|
الممقال منقول من الصحافة :::: اضاءت حول ما يجري بالجامعات السودانية
|
كتب السيد لحاج وراق قائلا:: بحسب الدراسة العلمية العميقة للبروفيسير محمد الأمين التوم والمنشورة في كتابه باللغة الانجليزية (التعليم العالي في السودان: رؤية جديدة لفترة جديدة)، فإن الأساس في أزمة التعليم العالي في البلاد يعود إلى السياسة الاقتصادية الاجتماعية للانقاذ، والمسماة باقتصاد السوق (الحر)، والقائمة على ضغط الصرف على القطاعات الاجتماعية، بما فيها التعليم. وتؤكد هذه الخلاصة الاحصاءات، فبينما ظل نصيب التعليم من المصروفات الحكومية الجارية في الفترة منذ الاستقلال وحتى مجيء الانقاذ يتراوح ما بين 4.12% كأدنى رقم، و 9.17% كأعلى رقم، إلا ان هذه النسبة انخفضت بمجيء الانقاذ إلى 7.6% ثم ظلت تتراوح في الفترة من 1989 وحتى 2003 ما بين 7.1% و7.7%!! * وقياساً بالناتج القومي الاجمالي فقد كان الصرف على التعليم في عام 97/1998م 3.0% وانخفض اكثر في عام 2001 إلى 2.0%! هذا بينما النسبة على المستوى العالمي 22%، وفي الدول المتقدمة 4.21%، وفي الدول في مرحلة الانتقال 5.20%، وفي الدول الأقل نمواً 7.17%، وفي اكثر الدول تخلفاً فإن نسبة الصرف على التعليم من الناتج القومي الاجمالي 6.16%! بما يعني اننا في ظل الانقاذ قد (فقنا العالم أجمع) في تجاهل الصرف على التعليم!! * وبسبب ضغط الصرف على التعليم فإن الجامعات تعاني جوعاً بالغاً الى الموارد، ففي عام 2001 كان الدعم الحكومي للجامعات حوالي 8.59 مليون دولار، وجملة الموارد التي جمعتها الجامعات الحكومية (24 من 26 جامعة) من مصادرها الداخلية حوالي 7.38 مليون دولار، هذا في حين كانت الجامعات تحتاج إلى حوالي 292 مليون دولار! أي بعجز سنوي قدره حوالي 181 مليون دولار! مما يؤكد بأن الجامعات الحكومية ظلت، ولأكثر من خمسة عشر عاماً تعاني من أزمة مالية حادة! وفي ظل أزمة التمويل هذه فإن وزارة التعليم العالي قد انخرطت في بناء مقر جديد لها بتكلفة تصل الى حوالي 8 ملايين دولار!! * ويشكل ضغط الصرف الحكومي على التعليم العالي السبب الأساسي في (تسليع) التعليم، أي في انحطاط القيم الاكاديمية والعلمية، حيث لجأت الجامعات لسد العجز في ميزانياتها الى الدبلومات العشوائية، والى التهاون في معايير الدراسات العليا مما أدى ضمن أسباب أخرى، الى (عشوائية) واضحة في رسائل الماجستير والدكتوراة! * وانعكست الأزمة على كامل العملية الأكاديمية، سواء في تمويل بعثات الاساتذة، أو تمويل البحوث، كما انعكست على أوضاع المكتبات الجامعية. وكأنموذج فإن مكتبة جامعة الخرطوم، الأقدم والأكبر في البلاد، كان لديها في عام 2003 عدد 375757 مرجعا، ولكن المراجع الجديدة من بينها ليست سوى 1574 فقط! لاحظ هذا في ظل الثورة العلمية التقنية والانفجار المعلوماتي الهائل في السنوات الاخيرة! ولايضاح المفارقة يورد بروفيسير محمد الأمين دراسة لأحد العلماء (شومر 1999) تثبت بأنه في السنوات الخمس عشرة الاخيرة صدرت مؤلفات في الكيمياء أكثر مما صدر في كل التاريخ السابق للبشرية!! ثم ان قائمة الدوريات في مكتبة جامعة الخرطوم ظلت هي نفسها دون تجديد منذ 1969! وتشمل 3321 دورية منها 93 فقط باللغة العربية! ولكن الاخطر ان عدد الدوريات التي تصل الى المكتبة هبط من 218 في عام 91/1992 إلى 168 في عام 92/1993، ثم أوقفت الاشتراكات في كل الدوريات منذ عام 1993!! وبالنتيجة فإن مشروع الانقاذ المسمى بالمشروع (الحضاري) قد عزل البلاد فعلياً عن التطور العلمي في العالم، وبالتالي عن الحضارة الانسانية!! وقد راجعت المكتبة الرئيسية لجامعة الخرطوم مراجعها في الكيمياء فوجدت انها فقط 2540 كتابا، وكانت بحسب التقرير (في حالة صعبة على الوصف، الغبار في كل مكان، الكتب ممزقة الاغلفة، بعضها منزوع الصفحات...، وبعضها لا علاقة له بالعلم دع عنك الكيمياء! وبعض المراجع النادرة تالفة بسبب الامطار! مما لا يمكن حدوثه إلا بسبب التجاهل واللامبالاة..)!! ثم ان غالبية هذه المراجع باللغة الانجليزية، وليس بينها سوى حوالي عشرين كتاباً باللغة العربية، رغم صدور القرار بتعريب التعليم العالي!! وأواصل بإذنه تعالى.
|
|
|
|
|
|