قيادات حق تواصل العطاء الثقافي رغم العنف!! عن السلطة .. وكيف تستنسخ أخلاقها!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 06:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-01-2006, 06:56 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قيادات حق تواصل العطاء الثقافي رغم العنف!! عن السلطة .. وكيف تستنسخ أخلاقها!!



    عن السلطة .. وكيف تستنسخ أخلاقها
    تشيخوف مرة ثامنة
    محمد سليمان – الدوحة
    [email protected]

    ذات مساء في نهاية سبعينات أو بداية ثمانينات القرن الماضي، أثناء الحقبة المايوية، كنت أجلس مع والدي، عليه رحمة الله، في فناء المنزل نستمع إلى خطبة للرئيس يبرئ فيها إحدى وزيراته الأثيرات من تهمة تلاعب بالمال العام. وفي خطبته العاطفية تلك لم يترك الرئيس وصفاً من شاكلة الطهارة والعفة والأمانة والشرف لم يسبغه على وزيرته، وشبه متهميها بالمتقولين على أم المؤمنين في حديث الإفك، ثم تهدج صوته وبكى. لاحظت على أبي، الهادئ والوقور والذي نادراً ما يخوض في السياسة، علامات الانزعاج والتعجب والصدمة وهو يستمع إلى الرئيس، وعندما انتهت الخطبة ضرب كفاً بكف وصاح بغضب "سبحان الله، لماذا يكذب هذا الرجل، كيف يكذب الرئيس؟!" كان أبي من جيل تخلق بمثل وقيم عالية خاصة حينما يتعلق الأمر بالوظيفة العامة، كما صدف أنه كان رئيس فريق المراجعين الذين اكتشفوا حادثة الفساد وضمنوها في تقريرهم. تذكرت غضبة أبي وأنا أطالع "مغنية الكورس" لتشيكوف.

    في "مغنية الكورس" يقرع الباب فيهرع العشيق نيقولاي بتروفتش كولباكوف، والذي لا يستحي عادة من ضيوف عشيقته، إلى غرفة داخلية، بينما تفتح "باشا" الباب لتفاجأ بامرأة لا تعرفها، ولكن ملابسها تدل على انتمائها للطبقة الراقية. تسأل الزائرة "هل زوجي هنا؟" وإذ تتردد باشا في الإجابة، تنفجر الزائرة بسيل من الشتائم القبيحة "لئيمة.. منحطة.. إلخ"، ثم تشرح أسباب زيارتها "على كل لقد اكتشفوا اختلاساً في وحدته وهم يبحثون عنه الآن، وقطعاً سيجدونه، أنت دفعت به إلى هذه المهانة، ولكن الرب سينتقم لي ولأولادي منك" ثم تشهق باكية. تقف باشا حائرة متبلدة، ثم تنخرط أيضاً في البكاء، فتواصل الزائرة "أنا أعرف كل شيء أيتها الكذابة، أعرف أنه يزورك يومياً، بالطبع لا يمكن أن تكون لك أي مبادئ، ومع ذلك لا يمكنك أن تكوني منحطة إلى درجة أنك لا تهتمين لمصير أسرته وأطفاله، لو حكموا عليه بالسجن فسنجوع أنا والأطفال، ولكن لو أرجعت لهم تسعمائة روبل فسيدعونه وشأنه".

    تقسم باشا أنها لا تملك ذلك المبلغ كما أنها لم تأخذ أي نقود من كولباكوف، فتواصل الزائرة هجومها "أنا لا أتحدث عن نقود، الرجال يهدون النساء من أمثالك أشياء ثمينة، فقط أعيدي لي ما أهداه لك". تنكر باشا أنه أهداها شيئاً، ثم تتذكر سواراً ذهبياً مجوفاً وخاتماً صغيراً" فتفتح درجاً وتلقي بهما إلى الزائرة، التي تزأر "ما هذا؟ أنا لا أطلب منك صدقة.. عندما رأيتك معه يوم الخميس كنت تضعين بروشاً وأساور غالية، لا تمثلي معي حملاً وديعاً." تغضب باشا "أنت غريبة تماماً، أنا لم آخذ من زوجك شيئاً سوى هذا السوار والخاتم" فتجلس الزائرة وتدفن وجهها في المنديل "ما أفعل الآن؟ إذا لم أحصل على المبلغ فسنهلك، هل أقتل هذه الحقيرة أم أركع أمامها؟" ويرتفع عويلها "أنت نهبت زوجي ودمرته .. أليس بقلبك شفقة .. على الأولاد؟" تتخيل باشا الأطفال يشكون الجوع فتجهش بالبكاء.. فتستمر الزائرة "سأركع لك على ركبتي.. تفضلي" فتسارع باشا وقد أربكتها حركة الزائرة المسرحية "حسناً .. سأعطيك كل شيء ولكن ليس من نيقولاي بتروفتش، من ضيوف آخرين" وتسحب باشا درجاً وتخرج منه كمية من المجوهرات وتعطيها للزائرة، قائلة "خذيها، أنا لم استفد من زوجك شيئاً، وإذا كنت محترمة وزوجته الشرعية فلتحتفظي به إلى جوارك" فترد الضيفة بحدة "ما هذا؟ هذا لا يساوي خمسمائة روبل" فتخرج باشا كل ما تبقى في الدرج، ساعة ذهبية وأزرار مرصعة.. إلخ، وتلقي به "هذا كل شيء، ليس لدي شيء آخر" فتأخذه الزائرة وتلفه في منديلها، ثم تخرج دون أن تنبس ببنت شفة.

    يخرج بولباكوف من الغرفة شاحباً وعصبياً فتواجهه باشا "ماذا أهديتني؟ متى كان ذلك؟" فيدمدم كولباكوف "الأشياء .. الأشياء أمر تافه .." ويضع كفيه على رأسه "يا إلهي لقد بكت أمامك.. تذللت لك .." فتكرر باشا "إنني أسألك أي أشياء أهديتني؟" فيستمر كولباكوف كأنما لم يسمعها "يا إلهي، هي الشريفة الطاهرة الأبية .. أرادت أن تركع على ركبتيها أمام .. أمام هذه العاهرة .. أنا أوصلتها هذا الحد .. لا .. لن أغفر لنفسي أبداً" ويصيح وهو يبتعد بنفور عن باشا "ابتعدي عني يا حقيرة .. كادت أن تركع .. وأمام من؟ أمامك.." ثم ارتدى ملابسه على عجل واتجه نحو الباب متحاشياً باشا، وخرج.. بينما ألقت باشا بنفسها على الفراش وراحت تنتحب بصوت عال وهي تشعر بالأسف على أشيائها التي أعطتها دون سبب، وكذلك بالإهانة، كما تذكرت أيضاً كيف ضربها احد التجار قبل ثلاث سنوات دون سبب، فازداد نحيبها.

    اختيار تشيخوف لمهنة مغنية الكورس لباشا ليست بلا مغزى، فهي التي تقف في الصفوف الخلفية، ولا نسمع صوتها إلا وسط صوت الجموع، غير أن ذلك موضوع آخر. "مغنية الكورس" مسرحية أكثر من كونها قصة، بل هي في واقع الأمر مسرحية داخل مسرحية. إنها لا تدعك تطالعها في هدوء، وإنما تأخذك أخذ عزيز مقتدر وتلقي بك في مستنقع أحداثها، حيث لا يمكنك في البداية إلا أن تتعاطف مع تلك السيدة الراقية، الزوجة المخدوعة المسكينة، وأن تتقزز من تلك العاهرة، مدمرة الأسر والبيوت. وخلال العرض، وبينما أنت تشاهد العفة تلد اللصوصية، والقذارة تخرج من رحم الطهارة والوضاعة تتناسل في كنف الشرف، وإذ تتجلى الحقيقة، وتتكشف المؤامرة، ويماط اللثام عن المسرحية الأخرى، تتحول مشاعرك شيئاً فشيئاً إلى التعاطف مع المغنية المسكينة والتقزز من اللصين الحقيرين، حتى إذا ما أسدل الستار تكاد تصاب بالدوار، أي أخلاق هذه؟ إي مجتمع هذا؟ وتذكرت هنا فاطمة بنت الحسين في فسطاطها بعد مقتل أبيها، حينما أتت عليها جماعة وهي طفلة وأخذ أحدهم يفض خلخالين ذهبيين عن رجلها وهو يبكي، فسألته "ما يبكيك يا عدو الله؟" فأجابها "كيف لا أبكي وأنا أسلب بنت رسول الله؟" فقالت له "إذن لا تسلبني" فقال "أخاف أن يأتي غيري ويأخذه".

    في دراستها العميقة عن الأنظمة الشمولية، تحدثت هانا آرندت، معتمدة على تاريخ النازية والستالينية، بإسهاب عن قدرة تلك الأنظمة على إعادة صياغة المجتمعات على النحو الذي يلائمها، والذي يوفر لها البيئة المناسبة لتفرخ فظاعاتها ويعطيها مبرر وجودها. وإذا كان النظام الامبراطوري المتفسخ في روسيا هو الذي أنتج مجتمع نيقولاي بتروفتش وزوجته، فلا أظننا في حاجة للتعريف بالنظام الذي أنتج شبكات الدعارة الواسعة من "بنات وأبناء الأسر" في الخرطوم، والتي "فضحها" مقال أو تقرير "لصحفي" كبير، صدر الأسبوع الماضي وروج على نحو واسع داخل وخارج السودان. وفي حين تهدر اللغة في الصرف البذخي على مواقف أخلاقية مزعومة تدعو للعفة والطهارة من موقع نيقولاي بتروفتش، يتم التغاضي عن خصائص الرأسمالية الطفيلية التي تمسك بتلابيب المجتمع وتسمه بأخلاقياتها وقيمها والتي تتلخص في "النهب"، والنهب المزدوج الذي يمارسه السيد بتروفتش وأمثاله، أولاً في المتعة المحرمة المجانية التي يجنيها من ضحايا سطوته، ثم بامتصاص القيمة المضافة لتلك المتعة بواسطة الزوجات، الأولى والثانية والثالثة والرابعة، أو بعشيقات أخر في ثياب الزوجات. وحينما يصبح النهب هو القيمة السائدة وهو معيار الأخلاق، يجوز لأولئك الطفيليين وممثليهم أن يصبحوا وعاظاً ومصلحين اجتماعيين، وأن يهتفوا مع نيقولاي بتروفتش "يا إلهي .."


    ه
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de