|
|
 محمد الحسن البرير: قـــــــرنــــق..يا غصن زيتون هوى...!
|
قـــــــرنــــق..يا غصن زيتون هوى...!
محمد الحسن البرير
لعل الذكرى تسعفني لرصد احداث يوم مشهود، ساعة اعتلى (جون قرنق) المنصة في الساحة الخضراء... فوقتذاك اجهش بالبكاء... تعثر.. تعذر عن النطق، بلغت الغصة الحلقوم.. تلعثم.. ثم اذا به باكياً ولم تنبت شفاهه بكلمة... عجباً... ماذا يبكيه؟! التاريخ يحكي لنا ان (الثوار) لا يبكون.. هي حالتئذ لفتة شاذة، اثارت حفيظة المحللين، الصحفيين، ثم الرهط الكبير من الحضور.. أيبكي قرنق الرجل (الرقمي) في الحروب.. الذي طال نضاله، وبطولاته، وشجاعته، عرفه الناس، واشاد به العالم؟! أليس هو (قرنق) الذي اشعلها حرباً لا تبقى ولا تذر من اجل مباديء وافكار، صارع، وناضل لوضع استراتيجيته المؤمن بها في تأسيس (السودان الجديد)... وبقوة المحارب الواثق بمبادئه، والمعتز بنفسه،
زعيم في (قامة أمة) أيجهش بكاءً؟ دعونا نظن ان البكاء ناتج عن الكم البشري الذي لم تألفه الخرطوم من قبل.. وجاءوا زاحفين من كل فج عميق، مترابطين، متماسكين، قلوبهم مملوءة بالحب، ابصارهم تواقة للقاء زعيم أذهل العالم بايدلوجيته وافكاره، وارهب خصمه بخططه ومخططاته.. قدموا لعل آذانهم ترتشف احاديث قائد، ومفكر عظيم، ومناضل جسور يرددونها اناشيد حالة سمرهم، ولحظات انسهم.. ومع ذلك لم يبح بكلمة واحدة.. اقعده البكاء عن الكلام، لاسباب في اغوار نفسه يتحلى بالمثل القيمة والقدر الرفيع، والخلق الحميد، يندر ان يجود به الزمن لغيره، اضافة للشفافية، والدفع الثوري، والسيكولوجية المميزة عباءة اعطته عظمة القائد، وشجاعة الفرسان..
وحسب ظني ان الذي أبكى (قرنق) كثافة عدد المستقبلين، وتراص الصفوف، وتشابك الايادي وما ان اكتحلت عيناه بالاجساد الهزيلة، النحيلة، المتشوقة للقاء، الممزوجة بحبها له والمطبوعة بمبادئه، وقيمه، وافكاره الداعية لمشروعه (السودان الجديد).. هذا النفر يحمل لافتات التغيير، يطالب (بتفكيك) الشمولية، احلال الديمقراطية، واشاعة الحرية... وهم ماضون وسائرون في (المسيرة المليونية) يتساقطون الواحد تلو الآخر نتيجة الاختناقات التي سببها الزحام، وفقدان الهواء الطلق، فضاقت الصدور، وغشيهم الفتور، وانهكهم التعب... وما برحوا يتساقطون كأوراق الشجر وقت الخريف، تحملهم الناقلات، وعربات الاسعاف. عقب (اتفاقية نيفاشا) قدم للخرطوم وفد المقدمة، واكدت تصريحاتهم انهم ماضون السير على طريق (صانع السلام) وعازمون المضي طبقاً لافكاره في تكوين (السودان الجديد). الناس بأحاديثهم، تيقنوا ان المد الثوري يطيح بأنظمة الشمولية والديكتاتورية، ويطال التغيير لخلق سودان ينعم بخيراته وموارده ويرفل بالحرية والديمقراطية... لم تدم الامنيات طويلاً لقد خطفت المنية (صانع السلام) وغيبته عن ساحتها. هول المأساة، ولذعات الدهر، وحجم الكارثة.. جعلنا نرى على وميض النار رماداً... فعلام تختزل الحركة الشعبية عن عهودها وأي (زاوية) تمضي الحركة الشعبية في مسار سيرها؟! الدليل على الاختزال... المناسبة... التي صاحبت تخليد ذكرى الراحل العظيم في استاد المريخ لم ترق لمستوى التقدير كما لم نعطه حقه كرجل صاحب (مقامات) بدليل ان الناس مكثوا في مساكنهم ارتابهم الفزع والخوف ما شاهدوه من دبابات منتشرة على مداخل العاصمة والكباري، ممسكين ببنادق (الكلاشنكوف) يجوب رجال الشرطة والجيش الطرق، حتى ظن الناس ان ما يحدث مؤشر لانقلاب عسكري يذاع (بيانه) الاول بعد حين!! لا ننكر جهد الخطباء عن مناقب الراحل في نادي المريخ، وما لفت الانتباه حديث نجله (مبيور) حين قال: (الموت غيب قرنق سواء غدراً أو قدراً وينبغي ان نتبع خطواته، ونسير على هدى افكاره بخلق (سودان جديد)». السؤال هنا الى قادة الحركة الشعبية المشاركين في حكومة الوحدة... هل قمنا بتنفيذ طموحات (قرنق)... هل انتهجنا نهجه.. هل مشيناها خطوات كتبت علينا؟؟!
مبتغي علمي ان الحركة اليوم تحت (قبضة الانقاذ) تحركها اينما تشاء.. وحيثما تشاء!! الحركة لم تف بعهودها للتغيير، وبالتالي لم تقم (بنقلة)... فالمواطن يعيش آلام الماضي، تعضه انياب الجبايات، ينهكه غلو الاسعار، يقلقه سوء الخدمات... أنفهم ان الحركة اضحت (ظلاً ظليلاً) للانقاذ... عازمة للمضي (تابعة) لشمولية الانقاذ... اذن ما هي الاسباب والمسببات:-
* ربما هي (استراتيجية) تهدف منها الحركة - بانقضاء الفترة الانتقالية - الدعوة للانفصال.
* الانصياع (والتبعية) للانقاذ ربما هو ناتج عن شهوة الكراسي وحب السلطة.
* موت الزعيم (قرنق) خلف صراعات داخل الحركة في من يخلف الراحل حسب مؤهلاته، ومهابته، وشخصيته الكارزمية.
نعود الى ياسر عرمان نذكره ايام بثه الاذاعي - اذاعة المعارضة - ونحثه فما فعلته مأثوراته واحاديثه الثورية، ليمضي في ثورة التغيير والاصلاح... اخترناك - ياسر - قم فانهض وصد عن الناس الشكوك القائلة (الانقاذ تدير الحركة بالريموت كنترول!) قم وسارع فالشعب ما فتيء يصارع ويقاوم... وان المرض اقعده، والفقر نخر عظامه، اكل منه اللحم وترك (العظم)... تحرك - ياسر - أخمد نار الجبايات، الدعومات، الرسوم، الاستقطاعات التي لازمت الناس صرعتهم أرضاً... أتسمعني ياسر؟
__________________________________________________
صحيفة الصحافة
|
|
 
|
|
|
|
Deng
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست