|
|
 د الحسن المثني حول حادث إنهيار فصل بمدرسة نيالا: والشهيدة سامية الحلو لا بواكي لها !!
|
والشهيدة سامية الحلو لا بواكي لها !!
د. الحسن المثنى عمر الفاروق
[email protected]
توشحت مدينة نيالا ثوب الحداد لفقد المربية الفاضلة والمعلمة الشهيدة الأستاذة سامية محمد آدم الحلو التي انهار عليها الفصل وهي تحاول إنقاذ حياة تلميذاتها ، وقد فقدت المدينة أيضاً تلميذتين بينما لحقت بباقي التلميذات إصابات متفاوتة وصفت بعضها بالخطيرة.
وهو حادث يُلْفِت النظر إلى ظاهرة سقوط الفصول والمباني الحكومية ، فبعد عمارة جامعة الرباط التي تمت تسويتها وخرج منها الوزير وقريبه المقاول كما تخرج الشعرة من العجينة عندما قام وزير العدل بـ(لملمة) الموضوع من باب (إذا سرق فيهم الشريف تركوه) فعاد المقاول من سجنه إلى الحياة مرة أخرى ليمارس بناء العمارات القاتلة ، أما الوزير المحارب فقد انقضت استراحته ليطل علينا في منصب أخطر ، وبعد سقوط هذه العمارة وقع حادث داخلية طالبات الفاشر ليصيب أيضاً عدداً من الطالبات ، ثم تكتمل الصورة المقيتة بسقوط هذا الفصل الذي أودى بحياة معلمة فاضلة لا ذنب لها سوى أنها معلمة في مدارس الإنقاذ التي صارت تتداعى وتتساقط كأوراق الخريف رغم أنف ثورة التعليم والمشروع الحضاري.
والقاسم المشترك بين هذه الانهيارات في المباني أنها مبان حكومية بعضها حديث البناء والآخر تمت صيانته حديثاً كداخلية طالبات الفاشر.
والذي يفترض في المباني الحكومية أن يتم تشييدها وفقاً لمواصفات ومعايير تنص عليها قوانين هندسية صارمة وبعد ذلك يتم استلامها بإجراءات خاصة يُسْتوثَق أثناءها من صلاحية المبنى بعد مراجعته مراجعة هندسية دقيقة ، ولكن غياب المؤسسية في عهد الإنقاذ واستشراء الفساد أدى إلى وقوع مثل هذه الكوارث المتتالية.
وقد هُرِع إلى مكان الحادث والمستشفى والي ولاية جنوب دارفور الذي انشغل هو وغيره من ولاة دارفور بتعبئة الجماهير وتجييش الجيوش فصاروا متعهدي مسيرات ومقاولي احتفالات جوفاء فارغة أفرغت خزينة الولايات التي لم يعد فيها ما يقابل حاجة الجماهير الصابرة من خدمات وتنمية ، انصرف هم الولاة إلى إرضاء سادتهم في الخرطوم تاركين أمر البنيات التحتية للمقاولين الفاسدين والمهندسين الفاشلين الذين لا هم لهم سوى نهب أموال هذا الشعب ، كيف لا ولهم في سادتهم الكبار أسوة وقدوة.
وأكثر ما يثير الغضب تبريرات قادة الإنقاذ لمثل هذه الحوادث ، فوزير التربية القومي بعد أن أبدى أسفه ـ الذي لا يقدم ولا يؤخر ـ قال: إن المسؤولية تضامنية لا يمكن التنصل منها ، وهو كلام جميل لو قاله في نص استقالته من الوزارة بعد اعترافه بالفشل ، لكنه قول للاستهلاك المحلي ، لأنه ساق في ثناياه العذر له ولأركان وزارته بالخرطوم ـ وهو عذر أقبح من الذنب ـ حين نص في تصريحه على أن المدرسة بناها المجلس التربوي وليس الوزارة التي أصدرت قراراً بشأن تشييد المدارس حددت فيها مواصفاتها وهو قول يكذبه واقع المدارس الحكومية التي رفع وزير التربية وحكومته يده عنها منذ زمن فصار جيل الإنقاذ من أبناء السودان نهباً للمدارس الخاصة مدارس الجشع والانتهازية ، مدارس استغلت تهرب الدولة من أوجب واجباتها وهو مجانية التعليم لتبتز المواطن السوداني في أعز مطلب هو العلم ، فتكاثرت هذه المدارس بشكل سرطاني وصرتَ ترى بين كل مدرسة منها مدرسة ومدرسه. قول الوزير يكذبه فشل الإنقاذ في الإيفاء بأبسط متطلبات الحياة التعليمية في مدارس الخرطوم المهترئة ناهيك عن مدارس الولايات التي تشكو لطوب الأرض ، فولي أمر التلميذ يدفع طيلة أيام الأسبوع ليقابل احتياجات مدارس هذا الوزير الفاشل وحكومته الفاسدة وما ذكره الوزير أدعى لأن يكون عليه لا له إذ كيف لحكومة مسؤولة أن تترك أمر بناء مرافقها في المدارس للمجالس التربوية ، التي لا هم لها سوى جباية الأموال من أولياء أمور التلاميذ عن طريق التهديد والابتزاز بطرد أبنائهم من المدارس ليدفعوا عن يدٍ وهم صاغرون. وأقترح على حكومة الوحدة اللا وطنية أن تغير اسم وزارة التربية إلى وزارة المدارس الخاصة لأنه ليس ثمة مدارس تديرها هذه الوزارة سوى المدارس الخاصة التي تأخذ منها الإتاوات نظير إطلاق يدها لنهب هذا الشعب الصابر.
الأستاذة سامية محمد آدم استشهدت وهي حامل في شهرها الثامن ، قدمت روحها فداء لبناتها تلميذات مدرسة رفيدة الابتدائية بنيالا ، لتكون قرباناً يحكي عمق مأساتنا في السودان وما آل إليه أمرنا تحت يد هؤلاء الساسة الذين فقدنا الثقة فيهم تماماً ولم يعودا يمثلون لنا سوى عبئاً ثقيلاً ومثالاً للجشع والمحسوبية والفساد إنهم صورة لأسوأ ما يكون عليه الحاكم المذل لشعبه الظالم له.
وقد أعجبتني مقولة الدكتور قطبي المهدي أحد أركان النظام التي قالها في لحظة من الصدق والشفافية قلما نجدها عند هؤلاء القوم يقول ـ في لقاء أجرته معه صحيفة الوطن ـ: ( وإذا السودانيين شعروا بأن لديهم قيادة أمينة على مصالحهم سيظل الصف الوطني متماسكاً مهما واجهته من صعوبات ومن معاناة ونستطيع أن نجابه معظم المشاكل والتحديات التي تواجهنا، إذا فقد الناس الثقة في القيادة أو في النظام نفسه فإن هذا يشكّل خطورة كبيرة جداً في الظروف الحالية وبالتالي أي تغاضٍ عن الفساد خطر ماحق لأن رأسمال الحكومة ثقة الناس في طهارتها وأمانتها.. وإذا فقدت هذا ستفقد كل شيء ... في تقديري يجب أن تكون هنالك ثورة داخل الثورة ولتكن البداية بمواجهة مسألة الفساد).
ونحن نقول له: لقد فقدنا الثقة في هذه الحكومة ، فقدنا الثقة في رموزها أعلاهم وأدناهم فإما أن تواجهوا هذا الفساد يا د/ قطبي كما ذكرت وإلا فانتظروا الطوفان وهو طوفان سيغرق الجميع ولا تغرنكم الجيوش التي جيشتموها فهي لن تغني عنكم من الله شيئاً ولا يخدعنكم مشائخ الضلال الذين يطبلون لكم بأنكم فرقة ناجية منصورة بإذن الله ، فنصر الله له شروطه التي ما حققتم شرطاً واحداً منها ودونكم الطغاة والظلمة والجبابرة الذين سادوا الدنيا أين هم؟ فدولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة ولا يتنازع اثنان داخل السودان وخارجه على مقدار الظلم الذي وقع في عهدكم وهو كفيل بكم فليهنأ معارضوكم فهم ليسوا في حاجة إلى أي تحرك فأنت تخربون بيوتكم بأيديكم ببغيكم وقديماً قيل: البغي مرتع مبتغيه وخيم.
المصدر:
www.sudaneseonline.com
|
|
 
|
|
|
|
هشام المجمر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست