وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا !!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 09:27 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-26-2006, 11:59 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا !!!


    سلامات البورداب الاعزاء
    لعن الله السياسة السودانية فقد حرمتنا من مفكرين و كتاب مجيدين، ومنهم الاستاذ محمد سليمان الذي تفاجأت مع كثيرين بكتاباته الرائعة خاصة تشيخوفياته السبع الى اليوم، و على الرغم من انني اعرف الرجل لفترة طويلة خاصة في المجال السياسي ككادر تنظيمي ضليع، الا انني فوجئت تماما بكتاباته الاخيرة و التي اتمنى ان تجد من الكثيرين الاهتمام الكافي...
    سأحاول لاحقا ان انزل في هذا البوست تأملاته ونقله لنا لفكر و كتابات تشيخوف العميقة الدلالات و المعاني و لنستمتع معا بمقارباته و سخريته من واقعنا المؤلم باستعراض الادب العالمي و تناوله لمظاهر الظلم الاجتماعي
    لكم مودتي
    أمجد


    وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا
    تشيخوف مرة سابعة
    محمد سليمان - الدوحة
    [email protected]

    هذه القصة أثيرة عندي لأسباب عديدة، ليس أهمها أنني كنت وإلى عهد قريب أزاول صيد السمك، بعد أن علقتني به ثلة من الأصدقاء الحميمين، كنت أخرج معهم بانتظام يقارب الإدمان بعد ظهر كل جمعة إلى عرض البحر، ونظل هناك إلى ما بعد مغيب الشمس. من محاسن صيد السمك أنك حينما تلقي بخيطك في الماء، فكأنما تلقي معه بكل أعباء وضغوط الحياة، لتتأمل نفسك نقطة متناهية الصغر في هذا الكون الفسيح الممتد على زرقة البحر حتى تمتزج بزرقة السماء. ومن محاسنه أيضاً هذا الامتزاج الكامل بين إحساسك الشديد بالوحدة وأنت ممسك بخيطك كأنما مصيرك كله معلق بطرفه، وإحساسك العميق، في ذات الوقت، بمن حولك الذين يجمعك وإياهم هذا القارب الصغير جمع المصير المشترك. نظل على ذلك الحال، حتى تتوتر الخيوط فجأة، فيبدأ الشد والجذب وتدب الحياة، ويزداد الهرج ويتعالى الصخب مع كل سمكة تخرج من رحم الماء، سمكة من أكبر؟ وسمكة من أفضل؟ وحينما تقترب الشمس من الرحيل، وتخرج الأسماك لتتناول غذاءها أو لتلاقي حتفها، تزداد وتيرة الصيد، وتبدأ الخيوط في الالتفاف والاشتباك، فنشرع في إلقاء اللعنات الضاحكة على بعضنا البعض، كل منا يحمل الآخر مسئولية سوء الحظ، ثم نقفل راجعين بعد المغيب نتبادل النكات والمزاح، ملابسنا مبللة بماء البحر المالح، ودواخلنا مبللة بالإلفة والمودة. كانت أياماً جميلة، ولكن صيد تشيخوف كان مختلفاً.

    في "إبنة ألبيون"، وألبيون هي اسم لإنجلترا في عهد غابر، يأتي رئيس النبلاء فيودور أتسوف في زيارة لصديقه الإقطاعي جريابوف ليجده متربعاً، بجسمه الضخم ورأسه الكبير المنتفخ، على الشاطئ، وعلى غير مبعدة منه تقف امرأة طويلة نحيفة هي مربية أطفاله الإنجليزية، يصيدان السمك في صمت كصمت القبور. يشكو جريابوف حظه السيئ في الصيد لصديقه الذي يحاول إقناعه بأن يترك هذه التفاهة وأن يذهب معه ليتناولا بعض الشراب، ولكن جريابوف يتمسك بالبقاء رغم الحظ التعس، فهو لا يطيق التخلي عن هذه الهواية التي منعته من كل شيء آخر، والتي تجعله يجلس يومياً كالمحكوم بالأعمال الشاقة، يحدق في الماء طول النهار كالأحمق "مع هذه الحفشة، هذه الشيطانة"، مشيراً إلى المربية.

    يعاتب أتسوف صديقه على تفوهه بهذا السباب الذي يوجهه، ليس فقط في حضرة سيدة، وإنما إليها أيضاً، فيجيبه جريابوف بأنها لا تفقه حرفاً في الروسية، وسواء بالنسبة لها إن سبها أو مدحها، ثم يستمر في سبابه الوقح لها ولأنفها "الذي يجعلك تسقط فاقداً الوعي"، ويشبهها بفزاعة الطيور "تجلس معها أياماً فلا تتفوه بكلمة، وتبحلق في الماء بعيونها الجاحظة". يتساءل أتسوف ماذا فعلت هذه المرأة حتى تستحق كل هذا السباب، فيواصل جريابوف في تحقيرها وتبيان مقته لها، إنه يستغرب أنها تحب صيد السمك أيضاً، بل ويستنكف كونها تحس بأنها إنسان "هذه التي تحمل اسماً لا يمكن حتى نطقه ويلكا تشالزوفنا تفايس". وإذ تسمع الإنجليزية اسمها تلتفت نحو الاثنين، في صمت وعظمة وبطء، بنظرة احتقار وتعال، فيقول جريابوف لصديقه "أرأيت .. إنني لا أبقي على هذه الدودة إلا من أجل الأطفال .. لولاهم لما سمحت لها بالبقاء على مبعدة عشرة فراسخ من ضيعتي .."

    فجأة تغمز سنارة جريابوف ولكنه مع الشد، الذي لم يأت بنتيجة، يكتشف أنها قد شبكت بحجر. ماذا يفعل الآن وقد أقترب المساء حيث يتحسن الصيد؟ لا بد أن ينزل إلى الماء ليفك خيطه من الحجر، ولكن كيف يفعل ذلك "وهذه البعبع موجودة"؟ لا يمكنه أن يخلع ملابسه في وجودها. يحاول جريابوف بشتى السبل إفهام المربية أن تذهب بعيداً، ولكن ليس من لغة يمكنها إيصال الفكرة، فيحاول جرها من ذراعها، ولكنها لا تتجاوب، وترد بجملة إنجليزية طويلة لا يفهمانها، فيضحكان. وعندما ييأس جريابوف من إبعاد المربية، ومع إحساسه باقتراب المساء، وحتى لا يضيع الصيد، يقرر أن يخلع ملابسه في وجودها، رغم اعتراض إتسوف الذي يرى في ذلك فعلاً مشيناً مهيناً. وفعلاً يتجرد جريابوف من ثيابه كلها، حتى الداخلية، وعارياً كما ولدته أمه ينزل إلى الماء وهو يسترق النظر إلى الإنجليزية التي تكتفي بأن تلعب حاجبيها، فيزداد حنقه "لو أنها تخجل هذه الفاجرة .. إنها تتعالى على الغوغاء .. لا تعتبرنا بشراً .." وببرود تغير المربية الطعم على سنارتها ثم تتثاءب، ويغطس جريابوف في الماء ويفك الشص المشتبك، ثم يخرج .. ويجلس ليعاود الصيد من جديد.

    لربما كان السبب الآخر لإعجابي بهذه القصة هو هذه المهارة والتقنية الفائقة في جدل أسلوبها ومضمونها معاً في ضفيرة واحدة متينة متماسكة. الحوار الودي بين الإقطاعي وصديقه رئيس النبلاء يبدو كأنما قد كتب على سطح زجاجي، يكتم ولكن لا يخفي الحوار الآخر الذي يدور تحته، الحوار الرئيسي بين الإقطاعي والمربية، وهو حوار لا يتم بالكلمات، وإنما بالمشاعر والوجدان والأحاسيس المشحونة بالاحتقار والبغض والكراهية والمقت، وهو ما عبر عنه فرانسيس دينق مرة بقوله "المسكوت عنه هو المهم". وهناك أيضاً هذه الصورة البليغة لجريابوف، حينما تبلغ به الكراهية للمربية حد إلغاء وجودها كإنسانة، فيتجرد من ملابسه كلها أمامها، لكنه ومع كل قطعة ملابس ينزعها، كان في حقيقة الأمر يجرد نفسه من خصلة من خصال الإنسانية، حتى عاد كما ولدته أمه، عارياً من أي فضيلة.

    نظر البعض إلى "إبنة ألبيون" من منظور طبقي صرف، "أنظروا كيف يهين هذا الإقطاعي المتعجرف هذه السيدة العاملة !"، وذلك صحيح ولكنه ناقص وجزئي. إن للبغض والإضطهاد، واللذين قد يبلغا حد الإبادة، أسباب متعددة ومتباينة. هذه الأيام تبدأ محكمة الجزاء الدولية محاكمة بعض مرتكبي مجزرة سيريبرينيتشا والتي راح ضحيتها آلاف المسلمين، كما تبدأ في بغداد محاكمة صدام حسين وعدد من أعوانه في قضية مذابح الأنفال التي قتل فيها عشرات الآلاف من الأكراد، هذا غير الأعداد الغفيرة من المقابر الجماعية التي تضم الأطفال والنسوة والشباب والمسنين ممن كانت جريرتهم هي فقط اختلاف العرق أو اللون أو الثقافة، ولا زالت محاكمة جلاديهم رهن الغيب. المسألة هي العيش المشترك وهي قبول الآخر، لأن الآخر في رأي البعض هو "الجحيم" وهو الشيطان، وهو "ابتلاء" إذا أصابهم فلا مناص من الجهاد أو الانفصال. ولكن التاريخ يثبت أن الشعوب التي ازدهرت حضاراتها وبلغت شأواً عظيماً من التقدم والرخاء، كانت هي تلك التي انفتحت على الآخرين وقبلتهم واحتفت بهم وأخذت منهم واغتنت بهم، بينما جف معين الذين انكفئوا على أنفسهم، وتوقف نموهم وتضاءلت مساهماتهم شيئاً فشيئاً حتى بادت حضاراتهم، وانقرضوا، فالكراهية كالنار، بعد أن تأتي على ما حولها، تلتهم الأكسجين الذي يمنحها الحياة، حتى تموت من تلقاء نفسها.

    فلنتمعن قليلاًً في قدر المصالح المشتركة بين ذلك الإقطاعي المتعجرف وتلك السيدة العاملة. إنه يعهد إليها بتربية فلذات كبده، وهي تحتاج إليه في تأمين لقمة العيش التي هاجرت بسببها من إنجلترا إلى روسيا. ليس ذلك فقط، بل تجمعهما هواية واحدة، هواية تخلى الإقطاعي من أجلها عن كل واجباته الاجتماعية، كما يترك زوجته وأطفاله يذهبون للتسوق وحدهم، ليقضي الساعات الطوال في ممارستها بصحبة المربية. ومع كل ذلك فهما، الإقطاعي والمربية، يغرقان كلياً في هذا البحر المتلاطم من العداء والكراهية والبغضاء، فهل لنا أن نتخيل كيف كان سيكون الحال لو قامت تلك العلاقة على قليل من الاحترام والاعتراف بهوية الآخر، وأي حوار جميل وممتع كان سيدور بينهما في تلك الساعات الطوال لو تعلم الروسي بعضاً من الإنجليزية ولو تعلمت الإنجليزية قليلاً من الروسية؟
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de