|
|
 هل كان محمــد طـــه معـارضـــــاً للنظــــام ؟
|
علي الرغم من أن المرحوم الشـــهيد محمد طه محمد أحمد يعد من رموز الجبهة الإســلامية و من الموالين و الداعمين لنظــام حكم الإنقــاذ،
و علي الرغم من أنه - كما يعتقد الكثيرون - صاحب دور في تمكين حزب الجبهــة من ســدة الحكم و قيام و ترســــيخ نظـــام الحكم الحالي في البلاد،
إلا أن مواقف المرحوم الشــهيد محمد طه المعارضـة لبعض ســياســات النظــام و لبعض قادة الحزب لا يمكن تجــاوزها أو إنكارهـــا، فهي مواقف مشـــهودة و بينة تابعها الناس من خلال كتاباته بالصحف أو أحاديثية في المنابر المختلفة.
قد يختلف الناس حول تقييم هذه المواقف التي إتخذها المرحوم محمد طه ضــد النظــام و رموزه علي مر السنوات.
فقد يراهــا البعض محدودة الأثر و التأثير، ولا ترقي لمســـتوي أن توصــف بأنهــا معارضــة للنظــام بإعتبار أنها صــادرة من صــديق قلبه مع النظــام لا ضده. أو بمعني آخر قد يرونهــا (نقد بنــاء) لنظام يراه هؤلاء (البعض) نظاماً غير شرعياً يجب أن يســـعي الناس كل الناس من أجل (هدمه) لا من أجل (بنائـه) أو (إصــلاحه).
إلا أننا نري أن محمد طه الذي أعمل ســـلاحه ( سلاح الكلمة المســموعة و المقروءة) بكل مهارة لكســب التأييد لحزب الجبهة الإسلامية و من بعدها المؤتمر و من ثم نظام الإنقاذ، قد عاد يســتخدم ذات الســـلاح في توجيه النقد لبعض ممارسات الحكم و رموزه التي يعتقد أنها تتعارض مع المبادئ التي أعلنوها و التي ظل محمد طه يدعو لها.
ما كان لأحد يعرف محمد طه و متابع لمسيرته السياسية أن يتوقع منه أن يصــير معارضاً لحزب الجبهة أو لنظام الإنقاذ بين ليلـة و ضحــاها كما يتمني الكثيرون. لأن محمد طه ظل يحلم و يدعو لقيام دولة إسلامية عادلة، و كان يؤمن أن الطريق إليها يمر عبر الجبهة الإسلامية وأن حكومة الإنقاذ الوطني هي أول درجات السلم نحو بلوغها.
الذي كان يقوم به محمد طه هو عبارة عن إعتراف علني - لا يقدم به إلا من كان صادقاً مع ربه و مع نفسه - بوجود أخطاء في الممارسة و هو كشــف علني عن تلك الأخطـاء و توجيه النقد لممارسـيها بكل شجاعة و جرأة. ربما كان يعتبرها أخطـاء ناتجـة عن ممارسات الأفراد و ليســت أخطــاء في المنهج المتبع، لكنه كان يكشفها علي كل حال.
و مع إســتمرار تلك الممارسـة النقدية، أدرك (الحكمــاء) من أهل النظام و من المعارضــة علي حد ســواء (خطورتهــا). و عرفوا أن ما يقوم به محمد طه يصـب في إطــار (و شـــهد شــاهد من أهلها) و هي شهادة ســيكون لها الأثر الســـلبي علي شـــعبية و جماهيرية حزب الجبهـة و ســـط قواعـده و المتعاطفين معــه بدافـع ديني، لما عرف عن محمد طه من إلتزام بالممارسة الدينية و زهد منذ أن كان طالباً و أستاذاً جامعياً.
كان محمد طه هو أول من تجرأ من الأسلاميين بإزالة القدســية من أميرهم الترابي و آل بيته - قصة عصام الترابي المعروفة-
و أنه الوحيد بينهم الذي ظل يمارس دوراً ناقداً لسياسات الدولة الإقتصادية التي أدت إلي تقسيم الناس إلي طبقات، أكبرها طبقة المســحوقين. وكان يذكرهم بأن ذلك يتعارض مع مبادئ دولة العدالة الإسلامية(دولة عمر بن الخطاب) التي ظل يحلم بها.
وأنه ظل ينتقد ممارسات بعض رموزهم في مظاهر البذخ و الترف و يدعوهم لوضع سياسات تصب في مصلحة الضعفاء و الفقراء حتي عرف فيما بينهم بأبي ذر.
و أنه كان يســتغل تواجده - بحكم موقعه الحزبي - مع القادة و المسـئولين لإيصــال صوته مباشرة
و أنه - عليه رحمة الله- كان قد تعرض لكثير من العقوبات و المضايقات من (إخوانه) في أجهزة الدولة مما يدل علي أنهم ضاقوا به و بإنتقاداته ذرعــاً و يريدون إسـكاته.
لا نقول أن الشــهيد محمد طه كان معارضـــاً للجبهة الإسلامية التي دبرت إنقلاب يونيو و لا نقول أنه كان معارضــاً لنظام الإنقاذ غير الشرعي، ولكننا نقول أنه كان بالنســـبة لكثير من الإســلاميين و من يتعاطف معهم بدافع ديني ، عبارة عن مرآة موضوعــة في قلب النظــام، تكشــف لهم بعض العيوب فيرونها عين اليقين، وهي نفس العيوب التي طالما رددها علي مسامعهم إعلام المعارضــة لكنها لم ثجد عندهم آذانــاً صــاغية.
لقد أســقط محمد طــه قنــاع القدســية عن الكثيرين من أهل النظام، و كشــف عن حقيقتهم أمام أنصارهم و مواليهم علي أنهم بشـــر عاديون يخطئون و يظلمون و يسـرقون و يأكلون حق الناس بالباطل. و حيد (جعلهم محايدون) الكثيرين ممن كانوا منحازيين للنظام. و ذلك في تقديري يكافي ما قدمته القنوات الإعلامية لكثير من قوي المعارضــة مجتمعــة. والله أعلم
اللهم أرحم محمد طه و أغفر له و أدخله فسيح جناتك مع الصديقين و الشهداء. آمين
|
|
 
|
|
|
|
خالد الأيوبي
السنجك
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست