( لو كان عندي بساط الريح .......) .. مقطوعة أدبية للأديب الراحل البروفيسور علي المك !!!

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 11:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-05-2006, 07:09 AM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
( لو كان عندي بساط الريح .......) .. مقطوعة أدبية للأديب الراحل البروفيسور علي المك !!!



    (لو كان عندي بساط الريح .......) .. مقطوعة أدبية للأديب الراحل البروفيسور علي المك



    يا قاطع الأخشاب

    خلصني من العذاب

    عذاب أن أرى نفسي

    بلا ثمار ..

    ((ف . فارسيكا لوركا))

    ما الذي مان سيحدث لو كنت رساما ؟

    ، أعرف الألوان وخصائصها ومشتقاتها ، وأعرض لوحاتي على الناس ، وأضجرهم بما أحس وأشعر ، كان ((وليام بليك)) الشاعر فنانا يرسم ، وكذا كان شاعر لبنان جبران ، وأنا لست مثل هذا ولا ذاك ، ولست قريبا من فكر هذا ولا ذاك ، غير أن حمى الكتابة وسعرها أدركاني من سنين بعيدة خلت ، - وإني إلى جانب هذا كله - أتمنى لو أني كنت رساما بالفحم أو بالزيت أو بأي شيء .. جعلت أخطط رسوما على الورق أمامي ، حتى الخط المستقيم لم يعد خطا مستقيما ، فإذا بيمناي ترتجف .. هذه وجوه أناس أعرفهم ولا أعرفهم .. كلهم متجهون إلى غير ما هدف ، أحيانا أنسى أن أصور لهم عيونا ، وقد أنسى أن أصور لهم آذانا تسمع ، لماذا ؟ لأني لا أريد لهم وأنا صانعهم أن ينظروا إلى ما أنظر أو يسترقوا السمع لما أستمع ، وعلى كل فهناك أشياء تميز هذه الوجوه فهي مسطحة أنوفها فطساء ، شفاهها غليظة ، شعرها خشن ، وأنها جميعا وبلا استثناء عابسة ، دائمة العبوس ، فقد اكتشفت أنني لا أستطيع رسم ابتسامة على شفتين ولا ضوء بسمة يشع على وجه .

    رغم هذا أريد أن أرسم .. لاعتقادي أن الرسم أو التعبير بالفرشاة والألوان هو أصدق أنواع التعبير وأقربها إلى القلب . كنت لعهد الدراسة الثانوية ألوذ بحصة الفنون هربا من العلوم ، وقد اقتضت العدالة آنذاك أن توزع علينا الألوان والأوراق بالعدل ، صاحب الموهبة وفاقدها . الموضوع : أرسموا مشاجرة ، أو هذا الكوب الزجاجي والكتاب المفتوح إلى جواره . المشاجرة ليست عندي لها تصور أو خيال ، حقا كنت كثير الشجار ولكني أصادم خصومي مغمض العينين ، لذا تراهم ينالون مني دائما ، وكثيرا ما ينتهي أمري بندبة على خد أو جرح غائر ، أو بأنف متورم ، أو شفة مقروحة . والأستاذ الفنان يريد مشاجرة جماعية ، أعضاء تتحرك ودماء تثور وتفور ، أبدأ باللون البني ومشتقاته .. فكل أهلنا ألوانهم بنية ويستخدمون كلمة (السمر) تظرفا وخوفا من ذكر الحقيقة .. هذا رجل في لون ثمار الدوم ولكت يده التي تقاتل صفراء ، وهي بعد غليظة سمينة لا تناسب جسده أبدا ، ذلك أن وجهه يوحي بنحافة بدن لا تغري بالشجار ، إذن فالرجل على أمره مغلوب ، والمطلوب أن تصور حالته كما ينطق بها وجهه ، وأجعل على اللوحة دماء تسيل وقسمات تنطق بالوعيد وأخرى تبشر بالإستسلام والهزيمة ، هذه هي المشاجرة ، أأنت قادر على تصويرها .. ؟ كلا .

    حاول رسم الأشياء الجامدة الثابتة ، أرسم كوب الزجاج الذي أمامك والكتاب مفتوح إلى جانبه .. قيل إن هذا يعتمد إعتمادا أساسيا على موقعك منهما : الكوب والكتاب ، وعلى الضوء الذي ينعكس على الزجاج ، كوب الزجاج عليك غريب ، فأنت تشرب دائما من كوب من الصفيح .. والكتب عندك مثل الناس ، تحبها وتكرهها بقدر مواقفها منك .

    ثم إنه ليس هناك من شيء ثابت غير اليأس ، أتستطيع أن تصور اليأس ؟

    ولكنك تحس به يسحقك كل يوم مرات ، يجثم على صدرك ، مرافقك ، صديقك ، ظلك فهو لهذا ثابت ، دائم ، غير متحرك ، .. إن كنت تحس به فارسمه أو فصمت ، ولكنك تشعر به فكيف ترسم شعورا ... ؟

    أهذه هي القضية ؟ أم أن الخير أن تبحث لك عن طريقة لإزالته ..؟

    أريد أن أرسم وجها واحدا يبتسم ، منظر شجرة خضراء أو بيتا أبيض اللون سقفه أحمر على ضفة بحيرة أو حافة نهر .. أترسم اليد أم أن الاحساس هو الرسام والفنان جميعا ..؟ أيمكن للفنان الخلاق الإنسان المرء ، أن يخلد الفرح والمرح وأعماقه تتأذى ؟ أسئلة وأسئلة .. أريد أن أرسم برج ((بيزا)) المائل ، لا أريد أن أرسمه مائلا ، بل أريد أن أرسمه إما صائرا إلى إعتدال أو أن يستريح ويريح ، ولا شك أنه خالد إلى راحة يشتهيها من قرون ، وأنا أنوي أن أحقق له هذه الراحة فألقيه على الأرض كتلا مهشمة من الأحجار والطوب ، ولتصبح في الدنيا ست عجائب ، سئمت الأهرام وأبا الهول ، هم في الصحراء منذ نشأة الصحراء فلتصبح للدنيا أربع عجائب ، ولماذا تكون عجائب الدنيا بالضرورة سبعاً ؟ .

    أخذت فرشاتي ، غمستها في لون أحمر مثل الدم ، نزفت فيها من دمي ، قلت في نفسي : فلترسم دموعا لونها الدم ولتتساقط على أرض قفر ، بلقع ، خالية صحراء وليتدفق دم الفراشة عليها ودم الدموع ولتغدو خصبة ولودا ، ولتشرق من فوقها الشمس ولينزل عليها المطر حينا بعد حين ولنزرعها بزهور حمراء وصفراء وليأكل الناس من الزهور وليصبح القمح زينة في المزهريات وليعلقه الرجال الأنيقون السفلة على ستراتهم .

    غمست الفرشاه في اللون الأصفر ، أحس أن بفرشاتي ظمأً لاغبا للون الأصفر ، قالوا ذلك لون الموت .. ومن منكم رأى الموت فعاد يصف لونه ، لا أحد رآه لا أحد . . عجزت عن آتي بلون السماء في هذا الفصل ، وأنا أحب أن أنظر إلى السماء في هذا الفصل ، وأنا أحب أن أنظر إلى السماء حين تكون صافية لا تسبح عليها السحب ، وحين لا يتشبث بها الغبار ، فإذا لم تكن صافية فهي إذن ليست سمائي وإني لا أحب أن أنظر إليها .

    تمنيت لو أني أحلق على سجادة عجمية ثمينة ذات ألوان ، ألوانها من دموع جفون فنان فارسي عجوز يجلس إلى جانبي ويحدثني عن أهل بلاده الذين ماتوا والذين بقوا . الذين دمرهم الزلزال فاستراحوا والذين قضوا بالجوع على ساحل بحر قزوين وأترجم على روح مصدق ، وأطوف على قتلة حسين فاطمي واحدا واحدا وأعلقهم جميعا على أقدم أشجار الفرس وأتركهم طعاما للطير والغربان كيما ترتاح روح حسين فاطمي ، والذين أحبوا حسين فاطمي وتنكبوا طريقه .

    أريد أن أرسم طاؤوسا محشوا بالعصافير على مائدة الشاه ، أريد أن أرسم عذابه الطاؤوس وعذاب العصافير وعذاب الطهاة في مطعم ماكسيم في باريس وهم يعيدون الريش لكل طاؤوس ذبيح .. وهل يعيد الريش الحياة لطاؤوس فقدها ؟!

    وأتمنى أن يحملني بساط الريح الفارسي إلى مكان آخر (آه لو عندي بساط الريح .. آه لو ساقاي كالأمس تطيقان المسيرا ) ، ما أكثر ما أريد أن أرسمه ! ، في ذهني شهرزاد رومسكي كورساكوف قبل أن يصوغها لحنا موسيقيا أخاذا ، فيها كنت أود تسجيل سحر بغداد وتجوال السندباد وحبا ملتهبا بتوابل الشرق وعاطفته المشبوبة ، وفي ذهني أيضا (أيبريا) كلود ديبوسي وكونشيرتوا الكلارنيت لموتسارت ، وألف ألف شيء . أتمنى أن أرسم مئذنة الجامع في حلفة القديمة بعيدة عن ماء النيل ، غير غرقي في مياه النيل . أريد أن أرسم صوتا يرتفع بالغناء الشجيء ، الحق أقول أريد أن أرسم أغنية وليس مشاجرة ،أغنية حزينة ومؤلمة ، أغنية ذات شجن وعذاب ، أغنية غنية بحزنها جميلة وآسرة ، أود أن أرسم (كرومة) ، صوت كرومة ، رق كرومة الضارب في أوتار القلب .

    وإني أود أن أرسم المسيح .. منتقما من الذين خانوه وغير مدير خده الأيسر لصافع الخذ الأيمن ، ومقتصا لذاته ومتعبا جناة أرضه وخائنيه .. فنحن نطمع دائما لمن نصطفي فيطعننا الذين أصطفينا وهذه قصة تتكرر دائما دواما .. يطعننا الذين أصطفينا .

    أتمنى أن أعد عجائب جديدة للدنيا فأولاها ليست برج بيزا ، ولا حدائق بابل المعلقة ولا برج أيفل أو الأهرام ، أولى العجائب النفاق وثالثتها النفاق وسابعتها النفاق .. وهل تستطيع أن ترسم يا هذا شجرة بلا ثمار ؟

    يا قاطع الأخشاب

    خلصني من العذاب

    عذاب أن أرى نفسي

    بلا ثمار .............
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de