|
الحكومة اللاإليكترونية والفشل الإداري
|
وقفت في صف لمدة ساعة ونصف لأسدد رسوم حكومية قيمتها آلاف جنيه ... الوقوف كان في صالة مسقوفة بالزنك ، والموظف كان بالداخل يحدثك من خلال الشباك الحديدي بصوت منخفض وكأنه يرغب في رفع ضغطك وفقع مرارتك وأن تردد ( قلت شنو ؟ ما سامعك والله ) .. ثم بعد سداد الرسوم يطلب منك ختم الورقة من مكتب آخر مجاور ... ويسألك الموظف هناك بنهرة : إنت منو ؟ وكل الموضوع أنه يريد أن يتحقق من شخصيتك وكان يمكنه ببساطة أن يطلب منك إبراز بطاقتك ... ويوجهك بمراجعتهم غدا لاستلام المستند الذي تقدمت بطلبه ... وكل هذه العملية لا تاخذ عشرة دقائق في دول تطورت أنظمتها الإدارية والإجرائية ... وتراجع في مرفق آخر ، فتسأل : أين أبدأ بتقديم الطلب ؟ يدلك المسئول : شفت الزول الواقف برة دااااك ؟ امشي ليهو ... وتنطلق العملية من هناك ، من خارج المكتب ، وربما في جلسة مع ست الشاي ، ويخرج معك في زيارة بدون أن يخبر رئيسه المباشر ، وطبعا بوسيلة مواصلة خاصة بك انت صاحب الطلب ... ثم تعود معه للمكتب ليبدأ فتح الملف ! طيب يا جماعة أدوني ورقة أو رقم عشان أراجع بيهو ! غتكون الإجابة : يا خي بكرة تعال في نفس الحتة دي تلقى الراجل ده وتلقى ملفك عندو ... ومرفق آخر أكثر تطورا من سابقه ... مكاتبه مكيفة تكييفا مميزا ،، ونظيفة للغاية ... لكنه يتعامل معك بصورة إدارية مشابهة لسابقه .. لا تلمس أبدا وجودا للمسئول ،،، لا تلمس وجودا لمسئولي البلديات ، ولا للصحة العامة ، ولرقابة الأسعار .. الناس يفعلون ما يريدون ، يحلون مشاكلهم عبر حوار أهلي كله عرف ولا مكان للقانون فيه .. لا شئ أبدا يجعلنا هكذا .. فهذا قصور لا يشبهنا .. لنا خبرات إدارية عالية ، ونستطيع أن نضع من الأنظمة الإدارية ما يريحنا ويميزنا ويسهّل أمرنا ، لكن يبدو أننا لا نرغب في ذلك ... وتسيب النظام الإداري والضعف الإجرائي لا يقودنا إلا للفوضى ... والفوضى لا تصنع وطناً ... لا تستهينوا بالشأن الإداري ، ولا تهملوا بناء الأنظمة الإدارية ... ولا تتوقعوا أن تتقدموا وأنتم بهذا المستوى من الضعف الإداري ... ونلتقي ...
|
|
|
|
|
|