قصة واخرها قصة ادخل وناقش

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 11:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-30-2006, 08:44 AM

محمد علي يوسف
<aمحمد علي يوسف
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 327

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قصة واخرها قصة ادخل وناقش

    سلامات
    قصة ، من : راشد أوشي

    - 1 -
    )
    كثيرا ما كان أبى يقول إني لا افلح بقرش ، كلما تذكرت ما جري يتقلص القرش حتى يصبح مليما ، لست بنادم عما جري إذ لم يكن فيه حمار أو معزة صغيرة تلحس وجهي ، ثلاثة لا ينزلون من حلقومي ، (( عمار )) وجه الحمار و (( عوضين )) ابن الداية و (( عثمان )) الأطرش الأحمق الخائب ، انهم سبب مأساتي مع أبى والقرش وأمي التي لا تعرف شيئا كالعياط والصراخ وشق الثياب لست بنادم عما جري و لا يهمني شيء علي أي حال . . ! !

    (

    - 2 -
    )
    كان صباح غير عادي ، ودعتني أمي حتى الباب بدعوات حد الصياح .

    - اذهب بارك الله فيك !

    ثم :

    - احفظه يا شيخي يا عبد الرحمن !

    ٍالصباح في البلدة ذا مذاق خاص ، نسيم البحر ، رائحة الزبالة ، هيجان ذكور الحمير ، وعودة الحياة في ثوبها الجديد ، امتطينا حميرنا وتسابقنا وعبثنا مع لسان الماء قليلا ثم تقدمنا خطوة وسبحنا كما يجب ، في طريق العودة ، رفع حماري رأسه نحو السماء ونهق بحدة ، تري ماذا رأي؟ وعندما بلغنا مدخل البلدة من الجهة الجنوبية ، في الشارع الثالث بالتحديد اندفع عجل كبير أمامنا ، حميرنا تحجرت في مكانها ، ثمة فتي طويل مستطيل الوجه كان يركض خلف العجل ويمط خطواته ويشد رقبته ، انه ((عمار)) يطارد العجل ، حميرنا تململت ، هزت رؤوسها وتسمرت تباعا ، قفزنا من علي ظهورها و انطلقنا خلفهما ، نحن نصيح يا عمار يا عمار ! ، هو يتمطى ، نحن نشق حناجرنا ، هو يتمطى ، و المسافة بينه وبين ذيل العجل تتضاءل و تتلاشى ، في قفزة واحدة امسك بالذيل وشده حتى استقام ، هل سيعود بالذيل فقط !! ، بحركة خفيفة ، خفة النسمة الصباحية ، أطاح ((عمار)) بالعجل أرضا وحضر صاحبه وشد علي يده بشدة ونفحة قرشا ، وفي ليلة اليوم التالي غاب الفتي الحمار عن لعبة القمر و البحث عن عظمة شليل ، مضت ثلاثة أيام وقلنا : ((عمار )) صار كبيرا ولن يلعب مع الصغار !! ، مساء اليوم الرابع عاد عودة البطل من ارض المعركة وقف فوق رؤوسنا ، تفحصناه باستهتار وهز رأسه وجلس وهو يطنطن : ((عمار)) يجلس مع الصغار هانت و الله !! . لم يعجبنا ما فعله لكني كنت لا املك ما أتحداه به ، لو أنى من طرح العجل أرضا وتمثلت ((عمار)) يقف أمامي كالتلميذ الفاشل ، زجرته و شددت أذنه فبدا كالحمار وصرخت في وجهه : اذهب إلى أمك لترضعك ! ، تدلي ذقنه علي صدره وادخل إصبعه في فمه وركض يصرخ و اللعاب يسيل من فمه الكبير ، هل فعلت به كل هذا ؟! ، (( عمار )) اتكأ علي كوعه ونظر إلى السماء وهو يدندن ، كنت أتوق إلى معرفة الكيفية التي أطاح بها بالعجل ، هكذا بكل خفة ومرونة هل أساله مباشرة ؟! ، هل سيسخر مني كالعادة ؟! ، لما طال صمته نهض أحدنا قائلا :

    - لا نحب أن نعرف الحكاية !

    و كأنما اتفقوا ضدي سرا قفز الثاني واقفا :

    - يمكننا أن نفعل اكثر من ذلك !

    الثالث نفض يده وهو يتمتم :

    - دعوه يموت بغروره – هيا !

    (( عمار)) لم يأبه بهم ، رمقني بنظرة غامضة وحدق في وجوههم باستهتار ولسان حاله يقول : اذهبوا فأنا لا اكلم الصغار ؟! هل صار كبيرا بهذه السرعة ؟!، تلصصت علي وجهه من كل - الجهات ، لم ينبت له زغب خشن لكنه صار كبيرا بسبب العجل ؟!، قفز السؤال للساني بسرعة :

    - قل لي يا (( عمار)) كيف فعلتها ؟!

    - ((عمار)) حاف هكذا يا حمار ؟!

    ارتبكت ، ماذا عساه سيقول عني ، إني لا افهم شيئا ، عاجلته بسرعة :

    - أسف يا بطل !

    لم اكن ادر أن لعبارتي كل هذا السحر ، اذ انتفخ وجهه وتهدلت شلاضيمه ، قال بدون رغبة :

    - قل ما تريد وخلصني !قلت بدون تفكير :

    - العجل !

    قال :

    -أي عجل !

    قلت :

    - العجل الذي فعلت به العجب !

    قال :

    - وماذا عنه ؟!

    قلت :

    - أود لو تحدثني عما جري ؟!

    قال :

    - ولماذا هل تنوي اصطياد عجل هارب !

    قلت :

    - ربما يحدث ذلك يوما !

    قال :

    - إلا مع البلهاء !

    وخزتني عبارته في جبني الأيمن ، ماذا يعني هذا الفتي الحمار ؟! ، يظنني ابله ؟! ، سأفعل مثله وربما اكثر ، لكنه لم يقل شيئا ، وكان علي أن أبادره قبل أن يفقد رغبته في الكلام قلت :

    - يكون لي عظيم الشرف أن استمع إليك من موقع البطل !

    قال واوداجة تتنفخ :

    - لا باس يا صغيري . لا باس ، افتح أذنيك واسمع !!

    وكانت حكاية . . . . . . . . . .!!

    (

    - 3 -
    )
    في حظيرتنا كما في حظائر كل البلدة ، عجل تركته أمه صغيرا وكان يجن إليها جنونا عظيما ، ذات صباح وأبى يستعد لرحلة الأرض و الثواب و العمل ، تمارضت وأمسكت بطني وصحت حتى طار قلب أمي وحط بجوار رأسي يتحسسه ، أبى علي ما يبدو ، لم تمر فيه الكذبة ، ارتدي جلبابه وفحص حماره وصاح وهو يخرج :

    - لا أوصيك بهذا الولد الأبله !!

    اليوم سأضع حدا لبلاهتي أمي سمعتني أطنطن فصاحت في اثر أبي :

    - الحمي طلعت في رأسه !

    دثرتني جيدا ، القمتني جرعة ماء حنظل ،ابتلعتها بصعوبة وشعرت ببطني تصدر أصواتا غريبة ، ، قالت وهي تدفع لي بالكوب :

    - اشربه فهذا نتاج شيخي عبد الرحمن !

    هل يعطي الشيخ الناس الحنظل ؟!، شربت حتى غامت الدنيا أمامي و حدثتني نفسي التائهة وسط الغيوم : لا باس كل شيء يهون ما دمت سأطرح العجل أرضا ! ، أمي أرقدتني و مسحت رأسي أغمضت عيوني كما تكسر عيون الميت وخرجت إلى شئونها الأخرى ، حبست أنفاسي وظللت استرق السمع حتى جاءني صوت الأواني تتلاطم في ماء الطشت ، ألان سأخرج ، تسللت علي أطراف أصابعي وحذائي البالي في يدي ، فتحت باب البيت وأنا أتوسل إليه في خيالي : لا تصدر صوتا وافتح علي مهل !، أخرجت رأسي ، ليس هناك أحد ، عصرت علي كتف الباب المائل و اخترقت مساحة الخروج الضيقة وركضت و أنا اهتف في فرح : العجل ،هي ، هي ! فتحت باب الحظيرة نهض العجل ورفت عينه اليسري و راقبني بحذر و بلاهة ، دار حول نفسه ، أولاني مؤخرته وشرع ينش الذباب بذيله ، هل سيخذلني العجل ابن البقرة الميتة ؟! ، لا يبدو عليه أنه يرغب في اللعب ؟!، ربما يريد افساد خطتي التي رسمتها طوال الليالي العشرالماضية ، سأدخل إليه و ادفعه دفعا ، وان رفض ؟! ، ساضربه حتى يركض ، وهل اقوي علي ضربه ؟! ، لا احب الضرب ، أبى يضربني وذلك مؤلم للغاية ، سأتحايل عليه وأقول له : لك ربطة علف أن طاوعتني ! ، العجل ما تحرك وأفكاري توقفت كيف أتصرف معه ؟!، دخلت الحظيرة ،خطوة ، خطوة ، ليس سهلا هذا الحيوان ،خطوة ، خطوة، ا لف حوله وامسك برقبته و اهمس في أذنه : أنت ولد فالح ! وماذا أيضا ، كمن ركبه الشيطان ، دار العجل حول نفسه و انطلق برأسه الكبير نحوي ، شيء ما ربما الخوف ، ربما الهواء، حملني جانبا و انسل الرأس أمامي بسرعة خاطفة وسمعت صوت الارتطام عنيف ، العجل اخذ الباب معه ، يا للورطة ، أبى أن عاد ولم يعد العجل لن يسامحني ، انه لي ، صحت وركضت خلفه ، جلبابي بين أسناني يقاوم مصيره الممزق ، كلما دنوت منه تراكضت البيوت والشوارع والأزقة ، كل البلدة خرجت خلفي تحبس أنفاسها من الدهشة والانبهار ، تري من كانوا يظنوني ؟! ، أنا افضل من ((عمادر)) الحمار وهذا العجل اضخم من ذاك النحيل الهزيل الذي اطاح به ، الناس بدأت تصيح :

    - حاسب يازول

    - ابتعدوا –ابتعدوا !

    انهم يخلون لي الطريق ، أنا البطل ، العجل يدنو ، أنا االذي يفعل العجائب ، العجل يركض للوراء ، أنا الدقش الخلاء ! ، ذيل العجل أمامي ،امسك به أولا ، هكذا فعل ((عمار)) أسحبه عليك ، نفذ وصيته بالحرف :

    - عندما تمسك بذيله اجعله مستقيما و انظر في أي اتجاه يجري ن بعد ذلك سيكون الأمر سهلا ، انفضه بخفة في الاتجاه المعاكس !

    افعل مثله ، ولكنه لم يقل لي كيف أدبر رأسي إذا أتى العجل بحركة مباغتة اذ صار يركض في كل الاتجاهات و مساحات الأكسجين في دمي تتضاءل ،انه يسحبني خلفه ،انه يطيح برأسه يتوعد من يقترب منه بمصيره المجهول ، ما عدت قادر علي اخذ أنفاسي ، كل جسدي ينهد تباعا ، وسقطت و قبضتي مازالتا تتشبثان ببصيص الأمل الشحيح ، لن اتركه يهرب ، العجل ما هادن و لا استكان ، مسح بي الأرض جيدا حتى بدت لي البيوت تتمايل في رقصة حزينة ، انهرت بين اليقظة و الأحلام ، العجل توقف علي بعد خطوات مني و استدار نحوي ، ماذا يريد أن يفعل ، نفض رأسه، نفخ بمناخيره الأرض ، دار حول نفسه ، دارت الدنيا في عيني ، تمثل لي أن اسمع صوت أقدام تدب علي الأرض بعنف ، العجل نظر إلى مليا ، ماذا يود أن يفعل ؟! ، سقطت رأسي ، ومرق الرأس الكبير نحوي بسرعة خاطفة . . !!

    (

    - 4 -
    )
    أين هو ((عوضين )) ابن الداية الآن ؟!، سأصفعه إن رأيته ، (( عوضين)) الذي يبول أي ذكر علي رأسه يضعني أنا في هذا الموقف السخيف ، ماذا فعلت به ؟!، بل أنى كنت أتعاطف معه وأخوض لصالح بعض المشاجرات التقليدية ، ود الداية مثل أمه يصنع كل شيء ، حتى الأطفال ، ولكن كيف لم انتبه الي انه كذب اكثر مما يجب حين همس في أذني ذات عصر :

    - في البئر كنز قديم !

    بدوري همست :

    - أي بئر ابار البلدة ثلاثة !

    صاح بغيظ :

    - غبي ، حمار !

    نططت عيوني وقلت :

    - ماذا هناك يا ((عوضين)) ؟!

    - في البئر الأولى ماء ، وفي الثانية كذلك ؟!

    خمنت :

    - أذن تحت الماء ؟!

    صك أسنانه :

    - وهل تنوي أن تموت غرقا ؟

    قلت :

    - ربما !

    ضربني علي رأسي :

    - يا غبي ألم يعلموك جيدا في المدرسة ؟!

    تذكرت معترضا :

    - ((حافظ)) الطويل كان أبلد مني !

    قال بسخرية لم انتبه لها في حينها :

    - و ماذا أيضا ؟!

    قلت بسرعة :

    - كانوا يزفونه أولا ثم يزفوني حتى باب البيت !

    (الطيش ..الطيش . . عند الله بعيش !)

    ضحك و قال :

    - لا باس ، لا باس ، الطيش يصلح لبعض المهام !

    صفعتني عبارته فتحديته :

    - جرب وستري !

    قال :

    - حسن إليك الحكاية كما جاءت علي لسان جدتي !

    جلس ، جلست ، فتح فمه ، فتحت اذني، قال بعد قليل :

    - هل فهمت !

    قلت :

    - نعم

    قال :

    - أذن في الصباح !

    قلت :

    - طبعا !

    ابتسم وأدار ظهره و خطأ نحو الأفق البعيد . . .!!

    (

    - 5 -
    )
    تلك الليلة لم انم جيدا ، أو ربما نمت ، لا ادري ، جرت الصور أمامي سريعة و تكررت كثيرا ، في إحداها كنت اجلس خلف مقود اللوري و اقبض عليه و أديره كلما لاحت المطبات ، كنت احمل شحنة ثقيلة ، كان البعض يتعلقون كما الدجاج ، كما الديوك ، علي حافتي صندوق اللوري القديم ، كنت سعيد و هم يضحكون ويرقصون و يغنون ، الليل من خلف مقود اللوري جميل ، ومرة رأيت ((حافظ)) يركض و يتمطى و البلدة من خلفه ، وفي لحظة خاطفة مرق نحوي رأس كبير و عيون تشتعل نارا ، رأيت الكثير و لكني ، في الصباح، لم أتذكر سوي اللوري و بوقه الصاخب ، و كما اتفقنا أنا و (( عوضين )) ابن الداية التي صنعتني ذات يوم ، حملت ربطة الحبل واتجهت صوب البئر الثالثة ، البئر المهجورة، مسكن صغار الشياطين الماجنة ، هكذا روت له جدته ، و لكي يسحب الخوف الذي اخترقني فجأة ، قال وهو يهز كتفيه :

    -أحيانا كانت تخرف ، كانت امرأة شمطاء !

    قلت ربما لمذيد من الاطمئنان :

    - هل كانت لطيفة ؟!

    رفع يده اليمني :

    - عييك ! ، لدرجة أنه اكانت تتحدث لنفسها!

    قلت ، و الدهشة تقبض علي تلاليب صوتي :

    - ماذا كانت تقول !

    قلت بسرعة :

    - أشياء كثيرة ، أشياء كثيرة لا تهم ، قلت لك أنها خرفانه !

    بدأ لي أني لم اسمعه جيدا :

    - قلت خروفه !

    ضربني علي رأسي :

    - جدتي خروفه يا ابن الأبله !

    قلت بحدة :

    - ماذا تقول !

    قال :

    - قل لي !

    قلت :

    - نعم !

    قال :

    - هل ستكون بطل و تنزل البئر ؟!

    قلت وأوداجي تكبر :

    - ولم لا !

    ثم استدركت :

    - و لكن ماذا عن الشياطين ؟!

    قال :

    - لا تقلق جدتي تقول انهم أناس لطفاء !

    قلت يتحد :

    - وهل زارتهم جدتك الخروفه ؟!

    لم ينزعج هذه المرة بل قال بمنتهى الهدوء :

    - و لاعبتهم أيضا !

    قلت:

    - صحيح!

    قال:

    - و أعطتهم فتات الخبز و حلوي السكر !!

    قلت :

    - إذن سأحمل معي بعض هذا !

    قال:

    - شاطر !

    ثم استدرك :

    - وبطل!

    البطولة ليست أمرا سهلا ، الهبوط في البئر المهجورة مغامرة لا يخوضها سوي الأبطال ، كنت أفكر طوال الطريق الي البئر ، إنها هناك ، بعيد التل الثالث ، قرابة شجرة اللالوب المسكونة ، هناك وجدته ينتظرني ، احتضنني وشجعني بعبارات مشجعة و لف الحبل حول بطني و ربطه و دفعني قائلا :

    - الآن حانت لحظة المجد و البطولة !

    و نزلت البئر ، و اندفق الظلام من حولي و بدت لي إنها بعيدة غائرة ، وصرت أفكر ، في البئر شياطين ، في الشياطين بئر!، كلما هبطت لأسفل كلما صعد الضوء لأعلى منجذبا نحو فم الشمس الصغيرة ، أخيرا لمست قاع البئر ، أين هي الغرف التي حدثني عنها ((عوضين)) ابن الداية ؟! عن يساري ،عن يميني ، أمامي ، غرقت في بحور الحيرة و الظلام و ساورتني أصوات أمواج تتلاطم بقوة، خفق قلبي ، صحت :

    - أخرجني يا ((عوضين)) !

    رددت الشياطين :

    - ا خ خ خ. . !!

    صحت

    - بالله عليك أخرجني !

    رددت الشياطين:

    - به . . به . . به. . !!

    صحت :

    - يا (( عوضين)) !

    الفتي الداهية رمي لي بالحبل ، سقط الحبل بدوي هائل ، تركني و مضي ، غرقت بعيدا حتى ارتطمت بأذني أصوات تتلاطم و أطلت علي رؤوس كثيرة من هناك، من قم البئر المهجورة ، مال رأس نحوي و صاح :

    - هل أنت بخير !

    رددت الشياطين :

    - طير . . طير . . طير . .!!

    غابت الرؤوس دفعة واحدة ثم عادت صاح وجه :

    - هاك الحبل !

    سقط الحبل بجواري هامد – صاح وجه آخر :

    - أربطه حول وسطك جيدا و ساعدنا قليلا !

    و سحبوني ، سحبوني ، وفم البئر تكبر و تبتلعني ، بعيد لحظات لفظتني ووجدت أبى أمامي ، صعفني و اللهب يتراقص علي عينيه الغاضبتين، امسكني من أذني و جرني خلفه ، و ثمة أصوات كانت تهتف :

    الطيش . . الطيش . .

    عند الله بعيش . . !!

    (

    - 6 -
    )
    الواقعة الثالثة كانت بمثابة القشة التي قصصت ظهر حماري، في تمام القمر ، تسلل (( عثمان )) الأطرش الأحمق الأخرق و جلس بجواري ، كنا ستة يرسمون أحلامهم علي الأرض ، أتى و قعد يرسم خطوط متعرجة ، مسحها،رسم خط مستقيم وعلي رأسه وضع سهم ، أشار للسماء و قال :

    - من يمشي معي في درب القمر ؟!

    كنا قد كبرنا علي تلك التهيؤات الخصبة و نبت لك واحد منا زغب صغير ، زغبي نما بسرعة غريبة حتى أنى صرت أنادى (أبو شنب) ، أبى ركبه عفريت فرح مفاجئ فصار يحدث عني بفخر و يقول : صار رجل يحمل النساء !، أمي كعادتها دست شعورها الحقيقي و مسحت علي رأسي قائلة :

    - حفظك الله من عيون الحاسدين !

    الأطرش الأرعن حاسد و الأ لما تسلل إلى جواري و همس في أذني :

    - أريدك علي انفراد لأمر هام و خطير !

    لكزني و نهضنا و سرنا مسافة و هو صامت ، قلت أحثه :

    - شغلتني يا أخي !

    قال :

    - صبرا حتى نهبط خلف كثبة الرمال تلك !

    بدت لي بعيدة ، تري ماذا يريد الأطرش مني ؟! ، هل يدبر لي أمرا و ما هو ؟!، انه مسكين و جبان و أحيانا خائن ، احترف بيع صوته ، فتي كهذا لايمكن أن يفعل شيئا ، لا يهم أن أضره آو انفعه، المهم ماذا وراء كثبة الرمال التي اعتليناها و هبطنا خلفها ن حينها قال :

    - أتيت بك إلى هنا لان الأمر يتعلق بإنسان عزيز عليك !

    فكرت قليلا ثم قلت :

    - و من يكون ؟!

    صاح:

    - فكر !

    قلت:

    - فكرت !

    صاح :

    - فكر مرة أخرى !

    صحت :

    - أهي فزوره !

    اقترب بوجهه من وجهي ، تتطاير اللعاب من فمه الكبير الواسع :

    - تف . . تف . . تف . . هي فزوره !

    قلت استنكر تصرفه ذاك:

    - لا اقبل أن تعاملني هكذا !

    بدا باردا وهو يقول :

    - لا باس،حسن ، الأمر يتعلق بسمية، استرحت !

    و من أين تأتى الراحة، ذكر ((سمية)) صار يشعل النار في جسدي :

    - ما بالها ((سمية)) !

    ردد :

    - ود المرضي، ود المرضي !

    قلت :

    - ماذا به ؟!

    قال :

    - يعاكسها !

    قلت :

    - كيف ؟!

    تمايل قائلا :

    - هكذا ، هكذا ، يقرصها في مؤخرتها !

    ابتلعت صوتي ، ابن الكلب ، (( سمية )) يا ود الكلبة ، صبرا ، ستري ماذا يقول أبى عندما يعلم إني طرحتك أرضا و تبولت علي وجهك ، و الله لأفعلها يا ود المرضي ، لن أتركك تنجو بجرمك ، تقرص ((سمية)) البت القهوة ، تعاكسها ، وكيف ؟!، تصفر لها ، تغازلها دون حياء ، حسنا أنا قادم ، التفت لعثمان و قلت :

    - ومتي يحدث ذلك ؟!

    قال:

    -ارفع صوتك ؟!

    صحت :

    - متي يحدث ذلك ؟!

    هز رأسه :

    - بعد المغيب مباشرة !

    قلت :

    - و ماذا يفعلان ؟1

    قال:

    -لا ادري ! ، أحيانا كان يلتصق بها !

    قلت :

    - كيف ؟!

    اقترب مني يصيح :

    - هكذا ، حتى يشعر بحرارة جسدها !

    وعدته ، وأنا في حالة غضب عارم ، بحسم الأمر ، فتلت شاربي و أشرت إليه قائلا :

    - أن لم اطرحه أرضا لم يقف صقر هنا !

    صفق و نطط :

    - جيد، جيد، كنت أدرك انك قدر المسئولية !

    مضت ثلاثة ليالي و أنا أتابع حركة ود المرضي حتى أنني حفظت كل تصرفاته ، يصحو مع غبش الفجر يغتسل و يصلي و يشد سرج حماره و يقصد الأرض ، يظل تحت الشجرة يراقب الزرع و يعتني به حتى إذا ما أغمضت الشمس جفونها عاد لبيته ، في الليلة الرابعة قصد الشارع الذي يقع فيه بيت ((سمية )) ، مرق بجوار نافذتها وهو يصيح : معتصم ، معتصم ! ، لا اعرف أحدا بهذا الاسم و لا اعرف انه يعرفه ، تري إلى ماذا يرمي هذا الفتي المحتال ؟!، بعد قليل تسلل شبح فتاة و لحق به ثم تجاوزه ، انها ((سمية)) ، استطيع ان افرزها من بين مائة شبح ، مشيتها ، وقع خطواتها ، و قلبي الذي رقص طربا ، سارا لمسافة طويلة و عرجا صوب الخلاء ، كيف تستسلم له بهذه السهولة ؟! ، هل صدق الأطرش ؟! ، ما وصلني عن ود المرضي خلال مراقبتي لكل حركاته و سكناته انه كان يريدها لنفسه وسمعت انه فشل في إقناع أهلها ، اذا لماذا يصر علي مطاردتها و معاكستها، بحركة لا شعورية فتحت فمي و صحت :

    - قف عندك !

    (( سمية)) انتفضت ، ود المرضي ا نكمش ، دنوت منهما فقالا في ان واحد :

    - أنت ؟!

    قلت:

    - نعم أنا !

    نقشت شعر جسدي ، فتلت شاربي ، شمرت عن ساعدي ، ضربت عليها ،وقلت بلهجة فيها الكثير من التحدي :

    - نعم أنا ! ، ماذا تريد منها يا ابن الكلب !

    شتمته حتى سقط وجهه ، كنت في قمة حماسي ، لكن ما قالته ((سمية )) في تلك اللحظة كان بمثابة الإبرة التي ثقبت بالونا يمتلئ جوفه بالهواء ، قالت انظر هذا المطوفش ، مالذي حشرك بين البصلة وقشرتها .. !!


    مارس/ ابريل/ 2002 الخرطوم
                  

07-31-2006, 06:44 AM

محمد علي يوسف
<aمحمد علي يوسف
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 327

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة واخرها قصة ادخل وناقش (Re: محمد علي يوسف)

    up
                  

07-31-2006, 11:06 PM

Elmosley
<aElmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة واخرها قصة ادخل وناقش (Re: محمد علي يوسف)

    متابعة
                  

08-01-2006, 07:57 AM

محمد علي يوسف
<aمحمد علي يوسف
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 327

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة واخرها قصة ادخل وناقش (Re: محمد علي يوسف)

    سلامات
    راشد اوشي
    شاب
    صحفي
    له عدة روايات

    هذه احداها وما عارف
    رايكم فيها شنو عشان ننزل غيرها
    ورونا يا اكواننا
    زي ما قال احد الاخوة الجنوبيين يوم الثلاثاء الاسود قبل عام

    (عدل بواسطة محمد علي يوسف on 08-01-2006, 07:59 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de