|
بعد مصرع محمد طة: صحافيون سودانيون يتسلحون بالمسدسات والسكاكين والسيوف خوفا من القتل
|
صحافيون سودانيون يتسلحون بالمسدسات والسكاكين والسيوف خوفا من القتل
الاتحادى الاربعاء, 11 اكتوبر 2006
حين حكى صلاح الدين عووضة لزملائه في الصحيفة، عن حرصه على وضع سيف تحت وسادته ليلا، لم يأخذوا الأمر على محمل الجد، لا لأن المسألة تدعو للضحك، وإنما لأن السيف قد لا يكون كافيا!. ومنذ ذبح الصحافي السوداني محمد طه محمد أحمد قبل شهر تقريبا، زادت هواجس الصحافيين السودانيين، وبات متعذرا عليهم الشعور بالأمان. وصلاح الدين عووضة، الذي يعمل في صحيفة "السوداني"لم يختلف كثيرا عن عدد من زملائه الذين اتجهوا في الآونة الأخيرة لاقتناء أسلحة نارية للدفاع عن النفس في حال تعرضهم لما لا يحمد عقباه. ويؤكد عووضة لـ"العربية.نت" بأنه اتصل بوزارة الداخلية السودانية، وحصل على ترخيص لحمل سلاح ناري، جازما بأنه سيقتنيه بظرف يومين لا أكثر. لا يستطيع النوم !! ويبدو أن حال عووضة، ينطبق على آخرين من زملائه في مهنة البحث عن المتاعب، التي بدأت تستحيل في السودان إلى مهنة ملتصقة بالموت، ومفخخة إلى حد كبير. ويعرف صلاح الدين عووضة عددا من الصحافيين الذين اقتنوا بالفعل أسلحة نارية. ويعترف بأنه لا يستطيع الحصول على قسط كاف من النوم، لأن أذنه وعينه تكونان على الباب، خشية حدوث مكروه. من جانبه لا ينفي الطاهر حسن التوم، رئيس تحرير مجلة "الخرطوم الجديدة" حالة "الخوف" التي تعتري الصحافيين السودانيين، بعد ذبح طه. ويقول التوم لـ"العربية.نت" إن دائرة قلق الصحافيين اتسعت إلى درجة كبيرة، وأصبح الكثيرون منهم يؤمنون بحاجتهم لإقتناء أسلحة. تجنّب القضايا الدينية والقبلية ويزيد التوم بأن الخوف لم يتجلّ في سلوك الصحافيين فحسب، وإنما تعداه لكتاباتهم، التي باتوا يتجنبون فيها، التطرق لقضايا الدين والقضايا القبلية. وأكد بأن ثمة رقيبا داخليا خاصا بات يعمل بقوة في داخل كل صحافي، لافتا إلى أن الصحافيين لم يلجأوا إلى غاية الآن لوضع حراسات على أنفسهم، ما عدا في حالة واحدة، هي حالة الصحافي زهير السراج الذي وضعت عليه الشرطة حماية بعد تلقيه تهديدا اتضح لاحقا أنه مزحة. وفي تقرير كان أعده الزميل فتح الرحمن شبارقة لمصلحة صحيفة "الرأي العام" السودانية، عبّر صحافيون آخرون عن وجهات نظر مختلفة، اتفقت كلها في أن هناك ثمة أخطارا تحيط بالصحافيين. ومضى التقرير للقول إن اغتيال طه خلف إحساساً عميقاً لدى الكتاب والصحفيين بأنهم انصاف مقتولين بعد أن استشعروا الخطر على حياتهم. يحمل سكينا في حقيبته وتابع التقرير: شرع بعض كبار الصحفيين في اقتناء أسلحة شخصية لكي يحموا بها انفسهم . بل أن أحد الزملاء الصحفيين، يحمل سكيناً في حقيبته، اقترح أن يتبنى اتحاد الصحفيين حملة لتسليح الصحفيين وتدريبهم على استخدام المسدسات حتى لا يكون مصيرهم كمصير محمد طه. وقال عثمان ميرغني، الصحافي في صحيفة "السوداني" إن الخطر ماثل على الإعلاميين حتى قبل جريمة محمد طه باعتبار أن التهديد من جهة عادة غير معلومة. ميرغني الذي كان يراقب سابقا البيئة من حوله كحركة الشارع وإغلاق أبواب المكتب والعربة معظم الأوقات، بات مؤمنا حاليا باقتناء "وسيلة دفاع مباشرة". ومضى الكاتب الإسلامي إسحق أحمد فضل الله إلى أبعد من ذلك حينما نصح أي عاقل بأن يحمل معه سلاحاً في هذه الأجواء التي تعيشها البلاد على حد قوله. وبحسب تقرير صحيفة "الرأي العام"، فإن فضل الله، نصح الصحافيين بحمل أسلحة نارية لمواجهة التجاوزات التي ترتكبها غالبا حركات متمردة وقعت اتفاقات سلام أخيرا، وعادت إلى الخرطوم. وأوضح حسين خوجلي رئيس تحرير صحيفة "ألوان" بأن اغتيال طه لم يدفعه للتفكير في تغيير نمط حياته الذي تطبع به. أما نائب رئيس تحرير صحيفة "آخر لحظة"، الهندي عزالدين، فقد أكد بأنه أقتنى "مسدسا" في اعقاب اغتيال محمد طه لاعتقاده "أن الدولة غير قادرة على حماية الإعلاميين، وان الخرطوم لم تعد آمنة بعد أن انتشرت فيها حركات التمرد بثقافتها التي لاترى ضيراً في التصفية إضافة إلى علاقاتها المخابراتية المختلفة" على حد تعبيره. ترك السودان أو هجر المهنة ولا يحس سيد أحمد خليفة، رئيس تحرير صحيفة "الوطن" السودانية، بأن هناك خطرا على حياته يستدعي حمله سلاحا. وقال في التقرير الذي نشرته صحيفة "الرأي العام": إذا احسست بأن في مواجهة قلمي سكيناً أو مدفعاً سأفعل احد أمرين إما أن اترك البلد أو اترك المهنة. وكان وزير الداخلية السوداني، الزبير بشير طه أكد عدم ممانعة وزارته توسيع دائرة حمايتها للشخصيات لتشمل الصحفيين الذين ربما يكونون في موضع تهديد. وتضع المباحث المركزية الكثير من الشروط والضوابط للحيلولة دون انتشار السلاح المرخص باعتبار أن مسؤولية الأمن ليست شخصية وإنما خاضعة للدولة، وعلى الرغم من ذلك فإن المباحث في بعض الحالات ترخص بأسلحة للإعلاميين إذا اقتنعت بالمبررات التي يسوقونها لكي يمتلكوا السلاح.
|
|
|
|
|
|