الصادق وجادين ونقد في مؤتمر إتحاد الكتاب وغياب الترابي وباقان أموم وإبراهيم أحمد عمر

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 02:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-26-2006, 12:36 PM

عثمان حسن الزبير

تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 919

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصادق وجادين ونقد في مؤتمر إتحاد الكتاب وغياب الترابي وباقان أموم وإبراهيم أحمد عمر

    كلمات الأستاذ محمد على جادين والإمام الصادق المهدي ومحمد إبراهيم نقد بمؤتمر اتحاد الكتاب السودانيين
    الجمعة 22 سبتمبر 2006-09-25
    الخرطوم:قاعة الشارقة

    عقد اتحاد الكتاب السودانيين مؤتمراً تحت شعار ( نحو مشروع ديمقراطية للتثاقف السلمي) فى الفترة من 20-22 سبتمبر 2006.
    وفى فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر،عقدت ندوة بقاعة الشارقة بالخرطوم لسماع إفادات القوي السياسية حول رؤيتها لإشكاليات التنوع الثقافي بالسودان بمشاركة كل من الأستاذ محمد على جادين(حزب البعث السوداني) والسيد الصادق المهدي(حزب الأمة القومي) ، والأستاذ محمد إبراهيم نقد (الحزب الشيوعي) ود. معتصم احمد الحاج (الحزب الاتحادي الديمقراطي)، في الوقت الذي غاب فيه عن الحضور من دون تقديم اعتذار عن عدم المشاركة كل من د. حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي والبروفيسور إبراهيم احمد عمر نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني وباقان اموم الأمين العام للحركة الشعبية) ..!!
    الرصد التالي قدمته صحيفة "أخبار اليوم".
    موقف حزب البعث من إشكالية النوع الثقافي !!
    * بعد ترحيب رئيس الاتحاد (البروفيسور يوسف فضل) بالحضور وضيوفه المتحدثين جاءت ضربة البداية مع الاستاذ (محمد علي جادين) ممثل حزب البعث السوداني الذي قال أن قضية إشكاليات التنوع الثقافي بالسودان قديمة إلا أنها طرحت بحده في السنوات الأخيرة وموقف حزب البعث من القضية منشور في أماكن كثيرة واستدل بالوثيقة المهمة التي قدمها الحزب عام 1988م عن الهوية والتنوع ، مؤكدا ان هنالك اتفاق عام بين القوي السياسية حول قضية التنوع الثقافي والاثني ، وأشار الي مؤتمر اسمرا واتفاقية الخرطوم للسلام واتفاقية السلام الشامل بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والتي برغم عيوبها واختلالاتها ناقشت قضية التنوع بشكل مقبول ، مما يحتم ضرورة البدء من هذه الوثائق في حالة الدخول في نقاش حول موضوع التنوع الثقافي .. واعتبر ممثل حزب البعث السوداني ان المسؤولية في القضية مسؤولية الجميع لاحزب بأسمه اوفئة بعينها ، فإشكالية التنوع تحتاج الي حلول اخري اكثر من اجراءات ادارية وحكومية والي تنويع العقلية السودانية حتى تتقبل الاخر وتتحاور معه !!
    جادين : الاشكالية في توجهين متناقضين !
    ولخص الاستاذ محمد علي جادين اشكالية التنوع الثقافي بالسودان في الوقت الراهن في توجهين متناقضين ، متشابهين ..فالاتجاه الاول تمثله نخبة الانقاذ والمؤتمر الوطني وهو اتجاه يضع الدين في اتجاه الهوية الجامعة ، متجاهلا الاديان والثقافات الاخري وربما يعاديها ووسيلته في ذلك سياسة الاسلمة .. ومضي جادين قائلا :
    "هذا التوجه يتناقض مع الاسلام والتراث الاسلامي العربي الذاخر بالحرية .. ويتناقض مع التجربة السودانية في التعايش مع الاديان الثقافات الاخري .. وهو بطبيعته توجه احادي وشمولي يحاول فرض اجتهاداته علي الاخرين ويلغي الاجتهادات الاخري .. والنتيجةالعملية لهذا التوجه وضع الاسلام والعروبة في مأزق اقصائى واتفاقية السلام خففت تفكيك السودان علي اسس دينية وعرقية » ـ
    تحويل الصراع الي اقصائى ...!!
    وعن التوجه الثاني المعاكس والمناقض للتوجه الاول قال ممثل حزب البعث السوداني انه توجه بتركير في وسط النخبة الجنوبية ، وفي الفترة الاخيرة امتد ليشمل نخب شمالية ، ويركز علي تحميل الثقافة الشمالية اسباب الازمة وسيطرة القوي الشمالية (عسكريه - حزبية) علي السلطة ، وانه توجه لاينظر للتفكير الاجتماعي والفكري لتلك السلطة التي امسكت زمام الامور .. مشيرا الي ان هذا الفهم يحول الصراع من اجتماعي سياسي الي صراع اقصائى وصراع هوية .. وقال جادين ان الاتجاه الاول يبسط المشكلة ويبرر بانه طالما ان اللغة العربية والاسلام هما لغة وديانة الغالبية ، فينبغي تمديدهما عبر سياسة الاسلمة والتعريب .. كما ان الاتجاه الثاني يُضخم الامر في اتجاه اعلاء شان المجموعات غير العربية والتقليل من شأن الاخري بل انه يعتبرها جالية وافدة يجب طردها من البلاد .. مشيرا الي ان ما قاله يمثل مجموعة حقائق ينبغي ان يتم نقاشها بشفافية ..
    وقبل ان يغلق جادين ملف النظرة لموضوع التنوع قال ان هنالك توجه اخر طاغي في اوساط النخبة ينظر للتنوع كمسألة غير محدودة ويبحر في تفاصيل التفاصيل مركزا علي جوانب الاختلاف والانقسام ويتجاهل المشتركات بين المجموعات السودانية .. فنظرة تحول السودان الي سودان اثنيات واقليات لارابط بينها وهناك ضرورة لصراعات حول الوطن هي نظرة خاطئة وتوجه خطأ وينبغي ان ننطلق من المشتركات اكثر من المختلفات - والا نتجاهلها ايضا .. وتحدث جادين باسهاب عن جوانب تاريخية لقضية التنوع الثقافي بالسودان عبر حقب مختلفة، مشيرا الي ان السودان دولة مركبة ذات هوية عربية افريقية لابمعني مدرسة (الغابة والصحراء) التي تعتبر انسان الفونج هو نتاج تفاعل العربي مع الافريقي ، مبينا ان هنالك تمايز وتنوع ثقافي بين الشمال والجنوب وان الحركة الجنوبية وصلت الي حق تقرير المصرير علي عكس الحركة في الشمال ، خاتما حديثه بضرورة اشاعة الديمقراطية وتمكين الجميع من تقرير مصيرهم
    الاتحادي وعودة الي وثيقة (1954م)!!
    * الدكتور (معتصم احمد الحاج) ممثل الحزب الاتحادي الديمقراطي اعتمد في حديثه بالندوة علي وثيقة قديمة وهي تصريح من رئيس الحزب عام 1954 مبينا ان اهمية الوثيقة تكمن في ان الحركة السياسية لاتزال تدور في اطارها وقال انهم في الحركة الاتحادية يدعون بانهم اول من استخدم عبارة (السودان الجديد) .. ومضمون الوثيقة يتلخص في انها تحدثت عن السودان الجديد حسب مفهوم الاتحاديين مع الحديث عن ضمانات تقدم لاهل الجنوب وماتمليه ضرورات تلك المرحلة من انهاء للوضع القائم وانهاض السودان مع بذل عناية خاصة بالجنوب والمناطق الريفية النائية -« قبل ميلاد مصطلح المناطق المهمشة »- وذلك دون تميز عنصري او ديني او طائفي ، واعطاء الجنوب انذاك عناية خاصة حتي يلحق بركب الشمال المتقدم نسبيا ، وتنبه الوثيقة الي ضرورة ان لا تكون اللغة العربية عائقا ومع استقلال الثروة الطبيعية والاتجاه للتسامح والتعايش الديني فحق الفرد في حرية العبادة سوف يكون موقف احترام كل السودانيين ، والعمل علي ميلاد سودان جديد حر متحد !
    وقال د. معتصم الحاج ان حزبهم يرى ان السودان بلد متعدد ، متنوع ولا مجال فيه للحديث عن العروبة او الافريقية او اي صراع بينهما ولكنه يتحدث عن الهوية السودانية بكل هذه المكونات .. معتبراً ان اعلاء شأن مكون علي حساب الاخر يمثل انتفاصاً من الهوية .. ويري الحزب ان في العدالة الاجتماعية احداثاً للتوازن و باعتبار انها نمط للحياة لدولة قليلة الموارد وكثيرة الاحتياجات وان يتم التوزيع وفقا للاحتياج لا الجغرافيا ، وفي جانب الدين ضرورة ان ترعي الدولة كل الاديان وان تعمل علي التعبير عن قيمها - من الاتحاد مع مصر - لدول تجمع بينها مصالح استراتيجية واقتصادية ، موضحا انهم يدعون لفكرة اتحاد حول حوض النيل باعتبار ان المياه اصبحت هي قضية استراتيجية .. كما ان الحزب الاتحادي الديمقراطي يدعو الي التعددية السياسية والثقافية والاثنية واطلاق مقدرات الشعب السوداني والتنمية والاعمار.
    نقد: نيفاشا فتحت المسارات للاقليات !!
    * بعد ان اعتذر عن حضوره متأخرا وعقب تقديمه للتهنئة لاتحاد الكتاب السودانيين بمناسبة الميلاد الثاني .. استهل الاستاذ (محمد ابراهيم نقد) السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني حديثه بين شعر (للبحترى) اراد من خلاله ان يصف اتحاد الكتاب بالدراري التي ظهرت من خلال الليل الغيهب ..ثم تحدث عن المسارات التي انفتحت مؤخراً للجيوب المتناثرة والاقليات ..ورجع للصفحة رقم (29) من اتفاقية نيفاشا - طبعة السفارة البريطانية بالخرطوم - ليؤكد ماذهب اليه من حديث عن اللغات المحلية وانه يجوز لهيئة التشريع في اي مستوي اعتماده اي لغة ولا يجوز التعصب وغيرها من حقوق اقرها الدستور في هذا الصدد .. الا ان سكرتير الحزب الشيوعي تساءل بقوله:
    ( من الذي ينتقل بهذا الحق الذي أُقر دستوريا الي الواقع ؟؟) واسترسل بأن الاجابة ليست الحكومة ولكن المثقف ... وطرح في حديثه امثلة لردود الفعل الغاضب جراء اشكالية التـنوع الثقافي بالسودان والتي افرزت اليات معالجة شائهة ، ودلل بمنطقة (جبال النوبه) التي تأتي بمنهج اللغة الانجليزية من كينيا بدلا من ان يتمازجوا مع برنامج اللغة الانجليزية الموجود في السودان .. مشيرا الي انهم لو اتصلوا ببيوت نشر حتي تدرب لهم اساتذة لكان افضل ، وان كينيا في الانجليزي - من الناحية الاكاديمية - ليست افضل من السودان مع ان الكينيين يتحدثون اللغة الانجليزية .. وطالب السكرتير العام للحزب الشيوعي في كلمته بضرورة احياء معهد الدراسات الافريقية والاسيوية .. فالواقع يقول اننا نتعامل مع دراسات متفرقة وكأنها جزر معزولة كما انه ينبغي ان يجمع لذلك اهل التخصصات .. وقال نقد في حديثه ان رجل كـ (شريف حرير) مكانه هنا فهو متخصص في هذا المجال اما الحركة فان اي شخص يمكن ان يقودها ...
    وطالب الحزب الشيوعي علي لسان سكرتيره العام بالاستفادة من تجارب الشعوب فيما يخص اللغات ، وقال ان الكونغرس عندما اجتمع لاجازة اللغة الرئيسية لامريكا كان ترجيح كفة اللغة الانجليزية بصوت واحد لا اكثر ، كما ان الخوف من اندثار بعض اللغات والثقافات امراً مستبعدا واستدل بتاريخ (الاكراد) الضارب في القدم ومحافظتهم علي لغتهم حتي الان
    نقد: اللغة العربية ستفرض نفسها !!
    واسترسل السكرتير العام للحزب الشيوعي الاستاذ محمد ابراهيم نقد في حديثه مشيرا الي ان اتفاقية نيفاشا بها ما يوفر الفرص للتنوع والتعدد الثقافي واللغوي وان اصحاب كل لغة عليهم ان يجتهدوا في تطويرها ، نافيا ان يكون هنالك اي اتجاه لفرض اللغة العربية ولكنها ستفرض نفسها ، وذلك علي قراءته المستقبلية تلك بان تعدد القبائل في جبال النوبة وجنوب السودان لم يمنع التحدث باللغة العربية .. ونادي نقد في ختام حديثه بمنح درجات ذات ميزه او تمايز لمن يتخصصوا في اللغات ...!!
    المهدي ملاحظات وانتقادات
    * ابتدر السيد الصادق المهدي امام الانصار ورئيس حزب الامة القومي حديثه بتحية اتحاد الكتاب السودانيين في مولده الثاني .. وابدي اسفه لعدم حضوره لبعض الجلسات التي دشن بها الاتحاد نشاطه وقدم خلالها عددا من الاوراق وذلك لارتباطه ببرامج اخري ابرزها (ورشة الاصلاح القانوني) .. ثم تحدث المهدي من بعد ذلك بانه اطلع علي النظام الاساسي للاتحاد واوراق المؤتمر .. ولكن سؤال دار بذهنه : ( هل سيتحدثون كزخرف ام عليهم ان يفيدوا شيئاً في الموضوع؟؟) .. ولان ثاني الخلفاء الراشدين سيدنا عمر بن الخطاب قال : «رحم الله امرئ اهدي لي عيوبي» وناقد عالمي معروف قال « أن النقد هو، افضل وسيلة للبناء عرفها الانسان ، فانه لن يكون حديثه زخرفاً .. وبدأ في طرح حزمة من الملاحظات حول النظام الاساسي للاتحاد تلخصت في
    اولا:
    ضمن الاهداف يقول النظام الاساس : ( الدفاع عن حقوق الكتاب والحقوق الدستورية والمواثيق العالمية لحقوق الانسان) فالامام يري انه ينبغي الاتصاف « الحقوق الدستورية» ضمن الاهداف لان الدستور مختلف عليه
    ثانيا
    اقترح المهدي اضافة ضرورة الاهتمام بالترجمة داخل اللغات السودانية والافريقية والعالمية ضمن الاهداف مبينا اهمية تجويد مسألة الترجمة فاللغة هي نقل الفكر
    ثالثا :
    توقف امام الانصار عند ايراد الاتحاد ( تعزيز السيادة) موضحا ان سيادة الشعوب هي التي ينبغي ان نعتز بها ونعظمها .. لأن الحكومات الان تجلد سيادة الشعوب .
    استرداد الاثار وميثاقين ديني وثقافي
    واضاف الصادق المهدي في كلمته الضافية مجموعة من المقترحات ليتم تضمينها ضمن اهداف اتحاد الكتاب - او (اتحادنا) علي حد قوله وهي :
    اولاً : استرداد الاثار المسلوبة لشعوبنا
    ثانيا: تطوير المفاهيم بميثاق ديني واخر ثقافي ، فينبغي الا نقف عند اتفاقية السلام لان تلك المواثيق اساسية في بناء الوطن. والاتفاقية لم تخاطبها بالمستوي المطلوب
    ثالثا تحدث امام الانصار عن ضرورة توحد الكتاب وتوفير فرص عمل للكتاب الشباب وللمرأة والمعوقين وكل المستضعفين.
    رابعاً: اقترح المهدي الا يكون مجلس المحاسبة في يد اللجنة التنفيذية وايلولة الممتلكات لهيئة اهلية ذات اهداف مماثلة لا لمسجل الهيئات .
    انتقادات من (المهدي) لاتحاد الكتاب !!
    وبعد الملاحظات والمقترحات التي قدمها رئيس حزب الامة القومي ، انتقل المهدي الي مربع النقد ، وقدم حزمة من الانتقادات للاتحاد تمثلت في تفضيله (للمصورات) كرمز بدلاً عن رمز الاتحاد لان الاثار فيها جامعة ، والالتزام بالديمقراطية وادخال التوازن وحرص الاتحاد علي التوازن فيما يقدمه من عطاء للمجتمع لكي لا يفتح بابا للصراع داخله او حوله .. ومضي امام الانصار قائلا ان الفكرة الناقدة الرئيسية ان اوراق المؤتمر اختارت كتابات معينة تفتح اشكال مسألة التوازن والافكار بها مجال للنقد وركز علي ورقة واحدة حول ( اطروحة السودان الجديد) التي قدمها د.(الواثق كمير) وقدم جملة من المأخذ علي الورقة منها ضرورة رفض الاستعلاء الديني والثقافي الذي ظهر في السودان القديم ، وماتبنته الانقاذ وسمته (المشروع الحضاري) ينبغي التخلي عنه . ورفض الديمقراطية والعلاقات الخارجية بدون توازن .. والكلام عن السودان القديم وكأنه ظلمات بعضها فوق بعض حديث خطأ ..
    فالورقة سادت الشمولية والديمقراطية .. وقال المهدي انه لا يمكن المساواة بينهما فالديمقراطية الماضية هي التي اعترفت باتحاد الكتاب ودعمته ، والحكومات صادرت ممتلكاته وكان من عيوب الديمقراطية عدم التوازن ولكن الحريات مضمونة وسخر الامام كعادته مستعينا بالامثال الشعبية قائلاً : « جا يتفولح جاب ضقلها يتلولح» ..و(جا يكحلها عماها» وذلك في اطار ان النوايا ليست كافية (فالانقاذ) مثلا جاءت «للانقاذ»
    ومضي المهدي في انتقاداته لورقة كمير التي عاب عليها كتابتها بالانجليزية وكأنما الكتابة بالعربية اتهام وانها تحدثت عن السودان القديم بمظهرين حيث اسقطت جرائم مايو والانقاذ فجهوية الانقاذ وظلامية مايو ادرجت مع الديمقراطية .. وتحدثت الورقة عن الاتفاقية وكأنها فتحت بابا مختلفا والحال مختلفا ، مبينا ان الاتفاقية اوقفت الحرب ولكن الاحوال محتقنة جداً .. وان هنالك فرق بين من قصد الحق فاخطأه ، ومن قصد الباطل فاصابه ، فالنظان الديمقراطي قصد الحق ، وأن اتفاقية السلام ليست آيات منزلة او «بقرة مقدسة» تبحث عن ثديها لترضع .. واضاف بان الاتفاقية حلت تناقض شمالي جنوبي ، ولكنها افرزت تناقضات اخري ..
    ومضي المهدي في توجيهه للنقد للاتفاقية والوضع السياسي الراهن ، بأن المؤتمر الوطني حافظ علي الوضع القانوني الراهن بالتمكين السياسي . ولم يحدد مواقيت معلومة لتغيير القوانين وسخر من ذلك الوضع ببيت لعمر ابن ابي ربيعة قال فيه
    « كلما قلت متي موعدنا .. ضحكت هند وقالت بعد غدٍ»
    المهدي: فصل الدين لم يتحقق بالجنوب !!
    * وقال امام الانصار ان الاتفاقية وضعت سقفاً وقفلت الباب امام تسويات اخري في الغرب والشرق ، مما ابعد فكرة السلام الشامل .. واضاف في معرض نقده لورقة ( د. الواثق كمير) ان صاحب الورقة تحدث عن السودان الجديد ومبدأ فصل الدين عن الدولة ، وقدم اعتذارا عن عدم تحقيق ذلك في الشمال في ايحاء الي انه تحقق في الجنوب .. ولكن القبائل النيلية بالجنوب تحكمها اعراف تتقيد بها ، والاعراف هي شريعة ، والعرف شئ ديني وهو وجه من وجوه العقيدة.
    وقال المهدي ( نعم لتقييم التجربة السابقة في السودان وهندسة جديدة ولكن الاطروحة تعتبر مشروع استقطاب جديد) وختم رئيس حزب الامة القومي كلمته بالمؤتمر ان اداء البشر كله ناقص ، واذا توافرت الديمقراطية والحرية يمكن ان ينصلح الحال ، وانه يرجو اتحاد الكتاب السودانيين لم الشمل .. واكد امام الانصار علي انه مواكب ومطلع علي كل منتوج ابداعي بالمشهد الثقافي قديما كان ام جديدا ، وذلك عندما اسدل الستار علي حديثه بابيات جديدة للشاعر هاشم صديق نشرت قبل ايام شخص فيها الوضع الراهن الان.
    الاب فيلوثاوس يشن هجوما علي مناهج التعليم !!
    بعد كلمات المتحدثين الرئيسيين ..فتحت المنصة التي يدير دفتها البروفيسور (يوسف فضل ) الفرصة للحضور لاثراء الحوار وابداء ارائهم ووجهات نظرهم فتحدث ( الاب فيلوثاوس فرج) في مداخلة ساخرة وذكية ضجت لها القاعة بالضحك استهلها بقوله .
    (الصادق وضع أملا امامنا في اتحاد الكتاب ، مع انه ليس له امل في اي انقلاب لأن اي انقلاب يخيب الأمل) .. واضاف بان هنالك شهور استعملت في انقلابات وثورات واستهلكت ك(مارس- ابريل - مايو - يونيو - اكتوبر) ولكن بامكان الاتحاد ان يفكر في شهر لم يتم استعماله .. واشار الي شهر (مارس) الذي لم يستغل بعد مبينا ان استوحي ذلك من مسرحية عادل امام (الزعيم) ثم شن (ابونا) هجوماً عنيفا علي مناهج التعليم وقال انها فارغة المحتوي ولايمكن تغييرها او زحزحتها الا بكتابات الادباء والكتاب ، وهاجم الانقاذ متهما اياها بالنجاح في الحديث فقط ، وفشلها في التطبيق !!
    كبج : المناهج لا تسمح بالتثاقف العلمي!
    * اما الاستاذ بجامعة الخرطوم « بابكر احمد الحسن» فقد قال ان التكوين الفكري لمن يسيطروا علي السلطات فاقم اشكالية التنوع ، وبات هنالك اقصاء وتحولت من مشكلة مقدور عليها الي ازمة .. والاستاذ ( محمد ابراهيم كبج) قال ان التثاقف الديمقراطي قاصر ولابد من تعميم تعليم الاساس ، فهنالك مناهج لاتسمح بالتثاقف السلمي فماليزيا مفتاح نهضتها التعليم .. وتحدث في المدخلات (جمال ادريس ) من الحزب الناصري مشيراً الي ان العلاج في التحول الي واقع فيه مساواة وحرية .. وتساءل (عبدالعزيز مختار دهب ) المحاضر بجامعة الفاشر عن الكيفية التي يمكن ان يتم بها توطين الحرف اكثر من الخطاب الدعائى واتهم الاحزاب السياسية بالصفوية .. في الوقت الذي قال فيه (عماد الدين موسي جباره) ان اللغة العربية هي لغة التعليمات في الجيش الشعبي وفي الطابور يقولون لك ( انت عربي ده ما واضح !!)
    مداخلات وقضايا !!
    * وتواصلت المداخلات ليشير الاستاذ (محمد المهدي بشري) الي ان النخب التي تقود الاقليات المظلومة تستغلها وتستغل مصالحها والمطالبة بأسمها واعتبر ان قضية التنوع الثقافي بشكل او باخر تمثل قضية اكاديمية وصفوية تبحث صراع السلطة والموارد .. اما المسرحي صاحب الصوت الجهود (عبدالحكيم عامر) فقد قال ان اللغة العربية هي التي يتم التعامل بها في اسواق جوبا من قبل الجميع .. واشار (البشير سهل جمعة) الي ان عمر شعر الاتحاد اكثر من خمسة الاف عام .. وذكر (الطيب المهدي محمد الخير) من جامعة جوبا ان اللغة الانجليزية الان قد اندثرت واللغة العربية تدهورت ..!
    كمال الجزولي و(دوشمان) الصادق المهدي !!
    * الامين العام لاتحاد الكتاب السودانيين الاستاذ كمال الجزولي قال انهم في عام 86 وفي ميلاد الاتحاد الاول كان رئيس الوزراء وقتها السيد الصادق المهدي .. وعندما وقف البروفيسور الراحل (علي المك) قال في كلمته ان علي الحكومة ان تضع نصب اعينها كذا وكذا وكذا ... وعندما جاء دور الصادق للحديث حرص علي ان يقول ينبغي ان يحرص الكتاب علي كذا وكذا وكذا فهو زول «دوشمان» واضاف انهم وقتها منحوا السيد الصادق المهدي عضوية الشرف والان في الميلاد الجديد يمنحونها له ايضا .. ثم قال ان ماذكره المهدي حول (المصورات) وانها جامعة هي نظرية د. جعفر ميرغني وهي غير متفق عليها ومختلف عليها تماما ، في الوقت الذي قال فيه ضمن ملاحظاته علي الاهداف ان الحريات والحقوق الدستورية مختلف عليها ، بينما نجد ان وثيقة الحريات هي اكثر ماهو متفق عليه مشيرا الي ان الامام الصادق في حديثه دعاهم الي العمل بما هو مختلف عليه وترك ماهو متفق عليه !!)
    يوسف فضل يصحح (نقد) ..!!
    * اما رئيس اتحاد الكتاب البروفيسور يوسف فضل فقد صحح حديث محمد ابراهيم نقد فيما يخص معهد الدراسات الافريقية والاسيوية واين هو الان .. موضحا ان المعهد موجود ويواصل عمله في مجالات اللغات .. وانتقد ( يحي حسيب) المحامي في مداخلة عدم اهتمامنا الكبير بدولة (الفونج) التي لم تجد حظها من التمجيد برغم قراءة التجربة وطول تاريخ استمرارها وهي التي بدأت بين رجلين يمثلان ديانتين مختلفين وثقافتين متباينتين هما (عماره دنقس وعبدالله جماع) ، مشيرا الي ان حل مشكلة السودان يأتي من خلال زاوية الثقافة !!
    لماذا غاب ( الترابي - ابراهيم احمد عمر وباقان اموم) !!
    * وفي نقطة نظام وتوضيح طلبها الاستاذ الجزولي من المنصة قال الامين العام لاتحاد الكتاب السودانيين انهم اوصلوا الدعوة الي كل من ( د. حسن عبدالله الترابي والبروفيسور ابراهيم احمد عمر وباقان اموم ) وتأكدوا من وصوله وسرد كيف حدث ذلك مع كل واحد منهم ، وذلك في اطار حرصهم لمشاركة كل القوي السياسية في الادلاء بآرائها وتقديم افاداتها ولكنهم غابوا عن الحضور ولم يعتذروا ، رغم التزامهم بالمشاركة في الجلسة ، ولم يأت بديلا منهم يمثل احزابهم .. واضاف بان هذا التوضيح قصد منه القول بانهم في الاتحاد لم يعزلوا احدا من المشاركة !! .
    الصادق والتعليق علي (الدوشمان)
    * واختتم الجلسة الحوارية المفتوحة بافادات سريعة من السيد الصادق المهدي ، علق فيها علي ما قاله كمال الجزولي ، وقال انه لا يسمي وجهة نظره المختلف فيها مع الاخرين (دوشمان) ولكنها رأي اخر .. واضاف بأنه زار (المصورات) ولم يجدها قصراً ولا معبداً ولا قبراً والكتابات عليها تدل علي انها كانت للدراسات و هو لم يقف عند كلام جعفر ميرغني ولكنه زارها .. ثم اضاف ان ما ذكر وجهة نظر ورأي اخر قد يعمل به الاتحاد وان لم يعمل فانه ( لن ينتحر)
                  

09-27-2006, 01:05 PM

عثمان حسن الزبير

تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 919

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق وجادين ونقد في مؤتمر إتحاد الكتاب وغياب الترابي وباقان أموم وإبراهيم أحمد عمر (Re: عثمان حسن الزبير)

    ...........
                  

09-28-2006, 06:44 AM

Amin Elsayed
<aAmin Elsayed
تاريخ التسجيل: 09-05-2003
مجموع المشاركات: 1252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق وجادين ونقد في مؤتمر إتحاد الكتاب وغياب الترابي وباقان أموم وإبراهيم أحمد عمر (Re: عثمان حسن الزبير)

    Dear comrade Osman
    Please can you provide us with full details of the speech
                  

09-29-2006, 09:04 AM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق وجادين ونقد في مؤتمر إتحاد الكتاب وغياب الترابي وباقان أموم وإبراهيم أحمد عمر (Re: عثمان حسن الزبير)

    مرحبا بعودة الدور الحيوى الهام لاتحاد الكتاب السودانيين
    من الملاحظ النشاط المحموم الذى يقوم به الاستاذ محمد على جادين
    ورؤاه فى مختلف القضايا الفكرية كتابة ومخاطبة وعملا له التحية
    والتحية ايضا للاستاذ محمد ابراهيم نقد الذى يكون للمكان الموجود
    فيه نكهة خاصة والتحية للسيد الصادق المهدى زعيم حزب الامة
    والملاحظ ان هذه القوى الثلاث حزب البعث السودانى ،والحزب الشيوعى
    السودانى ، وحزب الامة القومى ،ساهمت بشكل كبير فى التحركات الاخيرة
    مما يعنى وجودها الحى والكبير بين جماهير الشعب السودانى.
    اما البقية الكيزان باتجاهيهما والحركة فهناك ما يدعوا الا التوقف
    قليلا لدراسة مواقفهم . واذا تفهمنا موقف الكيزان (استنادا على ما
    يجرى تحت الطاولة الان) يصبح من غير المفهوم موقف الحركة الشعبية
    الذى تابعناه منذ ان اصبحت جزءا من الحكومة وهنالك الكثير من الشواهد

    ضياء الدين ميرغنى
                  

09-30-2006, 03:58 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8819

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المؤتمر (Re: عثمان حسن الزبير)

    أوراق مؤتمر الكتاب السودانيين

    صدر كتاب كامل يمثل ملفاً للاوراق التي قدمت في مؤتمر اتحاد الكتاب السودانيين الثاني والذي عقد بقاعة الشارقة بالخرطوم في الفترة من 20-22/9/2006م. وجاء الكتاب تحت شعار: (نحو مشروع ديمقراطي للتثاقف السلمي) والكتاب عبارة عن مجموعة محاور المحور الاول: (تيارات مقاربة التنوع الثقافي في السودان)، والمحور الثاني: (مداخل نظرية لاشكالية التنوع الثقافي في السودان)، المحور الثالث: (الابداع والتنوع الثقافي في السودان).
    نقلا عن الراى العام 28-9-2006
                  

10-07-2006, 06:53 AM

Amin Elsayed
<aAmin Elsayed
تاريخ التسجيل: 09-05-2003
مجموع المشاركات: 1252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق وجادين ونقد في مؤتمر إتحاد الكتاب وغياب الترابي وباقان أموم وإبراهيم أحمد عمر (Re: عثمان حسن الزبير)

    مكرر

    (عدل بواسطة Amin Elsayed on 10-07-2006, 06:57 AM)

                  

10-07-2006, 06:55 AM

Amin Elsayed
<aAmin Elsayed
تاريخ التسجيل: 09-05-2003
مجموع المشاركات: 1252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصادق وجادين ونقد في مؤتمر إتحاد الكتاب وغياب الترابي وباقان أموم وإبراهيم أحمد عمر (Re: عثمان حسن الزبير)

    النص الكامل لورقة جادين
    إشكالية التنوع الثقافي في السودان

    محمد علي جادين

    بمناسبة انعقاد مؤتمره العام في ميلاده الثاني، نظم اتحاد الكتاب السودانيين ندوة حول رؤية الأحزاب السودانية لاشكالية التنوع الثقافي في السودان، يوم الجمعة 22 سبتمبر الجاري وقد شاركت بمداخلة تعكس رؤية حزب البعث العربي الاشتراكي السوداني، ونسبه لأهمية الموضوع سوف أتناول طرح هذه الرؤية في هذه الزاوية بهدف تعميم الفائدة وتوسيع الحوار حول هذه القضية المهمة، ونبدأ بتأكيد أن هناك الآن اتفاقاً عاماً وسط الأحزاب السياسية السودانية حول حقائق التعدد والتنوع الثقافي والاثني الديني في البلاد، ويتجسد ذلك في عدة وثائق واتفاقيات طرحت في عقد التسعينيات الماضي، وبداية هذا العقد:

    1- مقررات مؤتمر اسمرا حول القضايا المصيرية في عام 1995، ويمثل ذلك وجهة نظر قوى المعارضة ممثلة في التجمع الوطني الديمقراطي الذي يضم الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب الأمة وقوى المعارضة الأخرى كافة.

    2- اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997 بين حكومة الانقاذ وبعض القوى الجنوبية، ويمثل ذلك وجهة نظر الحكومة والجبهة القومية الإسلامية، والاتفاقية تطرح أفكاراً واضحة حول التنوع الثقافي في البلاد تقترب كثيراً من طرح مقررات مؤتمر أسمرا حول القضايا المصيرية .1995

    3- هناك اتفاقية السلام الشامل بين حكومة الانقاذ والحركة الشعبية في 9 يناير .2005 وهي الاتفاقية التي أدت إلى تكوين حكومة الوحدة الوطنية في 9 يوليو 2005 ووجدت دعماً ومساندة دولية واقليمية واسعة، وفي الداخل وجدت تأييد ودعم القوى السياسية كافة مع تحفظات وانتقادات لثنائيتها وعدم شمولها لجوانب الأزمة السودانية، ومع أن الجانب الثقافي بشكل أضعف جوانبها فقد أكدت الاتفاقية على حقائق التنوع الثقافي وحق المجموعات السكانية المختلفة في تطوير لغاتها وثقافاتها أضافة إلى خصوصية انتماء السودان ودوره في محيطه العربي والإفريقي وتوازن سياسته الخارجية في اطار هذا المحيط.

    والواقع أن هذا الاتفاق الواسع يستند إلى إعلان كوكادام بين الحركة الشعبية والأحزاب السياسية في بداية 1986 وإلى اتفاقية الميرغني-قرنق بين الحركة والحزب الاتحادي الديمقراطي في نوفمبر 1988، وذلك إضافة إلى تطورات عديدة تمتد منذ مؤتمر جوبا 1947 حتى مؤتمر المائدة المستديرة في 1965 ومع كل ذلك، فالعبرة ليست في الوثائق والاتفاقيات المكتوبة وإنما في تطبيقها في الواقع العملي، ولذلك يمكن القول إن قضية التنوع الثقافي لاتزال تطرح نفسها في الواقع السوداني وهي تحتاج إلى جهد أكبر وأوسع بحكم تعقيدها واختلافها النوعي عن قضايا السلطة والثروة. ولا أريد هنا مناقشة موقف حزب البعث السوداني من هذه القضية في الفترات السابقة فقد كفانا د. حيدر إبراهيم بما أورده من مقتطفات حول هذا الموقف في ورقته التي قدمها في يوم الخميس 21 سبتمبر الماضي، وأشير هنا إلى وثيقة حول (الهوية السودانية) التي طرحها الحزب في بداية عام 1989 كمساهمة في المؤتمر الدستوري الوطني، الذي كان سيعقد في سبتمبر من العام نفسه، وأشير أيضاً إلى كتابات حديثة خاصة كتاب عبدالعزيز حسين الصاوي حوارات الهوية والوحدة الوطنية في السودان، مركز الدراسات السودانية القاهرة 1996، هذه الكتابات يمكن الرجوع إليها لمتابعة ما طرحته من أفكار وآراء.

    اشكالية التنوع الثقافي في السودان في الوقت الراهن تتمثل في عقبة أساسية، يجسدها توجهان متطرفان ومتناقضان ومتشابهان في الوقت نفسه. التوجه الأول يضع الدين الإسلامي في مواجهة الهوية الوطنية الجامعة وتمثله الجبهة الإسلامية القومية ونخبة الانقاذ الحاكمة ودوائر محددة وسط القوى المهيمنة التقليدية في الشمال، هذا التوجه يحاول فرض مفهوم يقوم على الإسلام والثقافة العربية الإسلامية، وبالتالي معاداة الثقافات والأديان الوطنية الأخرى، وهو يعمل على تبسيط مشكلة الهوية ويحصرها فقط في الدين وفي اجتهاداته الخاصة بحزب الجبهة الإسلامية، ولذلك يتجاهل حقائق التنوع الثقافي والاثني والديني في البلاد، وهو في ذلك يتناقض مع التراث العربي الإسلامي ومع التجربة السودانية المليئان بقيم الحرية والتسامح والتفاعل مع الآخر، وهذا التوجه يحاول تحقيق طروحاته باسلمة وتعريب المجموعات السكانية غير العربية بكل الطرق الممكنة، وعلى رأسها سلطة الدولة السياسية والعسكرية والاقتصادية وهو بطبيعته توجه ديكتاتوري شمولي وآحادي، وأدى عمليا في العقدين الأخيرين إلى ادخال الإسلام والعروبة السودانية في مأزق اقصاء الآخر وورطة عدم القدرة على التعايش مع المجموعات الوطنية الأخرى، وخاصة المجموعات الجنوبية وهو بذلك يخاطر بالإسلام وبالعروبة وبمكانتهما الكبيرة في الهوية السودانية ودورهما الرئيس في بناء الكيان السوداني الحالي، وبالتالي يحملهما مسؤولية تفكيك البلاد على أسس دينية وعرقية، وهذا التوجه لايزال مستمراً حتى بعد اتفاقية السلام الشامل ومرور اكثر من عام على البدء في تنفيذها، ويتركز بشكل أساسي وسط نخبة الانقاذ المسيطرة.

    والتوجه الثاني هو توجه معاكس للتوجه الأول وكرد فعل له، ويتركز بشكل أساسي وسط القوى الجنوبية، وفي السنوات الأخيرة أصبحت له امتدادات وسط النخبة الشمالية، خاصة وسط الدوائر المثقفة والحركات المسلحة في دارفور وجبال النوبة والشرق، ويركز هذا التوجه على تحميل الثقافة العربية الشمالية في عمومها مسؤولية الأزمة الوطنية الشاملة الجارية في البلاد طيلة سنوات فترة ما بعد الاستقلال، وذلك استناداً إلى سيطرة القوى المهيمنة الشمالية (المدنية والعسكرية) على السلطة طيلة هذه الفترة وسياساتها التي أدت إلى استبعاد الجنوب ومناطق أخرى في الشمال، وتهميشه وتخلفه وهذا التوجه يعتبر هذه السيطرة نتاجاً لجوهر ثابت في الثقافة العربية الإسلامية والهوية الشمالية، وليس فقط نتيجة للتركيبة الفكرية والاجتماعية للقوى المسيطرة (البرجوازية، شبه الاقطاعية، البرجوازية البروقراطية والفئات الطفيلية) وبذلك يحول التركيز من العوامل الاقتصادية الاجتماعية إلى العامل الثقافي والقومي والديني، وبذلك يتحول الصراع من صراع سياسي اجتماعي إلى صراع ثقافات وهويات كما هو واضح في كتابات فرانسيس دينق، خاصة كتابه (صراع الرؤى) وكل ذلك بهدف تغيير جذور الأزمة الوطنية الشاملة الجارية في البلاد وكيفية معالجتها، ومن هنا تلاحظ أن هذا التوجه تماماً كالتوجه الأول، يعمل على تبسيط اشكالية التنوع الثقافي والاثني والديني في السودان، وذلك عن طريق تضخيم حقائق هذا التنوع في اتجاه اعلاء شأن المجموعات والثقافات غير العربية (سمها الافريقية) باعتبارها أساس الهوية والثقافة السودانية وبالتالي تقليل شأن الثقافة العربية السودانية والهوية القومية الشمالية واعتبارها (أقلية مسيطرة) وفي بعض الأحيان (جالية أجنبية) وافدة يجب طردها من البلاد، هذا التوجه يقود إلى نفي الثقافة العربية الشمالية، ووضع تناقض موهوم بين الانتماء العربي الإسلامي في الهوية السودانية وانتمائها السوداني والأفريقي، وهذا يعني عملياً رفض حقائق التنوع الثقافي القائمة في أرض الواقع، ويعني أيضاً نفي صفة (الأفريقية) عن الشمال لمجرد أنه (عربي مسلم) وذلك دون تقدير لوجود أكثر من ثلاثة أرباع الأمة العربية في بلدان شمال أفريقيا، أو لدور العروبة السودانية الأساسي في بناء الكيان السوداني وتوطيد وحدته الوطنية حتى الآن، والواقع أن هذا التوجه يركز على الاختلافات ويتجاهل المشتركات وعوامل الاندماج الوطني الجارية في أرض الواقع حتى في ظروف الحرب الأهلية في السنوات السابقة، وهو بذلك يحول السودان إلى سودان اقليات و اثنيات لاتربطها أي مشتركات ثقافية ودينية أو مصالح اقتصادية اجتماعية، فهل يؤدي ذلك فعلاً إلى معالجة الأزمة الوطنية الشاملة الجارية في البلاد؟!، أم إلى تفكيك الكيان السوداني على أسس دينية وعرقية؟.

    هناك توجه عام ينظر إلى قضية التنوع الثقافي والأثني والديني كتنوع وتعدد غير محدود ولا نهائي، وبالتالي ينظر للمجموعات السكانية الوطنية كجزر معزولةعن بعضها لاتربطها أي مشتركات. وهذا اتجاه خطير يؤدي عملياً إلى تفكيك الكيان السوداني الموحد على اسس عرقية ودينية، ويستند هذا التوجه على الاحصاء السكاني الأول 1955 الذي تم في نهاية الحكم الثنائي، ولكن هذا الاحصاء يجب التعامل معه بوعي ومسؤولية، بسبب عيوبه الفنية ومعاييره المعتمدة في تصنيف المجموعات الاثنية المختلفة، فهو يعتمد تصنيفاً عرقياً غير علمي، ويفترض فوارق واختلافات موهومة بين المجموعات السكانية في الشمال والجنوب على السواء، ويتجاهل عمليات التمازج والتداخل والاندماج الوطني الجارية في وسطها.

    وكل ذلك لا يقلل من قيمته، ولكن احصائياته تظل فقط تمثل الاتجاهات الشعبية في نظرة السكان لبعضهم وعلاقاتهم التاريخية والحدود التي يتحركون ويكسبون معاشهم في ربوعها، ونتيجة لكل ذلك يجب النظر لاشكالية التنوع الثقافي والاثني والديني في حدودها الواقعية في اطار الثقافة السودانية الجامعة بين الجنوب والشمال وداخل الجنوب والشمال في الوقت نفسه.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de