|
|
 الحاج ورّاق: يبدو أن العقلية التي تدير تحرير «الانتباهة» هي نفسها العقلية التي تدير الانقاذ!
|
مسارب الضي
نوقد الشموع لنضيء أماكن الإظلام
الحاج وراق
* في يوم إحياء الذكرى الأولى لرحيل الشهيد قرنق، وقد احتشدت آلاف مؤلفة من جماهير فقيرة وغير متعلمة لم يسجل ولا بلاغ واحد! وهذه مأثرة للحركة الشعبية، غسلت عن الخرطوم عار يومي الإثنين والثلاثاء المشؤومين.
ولكن يبدو أن التيار السائد في الانقاذ لم يأخذ الدرس الصحيح! علقت «الانتباهة» على هدوء الأحوال الأمنية يومها بنشر صور المدرعات والعربات المصفحة التي حرست استاد المريخ! كأنما تقول بأن سبب الهدوء استعراض القوة العسكرية!! ويبدو أن العقلية التي تدير تحرير «الانتباهة» هي نفسها العقلية التي تدير الانقاذ!
ربما «قمع» اظهار القوة «الزعران» والغوغاء! ولكن ان يُمد الاستنتاج ليصل الى ان حفظ الامن يتحقق بمثل هذه الوسائل محض هراء! الامن الحقيقي يتحقق برفع المظالم.
* والمؤسي حقاً أن من يتبنى مثل هذه الاستنتاجات اسلاميون يهللون ليل صباح بانتصارات حزب الله في لبنان وصمود المقاومة الفلسطينية في فلسطين المحتلة! فما العبرة الاساسية مما يجري هناك؟! ما من قوة، ومهما بلغت قدراتها القمعية، ومهما تسلحت بأحدث القنابل (الذكية) وأفضل التكنولوجيا والمعلومات الاستخباراتية، قادرة على استدامة المظالم!
واذا يئس المستضعفون من العدالة فإنهم لا يستسلمون وانما يقاتلون بتاكتيكات يائسة لا منجاة منها حتى في البروج المشيدة!! وبالطبع فإن الانقاذ لا تستطيع ان تبني قدرات قمعية تشابه اسرائيل! ولحسن حظها فإن قبضتها ليست بالقوة التي تدفع المستضعفين الى اليأس من العدالة!!
ولكن واضح ان اسلاميي السودان لا يستنتجون العبر الصحيحة، لا من التواريخ الانسانية العامة، ولا من تاريخ الاسلاميين انفسهم!!
* ان الألوف التي ملأت استاد المريخ انما تشكل عينة من ملايين المستضعفين في البلاد- ملايين عطشى للتغيير، للكرامة، للحريات، لفرص العمل، للمياه النظيفة، للسكن اللائق، وللتعليم والصحة، فاذا لم يتحقق هذا التغيير فما من مدرعات أو عربات مصفحة قادرة على ابقائهم هادئين مستكينين!!
اذن فحصنوها بالعدل! مقولة قديمة، ويبدو ان نائب رئيس الجمهورية الاستاذ/ علي عثمان قد تذكرها وهو يخطب امام حشود المريخ، حين قال بأن المسلمين مطالبون دينا بالانحياز للمستضعفين! وقد صدق! وهذا جوهر خلافنا معهم طوال السنوات السابقة ، اي حول طبيعة الاسلام- أهو دين الانحياز للمستكبرين والمترفين، ام دين الانحياز للمستضعفين؟!
وعلى كل، فلو تطابقت افعال الحكومة مع اقوالها، وتحولت شعارات الانحياز للمهمشين والمستضعفين الى سياسات وبرامج ومشاريع ملموسة، فان هذا وحده مما يمكن ان يجعل السودان آمنا مستقراً ومزدهراً!!
وان حشود استاد المريخ لتعيد تأكيد الحقيقة الاساسية في السودان، حقيقة ان السودان القديم قد مات، فاما انبعاث سودان جديد مكانه، او مواجهة «انبعاث» روائح التعفن التي ستسمم الجميع!
* وكنت اود ان اتوسع في دلالات حشود استاد المريخ، ولكني افسح المجال لمساهمة مميزة من الاستاذ/ مجتبى عرمان:
(فلنضيء الشموع.. لتضيء لنا أماكن الظلام»
* كان شعار الحركة الشعبية للاحتفال بذكرى قائد المهمشين والأب المؤسس لمشروع السودان الجديد موفقاً لأبعد الحدود.
وكم هي بلادنا عطشى للتسامح والمحبة.. كان احتفالاً مهيباً جمع كل السودانيين بمختلف ثقافاتهم واعراقهم ودياناتهم في استاد المريخ حتى ضاق بهم المكان ، فمليون وردة على قبر الشهيد د. جون ابن مابيور الذي قاد حرباً شرسة من اجل تغيير وجه السودان ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ،فبعد كل تلك الحرب الضروس والتهميش بكافة ألوانه واشكاله من قبل نخبة الشمال النيلي وبالتحالف مع بعض مثقفي الهامش وان شئت الدقة.. متعلمي الهامش. مازال بعض سدنة السودان القديم يريدون ان يرجعوا عقارب الساعة للوراء.. يريدون ان يتمترس السودانيون خلف أديانهم وقبائلهم، هؤلاء العنصريون الجدد، الانبياء الكذبة ،يقسمون السودانيين إلى ذوي البشرة السوداء، وهم الاشرار، وذوي البشرة الفاتحة وهم الأخيار... على طريقة الافلام الأمريكية "good & bad guys). وهذه هي دعوة (الطيب مصطفى) كبير العنصريين أو كما اسمهاه أ. الحاج وراق (شارون السودان) .وما يحيّر العقل فعلاً ربط الشر والحقد باللون الأسود، مع انه معروف علمياً لدى علماء (السيما نتكيس) أي علماء المعاني ان الاخضر والابيض والاسود والازرق جميعها ألوان. وكم اضحكني كتاب (الانتباهة) حين قالوا بأن الاحتفال بالشموع له دلالات مسيحية وكنسية!! فلم يسل (عتاة العنصريين) أنفسهم عن الشركة التي كانوا على رأس ادارتها (الهيئة القومية للاتصالات) وعن الموبايل الذي يتحدثون به أليس هو من صنع المسيحيين الصليبيين؟!! بل والكلاشنكوف الذي يقتلون به الابرياء والاطفال في المناطق المهمشة أليس من صنع رجل روسي يدعى (كلاشنكوف) (أي كافر وملحد عديل)؟!! فلماذالم يقولوا انه من صنع دول الاستكبار؟! وحتى المكاتب ذات الاثاث الفاخر، وآخر صيحات العربات والفلل التي يسكنونها ، أليست صناعة غربية مئة بالمئة؟!.. هذه من مفارقات وتناقضات منطق العنصريين والاسلاميين المنغلقين في كل زمان ومكان!. وإذا سألنا قادة منبر السلام العادل أين كانوا طوال فترة الانقاذ، أو لم يكن الشمال مظلوماً، وألم يكونوا هم الظالمين بسياسات الافقار والتجويع التي يمارسونها على الشعب والاتاوات التي يفرضونها عليه!؟ خصوصاً ومنهم من كان وزيرا؟! وايضا ماذا قدم الجلابا الجدد للسودانيين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وفي قضايا الفقر وحقوق الانسان والديمقراطية وقضايا المرأة؟!.
* واذا افترضنا بان الشمال هو الوسط والشرق والغرب فكيف سيتعايش قادة منبر السلام العادل مع اهل الغرب، اذا كانت الفرضية الاساسية التي ينطلق منها المنبر انهم يختلفون مع الجنوبيين دينيا واثنيا؟! وهل الشمال كتلة واحدة صماء ام هنالك الذين يمتلكون كل شيء والذين لا يمتلكون شيئا؟!. ايضا ألم يكن السودان مهمشاً في مدنه وريفه وهم من ساهموا في ذلك؟!، وكذلك ماذا يقدم «العنصريون الجدد» لجيش العاطلين عن العمل وخريجي الجامعات ومن طالهم الفصل العام والمرض والجوع «وهذه هي ام المعارك»، ام انهم يريدون خداع الناس وارجاعهم الى سنوات الانقاذ الأولى؟! وما بكاء قادة منبر السلام العادل الا على الامتيازات الاقتصادية والسياسية والتي يخافون فقدانها أو المنافسة عليها، وهذا ما يعلمه القاصي والداني، ولذا فكتاب الانتباهة إنما هم (مداح لاقوا دراويش)، وعليهم ان يفصلوا بين شواغلهم الشخصية ومصلحة الوطن.
* ختاما:
هذه بعض كلمات في ذكرى رحيل رجل كبير نذر نفسه لتحرير شعبه من الجهل والفقر والتهميش.
فمليون وردة حب على قبر المعلم الاكبر ابن مابيور
ولتمت بذور العنصرية البغيضة والحقد..
ومعا لاجل وطن للجميع
ولقادة الحركة الشعبية ان يواصلوا المعركة من اجل تحرير الانسان السوداني من الفقر والجهل والمرض ومن المفسدين.
وللقوى الشمالية الديمقراطية.. قوموا الى كفاحكم.. بدلا عن هذا النحيب!)
مجتبى عرمان ـ جامعة الأحفاد
www.alsahafa.info
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست