|
|
 قطط الشيخ تاج الدين الهلالي
|
أفتى الشيخ تاج الدين الهلالي في احدى خطب يوم الجمعة أن المرأة التي تبرز مفاتنها تؤجج الغريزة عند الرجل مثل القط الذي يجد أمامه قطعة من اللحم فإذا التهمها لا يكون الحق على القط إنما الحق على الذي عرض عليه اللحم!. . . هكذا، بموجب هذه الفتوى، إذا اغتصب الرجل امرأة بارزة مفاتنها يكون الحق على المرأة ولا يجوز معاقبة الرجل المغتصب كما ينص عليه القانون الوضعي!. . .
أثارت هذه الفتوى ردود فعل عنيفة وتساؤلات كثيرة حول شرعيتها وتداعياتها على “القطط” التي أجاز لها الشيخ الهلالي الاندفاع وراء غرائزها البدائية المتوحشة والتهام اللحم اينما وجدوه مكشوفا.
هنا يبرز مرة أخرى أمامنا السؤال الكبير فيما إذا كان يحق لكل من تلحى وتعمم أن يخالف القانون الوضعي في البلد الذي استضافه أو يحق له أن يحرّض الناس بعضها على بعض بسبب الاختلاف بالرأي أو النظرة إلى الحياة (راجع كتاب من الجعبة ص 41 -43). وبالنتيجة نتساءل ما هو دور هؤلاء الائمة في الغرب؟
لقد حاولت الحكومة الاسترالية طرد الشيخ الهلالي من بلادها ولكن تبيّن انه يحمل الجنسية الاسترالية وبالتأكيد بعد أن حلف يمين الولاء للدولة المضيفة واحترام قوانينها، وهذا ما تسبب بمشكلة للحكومة التي منحته الجنسية وتسبب بمشكلة واحراج للجالية الاسلامية في استراليا التي صارت موضع شك بالنسبة لولائها للدولة المضيفة.
المشهد ذاته تكرر في دول الغرب الأخرى حيث أقدمت فرنسا على طرد خمسة ائمة بسبب فتاوي أجازوا فيها ضرب النساء، ووقعت كل من بريطانيا واسبانيا وايطاليا ناهيك عن اميركا وكندا وسواها بمشاكل مماثلة تسبب بها هؤلاء الائمة والدعاة فعرضوا جالياتهم الى أوضاع لا تحسد عليها.
ويبدو أن المسألة بالنسبة للشيخ الهلالي وأمثاله هي المحافظة على “عفة” المرأة، ولكن هذا الأمر ليس مطلوبا من الشيخ الهلالي وأمثاله إنما هو مطلوب من المرأة ذاتها إذ تقع عليها وحدها المسؤولية الأخلاقية للمحافظة على عفتها كما يتوجب على الرجل أن يحترم المرأة فلا يتصرف معها مثل القط أمام اللحم.
في القرون الوسطى وعهود التخلف كان الغرب يفرض على المرأة أن تلبس “حزام العفة” فلا تفكه إلا مع زوجها الذي كان يحتفظ بالمفتاح. وقد تخلص الغرب من مثل هذه العقدة النفسية وترك للمرأة حرية المحافظة على نفسها باعتبار انها بالنتيجة هي المسؤولة عن مصيرها وليس الشيخ الهلالي أو أمثاله.
أما أن يغتصبها الرجل لأن أحد المشايخ أجاز له هذا الفعل فإنه تلاعب بمصير المرأة دون ارادتها، وكيف يمكن بعد ذلك ان تكون مسؤولة عن مصيرها وعن فعل فرضه عليها الرجل الذي فقد سيطرته على غرائزه؟
إننا نعرف من ممارستنا لمهنة المحاماة لاكثر من اربعين عاما كم من الرجال في مجتمعنا الشرقي اغتصبوا اخواتهم وبناتهم والخادمات في بيوتهم وبنات الحارة المجاورة. . بسبب ثقافة الكبت التي تجيز للقط ان يلتهم اللحم متى اكتشفه. وبالمناسبة نقول للشيخ الهلالي أن القط المنزلي الشبعان يكتفي بما يتوفر له من الطعام ولا يلتهم اللحم الذي لا يخصه، وقد علمني هذا الدرس القط الأ بيض الموجود في منزلي منذ أكثر من عشر سنوات.
نأسف أن ننحدر في مطلع القرن الواحد والعشرين إلى مستوى القرون الوسطى، انما علينا أن نتعلم كيف نستجيب وجدانيا لمثيرات معينة وأن نقيم نظاما تربويا يدور حول احترام الذات الانسانية وتنمية النضج العقلي والوجداني للتحكم بالانفعالات والعواطف والمشاعر بما يتناسب مع مختلف المواقف.
* افتتاجية الضفتان(كتبها انطوان معوض - ديسمبر 2006)
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست