|
|
 ناسهم هم الناس وناسنا أشباه ناس..الشرق الأوسط الجديد
|
من وجهة النظر الموضوعية يمكن القول بأن السياسة الأميركية الرامية إلى خلق (شرق أوسط جديد) - على الأٌقل بالصورة التي تعرضها علينا السيدة كوندوليزا رايس - سجلت فشلا ذريعا في تحقيق أهدافها على المدى المنظور.
تدمير لبنان نسلا وزرعا وبنية اقتصادية واجتماعية بواسطة طيران تل أبيب الحربي ، وتحويل مئات المدنيين إلى أشلاء ،ومئات الألوف إلى مهجرين لا يساعد إطلاقا على لجم غلواء التطرف أو يوقف التدخلات السلبية في الحياة السياسية اللبنانية ، وإنما على العكس من ذلك سيجعل أصوات الاعتدال غير مسموعة بل ومستهجنة وسط هدير الطائرات وعويل النساء واستغاثة الأطفال وبكاء الرجال وسيحول حزب الله بل ومن قد يكون أكثر تطرفا وتشددا منه إلى رمز للمقاومة وشعاع نور (حتى وإن كان من نسج الوهم ) للخلاص بالنسبة للملايين من العرب والمسلمين. مقولات (الشرق الأوسط الجديد) و(نشر الديمقراطية) المستندة على فلسفة (تحقيق الأرباح الاقتصادية والاستراتيجية) التي تطلقها واشنطن تصبح أشبه ما يكون بصوت كإرثي يبشرنا بعودة إلى ماضي ظلامي يستند على معايير (ناسنا هم الناس وناسهم أشباه ناس) .
فلسفة (الفوضى الخلاقة) حولت العراق إلى جحيم يفقد فيه مع كل يوم جديد مائة إنسان حياتهم نتيجة للتفجيرات والقتل على الهوية . دمرت البنية الاقتصادية والاجتماعية ونهبت الآثار وفجرت المساجد والكنائس والمراقد . . وبعد أن فقد الأميركيون 2,570 جنديا بدءوا (يتفولحون) ويطرحون علينا (الفكرة القديمة الجديدة) لتحقيق مزيد من الفوضى (الهدامة) والتي تتمثل في حل (تقسيم العراق)!
تحولت فلسطين إلى بركان نشط . . فيما ترفض الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي الاعتراف بحكومة حماس المنتخبة ديمقراطيا والتي لم تستطع بدورها أن تستوعب أن لعبة الديمقراطية لا تنتهي بخيار الأغلبية والأقلية الميكانيكية وإنما تتضمن بالأساس شروطا منها الاعتراف بالمواثيق الدولية والاتفاقيات الثنائية وقبل ذلك كله لم تدرك حقيقة إنها مجرد حكومة لمشروع دولة ما زالت تحت الاحتلال.
لم يرد الاسرائيليون أن يعطوا حكومة حماس فرصة لتلتقط أنفاسها وتعيد ترتيب حساباتها، والانتقال السلس من مرحلة الشعارات والمزايدات والخطابات النارية الذي فرضتها البنية القائمة على التحريض والكفاح المسلح إلى مرحلة إدارة ورعاية شئون الفلسطينيين - كل الفلسطينيين - وليس الإسلاميين والحماسيين منهم فقط . حاصرتها إذن وضيقت عليها وعرقلت كل كافة الأطراف الإقليمية والدولية التي تفهمت إشكالية أو ورطة حماس . واصلت تصفية كوادر وقيادات الحركة وقتل المدنيين بصورة يومية ووصلت إلى حد اعتقال وسجن نصف وزراء ونواب الحزب الحاكم (أو المفترض أن يكون هو الحزب الحاكم) حسب نتائج الانتخابات التي تمت بموافقة ومباركة وتشجيع الأميركيين والإسرائيليين والأوربيين ، رغم الملاحظات التي حاول أن يلفت النظر إليها هذا الطرف أو ذاك.
عندما يشاهد ملايين العرب يوميا ومن الصباح إلى المساء على شاشات التلفاز الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين ولبنان والعراق يمزقون وتنتهك آدميتهم بأيدي الإسرائيليين والأميركيين أو حلفائهم وأشباههم . . لابد وأن تتراكم وتتفاعل مشاعر الغضب والإحباط والاستياء وهذا التراكم و التفاعل يهدد بانفجارات وبفوضى لن تكون خلاقة على الإطلاق كما يتصور دهاقنة صنع القرار الدولي ولن تكون لصالح الأميركيين ولا الإسرائيليين على المدى البعيد. . فعن أي شرق أوسط جديد يتحدثون.
إنهم يتحدثون عن مصالح أميركية يغطونها بمثل هذه المقولات التي لا تستر عورة لفرعون إلا بالقدر الذي ستر به الحلة الموهومة فرعون الحكاية العربية المعروفة.
وبهذا المنظور نعم هم يخدمون مصالحهم وناسهم على حساب مصالحنا وناسنا
ففلسطين غارقة في الدماء أفضل بالنسبة للمصالح الأميركية من فلسطين تقودها حكومة لحماس . وبكل تأكيد فإن لبنان المدمر والدامي افضل بالنسبة لواشنطن من لبنان الآمن الموالي لسورية ، كما أن مقتل 2500 عسكريا أميركيا وعشرات الألوف من العراقيين وحتى تقسيم العراق لا يمثل إلا ثمنا بخسا للسيطرة الكاملة على نفط العراق . بالتالي فإن الولايات المتحدة تمضي قدما في تأمين مصالحها كما كانت تفعل دائما ، كل ما في الأمر أنها تسلك اليوم أسلوبا وحشيا صاعقا لكل ما توصلت إليه البشرية في القرن الماضي من قيم وأخلاقيات وضاربة بمصالح حلفائها الأوربيين والغربيين عموما وحتى الأميركيين في المستقبل البعيد عرض الحائط.
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست