كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 قصة ابوالقاسم أحمد ابوالقاسم
|
قصة ابوالقاسم أحمد ابوالقاسم
بأي قانون يحاكم؟
بقلم: سلمى التيجاني
طاولة يان برونك الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان تشهد اليوم اجتماعاً يريد أصحابه أن يكون ساخناً.. فالقضية التي بداخل حقائبهم لاتخلو من سخونة.. وفد من محاميي دارفور يعرضون ملفاً خاصاً على الممثل الخاص حول ترحيل السلطات السعودية للمهندس أبوالقاسم أحمد أبوالقاسم أمين الشؤون الخارجية بحزب التحرير (مجموعة الـ 19) من منزله بجدة وتسليمه مساء الخميس بطائرة خاصة للسلطات الأمنية السودانية التي يعتقل الآن بأحد مقارها.
لقاء مع برونك
وقبل التوجه لمبنى الأمم المتحدة سيقدم محاميو دارفور عريضة لجهاز الأمن يطالبون فيها بالوقوف على التهم المقدمة لأبي القاسم. وكذا الوقوف على وضعه الصحي فهو مصاب بمرض الضغط المزمن.
والمهندس أبوالقاسم الذي يعتبر من قدامى أعضاء حركة تحرير السودان الفاعلين ظل قاسماً مشتركاً في كل محافل وطاولات التفاوض حول قضية دارفور.. ويعتبره الكثيرون - هو والمرحوم نصر الدين يوسف- من حمائم السلام داخل الحركات المسلحة.. بدأت جهوده الوفاقية عندما حاول الوقوف في وجه حالة التقسيم التي بدأت تصيب الحركة فقدم مقترحات عملية تقضي بتغيير رئيس الحركة مع احتفاظ القبيلة (الفور) بالمنصب.. وبرغم عدم نجاح المساعي إلا أنها ظلت نقطة بيضاء أضافها أهل دارفور لصحيفته.. وعندما أصبح التشرذم واقعاً لا محالة اختار مجموعة الـ (19) التي انشقت عن عبد الواحد محمدنور والتزم بها.
وحدة معه
مع ذلك تجمع حوله كل الفصائل وتراه قريباً منها لذلك كان ترحيله مناسبة هي الأولى من نوعها اتفق على رفضها كل فصائل دارفور.. عبد الواحد محمد نور رئيس أحد الفصائل بحركة التحرير طالبت السلطات السعودية بعدم تسليمه. وجبهة الخلاص شجبت العملية.. وحركة تحرير السودان الموقعة أصدر أحد قادتها محجوب حسين بياناً أدان فيه الحادثة وحذر من إطالة أمد اعتقاله أو إخضاعه للتعذيب.
والتعاون الأمني بين السودان والسعودية الذي كان تسليم أبوالقاسم أحد فصوله بدأ منذ الستينات بالتعاون لمكافحة تهريب المخدرات عبر البحر الأحمر وازدهر في حقبة تولي الفريق عبد الرحيم محمد حسين لوزارة الداخلية وبلغ ذروته في العام 2005 بزيارة وزير الداخلية السعودي للسودان وتوقيع اتفاق التعاون الأمني بين البلدين والذي يتيح تبادل المعلومات والأوراق القضائية وتسليم المطلوبين والمجرمين.
اتفاق قوي
وأرسى من دعائم هذا التعاون اتفاق الرياض للتعاون القضائي الذي وقعت عليه أغلب الدول العربية فأصبحت ملزمة بالتعاون القضائي ونقل المحكومين وتسليم المطلوبين.. وبناءً عليه قام السودان بتسليم مختطف الطائرة السعودي وبعده (17) مطلوباً سعودياً أعلنت السلطات السودانية أنها ألقت القبض عليهم في إقليم كردفان بغرب السودان، وبرغم صعوبة إحصاء ما تم بين البلدين في هذا الجانب إلا أن تبادل المعلومات والأوراق القضائية يعتبر أبرز سمات هذه العلاقة.
ويأتي تسليم أبوالقاسم تسليماً إدارياً كما تقول المصادر. أي لم يطلب السودان تسليمه فهو ليس من ضمن قائمة المطلوبين الذين أودعت الحكومة أسماءهم للانتربول بعد الهجوم على حمرة الشيخ بكردفان. فالتسليم القضائي يقتضي تقديم طلب تسليم ثم فحصه من الدولة المعنية بعدها البت فيه.. وتؤكد المصادر أن هذه الخطوات لم تتم وبالتالي يعتبر التسليم إدارياً إرتأت فيه الدولة المضيفة «السعودية» أن وجود شخص معين في أراضيها يسبب مشكلة بين البلدين فقررت إبعاده.
حالات أخرى
أحمد عبد الشافع رئيس أحد فصائل حركة تحرير السودان قال إن هناك (21) حالة إبعاد خلال الشهرين الماضيين من الخليج كان ضحيتها أبناء دارفور.. وأنها كانت في الأصل حالات تسليم أفلحت أطراف خارجية في إقناع دول خليجية الإكتفاء بالإبعاد..
قانونيون يرجحون أن تقدم له اتهامات بالهجوم على حمرة الشيخ فهو أحد قادة مجموعة الـ (19) التي تمثل أحد فصائل جبهة الخلاص حاملة السلاح بدارفور الآن.. فالمنطقة خارج دائرة النزاع فاعتبرت الحكومة أن الهجوم عليها يخرج عن دائرة العمل السياسي ويعرض مرتكبيه للمحاكمة بقوانين الدولة في حالة وصولهم اليها.. ولأن التسليم لابد له من أساس قانوني فإن اعتقال أبوالقاسم في أحد مقار جهاز الأمن الوطني دفع قانونيين لترجيح محاكمته وفقاً لقانون الأمن الوطني تحت مواد تتعلق بمعارضة النظام بالقوة والدعوة لذلك توصف العقوبات التي تترتب عليها بأنها كبيرة.
هيئة محاميي دارفور
طارق ابراهيم الشيخ المحامي من هيئة محاميي دارفور اعتبر قانون الأمن الوطني من القوانين التي تنتهك حقوق المواطنين.. وبعد أن دعا لتعديله قال إن شروط معاهدة تسليم المجرمين لا تنطبق على أبوالقاسم لأنه لم يتهم بارتكاب جريمة جنائية.. كما أن معارضة النظام بالقوة لم تثبت عليه لأنه لايوجد مايؤكد انتماءه لأية حركة مسلحة تقاتل بدارفور.. وقال طارق إن توالي الاعتقالات بهذه الطريقة الانتقائية لأبناء دارفور سيفتح الباب لحرب غير مأمونة العواقب ويؤكد أن الحكومة غير جادة في التعامل مع قضية دارفور.. وبذا يخلص الى أن اعتقال أبوالقاسم لم يتم إلا لأنه عبر عن رأيه المؤيد لدخول القوات الدولية بدارفور بغرض حماية المدنيين ما يراه لايستحق الإبعاد أو التسليم للسودان وتوقع أن تجهض هذه القضية مشروع السلام الكامل بدارفور.. ما أكده أحمد عبد الشافع بأن هذه التصرف سيدفعهم لإيجاد بدائل للتعامل مع الحكومة ستجد نفسها مضطرة لدفع الثمن فيه.
الحكومة تتحفظ
السلطات المختصة فرضت تعتيماً على القضية حتى الآن ويبدي قادة المؤتمر الوطني تحفظات في الحديث عنها.. فالأستاذ فتحي خليل نقيب المحامين «المؤتمر الوطني» أجاب باقتضاب «ليس لدي فكرة». وهاتف د. كمال عبيد مسؤول العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني الذي يرى المراقبون أن الأزمة قد بدأت في ندوته المشتركة مع أبوالقاسم بالسفارة السودانية بجدة.. هاتفه يكتفي بالرنين، وكذا هاتف الدكتور مجذوب الخليفة.
على مستوى الأمنيين والقانونيين تثير القضية كثيراً من الجدل.. فالأستاذ فاروق أبوعيسى المحامي عضو البرلمان عن التجمع الوطني يرى القبض على أبوالقاسم مخالفاً لدستور السودان الانتقالي ويدخل في باب التضييق على حرية الرأي.. ويصف الإجراء بالتجني والانتهاك غير المبرر لحقوق الإنسان ولحرمة شهر رمضان.. ولايرى في هذه الطريقة دعماً للتوافق الوطني.. ويضيف: «حتى إن كان لا يزال يحمل السلاح فقرنق وسلفاكير ومني أركو ونحن كلنا كنا نقاتل».
حيرة
ولا يرى العميد أمن حسن بيومي قانوناً يحاكمه فيتساءل: «هل نقول معارضاً لاتفاق أبوجا؟».. لذلك يقول إن أمام الحكومة خيارين: فإما أن تتهمه بالخيانة العظمى.. وهذا غير وارد.. أو تعتقله حتى يغير موقفه.. لكن ان أُعتقل وحوكم وفقاً لقانون الأمن الوطني -يقول بيومي- فإن القاضي قد يعيد اعتقاله حتى لو برأته المحكمة.
ويعتبر صالح محمود الخبير القانوني أن الاعتقال إذا تم لأنه عبر عن آرائه السياسية فهذا يُعد انتهاكاً صارخاً وواضحاً لحرية التعبير.. والقانون الدولي يتعامل معه كسجين للرأي والضمير كما قال.
أسئلة يرددها البعض: هل الحكومة في حيرة من أمر المهندس أبوالقاسم أحمد أبوالقاسم بعد أن وجدته يرحل لها في طائرة خاصة؟.. هل لاتدري كيف تتعامل ونصب عينيها وضع آيل للانهيار بدارفور؟ وبأي قانون ستحاكمه؟
الأيام القادمة حبلى.
----------------------------
صحيفة الرأي العام
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
محمدين محمد اسحق
Balla Musa
النذير حجازي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست