|
|
 مواجهة جعفر نميري وجهاً لوجه
|
نميرى ..
ذهبت وصديقى المرحوم عثمان الزاكى ود اليم الى موقف اللوارى والبصات بجوار المسجد الكبير بالبلدة فاذا الامطار تعطل الطرقات البرية وجميع الرحلات ملغاة وكل الاكشاك مغلقة وقد نصحنا احد السماسرة لعله فضل المولى ود اب زنقار بان نستغل القطار مذكرا اياى بانه اامن وسيلة للسفر فى هذه الظروف وفى كل الظروف ..وهنا تبادر للذاكرة صديقنا وصديق الجميع عبد الحميد ابراهيم سائق القطار ..
اخر الرحلات كانت اتبرة
حيث ركبنا من هناك القاطرة
سرت بها فى سفر سعيد
وكان سائقى عبد الحميد
اعجبت من تنفيذه الاوامر
بدقة ليسلم المسافر
بدانا الرحلة المتجهة الى الشمال والشمال فى السودان كما فى اى مكان اخر هو بوابة البرد ..فى القطار فعلت ما يفعله جميع ركاب القطار المتواجهين لبعضهم البعض اى حرصت على التطلع من النافذة لكى لا ابدو وكاننى اراقب الناس ..لان من راقب النس مات هما..من النافذة بدا عالم جديد غير عالمى الصغير ..اراضى شاسعة من الخضرة والنماء قرى ودساكر مدن وفرقان وكنابى جمع كنبو..ثغاء شياه خوار ثيران نهيق حمير صهيل خيل رغاء جمال نعيق غربان وضفادع زقزقة عصافير هديل قمرى وحمام ..حداء رجال وغناء صغيرات وسط حقول القطن والذرة انها سيفونية الحياة فى ارض الجزيرة وقلب المحنة خضرة وامل وبهجة واشراقة طموح تبعث الطمانينة فى كل النفوس مساحات من الاخضرار اشبه بسهول كلفورنيا ومزارع القمح الضخمة فى اوكرانيا..وهكذا الى وصلنا مدنى السنى ومنها الى مرسى البنطون حيث انتهت الرحلة فى الضفة الشرقية للنيل الازرق فى مدرسة حنتوب واول قصة لنا فيها كانت مع جعفر محمد نميرى فالى تفاصيلها..
يبدو ان الكتابة شىء مقلق عن جعفر نميرى وها انا يملؤنى التوتر وترتجف اناملى واصير كصغار التلاميذ يوم يقبض عليهم المعلم بجرم البص من جاره او عدم الحفظ فى تلك الايام الغوابر..
شاهدت اب عاج امس فى احدى القنوات بعد ان سرت اشاعة وفاته على الشاشة البلورية واخر مرة شاهدته فيها وجه لوجه كان قبل اكثر من ثلث قرن من الزمان..ولنبدا القصة من البداية اذن ..اننى اجد متعة عظيمة فى الحكايات التى يسلط فيها الكاتب الضوء على ورطة انزلق فيها فهذه الحكايات تتميز بمذاق خاص فعلى النقيض من قصص البطولات التى كثيرا ما تترك فى ذهن القارىء شيئا من القمز واللمز فان سعة مساحات الصدق فى حكايات الورطة لا تكاد تخطئها العيون..كشان الكثيرين ولاسباب اختلط فيها الخاص بالعام فقد بينى وبين جعفر نميرى حاكم السودان الاسبق اقال الله عثرته ود مفقود..كنت اسكن فى داخلية دقنة وهى احدى الداخليات الشرقية وقد اتحرك منها كل صباح باكر نحو المشرع ..مرسى البنطون..والجلوس على رمال الشاطىء لاحتساء الشاى المدنكل بالجمادة واى جمادة التى هى فى مشرع حنتوب..ثم يتبعها اشعال سيجارة لينعدل بها المزاج ولا ادرى اخى القارىء ما الذى يعكر المزاج فى ذلك الزمن الاخضر ومخضر..كل ذلك يحدث قبل ان يصحو الطلاب فيملاوا الارض ضجيجا وصراخا فيفسدوا الهدوء ويعكننوا الاستمتاع بطرواة الصباح....
كان القدر يسوقنى الى تجربة فريدة وما ان بدات البلوفة بالشاى بالجمادة والسيجارة حتى جاءت اصوات صافرات بعيدة ادركت انها اصوات دراجات نارية وسيارات مرور..تذكرت ان نميرى فى البلد وانه كان فى زيارة الى داخليته ابى عنجة وفى طريقه ليقضى ما تبقى من يومه برئاسة اللواء 20بمدنى..ولما كان الامر لايهمنى فى كثير او قليل انصرفت الى الاهم الذى من اجله خرجت وما هى الا لحظات حتى بدت طلائع الدراجات النارية ثم السيارة المكشوفة التى يقف عليها نميرى شخصيا لقد فاجانى الموكب الرئاسى من منعطف لا يفصل بينى وبينه اقل من اربع امتار ..اب عاج يتوقع ان اصفق له مرحبا وانا لن اصفق مهما حدث ما العمل..نهضت من جلستى ميكانيكيا العقل البشرى هو الاساس ثم ياتى الكمبيوتر بسرعة مذهلة الى حد الاعجاز ..بدا عقلى فى تجميع المعلومات المطلوب التعامل مع هذا الموقف الاستثنائى الطارىء ..اولا لاوقت للانسحاب .الشارع من اوله لاخره خال من اى انس او جن سوى الرئيس والموكب والتعيس الواقف امام الموكب اذا انسحب فقد انسحب كل الجمهور باجمعه الذى هو انا..ها هو اب عاج يحدق فى وجهى وجه لوجه يحدق فى وجهى ..لا شك انه ينتظر ترحيبا حارا يستفتح به يومه هذا ثانيا هناك مبدا معارضتى لحكمه ولعدة سنوات ابتعدت عن مواقف الهتاف والتصفيق ..اما من خيار العناد وركوب الراس وبوسعى ان اصعر خدى للرئيس وادير ظهرى لموكبة وامشى فى الارض مرحا ولكن فى المقابل لا بد ان اكون فى مستوى الحدث والمعركة وان اركز امام كل ما يترتب على هذا الموقف البطولى الصامد ..اعتقالا ام سجنا ام لكمات وصفعات ورفصات رئاسية كما كان يشاع ..ثالثا لن يكلف امن الرئيس شيئا ان ياتوا بى للتحقيق معى حول ما بدر منى من ضمور التفاعل مع ثورة مايو الظافرة ابدا..نميرى يقترب ويقترب ويحدق فى وجهى ما العمل ..لقد قام الكمبيوتر الشخصى فى لحظة واحدة بفحص هذه المعلومات وتمحيصها وتحليلها وان يضرب الاخماس فى الاسداس ويلحقنى بتعليمات واضحة اتصرف على هديها قبل وصول سيارة الرئيس بثوانى جاءت التعليمات واضحة وجلية خلى العباطة ورحب بالرئيس حول..كوب شاى بالجمادة والذى احبه لدرجة الوله فى يمينى والسيجارة فى يسارى ويعلم الله لا اعرف كيف تخلصت منهما ..لكنى رفعت ذراعى ملوحا مثنى وثلاث واستنطقت ابتسامة عريضة مع عرضة رشيقة وقصيرة مع حركة اليدين وانا اصرخ مرحب مرحب بالثوار مرحب مرحب بالاحرار واذا بنميرى يستقبلنى بابتسامة واسعة من الرضى ملوحا بعصاه الابنوسية السوداء والتى يقال ان بها اسرار كثيرة وهى هدية له منرجل كركوج الشريف محمد الامين وعد كامل الموكب على خير ..عدت الى داخليتى دقنة وانا اجرجر اذيال الهزيمة احدث زول وادس من زول تناولت بشكيرى وانا اتصبب عرقا وبعد ان احكمت قفل الحمام هتفت من الاعماق وابوكم مين ..نميرى ..واخوكم مين نميرى..ونواصل عن ايام حنتوب
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مواجهة جعفر نميري وجهاً لوجه (Re: احمد حماد ادريس)
|
الأخ / أحمد حماد إدريس
لك التحية
ناهيك عن مايو وما أوصلت إليه الوطن فإن شخصية الرئيس جعفر محمد نميري كانت شخصية قوية جداً بقوامها السوداني المعروف بطول القامة وكان هذا الرجل يجبرك على احترامه.
أذكر أنه وفي إفتتاح مسجد ابوسنون (الله يرحمه ويفغر له) كنت وقتها في مدرسة السلمابي الابتدائية التي كانت تجاور المسجد تماماً وعند اقتراب موعد وصول السيد الرئيس أخرجونا للقائه وعندما كان موكبه يقترب من قادماً إلينا من جهة محطة 18 وكان وقتها يركب البص وليس سيارة مفتوحة وأراد الله عند وقوف البص بس كان الباب الأمامي للبص وقف قصادي عديل ولم يكن بيني وبينه إلا ناس الأمن ونسبة لصغر الحجم دخلت بينهم وأخذت يدي ووضعتها في يد الرئيس نميري فطلعت منه إبتسامة طيبة خاطري إلى الآن وتركت في دواخلي محبة خاصة لهذا الرجل حتى لحظة كتابة هذه المداخلة.
اسأل الله له الشفاء
أبوفتحية
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مواجهة جعفر نميري وجهاً لوجه (Re: الصادق صديق سلمان)
|
| Quote: واذا بنميرى يستقبلنى بابتسامة واسعة من الرضى ملوحا بعصاه الابنوسية السوداء والتى يقال ان بها اسرار كثيرة وهى هدية له منرجل كركوج الشريف محمد الامين وعد كامل الموكب على خير |
كويس لقيت ليك ابتسامة
أنا في سلم أحد الوزارات ما شعرت وإلا إعصار لفخني على جانب، ولم أرى شئ إلا كان قد ركب المرسيدس الذي كان متوقف أسفل السلم، سألت أحد الناس الراجل ده نزل السلم كيف؟ قال لي ده النميري ياخي!!
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مواجهة جعفر نميري وجهاً لوجه (Re: احمد حماد ادريس)
|
الأخ المسافر
| Quote: أنا في سلم أحد الوزارات ما شعرت وإلا إعصار لفخني على جانب، ولم أرى شئ إلا كان قد ركب المرسيدس الذي كان متوقف أسفل السلم، سألت أحد الناس الراجل ده نزل السلم كيف؟ قال لي ده النميري ياخي!! |
يعني كان رياضي ولا شنو الزول دا؟؟؟؟  وكان رشيق
أبوفتحية
| |
|
|
|
|
|
|
| |
احمد حماد ادريس
abuguta
الصادق صديق سلمان
المسافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست