مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 10:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-02-2006, 10:16 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير

    الطالبة عوضية وجامعة الأحفاد والحلم الكردفاني الذي مات باكراً:

    مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف



    د. حامد البشير
    [email protected]

    في عام 1992م و أثناء عملي بجامعة الخرطوم طلبت مني إدارة جامعة الأحفاد للبنات ممثلة في شخص الإنسان المتفرد البروفيسور قاسم بدري التعاون في تدريس مادة علم الإجتماع لطالبات الصّف الأول ببعض كليات الجامعة و قد قبلت على الفور خاصة و أنّ التدريس في جامعة الأحفاد ذات الرسالة المميزة الداعية لنصرة المرأة و تعليمها شرفاً لا يضاهيه شرف. و قاسم بدري من الناس الذين لا تستطيع أن ترد لهم طلباً و هو قلما يطلب طلباً. رجل أهم ما يميزه النبل و الأدب و حب الناس خاصة ً البسطاء و الفقراء و قضاء حوائجهم.

    بعد عامين من العمل في جامعة الأحفاد, توطدت علاقتي بكل أساتذتها و عمالها و موظفيها و الذين بحق يمثلون أسرة واحدة و قد أصبحت جزءاً منها. و كانت هناك الكوكبة المميزة من أسرة بابكر بدري التي تميّزت بالمبادرة و نكران الذات و قد إختارت لنفسها مع بقية الزملاء و الزميلات العبء التاريخي بأن تكون خادماً و راعياً لتعليم المرأة في السودان و خاصة الفتاة الريفية. و هي لعمري مبادرة متميزة حتى على مستوى القارة الإفريقية. و في صيف عام 1994م و بعد حفل بهيج لطالبات أمّه لفيف من وجهاء المجتمع و الدبلوماسيون الأجانب, سألني البروفيسور قاسم بدري عن رأيي حول حفل التخرج في الليلة الماضية, فقلت له : لقد كان الإحتفال بديعاً من كل الجوانب إلاّ من جانب واحدٍ و هو أنّني لم ألحظ تمثيلا ً كبيراً لبنات الريف من الأقاليم الأقل نمواً وسط المتخرجات. فرد البروفسور قاسم مستنكراً و واثقاً رغم إجابتي المفاجئة و غير المتوقعة "حتى هذا التمثيل الذي لاحظته هو بمبادرتنا نحن حيث نركب عرباتنا كل عام و نجوب فيافي كردفان و دارفور و الشرق و الشمالية نبحث عن بنات يحضرن للقبول و لبعضهن الإقامة مجاناً في الأحفاد. و ما زلنا نعطي المنح لكل بنات الأقاليم في السودان و المصروفات التي نأخذها من البنات الميسورات لصرفها على بنات الأقاليم و الحفر الفقيرات زائداً تغطية نفقات التسيير العادية للجامعة من كهرباء و ماء و مباني و مرتبات للأساتذة و الموظفين و العمال و وقود للمركبات و صيانة المباني و الإنشاءات الضرورية للتوسع الأفقي و الرأسي للإستجابة للطلب المتزايد لتعليم البنات. لكن المشكلة في تعليم البنات من الأقاليم مرتبطة بالتقاليد الإجتماعية غير الداعمة لتعليم البنات خاصة خارج إطار المجتمع المحلي.- و زاد متحدياً - أنت, أنا حأعطيك منحاً لخمسة بنات من ريف كردفان(الذي تنتمي إليه و تعرفه) ليدرسن في الأحفاد مجاناً كل عام فحاول أن تأتي بهنّ إن إستطعت" و قبلتُ التحدي و كان في الخاطر شيء من الفرح و شيء من الخوف من الفشل الذي تعقبه الشماتة. و بالفعل قد فشلت في العامين الأولين أن أجد للمنحة طالبة واحدة من أسرتي الكبيرة في كردفان و كنت أجوب القرى المجاورة لقريتي و المدن الصغيرة في العطلات أبشر بتعليم البنات في الأحفاد يعاونني في ذلك زوجتي وبعض الأصدقاء و المعارف المستنيرين في المجتمع المحلي, و لكن كل ذلك كان دون جدوى. و كنت كلما ألتقي البروفسور قاسم أتمنى ألا يـأتي إلي بتلك السيرة التي إنتصرت فيها التقاليد على إدارة الإصلاح.

    و في عام 1995 نجحت في تجنيد طالبة واحدة, (هبة أحمد موسى) ثم إثنتين في العام الذي يليه (الدكتورة علوية الوكيل أبو و الدكتورة إيمان مالك عبد الرحمن من الدلبخ ومن قرية الحاجز على التوالي). وتزايد عدد الطالبات الراغبات في الدراسة الجامعية رويداً رويداً إلى أن وصل إلى أكثر من مائة طالبة في العام الواحد. و قد وافقت الجامعة أن تقبل منهن ثلاثون كل عام واستمر القبول بهذا الرقم إبتداءاً من عام 2000 م إلى الآن, حيث حتى الآن بلغ عدد البنات اللائي درسن و اللائي ما زلن يدرسن عن طريق هذه المنحة الكريمة من الأحفاد 153 طالبة جلهن من الأسر الفقيرة في جنوب و شمال و غرب كردفان من الفلاحين و الرعاة و العمال و صغار الموظفين و الحرفيين من كل القبائل و الإثنيات التي تزين المنطقة كالثوب الزاهي متعدد الألوان و الحق يقال بعض هؤلاء الطالبات من النيل ألأبيض و من أم درمان و من دارفور أيضاً. كانت تلك ثورة قادتها جامعة الأحفاد في الأصقاع و الأرياف البعيدة في كردفان, وطدت من خلالها و بصورة عملية التعايش السلمي المدعوم بالتعليم و استـثـارة الوعي و الإستنارة خاصة في ذلك الجزء العزيز من الوطن (جنوب كردفان) الذي عانى طويلا ً من ويلات الحرب الأهلية و التهميش و تمرد الطبيعة حيث كثيراً ما تتأبى شذرات المطر على حبات الرمل الذي طال به الإنتظار لـ (بلْ الريق). و أنا من كل تلك الثورة التعليمية كان فقط دوري هو دور المسهل و الوسيط الذي حُبى بثقة الطرفين, الأحفاد من جهة و آباء و أسر و البنات الدارسات من جهة أخرى.

    و أكثر ما أثلج صدري هو أن أطلقن علي بناتي الطالبات و آباؤهن و أسرهن كنية الأب و أنا أرى أنه شرف أحق به أسرة الأحفاد و فريقها العطوف على الطالبات بقيادة البروفسور الأب قاسم بدري, و الأمهات البروفسور آمنة الصادق و الدكتورة عواطف مصطفى و الأستاذة فادية حسين و الأستاذة ليلى كرار و الدكتورة آسيا مكاوي والبروفسور بلقيس بدري و الدكتورة سعاد موسى و الدكتورة صديقة أوشي و الأستاذة عالية كرار و الأستاذة سمية الطيب و الدكتورة آمنة رحمة و فريق كلية الطب و الصيدلة و غيرهم و القائمة تطول من الشرفاء و الشريفات الذين أعطوا بلا حدود لتعليم البنات في ريف كردفان و في كل السودان.

    و في صباح ذات يوم من خريف 1999 م و أنا في مكتبي بجامعة الخرطوم تملؤني كآبة منبعها الضبابية التي تسود في الشأن العام في السودان و يغشوني نوع من اليأس الذي لا يحسه إلاّ النشطاء الذين ينشدون التغيير الإيجابي المستعصي في المجتمع و من حولهم في ذاك الأثناء طرقت على باب مكتبي (طرقاً خافتاً) شابة لم تتجاوز التاسعة عشر ربيعاً تسلم علي و تقول بصوت خافت لكنه واثق : أنا إسمي عوضية أمين أخت طالبك محمد أمين من قرية الفرشاية في جنوب كردفان أريدك أن تساعدني أن أدرس في جامعة الأحفاد بأم درمان . رجعت بذاكرتي إلى محمد أمين و تذكرته حيث الفضل و الأدب يسيران على رجلين مؤكداً لي من جديد صدقية المثل الشعبي : (إن داير تشوف فاطمة في البيت شوف محمد في السوق) و قد "شفت" بالفعل محمد أمين في قاعات الدراسة في جامعة الخرطوم و الآن "شفت" عوضية في الجامعة أيضاً.

    فكان ردي لها بعد حين لماذا لا تكتفين بالقدر الذي نلت من التعليم الآن ؟ و كنت في ذلك أسعى لاستنطاقها لأتبين المواهب فيها عملا ً بالقول العربي : (تحدث لأعرفك). و جاء ردها أكثر ثقة و في الحال : أنا أريد أن أتعلم حتى درجة الدكتوراة لأكون نموذجاً لبنات قريتي و منطقتي اللآئي أقعدتهن التقاليد و القيم الثقافية البالية عن النهضة و عن التعليم وزادت : البنات عندنا في ذلك الجزء من الوطن معتقلات في سجون الثقافة و تحرسهن عساكر من إنكشارية التقاليد السالبة التي تحط من قدرهن و تحرمهن من أبسط الحقوق و هو حق التعليم و حق المساهمة في صنع حاضرهن ومستقبلهن و في حاضر و مستقبل مجتمعاتهن أيضاً و أردفت : نسبة التعليم في منطقتي ما زالت لا تزيد عن 25% للأولاد و 10 % للبنات, و جل البنات في قريتي و القرى المجاورة يقطعن مشوار التعليم و يتزوجن باكراً قبل أن يكملن ستة عشر ربيعاً و كذلك تموت الأحلام فيهن باكراً تماماً كموت وردة الخريف الموسمية في ساڨنا كردفان. و بذلك تستمر في أرياف كردفان دوامة خضوع و إتكال المرأة على الرجل مكرسة ديمومة التهميش الإجتماعي و الذي غالباً ما يلازمه العنف ضد المرأة و النتاج النهائي من كل ذلك هو تأنيث الفقر و تأنيث الحرمان و تأنيث الإتكال الإقتصادي, و زادت : أنا أريد أن أتعلم ليس فقط لذاتي أو لأسرتي الصغيرة بل لمجتمعي الصغير و الكبير الذي إختار (طوعاً و جهلا ً) أن يجمد طاقات المرأة الكامنة , أنا أريد أن أتعلم كثيراً لأؤكد على إنسانية المرأة و لأؤكد أنّ التعليم العالي لا يعني الإنفصال عن المجتمع الصغير أو الترفع عليه بل هو الأداة الفعالة لتغيير ذات المجتمع نحو آفاق أرحب من النهضة و نحو التوثب و الإنطلاق. و استمرت في القول بلهجة بدا معها الإنفعال واضحاً : أريد أن أتعلم في الأحفاد بأم درمان حتى أرجع إلى الوطن الصغير لأكون نموذجاً للصغيرات و أخلصهن قبل أن تقع على رؤوسهن الصغيرة فؤوس الخنوع و الزواج المبكر و مصادرة المستقبل و قبل أن يتم تسجيلهن عضوات دائمات في لجان الأمية و الحرمان المستديم. أريد أن أؤكد على عبثية كثير من النظريات في الريف القائلة بانفصال المتعلمين و "إنطلاقة" المتعلمات, و كذلك عبثية أنّ "المرأة إن بقت فأس ما بتكسر الرأس", أنا لا أريد أن أكون إمرأة تكسر الرأس بل إمرأة تبني عقولا ً و تشيد رؤوساً كم هشمتها التيارات الظلامية و برامج تغبيش الوعي و مصادرة الحقوق التي أصبحت سائدة في المجتمع. أريد أن أكون ثورة لصالح السلام الإجتماعي بين مختلف الإثنيات في جنوب كردفان. أريد أن أتعلم كثيراً لأدافع بالإنابة عن آلاف النساء اللآئي يمتن عاماً بعد عام تحت وطأة داية الحبل و هن يسعين من خلال الولادة أن يهبن إستمرارية لمجتمع يرد إليهن الجميل بالظلم و الحرمان. أريد أن أدافع عن آلاف البنات اللآئي يقضين 20% من أعمارهن و هن يحملن القلل و الجرار و "القرب" الملئ بالماء على رؤوسهن لمسافات تصل إلى عشرات الكيلومترات في أرياف كردفان الجدباء ليسقين العطشى ثم ليطعمن الجوعى و ليصنعن الحياة لأفراد الأسرة خاصة الرجال منها و الذين يدخل كل "عملهم" حتى "لعب السيجة" و "الضالة" منه في حسابات الدخل القومي و ذلك لأن الحساب عندنا في الريف السوداني "ولد" بالمعنى الذكوري – الشيفوني للكلمة- .

    و تسمرت أنا في كرسي القديم و لم أرد بكلمة على الطالبة عوضية أمين و التي كان حديثها بالنسبة لي يعني برنامجاً كاملاً و رؤية "ثورية" ثاقبة و مرافعة نافذة لصالح النهضة النسوية في ريف كردفان بل و في الريف السوداني عامة. لقد تأسست أمامي فجأة صورة كاملة لمحكمة في حالة إنعقاد : عوضية أمين هي التي ترافع فيها بالإنابة عن المرأة السودانية الريفية, المتهم فيها المجتمع التقليدي و الدولة فاقدة الوعي و الإلتزام تجاه قضايا المرأة و الشاهدان فيها هما التاريخ و الحاضر (ليكملان شهادة رجل واحد) و القاضي هو علم الإجتماع النقدي الذي أنتمي إليه أنا.

    و ما كانت إلاّ لحظة و إنطلقت بسيارتي الداتسون موديل 1980 (و التي في العادة لا تجيد الإنطلاق) نحو أم درمان البقعة ميمماً وجهي نحو الأحفاد حيث أنّ الدخول للبروفسور قاسم بدري و الدكتورة عواطف مصطفى لا يحتاج إلى ضرب المواعيد المسبقة و لم تمض لحظات إلا و قد تم القبول و سجل إسم الطالبة عوضية أمين ولقبها (الحلم الأخضر) في دفاتر جامعة الأحفاد للبنات كلية التنمية الريفية للعام 1999 م. و بدأت الدراسة و كانت الطالبة عوضية تكبر كل يوم في جامعة الأحفاد و بعد كل محاضرة و كذا يكبر في داخلها (الحلم الأخضر). و كانت تكبر أكثر حينما تلتقي بالبنات من مختلف أجزاء السودان ويتقاسمن الهم المشترك و كذلك الأمل المشترك. و رويداً رويداً بدأت تتضح عندها ملامح مشروع النهضة و الإستنارة و التغيير الذي تنشده المرأة في ريف كردفان و الذي طالما حلمت به منذ طفولتها الباكرة في قريتها الفرشاية في جنوب كردفان.

    واصلت عوضية دراستها الجامعية و كانت مثالا ً نادرًا في المثابرة و الأصالة و العطاء لمجتمع الجامعة و مجتمع القرية التي زاد إرتباطها به كلما تقدمت بها سنوات الجامعة و التعليم. و فوق ذلك كانت مثالا ً للتفوق الأكاديمي و التميز الإجتماعي الذي أكسبته ألقاً بروحها المرحة. وكنت ألتقيها و زميلاتها عند حضوري للسودان في عطلاتي السنوية بعد أن أبعدتني ضرورات المعيشة و مضايقات السياسة عن وطن و عن مهنة في جامعة الخرطوم و الأحفاد هما الأحب إلى النفس.

    كانت عوضية و زميلاتها من جنوب كردفان يقمن لي الإحتفالات الصغيرة و يقدمن فيها المسرحيات التي تتحدث عن التغيير و عن النهضة الإجتماعية المرتقبة في الريف الكردفاني. و كنت أرى في كل ذلك أنّ هؤلاء الطالبات ما هنّ إلاّ إمتداد لنفسي التواقة لذلك التغيير و أيضاً كنت أرى في طالباتي و منهنّ عوضية ذلك النصف الشجاع مني الذي بقي على أرض الوطن الذي فر منه مكرهاً نصفي الآخر.

    و في عام 2005 م تخرجت عوضية من جامعة الأحفاد و كان حدثاً داوياً كم إنتظرته الأسرة و المنطقة و القرية. و هو حتماً من نوع الأحداث التي يؤرخ بها أهلنا في الريف الذي ما زال يمتاز برتابة المنوال الحياتي و مشقته و التي تماثل تماماً مسير قوافل الإبل و هي تضرب أكبادها على درب الأربعين الطويل العابر لصحراء كردفان و حداة الليل يرددون في إصرار معاند أنّ السايقة واصلة "و لا بد من صنعاء و إن طال السفر". يبدو أنّ عوضية أمين منذ طفولتها قد تشربت ذلك الإصرار و تلك العزيمة الصماء من صحراء كردفان العنيدة التي أكسبت الناس هناك كل ملامحهم حتى الجوانية منها. و قبيل تخرجها بقليل كانت عوضية تعد العدة لإقامة المحاضرات في القرية و القرى المجاورة بقصد تحفيز البنات و الأمهات لدعم محاربة العادات الضارة و هي محاولة قصدت منها أيضاً تجسير العلاقة و بناء الثقة بين القرية و المدينة الكبيرة الخرطوم التي تطاولت إلى أعلى و إنحدرت إلى أسفل تاركة وراءها الريف الغربي يتلظى في صقيع كردفان البارد الطويل و في نهار دارفور الذي أحرقت فيه الشمس الأرض و رأى فيه الأطفال نجوم السماء عند الظهيرة "القايلة". وكانت في ذلك الأثناء القرية (الفرشاية) تخرج عن صمتها الطويل لتبدأ الإعداد لإحتفال الخريجة الجامعية التي ذهبت إلى الأحفاد و ستقفل راجعة غانمة مملوءة بالعلم و بالقيم و بحب الريف الذي غادرته قبل خمس سنوات. كان خبر تخرج عوضية حدثاً حرك كل فعاليات المجتمع في قرية الفرشاية و القرى المجاورة و هو حديث لا يضاهيه إلا دخول حمدان أبو عنجة لهذه القرية منتصراً إبان الثورة المهدية قبل أكثر من 120 عاماً.

    طفلات مدرسة القرية أعددن المسرحيات لإستقبال عوضية يوم الخميس (بعد يوم من تخرجها) حيث يتشرفن بمصافحة النجاح الذي تمثله عوضية و للإستماع لها حول تجربة السنوات الخمس التي قضتها في المدينة الكبيرة أم درمان في كنف جامعة الأحفاد للبنات و كأنّ عوضية ستقول لهن و ستعملنها يوماً ما (you will do it one day).

    شباب القرية بدورهم قد أعدوا برنامجاً رياضياً لتشرفة الخريجة عوضية عند وصولها عصراً بالبص القادم من الخرطوم! كيف لا و هي التي رفعت رأسهم عالياً و رأس المنطقة و كأن لسان حالهم يقول: "المرأة إن تعلمت بترفع الرأس". كان تعليم عوضية ليس فقط مدعاة لتغيير الألفاظ في القرية بل لتغيير الحكم و الأمثال و القناعات المتوارثة من قبل أن تحكم حتشبثوت مصر و السودان و بلاد بونت. أمّا شيوخ القرية فقد أصابتهم الغيرة و قرروا الإحتفال بعودة عوضية الظافرة و خصصوا لذلك خطبة الجمعة حول ضرورة تعليم البنات بعد نجاح عوضية الباهر و إرتباطها الأصيل بمجتمع القرية و من عجب كان ذلك الإحتفال الديني بقيادة خطيب المسجد الذي كان يرى قبل خمسة أعوامٍ أنّ المرأة كلها عورة و أنّ تعليمها يجب ألاّ يتعدى سور الصلاة و الإستغفار لأنها مخلوق من ضلع أعوج مكتوب عليه كثرة الإستغفار و الصبر على المكاره و الإنكسار. لقد كان تعليم و تخرج عوضية كثورة أبي حامدٍ الغزالي الذي قال بأنّه "قد انكسرت زجاجة التقليد" و كثورة المهدي الذي قال أنّه لكل وقت و مقامٍ حال و لكل زمان و مكان رجال (و نساء). و فجأة إكتشف الفكي في قرية الفرشاية حديث الرسول صلى الله عليه و سلم "خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء" و تحول موقعه من "كابت" إلى داعية لتعليم المرأة و لنيل الحقوق و للنهضة النسوية.

    و كانت الأسرة قد أعدت الولائم و وزعت الدعوات لكل القرى و المدن المجاورة و للأصدقاء و الأهل الذين بدأ بعضهم يتوافد إلى حيث الحدث الكبير. و يوم الخميس كان هو اليوم المعدّ لبداية الإحتفالات بدءاً بكرنفالات الأطفال مروراً بمهرجانات الشباب وخطب الرجال و صلواتهم و دعواتهم و إنتهاءاً بالعرس الذي حيكت له الملابس الجديدة و نضم له (الجرتق) و تخضبت له النساء و أعدت له الولائم. و في عصر الخميس كان الجميع في إنتظار عوضية حتى الشيخات و الشيوخ الطاعنون في السن قرروا فجأةً أن يلعبوا (لعبة العجائز) إحتفالاً بعودة عوضية الظافرة و لقد إرتدوا لذلك الزاهي من الملابس بقدر ما تبقى من زهو في العمر الذي أكلت منه السنون و الأيام. إنه اليوم الذي تمرد فيه كل الناس في القرية على أعمارهم و على أدوارهم الجندرية التي حاكتها لهم الثقافة و المجتمع. و كانت القرية كلها عبارة عن مسرح كبير في إنتظار البطلة التي ستظهر فجأة على الخشبة أمام المشاهدين و هي تحمل في يدها اليمنى شهادة جامعة الأحفاد و في اليد اليسرى شهادة الولاء للوطن الكبير والوطن الصغير و لقضايا نهضة المرأة الريفية الملحة في كردفان و في كل السودان.

    كان الجميع في القرية بين منتظر و مترقب لظهور عوضية و هم مصطفون فرادى و جماعات و تحت ظلال أشجار النيم و فوق سقوف المنازل و الأشجار و زاد من الجلبة في المكان الواسع نبيح الكلاب و صهيل الخيول و ثغاء صغار الأبقار و الأغنام حيث أنه الوقت الذي تعود فيه الأمهات إلى صغارها في القرية, و كذلك صياح الأطفال و أهازيجهم التي جعلت المكان في زحام و هياج تام بحيث أنّ (العميان شايل الكسيح). و ركب الأطرش الواحد في القرية سليمان الحصان الحقيقي الواحد في القرية و ركب الآخرون خيولاً من القصب و كان آخر حصان أصيل في القرية قد مات بموت آخر فارس من فرسان المهدية في القرية : دمدوم جرة. ولكن في تلك اللحظة ترجلت عوضية عن صهوة الحياة و غابت كما تغيب البطلات في الأسطورة الإغريقية القديمة, و هاج الجمع الذي إختلط عنده مفهوم الذهاب و الإياب و الحضور و الغياب وكذلك الشروق و الغروب.

    نعم......ماتت عوضية بالملاريا و بقيت منها المعاني و القيم و الرموز الماثـلة في كل طفلات الريف الوادعات في كردفان و في السودان: المثابرة و العطاء و الحلم الكبير الباكر حيث هي قيم و أحلام أبدية للبنات جسدتها الأحفاد و بابكر و يوسف و قاسم بدري و جميعهم مرسومون في الذاكرة الكردفانية الجمعية ومحفورون بعمق في ذاكرة الفلاحين و الرعاة الذين أتاحت لهم الأحفاد سبل النهضة و التحول الإجتماعي المنشود في جنوب كردفان و في شمالها وفي شرق السودان وفي جنوبه بل وفي كل السودان.

    ستبقى عوضية أمين في أحاجي البنات و في "أحلام البنات" و في مدارس البنات و في رسومات الأطفال بل و في أساطير الحبوبات و في منتديات الرجال حينما يتسامرون بشيفونية ذكورية عارمة في ضوء القمر و على الرمال في كردفان عن (بنت الرجال) و ( بت القبائل) و (بت الأصول) تماماً كما كانت "فاطمة السمحة" في الأسطورة السودانية و التاريخ النسائي الشفاهي في كردفان.

    العزاء إلى من كانت تتطلع عوضية لتقتفي أثرهن من النساء في السودان : ملكة الدار و نفيسة كامل و نفيسة أحمد الأمين و حاجة كاشف و سعاد إبراهيم عيسى و نفيسة المليك وساره الفاضل و كل الركب الميمون من نساء الوطن اللآئي عبرن بسفينة النهضة النسوية نحو الحداثة و التغيير ورفع شأن المرأة رغم التيارات المناهضة . لقد ماتت عوضية باكراً كما تموت شجيرة "أم ريحان" في كردفان ذات الحياة القصيرة (التي تمتد من الخريف إلى الدرتْ) مخلَفة وراءها قدراً من العبق و السيرة العطرة التي عطرت بها سماء جنوب كردفان وسماء قريتها الفرشاية و التي بموتها قد إفترشت حزناً جارحاً و مراً كنبات السلعلع الذي قلما ينمو على جنبات القرية. لقد ماتت عوضية واقفة كما تموت أشجار التبلدى التي تزين – كالياقوت الأخضر – جيد قريتها التي تفترش محيطاً هادئاً من الرمال الصفراء, لقد ماتت كما تموت أشجار الهشاب التي تجزل العطاء للمزارع وتموت قبل أن تكمل عامها العاشر. و بين عطر شجيرات الريحان و شموخ أشجار التبلدى و عطاء أشجار الهشاب للمحتاجين لقد ماتت عوضية أمين موتاً كردفانياً عبَرت من خلاله مجددا ً عن صدق الولاء و الإنتماء لكردفان في الحياة و عند الموت. و جميع من كان في الإنتظار بالقرية عندها قد إشتم رائحة التراب و منهم من قال إنه من سيل الدموع على الرمال ومنهم من قال إنه رائحة تراب قبر عوضية (الأخدر) و بين هذا و ذاك أتى من داخل الجمع القروي الصامت المملؤء بالدهشة صوت مبحوح لطفلة لم تتجاوز السبعة أعوام (من المصطفات لأداء كورال عوضية) لتصيح معلنة : إنها رائحة إمتزاج التراب بالمطر إنه الدعاش إنه الخريف الذي يتشبث فيه الرعاة و المزارعون في الريف (أهل عوضية) بتجدد الأمل و بإستمرارية الحياة رغم نوبات الجفاف المتواترة. و تقدم من بين الصفوف شاب وسيم هو خطيب عوضية ليعلن أن عوضية كانت تعشق الخريف و المطر و التراب ولذلك كانت كنيتها الأمل الأخضر و قد كانت عوضية وفية لكنيتها الكردفانية حتى عند الموت. و وقفت أسرة عوضية و يتقدمها محمد و عبد السلام و هي تؤكد مجدداً أنّ مشوار حياة عوضية لم يكن طويلاً هادئاً كسيمفونية بيتهوفن في ليالي فينيسيا الصامتة, بل كانت عزفاً كردفانياً (كالمردوم) مليئاً بالحيوية و سرعة الإيقاع و جماعية كورال القرية التي ما فتئت تشدو أنشودة الوطن و أنشودة المطر و أنشودة الشمس التي غربت باكراً في ذلك اليوم.

    و أنا في غربتي في بوخارست أعزي نفسي و أقول حتماً هنالك الآلاف من الطفلات الصغيرات في ريف كردفان و في ريف السودان هن سائرات (و ثائرات) على نهج عوضية وسيصبحن بذوراً للنهضة النسوية التي طال إنتظارها في ريف كردفان الشاحب و في الريف السوداني الذي يزداد نحافة لتزداد تخمة العاصمة و تخمة أولي الأمر.

    عزائي لأسرة عوضية في الفرشاية و الدلنج و الخرطوم و لأسرتي و لأسرة الأحفاد و لطالبات جنوب كردفان في جامعة الأحفاد. اللهم إجعل قبرها روضة من رياض الجنة "و الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إناّ إليه راجعون" صدق الله العظيم, و عزائي لفريق منظمة بادية التي تنشد الغد الأفضل لجنوب كردفان, هالة, إنتصار, هند ، فاطمة ، أحمد ، إسماعيل ، عمر و عبد الجليل. و عزائي لكل رائدات النهضة النسوية الحديثة في جنوب كردفان و للمعلمين و المعلمات في كردفان الذين من قبل عشرين عاماً ظلوا يحاربون الجهل بلا سيوف و بلا عصي و بلا مال حتى تشابكوا معه بالأيدي و بأسنانهم, وأقول لهم: أن واصلوا جهدكم في إصرار الصحراء و أمل الخريف و فرح الدرت و صباح ا########## والسايقة واصلة. و في ذلك لقد كانت عوضية أول من إبتدع جغرافية الموت في كشف المتلازمة الحميمة بين الزمان و المكان و الموت على طريقة التبلدي و الريحان: النباتان الأشمخ و الأقصر عمراً على التوالي في البادية الكردفانية.

    * ماتت عوضية بعد التخرج مباشرة وقبل الزواج مباشرة بمرض الملاريا !
                  

09-03-2006, 12:20 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير (Re: munswor almophtah)

    إذا بدأت قراءتها فسوف لا ولن تقف حتى إذاوقفت أنفاسك لا أعرف كاتبها ولكنه سبكها وأحسن قدحتها فلا محالةإنك قاطع أصبعك فيها...





    منصور
                  

09-03-2006, 01:52 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير (Re: munswor almophtah)

    كان الجميع في القرية بين منتظر و مترقب لظهور عوضية و هم مصطفون فرادى و جماعات و تحت ظلال أشجار النيم و فوق سقوف المنازل و الأشجار و زاد من الجلبة في المكان الواسع نبيح الكلاب و صهيل الخيول و ثغاء صغار الأبقار و الأغنام حيث أنه الوقت الذي تعود فيه الأمهات إلى صغارها في القرية, و كذلك صياح الأطفال و أهازيجهم التي جعلت المكان في زحام و هياج تام بحيث أنّ (العميان شايل الكسيح). و ركب الأطرش الواحد في القرية سليمان الحصان الحقيقي الواحد في القرية و ركب الآخرون خيولاً من القصب و كان آخر حصان أصيل في القرية قد مات بموت آخر فارس من فرسان المهدية في القرية : دمدوم جرة. ولكن في تلك اللحظة ترجلت عوضية عن صهوة الحياة و غابت كما تغيب البطلات في الأسطورة الإغريقية القديمة, و هاج الجمع الذي إختلط عنده مفهوم الذهاب و الإياب و الحضور و الغياب وكذلك الشروق و الغروب.
                  

09-04-2006, 00:56 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير (Re: munswor almophtah)

    و في صباح ذات يوم من خريف 1999 م و أنا في مكتبي بجامعة الخرطوم تملؤني كآبة منبعها الضبابية التي تسود في الشأن العام في السودان و يغشوني نوع من اليأس الذي لا يحسه إلاّ النشطاء الذين ينشدون التغيير الإيجابي المستعصي في المجتمع و من حولهم في ذاك الأثناء طرقت على باب مكتبي (طرقاً خافتاً) شابة لم تتجاوز التاسعة عشر ربيعاً تسلم علي و تقول بصوت خافت لكنه واثق : أنا إسمي عوضية أمين أخت طالبك محمد أمين من قرية الفرشاية في جنوب كردفان أريدك أن تساعدني أن أدرس في جامعة الأحفاد بأم درمان . رجعت بذاكرتي إلى محمد أمين و تذكرته حيث الفضل و الأدب يسيران على رجلين مؤكداً لي من جديد صدقية المثل الشعبي : (إن داير تشوف فاطمة في البيت شوف محمد في السوق) و قد "شفت" بالفعل محمد أمين في قاعات الدراسة في جامعة الخرطوم و الآن "شفت" عوضية في الجامعة أيضاً.
                  

09-04-2006, 08:06 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير (Re: munswor almophtah)

    و في صباح ذات يوم من خريف 1999 م و أنا في مكتبي بجامعة الخرطوم تملؤني كآبة منبعها الضبابية التي تسود في الشأن العام في السودان و يغشوني نوع من اليأس الذي لا يحسه إلاّ النشطاء الذين ينشدون التغيير الإيجابي المستعصي في المجتمع و من حولهم في ذاك الأثناء طرقت على باب مكتبي (طرقاً خافتاً) شابة لم تتجاوز التاسعة عشر ربيعاً تسلم علي و تقول بصوت خافت لكنه واثق : أنا إسمي عوضية أمين أخت طالبك محمد أمين من قرية الفرشاية في جنوب كردفان أريدك أن تساعدني أن أدرس في جامعة الأحفاد بأم درمان . رجعت بذاكرتي إلى محمد أمين و تذكرته حيث الفضل و الأدب يسيران على رجلين مؤكداً لي من جديد صدقية المثل الشعبي : (إن داير تشوف فاطمة في البيت شوف محمد في السوق) و قد "شفت" بالفعل محمد أمين في قاعات الدراسة في جامعة الخرطوم و الآن "شفت" عوضية في الجامعة أيضاً.
                  

09-05-2006, 01:51 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير (Re: munswor almophtah)

    و في عام 2005 م تخرجت عوضية من جامعة الأحفاد و كان حدثاً داوياً كم إنتظرته الأسرة و المنطقة و القرية. و هو حتماً من نوع الأحداث التي يؤرخ بها أهلنا في الريف الذي ما زال يمتاز برتابة المنوال الحياتي و مشقته و التي تماثل تماماً مسير قوافل الإبل و هي تضرب أكبادها على درب الأربعين الطويل العابر لصحراء كردفان و حداة الليل يرددون في إصرار معاند أنّ السايقة واصلة "و لا بد من صنعاء و إن طال السفر". يبدو أنّ عوضية أمين منذ طفولتها قد تشربت ذلك الإصرار و تلك العزيمة الصماء من صحراء كردفان العنيدة التي أكسبت الناس هناك كل ملامحهم حتى الجوانية منها. و قبيل تخرجها بقليل كانت عوضية تعد العدة لإقامة المحاضرات في القرية و القرى المجاورة بقصد تحفيز البنات و الأمهات لدعم محاربة العادات الضارة و هي محاولة قصدت منها أيضاً تجسير العلاقة و بناء الثقة بين القرية و المدينة الكبيرة الخرطوم التي تطاولت إلى أعلى و إنحدرت إلى أسفل تاركة وراءها الريف الغربي يتلظى في صقيع كردفان البارد الطويل و في نهار دارفور الذي أحرقت فيه الشمس الأرض و رأى فيه الأطفال نجوم السماء عند الظهيرة "القايلة". وكانت في ذلك الأثناء القرية (الفرشاية) تخرج عن صمتها الطويل لتبدأ الإعداد لإحتفال الخريجة الجامعية التي ذهبت إلى الأحفاد و ستقفل راجعة غانمة مملوءة بالعلم و بالقيم و بحب الريف الذي غادرته قبل خمس سنوات. كان خبر تخرج عوضية حدثاً حرك كل فعاليات المجتمع في قرية الفرشاية و القرى المجاورة و هو حديث لا يضاهيه إلا دخول حمدان أبو عنجة لهذه القرية منتصراً إبان الثورة المهدية قبل أكثر من 120 عاماً.
                  

09-04-2006, 08:51 AM

lana mahdi
<alana mahdi
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 16049

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير (Re: munswor almophtah)

    الحبيب منصور
    تحية و تقدير
    كاتب المقال دكتور حامد البشير القيادي في حزب الأمة و منارة من منارات العلم و الأدب و الثقافة و الإستنارة
    لك محبتي
    لنا
                  

09-04-2006, 03:37 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير (Re: lana mahdi)

    الأخت الأستاذه لنا السلام ورحمة الله وبركاته ذلك الكاتب كتبها واحسن كتابتها فقد سمع بكامل أذنيه كل ما قالت وقال كل ما ما ضنت به خشية أن لا تسهب فرحمها الله وجزى ذلك الدكتور الدكتور خير الجزاء




    منصور
                  

09-05-2006, 01:59 AM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير (Re: munswor almophtah)

    شكراً منصور .. وشكرا د. حامد البشير ولأسرة الأحفادة رواد تعليم المرأة
    في السودان .. والعزاء لأسرة عوضية ولكردفان

    وليتها لو أسهبت وأسهب الدكتور حامد البشير في هذا الموضوع الذي
    يؤرق مجتمعاً كبيراً لا زالت قطاعات كبيرة منه مرتهنة لقيم بالية ..
    مجتمع لا يتنفس أفراده إلا وهم يتلفتون .. يتلقون إعلاء شان المحافظة
    على السائد دون تمحيص .. ليبقي الخبيث والطيب في وعاء واحد يفقدانه
    الإتزان والقدرة على السير مع ثورية عوضية الراشدة المكتشفة لأهمية
    أن تعرف لتساهم في كسر محددات مجتمعها وكوابح تقدمه .. ستبقى روح
    عوضية وكلماتها في إحتفالات إستقبالها ملهمة .. سيبقي من أعدوا لها
    الإستقبال وقد رأوا الفرق بين دور المرأة المتعلمة المثقفة الواعية
    وتلك التي تم الإبقاء عليها في دائرة الرتابة الخانعة التي لا تكسر
    رأساً ولا تؤشر على إتجاه الخروج من دائرة دونيتها وهامشيتها
                  

09-05-2006, 03:28 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرثية حول الأجندات المؤجلة للمرأة السودانية في الريف .....د. حامد البشير (Re: Mohamed Abdelgaleel)

    الأخ محمد السلام والرحمه

    يقول المثل الشعبى ساخرا

    قصه بى لبن بسه بيليه فى الحصه وجقنقجوره مشى البعثه.......فكيف لأهل الضهارى أن تتسامى قاماتهم مع ذوى الحظوه...وكيف يشعر أولئك بأنهم أكثر وجودا إذا لم يكن هنالك من يقاس عليه... ظلم منظم وتجهيل بعنايه.................





    منصور
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de