د حيدر إبراهيم: ظاهرة (متعهدو دفن الأحياء)!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 06:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-18-2006, 06:51 AM

مكي النور

تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د حيدر إبراهيم: ظاهرة (متعهدو دفن الأحياء)!

    متعهدو دفن الأحياء
    د.حيدر ابراهيم علي
    تنتشر في مجتمعات الهبوط والتدهور، ظاهرات أو ظواهر خاصة بمرحلة التآكل والوهن.. وبالمفهوم الأخلاقي يقل الخير فيها ويزداد الشر، وبالمفهوم الاجتماعي يسود الصراع على حساب التكامل ويصبح التكافل مجرد شعارات وإدعاءات، في ظروف الانهيار تنشط ظاهرة يمكن أن نسميها «متعهدو دفن الحياة» أو كما يقول المصريون: حانوتية الأحياء. والمقصود تلك الفئة التي تقوم بدفن قدرات وكفاءات الآخرين لأسباب ليست لها صلة بالانتاج والإبداع. ولكن ضمن نسق علاقات الحسد والغيرة والاقصاء وهى إتجاهات صراعية ونزاعية ترفض التسامح والحوار وقبول الآخر. وهذا هو السبب في حدوث الحروب الأهلية أو حروب الإخوة الأعداء. وتتسق هذه الصفات والخصائل مع السودانيين تماماً، خاصة خلال سنوات الانقاذ الاخيرة. فقد قامت الانقاذ بممارسة السلطة بطريقة اعتمدت على القتل المادي والمعنوي بهدف الاستمرار والقبض على مفاصل الحكم- كما يرددون هم أنفسهم. وقد نجحت الانقاذ حين استبطنت أجزاء كبيرة في قطاعات المجتمع السوداني. وهذا ما يسميه مصطفى حجازي الانسان المقهور، حيث يبحث المعتدى عليه عن طرق للاعتداء على الآخرين وممارسة كل أشكال العنف ضد مواطنيه، رغم انه مضطهد ومقموع.
    استهلت الانقاذ عهدها بحملات فصل تعسفي وتشريد طال الكثيرين، تحت شعار الصالح العام. وبالتأكيد يعني الصالح العام صالحها في تأمين سلطتها. وهذه فكرة لينينية قال بها لينين في روسيا بعد الثورة: تحطيم جهاز الدولة القديم وأدى الفصل والتشريد في الحالة السودانية إفراغ جهاز الدولة من كفاءات وقدرات ومهارات تراكمت منذ العهد الاستعماري فالانقاذ حطمت جهاز الخدمة المدنية في الحقيقة وهى أساس قيام الدولة الحديثة، وبالتالي حرمت الوطن كوادر كان يمكن أن يكونوا عماد بناء الدولة حتى الإسلامية القادمة مع الانقاذ. ولكن هذا الفصل والتشريد له وظيفة إجتماعية ونفسية أخرى وهى دفن الأحياء. وبالفعل وجد الآلاف من المواطنين أنفسهم زوائد في هذا المجتمع. فقد اكتسب الانسان قيمته بالعمل وتحول من شبه حيوان يسعى على الأرض الى الانسان الذي فلق عقله الذرة. فالحرمان من العمل ليس مجرد «قطع رزق» كما يقول البعض، ولكن قطع وعزل الإنسان عن كينونته وعن محيطه. وبالتأكيد وجد الكثيرون أنفسهم بعد الفصل في حالة نفسية محبطة، خاصة الشباب منهم. وتخيل إنساناً كان له برنامجه اليومي: يلبس ويستعد من الصباح ويذهب الى المكتب وحتى الثانية ظهراً ويعود ليمارس بعد ذلك نشاطاته الأسرية والاجتماعية، ولكنه يجد نفسه فجأة أسير المحبسين: بيته وفقره. وكان يمكن أن يكون هؤلاء الأحياء المدفونون قوة ورصيداً للمعارضة والمقاومة لو تم تنظيمهم ولكنهم دفنوا مرة أخرى بسبب إهمال وعجز القوى السياسية المعارضة.
    نفذت عقلية الانقاذ التدميرية الى مجالات كثيرة ومهمة ومن بينها التعليم العالي، اذ بالاضافة الى ضحايا الفصل العام في هذا القطاع، برزت ممارسة دفن الاحياء بطرق مختلفة، كان آخرها قرار سن المعاش بالنسبة للأساتذة الجامعيين والذي أخرج عشرات من أساتذة قادرين حتى الآن على العطاء من الخدمة. ومن المعروف أن سن الستين قد تكون سن العطاء الفكري الجيد بعد تراكم المعارف والخبرات وقلة العبء التدريسي. وفي بلدان العالم كلها يتفرغ الأساتذة للتأليف والكتابة فهذه سن النضج وقد يكون الوضع مختلفاً بالنسبة للعقل السوداني الذي يتوقف مبكراً. ولكن لهؤلاء الأساتذة خبرات ومهارات نحتاجها كثيراً في فترة التدهور والتآكل الذي تعيشه الجامعات الآن، فأغلب هؤلاء الأساتذة تأهلوا في الخارج واكتسبوا معرفة حديثه ولغة ونحن في حاجة الى هذه المهارات في جامعات تعيش زمنياً في القرن الحادي والعشرين. ويبدو أن هذا القرار له طابع سياسي بحت وهو قطع الطريق أمام الاساتذة لتكوين نقابة مستقلة تمثل مصالحهم فعلياً. فقد لاحظت أن وزير التعليم العالي وهو المنوط به هذا العمل، غير متابع لموضوع القانون الجديد. كما يبدو أن هناك منتفعون من هذا القرار، سرعان ما ملأوا الوظائف الادارية التي خلت باحالة البعض الى المعاش. وقد سارعت بعض الجامعات لأسباب تعرفها للمشاركة في طقوس دفن الأحياء. إذ بينما القرار تحت المراجعة والتعديل، لم يضع المتربصون الفرصة تمر فنشطوا في عملية الحفر والدفن.
    ومن الغريب سيادة عقل حانوتية الأحياء في الجامعات من منسوبي الجامعات نفسها. فقد عاد عدد من الاساتذة من الاغتراب أو مهام في الخارج وحين حاول هؤلاء الأساتذة الرجوع الى كلياتهم وأقسامهم رفضهم زملاؤهم بل طلابهم. ولا يوجد أي مبرر سوى الاستنجاد باللوائح، علماً بأن اللائحة خلقت من أجل الانسان وليس العكس. وكان من الممكن تطويع اللائحة أو حتى تعديلها فقد وضعها بشر ومن الاساتذة أنفسهم، ولكن هذه الفرصة لدفن أحياء لهم قيمتهم العلمية، لايمكن أن تفوت وقد جاءت طائعة. وبالمناسبة، قد يكون هؤلاء الأساتذة المدفونون قد دفنوا زملاء لهم من قبل وقبروهم رغم أنهم كانوا يفرفرون ويحاولون إثبات أنهم لم يموتوا بعد.
    لا نريد تحميل الإنقاذ كل مشكلاتنا، ليس لأنها بريئة فهى قمة الكارثة والحريصة على استمرارها، ولقد ساعدناها في فرعونيتها وغيها. اذ استفادت من ممارسات منها دفن الأحياء وبالذات في المجال السياسي، فالأحزاب السودانية لديها حانوتية من الطراز الأول يجيدون دفن رفاقهم. والأحزاب تملك الوسائل من إعلامية ومالية المستخدمة في دفن الأحياء. وحين اتأمل شخصيات كانت لامعة ونشطة وأجدها قد ضاعت في ظلام لا عودة منه، أتعجب لهذه القدرة الفائقة. وقد عاصرت بعض الشخصيات الحزبية في الخارج والداخل مؤخراً ولا أسمع عنها ابداً. ففي الحزب الاتحادي الديمقراطي أين محمد المعتصم حاكم- الناطق الرسمي باسم الحزب والتجمع معاً وأين السنجك والتوم محمد التوم وابراهيم عبدالقيوم وقد مات شيخ العرب علي ابوسن محسوراً وقد فضل أن يدفن ميتاً، والقائمة تطول. وفي حزب الأمة أين بكري عديل ومهدي أمين التوم ومحمد ابراهيم خليل وصلاح جلال وحسن أحمد الحسن وسارة نقد الله أما الامير الحاج نقد الله فقد فضل الغيبوبة على الوعي لكي لا يرى ما يدور. أما قوات التحالف فقد مارست الدفن المتبادل ونجح كل فريق في دفن الآخر، غريبة! أما الحزب الشيوعي فله أسلوبه الأصيل: الدفن بالاهمال والتجاهل وأسأل نفسي أين الشفيع خضر ذلك النشط في التجمع وفي الاعلام المصري. والبعثيون رغم قلة عددهم لديهم مقابر جماعية تعطل الجميع بالانقسامات والاتهامات.
    كان من المفترض أن تكون الثقافة نائية وبعيدة عن كل هذه الجرائم وذلك بسبب قربهم من الابداع والابتكار والجمال، ولكن إذا بهم يدفنون الأحياء وهم ينشدون الأشعار وينمقون الكلام. ويحاولون أن يجعلوا من المقابر متاحف وقاعات عرض ومسارح. وهذا مجال أطلقت عليه في مرة سابقة صفة الغابة وكلابها ديابه - كما يقول أحمد نجم- أي الكلاب التي يفترض أن تحرس تحولت الى ذئاب. ففي الساحة الثقافية الغابية استساغوا أكل لحم الآخرين حتى كادوا أن يتحولوا الى آكلي لحوم البشر (Cannibals) حسب الاساطير والصور عن بعض القبائل. ولكنهم أضافوا لذلك، لإثبات ابداعيتهم وقدرتهم على الخلق، مؤسسات تقوم بهذه المهمة لإبعاد تهمة دفن الاحياء عن أشخاص لهم قدسيتهم، وبالتالي تنشأ مؤسسة على رأسها مفوض عام أو مفتش عام (commissar كوميسار) تحيط به مجموعة من حملة أختام الملكة والازلام وحارقي البخور والحواة بالعي الأمواس. وهنا تصبح مراسيم الدفن شرعية ولها مهابة تمنع الاعتراض وتحرّم على المدفونين الفرفرة والحركة. وفي هذه الساحة يقوم حانوتية دفن الأحياء بدورهم ببراعة فائقة.
    أخيراً، هل يحتاج هذا الوطن المهدور أصلاً الى متعهدين لدفن الأحياء أو حانوتية من طراز آخر أم يحتاج الى جهود الجميع مهما كانت الاختلافات والخلافات؟ أكرر هناك خلل بالغ في الشخصية السودانية رغم ادعاءات التكافل والتماسك والتضحية والكرم، فمن أين جاءت روح الاقصاء والقتل المعنوي والأدبي للآخرين؟ واعتقد أن أى حديث عن النهضة أو التقدم يكون خاوياً، طالما ظلت ممارسات النخبة السودانية تستند على الغيرة والحسد والتنافس غير الشريف وعدم الاعتراف بانجاز الآخرين واحترام المختلف وحتى الغريب والنشاز. هذه هى الديمقراطية: أن هناك آخرين معك على أرض الوطن، وأيضاً أن القمة يمكن أن تتسع لكثيرين وليس بالضرورة أن تدفن الآخرين أحياء، ليستفرد بالقمة- إن وجدت أصلاً في السودان.
    www.alsahafa.info
                  

11-20-2006, 09:09 AM

عبدالغفار محمد سعيد
<aعبدالغفار محمد سعيد
تاريخ التسجيل: 04-17-2006
مجموع المشاركات: 10075

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د حيدر إبراهيم: ظاهرة (متعهدو دفن الأحياء)! (Re: مكي النور)

    شكرا مكى النور
    على هذا المقال الهام ، لدكتور حيدر ابراهيم
    الباحث الاجتماعى المتوقد، الساعى الى سبر غور الظواهر الاجتماعية و السياسية


    Quote: وقد نجحت الانقاذ حين استبطنت أجزاء كبيرة في قطاعات المجتمع السوداني. وهذا ما يسميه مصطفى حجازي الانسان المقهور، حيث يبحث المعتدى عليه عن طرق للاعتداء على الآخرين وممارسة كل أشكال العنف ضد مواطنيه، رغم انه مضطهد ومقموع.
                  

11-20-2006, 12:24 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د حيدر إبراهيم: ظاهرة (متعهدو دفن الأحياء)! (Re: عبدالغفار محمد سعيد)

    إلى حين عودة:
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de