خيوط السراب

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 07:15 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-14-2006, 03:42 PM

Ahmad Sanad

تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خيوط السراب

    أتصلت بي اليوم صديقة هولندية عازمة بشكل مبدئي على السفر " سياحة" الى السودان. دافعها الى ذلك معرفتها وصداقتها لبعض أفراد الجالية السودانية بهولندا.

    كان عندها اسئلة كثيرة كونها لأول مرة تسافر الى دولة في قارة أفريقيا.
    أخبرتها بما لدي وطمأنتها على أننا شعب يحترم ضيوفه ويقدسهم.

    وحاولت الإجابة على كل تساؤلاتها العملية التي كان هدفها العلم ببعض الأمور التي قد تكون غائبة عليها من قبيل هل من الضرورة أن يتحصن المرء ضد الملاريا وما هي اللغة التي يستطيع أن يتخاطب بها مع الناس الذين قد يصادفهم هناك.

    كانت إجاباتي تلقائية كون إسئلتها بدت بسيطة وروتينية.

    ما عدا سؤال واحد، سؤال لم يكن سهلا أبدا على شخص في حالتي.

    ماذا أتوقع " أنا" أن ترى " هي" في السودان؟.

    وهذا دافعي لمحاولة أشراككم في هذه القصة الصغيرة.

    سؤال مشروع في تقديري، لكنه عريض جدا ويحتمل ألف إجابة. لكن بعد هذا كله لم تغلبني الحيل. قلت لها لن ترى شيء، غير الشي الذي قد تتوقعين!. وبهذا الحد إنتهت المكالمة.

    هل تكون إجابتي تلك على سؤال صديقتي الصعب واحدة من الألف إجابة التي يحتملها السؤال. لا أعرف.

    لكنني تصورت " أو قل تخيلت أنا" أن صديقتي تتوقع أن تري الفقر " الفقر المادي"، أو أنها توقعت أن أقول لها أنك سترين الفقر بالمقارنة بالرفاء الذي تعيشين فيه . وإن صح خيالي فأن هذه إجابة من الالف إجابة المحتملة، في تقديري.

    لكن بكل تاكيد لا أحد يتكبد مشاق السفر الى بلاد بعيدة وغريبة لمجرد مشاهدة مأساة، مأساة واقعية أو متوهمة.

    الفقر حقيقة ماثلة في السودان وفي معظم دول العالم الثالث، حقيقة لا ينكرها إلا مراوغ.
    . تشابكت عوامل عديدة " داخلية وخارجية، آنية وتاريخية" لتجعل إقامة الفقر عندنا مديدة، إنه وجه المشهد السياسي في بلداننا، مشهد بائس وقبيح. الفقر شيطان لئيم لا هدف له غير رهق الجسد بالجوع والبرد. نحتاج نحن إرادة باسلة لحربه وشركاء صادقين يحملون معنا سيوف النار ويرددون معنا التعاويذ ويلبسون مثلنا التمائم أوان المعركة.

    غير أنه لحسن الحظ ما تزال عدنا تسعمائة وتسع وتسعين إحابة أخرى على السؤال.

    تستطيعين يا صديقتي أن ترى النيل. وتستطيعين أن ترى المزيد.

    تستطيعين أن ترى الجهات الثمانية. سترين الجنوب وترين الشمال، سترين الغرب والشرق، سترين التحت والفوق وسترين الأزل وترين الأبد.


    تستطيعين أن تري الصحراء، تر ي البحر ، ترين الجبال الشاهقة وترين الأشجار السامقة والكائنات البرية، تستطيعين أن تري السماء الصافية مرصعة بالنجوم الزاهية وسترين نور القمر يغسل وجه الأرض في حبور، تستطيعين أن تري بيوت من الحجارة، بيوت خالدة، بناها بشر قبل آلاف السنين وكتبوا الشعر على جدرانها وكتبوا اسماءهم، تستطيعين أن تتيقني أن الحياة كانت موجودة من قبل مثل ما هي الآن وستبقى من بعد، وتستطيعين أن تمشى فوق أرض من ذهب جنبا الى جنب مع أناس فقراء وقلوبهم من ذهب.


    تستطيعين أن تقري فصولا من التاريخ جديدة وتستطيعين أن تعرفي معان للإنسانية جديدة وتستطيعين أن تعرفي أنك لم تكني تعرفين نفسك.

    فقط إخلعي نعليك وأدخلي النهر عند ملتقى النيلين عند منتصف النهار ، سيلاعبك الموج لعبته الأزلية وستشارككما الأسماك الصغيرة وستضحك في وجهك الشمس مطلة من مرايا الماء، لا تعبئي بكل تلك الأشياء الصغيرة الجميلة، بل إرفعي هامتك وأنظري أمامك،
    توجهي بناظريك ناحية الصحراء ، ذلك المدى بغير حدود، في البدء لن ترى شيا غير الرمال الحمراء، حاولي مد بصرك أكثر وأكثر، أنظري في المدى البعيد، حتما سترين شيا ما مثل الماء وما هو بماء، إنه السراب، لا تعبئي بالسراب، حاولي أكثر أمشي بناظريك أبعد وأبعد، تجاوزي خيوط السراب، هل ما دون السراب شي؟، حتما لن ترى شي، سيرتد إليك بصرك

    في حدود السراب، ستجدين نفسك في مواجهة السراب، حدقي في السراب، سيقترب منك السراب رويدا رويدا، حتى تصبح قدميك تخطو فوق السراب، سيمشي فوق قامتك السراب، ستكونين أنت السراب. ستغالطين نفسك لوهلة بأنك لست أنت ذاك السراب، لا عليك، خذيه مرايا، أقبليه مرايا،
    سترين وجهك في مرايا السراب، حينها سيتماهى المرئي في الرائي، ستتيقنين من أنك السراب والسراب أنت، سترين ذاتك الحقة، وستعرفين أنك لست بشي غير طفل صغير عار من الثياب وعار من الجسد يستحم في بحيرة الكون الفسيح.

    وتستطيعين أن ترى المزيد.

    محمد جمال الدين



    .
                  

11-15-2006, 07:40 AM

Ahmad Sanad

تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خيوط السراب (Re: Ahmad Sanad)

    *
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de