|
رسالة حب الى مدينة
|
رسالة حُب الى مدينة :
أنا أعشق المدن . التاريخيّ منها والحديث ؛ الموغلة في القدم المشيّدة بالسواعد العارية منتزعةً الحجر والمرمر من جبل رابض في الجوار ، وتلك التي رُسمت على صحراء عراء عملت فيها ريشة الآلات السحريّة التكنلوجيّة التي تسير وتعمل بإمرة الأنسان تصنع له ما يشاء .
أنا عشقت فيلادلفيا إذن . تاريخيّتها وحداثتها . أعجبتُ "بزنوجها" الذين تغلّبوا على ذاكرة تاريخ مدينتهم الذميم بالأنتماء الى "الديمقراطي" ؛ بسعيّهم الحثيث والحديث في شوارعها ، في جامعاتها ، في مسارحها وتجمعاتها الأحتجاجيّة ! اُعجبتُ بالمهاجرين اليها من أبناء وبنات وطني ، بإنتمائهم الصادق والخلاّق اليها . فهم ، وهنّ من تلك الزمر الكونيّة المعاصرة التي تجوب الأرض ، تمخر العباب وتحلّق في السموات بحثاً عن رقعة أرض بها بعض سلام – فتفخر بهم المنافي في سلام ! وهم وهنّ بسماحتهم أخذوني على الخروج من صمتي الذي دام على ما يزيد على عقد من الزمان : فقرأت الشعر ، وفقرةً وجملةً وشولةً عادت لي تلك الرغبة المجنونة للكتابة . تلك الرغبة التي أطفأت جزوتها برودة خيال ومشاعر "ساستنا" الذين جلست بينهم ذات تجربة في القاهرة . ( كما يقول صديقي المشّاء )
كنت قد قدمت الى "فيلا" ذات دعوة من دائرة أصدقائي ذات الثلاث أضلاع : لطيف / خواض / مريم . رغبتان أخذتا بتلابيبي – رؤيتهم وحبي للسفر – وقذفتا بي اليها من على بعد ثلاثة آلاف ميل . وأنا هنا لا أشأ الحديث عن الحفاوة التي لقيتها من أصدقائي وأصدقائهم ، ولسبب بسيط : فأنا لا أتوافق والمثل القائل بعدم شكر الأنسان في حضوره ؛ فإذا أردت شكر أحد يطيب لي أن أجلس قبالته رجلا على رجل – العين في العين والأكف على الأكتاف . وإلاّ فما فائدة أن نحمل حقائبنا ونبحر ، ما فائدة أن نقول ذلك لغرباء –أو- أقرباء دون أن نلمح حمرة حياء وخجل على الوجنات ؟!! إذن ، دعوة أصدقائي تلك التي قذفت بي من على بعد ثلاثة آلاف ميل هي ما أوقعني في حبّها / "فيلا" ، وحبّ أهلها . وبما أنّ مهاجريّ من أبناء وفتيات بلدي صاروا من أهلها فرحت أيّما فرح حين تناهى الى عينيّ خبر منبرهم المسمّى باسمها فهُرعتُ إليه ووقفت أمام بوّاباته مترددا : فهو حقل سياسة ( وهو أمر لا أشكّ في جدواه ) صرت أخشى السير عليه ولئن توافر لي دليل وخرائط موثّقة ، خاصّة وأن الأنتخابات على الأبواب .
لك الحب أيّتها المدينة المتأرجحة بين الجدّة والقدم ، بين نيويورك وواشنطن ، بين قصائد والت ويتمان وعلي أحمد سعيد . لك المجد وأنت لا تتأرجحين بين العبوديّة والتحرّر ، بين "الجمهوري" و "الديمقراطي" / لك المجد بنسبة ال 85% التي ستوصلك – حتماً – الى غرف بيتك الأبيض لتجللينه بالسواد .
عادل عبدالرحمن بخيت هيوستن – 18 ديسمبر 2006
|
|
|
|
|
|