مذكــــرات ميَِت

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 11:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-28-2006, 11:01 AM

أسامة معاوية الطيب
<aأسامة معاوية الطيب
تاريخ التسجيل: 12-13-2003
مجموع المشاركات: 529

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مذكــــرات ميَِت

    مذكرات ميت


    شجيرات السنمكة تسكرني بصفيرها
    لا أدري لماذا تسكن هذى الشجيرات بالذات في حديقتنا
    هي على علاقة ما بتساقط الدمع وربما بعض الشمت
    بذرتها لا تقرأ غير سطور بكاء باهتة كتبتها أيام ما
    الجلبة حولي تقتلعني من صمتي لضجة مختلفة
    الضجيج هنا هو الإغراق في صمت يحيط بجسدي المتوحد في الكون
    هنا لا نعرف مفردة الصمت مطلقاعلى رغمه
    الخطوات العابرة تثقل ذاكرتي بالأسئلة المستحيلة ...
    بعضها يمشي على قلبي ...
    يضع حجرا بيني وبين سطح الأرض ...
    آه لو يحس دفء باطنها ...
    التراب أم في ناصع العطف ...
    ولكنها وربما لظروف تتعلق بتضاريسها وربما تتعلق بتضاريسي أنا تضغطني أحيانا حتى لأكاد أموت مجددا ... نحن هنا لا نموت ... هنا نبدأ الحياة من نهايتها فقط ... هنا تحس وكأنك علاقة ما , بين جسد يتفتت ليذوب في جزيئات التربة وبين تربة تتماسك لتتوحد في جسد عار إلا من ذاكرته وما يرفرف من روح ... ثمة رفيف غريب يعزف بأوتاره على سمتي ... لا تستطيع أن ترسم حدودا لجسدك , دائما تحس وخزا ما , في مكان ما ... ربما أنهم يحفرون بئرا في بلد ما , وربما قبر ... ولكن للقبور وخز مختلف ... تلتئم سريعا وأن تتنسم طعم الدم ... هذا السائل الغريب الذي فارقني بعد أن تفرق أهل السطح إلى أقدارهم ... ولكنه يمر سريعا عبر ما تبقى من شرايين يابسة كلما دفن جسد عار ورفرفت روح ... أحس بكركرته في شراييني وكأن شخصا يغسل سعنا يابسا غابت الماء عن ذاكرته حتي ...
    أحس نملا في أطرافي ولكني لا أحس أطرافي ... كانت وللسنة الأولى تتثاقل علي كلما أيقظ الصيف هجيره ... وتسلمني لحكة مؤلمة حين يتساقط مطر ما على وجه أمي الأرض ... الأرض لا تضن بنزف ماءها في عروقي ... وقتما تقتلني غربة العطش ... رؤومة جدا هذه الأرض فهي تعيد توزيع المياه والبرد والحر علينا بالتساوي ... في باطنها الطقس واحد ... كلنا نتنسم نفس الهواء ونحس بذات الكركرة التي يحدثها الدم في عروقنا المتيبسة ...
    نشتاق لحفيف الأطراف ... نتوحد الآن في جسد التربة العاري ...
    لكني وعلى طول رقدتي هذى ما أحسست وأنا أتفرس لون التراب أن شيئا ما يذكرني بلونه على سطحها ... على السطح تتداخل الأشياء والألوان ... هنا تظل فقط تحدق في زاوية واحدة ... تكتسب القدرة على التحديق اللانهائي ... تخترق كثيرا جدا من حجب العتمة المتراكمة ... كلما تراكمت العتمة كلما تقافزت بنظرك إلى الماوراء ... تدرك كيف تتكون الألوان ... اتحاد غريب بين عتمة الخارج وما ينبت من معرفة بالضوء الداخلي ... الضوء الداخلي هو الاستبصار بالماوراء ... حين تشعر أن قبورا تحفر في قارة أخرى لأنك تحس بوخز المعاول في جسدك الممتد ... حين تتلقف شرايينك في كركرتها المؤلمة دما خرج للتو من جسد أنهكه السطح فغاص في لفافته البيضاء التي يسمونها الكفن ولكنها بداية ضوئه الداخلي والتحديق في العتمة المتراكمة ...
    تلك الإغماضة التي تسبق الدفن هي مفتاح تأمل طويل في ما يحيط بك من كون ... تزرع حياتك غصنا غصنا في عتماتها فتزهر ذاكرتك أشجارا من ضوء ... هنا كلما كانت إغماضتك كاملة كلما كانت احاطتك بالأشياء أنصع ... تذكر كيف أن مشاويرك في السطح وأنت تعاني الوحدة والآم الصحبة وكثير من الهجر تقودك لمتعة الذوبان في الكل فتصبح واحدا رغما عن الكثرة التي تضفي على شرايينك دماء أخرى ... إغماضة تضيئك فتعيد قراءتك في دفتر الألوان .
    يا لطول ما أتذكر
    يا لطوله ... ولكني غارق في أمل اسمه الموت ينسيني يأس حياة مضت
    أعلم جيدا كم من الأحياء الآن يتندرون من معرفتي الحقة بالأشياء ولكن حينما أستقبل دماءهم في شراييني ويحدقون في زاوية واحدة سيكتسبون القدرة على التحديق اللانهائي ... وأنا هنا في انتظار هم يبسئذ .
    الانتظار هنا ليس مملا ... هنا لن تقول أبدا ربما جاء قبلي وذهب ... أو ربماجئت قبل الموعد كثيرا ... أنت لا تجيء أصلا .. أنت هنا من أصل الانتظار ... الانتظار هنا متعة تحدثها مغالبتك التفكير الخائف من الغد والذاكرة المهلكة بالبارحة .
    كيف تترك نمل أطرافك التي لا تحسهايبني بيوتا من خدر غريب
    كيف تلعق ما لا تراه من صبر يتدفق من أرواح الآخرين المرفرفة بينك وبين عتمة التربة
    كيف تقرأ كتابا كاملا من دفته الأولي إلى صفحته الأخيرة يحدث فيك شيئا من رعشة غامضة وكأنك تطالع لوحة باهتة بمعرفة ظاهرة تحسن استخلاص الألوان من عدميتها
    يالطول ما أتذكر
    يالطوله
    رحلت الأرض من تحتي فيما يسميه أهل السطح هزة أرضية ... فتغيرت قليلا ملامح رقدتي ... الآن نصفي – لا أدري أي نصف – أصبح مفتولا قليلا بدرجة لا أستطيع معها التحديق في ذاكرة البارحة ... ولكني على درجة جيدة جدا من الوعي بالغد ... وهذا بالضبط ما يقلقني
    الآن أنا بين صحو غامض وإغماضة واضحة أتلهف للأمس قبل أن أبدأ رحلتي هذى
    الموت قاس ... والتراب الرؤومة أيضا قاسية ... بخارها الصهد يتسرب جسدي المتوحد في الوجود والعدم
    الدود الذي يسكن جسدي يزرع بعضا من حياته في موتي ويضحك
    الآن فقط أتذكر وربما بوعي كبير ... لماذا كنت في جنازتي الأكثر صمتا ... لم أكن خائفا من صهد التربة على جسدي المنهك ... ولكني كنت خائفا الوصول إلى صفحتي الأخيرة وأنا لم أحسن كتابة إهداءاتي بعد
    لكني الآن لا أشعر بشئ وقد توزعني الدم والدمع والتفكير في خطوط تضاريس الأرض وعدت قادرا على الانتماء لصفحة أخرى من نسق الكون .
    بعض جسدي ربما يشرق يوما بئر بترول ... وبعضه الآخر ربما يتصعد ماءا وربما يتنزل ذهبا ولكن تبقى حقيقة عارية واحدة
    أنني كلما مت كلما زادت صفحة جديدة في كتاب الذاكرة الذي لا ينتهي


    ميت
    27/8/2006م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de