفل سافلين.
طبعا لا يعقل ان تظل مؤسسة الطرق، جزيرة معزولة معلقة في الهواء في محيط يتدحرج بكلياته نحو الهاوية، علي مدي ال2600 سنة الماضية، وبالذات ال500سنة الاخيرة ثم ال50سنة الحالية.
عندما نصل الي محطة الغكر الجمهوري في هذا السرد، سنناقش ان كانت الحركة الجمهورية علي قدر مسئولية الثورة الثقافية القادمة، لامحالة!
(عدل بواسطة Bashasha on 01-25-2004, 07:58 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
محاولة ترجمة للنصوص الواردة أعلاه:
Quote: لقد صدق Count C.F.Volney عند ما قال: There are people now forgotten discovered while others were yet Barbarians, the elements of the Arts and Sciences.A race of men now rejected for thier Black skin and wooly hair founded on the study of the Laws of Nature those civil and religious systems which SILL GOVERN THE UNIVERSE See, Ruins of Empire,1789,preface of the 1st edition
|
هناك أناس الآن قد تم نسيانهم اكتشفوا, بينما البقية كانوا لا يزالون "برابرة", مبادىء الفنون و العلوم. انه جنس من البشر الآن يضطهدون لمجرد لون بشرتهم السوداء و شعرهم الصوفى "الخشن", قد اكتشفوا فى دراستهم لقوانين الطبيعة هذه النظم المدنية و الدينية التى مازالت تتحكم فى العالم. ( أنظر "أطلال امبراطورية" 1789 م مقدمة الطبعة الأولى )
Quote: في كتاب اخر له اضاف:
This race of Blacks...is the very one to which we owe our arts, our sciences, and even the use of the spoken word.. Voyages en Syrie et en Egypte, Paris, 1787,Vol.1pp74-75
|
هذا الجنس الأسود .... هو ذات الجنس الذى ندين له بفنونا و علومنا العصرية, بل ندين له حتى باستعمالنا للكلمات التى نتحدث بها. ( أنظر رحلة الى سوريا ة الى مصر. باريس 1787 م , المجلد الأول)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: kofi)
|
"بشاشا" .. دى لغة انجليزية, مع انجليزى "سلم تعليم محى الدين صابر" سىء الذكر, مش "عضم" و بس .. ده اسمنت مسلح عديل. و لكن لن تقف أمام رحلة تواصلنا مع تاريخ أجدادنا ملوك وادى النيل "السود", ما اصطنعه "محى الدين صابر" - تصحبه اللعنات - من عراقيل. و فى لقاء أخير معه, و قد بلغ أرذل العمر, سألوه عن كيف يقيم نتائج "سلمه التعليمى", فقال: "النتائج كما تروها الآن" !!, يقصد انتصار التيار "الاسلاموى" و حملته الجهادية فى الأسلمة و التعريب. ترى ما كان الغرض من زواجه من "زانداوية" ابان ابتعاثه من "مصر" الى جنوب السودان بغرض اجراء دراسة ما !!!؟؟؟ و عراقيل اللغة هذه, التى كرست عن عمد, تجعلنا ندرك أن الغرض لم يكن فقط منح السودان و جها عروبيا و انما لأن امتلاك السودانيين ناصية اللغة الأنجليزية سيمكنهم من نهل المعرفة من منابعها و بالتالى سيتعرفون من ضمن ما سيتعرفون عليه ما كتب عن تاريخهم القديم و حضارتهم أصل الحضارات البشرية, و ما نحاول أن نصله الآن من معلومات هامة تفك ما اكتنف هويتنا و مجتمعنا من طلاسم و غموض. سأحاول الترجمة حتما بمعانى ليست دقيقة, ما استطعت الى ذلك سبيلا .. اذ بدون ادراك هذه المعانى لن يصل هذا "البوست" الى ما يصبو اليه ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
الاخوان، ابو الريش، دكتور حيدر، عادل، كوفي. شكرا علي الطلة.
دكتور حيدرعاجزين عن الشكر لحسن ظنكم بينا، وربنا يقدرنا نكون علي قدر هذا المقام.
الحوجة ماسة لي خدماتكم في الترجمة، بالذات ملخص ديوب لديانة التوحيد.
البعد الجمهوري "العرفاني" مهم خالص في نقل هذه القطعة النادرة لدكتور ديوب، للغة العربية.
عزيزي طناش انت ماعندك الكتاب والفصل الفيه نقاش للملخص ديا، ممكن ننتظر شوية لحدي ما نناقش جوانب هذه القطعة، بعد داك نحاول الترجمة معا. ولا رايك شنو؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
للأسف يا "بشاشا" .. لا يوجد هذا الفصل الخاص بالديانة المصرية القديمة, فالمصريين مترجمين كتاب "شيخ أنتا ديوب" ترجمة انتقائية, يعنى ترجموا العايزنوا فقط. هناك فصول كاملة لم يتم ترجمتها, أشاروا الى بعضها مثل الفصول المتعلقة بتطوير اللغات القومية الزنجية, و نماذج ترجمات لمختلف النصوص العلمية (الرياضيات, و الفيزياء, و الكيمياء, و قوانين النسبية), بالأضافة الى دراسة المقارنة بين لغتى الولوف و السرير, و ترجمات النصوص الأدبية الى لغة الولوف. حتى عنوان الكتاب : "الأمم الأفريقية و الثقافة", ترجموه الى : "الأصول الزنجية للحضارة المصرية", و فى الغلاف الأخير كتبوا:"تقدم دار العالم الثالث رسالة "شيخ أنتا ديوب" الى جمهور القراء المصريين, و هو المعنى الأول بها, حتى يشرع - هو الآخر - فى اعادة النظر فى جذوره الأفريقية و فى انتمائه الى هذه القارة". اذا كان الجمهور المصرى "هو المعنى الأول" بكتابات "أنتا ديوب" و مال "الجمهور السودانى" يكون شنو !!!!؟؟؟؟ نعم .. لابد من التريث لحين تجاوز عقبة ترجمة نصوص "أنتا ديوب" اذ أنها تشكل حجر أساس لهذا "البوست". سأبعث لك بمحاولاتى للمشاركة فى التصحيح و التعديل قبل تحميلها فى "البوست".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
فيما يلي عزيزي القاري، ترجمة، اقرب للشرح، للنص اعلاه، للعلامة ديوب:
ملخص ديوب ل"المذاهب الاربعة":
طبقا لهذه المذاهب، الوجود لم يخلق من عدم في يوم محدد، ولكن علي الدوام وجدت مادة غير مخلوقة "الماء" بلا بداية او نهاية (the apeiron, without limit and without determination, of Anaximimander, Hesiod,etc); "مفهوم" العدم هنا يعادل حالة الفوضي وعدم النظام في هذه المادة الازلية، واللتي احتوت علي كل عناصر الوجود اللاحق (Plato) كالسماء،النجوم، الارض، الهواء، النار، الحيوانات، النباتات، البشر..الخ. هذه المادة الازلية، "المياه الازلية" فقد تم ترفيعها الي درجة الالوهية (تسمي Nun"نون"). هكذا ثنايئة الاولوهية "الروح" والمادة، لازمت كل مظاهر الوجود منذ البداية. مع تقدم التفكير الفلسفي في مصر واليونان(المدرسة المادية)، الثانية استبدلت الاولي.
المادة الازلية احتوت علي مبدأ الصيرورة "الجدل" كاساس لتطور المادة عبر الزمن، وهذا المبدأ روحاني ويسمي Khepera.باعمال قانون الصيرورة في المادة الازلية، تبرز الي حيز الوجود الفعلي عناصر المخلوقات المركوزة، "في مستوي الاسم"Thus Plato's "the Same and the Other", the theory of reminiscense, etc; and Aristotle's matter and privation, potentiality and actualiy, etc
حركة تطور المادة الازلية، الغير مخلوقة وهي تنتقل من حالة الفوضي للنظام، انتهي بها الي الوعي بالذات. اول وعي للمادة الازلية "نون-الماء" تمثل في الذات الالهية، رع the demiurge (Plato) والذي سيكمل عملية الخلق "عن طريق الكلمة كما سيأتي لاحقا".
االعبارت التالية من عندي: 1)مفهوم 2)الروح 3)الجدل 4)نون 5)مستوي الاسم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
الان وبالاستناد للقطعة الرائعة اعلاه، للعلامة ديوب، واللتي يعود تاريخ وثيقتها الاساسية الي اكثر من 4600 سنة، يمكننا ان نعيد كل مايسمي بفلسفة اغريفية، وغربية عامة، من لدن Thales في القرن السابع ق.م الميلاد وحتي كارل ماركس مرورا بهيغل، في القرن التاسع عشر الميلادي، الي هذه الوثيقة!
مرحلة ماقبل سقراط في الفلسفة الاغريقية كلها، ابدا لم تخرج عن تناول ما يعرف "بالعناصر او الازواج الاربعة"، طبقا للمذهب "الهيليوبولتيني"!
رع "الله" اتم عملية الخلق عن طريق "الكلمة" نعم عزيزي القارئ، رع يقول للاشياء؛ كن، فتكون، او في البدء كانت الكلمة، كما في المسيحية واليهودية ايضا!
الكلمة هي زاتها ال"Logos" في الفلسفة الاغريقية "هيروغليتس"، الروح او "The objective Idea" لدي "هيغل"!
رع نفسه هو اول تجلي للكلمة او ال "KA". هذه ال"KA" او الروح، مضمنة سلفا في كل اشكال الوجود!
يجدر ذكره، ان KAوهي كلمة هيروغلوفية، تعني باللغة النوبية، لهجة دنقلا: المنزل او البيت! لا اود الخوض اكثر من هذا، في هذه النقطة.
نقيف هنا والمرة القادمة نواصل شرح عملية الخلق ونصل للازواج الاربعة المذكورة انفا.
لا تنسي "وخلقناكم، ازواجا"!
عزيزي القارئ كما قد تلاحظ هذا المجهود المتواضع، هو نحت في الصخر، باتجاه مرجعية سودانية تستند الي ارثنا الثقافي المهول، والضارب بجزوره، في جوف التاريخ.
في البلدان "الواصلة"، مشروع ضخم كهذا، يضطلع به المئات بل الالوف من الكوادر المدربة، والمفرغة وفق ميزانية تكاد تكون مفتوحة!
فنرجو المعزرة، اذا كان المجهود ما علي قدر طموح مشروع المرجعية!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
"بشاشا" .. تحياتى .. راجعت كتاب "أنتا ديوب" المترجم, ترجمة مصرية رديئة غير موثوق فيها !, و وجدت بعض ما يتعلق بمفهوم نشأة الكون و الألوهية و التوحيد عند حديثه عن "الختان", أرجو أن تناسب هذه المادة تسلسل "البوست" هنا:
كان "المصريون" يمارسون الختان منذ عصور ما قبل التاريخ, و هم الذين نقلوا هذه الممارسة الى العالم "السامى" بصفة عامة (اليهود و العرب), و بالأخص الى من كان "هيرودوت" يسميهم "السوريين". ..... و جميع من يقبلون هذا التعريف - ( تعريف "هيرودوت" لعنصر "الكولخيين" بأنهم "مصريين" بشرتهم سوداء و شعرهم أكرت) – سيعترفون, و فقا لما قاله "هيرودوت", الذى رأى بعينى راسه المصريين, كما يرى القارىء الورق المطروح أمامه, بأن الختان من أصل مصرى و أثيوبى, و أن هؤلاء ما كانوا الا زنوجا يقيمون فى مناطق مختلفة. و بوسعنا أن نستنتج أيضا من كافة التفاصيل الواردة فى التوراة حول ختان "ابراهيم", اثر زواجه من "هاجر" الزنجية المصرية, بعد أن بلغ التسعين من العمر, و كذلك "موسى" و من بعده اليهود, أن "الساميين" لم يمارسوا الختان الا بعد اتصالهم بالعالم الأسود, و هو ما يتطابق مع شهادة "هيرودوت". ..... و لا يجد الختان تفسيرا متكاملا له فى اطار مفهوم عام للكون, الا عند الزنوج : و ينطبق ذلك بالأخص على مفهوم نشأة الكون عند "الدوجون" الذى تناوله "مارسيل جريبول" فى كتابه "اله المياه". فهو يرى لكى يكتسب الختان معناه الكامل فانه يتعين ان يكون مصحوبا بالبتر, (أى ختان الأنثى), بأعتبار أن العمليتين تهدفان الى تخليص الرجل من جانبه الأنثوى و تخليص المرأة من علامات الذكورة. و ترمى هذه العملية, حسب العقلية القديمة, الى تغليب سمات أحد الجنسين عند شخص معين. و وفقا لمفهوم نشأة الكون عند "الدوجون" ( و هم شعب زنجى من غرب أفريقيا تعداده حوالى 200 الف نسمة يعيشون فى "مالى" , حافظوا بشكل خاص على ثقافتهم و فنونهم و تصورهم للعالم), فأن الكائن الذى يولد يكون خنثى الى حد ما, شأنه فى ذلك شأن الأله الأول:
( تكون الذكورة و الأنوثة بنفس القوة, طالما يحتفظ الكائن بغلفته أو ببظره, و هما دعامتا مبدأ الجنس المضاد للجنس الظاهر. و لذا فمن الخطأ اعتبار الرجل غير المختون امرأة, انه مثل الفتاة التى لم يبتر بظرها, أى أن كلا منهما ذكر و أنثى فى آن واحد. و لو استمر عدم الحسم هذا ازاء الجنس و ظل على حاله, لما مال الكائن أبدا الى الانجاب ) "عن اله المياه, ص 187 ". ( هناك اذن أسباب مختلفة تفسر الختان و البتر: ضرورة تخليص الوليد من قوة شريرة, و ضرورة أن يقدم ضريبة الدم و حسم مسألة جنسه نهائيا ). "نفسه ص 189".
و لكى تكون حجة الختان مقبولة, يتعين ان تتواجد الخنثوية الالهية فى المجتمع المصرى, لأنها السبب التقليدى لتلك الممارسة فى المجتمع الأفريقى. و فى هذه الحالة و حدها يحق لنا أن نتبين الأسباب الطقوسية للختان لدى المصريين و بقية أفريقيا السوداء. و قد أطلعنا "شامبليون" فى خطاباته الموجهة الى أخيه "شامبليون – فيجاك", أثناء مروره "بالنوبة" فى عام 1833 م, على الخنثوية الالهية لآمون, الرب الأكبر للسودان "المروى" و "مصر", فقال : ( "آمون" هو نقطة انطلاق و توحيد كافة الجواهر الالهية. و بما أن أباه .. آمون- رع, الكائن الأعظم و الأول, الذى وصف بأنه زوج والدته "موت", فان القسط الأنثوى الموجود فى جوهره الذاتى ذكورى و أنثوى فى آن واحد ). و كان النيل يصور هو أيضا فى هيئة شخصية خنثوية, و " آمون" هو أيضا اله كل أفريقيا "السوداء". و يجدر بنا أن نذكر هنا أن " آمون" مرتبط بفكرة الرطوبة و الماء فى كل السودان "المروى" و افريقيا السوداء و "مصر". و لذا فهو يظهر فى شكل اله كبش يحمل بين قرنيه " قرعة" (أسطوانة آمون), و كما جاء فى كتاب " مارسيل جريبول" ذى العنوان الذى له مغزاه "اله المياه", الذى تعرض فيه أيضا لاله "الدوجون" "آما", ففى مفهوم نشأة الكون عند "الدوجون" يهبط "آمون" من السماء الى الأرض عن طريق "قوس قزح" المبشر بالأمطار و الرطوبة. و اذ كان بعض "السود" قد أقلعوا عن الختان لأنهم نسوا تقاليدهم أو لأسباب أخرى, و اذا كان هناك اتجاه متزايد فى أفريقيا السوداء نحو التخلى عن البتر (ختان البنات), و اذا كان الختان المصرى يختلف من الناحية التقنية عن الختان السامى, فان كل ذلك لا يغير شيئا من أصل القضية. (قضية الأصل الأفريقى "السودانى" للختان). غير أنه لكى يكون تحقيق الهوية كاملا, و لكى تكون الحجة الكامنة وراء الختان مقنعة, فانه يتعين أن يكون ختان الأنثى قد تواجد هو أيضا فى "مصر". و يفيدنا "سترابون" بأن الأمر كان فعلا على هذا النحو, اذ يقول : ( يتمسك المصريون بالأخص بالعناية بتربية أولادهم و ختان الصبيان بل و البنات أيضا, و هو تقليد يشاركون فيه اليهود و هم شعب ينتمى أصلا الى "مصر", كما قلنا ذلك من قبل فى المكان الذى تناولنا فيه ذلك ) "الجغرافيا, الكتاب السابع عشر, الفصل الأول, الفقرة 29". ...
انتهى الأقتباس عن كتاب "أنتا ديوب".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
بالربط بين ما جاء فى ترجمة نصوص "أنتا ديوب" و تعقيب "بشاشا" و بين مادة "الختان" فأنه يمكن القول:
Quote: هكذا ثنايئة الاولوهية "الروح" والمادة، لازمت كل مظاهر الوجود منذ البداية. |
هذه الثنائية الألوهية "الروح و المادة" لها انعكاس آخر فى الذات الألهية كما جاء عند الحديث عن "الختان" عاليه, هى ثنائية "الذكورة و الأنوثة", و التى تتبدى فى كل مظاهر الوجود و منها طبيعة الأنسان: "الغلفة" فى الذكر و "البظر" فى الأنثى. الا أن ما نستخلصه من مفهوم "الختان" عاليه و لم تنجح ترجمة المصريين فى توضيحه, هو أن المولود الجديد بجمعه لصفات الذكورة و الأنوثة التى هى صفات الاله, يكون بذلك مشركا غير موحدا الاله اذ أنه يشارك الاله فى صفاته, و لكى يكون موحدا الاله كان لابد من ازالة عناصر الشرك هذه و حسم مسألة جنسه نهائيا. و لأن السودانيين أهل دين منذ قديم الزمان و موحدين بمستوى وصل أجهزتهم التناسلية, لم يكن غريبا الصعوبة التى مازالت تواجهها جهود محاربة ختان البنات فى السودان الى الآن!!؟ و التى لم يفطن القائمين علي هذه الجهود علاقة هذا الختان بالبعد الدينى و الأيمانى فى ذاكرة الشعب السودانى. و كانت جهودهم لتكلل بالنجاح اذا عادوا لتاريخهم القديم و شرحوه الى أهلهم البسطاء, قائلين لهم انهم لم يعودوا بحاجة الى هذا النشاط ليوحدوا الله! الا أن ما قد يكون له علاقة أكبر بهذا "البوست", هو موقف الأستاذ "محمود محمد طه" الشهير الرافض لمنع "الختان", حين حاول المستعمر ذلك. هل كان تعبيرا عن رفض تدخل المستعمر فى شئون المجتمع السودانى ؟ .. أم أنه موقف ظاهره يبدو هكذا, و لكن له أبعاد ضاربة فى عمق التاريخ السودانى !!؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
الأخوين العزيزين كمال وطناش، ما زلت أتابع هذا الحوار الشيق المفيد باستمتاع شديد. وأعتذر للأخ كمال بانني لم ألحظ دعوته لي للمساهمة في الترجمة إلا اليوم. ويسرني أن أرى بأن ترجمته المختصرة نقلت روح ما أراد أن يخبرنا به بروفسير شيخ أنتا ديوب، إلى حيز جديد يجب أن نهتم به أيما اهتمام. وهذا يتمثل في إدراك السودانيين، منذ وقت مبكر في التاريخ، بأن علاقة المرأة بالرجل علاقة متكافئة، لا علاقة مملوك بمالك. وبماأن التنظير الديني يتأثر بفهمه لقضية المرأة، سلباً أو إيجاباً، باعتبارها أيضاً قضية الرجل، فإن وجهة الحوار الجديدة هي في صلب الموضوع، بلا أدنى ريب. أود هنا أن أنقل نصاً من كتاب "تطوير شريعة الأحوال الشخصية" للأستاذ محمود، له صلة عميقة بهذا الموضوع، في تقديري المتواضع. ولكن قبل ذلك أود أن أنوه للأخ طناش بأن موقف الأستاذ محمود في قضية الخفاض كان موقفاً مبدئياً ضد الاستعمار، ولكنه لا يغفل الجوانب المتجذرة لهذه القضية في االأعراف والتقاليد السودانية. فقد سبق ذلك الموقف أن أسس الجمهوريون لفكرة ملء "فراغ الحماس،" ضد المستعمر. إذ لم تكن هناك أي جهة سياسية تصادم المستعر مصادمة مباشرة، مما جعل هناك فراغاً كبيراً في ساحة العمل السياسي الجماهيري. فقد كانت الأحزاب الكبرى تتعامل مع المستعمر بمنطق رفع المذكرات والالتماس للحقوق لا "نزعها." غير دخول الأستاذ محمود في ساحة العمل السياسي هذا المنطق، فأصبح بذلك أول سجين سياسي في تاريخ السودان الحديث. فقد رأي الأستاذ في قضية الخفاض برفاعة أمراً يستحق مصادمة الاستعمار من أجله. وذلك من زاويتين. زاوية تقول بأن كرامة المرأة السودانية ليس موضع تفاوض، وإنما يستحق المصادمة الفورية. ووجه آخر هو كشف المستعمر الذي أراد أن يتستر خلف موضوع الخفاض ليبرر وجوده باعتبارنا "شعب متخلف" يستحق الوصاية. وقد أوضحنا-نحن الجمهوريين- هذا الأمر في كتابنا عن "الخفاض الفرعوني" بالتفصيل. كما أوضحنا فهمنا لمسألة الخفاض بأنها عادة اجتماعية لا يتم استئصالها بالقوانين فحسب، وإنما بالتربية والتثقيف، وذلك لتجذرها العميق كما تفضلت أنت بالتوضيح يا طناش. وقد تحدثنا عن أصولها، في سياقنا الثقافي-الاجتماعي، وما كانت تعنيه في معطيات هذا السياق.
أرجع لأنقل النص الذي أشرت إليه من كتاب "تطوير شريعة الأحوال الشخصية" تحت عنوان "وصيتي للرجال" راجياً أن يضيف لهذا الحوار بعداً جديداً. وصيتي للرجال: اعلموا: أن الصورة التي تعرض نفسها دائماً على الأذهان، عند الحديث عن حقوق المرأة، تلك الصورة التي تجعل الرجل والمرأة ضدين، لبعضهما البعض، يتنازعان حقا بينهما، في خصومة، ولدد، فإذا كسب أحدهما خسر الآخر، هذه الصورة شائهة، وخاطئة.. إن قضية المرأة ليست ضد الرجل، وإنما هي ضد الجهل، والتخلف، والظلم الموروث.. وهي، من ثم، قضية الرجل والمرأة معاً.. ولتعلموا: أن صراعنا دائما إنما هو ضد النقص، ابتغاء الكمال.. والكمال إنما هو حظ الرجل، وحظ المرأة في آن معاً.. فإن الفرد الكامل، إنما هو الابن الشرعي للمجتمع الكامل.. وهو، أكثر من هذا، الابن الشرعي للمرأة الكاملة.. يقول العارفون: إن الصلاح (( امرأة)).. ويريدون بذلك أن يقولوا: أن المرأة الصالحة إذا تزوجها الرجل الصالح، أو تزوجها الرجل الطيب، كريم الأخلاق، سخي اليد، حسن الدين، فإنها تنجب ابنا صالحا.. ولكن الرجل الصالح إذا تزوج امرأة مرذولة، دنيئة النشأة، رقيقة الدين، كزة النفس، فإنه لا ينجب إلا أبناء فاسدين، رقيقي الدين، سيئي الخلق.. وذلك أمر مفهوم، ومقدر، وأسبابه واضحة.. فإن الولد، إنما هو، من الناحية العضوية، يكاد يكون كله من المرأة.. هو من عظمها، ودمها، ولحمها.. فهي تعطيه في أحشائها، كل تكوينه الجسماني.. ثم هي، إذا برز من أحشائها، تعطيه، من كيانها، كل غذائه، تقريباً، إلى أن يفطم.. هذا من الناحية العضوية وأما من الناحية الروحية فإن حالتها النفسية، ومزاجها، يؤثران عليه، وهو جنين، ثم يؤثران عليه، وهو رضيع، ثم يؤثران عليه، وهو طفل يشب في مدارج اليفاعة، تأثيراً يكاد يكون كاملا.. ويكفي أنه، عندما تفتح عيناه لأول مرة، إنما تفتحان عليها هي.. فيلفح وجهه دفء أنفاسها، وتمس جلده نعومة أناملها، وتستقر في أعماق عقله نظراتها الحنينة، ويطرق أذنيه عذب مناجاتها، ومناغاتها.. وبالاختصار، فهو يأخذ منها كل مزاجه، وكل تكوينه، الجسماني، والروحي، والخلقي، والفكري، ثم هو لا يكون سعيه، فيما بعد، بين الناس، إلا متأثرا، تأثرا كاملا، بكل هذا التكوين المبكر.. ثم إن أحدنا، في جميع أطوار حياته، محاط بالمرأة، من جميع أقطاره.. فهي الزوجة، وهي، قبل ذلك، الأم، وهي، بعد ذلك، الأخت، والبنت.. ثم إنها هي تحت جلدنا وفي إهابنا.. أليست نفس أحدنا امرأة؟؟ بلى!! فإن أحدنا، من رجل أو امرأة، إنما هو نتاج مشترك للقاء الذكر بالأنثى.. ففي كل رجل حظ من الأنوثة.. وفي كل امرأة حظ من الذكورة.. والسعي في مراتب الكمال، للرجل أن يتخلص من هذا الخلط المشوش، أيضا، حتى يكون كامل الرجولة.. وللمرأة أن تتخلص من هذا الخلط المشوش، أيضا، حتى تكون كاملة الأنوثة.. فإن الرجل، كامل الرجولة لم يجئ بعد.. والمرأة كاملة الأنوثة لم تجئ بعد.. وإنما هما مقبلان، على التحقيق، وذلك بفضل الله، و (( الله ذو الفضل العظيم)).. إننا نحن الآن نعاشر نقص بعضنا بعضا.. فالنساء يعايشن، ويعاشرن نقص رجالهن.. والرجال يعايشون، ويعاشرون نقص نسائهم.. حتى إنه لحق أن المباشرة الجنسية بين الرجل وزوجته إنما هي مؤوفة بالنقص لأنها إنما هي، في المرحلة الحاضرة من مراحل نمونا، التقاء بين نقصنا، نحن الرجال، ونقص نسائنا.. فلكأننا نباشر الرجال في النساء، من دون النساء، وإلى هذا، في هذا المستوى، اللطيف، الدقيق، تشير الآية، في حق قوم لوط: (( أإنكم لتأتون الرجال، شهوة، من دون النساء.. بل أنتم قوم تجهلون)) فلكأننا، في هذه المرحلة من نمونا، وتطورنا، نحو الكمال المرتقب، حين نعاشر زوجاتنا، الفضليات المعاشرة الجنسية، النظيفة، الانسانية، الرفيعة، إنما يعاشر نقصنا نقصهن.. وهذا هو السبب في قلة السعادة الزوجية الحاضرة، حتى أن كل الزيجات، بعد الأيام القلائل الأولى، التي تسمى، بالتعبير العصري، (( شهر العسل)) لا تكاد تقوم إلا على المجاملة، والاحتمال، والعرض.. لا الحب.. والعامة عندنا تقول: (( الزواج أوله رغبة وآخره عرض)) وقد يظن بعض الناس أن ما يقتل الحب بين الزوجين إنما هو مشاكل الحياة المادية، ومسئولية الكسب، والإعالة، وتدبير المعاش للأسرة.. والحق أن هذا نتيجة، وليس سببا، وإنما السبب هو التنافر الذي ينشأ عندما يلتقي نقص الرجال، بنقص النساء.. وما هذا النقص إلا الانقسام الداخلي، والتشويش الداخلي، الناشئ من قصورنا المباشر.. ذلك التصور الذي سببه التقاء الأنوثة والذكورة في أبوينا، فجاءت المرأة خليطا من الأنوثة والذكورة، ولكن حظ الأنوثة فيها أكبر.. وجاء الرجل خليطا من الذكورة والأنوثة ولكن حظ الذكورة فيه أكبر من حظ الأنوثة.. فلا الأنثى أنثى كاملة.. ولا الذكر ذكر كامل.. وإنما قيمة التوحيد - كلمة (( لا إله إلا الله))، لنا أن تحقق لنا هذه التصفية، والتنقية، فتتم وحدتنا في بنيتنا بأن يجيء الرجل كامل الرجولة.. وتجيء المرأة كاملة الأنوثة - فإذا جاء هذا الطور من أطوار نمونا فإن السعادة تتحقق بالزواج بصورة هي (( ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)).. وهذا الطور ينتظرنا وسبيلنا إليه هو القرآن.. على أن يقوم تشريعنا الجماعي، والفردي، على أصوله لا على فروعه..
أعتبر هذا النص مركزياً في سلوكي الشخصي تجاه المرأة. فهو يضعني كرجل أمام مسؤلية ضخمة في التعامل معها كأنسان له كامل الحقوق، مثلما لي. وكتاب تطوير شريعة الأحوال الشخصية كله يدور حول هذه الفكرة المركزية. إستدراك: بعد أن نويت تحديد السطور الأكثر ملاءمة لحورانا هنا، قررت أن أترك ذلك لكما يا كمال وطناش، وذلك لأرى هل توافقانني في تحيزاتي النصية، أم لا. ولهذا فإنني أرجو أن أسمع منكما في هذا الشأن. ولكما عظيم مودتي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الأخ .. حيدر ..
ما قرأته لأول مرة, و أسرنى أيما أسر .. يتناسب, بل يتماهى حد التطابق مع انحيازاتى الى أفكار "المركزية الأفريقية" و مفهوم دين وادى النيل القديم. أرجو أن تواصل التعقيب بهذا الشكل المدهش و المفاجىء فى آن, الذى يقدح زناد الفكر و يريح النفس, من درر أستاذنا "محمود محمد طه" .. بينما يواصل "بشاشا" موضوع هذا "البوست" الفريد.
لك تحياتى .. الطيبات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
الأخ .. "حيدر" .. نسيت أقول ليك انو "بشاشا" ابتدر حوارا مع "الماركسيين" السودانيين فى "بوست" " The Burden of Marxism ", العام الماضى, شارك فى "البوست" الأخ "عادل عبد العاطى", و تدخلت بغية توجيه الحوار نحو وجهة عرض أفكار "المركزية الأفريقية" من جانبنا و من خلال الحوار نحاول أن نختبر مدى امكانية تلاقيها مع "الفكر الماركسى" من و جهة نظر سودانية. و كنت أرغب فى النهاية أن الخص الحوار مع طرح رؤيتى فى امكانية تبنى "الماركسيين السودانيين" لأفكار "المركزية الأفريقية" دون أن يشكل ذلك تضاد مع "النظرية الماركسية". استغرق "بشاشا" مع د."صدقى كبلو" فى الحوار, و قبل أن يكتمل حوارهم تم أرشفة "بوستات" العام السابق. و عدت بفتح "بوست" جديد فى نفس الموضوع مع بداية العام الجديد و لم أستطع الوفاء بذلك حتى الآن. قد أتمكن من ذلك لاحقا. لنعتبر هذا "البوست" ينحو فى نفس اتجاه ايجاد أرضية فكرية مشتركة بين أفكار "المركزية الأفريقية" و الفكر "الجمهورى". و أنا متفائل بامكانية ذلك كما كنت متفائلا بامكانيته مع "الماركسيين السودانيين"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
طناش لا جاء يوم شكرك، الكتاب العندي ما نفس العندك. العندي اسمو Civilization or Barbarism. زي ما قلت ليك لا اثق اطلاقا في ترجمة المصرين، لي كتب تاريخنا القديم.
فيما يتعلق بالطهور، فعلا استمرار هذه الممارسة الي هذا التاريخ، هو شكل في غاية الدلالة، من اشكال الاتصال، والتواصل مع ماضينا، وان كان علي نحو غير واعي، بحكم حالة الغيبوبة والخدر الذي نعيش فيه الان.
بالنسبة للفكر الجمهوري والاستاذ محمود، في فهمي يمثل المستوي الروحي اللطيف للمركزية الافريقية المطروحة علي مستوي مادي، "غربي"، غليظ، كطرح مرحلي مؤقت. مع اكتمال البناء الهيكلي التحتي، ستبرز الحوجة للفكر الجمهوري لتنفخ الروح في الهيكل.
اما الماركسية فتمثل الضد او النقيض للمركزية الافريقية تماما في نظري، لانو فكر مادي ، الي، الحادي. فشوقتني عشان ما اعرف كيف حتوفق مابين هذين النقيضين؟ واضح اننا محتاجين لي بوست، حار! فأنا في الانتظار!
دكتور حيدر انا ماعارف مدي المام الاستاذ محمود، بتاريخنا القديم. لكن اذا كان وحتي تاريخ اليوم هذا غير مطروق، ولا حتي من جانب "المختصين" افتراضا، في السودان- فما عارف كيف الاستاذ في الخمسينات، والستينات كان متاح ليه يضطلع علي اي من هذا!
فالتطابق مدهش لحد بعيد، مما يرجح جانب المعرفة العرفانية هنا، بالاضافة لي وحدة الارث الصوفي والذي تمكنا من ارجاعه لي اصولو السودانية، في هذا الخيط، للمرة الاولي في مجال الدراسات السودانية.
بعد ما نخلص من تقديم وشرح قطعة العلامة ديوب، حنركز علي اجراء مقارنة، مابين ديانة امون رع"التصوف" والفكر الجمهوري. ذي ما قلت قبل كده دراسة موروثنا الروحي من مصادرو الاساسية "الهيلوغرافية"، لا يمكن انجازو من دون مشاركة الجمهوريين.
انجاز هذا المشروع الضخم علي اساس علمي مادي، اكاديمي، بحت لاطائل منه علي الاطلاق.
ليه؟
لانو المعرفة دي اساسها عرفاني وروحاني.
لاحظ استحالة اعطاء تاريخ محدد لبداية هذه الديانة، عرفنا ان بداية هذة الحضارة ترجع حسب بعض المراجع الي 39,000 قبل الميلاد، او اكثر من 41,000 سنة، من تاريخ اليوم!!
عندما نشير الي ان الوثيقة الاساسية الاعتمد عليها العلامة ديوب [او اي وثيقة]، والمعروفة باسم "Texts of The Pyramids" تاريخها يعود الي 2600ق.م، فهذا يشير فقط الي عمر المادة المكتوب عليها الوثيقة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
فيما يلي العناصر او الازواج الاربعة اللتي عن طريقها باشر امون-رع او الذات الالهية، عملية الخلق، وهذه الازواج في ديانة امون او "Ausir"، وهي ذاتها صوفية اليوم، روحية، وليست مادية.
ننوه هنا اننا نترجم عبارة "Divine" الواردة في النص الانجليزي، لكتاب ديوب الصادر اصلا بالفرنسية-بمعني روحي او روحاني، بدلا عن الهي.
فالازواج الاربعة طبقا للمذهب الهيليوبولتيني هي الاتي:
1) Shu and Tefnut = air (space) and humidity (water) 1) الهواء [الفضاء] و الرطوبة [الماء].
2) Geb and Nut = earth nd heaven (light,fire)e 2) الارض و السماء [الضوء، النار]
3) Osiris and Isis: the fertile human couple that will beget humanity (Adam, Eve). 3) ادم و حواء في الميثلوجيا السامية، مع ملاحظة الاصل الهيروغلوفي للكلمتين، حيث ادم، من ATUM/ATM، وحواء من HEWA و EVE بالانجليزية، من HEFA في الهيروغلوفية، وهي CHAAVAHاو HAVVAHباللغة العبرية، كما سبق ايراده من قبل. لATM/ATUM وهي ذات الكلمة"أدم" في اللغة النوبية، لهجة دنقلا، بمعني بشر، او "أدمي" بيصيغة الجمع.
من المدلولات المتعددة، والمركبة لكلمة "أدم" او ATM نجد: اكمال الخلق، والتسمية، تماما كما في الاسلام! لاحظ ايضا ATUM يرمز له بالاسد "Le, Lion" رمز السنة العظمي، الثانية ابتداء من 10858ق.م!
حتي لا نثقل علي القارئ، ولنحافظ علي التسلسل في السرد، في امر غاية في التعقيد، نكتفي بهذا القدر فيما يتصل بATM او AUSIR"او OSIRIS وننتقل للجوز الرابع.
4) Seth and Nephthys: the sterile couple that will introduce evil into human history 4) Set او الشيطان في كل الاديان اللاحقة، هو المسؤول عن ادخال الشر في حياة البشر اما Nephthys فواضح ان لا مقابل له في مفهومنا للشر والشيطان، اليوم والله اعلم!
نرجو من الضالعين في المعرفة العرفانية ان يفيدونا، ان كان للشيطان جوز او فردة!
يتبع..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
الاخ قصي تحياتي
قلت:
Quote: "و تلك الحضارات تؤرخ إلى ما هو أقدم من الحضارات الكوشية و المصرية القديمة" |
اولا مافي فرق بين كوشي ومصري!
مصر هي الابنة الكبري لكوش "السودان" ودونك صورة اول الفراعنة فوق، AHA او Narmer.
ثانيا وبما انو اصل الحضارة افريقي، او كوشي، او سوداني، فما فاهم ياتو حضارة او حضارات اقدم من كوش؟ فما عارف لو انت قريت هذا الخيط من الاول ولا لا، لاننا ناقشنا بالاقتباس المباشر كل هذه النقاط. ذكرنا كيف :
Quote: البوذية وكل معتقدات وفلسفات غرب اسياك كونفيوشن في الصين، زرادشت في ايران،زاها في اليابان..الخ، لا تذهب ابعد من القرن السادس ق.م طبقا للمختصين حسب ما اورد دكتور ديوب.
فبعد سقوط مصر تحت الاحتلال الاجنبي بنهاية الاسرة 25[بعانخي] في 661ق.م وبالذات علي عهد الفرس لاحقا، تعرض اعلام ديانة امون او صوفية ذلك الزمان للاضطهاد مما اضطرهم للفرار بدينهم في ارجاء الارض، هائمين في الصحاري كرهبان، وبوذا كان واحدا منهم. |
ما عايز اثقل علي القارئ، بتكرار ما سبق واوردنا، اتمني تلقي الوقت وتراجع البوست من الاول.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
العزيز بشاشة
في التصنيف التاريخي .. يمكننا أن نصنف كوش و مصر بتفريق بينهما .. و لكن لا بأس
في الحقيقة أنا قرأت البوست هذا كله قبل أن أكتب ما كتبت أعلاه .. و من المهم أن ندرك أن النظرية التاريخية لظهور الإنسان الأول من أفريقيا لا تعني تلقائيا أن حضارة كوش أو الحضارة المصرية هي أولى الحضارات على الإطلاق .. بالمصطلح المشترك لمعنى (حضارة) في مجال بحثنا الحالي عن الأصول المعرفية للتصوف
و كما ذكرت لك .. فالديانات الهندوسية يؤرخ لها أنها أقدم من الحضارة الكوشية أو الحضارة المصرية .. و لا أجدك ذكرت أنت أو الأستاذ طناش ما يخالف هذه المعلومة بنقد تاريخي موثق ... سوى بعض الكلام الأشبه بالرأي و منه كلام شيخ انتا ديوب عن أن المعارف الصوفية في أفريقيا كانت سابقة للديانات الشرقية .. و لكنك وضعت - و كذلك فعل أنتا ديوب - بوذا كمقياس تاريخي .. و بوذا أساسا يعتبر حديثا جدا في تاريخ الديانات الشرقية !! .. و هو و كونفوشيوس و لاوتزي (صاحب التاوية) كلهم خرجوا في نفس الحقبة الزمنية .. و كلهم مصنفين على أنهم حديثين بالنسبة للهندوسية التي سبقتهم بالاف السنين
ثم إن قصة حياة بوذا ليس لها اي صلة بمصر أو كوش أو أفريقيا ... فقد ولد بوذا في شمال الهند و ترعرع هناك في عز و رفاهية ... حتى قرر في يوم من الأيام أن يدع كل ذلك خلفه و يمارس رياضات روحية كانت معروفة في زمنه و في موطنه .. و هذا هو الموثق تاريخيا من حياة بوذا
في نهاية هذه المداخلة .. أقول أن كل معلومة تاريخية وردت في هذا البوست - سواءا مني أو من غيري - قابلة للنقد .. و على هذا فأنا أنتظر منك عزيزي بشاشة أو من غيرك أن يصححني بتوثيق أكبر و أقوى يقول بخلاف ما قلت أنا
و لك تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
نواصل عرض ملخص نظرية الخلق، طبقا لديانة امون-رع، او اوزريس [اسم Osiris اغريقي والاسم الاصلي Ausir] لننتقل من الازواج الاربعة، للاضطاد الروحية الاربعة، طبقا للمذهب الهيرموبولتيني، وهي مركوزة في اصل مكونات الوجود:
1) Kuk and Kuket The proimordial darkness and its opposite:darkness and light 1) الظلام و الضوء.
2) Nun and Nunet the primordial waters and their opposite:matter and nothingness 2) الشئ واللاشئ، او الوجود والعدم، [النظام والفوضي].
3}Heh and Hehet Spatial infinity and its opposite: the infinite and the finite, the unlimited and limited 3) اللانهائي و النهائي، او المطلق و المحدود.
4) Amon and Amounet The hidden and the visible, the noumenon and the phenomenon 4) الباطن و الظاهر [حقيقة و شريعة].
Niaou and Niaouet emptiness and its opposite: the void and the replete, matter (later الفارغ و الممتلئ
سنعود للتعليق، المرة القادمة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
الاخ قصي انت بتقول كلام فيه تعميم ومن عندياتك!
بترفض مراجعنا من دون ما تورينا مراجعك!
مرجعي الاساسي فيما يتعلق بالتصوف او ديانة امون-رع، هو الوثيقة المعروفة بي Texts of the Pyramids وهي مكتوبة بالهيروغلوفية ويعود تاريخها لي 2600ق.م!
لو عندك وثيقة اقدم من دي نسمعك.
بالنسبة للهند مرة تانية ده الانا قلتو:
Quote: هل التصوف مصدرو الهند؟
ابدا!
الهند او اي بقعة اخري في العالم اخذته من السودان المروي "كوش" مهد ديانة التوحيد علي الاطلاق باجماع كل المؤرخين تقريبا!
كما ذكرنا من قبل، الهند كانت واحدة من مستعمرات كوش، كمصر وجنوب الجزيرة العربية، وايران الحالية والعراق وفلسطين.
واليك عزيزي القارئ بعضا من المراجع العديدة جدا في هذه النقطة: A)قدماء الاغريق: ملخصا رأي قدماء الاغريق،Sir E.A.Wallis Budge يقول: According to Homer and Herodots, the inhabitants of the following teroteries were Ethiopians: 1. The Sudan 2.Egypt 3.Arabia 4.Palestine 5.Western Asia 6.India See, a Hhistory of Ethiopia, Vol. 1, pp. 1-2
B)من المعاصرين الاعلام، Sir Godfery Higgins يقول: There were two Ethiopians, one to the east of the red see, and the other to the west of it; and a very great nation of Blacks from India, did rule over almost all Asia in a very remot era,in fact beyond the reach of history of any of our record See, Anaclypsis, Vol. 1
فسكان الهند الاصليين هم ال"Dravidians" كما ذكرنا من قبل، قبل قدوم ال"Aryans" من الشمال، حيث بدأ نزوحهم الجماعي الي جنوب الكرة الارضية،ابتداء من 1500ق.م، ليغيروا شكل التركيبة السكانية للعالم الكوشي القديم، الي شكله الحالي.
ال"Oral Traditon" لل"Dravidians" يشير الي مروي كموطن للاجداد!
اغرب من الخيال، لكني تأكدت من هذه الرواية بنفسي حينما التقيت باحدهم هنا في كالفورنيا.
هذه الخلفية هي سر الارتباط الوثيق والغامض بين الكثير من العادات والتقاليد المشتركة بين الهند والسودان في الازياء وبالذات الحلي الذهبية. |
فالهند وطبقا لقدماء الاغريق، كانت مستعمرة كوشية!
فمهما توغلت في التاريخ، فما حتلقي غير كوشيين، علي كده لو بوذا حديث ولا قديم ما فارق، ولو انو كون بوذا من اصل كوشي، هو باجماع المؤرخين مش راي ديوب، وانا ذكرت التمثال الوجد في فيتنام لي بوذا!
اكثر من كده عايز ادلة ذي شنو؟
اما كلامك عن مصر وكوش فما واضح انت قاصد شنو.
ولو عندك اعتراض علي حقيقة الاصل الكوشي او الافريقي، للحضارة، نسمعك، بس خليك محدد وما تنسي المراجع. مع خالص الود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Yaho_Zato)
|
.. "بشاشا" .. هذه "تلاقيط" عن ديانة "آمون" من كتاب "أنتا ديوب" حسب الترجمة المصرية. أرجو أن تتناولها بالشرح حسب الحاجة فى سياق سردك, حيث أن بعض أجزائها غير واضح بالنسبة لى, لابد أن ذلك من جراء الترجمة المصرية: ( كان التوحيد بشكله المجرد تماما, موجودا من قبل فى "مصر" التى أخذته عن الحضارة "المروية" السودانية, أى أثيوبيا القدماء: " مع أن آمون, الذى يعنى اسمه السر و العبادة, كان الاله الأكبر و فقا لأنقى التصورات الوحدوية باعتباره .... خالق تولد من نفسه منذ البداية و صنع كل شىء و لم يصنع " .... " الا أنه أصبح ذات يوم مصحوبا بالشمس رع أو متحولا الى أوزيريس أو حورس ). عن د.ب.دى بدرال, آثار أقريقيا السوداء, مطبوعات بايو 1950 م, ص37 .
و فى صفحة أخرى .... ( و فيما يتعلق بتشابه الثامون و التاسوع عند "الدوجون" – ثمانية أو تسعة آلهة – مع الثامون و التاسوع فى مصر, يتعين أن ننقل هنا تقريبا صفحات كاملة من اله المياه "لمارسيل جريبول". ففى كلتا الحالتين هناك أربعة أزواج تولدت عن الاله الأصلى, و هى التى أوجدت الخليقة و الحضارة, و لذا كان العدد 8 أساس نظام الترقيم عند "الدوجون", و هكذا كان العدد 80 يعادل عندهم العدد 100 و العدد 800 يعادل العدد 1000 . و من هنا ندرك أن عبادة الأسلاف كانت فى كل أفريقيا السوداء و مصر أساس مفهوم نشأة الكون. فبينما يتصاعد الأسلاف القدامى للغاية كالبخار لينتقلوا الى المناطق الالهية, فان الأسلاف القريبين, الذين توفوا منذ أمد قريب, ليسوا سوى أنصاف آلهة للأسرة, لأن معالم ذكراهم لم تطمس بعد بحيث لا يعودون أسلاف هذه الأسرة أو تلك, و لكن أسلاف كل الشعب.) وددت لو مازلت أحتفظ بكتاب "فرانسيس دينق – طائر الشؤم", فهناك ما يناسب تماما هذه الفقرة الأخيرة عن الأسلاف فى ديانة "الدينكا". بالنسبة لأقدمية "الهند - الدرافيديين" أو "السودان – الكوشيين", أو "الأثيوبيين الشرقيين " و "الأثيوبيين الغربيين ", أرجو يا "قصى" أن نترك هذا الموضوع لمرحلة لاحقة, فنحن فى انتظار أن يكمل "بشاشا" توضيح المفهوم الصوفى فى ديانة السودان القديم, لنحاول من بعد معرفة علاقته بالمفهوم الصوفى عند "الجمهوريين". النقاط التى أثرتها تستحق النقاش, و لكنها فى هذه المرحلة ستخلق "ربكة" فى تسلسل "البوست" . مع احترامى و تقديرى ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
لمزيد من التوضيح أقتبس هذه المقاطع الطويلة التى ترتبط بشكل مباشر مع ما أورده "بشاشا" عن مفهوم الوجود. و ذلك من "الفصل الأول" بعنوان "فلسفة الوجود االمصرية", فى كتاب "رب الثورة, أوزيريس و عقيدة الخلود فى مصر القديمة" للباحث المصرى "سيد محمود القمنى". و ان كان "سيد محمود القمنى" فى كتابه الأخير "النبى موسى و آخر أيام تل العمارنة", كشف عن انحيازه التام ضد "الكوشى الأسود" و تعبيره عن وجهة النظر الرسمية المصرية فى هذا المجال, الا أن أعماله البحثية القيمة تفضح بنفسها تعبيرها عن أفكار "المركزية الأفريقية", و لكن من ناحية تجييرها لصالح عنصر "مصرى!" و ليس أفريقى "أسود" !!. و بالذات اذا ما قارناها بكتابات أعلام "المركزية الأفريقية". و فى كل الأحوال ستكون بحوثه مفيدة فى موضوعنا هذا. و سنبدأ هذه المقاطع من هنا : ( .... و ينسب "عبد العزيز صالح" لمدينة "أون" المقدسة – نسبا صحيحا فى ظننا – فلاسفة مبرزين فى مجال الفكر الميتافيزيقى, كانوا هم أقدم مذهب فلسفى دينى, لتفسير الوجود و نشأته, حتى أصبحت أقوى المدن الفكرية فى العالم القديم, فى عصر الدولة القديمة, و كعبة لطالبى العلم من جميع أنحاء العالم, و بالذات فلاسفة اليونان, خاصة بعد أن استطاع كهنتها الاستيلاء على العرش, و تأسيس الأسرة الخامسة, بزعامة "أوسركاف", ليصبحوا أصحاب الفضل الأول فى كل ما عرفه العالم الحديث عن مصر الفرعونية, بعد أن طوروا أساليب الكتابة, و سجلوا معارفهم و علومهم و فلسفاتهم داخل الأهرامات العتيدة. و لعل أهم ما يمكن اعتباره لهؤلاء المفكرين, نظريتهم للوجود تفسيرا و نشأة, تلك النظرية التى يمكن صياغتها – بعد قليل من الترتيب و التنظيم – فى التلخيص التالى :
فى البدء كان نون Noun موجودا وحيدا فى الوجود و كان نون محيطا أزليا مظلما و من نون برز الاله اله الشمس رع آتوم أى الكامل المتكامل ... "هامش: الكلمة [آتوم] تعنى بالمصرية القديمة ما هو تام و كامل كمالا كليا مطلقا." بقدرته هو وحده دون معين لأنه كان ".. هو كل شىء فى الوجود" ثم اختار الكامل مدينة أون, دون سواها ليجعل منها مركزا للخليقة كلها و على تل فيها بدأ ايجاد العالم من نفسه و ذاته .. "هامش: و هناك رواية تقول أن هذا الخلق جاء نتيجة عطس أو تفل." فنطق بأسماء أعضاء جسمه التى شكلت الآلهة و كان الأوائل منهم الالهان: "شو" Chou اله الهواء و "تفنوت" اله الندى و الرطوبة. و كى تتم عملية التكوين الكونى, فقد التقى "شو" "بتفنوت" بمشيئة "رع آتوم", و أثمر اللقاء عن انجاب اله رابع هو: "جب" gheb اله الأرض. و هنا حانت الفرصة أمام "شو", ليقوم بعمل عظيم, ففتق الأرض الى قسمين عظيمين, بعد أن كانتا رتقا و سوى قسمها الأعلى الى سماء, هى الالهة "نوت" Nout . و من ثم, تزاوج كل من "نوت" و "جب", لينجبا من الأبناء أربعة : اثنان من الذكور هما : "أوزير" أو "أوزيريس" و "سيت", و اثنان من الاناث و هما : الالهة "ايزى" أو "ايزيس" Isis و الالهة "نبت حت" أو "نفتيس" رعيلا أول يجمع بين الألوهية و البشرية, كانت مهمتهم الكبرى التى قدرها لهم أبوهم "آتوم" هى تعمير الأرض بالبشرية. ..."هامش: و هناك رواية أخرى تقول: أن الاله "خنوم Chonouphis " قد خلق البشر من الفخار." و الوسيلة أن يتزوج "أوزير" من أخته "ايزى" و يتزوج "ست" من أخته "نبت حت" لينجبوا كل الخلق الذين " .. هم أشباه له صدروا عن بدنه"
هذه خلاصة ما أوردته المصادر, عن محاولات أصحاب الكامل "آتوم رع", لتفسير النشأة الكونية و الكائنية. [هامش: لا يخلو مصدر أو مرجع تناول عقائد مصر الفرعونية, من قصة التكوين المصرية, و لكثرة هذه المصادر مع اختلاف طرقها فى العرض, فضلنا صياغتها من جديد مع المحافظة على كل صغيرة فيها, و يمكن الرجوع فى ذلك الى "بريستد : كتاب تاريخ مصر, ص 36 , رودلف انتس : الأساطير فى مصر القديمة, ص30 . د. عبد العزيز صالح: الشرق الأدنى القديم, ص 60 , د. محمد أنور شكرى: حضارة مصر و الشرق الأدنى القديم, ص 90 , و د. عبد الحميد زايد: من أساطير الشرق الأدنى القديم, من ص 806 الى 815 .] و ايضاحا لهذه النظرية "الأونية", يمكن صياغتها بعد تخليصها من أسماء آلهتها الغريبة, مع قراءة المقاصد العقلانية التى قصدها أصحابها, من خلال ما ضمنوه سطورها من معان, فى التلخيص التالى:
فى البدء, لم يكن فى الوجود سوى موجود واحد هو الماء و لم يكن ماء عاديا بل محيطا عظيما أزليا قديما بلا بداية, و بلا حدوث فى الزمان, و أزليته انما تعنى أنه كان أول الموجودات, و عليه فهو أصل الوجود و الحياة و هو المادة الأولى التى تكونت منها أشياء العالم المادى المحسوس و من هذا الماء, خرج الاله الى الوجود بذاته بقدرته هو وحده فلا يوجد موجود له سواه و لما كان الاله فى الأصل مع الماء بشكل ما فى الأزل فمن البدهى أن يكون هو أيضا, أزليا أزلية هذا الماء و لما لم يكن هناك موجود ظاهر القوة كالشمس اذا لا ريب أن الشمس هى عين هذا الاله و بذا أصبح أصل العالم الأول, عنصرين أساسيين: عنصر أول هو الماء و عنصر ثان خرج منه هو النار ... "هامش: أخذنا تعبير العناصر عن د. أحمد كمال: بغية الطالبين فى علوم و عوائد و صنائع و أقوال قدماء المصريين, الجزء الأول ..." و لكن كيف أمكن أن تخرج النار من الماء ؟ ان هذا انما يعنى: أن الأضداد قد ائتلفت فى كينونة الوجود الأولى ائتلافا لا تستطيعه الا قدرة, قدرة قادرة على جمع الأضداد لأنها تضم فى ذاتها هذه الأضداد: الماء , و النار و بالتالى قد حمل الوجود المتشكل منها, و الصادر عنها, هذه الصفة فجاء جامعا: الليل مع النهار, و الخير مع الشر, و السلام مع الدمار. و من هذه الذات الالهية, جاء فيضا و صدورا عنصران جديدان, هما: الهواء و الندى, و كلاهما لازم لحياة الكون و الكائنات فهو تدبير لغاية, غايتها توفير سبل الحياة, و امكانات الاستمرار للموجودات و بارادة هذه الذات الأولى, التقى الهواء بالبخار ليتكاثفا و ليكونا معا عنصرا رابعا من عناصر الوجود هو: التراب و ليكتمل الوجود بصورة سوية فقد تسلل الهواء, بين طبقات التراب, فأحاله طبقتين منفصلتين حمل أحدهما الى الأعلى فتكون العماد الخامس من أعمدة الوجود المنظور و هو : السماء و هنا تنتهى قصة التكوين الكونى فى النظرية "الأونية", لتبدأ – و فى اطارها – قصة التكوين الكائنية الحية, ممثلة بعدد آخر من الآلهة, ليسوا بالالهة الكونية, انما هم آلهة بشرية، لتفسير الوجود الكائنى, تصورهم مفكروا "أون" على شكل أربعة من الآلهة البشرية هم : "أوزير" و "ايزى" و "ست" و "نبت حت", نشأوا نتيجة طبيعية خالصة للتفاعل بين عناصر الكون, السماء بأمطارها و رياحها و حرارتها و مختلف ظواهرها, بالأرض و خصبها و ترابها و مياهها و امكانيات الحياة فيها, و أصبحت مهمة هؤلاء البشر انجاب الذرية البشرية, لتعمير الأرض بالانسانية. و حتى تكتمل فلسفة "أون", لم يفتها وضع تفسير لوجود الكائنات الأخرى غير الانسانية,فجعلت "أوزير" أحد الأخوة الأربعة رمزا للنيل و لما كان المصريون يرون فى النيل سر الحياة لكل الموجودات, نباتا أو حيوانا أو انسانا, فقد أصبح "أوزير" تفسيرا سهلا لوجود هذه الموجودات. و بذلك الفت هذه المجموعة الالهية الكونية و الكائنية, الحية, تسعا من العناصر, أطلق عليها كهان العصر "تاسوع أون" [هامش: تاسوع عين شمس فى المراجع], نسبة لمدينتهم المقدسة, أو ما نضع له اسما اصطلاحيا يسهل الدلالة عليه حين وروده هو: المجمع القدسى, ذلك المجمع الذى زعم الكهان, أن أعضاءه كانوا حكاما لمصر فى أزمنتها الأولى, و أن رع كان زعيمه الأول, باعتباره كان الأب لكل اعضائه, و أن "أوزير" كان أهم هؤلاء الأعضاء, أخطرها أنه أصبح اله الحساب فى العالم الآخر كما سنرى *, و لا يوجد مصدر أو مرجع تناول أى جانب من جوانب حضارة مصر القديمة, الا و "لأوزير" فيه مكان و مكانة, فقد ظلت أسطورته تسيطر على الأفهام, طوال العصور الفرعونية " .. حتى عبرت البحر فوصلت الى بلاد اليونان". لتصبح محل ايمان " .. فى أوروبا بما يزيد على ألفى عام".) ... انتهى الاقتباس من كتاب "سيد محمود القمنى". * أنظر الوارد أعلاه تحت صورة "محكمة أوزيريس".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
د. النور .. مرحب بيك .. و تشكر على المداخلة السديدة ..
نعم النص المقتبس من " سيد محمود القمنى" الذى يعالج مشكلة النظر الى التراث هو عين الصواب, و هذا مكان الاستشهاد به تحديدا, و سنحرص على الاقتداء به و نحن نتقدم فى هذا الحوار النبيل. و قد كنت محقا حين قلت:
Quote: ثم جاء الإسلام بعد قرون عديدة وتبنى وجهة النظر التوراتية بحذافيرها، في كل ما يتعلق بحضارة وادي النيل، وخاصة فراعينها. كما أنه، قد أصبح من واجب المؤمن، تبعا لذلك، أن يتبنى تلك النظرة التوراتية القرآنية عن الفراعين، وعن حضارتهم. |
و هذا ما يجب أن يقود حوارنا هذا الى التحرر منه, التحرر من ثنائية "الكفر / ايمان" عند الحديث عن تاريخ السودان القديم المسمى تشفيرا و زورا "تاريخ الفراعنة !". الثنائية التى تقرر: اذا انحزت الى هذا التاريخ أنت "كافر!", و ان لعنته أنت "مؤمن!". هذه النظرة القاصرة يجب أن تنتهى و الى الأبد.
الا أننى لا أتفق معك فى قولك:
Quote: من الثابت تاريخيا تجبر الفراعين. فهم قد استعبدوا طوائف من شرائح مجتمعهم، وسخروا تلك الشرائح، في أشق الأعمال من أجل تمجيد ذواتهم وتخليدها. |
و أحسبك تشير الى الأهرامات و أبى الهول و المعابد الضخمة التى شيدتها هذه الحضارة, و هذه أيضا معلومة استقرت فى المقدس تحتاج لمراجعة و اعادة نظر. و هى أيضا مما روج له "اليهود" بحسبان أنهم هم من تم استغلالهم كعبيد فى بناء الأهرامات. و هذا لا يستقيم اذا علمنا أن الاهرامات تم بنائها فى عصر الدولة القديمة الأسرة الرابعة 2680 – 2650 ق.م, بينما اليهود ظهروا فى عهد الدولة الحديثة 1570 ق.م., بجانب أن الأفارقة القدماء ما كانوا ليستخدموا جنسا يحتقرونه و يعتبرونه نجسا و كافرا فى بناء أهم صروحهم المقدسة الاهرامات. فمن كتاب " سيد محمود القمنى – موسى و آخر أيام تل العمارنة" يتضح أنهم تم استغلالهم فى بناء مدينتين للمخازن هى: "فيثوم , و رعمسيس", و ذلك بعد القضاء على الغزاة "الهكسوس": ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف .. فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكى يذلوهم باثقالهم, فبنوا لفرعون مدينتى مخازن: فيثوم , و رعمسيس. خروج 1/8, 11
و الاسم الأخير "رعمسيس" اسم دونه مدونى التوراة حسب الاسم الحديث للمدينة زمن هذا التدوين و ليس الاسم القديم و الحقيقى للمدينة الصغيرة المخزن. و قد سخرهم الأفارقة فى عمل جانبى كهذا, عقابا لهم لدورهم الخائن فى التواطؤ و التعاون مع الغزاة "الهكسوس". و قد واصل اليهود فى تكريس مشهد استغلالهم هذا فى تشييد الاهرامات و ازهاق أرواحهم بالآلاف, من خلال تكنلوجيا السينما سعيا لترسخ الصورة الزائفة تماما فى الاذهان, فكان فيلم "الوصايا العشرة - The Ten Commandment", يرينا كيف تفرم و تسحق الحجارة الضخمة أجساد اليهود المستعبدين و هم يحاولون دفعها بيأس تحت لهيب سياط الجلادين "الفراعنة!", بينما النبى "موسى" يصور ككبير مهندسى الأهرام يقف بجانب "الفرعون" و يعطى التعليمات. و هذا كله أكاذيب. ان ما تم الكشف عنه مؤخرا فى قبر أحد مهندسى الاهرام بجانب "أبى الهول", و نشر محتواه مسؤول الآثار المصرى "حواس", يكشف عن أسلوب مغاير تماما لبناء هذا الصرح العظيم. لقد كان يتم اختيار الشباب من كل مدن و قرى الدولة القديمة من خلال مباراة يتنافس فيها الشباب, و هو شرف بعيد المنال يعلقه وسام على صدره من يحظى باختياره, و يفرح له سكان المدن و القرى التى يتأهل منها شباب لهذه المهمة النبيلة. يتم بعد ذلك تأهيل هؤلاء الشباب و تدريبهم. و العدد الذى احتاجه أكبر هرم لا يتعدى ال 20,000 شاب فقط, تم توزيعهم على عشرين فرقة كل فرقة تتكون من الف شاب, و قسمت الفرقة الى عدد متساوى من الوحدات, على رأس كل و حدة مسؤول " Forman ", و فوق رؤساء الوحدات هذه مسؤول آخر هو على رأس الألف, و فوق هؤلاء,الرؤساء العشرين, يأتى مهندس الأهرام الأكبر أو "المهندس المقيم" بتعبير عصرنا, أو مجلس استشارى هندسى مصغر. لقد كان العمل فى بناء الهرم فى حد ذاته عمل تعبدى كبير, يبدأ بعد الصلاة و الطقوس الدينية عند شروق الشمس و يتوقف عند الغروب, و تتخلله فترات راحة للأكل و الاستجمام, و "نوبتجية" بين الفرق, و تتوافر كل الأمور اللازمة للاهتمام بهذا العامل الهام, الذى تم تأهيله و تدريبه, لعلاجه اذا ما أصيب اثناء العمل. ان بناء الأهرام الذى استغرق فترة و جيزة مقارنة بحجمه, حوالى 10 سنوات, يتم خلالها استبدال كل مجموعة ال20,000 أكثر من مرة بمجموعة جديدة جاهزة. و بعد أن سادت خرافات أساليب بناء الأهرامات - أحدث هذه الخرافات فى عصرنا هذا، قدوم كائنات فضائية ذكية بنت تلك المبانى و عاشت فترة فى تلك المنطقة ثم غادرت الى الفضاء مرة أخرى !, سرق "أنيس منصور" هذه النظرية من الغرب و روج لها فى السودان من خلال لقاء فى برنامج تلفزيونى أجراه معه "حسن عبد الوهاب" !! - بعد كل هذا التيه, عاد المهتمون الى الواقع و اخذوا يحاولون الكشف عن الأساليب التى استخدمها الأفارقة القدماء فى المعمار. و اتضح لهم أنه باستخدام وسائل بدائية من رافعات خشبة و حبال ضخمة و مواد مثل الماء و التراب و الرمال, ليس من المستحيل انجاز هذه المبانى الخرافية. و قد شاهدت من خلال فيلم تسجيلى كيف كانت عملية بناء الأهرام من البساطة و الذكاء بما لم يخطر على بال, و كيف كان من السهولة تقطيع هذه الحجارة بأحجام معينة من مصدر قريب بجانب الهرم مباشرة, و سحبها بالحبال على الواح خشبية كما "الاطارات", و يقوم الماء بفعل السحر – فهو مقدس !- حين يتم صبه باستمرار اسفل الالواح الخشبية على "الردمية" الترابية مما يسهل انزلاقها, هذه "الردمية" الترابية – وهى مازالت آثارها باقية - ترتفع مع ارتفاع درجات الهرم بشكل لولبى, تم استخدامها لاحقا بعد انتهاء البناء فى تغطية الدرجات التى تبدو لنا الآن, ثم من بقايا تقطيع تلك الحجارة الجيرية التى تتحول الى مسحوق أبيض عند طحنها, تم مسح كامل جهات الهرم الأربع, كما يمسح, "يبلط", "النوبة فى الشمال الى الأن جدران و كامل أرضية منازلهم "بالجالوص" سنويا, و فى النهاية وضع فى قمة الهرم هرم صغير من الذهب, فكان حين تشرق الشمس لا يستطيع أحد النظر اليه من شدة الضوء, كما كان يشع منه الضوء فى الليالى المقمرة. مثل هذا البناء المقدس ما كان يحلم أن يمر بجانبه "اليهود" الأنجاس, و قد لوثوه فى فترة "الهكسوس" فكان لابد من عقابهم ببناء تلك المخازن. كذلك "المسلات و التماثيل", كانت بعد تجميع القطع التى تتكون منها, تحفر حفرة أو عمل صندوق خشبى فيه قاعدة مركز "حجربارز", ثم يعبأ الصندوق بالرمال, و تسحب "المسلة أو التمثال" بنفس الطريقة على الألواح الخشبية و توضع بزاوية معينة مع انزال قاعدتها فى فوهة الحفرة المعبأة بالرمال, أو رفعها بالرافعات الخشبية و الحبال بزاوية معينة لتصل الى مستوى الصندوق, ثم يتم تفريغ الحفرة أو الصندوق الخشبى من فتحة بالأسفل من الرمال, فاذا "بالمسلة أو التمثال" تهبط بسلاسة محيرة مع تسرب الرمال من تحت لتستوى أخيرا قامتها السامقة على تلك القاعدة الحجرية المركز فى قاع الحفرة أو الصندوق, و هو أمر محير فعلا و لكن تم اثباته عمليا. هذا بعض من تكنولوجيا ذاك الزمان, مشمولة, كما ذكر "بشاشا", بسلوك طريق المعرفة العرفانية !. أما عدم الانبهار بمنجزات هذه الحضارة المعمارية و النظر الى مجتمع ذاك الزمان :
Quote: من وجهة نظر جمهور المسحوقين من عامة الناس في حضارة وادي النيل القديمة. |
فهو أيضا يحتاج الى اعادة نظر, دليلنا فى ذلك أن "المدينة الفاضلة" "لافلاطون" انما استوحاها من مجتمع ذاك الزمان فى وادى النيل القديم, و حرص أن يكون حكام هذه المدينة "كهنة وادى النيل القديم" !! و لا يمكن استيحاء فكرة " فاضلة" من واقع جمهور مسحوق و مهان, ان لم يكن "افلاطون" قد نقل ما هو موجود بالفعل من واقع اجتماعى سياسى فى وادى النيل و ادعاه فى صورة مؤلف الى نفسه سماه "المدينه الفاضلة" أو "الجمهورية": ( ... و على كل الأحوال فان الاحتمال الوارد هو أن خطاب "بوزيريس" هو الأقدم زمنيا. و مع ذلك فان هناك مواطن تشابه لافتة للنظر بينه و بين "دولة" "افلاطون". فقد كان هناك فى هذه الأخيرة كذلك نظام لتقسيم العمل يقوم على أساس طبقى يحكمه مجموعة من الأوصياء "المستولين" يتولون مهامهم نتيجة لاختيار دقيق بعد فترة تعليمية شاقة, فقد كان "افلاطون" على عداء مستحكم مع فوضى النظام الديمقراطى فى "أثينا". و من ثم فان هذا النموذج – الذى قدمه – كان يدعو بشكل واضح الى الارتياح. و لكن ما هو مدى التشابه بين هذا "النموذج الافلاطونى" و بين "مصر" ؟ اننا نعرف, الى جانب التشابه بين "دولة" "افلاطون" و بين خطبة "بوزيريس" ذات الصفة المصرية المحددة, أن "مصر" التى قضى فيها "افلاطون" بعض الوقت, حوالى 390 ق.م, على وجه الاحتمال, شكلت نقطة اهتمام رئيسية فى أعماله المتأخرة. ففى "محاورة" "فايدروس – Phaidros" يعلن "افلاطون", على لسان "سقراط" أنه : "هو [تحوت – Thoth اله الحكمة المصرى] الذى اخترع الأعداد و الحساب و الهندسة .. و أهم من ذلك كله, أنواع الأدب .." كذلك نجد "افلاطون", فى محاورتيه "فيليبوس – Philebos" و "ابينوميس – Epinomis", يتحدث بتفصيل أكثر عن "تحوت" بوصفه مخترع الكتابة, بل مبدع اللغة و كل العلوم, و فى موضع آخر يثنى "افلاطون" على الفن المصرى و الموسيقى المصرية و يحاول أن يثبت أن بلاد "الأغريق" أخذتهما عن "مصر". و فى الواقع فان السبب الوحيد الذى يدعو الى الشك فى أن محاورة "الدولة [الجمهورية]" قد كتبت على أساس من النظم المصرية هو أنه لا يذكر هذا "صراحة" فى نص المحاورة. على أن عدم ذكره لهذه الحقيقة له تفسير قديم. و قد جاء هذا التفسير فيما كتبه "كرانتور – Krantor", أقدم المعلقين على أعمال "افلاطون", و ذلك بعد زمن من "افلاطون" بعدة أجيال: { لقد سخر معاصرو "افلاطون" منه, قائلين أنه لم يكن مبدع الأفكار التى تناولها فى "الدولة [الجمهورية]", و انما نقلها عن النظم المصرية. و قد بلغ من اهتمامه بما قاله اولئك الذين سخروا منه, أنه نسب الى المصريين قصة الأثينيين و أهل أطلنطيس " Atlanta " ليجعلهم يقولون ان الأثينيين قد عاشوا فعلا فى ظل هذا النظام فى فترة معينة فى الماضى} و فى وجود هذه الشواهد التى تؤيد اشتقاق أفكار "الدولة [الجمهورية]" من أصول مصرية, ربط العلماء المعاصرون, هم الآخرون, بين "افلاطون" و مصر. و كما ذكر "ماركس – Marx", فان "دولة افلاطون" فيما يتعلق باتخاذ تقسيم العمل أساسا تكوينيا للدولة, " هى مجرد معالجة مثالية لنظام التقسيم الطبقى فى مصر"). [عن كتاب: "أثينا السوداء – لمارتن بيرنال" ترجمة المجلس الأعلى للثقافة المصرى]. و كان "ماركس" يمكن أن يكتشف أكثر و أهم من ذلك اذا توقف كما يجب أمام تاريخ حضارة وادى النيل القديم و أعطاه من وقته ما يستحق, و هو الذى اختصر هذه الحضارة معبرا عن رأيه فيها بالقول: " لماذا يبدو تاريخ الشرق كتاريخ دين ؟ ", دون أن ينفق بعض من وقته للأجابة على هذا السؤال الهام. فدولة بهذا التنظيم و التأثير الايجابى على "الجيران" لا يمكن أن تكون قائمة على القهر و الاستبداد.
و استطرادا يحضرنى ما سرده "نجم الدين شريف" مدير متحف السودان الأسبق, حين كان يحاضر فى أحدى الجامعات الأميريكية عن "الحضارة النوبية", و أخذ يحكى عن كيف كان الأمن مستتب بحيث لم يكن هناك لصوص, و أبواب المنازل مشرعة دوما, و المال الذى هو "التمر" يوضع فى حافظات كبيرة من الطين على قارعة الطريق, يأخذ منه من يريد حسب حاجته, .. الى آخر ما توصل اليه من وصف لمجتمع ذاك الزمان من خلال بحثه الآثارى. يقول أنه أثناء حديثه لاحظ أن الحضور أخذوا ينصتون اليه باندهاش شديد, و فى آخر المحاضرة رفع أحد الطلبة يده معلقا بحماس: "استاذى, ان كان ما سردته علينا هذا قد حدث بالفعل, فهذا يعنى أن مدينة افلاطون الفاضلة قد تحققت على وجه الأرض" !! و أذكر حتى سبعينات القرن الماضى كان كثير مما ذكره "نجم الدين" متوفر فى مناطق "النوبة" فى الشمال.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
أما ملاحظتك:
Quote: أما ملاحظتي الأخيرة فحول مغزي التأصيل الثقافي. فهل نؤصل لثقافتنا لكي نخلق جيبا جديدا، ام لنتكامل مع المنجز الإنساني في بعده الكوكبي الراهن؟ |
فالأجابة على التساؤل الكبير الوارد فيها فى رأيى سيكون الخلاصة التى سيخرج بها الحوار الدائر فى هذا "البوست". و سأحاول بدورى المساهمة بالأجابة عليه فى مقبل الأيام.
لك وافر تحياتى ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
شكرا طناش على تعليقك على نقاطي وعلى متابعتها بتلك الأناة والدقة. فما قلته وأوردته يستحق الوقوف عنده، ويقتضي مني إعادة التفكير. أنا مثلك، أتشكك في الصورة السالبة التي تم غرسها في أذهاننا عن حضارة الفراعنة، بسبب الموقف التوراتي من الفراعين. ولكنني أتحسب أيضا، من الوقوف كليا في هذا الجانب من المشهد، وأخشى التعويل التمام، على ما يراه البعض، مجرد أكاذيب روج لها اليهود عن ظلم الفراعنة. أعني علينا أن نقارب مسالة تقييم الحضارة المصرية القديمة بحذر شديد، وأن نفحص جانبي الرؤية، فحصا شافيا، وأن لا نغلب جانبا على آخر، حتى نكون قد استقصينا بالفعل كل جوانب المسالة. فالحياة الإنسانية قد خرجت في جملتها من الغابة. ولاتزال قوانين الغابة سائدة، حتى في يومنا هذا، فكيف يا ترى كان الحال قبل خمسة آلاف سنة؟!
شاركت أنظمة الحكم والإدارة في ثقافات غرب ووسط إقريقيا، حضارة وادي النيل القديمة في مسألة (المَلِك المقدس Divine King). وقد عرفت حضارة وادي النيل القديمة، في بعض تجلياتها، الضحية البشرية. وفي التضحية بالفرد حسيا على معابد الآلهة، دلالة على مستوى (تحضر) العقيدة السائدة، في ذلك الوقت. وقد ورد في كتابات الأستاذ محمود محمد طه، أن قصة إبراهيم، عليه السلام، وإبنه، قد مثلت قفزة في سلم التطور، فيما يخص مسألة القرابين البشرية، التي عرفها التاريخ. ففي حادثة إبراهيم، وإبنه، تم افتداء البشر بالحيوان، وارتفع التدين، من ثم سمتا جديدا. فالعقائد التي تمارس التضحية بالآدمين، عقائد أولية في سلم الوعي. يقول سيد القمني، قي كتابه (الأسطورة والتراث): ((وأخلص الإنسان في تعبده فلم يبخل بالعطاء، فكان لا يتذوق ثمار محاصيله قبل أن يقدم لآلهته أول قطوفها، ولا ينتفع بحيوانه قبل أن يقترب بابكار نسله من أربابه، وتفانى في إخلاصه إلى المدى الذي امتدت فيه يداه بالمدي إلى أعناق فلذات الأكباد، ليسيل دماء أطفاله على مذابح الآلهة)) .. انتهى.
ومعروف أن اليهود قد أمروا بقتل أنفسهم، وقد ورد ذكر في ذلك في القرآن على هذا النحو: ((وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند ربكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم)). _ البقرة _ 54. ثم جاء القرآن بعد ذلك ليقول: ((ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)). – النساء 29 ـ . في تقديري أن الحقائق التاريخية المجردة، وحدها ليست كافية في فهم حقب التاريخ. فالزاوية أو المنظور الذي على خلفيته يتم عرض الحقائق المجردة، مهم جدا. خاصة أن المعرفة بالحقائق التاريخية المجردة، تتسع يوما بعد يوم. كما أن بعض جوانبها تقوى بفعل البحث المستمر، وتضعف بنفس السبب جوانب أخرى، تبعا لذلك. وعادة ما يتم تجميع الحقائق، في شكل نتف صغيرة، شبيهة بشظايا ماعون فخاري تكسر وتبعثرت أجزاءه، ولربما تكون بعضا من أجزاء ذلك الماعون قد اختفت تماما. ولربما يغفل الباحث بعض الحقائق، لظنه بعدم أهميتها، وعكسا لذلك، ربما ضخم الباحث بعض الحقائق، لسبب يخص منظوره، ودافعه، بل وقدرته على تحييد فكره. أيضا قراءة التاريخ تقتضي منظورا شاملا، خاصة فيما يتعلق بقضيتي الثروة والسلطة، وخاصة مدى تباعد أوضاع أهل القمة، من ملوك وكهنة ورجال دين، من أوضاع أهل القاعدة من سواد الناس الذين كان يتم تسخيرهم عادة، لخدمة الصفوة، تارة بالإرهاب والخوف، وتارة بجعل السخرة أمرا من صميم التعاليم الدينية ذاتها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
ربما تذهب بعض وجهات النظر، فيما يتعلق بالموقف من حضارة وادي النيل القديمة، مذهبا ربما يصل درجة إلحاق نشأة الديانات الكتابية، شرق الأوسطية، بالردة الحضارية، مقارنة بالحضارة المصرية القديمة. وهذا الإتجاه ربما اقتضى مراجعة في تقديري. خاصة إن اصطحبنا مفهوم التفريق بين (الحضارة) و(المدنية) الذي قعده الأستاذ محمود محمد طه، في كتابه (الرسالة الثانية من الإسلام) تحت عنوان: (الحضارة والمدنية). في تقديري أن الأديان الكتابية في شكلها الثلاثي المركب (يهودية، ومسيحية، وإسلام) قد دفعت سقف التمدن، في الحيز التاريخي الذي تمددت فيه، دفعة كبيرة، حتى لو قلنا إن ذلك قد تم على حساب، سقف الحضارة. هذه نقطة، ربما اقتضت توسعا، ودعما شاهديا، أرجو أن يتيسر له الوقت، والحيز مستقبلا. ولكن ربما تتضح هذه النقطة أكثر، لو نحن نظرنا إلى انطلاقة الإسلام في بداية أمره، في صحراء الجزيرة العربية، في بيئة بدوية فقيرة، معدمة، يابسة، لم تعرف مظاهر التحضر، والعمران المشيد، ولا تساو منجزاتها، في هذا الجانب شيئا، مقارنة بحواضر الفرس والروم. انتصار الإسلام في بداياته واجتياحه لتلك الحواضر، ربما بدا أشبه ما يكون بالردة الحضارية. وقد يكون البعض قد رآها فعلا كذلك، أي، شيئا شبيها باجتياح البرابرة للإمبراطورية الرومانية. غير أن الإسلام أدخل في المشهد معادلات إنسانية جديدة، خاصة فيما يتعلق بالشراكة في السلطة والثروة، وسائر قضايا الحقوق. وفي تقديري أن الحقوق هي مقياس التمدن، وليست البنيات، وحدها.
التأسيس لكون السودان النيلي الراهن، مهد للحضارة الإنسانية، أمر تدعمه كثير من الشواهد. والإرتكاز على هذه الرؤية من أجل محو الإحساس بالدونية، الذي جعلنا نلهث وراء العرب، يمثل عندي منحى سديدا، أيضا. وبهذا المعنى فالإسلام لم يجئنا كلية من جزيرة العرب، وإنما هو بضاعتنا رُدَّت إلينا. فقد بنت الديانات الكتابية، شرق الأوسطية، على مخزون المعرفة المتراكمة التي سبقتها إليها حضارات، وادي النيل، ووادي الرافدين.
لم يصبح للعرب ذكر في التاريخ، إلا بالإسلام. ولو حق لنا أن نتعلق بهوية تجعل لنا ذكرا في العالمين، فعلينا التعلق بالهوية الإسلامية، وليس العنصر العربي. فالهوية الإسلامية هنا، ليست هي إنماط السلوك التي وفدت علينا في القرون السبعة الماضية، كتحجيب النساء، وفصلهن عن الرجال، مثلا، وإنما هي طبيعة نمط حياتنا القديمة المتجذرة في تاريخنا الممتد منذ أكثر من خمسة آلاف عام. المَعْنِي بالهوية الإسلامية هنا، البعد الصوفي، الإنساني، العريض، المتجذر في بنية التصوف القديمة، وليست الهوية الإسلامية الطقوسية الشعائرية السائدة عند كثيرين منا اليوم. فهذه مسالة وافدة، ولم تتجاوز القشور إلى اللباب. وقد أقلح الأخ بشاشة حين اشار إلى طرح الأستاذ محمود للإسلام بوصفه وعاء شاملا لكل محاولات الإنسان لمقاربة الغيب. فالإسلام قد بدأ حيث بدأت الحضارة، في وادي النيل الأعلى. ومنها خرج، وشذبت هيئته رحلة الخروج التي امتدت شرقا حتى الهند، وحين عاد مرة أخرى، حسبه الغافلون وافدا جديدا علينا!! في هذا الإطار الإنساني المنفتح، لمشكل الهوية، يتساوى التحقيق الروحي للأرواحي من أهل القبائل النيلية، بجنوب القطر، بتحقيق الفقير الحارس للضريح في وسط القطر، أو شماله. وحين أعود سوف أتحدث عن المفكر الراحل هادي العلوي، ورؤيته للتراث. كما سوف أتحدث عن إسلام إفريقيا، وإسلام جزيرة العرب. (وهنا يدخل الكلام الحوش).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
تابع الأقتباس من كتاب "سيد محمود القمنى - أوزيريس و عقيدة الخلود فى مصر القديمة": (هذه بايجاز أهم أساطير المدرسة "الأونية" التى تعد من أقدم فلسفات الوجود و نشأته, لكنها على أى حال لم تكن الفلسفة الوحيدة فى هذا الزمان, فقد كانت هناك مدرسة الاله "بتاح", ابان حكم الأسرة الأولى القديمة, و التى بلغت شأوا عظيما, قبل أن يسقط الهها فى صراعه مع "رع" فى نهاية الأسرة الرابعة, و " لبتاح" فكر و فلسفة لها ثقلها و أهميتها, و أثرها الذى لا يمكن أن يتغاضاه البحث النزيه, و كان صاحب دور لا يمكن انكاره فى تطوير الفلسفة المصرية فى الوجود, و الارتفاع بها و ترقيتها, تطويرا كان له مداه البعيد و مده, و أثره العميق, لا فى فلسفة المصريين فحسب, بل و فى فلسفات الأمم الأخرى المجاورة. و " بتاح" هو فى النطق السامى " فتاح", اسم يحمل فى رأى الثقات معنى " .. الفتح ..". أو هو بتعبير أكثر دقة و تحديدا انما يعنى " .. الصانع أو الفتاح أو الخلاق". و كان دخول "الفتاح" الى مجال التفلسف, يعود الى رغبة أتباعه, فى كفالة زعامة الفكر و الدين لمدينتهم "منف", تدعيما لزعامتها السياسية, " .. فأدلوا بسهمهم فى تفسير و تعديل المذهب القديم, الذى نادت به عين شمس المجاورة لمدينتهم .. ثم خرجوا على الناس بمذهب جديد, يصطبغ بالمعنوية أكثر مما يصطبغ بالمادية .. ردوا فيه خلق الوجود و ما احتواه, الى قدرة عاقلة مدبرة آمرة, و تمثلوا هذه القدرة فى معبودهم [ بتاح] نفسه, و أكدوا أنه أوجد نفسه بنفسه, و أنه أبدع الكون و معبوداته و ناسه و حيوانه و ديدانه, عن قصد و رغبة". " بفكرة فكر فيها القلب, و نطق بها اللسان". أى أن سبيله كان هو سبيل " الفكرة ثم الكلمة", أو بتعبير عبد العزيز صالح: ب " .. فكرة تدبرها قلبه أو عقله و أصدرها لسانه فكان من أمر الخلق ما كان". و ذلك على اعتبار " .. أن كل الأشياء كانت فى علم الخالق [بتاح], قبل أن يخلقها", و بعد أن خلق الدنيا و مخلوقاتها, على عرشه " .. استراح ..", فأصبح هو فتاح العليم, مقدر الأقدار. و بهذه النظرية التى طرحتها تصورات المدرسة "المنفية", فى نصوص أغلبها – فى رأى المؤرخين – " .. مصطلحات فلسفية", استطاع " بتاح" أن يكون ذا أثر قوى, أثرى الفكر المصرى و فلسفته فى الوجود, من حيث تأكيده على سبق الفكر للوجود, أو بأن الماهية سبقت الوجود, فظل قائما الى جوار النظرية " الأونية" فى الوجدان و العقول, رغم أن الأيام قد مالت عنه مبكرا الى " رع", بعد أن تدخلت أحداث السياسة, لتضع أقدارها اتباع " رع" على سدة الحكم, فى الأسرة الخامسة و ما تلاها, و ولت أيام " بتاح", و لم يعد للظهور سوى مرة واحدة, أيام الأسرة التاسعة عشرة, ليومض و مضة الرحيل.) انتهى الأقتباس من كتاب "سيد محمود القمنى".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
طناش، سلام. ما فهمت سؤلاك، او بالاحري، حدد ياتو جزء عايز مراجعة، طبقا للنسخة الانجليزية العندي.
بالنسبة للرقم 8 كاساس، بذكر نفس الشئ في الشمالية الناس بستخدموا الرقم 8 كتير جدا.
كنت بستغرب وبسأل جدي باستمرار، ليه بستعملو 8/1، 8/2 ..الخ بالذات في توزيع البلح، او حصة المزارع في المحصول..الخ.
طبعا باضافة الازواج الاربعة ، نحصل علي الرغم 8.
حكاية الارقام وعلم الرياضيات عامة في الديانة دي وصل مراحل لا يصدقها العقل!
عشان كده بعضا من علماء الرياضيات، في الغرب احتاروا في انو الناس ديل في الزمن داك وصلوا المراحل دي كيف؟
من ذلك الكسور مثلا. في الستينات وباستخدام الة حاسبة، لم يتمكن العلماء من الاتيان بنتيجة افضل مما هون مدون في وثيقة تعود للعام 2000ق.م!!!
لاحظ "المطلوب" يتطلب اجراء اكثر من 22,295 عملية حسابية!
من ذلك ايضا ما اورده هيرودتس "ابو التاريخ" علي لسان صوفية ذلك الزمان عن الشمس قولهم:
Set where it now rises, and risen twice where it now sets
او بالعربي الشمس تغرب مكان شروقها، وتشرق مرتين مكان غروبها.
بناءا علي هذه المعلومة، توصل العالم Drayson للتحليل الاتي:
كما الارض تدور حول الشمس، فالشمس تدور حول مركز، بسرعة 40 ميل في الثانية. بذلك تقطع الشمس مسافة 33,000,000,000,000,000 ميل، لتكمل الدورة خلال عام!
يجب ان لا يغيب عن بالنا، ان هذا المستوي من المعرفة تحقق لاجدادنا بسلوك طريق المعرفة العرفانية، علي ذات النهج المتبع اليوم، من سرية وتحريم مطلق للبوح، بهذه الاسرار الالهية، كما سنشرح لاحقا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
"بشاشا" .. لم يكن واضحا بالنسبة لى كون "آمون":
Quote: أصبح ذات يوم مصحوبا بالشمس رع أو متحولا الى أوزيريس أو حورس |
و كذلك "الثامون و التاسوع":
Quote: و فيما يتعلق بتشابه الثامون و التاسوع عند "الدوجون" – ثمانية أو تسعة آلهة – مع الثامون و التاسوع فى مصر |
فقد جاءت فى كتاب "أنتا ديوب" المترجم دون شرح و دون تحديد هذه "الثمانية و التسعة", و لكن من الاقتباس من "سيد محمود القمنى" الذى تلى ذلك وضح بالنسبة لى المقصود من الجملتين.
و تذكرت استطرادا ما ذكره أحدهم - لا أذكر أسمه - لديه برنامج فى الاذاعة السودانية عن تاريخ السودان القديم, و كان يتحدث أمام "الانقاذيون" فى المتحف القومى, مشيرا لهم الى تمثال "ترهاقا- تارقو", قائلا: "و اذا نظرتم أسفل قدميه ستجدون تسعة أقواس, هى اقاليم الدولة التسعة فى ذاك الزمان, و أنه فى سلطنة "سنار" كان قصر الحاكم يحتوى على تسعة أبواب, كل باب منها مخصص لحاكم اقليم معين يدخل منه الى السلطان". ثم ختم ممازحا: " و لعل الاستعمار الأنجليز قسم أقاليم السودان الى تسعة تيمنا بذاك التقسيم القديم" !!؟ هذا نموذج من اساليب التسطيح التى يمارسها من ينتظر منه تنوير السودانيين بنور العلم, و لن تنطلى علينا هذه الأساليب, و قد أدركنا من خلال هذا "البوست" الى ماذا تشير التسعة أقواس أسفل أقدام "ترهاقا - تارقو", و كذلك الى ماذا تشير أبواب "سنار" التسعة, خلف اشارتها الى الأقاليم, ان كانت تشير فعلا الى "أقاليم" !.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
نواصل الاقتباس من كتاب" "أوزيريس و عقيدة الخلود فى مصر القديمة - سيد محمود القمنى", من الجزء المتعلق بالتشابه بين فلسفة الأفارقة "السود" فى وادى النيل القديم, و فلسفات الشعوب المجاورة: ( .. ان النظرة المقارنة, لنظريتى مدرستى "أون و منف", مع عقائد و فلسفات الأمم التى جاورت "مصر" فى ذاك العهد و تماست معها ثقافيا, و ما تلاه من عصور, لتوضح مدى التشابه الشديد بين فلسفات "المصريين", و بين فلسفات الشعوب المجاورة فى حوض المتوسط, و عقائدها فى الوجودين: الكونى و الكائنى, شبها يبلغ الحد الكافى, لألقاء بذور التكهن فى العقل, باحتمال يذهب الى اعتبار الفلسفة "المصرية", الأصل الأول و الأصيل, لعقائد هذه الأمم و فلسفاتها. و قد راود هذا الحتمال عقول كثير من المفكرين, فمنذ و قت مبكر, أكد المؤرخ " ديوجين لارتيو – Diogenes Laertius" فى القرن الثانى الميلادى, على أن الشرقيين و بخاصة "المصريين", هم أول من تفلسف [هامش, عبد الرحمن بدوى: ربيع الفكر اليونانى] , و هو نفس رأى كثير من المفكرين القدامى مثل "فيلون" اليهودى, و "كليمنت – Clement" السكندرى. [هامش, كريم متى: الفلسفة اليونانية قبل سقراط] و رغم أن الحذر العلمى يستوجب القول: بأن الأمر لا يزال حائرا بين النفى و الأثبات, فى تأثير "المصريين" على الفلسفة اليونانية, فان هذا الحذر ذاته يستوجب أيضا, التأكيد على " .. أن الكلام عن معجزة يونانية ليس من العلم فى شىء, فالقول أن اليونانيين قد أبدعوا فجأة, و دون سوابق أو مؤثرات خارجية, حضارة عبقرية فى مختلف الميادين, هو قول يتنافى مع المبادىء العلمية, التى تؤكد اتصال الحضارات و تأثيرها بعض ببعض, على حين أن لفظ المعجزة, يبدو و فى ظاهره تفسير لظاهرة الانبثاق المفاجىء للحضارة اليونانية, فانه فى واقع الأمر ليس تفسيرا لأى شىء, بل تعبير غير مباشر عن العجز عن التفسير". [هامش د. فؤاد زكريا: التفكير العلمى]. و يرى ثقات الباحثين فى الميدان الفلسفى " أن عوامل الاتصال بين اليونانيين و الشرقيين القدماء, كانت أقوى مما كنا نتصوره, و كل كشف تاريخى جديد يؤكد, بشكل متزايد, أن اليونانيين كانوا مدينين بكثير للسابقين عليهم من الشرقيين, لا سيما و أن الاتصالات بين هاتين المنطقتين لم تنقطع لحظة واحدة". [يجب التنويه أن "الشرق" فى عرف اليونانيين هو "مصر" تحديدا – طناش-] و يذهب "فؤاد زكريا" الى أنه " .. لا جدال فى أن, المكان الذى ظهرت فيه أولى المدارس الفلسفية و العلمية اليونانية, هو ذاته دليل على الاتصال الوثيق بين الحضارة اليونانية, و الحضارات الشرقية السابقة, فلم تظهر المدرسة الفكرية الأولى فى أرض اليونان ذاتها, انما ظهرت فى مستوطنة "أيونية" .ز , أى أقرب أرض ناطقة باليونانية الى بلاد الشرق, ذوات الحضارات الأقدم عهدا .ز و هذا أمر طبيعى لأن من المحال أن تكون هذه المجموعة من الشعوب الشرقية, قريبة من اليونان الى هذا الحد ... دون أن يحدث تفاعل بين الطرفين", الا أن المشكلة الكبرى فى هذا الصدد, هى أن الأدلة المباشرة على الاتصال العلمى قد فقدت ..". و لهذه الأسباب, يمكن بمقارنة سريعة لمس موضوع التشابه, بين الفكر "المصرى", و بين ما تلاه عند ايونان, لمسا خفيفا, للتدليل على الأقل على سبق "المصريين" الزمنى, للوصول الى أهم المبادىء, التى أعتبر اليونانيون بسببها أول المتفلسفين, مع الاشارة الى أوجه التشابه الواضحة, بين ما وصل اليه "المصريون" حول تفسير و نشأة الوجود, و بين الفكر الدينى للشعوب المجاورة مكانيا, و التالية زمانيا. على الصعيد الفلسفى انتهت محاولات الفيلسوف اليونانى "طاليس" فى بحثه عن المادة الأولى التى تكون منها العالم, الى اعتبار الماء هو هذه المادة, و قد اعتبره الفيلسوف "أرسطو طاليس" أول من تفلسف لهذا السبب بالذات, و هذا ما وصل اليه "المصريون" قبله بآلاف السنين, بتأكيدهم أنه "فى البدء لم يكن فى الوجود سوى [نون], و كان [نون] محيطا أزليا مظلما". و كان غريبا الا يلاحظ الباحثون, أن الشخص الذى اعترفوا بأنه أول من أدخل الهندسة الى اليونان, منقولة عن "المصريين", أنه هو نفسه ول من تفلسف لقوله بالماء كمبدأ أول للأشياء, رغم أن " أرسطو .. يشير الى طاليس, عندما يقول بالماء كمبدأ للأشياء, ربما يكون متأثرا بالأساطير القديمة القائلة بأن أصل الأشياء هو الماء, خصوصا القائلة بالمحيط .. كما أن أرسطو يقترح أن يكون طاليس متأثرا بالأساطير المصرية عن أصل الخليقة" [هامش, د.حسام محى الدين الألوسى: بواكير الفلسفة قبل طاليس], و كان ينصح تلاميذه دائما ب" .. أنه من الخير أن نستأنس برأى الذين تقحموا البحث فى الوجود و فلسفوه قبلنا" [هامش, نفسه], فمن كانوا هؤلاء اذا لم يكونوا هم "المصريون" ؟, بل و يعترف بأن "المصريين" قد و صلوا الى البحث النظرى المجرد, و هو مقياس التفلسف عنده. [هامش, نفسه] لذلك بدأ الباحثون يؤكدون على " أن اليونانيين ليسوا أول من بدأ الفلسفة و العلم و التجريد .. و لم يعد مقبولا الرأى القائل بأصالة الفكر اليونانى, و بأن اليونان هم أول من بدأ العلم النظرى و الفلسفة, و يقوى من عدم القبول هذا ما قدمته حضارات وادى الرافدين و النيل, من انجازات فى مجال العلم و المجالات الأخرى .. و من تحليل طبيعة الميتافيزيقا اليونانية – و هى جوهر الفلسفة اليونانية – يمكن القول أنها لم تكن الا صياغة جديدة, بألفاظ و مصطلحات ظاهرة العقلانية و العلمية, للموضوعات المثولوجية نفسها التى كانت سابقة على ظهور الميتافيزيقا"[هامش, نفسه], و يذهب مع هذا الرأى كثير من المحدثين, مثال "رى" و "ا.ب. الكسندر" و "ديورانت" و "ميلهود" و "سارتون", بينما يلخص "جاردنر" هذا الاتجاه بعبارة بليغة و اضحة تقول: " .. ان فلاسفة اليونان الأوائل مثل طاليس و فيثاغوراس, قد قبعوا كتلاميذ عند أقدم الكهنة المصريين". [هامش, Egypt of the Pharaohs] يتبع ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
و لا يقتصر الأمر على "طاليس" أو "فيثاغوراس", فالمدرستان "الأفلاطونية" و "الأرسطية", لم تكونا أول من أشار الى منطقية الوقوف عند علة أولى, فى سلسلة العلل, هى علة ذاتها, بعد ان وضح هذا المعنى فى المدرسة "الأيونية" المصرية, باعتبارها "رع" سيد المجمع القدسى هو هذه العلة و لا علة سواه, بل و يذهب المحدثون الى التأكيد صراحة على أن "سولون" و "افلاطون" بشكل خاص, قد تتلمذوا على جامعة عين شمس "الأونية", و من طلائع طلابها, و يعتبرون الفكر "الأونى" جامعة, صدرت العلم و المعرفة الى كل دول العالم القريبة فى هذا الزمان [هامش, د. محمد السيد سلطان و د. صادق جعفر اسماعيل: مسار الفكر التربوى عبر العصور], و قد اعترف "افلاطون" خاصة " .. بفضل الحضارة الفرعونية على العلم و الفكر اليونانى, و أكد أن اليونانيين انما هم أطفال, بالقياس الى تلك الحضارة القديمة العظيمة" [هامش, فؤاد زكريا], هذا عدا كثير من الروايات التاريخية التى " .. تحكى عن اتصال كبار فلاسفة اليونانيين و علمائهم بالمصريين القدماء, و سفرهم الى مصر, و اقامتهم طويلا فيها لتلقى العلم" و غنى عن الايضاح و الشرح, أن تصورات "أفلاطون" عن العالم الآخر الخالد, أو ما اسماه "عالم المثل" [هامش, أنظر: سيد محمود القمنى: الموجز الفلسفى], لا تخرج عن نفس التصورات "المصرية" القديمة, لهذا العالم و التى سيأتى بيانها, كذلك لم يكن كلام "هيراقليطس" عن قيام جوهر التكوين على الضدية فى التركيب, كلاما جديد فى تاريخ الانسانية [هامش, يوسف كرم:تاريخ الفلسفة اليونانية], فهذا هو نفسه ما أكدته العقلية "المصرية", باعتبارها العالم قد تكون أصلا من ازليين, هما الماء "نون" و النار "رع". و اذا كان الرواقيون قد أخذوا "اللوجوس - Logos" الهيراقليطى, و اعتبروه كلمة خالقة سرت فى الكون, كنفحة قدسية منحته الوجود و الحياة [هامش, أبكار السقاف: نحو آفاق أوسع, أو العقل الانسانى فى مراحله التطورية], فقد كانت المدرسة "المنفية" صاحبة هذا الاتجاه من قبلهم, و قد أكدت بوضوح أن العالم قد جاء خلقا من عدم, بالابداع, عن طريق الكلمة الخالقة, التى فكر فيها " بتاح", و نطقها فكان الوجود. بل و يمكن – دون تطرف أو انحياز – اعتبار الآلهة التسعة فى المجمع القدسى, مع اضافة "حور" بن "أوزير", أصلا مباشرا لتك الفكرة التى نادت بها مدرسة "افلوطين" الأسيوطى الصعيدى [هامش, د. أحمد فؤاد الأهوانى: المدارس الفلسفية], صاحب مدرسة الاسكندرية المنسوبة لليونان رغم "مصريتها" المكانية و الفكرية الى حد بعيد, و التى تقول أن هذا العالم جاء فيضا و صدورا من ذات الله, العقل الأول, على شكل عشرة عقول, يشرف كل منها على فلك من أفلاك السماوات, بينما يشرف آخرها العاشر أو الفعال على فلكنا الأرضى [هامش, سيد محمود القمنى: نفسه], و هذا العاشر كان فى فلسفة "أون" هو "حور" الملك الذى ينوب عن العقل الأول فى ملك "مصرط, و كانت "مصر" هى الدنيا فى التصور القديم, بينما كان وجود العالم كله فى هذه الفلسفة "الأونية", فيضا و صدورا على شكل عقول أو آلهة تسعة. و من هذه اللمحات الموجزة, يتأكد سبق "المصريين" للفلسفة اليونانية, فى أهم منجزات هذه الفلسفة. يتبع ...
(عدل بواسطة Tanash on 02-16-2004, 04:21 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
أما على الصعيد الدينى, فقد بات واضحا أن الفكر "المصرى", قد امتد فى موجة مد بعيدة, ليغطى الفكر العقائدى لكل حوض المتوسط, و يؤثر فيه تأثير بقى حتى يومنا هذا, و بخاصة فى عقائد العبريين [هامش: أصبحت مسألة تأثير الفكر المصرى القديم فى العقائد العبرية, أمرا مسلما به, بع الدراسات المستفيضة التى قام بها الأثرى " برستيد" فى " فجر الضمير" و خاصة من صفحة 347 و حتى نهاية الكتاب, كذلك ما قام به الأثرى " ديورانت" من مقارنات لا تقبل لبسا فى " قصة الحضارة" و خاصة بجزئه الأول من مجلده الأول من صفحة 386 و ما بعدها, أنظر ايضا د. حسن شحاته سعفان: الموجز فى تاريخ الثقافة و الحضارة]. الذين تأثروا بهذا الفكر أيما تأثر, و فى العقيدة المسيحية من بعدهم [هامش: سنعالج هذا التأثيربالتفصيل فى الفصل الأخير من الباب الأخير من هذه الدراسة], و على سبيل المثال لا الحصر, يمكن ايراد بعض أوجه الشبه بين ما ورد فى قصة التكوين "المصرية", و بين ما ورد فى بعض الديانات الأخرى التالية لها فى المنطقة. بالمقارنة, حول ما طرحه الفكر "المصرى", تصورا لنشأة الكون كله من الماء, نجد نفس التصور لدى العقائد الأكدية و البابلية – فى بلاد الرافدين – حيث اعتبروا الماء أو الالهة " تيامات" كانت الخضم الأول فى الكون, و هو نفس المعنى الذى أكدته العقائد العبرية, فيقول الكتاب المقدس: ".. و كانت الأرض خربة و خالية, و على وجه الغمر ظلمة, و روح الله يرف على وجه المياه" [هامش: الاصحاح الثالث من سفر التكوين, و يقول القرآن الكريم فى نفس المعنى: ان الله فى الأزل " .. كان عرشه على الماء" الآية 7 من سورة هود.], و مما لا يحتاج الى بيان, أن العبريين بالذات قد تأثروا بالفكر "المصرى", و أن الأمر وارد و رودا قويا, نظرا لبقائهم فى "مصر الفرعونية" فترة ليست بالقصيرة, قبل رحيلهم فى رحلة التيه الى فلسطين. و اذا كان "شو" قد فتق الأرض الى قسمين " سماء و أرض" فى القصة "الأونية", بعد أن كانتا رتقا, فان هذا ما أوردته ملحمة الخلق الأكدية, فهى تقول أن " مردوك" قد " .. شقها كما تشق الصدفة الى قسمين, و ثبت نصفا و جعله سقفا سماء" [هامش: د. نجيب ميخائيل: مصر و الشرق الأدنى القديم], و عن هذه الأسطورة, أو ربما عن "المصريين" مباشرة, أخذ الكتاب المقدس العبرى قوله: " و قال الله ليكن جلد فى وسط المياه, و ليكن فاصلا بين مياه و مياه, فعمل الله الجلد, و فصل بين المياه التى تحت الجلد, و المياه التى فوق الجلد, و كان كذلك, و دعا الله الجلد سماء". [هامش: الاصحاح الأول: سفر التكوين, و يقول القرآن الكريم: " .. أن السماء و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما" الآية 30 من سورة الأنبياء.] و لعل قصة الصراع بين أوائل البشر على الأرض, فى الديانة "المصرية", بين "أوزير" و "ست", هى نفس القصة التى وردت بالكتاب المقدس تحت اسم "هابيل و قايين" [الأصحاح الرابع: سفر التكوين, لاحظ أنها القصة الاسلامية و لكنها تحت اسم "هابيل و قابيل"], آباء البشر, و كما قتل "ست" أخاه "أوزير", قتل "قايين" أخاه "هابيل". هذا و قد اعتقدت عقائد الرافدين فى العقيدة "المصرية المنفية", حول خلق الكلمة, فها هى أسطورة التكوين "الأكدية" تخاطب الاله "مردوك"قائلة: " مر بالغرق أو الخلق, يكن ما تأمر به, أفتح فمك تتلاشى قطعة القماش, تكلم ثانية فتعود القطعة كما كانت" [هامش: د. نجيب ميخائيل: نفسه]. و قد أخذ العبريون نفس الفكرة, فتقول نصوصهم: ان الله عندما كان يريد خلق شىء ما كان يقول: ليكن .. كذا, فيكون [ورد هذا بطول سرد الكتاب المقدس لقصة التكوين و الخلق فى الأصحاح اول من سفر التكوين, و قد أكد القرآن أن عملية الخلق قد تمت بهذ الطريقة, فالله " .. اذا قضى أمرا انما يقول له كن فيكون". الآية 35 من سورة مريم.], و هى نفس الفكرة التى أخذها المسيحيون, فيؤكد "كوك" أنه: " .. من مثل هذه البدايات البسيطة – يقصد راى مدرسة منف فى الخلق – نشأ مذهب الكلمة - Logo الذى نجده فى الأنجيل الرابع يوحنا", و قد كانت المسيحية بوجه خاص, أكثر الديانات تأثرا بالعقائد "المصرية", كما يحتمل جدا, كما سبقت الأشارة,أن يكون "بتاح" هو "الفتاح" فى النطق العبرى, خاصة أن سفر التكوين قد أكد أنه بعد خلق السماوات و الأرض, استراح الله من عناء عمله فى اليوم السابع, كما استراح " بتاح" من قبل. أما بالنسبة للدين اليونانى, باختصار فقد اعترف "هيرودوت" صراحة بأن " الآلهة المصرية هى الأصل الذى نبعت منه آلهة اليونان" [هامش: آلهة السحر]. انتهى الأقتباس من كتاب "سيد محمود القمنى".
(عدل بواسطة Tanash on 02-16-2004, 04:19 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
الأساتذة الاعزاء .. طناش .. و بشاشة .. و النور حمد
تحياتي
من ما يؤكد ما ذهبت إليه يا طناش من حقيقة بناء الأهرامات على يد المصريين أنفسهم .. قرأت مؤخرا أن إكتشافات جديدة حدثت في منطقة الجيزة .. و هي عبارة عن (مجمعات سكنية) للعمال الذين قامت الاهرام على أكتافهم .. أكتشفت على مقربة من الاهرامات بمسافة بسيطة .. و تشير هذه الاكتشافات أن بعض هؤلاء العمال كانوا يقطنون في تلك المساكن مع أسرهم .. و كانوا مدعومين ماديا من (الحكومة) نتيجة تفرغهم لذلك العمل الوطني .. و الإكتشافات ما زالت تسير في إتجاه أن يناء الأهرامات كان عملا وطنيا خالصا .. لم يجبر عليه أحد .. و إنما كان الناس يتنافسوت على المشاركة فيه
أما عن مساهمتي السابقة .. فقد كان إتجاهي الأساسي واضحا..و قد كان منسوبا لموضوع البوست في إعتقادي .. و من ثم أردت أيضا أن أهتم بموضوع التوثيق التاريخي لأحداث كنت أظنها معروفة تاريخيا بشكل كبير .. و لا أريد العودة إليه الآن .. و لكني أرحب بفكرة إفراد بوست آخر عن تاريخ الديانات الشرقية من ناحية التوثيق التاريخي و علاقتها بحضارة كوش
كما أن عندي تعليق بسيط على ما أورده الأستاذ العزيز النور حول موضوع الكتب الدينية و الفراعنة .. أرجو أن أستطيع العودة إليه لاحقا .. و أرجو أيضا أن لا يكون خارجا عن موضوع البوست
مع تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Yaho_Zato)
|
نعود
و أحب أن أجعل كلامي مختزلا في ثلاث نقاط
الأولى : من الناحية التاريخية .. تدل الشواهد على أن الإسرائيليين لم يكونوا سعداء أبدا في مصر حين ظهور سيدنا موسى .. رغم أن الأمر لم يكن كذلك في زمن سيدنا يوسف مثلا .. حيث يؤرخ عهده لبداية رخاء و تآلف بين بني إسرائيل و شعب مصر في القرن التاسع عشر قبل الميلاد.. و اليهود اليوم ليس بيدهم أن ينكروا تلك الحقبة فيجعلوا كل ما جرى لهم في مصر شرا .. و لكن الشاهد أيضا أن عملية إحتقار بني إسرائيل و تعذيبهم حصلت في فترات لاحقة .. حتى وصلت لحد تقتيل الذكور من الأظفال و إبقاء الإناث .. رغم أنهم كانوا منذ زمن يوسف يطمعون طمعا عزيزا في أن يكونوا مقبولين بين أبناء مصر .. إذ أن مصر تؤرخ لبداية إستقرارهم في أرض ما بعد هجرة سيدنا إبراهيم بزوجته سارة و إبنه إسحق إلى سورياالجنوبية..و قد كان ذلك الإضطهاد الذي لاقوه دينيا بالدرجة الأولى ... و لم تأت الصهيونية (الإنتماء الكياني لأورشليم) إلا لاحقا بعد موت سيدنا موسى و إستيلاء شعب إسرائيل على فلسطين بعد هزيمتهم للفلسطينيين .. و مفهوم الإستعباد و الإستغلال للأقلية كان نهجا يوميا في العهود القديمة .. و لم يكن مقياسا لعدالة الأمم مع شعوبها.... و في هذا الميدان نذكر أن الكتب الدينية تعد من المصادر التاريخية المهمة .. و هي تكاد تكون اكثر المصادر شعبية باعتبار مصداقية المؤرخ .. و لولا ما طالها من إعتبارات التحريف و التشكيك في أصالتها .. لكانت الأكثر شعبية على الإطلاق بلا منازع
لهذا أجد أن تعليق الأستاذ النور فيه إشارة صحيحة .. فمثل هذا الحنق من جانب المسحوقين على الحضارات القديمة صاحب شعوبا عدة .. تلك هي التي إستعمرتها تلك الحضارات .. و إمتهنتها..مثل ما يشعر المسيحيون تجاه الفترات التي عانوا فيها من الدوالة الرومانية ... و هنا أيضا أشير لكلام الأستاذ النور أعلاه عن مفهومي (الحضارة و المدنية) .. فالحضارات القديمة قامت على غرار المدنية في كثير من النواحي .. بل إنها قامت على رقاب المبادئ المدنية في كثير من الأحيان .. و الحضارة المصرية أو الكوشية ليست إستثناءا من تلك النقطة في تلك الحقبة الزمنية .. و يمكن المجادلة بأنها لم تكن سافرة في ذلك الإتجاه
ربما يكون التاريخ القائل بأن الإسرائيليين تعاونوا مع الهكسوس ضد الحكم المصري صحيحا .. و ربما لا .. و لكنه غير مستنكر .. فالإسرئيليون رغم سعيهم الذي كان حثيثا لإيجاد قدم لهم في أرض مصر .. إلا أنهم لم يكونوا أيضا منتمين للمصريين كل الإنتماء .. فقد كانوا على مر العصور يرون أنفسهم فوق باقي الناس .. باعتبارهم شعب الله المختار ,, و لكن التاريخ يفيد أيضا أن الإحتمال الاكبر لسبب ذلك الإضطهاد كان دينيا بحتا .. و كان قبل أن يحاول اليهود مناصرة الهكسوس إن كانوا فعلوها فعلا ... و الإضطهاد الديني كان سمتا ظاهرا في تلك الحقبة الدينية .. بدليل ما ذكر بشاشة نفسه من أن الرهبان إضطروا للهرب هائمين في الأرض في وقت من الأوقات .. رغم أني لا أوافقه أن بوذا كان منهم
ثانيا: بالنسبة للقرآن .. فأنا لا أعتقد أنه قد تبنى نظرة التوراة بشكل تام في موقفها من الحضارة المصرية .. و آياته تدل على ذلك .. فالقرآن يصف بلاد مصر حين دخلها يوسف صغيرا وصفا جميلا .. و يصف أهلها بوجود العدل فيهم .. حتى أن قريب امرأة العزيز إقتص ليوسف منها بالحق .. و شهد عليها و هو من أهلها .. كما يورد أن ملك مصر قد جازى يوسف خير الجزاء على ما رآه منه من سدادة الرأي و حسن التأويل للاحلام .. و القرآن حين ذكر مصر لم يذكرها في قالب الذم .. و إنما ذكرها بما يطرب له السمع إلى يومنا هذا .. كما أنه أورد في حق السحرة أصحاب موسى أنهم كانوا صادقين مع أنفسهم حين رأوا الحق .. و تصدوا لجبروت فرعون و لم يهابوه و لم يفضلوه على ما أراهم الله من الآيات .. و لم يكن هناك في الحقيقة ذما لمصر أو لحضارتها في القرآن بقدر ما كان الذم لشخص فرعون موسى فقط دون غيره .. حتى أن زوجة فرعون كانت من النساء القليلات المذكورات و الممدوحات فيه
ثالثا: يرد ذكر أفلاطون كثيرا في الدراسات التاريخية على أنه يمثل نقلة نوعية في الفلسفة اليونانية .. و يشار إليه أحيانا بأنه أبو الفلسفة اليونانية و زعيمها ... و لا أفهم كيف يتم تجاهل أستاذه سقراط ... و تاريخ حياته الموثق أيضا .. فسقراط عاش شبابه كجندي في جيش اثينا .. و عاش ما تبقى من عمره بعدها زاهدا في طرقات أثينا .. رغم أنه كان رب أسرة .. و كان يحاور الناس دوما و يفتعل معهم الحوارات الفلسفية دون أن يتخذ جانبا أو فكرة معينة .. إذ كان مشهورا بأنه يطرح الأسئلة و لكنه لا يطرح الأجوبة .. و دائما يقول بأنه (لا يعلم) .. و من الطف ما يرد عنه أنه إنتقد الذين حاكموه ليقتلوه بقوله ( أنا أفوق هؤلاء بمسافة بعيدة جدا .. لأني أعلم أني لا أعلم شيئا .. و هم لا يعلمون ذلك بعد).. فأين سقراط في دراسة العلاقة بين الحضارة اليونانية و سابقاتها من الحضارات؟ .. هذا سؤال إستفساري و ليس تقريري
و إلى اللقاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Yaho_Zato)
|
د. النور .. تحياتى .. أتفق معك الى حد كبير فى الكثير من ما أوردت, و أتمنى أن أوفق فى التعقيب عليه بما يضيف للحوار, لا سيما فى أخذ الحيطة و الحذر من الانحياز التام لوجه نظر دون الأخذ فى الاعتبار وجهة النظر المقابلة لها, اذ لا يقين و نحن نبحث عن الحقيقة, رغم أن سوسيولوجيا المعرفة تفرض علينا هذه الانحيازات دون أن نعلم بتأثيرها علينا و مهما سعينا الى تجنبها بتوخى الموضوعية. كنت أود التعقيب من حيث انتهيت فى مداخلتك الأخيرة, بنقل الحوار الى مرحلة تلمس الخيط الرابط بين الدين الصوفي فى وادى النيل القديم و الفكر الجمهورى, مرورا بما جاء فى ملاحظتك السديدة التى لم أعقب عليها فى مداخلتك الأولى, و التى رأيت أن وقتها لم يحن, حالها حال ملاحظات أخرى أعتبرها بمثابة موجهات لمآلات حوارنا هذا, و هى:
Quote: يمكن القول بأن بذرة التصوف، قد خرجت من الحضارة الكوشية، وأنها انتشر منها إلى بقية أجزاء الأرض. ولكن لابد لنا من أن نفرق بين بذرة الظاهرة، وبين تخلقات الظاهرة المختلفة التي يكسبها لها الإندياح في دائرتي الزمان والمكان. |
ثم فى الختام محاولة ايجاد اجابة على سؤالك:
Quote: أما ملاحظتي الأخيرة فحول مغزي التأصيل الثقافي. فهل نؤصل لثقافتنا لكي نخلق جيبا جديدا، ام لنتكامل مع المنجز الإنساني في بعده الكوكبي الراهن؟ |
و لكنى رأيت قبل الشروع فى ذلك, أن هناك بعض النقاط فى مداخلتك الأخيرة تستحق التعقيب, من ذلك: - أن اعتبار التاريخ البشرى يسير باتجاه تطورى تصاعدى, باعتبار أن اللاحق دائماأفضل من السابق, هو أمر يجب أن نتناوله بحذر. فهذا التطور التصاعدى فى هذا التاريخ لا يتم فى كل المناحى, فهو ان أصاب جانب يغفل جوانب أخرى, بل قد تأتى أحداث لاحقة تدمر كل ما توصل اليه الانسان من تطور معرفى فتعود بعجلة التاريخ الى الوراء بما يفوق بكثير المرحلة التى تم تدميرها. قد يكون ذلك بفعل الطبيعة – زلازل براكين - أو بفعل الانسان نفسه – حروب مدمرة - و هذا ما لم يزل شبحه قائما : كارثة طبيعية تصيب كوكب الأرض, أو حرب مدمرة تقضى على المدنية فيه. عليه لا يمكننا الجزم بأن ظروف حياة الانسان اللاحقة كانت دوما أفضل من السابقة. أدرك انك لا تعني بذلك التقدم التصاعدى بالتقدم فى خط مستقيم, و انما تعني به ذلك التقدم اللولبى التصاعدى فى هذا التاريخ, و ما أعنيه أن هذه اللولبية بالذات هى التى تعطينا انطباع أن اللاحق ليس دائما أفضل من السابق. ذلك أن ما يحدد التقدم فى الحركة اللولبية هو "الطفرة", و ما بين "الطفرة" و "الطفرة" - و قد تحتاج لمئات القرون - مستوى غير ثابت من الارتفاع و الهبوط فى الحركة شبه الدائرية. فهل ما حدث بعد تدمير حضارة وادى النيل القديم, التى الهمت "افلاطون" مشروع مدينته الفاضلة", من قبل العناصر البدوية الرعوية "البيضاء" الآتية من الشمال كان ارتفاعا أم هبوطا فى هذا التاريخ؟. فنحن اذا قبلنا أن تدمير هذه الحضارة تم لصالح دفع سقف المدنية باشراك أقوام أخرى فى قضايا السلطة و الثروة, فان ذلك انما حدث للأقوام الأقل حظا فى الحضارة و خصما على الأقوام المتحضرة. و استطرادا اذا قدر لمشروع "القاعدة و طالبان" النجاح فى تدمير حضارة الغرب, بدعوى دفع سقف المدنية, فيمكننا تصور ما سيحيق بالأقوام الغربية من تدهور حضاري و مديني. لذلك و نحن نؤمن على سداد فكرة دفع سقف المدنية باشراك الأقوام الأقل حظا فى سلم الحضارة, فانه يجب علينا الحذر فى اعتبار المراحل اللاحقة فى التاريخ البشرى دائما أفضل من السابقة, اذ بين "الطفرة" و "الطفرة" مستويات من الصعود و الهبوط, وعلى هذا الاساس يجب تقييم حضارة وادى النيل القديم و مفاضلتها مع المرحلة التى تلتها بعد تدميرها. - أعتبر أن الدين اليهودى و اليهود نقطة محورية فى موضوعنا هذا, باعتبار أن اليهودية هى أكثر منعطف واضح فى مسيرة دين وادى النيل نحو "المدنية" و على حساب "الحضارة". و يجب, و نحن نتناول هذه النقطة, أن ننتبه الى الفرق بين ما دونه "الأحبار" اللاحقين من "توراة" و بين "توراة موسى" النبى الأفريقى الأسود, و أعتقد لهذا السبب شكك "القرآن" الكريم فى صحة "توراة" اليوم. هذه النقطة ان تناولناها بمفردها ستأخذ من وقتنا الكثير, و لكنى أعتقد أنها ستكون أكثر وضوحا حين اتناولها فى سياق تلخيصى أو رؤيتى الأخيرة لهذا الموضوع. - هذا و يجب أن نؤمن على أن "الأضحية" البشرية طقس عرفت به ديانات المجتمعات الرعوية الأبوية و تحولت منه الى "أضحية الخروف" المستمد من نمط انتاجها الاقتصادى "الرعى", بينما عرفت المجتمعات الزراعية الأمومية بطقس " قربان الخبز" المستمد من نمط انتاجها الاقتصادى "الزراعة", و الذى مازال يجد صداه فى قطعة الخبز الصغيرة التى يدفع بها القسيس فى افواه المؤمنين المسيحيين. و هذا الفرق بين النظامين الاجتماعيين فى موضوع الطقوس الدينية تعكسه لنا قصة "قابيل و هابيل", التى تعبر عن انقلاب النظام الاجتماعى لصالح المجتمع الرعوى الأبوى و ضد المجتمع الزراعى الأمومى, حين نظر الاله الى الخروف "أضحية" الراعى "قابيل", ولم ينظر الى خبز "قربان" المزارع "هابيل". مع و ضعنا فى الاعتبار هذا الفرق الهام, فان الممارسات الطقوسية القديمة يجب أن لا نقرأها بعقلية اليوم, اذ ما نعتبره بالأمس لاعقلانيا كان عين العقل, و ما نعتبره اليوم عقلانيا سيصبح مستقبلا لا عقلانيا. و الأصح أن نقرأها بعقلية ذاك الزمان, فطقس قتل الملك الذى مورس حتى وقت قريب لدى قبيلة "الشلك", يرجع الى الاعتقاد بأن الحاكم يجب أن يتمتع بصحة جيدة حتى تظل بلاده فى نماء و ازدهار, و ان فقد الحاكم صحته هذه, سواء بالمرض أو الشيخوخة, يجب القيام بطقس قتله حتى تستعيد البلاد حيويتها من خلال حاكم شاب جديد. اننا نرى دموية هذا الطقس و لا انسانيته بعيون اليوم, حالنا فى ذلك حال انسان المستقبل الذى سيرى عقوبة الاعدام التى نمارسها اليوم سلوك بشع و لا انسانى. هذا و يمارس طقس قتل الملك على انسان يتقبل هذا الأمر بكل ايمان و استسلام, كما يتقبل "الساموراى" قتل نفسه, حين يرتكب ما يعتقد أنه أفقده كرامته, على أن يعيش ذليلا. و هو نفس موقف تقبل "عروس النيل" لطقس القائها فى النهر لأنقاذ شعبها من المجاعة, الذى يلقى صداه فى أسطورة "الدينكا" و قصة الفتاة التى تلقى بنفسها فى البئر حتى يفيض بالماء فتنقذ قبيلتها, و نفس دوافع سلوك "مهيرة بت عبود" و رفيقاتها حين القين بانفسهن فى النيل حين المت بالبلاد الخطوب, فهى تدخل فى اطار العمل البطولى و ليس الوحشى اللانسانى. و هذه الممارسات التى تتم عن وعى متقدم لا يمكن مقارنتها بظاهرة وأد البنات أو التضحية بالأبناء للتقرب الى الله فى أتفه الأسباب فى المجتمعات الرعوية الأبوية. فطقوس التضحية بالانسان فى محيط حضارة المجتمع الزراعى الأمومى فى وادى النيل القديم هى, بجانب محدوديتها, ممارسات أرقى حضاريا من ممارسات المجتمع الرعوى الأبوى الأقل حظا فى الحضارة, ذلك أن الممارسات الأولى تتم ضمن نسق متكامل من البناء الحضارى المتطور, بينما الأخيرة تتم ضمن نسق بدائى من البناء الحضارى المتخلف. فى هذا السياق يجب النظر الى التحول الذى حدث فى هذا التقليد الدينى لدى النبى "ابراهيم", صاحب الخلفية الدينية الصادرة عن مجتمع رعوى أبوى. اذ يجدر الملاحظة أن هذا التحول الهام حدث بعد زواجه من السيدة "هاجر الأفريقية السوداء" صاحبة الخلفية الدينية الصادرة عن مجتمع زراعى أمومى يعرف "القربان", منجبين "اسماعيل", جد العرب "الخلاسى", نبيا حاملا لسمات المجتمعين العرقية و الثقافية. فارتفاع الدين سمتا جديدا بهذا التحول, هو تطور حادث فى جانب ديانة المجتمعات الرعوية المنضمة حديثا الى ركب الحضارة, بحجة توسيع "المدنية" على حساب "الحضارة" وأكتساب حقوق الشراكة فى السلطة و الثروة. و قد كان كل ذلك بتأثير من ديانة المجتمع الزراعى الأمومى فى وادى النيل القديم و ان كان على حسابها. هنا يجب التأكيد على ملاحظة أعتقد أنها هامة, فارتقاء ديانة المجتمعات الرعوية بفعل احتكاكها بديانة المجتمعات الزراعية فى وادى النيل, و ان كان وسع من مشاركة الأقوام الأخرى بضمهم الى ركب الحضارة الانسانية, فأن اسهام هذه الأقوام خلق فى نفس الوقت تشويشا فى العقيدة الأساسية لدين وادى النيل القديم و معانيه العميقة. ان الأمر بالنسبة لى أشبه بفصل دراسي لطلبة نجباء استوعبوا الدرس جيدا منذ زمن, و فى مرحلة لاحقة انضم اليهم طلبة متأخرين كثيرا عن مستواهم, مما سيحدث "ربكة" و تشويش بالنسبة للطلبة القدماء, اذ سيعطل الجدد سلاسة سير وتقدم الدرس وذلك بطرحهم اسئلة كثيرة لمعرفة ما فاتهم من معلومات حتى يتمكنوا من المتابعة, و قد يضطر المعلم الى تعديل المقرر حتى يتمكن من أداء مهمته. و هذا ما حدث لسكان وادى النيل القديم حين شاركوهم فى دينهم العريق آخرون بخلفيات ثقافية مغايرة, و ما زال أحفادهم اليوم يعانون الأمرين من جراء توسيع "ماعون" "المدنية" على حساب "الحضارة"!. و فى اعتقادى أن النجاح فى ربط "الصوفية" فى ديانة وادى النيل القديم, بحركة التجديد "الجمهورية" اليوم, هو ما سيزيل التغبيش الذى أصاب معانى الدين الراقية من جراء ما حملته ثقافات الشعوب الأخرى من اسهامات كانت بمثابة "كرت" قبول عضويتها فى ركب الحضارة الانسانية. ليس المقصود هنا الانبياء و رسالاتهم الدينية التى خاطبوا بها شعوبهم, و انما ما جاءت تحمله هذه الرسالات فى طياتها من ثقافات الشعوب التى خاطبتها. فخط سير الأنبياء, فى اشخاصهم و المعانى العميقة لرسالاتهم منذ حضارة وادى النيل القديم, هو العقد الذى سيمكننا من ايجاد الرابط بين "صوفية" دين وادى النيل القديم و الفكر "الجمهورى", أى معانى و مقاصد الدين فى صفائها و نقائها بعيدا عن ما لحقها من تهومات ثقافات الشعوب المنضوية تحت لوائها, وذلك بعد قطع تلك "الصوفية" مشوارا شاقا عبر تجارب العديد من الشعوب و العودة الى منبعها فى سودان اليوم.
ان قصة أصل الدين السودانى و معاناة السودانيين اليوم من هذا الدين, تشبه لى قصة فيلم خيال علمى عن مركبة الفضاء "فويدجر", التى انطلقت من الأرض لاستكشاف الفضاء, و من خلال ذكائها الاصطناعى و تجاربها فى رحلتها الطويلة طورت نفسها عبر القرون فأصبحت سفينة فضائية ضخمة, و عادت يشحنها الغضب الى الأم التى قذفت بها الى هذا الفضاء, الى الأرض و وقفت فوقها تهددها بالفناء. و هكذا حال السودانيين, فهم من قدحوا شرارة الدين ثم اشتعلت النيران و طافت الدنيا ثم عادت اليهم تلتهمهم فى عقر دارهم !! فهى نعم بضاعتنا ردت الينا, و لكنها أصبحت غريبة علينا, اذ لم تعد ترتقى بمن يشتريها انسانيا فى دروب المعرفة, بل ان فعل, تودى به الى سوء المآل.
أكتفى بهذا القدر فى هذه المداخلة, و سأحاول فى مساهمتى القادمة الكتابة حول ما أشرت اليه عاليه. و لحين ذلك تقبل .. وافر تحياتى ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
الأخ .. قصى .. تحياتى .. كما ذكرت فى تعقيبى على مداخلة "د. النور", فان موضوع اليهود و اليهودية يجب تناوله بحرص يضع فى الاعتبار تدوين "الأحبار" لأحداث "توراة" اليوم فى فترات لاحقة أدت الى طمس معالم "توراة موسى" الحقيقى و الأمتداد لديانة وادى النيل. فى هذا السياق يجب أن نفرق بين "مصريى" النبى "يوسف" و "مصريى" النبى "موسى", فكلمة "مصريين" كلمة مشفرة لا تعكس لنا الخلفية العرقية الثقافية لحامل الاسم الذى عنى به اليونانيين الأفارقة "السود" تحديدا. و بدون فك شفرة الاسم سندخل فى متاهة, فهو كان عند ظهور النبى "يوسف" يقصد به "الهكسوس", الذين أدخلهم المؤرخون ضمن تسلسل الأسر "المصرية" فى فترة احتلالهم أقصى شمال "مصر" تحت مسمى الأسرة "الخامسة و السادسة عشر – 1567, 1675 ق.م", بينما عاد الى أصحابه الأصليين – الأفارقة السود – فى فترة ظهور النبى "موسى" ابان الأسرة "الثامنة عشر – 1570 , 1304 ق.م". هذا ما قد يفسر لنا لماذا كان اليهود – مبدعى لعنة حام – راضين عن "مصريى" النبى "يوسف" فى فترة "الهكسوس", و غير راضين عن "مصريى" النبى "موسى" فى فترة "الأفارقة ألأسود"! و فى هذا الاطار يمكن تناول بقية النقاط التى تدور حول وجود اليهود فى "مصر". و أفضل كما ذكرت سابقا تناول موضوع اليهود بمجمله فى سياق رؤية مختصرة و متكاملة لسيرورة دين وادى النيل القديم فى مداخلة لاحقة.
و الى حين تقبل وافر تحياتى ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Tanash)
|
العزيز طناش
تحياتي
معلومتك التي أوردتها أعلاه فعلا قد يكون فيها تحويرا جديدا لمعلوماتي أنا شخصيا .. و للدرس التاريخي بشكل عام .. و انا لم أسمع عنها من قبل
أنا بدأت أرى أن من الأفضل لي أنا شخصيا أن أنتظرك حتى تفرغ من طرح دراستك بشكل كافي ... حتى أستفيد منها قبل أن أحاول التعقيب على نقاط مهمة وردت في كلامك .. بالإضافة إلى النقطة المحورية لهذا البوست
و نظل نتابع بشغف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Yaho_Zato)
|
طناش، كمال، النور، وقصي، نتابع هذا الحوار العميق،الشيق، المفيد، بشغف واهتمام، واستمتاع. نرجو ألا توفروا جهداً في مواصلته، ما استطعتم. ومثلك أتساءل عن وداع كمال يا قصي. أرجو أن يكون وداعاً يتعلق بغيبة مؤقته. كما أرجو أن تكون الغيبة في سبيل من حصاد الخير العميم الذي ينبض به قلب الأخ كمال، في عافية وأمان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
شكرا طناش على المثابرة، وعلى الروح العلمية التي كست مداخلاتك. ولابد من إبداء الإعجاب بغزارة معلوماتك، وبمنهجك الذي يتناول مسار التاريخ بمنأى عن حلل التقديس التي تقيد الفكر، وتربط مساره بحبل مشدود إلى نتائج معدة سلفا.
كنت قد وعدت في مداخلتي السابقة بالتعريج على المفكر العراقي الراحل، هادي العلوي. ففي الحوار الذي أجراه مع هادي العلوي، كل من خالد سليمان، وحيدر جواد، والذي جرى نشره في كتيب صدر عن (دار الطليعة الجديدة) عام 1999، تحت عنوان، ((هادي العلوي: حوار الحاضر والمستقبل)) ذكر هادي العلوي، ما يلي:
(( .. اسميتها (أي حضارة الصين) حضارة مثقفة، لأنها عنيت بالمعرفة الفلسفية ةالفكر المنظم، وأنتجت فلاسفة عظاما ومدارس فلسفية كبرى. كما انتجت علوما وصناعات. وهي أم المخترعات الأربعة التي قامت عليها النهضة الحديثة. ومن جهة تصنيفي للحضارات إلى مثقفة وغير مثقفة، فهذا هو شرطها، أعني إنتاج معرفة فلسفية وفكر منظم. وبهذا الشرط تكون الحضارات المثقفة هي حضارات الصين _ حضارة اليونان _ حضارة الهند ـ الحضارة الإسلامية. قد تجد حضارات تنتج فنونا متقدمة وتساهم في العلوم البحتة أو التطبيقية ولا تنتج فكرا منظما، ومثل هذه الحضارات لم تخلف مكتبة فكرية وىلا مدارس فلسفية ولا فلاسفة، فلا يجوز، والحالة هذه، وصفها بالحضارة المثقفة ......... لقد نظم اليمنيون الزراعة والري على أرقى المستويات، ولكنهم لم يتركوت لنا كتابا واحدا، مما يعني أنهم لم يعرفوا الثقافة بمفهومها العقلي المنظم. وأنتج الساميون والسومريون والقدماء فنونا متقدمة، وساهموا في علم الفلك والرياضيات، ومثلهم الفراعنة، لكنهم بقوا فيما يخص الفكر في دائرة الأسطورة. ومن هنا لا يسعنا تصنيفهم ضمن الحضارات المثقفة.. )) .. أنتهى نص العلوي.
وأحب أن أبادر بأن لي تحفظات على بعض آراء هادي العلوي، غير أن تصنيفه للحضارة الفرعونية، ضمن ما أسماه (حضارات غير مثقفة) لمما يسترعي الإنتباه. فهي بلا شك من الحضارات التي كانت غارقة في الأسطورة، ولم يعرف عنها شيء ذو بال في مجال الفكر الفلسفي المنظم. ولا يغيب عن بالي أخي طناش، استصحاب ما قلته أنت، في شأن خطل نقد تجارب الماضي بمقاييس الحاضر. فالزمن قد كان، وسيظل عنصرا مهما في تشكيل المنجز التاريخي. ولذلك فربما لا يكون من المنصف أن نخرج الحضارة الفرعونية، كليا، من دائرة (الحضارات المثقفة) نتيجة لمعيار للقياس صممناه، وشكلناه في وقت لاحق، بل ومتأخر جدا. فهي قد كانت حضارة مثقفة، في حكم وقتها، ولربما كانت رأس سهم المنجز التاريخي في وقتها. غير أنني أحاول استخدام نقطة هادي العلوي، في غير المسار الذي أراده هو. والمسار الذي أرى إستخدام هذه النقطة فيه، هو دراسة الصراع الذي قام بين الديانة المصرية القديمة، ممثلة في كهنتها، وفكرة التوحيد التي تبناها الفرعون أمنحتب الرابع الذي سمى نفسه (أخناتون). حكم أمنحتب الرابع بين 1369 ق م، و 1353 ق م.
في كتاب (دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني)، للباحث السوري، فراس السواح، الصادر عن دار علاء الدين بدمشق، عام 1998، ذكر السواح أن ديانة أخناتون تمثل أول ديانة شمولية في تاريخ الأديان. وواضح مما ذكره فراس السواح، أن ديانة أخناتون قد كانت ديانة توحيد، إضافة إلى كونها ديانة أممية، ليست مرتبطة من الناحية المفهومية بالقومية الفرعونية، أو العرق الفرعوني..
جاء في صفحة 94 و 95 من الكتاب المشار إليه عاليه: ((.. يقوم معتقد أخناتون على الأيمان بإله واحد للبشرية جمعاء، وهو طاقة صافية لا تتخذ شكلا ما، ولكنها تتبدى في الظواهر بقرص الشمس الذي يعطي الحياة والحركة للجميع. ومن هنا فإن الشعوب والأمم جميعا تتساوى امام آتون. يقول أخناتون في إحدى ترتيلتيه، (في جميع الأصقاع، في سورية والحبشة وارض مصر، أعطيت لكل مكانه) .. وهذه أول مرة تذكر فيها البلدان الأجنبية قبل مصر في النصوص الفرعونية، الأمر الذي يشير إلى غياب الأفكار التعصبية للأمة من معتقد أخاتون، والدعوة صراحة إلى أخوة البشر، وذلك لأول مرة في التاريخ..)).. انتهى نص فراس السواح.
لم تعجب ديانة إخاتون كهنة الديانة الفرعونية القديمة، فقاموا بالتمرد عليه، ومقاومته، حتى أضطروه إلى التنحي، في نهاية الأمر. وما أن مات، بعد سنوات من عزله، حتى قاموا بمحو كل آثاره، وهكذا ضاعت، أو كادت أن تضيع، ديانة أخاتون في شعاب التاريخ، إلى أن تم التعرف عليها مؤخرا، نتيجة للكشوفات الأثرية الحديثة. فالصراع الذي دار بين كهنة آمون وأخناتون يحتاج إلى مقاربات تحليلة. فقد كان ذلك الصراع جزءا من عملية انتقال مركز الأسطورة، وقوة تأثيرها، من الديانة المصرية القديمة، إلى الفضاء المعرفي للديانات الكتابية. والديانات الكتابية، بدأ باليهودية، لم تقض على الأسطورة، وإنما وضعتها في إطار جديد، ووظفتها توظيفا جديدا. ولقد تفضلت أنت وأاشرت إلى حركة أخاتون، في معرض إشارتك إلى ما ورد عن د. سيد القمني عن (آخر أيام تل العمارنة). فأرجو التوسع في ذلك، فإنه مفيد لنا.
أواوفقك الرأي تماما أن حركة التاريخ ليست بالضرورة حركة تعاقبية. ولو نظرنا إلى عالم اليوم، لرأينا كل تاريخ الإنسان معاشا في اللحظة التاريخية الحاضرة، خاصة في مجال العقائد، والمارسات الدينية. غير أنني أرى أن خط التاريخ العام، خط تصاعدي، في جملة الأمر. هو كذلك، بالرغم من وجود الهبطات، والتراجعات هنا وهناك. وأضيف إلى ذلك، أيضا، أن الخط التصاعدي اللولبي يمكن تشبيهه بتسلق شخص ما لجانب هرم ما، حتى الوصول إلى قمة الهرم, وبعد الوصول إلى القمة والمكوث بها، ينزل ذات الشخص من الجانب الآخر للهرم. هذه الصورة رسمها الأستاذ محمود محمد طه، فهو يرى أن البشرية المعاصرة قد قاربت قمة الهرم. وحين تصل تلك القمة، سوق تمكث فيها زمانا، غير أنها لن تلبث أن تبدأ نزولها. وهو في نظر الأستاذ محمود نزول حتمي، وجماعي، به تتراجع القيم، وتتراجع العلوم والفهوم، حتى ترجع الحياة إلى الغابة، مثل ما خرجت منها أول الآمر. ولربما استغرقت تلك النزلة زمانا طويلا، غير أنه لا مناص منها. والحكمة البسيطة في هذه المسالة مأخوذة من تجربة الفرد من سائر الأحياء، مع الحياة والموت, وتجربة الحضارات مع الحياة والموت، أيضا. فتجربة النوع في جملتها ـ أعني تجربة العيش على وجه الأرض ـ تجربة لها عمر افتراضي. فهي قد بدأت في زمن ما، ولسوف تنتهي في زمن ما، أيضا، فموت النوع البشري على ظهر هذا الكوكب، وفي هذه الدورة الوجودية، حتمي مثل موت الأفراد، من البشر، والأحياء، والنباتات. هذا موت مبرمج في بنية كل موجود. ((يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينا، إنا كنا فاعلين)). ولربما يرى من يؤمنون بأن للعلم المادي التجريبي قدرات غير محدودة، بأن العلم سوف يتمكن يوما، ما إطالة عمر الإنسان، عن طريق تحدي سلطة الشيخوخة. ولربما قاد مثل هذا الإيمان بالعلوم التجريبية، إلى القول بأنه لا توجد حتميات أصلا. فكل شيء قابل للتغيير. ولذلك فإن القول بفناء الحضارة، وإنقراض النوع، بناء على ما عرفناه في الواقع من ظاهرة فناء الأحياء والأشياء، يجب ألا يذهب بنا إلى حد سحب ذلك على كل المستقبل. ولا غرابة في ذلك، ولا استنكار لذلك، ايضا. فهكذا الحياة ـ كانت منذ الأزل، وسوف تكون ـ من حيث اختلاف وجهات النظر في طبائع الأشياء ومآلاتها.
ولي عودة، لمناقشة هل تغير الأديانُ الثقافاتِ التى تنداح في ديارها، أم أنها تتغير بتلك الثقافات أيضا؟ وسوف أجعل هذا السؤال مدخلا للحديث عن إسلام إفريقيا، وإسلام الجزيرة العربية. وهل كان يمكن أن تنشأ الفكرة الجمهورية في الجزيرة العربية بدلا عن السودان؟
ولك كثير إعزازي أخي طناش، وأتطلع لما يجود به قلمك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Yaho_Zato)
|
الأعزاء .. د. النور .. قصى .. د. حيدر .. بشاشا
أقبلوا اعتذارى الشديد .. للغياب الطويل, فالموضوع واسع متشعب و معقد بمستوى يفوق امكانياتى المعرفية, و لكنه جذاب و مثير, أجد نفسى منجذبا اليه لأسباب قد تكون ذاتية أكثر منها معرفية. و رغم ذلك أزعم أننى أمتلك لحد ما الخطوط العامة و بعض التفاصيل التى أستطيع من خلالها ربط الصوفية و الفكر الجمهورى بديانة وادى النيل القديم, و لكن تواجهنى صعوبة صياغة الأفكار و تدعيمها بمراجع أملك بعضا منها. و لأهمية الموضوع أحرص أن تأتى مساهمتى على قدر هذه الأهمية, لذلك احتجت فى هذه الفترة المرور على عدد من الكتب بما فيها مؤلفات المفكر الأستاذ محمود محمد طه, و أبحث الآن عن كتاب "ابن عربى" و سأحصل عليه فى الأيام القليلة القادمة. و على العموم حتى أتمكن من صياغة بعض الأفكار بشكل يقودنا لنهايات حوارنا هذا - و لحين أنجح فى ذلك بما فيها نقل مقاطع طويلة من بعض المصادر - و ضعت هذه العناوين فى التصور التالى: 1- أسبقية ديانة وادى النيل القديم ( أو فكرة الدين الكلى ): + طبيعة دين وادى النيل القديم ( الروح هى عملية تخلق المادة ). 3- علاقة طبيعة دين وادى النيل القديم بمذاهب ترقية مقدرات الأنسان بالرياضات الروحية: + هل لمقدرات الانسان الخارقة صدى فى العلوم الوضعية ؟ ( الانسان السوبرمان ). 4- الثورات العلمية فى مجال المادة , العقل , الأحياء – الذرة, الكمبيوتر, الجين – و علاقتها بمفهوم الدين: + الدين فى جانبه الصوفى يفوق العلم الوضعى فى ادراك كنه الكون. 4- الأصل السودانى للديانات "السامية": + اليهودية ( موسى / اخناتون :"اليهود الأفارقة السود / و اليهود الآراميين البيض): ( أولى مظاهر تبنى الشعوب الأخرى لديانة وادى النيل القديم ). + المسيحية : (عودة الى ديانة وادى النيل القديم فى جانبها "الأوزيرى" ) + الاسلام : ( عودة أخرى لديانة وادى النيل القديم تصحيحية فى جانبها "الاخناتونى" و مفهوم الدين الكلى ). 5- الفكر الجمهورى : ( احياء لديانة وادى النيل القديم من خلال الاسلام و تنزيل لمعانى الدين الكلى العميقة لعامة الناس ). هذا و قد تتغير هذه العناوين, و قد لا استطيع الالتزام بتسلسلها, و لكنها محاولة منى لحكم مسار مساهمتى بشكل منظم. و لحين الشروع فى الكتابة حسب هذا التخطيط, أتمنى لكم وافر الصحة و العافية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
والله يابشاشا...
والله شكرا لك، ففيها البوست شجاعة، وفيها الغرابة المطلوبة، وفيها البحث عن الاصل و الفصل الكوني، فمن لا يعرف من أين جاء، لا يعرف إلى أين يسير (جاء من كمال كامل)، ويسير له، قوى دفع الزمن، ذلك النشاب القديم، يطلق سهم (الزمن، وتجليه الأكثف المكان)، نحو غرض "حتمي"، تسعى له الحياة..
في ردك (لقصي)، تتطلب (الوثائق والتاريخ)، إليس للمعرفة وجه أخر للبحث ( أليس العرفان أداة للمعرفة)، العلم الديني التجريبي (مع براهينه وقوته)...
ل سيروا في الارض، فأنظروا كيف بدأ الخلق)، ...وهو أمر "شخصي" للذات الحائرة، كي تعثر على (قوى دفع الماضي)، ومؤثراته، واتجاهاته، كي توزن تلك القوى في فهم ايقاع الزمن، وقوانينه، وجوهره (وكي يزن الجسد غذائه ومناهجه مع روح الارض، وموسيقاها)...
نحن نحبث عن ذواتنا، وافريقيا الوطن الأول، و السودان (بقلبه العظيم)، هو أديم مدت فيه المادة روحها، في شكلها البدائي، باحثه عن اصلها وفصلها...
قال الا ستاذ (بأن الطفل في الرحم يحكي قصة الخلق، وتاريخها)، بل على كائن من كان البحث (عن تاريخه الفردي)، و حل مشاكله، وتعقيداته، فهو حواء وأدم معا (خنثى كبرى)، (وجه الحادث/القديم،معا).. ولم يكن الإنسان غائب عن الوجود في أي زمان من الزمن (لتجارب الباراسكوجي)، براهين لهذه الحالة، ولتجربة استاذ محمود امثلة لهذه الحيوات (لقاءه مع يوسف أبشرى)، وأحاديث (الحضرات)، وحضور (الأحلام)، كواقع، فسيح، أكثر من وجود (اليقطة الكاذبة، والمضللة)، ثم ا لواقع الأبدي (حيث الماضي والمستقبل حاضرة)، في قلب اللحظة الحاضرة، وهي أم الوقت (ما كان وما سيكون فهو كائن)، للذاكرة في النفس البشرية قوى حشد كل التجارب والاحلام في حناياها (لعلهم يتذكرون)، ويقوم البحث في الفكرة على منهاج فردي (ما حك جلدك مثل ظفرك)، وفي النفس البشرية ترسبت كل (تجارب لماضي)، والمستقبل، (المستقبل مخلوق ومعروف في خلد الإله)، (سيرك منك، وصولك إليك)، والمستقل واقع، (لم يرى رؤية، وإلا جاءت كلفق الصبح)، هكذا قالت خديجة عن الفتى الصافي، وهو يقلب طرفه في سماء مكة...بحثا عن (ذاته)،..
السودان (قلب الوجود)، ليس غرور، ولكن و اقع معرفي، مبثوث في اديمه البسيط الساذج، وفي ملتقى النلين (خرطوم الروح والنفس)، وفي خط الاستواء (حيث تجري الشمس، مساك الارض في ارضه)،كي تصيغ الفتى الموعود،والمخبأ في الجميع، فللتاريخ غرض، بل غرض جليل، يسعى له، بحكمة، وجمال، كما يجري الطفل في ظلمة الرحم، لبشر سوى، بأيدي خفية، وماهرة، وفنانه.. ...
موضوع شيق، وشكري للمتداخلين جميعا، بلا فرز، بل بمحبة وتقدير واحترام..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري. (Re: Bashasha)
|
Quote: في ردك (لقصي)، تتطلب (الوثائق والتاريخ)، إليس للمعرفة وجه أخر للبحث ( أليس العرفان أداة للمعرفة)، العلم الديني التجريبي (مع براهينه وقوته)... |
الاستاذ عبدالغني كرم الله،
هناك بحث شيق، تناول مفهوم المعرفة الكوشية، اي اللدنية، ولكن علي اساس مادي بحت، اتمني القي فرصة اسلط الضو علي هذا المدخل.
لومتابع، الان في امريكا، هناك عودة قوية جدا، لهذه القيم والمفاهيم الماورائية كما يسمونها، في مرجعية الثقافة الغربية، المادية.
| |
|
|
|
|
|
|
|