|
همسٌ حميم إلى ناعسة العينين (2)
|
همس حميم إلى ناعسة العينين (2)
د . ابوبكر يوسف إبراهيم
أمام حبنا عجز اللسان عن الحديث: حبيبتي؛ تعلمين أنني نويت السفر وهو سيكون أول غياب لي بعد لقيانا لأول مرة ومنذ أن تعارفنا وتطورت العلاقة بيننا من تعارف عارض إلى إرتباط وجداني وفكري وعاطفي... أول غياب بعد ثلاثة أشهر من بداية التعارف... ما بين إستعدادي للسفر وإلى السفر كنت أحاول الكتابة إليك يا سيدتي علّني أجد لديك شيء من الراحة التي أنشدها لنفسي حتى أبتعد عن كل ما كان يؤرقني من تفاعلات الماضي .. خاصة وأن معك أعيش المكان وبدأت لا أفكر في هموم وتعقيدات الزمان وأشعر عند الحديث إليك أو حينما أتلقى رسالة منك بالراحة والهدوء والأمان وهي عوامل تساعدني على أن أعيش في حبك بعمق وتساعدني على الكتابة إليك بعد إيجاد الفكرة والمضمون والمعنى للكلمة التي أكتبها وأقدمها لك عبرمشاعري. ( الكلمة) هي الجسر الوحيد الممدود لعبوري إليك ووصولي لك؛ هي الطريق الوحيد المتاح لي والمتبقي بعد أن قمت في حبك بإستهلاك كل الحروف وكافة أشكال المفردات وعميقات المعاني التي حاولت العثور عليها لتعبر عما بي من أجلك.. لكي تكون همزة الوصل وكلمة السر وترنيمة العشق وأنشودة الحب فيما بيننا. حبيبتي؛ حين أغيب كما أخبرتك أحس وكأنما يستوحش الروض وتطرق زنابقه لإفتقاد ك يا زهرة القرنفل.. فالقرنقل يضوع بأريجه روحي الجدباء.. عندها أطلب منك أن تسألي الليل الذي نلتقي في حبه وسأسأل أنا كل أزهار الروض من نرجس وليلك وخزامي كيف يشق عليّ وعليهم إفتقاد زهرة القرنفل؟ فتجيب الأزاهير:- أواه ؛ ما أقسى أن نفتقد القرنقل من روضٍ كان يزهو بتواجدها اليانع البليل!!! حبيبتي؛ ما زلت أسأل نفسي أما زلنا في حاجة للكلام؟ والصمت الذي فينا بات أبلغ من كل الكلام!! ... اجابتي أنني لا أعتقد، لأن للعشق الذي ولد فينا جذوره تبقى على الدوام... لا أعتقد، والشوق فينا حديث شفاه لا ينطق سوى بالحب وبكل مفردات الهيام.. هل ما زلنا يا حبيبتي في حاجة إلى الكلام؟ ... لا أعتقد يا قطر الندى وإطلالة الصبح وإبتسام الأيام... لا أعتقد لأنك لهفة اللقاء وغاية المنى ومنتهى العشق والغرام. لذا أنا لن أطالبك بالكلام!!! ولأني أحبك سأمتنع يا حبيبتي عن كل أنواع الكلام حتى أعود من سفري ، فصباحاتك عشق بالنسبة لي وليل أنت فيه كأس من الحب حين أتذوقها أذوب في حالة وجدانية هي غيبوبة الحب!! حبيبتي ، هكذا إنفرجتُ عليك كمد غامر من الحب له أجنحة وأيدي وأنفاس، جئتك كحفيف من ثرثرة الزبد وكإهتزاز قصبٍ عبق ، وأنا كعشب تقرضه الأنفاس والرغبات ،وأنت مصخية بنباتك وبراريك وثمارك وتمائم من ذكريات تنتفض بلا مقدمات أو تواريخ بلا وساوس أو نذور ولا إشارات سوى ما تنبئه الروح والجسد من تجليات وما يستوريه كأنه الهشيم على حواسٍ مبهمة!!إننا نعيش الحب لفلذات من ليلٍ محروس ومن نهار قِطَع الصبح، نعيشه كتنفس النخيل، نعيشه كقطف الليلك من شفة ، إننا نعيش الحب في أزهى أوقاته كسنوات من الليل المبلول ؛ حبنا مثل عيون إستغرقت في لحظات حميمية ملياً وهنياً ورضياً دون إعتبار للزمان وبلا وقت، الصبح وما يشبعه ، والظهيرة وما يرفعها على أبراجها ، والأقمار وما ينزفها من شدة إلتهاب الشجر عليها وما لغلالات محمومة تتمدد على البصائر والجفون. هكذا حبنا وريد ينهر وريداً ، سماء تتنفس بصيص نيازك ، تلتحم فيه كل الأمور والأجناس والمقاصد والخير والطير والحمائم وهديلها الخبيء!! حبنا هو مرونة الأغصان بلا إحتباس، أنت هفيف من ملاءآت صبورة ، أطويك وتطويني نحن الأثنين كمن نستعير سنوات عريقة وعالية وأنفاساً من قمح السهول ، طراوةً من عتمة الينابيع ، وبريقاً مسلولاً من لهف الأحبة ، فأخالني أعود من سفري وأضمك فتطوينني وتنسابين زائغة من ربيع إلى فاكهة ، ومن صيفٍ إلى بستان، ومن أعمارٍ عديدة إلى أنفاسٍ متقطعة... تكاثرينني وأضاعف تساقطك عليّ . وإلى الغد
|
|
|
|
|
|