|
|
 منـــــــاوي يتملل علي كرسية بالقصر
|
منـــــــاويي يتملل علي كرسية بالقصر
تقرير: سلمى التجاني
كان الوضع يحتاج الى قشة والتي قد لا تقصم ظهر البعير لكنها تؤلمه.. والمراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية في الثامن والعشرين من الشهر الماضي كانت بمثابة هذه القشة.. فقد أصدرت رئاسة الجمهورية أربعة مراسيم لتشكيل السلطة الانتقالية بدارفور وهو ما لم يقبله كبير مساعدي رئيس الجمهورية وقال إن بالمراسيم أخطاء تؤثر في جوهر الاتفاقية وهي ليست مطابقة لها وأن التأخير قي تصحيح الأخطاء التي وردت سيجعلها غير متسقة مع اتفاق أبوجا ويخصم من مصداقية إنفاذ الاتفاق.
--------------------------------------------------------------------------------
مفاجأة
وكبير المساعدين الذي يكون مستشاراً لرئيس الجمهورية فيما يتعلق بتنفيذ إتفاق سلام دارفور ومساعداً له في قضاياها وفقاً لنص الاتفاق يبدو أنه تفاجأ مثل الآخرين بصدور المراسيم وربما وجدها فرصة مناسبة يعبر فيها لأول مرة عن رأي لا يتفق مع رئاسة الجمهورية.. وأزمة المراسيم الجمهورية التي طالب مناوي بمراجعتها قانونياً دفعته ليعلن ببعض الأسى أنه لم يحس حتى الآن بأنه مسؤول فعلى لدارفور «رغم انني رئيس السلطة الانتقالية» وبدأ في الافصاح عن آراء كان يعول على الوقت في تغييرها فعبر عن عدم رضائه عن كثير من خطوات تنفيذ الاتفاق.. وأظنه لاحظ لخطورة ما يقول فأدخل في ثناياه كلمات بها بعض الأمل فقال: «أبوجا هي أساس الاستقرار في المستقبل».
وبذا يضع جملة يصعب صرفها في السياق الذي وضعت فيه.. جبراً بخواطر الشريك الآخر ربما.
قانونياً
ولأن المراسيم الجمهورية الاربعة عن سلطة دارفور الانتقالية أفلحت في إخراج مناوي من دائرة الحذر والصمت دفعت كذلك رئيس اللجنة القانونية لوفد حركة التحرير بمفاوضات أبوجا المحامي عبدالعزيز سام لتشريحها قانونياً.. فتوصل الى أنها لم تصدر وفق فحوى الاتفاق وأخذت طابعاً وكأن كل الأمر لا يعدو أن يكون من اختصاصات رئيس الجمهورية ولاعلاقة له بنص وروح اتفاق سلام دارفور.. «فالإتفاق لم يضمن بعد في دستور السودان الانتقالي وحتى يتم ذلك تكون المرجعية الأساسية هي الاتفاق نفسه».. جانب آخر يتوقف عنده سام وهو عدم وجود نص بالاتفاق يسمح بإنشاء السلطة الاقليمية الانتقالية لدارفور بموجب مرسوم رئاسي.. ولا يعطي الرئيس الحق في إصدار مرسوم رئاسي بإنشاء سلطة مثل سلطة دارفور الإقليمية الانتقالية.. لكن ما لم يتحدث عنه سام هو إهمال الاتفاق لتحديد من الذي يعين سلطة دارفور وخلص في سجاله القانوني الى ضرورة إنشاء سلطة دارفور بموجب قانون تصدره الهيئة التشريعية القومية.. وعزا ما يواجه الاتفاق من مطل وتسويف ومحاولات التفاف وسياسة المنح والمنع لغياب ضامنيه.
وانتهز الفرصة ليؤكد ان ما ظل يتعرض له اتفاق سلام دارفور.. وآخرها وضع آليات تنفيذه تحت وصاية القصر.. يرقى الى أعلى مراحل سوء القصد والنية.
تزامن
وبالتزامن مع صدور المراسيم الاربعة حدثت واقعة قريضة.. فقد تعرض نائب مناوي وقائد جيشه لهجوم أكدت تحقيقاته الأولية ضلوع أطراف حكومية فيه ما استنكره مناوي وقال إنه يقلل من مصداقية الحكومة في إنفاذ السلام.. مصادر بالحركة من جنوب دارفور أكدت ان نائب رئيس الحركة والقائد العام للجيش ووفدها عانوا التهميش بجنوب دارفور وظلوا أربعة أيام في انتظار سيارات تقلهم لمناطقهم غادروا بعدها بجهد ذاتي الى حيث حدث الهجوم.
وقبل ذلك بأيام كانت هناك حلقة اخرى في سلسلة من أحداث تصلح لأن تسمى بالتململ المعلن.. وكان ميدانها الموردة بأمدرمان والاعتقال المتبادل بين قوات الشرطة وقوات حركة تحرير السودان ما اعتبره البعض إفرازاً لإحباطات تعيشها الحركة بالخرطوم.
جانب إيجابي يراه البعض في سير تنفيذ الاتفاقية وهو ما يتعلق بدمج القوات، لكن عادل محجوب عضو اللجنة الأمنية المشتركة يشكك في نوايا الحكومة ويرى أن الاسراع بالدمج ما هو إلا خطوة بتجريد الحركة من آخر كروتها وهو الجيش ليصبح جزءاً من جيش الدولة وينطبق عليه القانون العسكري ويعمل وفقاً لتعليمات القائد الأعلى للجيش السوداني.. ويرى خطوات أهم من دمج القوات تؤثر في استقرار المنطقة كنزع سلاح الجنجويد وعودة النازحين وتأمين الطرق.
سياسة
مصدرتحدث عن سياسة التجويع التي تمارسها الحكومة ضد أعضاء الحركة بالخرطوم فبعد أن طالبتهم بإخلاء فندق القرين فيلدج أصبحت رقابهم تحت سيوف شركات السيارات وملاك المنازل و«الحكومة تتفرج علينا» كما قال..
ويضيف الى الصورة القاتمة التي يحاول رسمها عدة خطوط.. فكبير مساعدي الرئيس بلا صلاحيات.. والسلطة الانتقالية لم تتكون بعد ولجنة السلطة المنوط بها تقديم ترشيحات الحركة للمناصب الدستورية لم تعمل بعد.
ويورد عادل محجوب جانباً آخر مما يسميه «معاكسات» قال إن الحكومة تمارسها على حركتهم.. فقد عرقلت اتصالاتهم مع جبهة الخلاص «حتى لا يحسب في رصيد الحركة».
ولا يبدو الوضع أفضل لدى بقية قيادات الحركة.. فالدكتور صلاح مناع المستشار السياسي لمناوي أعلن في خطوة تحتمل خيبة الأمل والرغبة في لم شمل حركات دارفور ألا مانع لديهم في فتح اتفاق أبوجا.. ودكتور مناع أحد أكبر الداعمين للحركة وجيشها ولاتفاق سلام دارفور يبدو أنه اقتنع بضرورة وجود طريق ثالث للخروج من مأزق التوقيع على الاتفاق.. لكن المهندس عبدالجبار دوسة رئيس اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاق من جانب حركة تحرير السودان يحافظ كعادته على وضع يجعله بين التفاؤل والتشاؤم إذ يكتفي بالقول: «المؤشرات غير سارة» خاصة فيما يتعلق ببنود الاتفاق التي لا تحتاج لتفسير كالتعليم فلا يجد مبرراً لعدم التنفيذ «إلا التسيب الذي يهدد استمرار الاتفاق».
الخلاص
والوضع هكذا وكبير مساعدي رئيس الجمهورية يشكو من كرسي بلا صلاحيات.. ويجد نفسه رغم الكرسي - سجيناً في مربع المطالبة في قضايا تتطلب تدخله كقضية أبوالقاسم احمد أبوالقاسم عضو فصيل بحركة التحرير ولا يملك مناوي إلا ان يقول «ما عندي تفاصيل.. لكن أطالب بإيضاح القضية وسبب التهمة».. فالرجل يكتفي بالمطالبة وهو يجلس على كرسي مصمم لإتخاذ القرارات.
مصادر بالحركة في الخرطوم تؤكد أن عدداً من أعضاء الحركة يرون الخلاص في جبهة الخلاص ولسان حالهم يردد «رجعنالك» لكن عبدالجبار دوسة يرفض الافتراضات فهم في بدايات التنفيذ وما زالوا ينتظرون ليقرروا.. فقط يعتقد ان التلكؤ لن يشجع الاطراف الأخرى على التوقيع ولا يشجع المواطنين ليتفاعلوا مع الاتفاق كما يثير احباطاً في أوساط الموقعين.. عادل محجوب يرى ان العودة الى الحرب هي أسوأ الاحتمالات والتي قد تكون أفضلها لدى البعض.
وبعد...
صوت جديد خرج لتوه من الجناح الجنوبي للقصر الجمهوري.. هو الأول خلال خمسة أشهر عمر وجود حركة تحرير السودان الموقعة بالخرطوم لكن هل يمكن ان نكون أمام رأس جبل الجليد
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست