خريف العرب // اتمني الحصول علي هذا الكتاب هل من مجيب

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 08:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-19-2006, 08:59 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خريف العرب // اتمني الحصول علي هذا الكتاب هل من مجيب

    مؤلف هذا الكتاب هو الصافي سعيد، الكاتب والصحافي التونسي المعروف، الذي يتميز بجرأته وبخبرته الطويلة في العمل الصحافي. وصدر له العديد من المؤلفات السياسية باللغة العربية،


    منها: «مثلث الشياطين الاستوائي: عن المرتزقة والموساد والماسونية في أفريقيا، 1988»، و«سنوات المتاهة: الحرب المموهة والسلام الجريح في القرن الـ 21، 1994»، و«الحمى 42 لا أنبياء ولا شياطين، 1995»، و«العتبات المدنسة في الشرق الأوسط: جنازة واحدة ونعشان وثلاث قيامات، 1999»، و«عودة الزمن الإمبراطوري والمواطن الأخير، 2000»، و«بورقيبة: سيرة شبه محرمة، 2000»، و«كازينو» رواية، 2000».


    كما أصدر رواية بعنوان «حدائق الله، 2001»، فضلاً عن كتابات واسهامات أخرى باللغة الفرنسية. وفي كتابه الذي بين يدينا «خريف العرب: البئر والصومعة والجنرال»، يضع الصافي سعيد يديه على الجروح الكثيرة التي ألمت بالعرب، متناولاً مواقف عديدة ومختلفة تمس الشأن السياسي العربي والإسلامي، ومورداً مقاربات تحليلية هادئة ومتزنة لكثير منها.


    ويأخذ الصافي سعيد على الذين يرفعون أمتهم عالياً إلى مستوى الرسالة الخالدة، وقد تمادوا طويلاً في الدماء واللامبالاة وسياسة البعثرة والتصفيات، مع أن تلك الأمة غير موجودة بالفعل، وأن وجودها الافتراضي يسكن في منطق ومنطقة طغيان قادتها.


    وهي مفارقة مذهلة، حيث في مجال الافتراض لهذه الأمة، لا توجد إلا الكلمات التي تأخذ مكان الوقائع، والاحتفالات التي تأخذ مكان الإنجازات. وبما أن وجود هذه الأمة لم يعد ظاهراً إلا في اللسان (لنقل الثقافة المشتركة)، فإن البلاغة قد حلت محل التبليغ (الخطاب).


    وقد كان دائماً للغة في الخطاب السياسي العربي، وجود مكثف، بينما ظل المضمون هزيلاً، ومكرراً مثل التعويذات السحرية، حيث كشفت حرب لبنان الأهلية (العربية العربية) عن هزال تلك اللغة الفضفاضة، حتى تحول الكل إلى عدو ضد الكل. ويقدم غزو الكويت دليلاً على هذيان تلك اللغة الهزيلة، أما سقوط بغداد، فقد عبّر بعمق على موت تلك اللغة الهزيلة والمريضة. ومع أن كل طرف يزعم أنه يمتلك اللغة الصريحة والعميقة، بيد أن الجميع كانوا يتلهون بالتنميق والتزويق على حساب الواقع العنيد والوله بالاستعارة لسد الفجوات بين الكلام والعمل، أو بين الشكل والمضمون، على نحو ما حدث للأدب العربي حين د��ل في عصر الانحطاط.


    إذاً، تنهض أطروحة الكتاب، التي تنهل من التاريخ وعلم الاجتماع والسياسة، على حالة خراب الأمة، أمة العرب، وهي على أعتاب القرن الحادي والعشرين، لذلك يريد الصافي سعيد ل«خريف العرب» أن يشكل إقرار حالة يائسة لأمة أرادوا لها أن تكون بائسة، مع أن أطروحة الكتاب لا تتوقف عند هذه الأطروحة وحسب، بل تحفر عميقاً في تربة البؤس، التي تتشكل من ثلاثية البئر والصومعة والجنرال، والتي دارت فوقها حرب أهلية دامية بين توأم العروبة والإسلام، انتهت إلى التدمير المتبادل، حسب تصور المؤلف.


    لقد حفر العرب الأوائل بئراً، ثم رفعوا من حوله صومعة، بعد ذلك نادوا: «الله أكبر، حي على الفلاح، حي على الجهاد». أما عرب القرن العشرين فقد حفر لهم الأجانب آباراً عديدة، ثم أخفوا بداخل بعضها صومعاتهم العديدة، بعد ذلك جاء جنود كثيرون لحراسة الآبار وجنرالات عتاة لتعليمهم الصلاة.


    ويتوقف الصافي سعيد عند الانعطافات التاريخية الكبرى التي ألمت بحال العرب، من سقوط بغداد الأول في عام 1258 إلى يافا في عام 1898، لكن الانعطافات تتوالى وصولاً إلى سقوط بغداد الثاني في عام 2003.


    ويستعين بابن الأثير ليصف حال بغداد في عام 1258، حيث يخبرنا هذا المؤرخ الكبير في لهجة باكية، مؤثرة، بأن غزو المغول للشرق الأدنى كان أعظم كارثة حلّت بالإنسانية»، حيث استطاع المغول أن ينتشروا على حساب عدة إمبراطوريات، فاستكانت الأرض تحت أرجلهم من وسط الصين إلى عين جالوت في فلسطين. لكن دار الخلافة العباسية، بغداد، التي خُربت، سوف يبتلعها الظلام لقرون طويلة، وقد أصبحت مسكناً لأمراء مبرقطين، ولإسلام مشعوذ ومأخوذ بالخرافات.


    إن الإسلام الذي كان لسانه الأقوى والحاد عربياً، قد بات أعجمياً، متلعثماً وثقيلاً ومولداً للسخريات والانشقاقات، ونُقل مع الخلافة العثمانية إلى خارج مداره العربي، إذ لأول مرة نشأت دار خلافة جديدة ورابعة خارج بلاد العرب ليصبح الإسلام غريباً عن العرب، ويصبح العرب يتامى الإسلام.


    تلك هي لحظة الانشقاق الكبير داخل نواة توأم العروبة والإسلام، وهي لحظة كانت تحمل خطرين كبيرين على ذلك التوأم، خطر العثمانيين القادمين من الشرق، وخطر الأوروبيين القادمين من الغرب، وكلاهما كان يطمح لامتلاك القوة والهيمنة على التجارة الدولية وسحق العرب إن جاز التعبير.


    ثم يتوقف الصافي سعيد عند القسطنطينية 1453، حين استولى محمد الفاتح الثاني على هذه المدينة، وهدم آخر الرموز البيزنطية. وكان سقوطها مدوياً على النحو العنيف الذي أحدثه سقوط بغداد قبل نحو قرنين من الزمن، حيث اجتاح العثمانيون الخط الفاصل ما بين الغرب والشرق. في تلك اللحظة، راح العرب يتوارون خلف الضباب، وخلف الإمبراطوريات الأعجمية، ولم يبق لهم إلا أن يسيروا في موكب جنازتهم كأمة قائدة، ثم جنازة دينهم الذي أصبح أعجمياً أو عثمانياً، بعد ان كان عربياً.


    وكانت غرناطة في عام 1492 آخر ممالك العرب في البرّ الواقع بين شمال المتوسط والمحيط الأطلسي، إلى أن دخلها الملك «فرديناند»، فيما أُخرج العرب والمسلمون بعد 781 سنة من الحكم العربي الإسلامي للأندلس. وفي عام 1798 إنقض نابليون بونابرت على أحسن ممتلكات الدولة العثمانية في أفريقيا، حيث تقدم إلى القاهرة من الإسكندرية، وهزم المماليك الذين كانوا لا يزالون حماة الأرض المصرية.


    ثم في العام 1830 تم احتلال الجزائر من طرف فرنسا ثم تونس والمغرب، فيما احتلت إيطاليا ليبيا، وبذلك فقدت الإمبراطورية العثمانية معالم الطرقات، فخسر العثمانيون القرن العشرين قبل أن يبلغوه، وكذلك الحال بالنسبة إلى العرب الذين ما أن شرعوا في تدريب أنفسهم على حكم أنفسهم بأنفسهم حتى فقدوا أوطانهم وثقافتهم وكثيراً من طموحاتهم.


    وفي لحظة القسطنطينية ويافا في عام 1898 يتوقف الصافي سعيد أولاً في القسطنطينية في اللحظة التي غاب فيها السلطان عبد الحميد، حين أيقن العثمانيون أنهم ودعوا آخر سلاطينهم الكبار، وأكثرهم صلابة وتكتيكاً، ثم يتوقف ثانية في يافا حين زار هرتزل لأول مرّة أرض فلسطين، إذ بعد برهة من زيارته جاءت اتفاقيات سايكس / بيكو ثم وعد بلفور.


    ولا يتوقف الصافي سعيد عن هذه اللحظات فقط، بل ينتقل إلى انعطافات القرن العشرين من تاريخ ما يعرف بالدولة العربية الحديثة، من خلال فصول سردية وأخرى تحليلية لتركيبة السلطة ونشأتها في العالم العربي، من المغرب وصولاً إلى عمان، مستعيناً بقراءة بانورامية موثقة، وبأسلوب سردي تارة وتحليلي تارة أخرى، ومتناولاً بنية الأنظمة العربية، وأهم التيارات الفكرية والسياسية التي نشأت بعد الاستقلال، حيث عمل بعضها على إعادة الالتحام بين العروبة والإسلام، وذلك عبر نظام قومي علماني ومدني ومتعدد الثقافات والهويات، يستند إلى تراث الإنسانية في الاختلاف والديمقراطية.


    فقد انطلق العرب في بداية القرن العشرين بعزيمة كبيرة، تدفعها طموحات شرعية لصناعة مجالهم الحيوي، لكنهم تجمدوا في الأماكن التي انطلقوا منها. لم يتمكنوا من توحيد التجزئة التي ورثوها، ولم يقدروا على منع التجزئة التي أحبوها بفعل الخوف والتهاون، حتى صارت التجزئة فلسفة للحكم والاستيلاء. وأثبتت التجربة أن الدولة العربية الحديثة أدامت واقع التجزئة، بوصفها كانت من نتائج اتفاقات دولية ومساومات جانبية، وليست من نتاج إرادات محلية وأهلية.


    وإن كان وجود الدول العربية ضرورة جيوستراتيجية، فرضها مبدأ الهيمنة الخارجي، فإن جدلاً واسعاً يدور اليوم حول إمكانية استمرار وجودها بشكله الحالي. فأمامنا العراق وهو ممدد على المشرحة الاستراتيجية من أجل إعادة صياغته على نحو ضروري ونافع للخارج، فانطلاقاً من النجف كعاصمة دينية مستعادة سيصبح الهلال الإسلامي، وهو ما يسمى اليوم، بالشرق الأوسط الكبير، تحت هيمنة النجف الشيعية في محاولة لتهميش مكة والقدس والقاهرة، وتغليب مبدأ الأقليات على الأغلبية.


    ويضيق المكان بسكانه، حين تعجز السلطة عن استثماره، إذ كلما مالت السلطة إلى الاستبداد ازداد عجزها، فلكي تزيد من رقابتها وشموليتها، عليها أن تشل من دينامية الشعب، ودينامية الممانعة. ويصبح الشعب ميالاً للكسل، عبر الحيلة والغش في كل شيء. فما دام السيّد يغش فلا لوم على العبيد.


    وتستند المنظومة الاستبدادية والكليانية إلى غموض الخطاب وصلابة السلطة وضعف المجتمع المدني، ويجد أن كل تقسيم للمكان إلى مساحات كبيرة يذهب أدراج الريح، ذلك أن كبر المساحة لا يعني زيادة الأرض ومن ثم الثروة، إنما يؤدي إلى تشديد الرقابة وتكثيفها للسيطرة على المكان وعلى السكان.


    وعليه فإن الصافي سعيد يرى بأن الطغيان لم يقسم المكان فقط إلى أجزاء صغيرة، بل هو شتت السكان إلى مجموعات صغيرة، أو إلى شظايا من الأفراد المتناثرين، يقعون بين درجة الرعية والمواطنة، قاضياً على المجموعات الفاعلة والمنظمة والضاغطة على مركز الطغيان، وعليه فإن الحريات لا تنمو في المساحات الصغيرة، لأن درجة التفاعل والجدل والتجمع وحتى الاحتجاج تقلّ، لأنها تصبح تحت مجهر الرقابة الضخم


    وبخصوص علاقة الإسلام بالديمقراطية، يرى الصافي سعيد أن الإسلام أثبت جدارته بالديمقراطية في أمم أخرى وقدرته على تنويع وإثراء تلك الديمقراطية حين يلتحم بحيزه الجغراسياسي القومي. فالمشكلة لا توجد في الإسلام، إنما توجد في السلطة العربية، وكذلك في الحركات الأصولية والسلفية، حيث تحتكر السلطة العربية المتن والهامش، الشرح والتأويل من جهة أولى، فيما تتبنى الأصولية والسلفية تقاليد وقيم أبشع عصور الإسلام ولا تتبنى عصوره الذهبية من جهة أخرى. وفيما الإسلام عرف التسامح والمعرفة والموسيقا والشعر، يصرّ السلفيون والأصوليون على العودة إلى الجزء المظلم من الإسلام، وهو ��بارة عن مسرح خاو يجد فيه المؤمن نفسه وجهاً لوجه مع ربه.


    وإذا كانت السلطة العربية قد دمرت الحيز الجغرافي للأمة العربية وجعلته هباءً للتحكم فيه، فإن حركات الإسلام السياسي هي، أيضاً، قد شوّهت المرجعيات الثقافية بعد أن دمرت الحيز الاجتماعي، وجعلت من الأمة الإسلامية الافتراضية بديلاً للأمة العربية الواقعية، وعليه فإن السبيل للخروج من هذا المأزق هو تبني العلمانية التي يعتبرها الصافي سعيد من الإنجازات الكبرى لتعزيز حرية الإنسان، ذلك أن فصلها بين السياسي والديني لن يضمن فقط تعايش عدة معتقدات، بل يضمن الحصول على المواطنة السياسية بمعزل عن هذه المعتقدات.


    وينتهي الكتاب عند حدث سقوط بغداد، لكن خريف العرب لا ينتهي عند هذا الحدث الجلل، حيث لم يتوقف الصراع الدامي بين العروبة والإسلام، إذ باتت العروبة شبحاً مطارداً ومنتحراً، وبات الإسلام عابراً وتائهاً، بل وانتحارياً بعد أن رفع رايته الاصوليون والجهاديون، وصار الصراع على الإسلام مفتوحاً.


    عمر كوش


    الكتاب: مؤلف هذا الكتاب هو الصافي سعيد، الكاتب والصحافي التونسي المعروف، الذي يتميز بجرأته وبخبرته الطويلة في العمل الصحافي. وصدر له العديد من المؤلفات السياسية باللغة العربية،


    منها: «مثلث الشياطين الاستوائي: عن المرتزقة والموساد والماسونية في أفريقيا، 1988»، و«سنوات المتاهة: الحرب المموهة والسلام الجريح في القرن الـ 21، 1994»، و«الحمى 42 لا أنبياء ولا شياطين، 1995»، و«العتبات المدنسة في الشرق الأوسط: جنازة واحدة ونعشان وثلاث قيامات، 1999»، و«عودة الزمن الإمبراطوري والمواطن الأخير، 2000»، و«بورقيبة: سيرة شبه محرمة، 2000»، و«كازينو» رواية، 2000».


    كما أصدر رواية بعنوان «حدائق الله، 2001»، فضلاً عن كتابات واسهامات أخرى باللغة الفرنسية. وفي كتابه الذي بين يدينا «خريف العرب: البئر والصومعة والجنرال»، يضع الصافي سعيد يديه على الجروح الكثيرة التي ألمت بالعرب، متناولاً مواقف عديدة ومختلفة تمس الشأن السياسي العربي والإسلامي، ومورداً مقاربات تحليلية هادئة ومتزنة لكثير منها.


    ويأخذ الصافي سعيد على الذين يرفعون أمتهم عالياً إلى مستوى الرسالة الخالدة، وقد تمادوا طويلاً في الدماء واللامبالاة وسياسة البعثرة والتصفيات، مع أن تلك الأمة غير موجودة بالفعل، وأن وجودها الافتراضي يسكن في منطق ومنطقة طغيان قادتها.


    وهي مفارقة مذهلة، حيث في مجال الافتراض لهذه الأمة، لا توجد إلا الكلمات التي تأخذ مكان الوقائع، والاحتفالات التي تأخذ مكان الإنجازات. وبما أن وجود هذه الأمة لم يعد ظاهراً إلا في اللسان (لنقل الثقافة المشتركة)، فإن البلاغة قد حلت محل التبليغ (الخطاب).


    وقد كان دائماً للغة في الخطاب السياسي العربي، وجود مكثف، بينما ظل المضمون هزيلاً، ومكرراً مثل التعويذات السحرية، حيث كشفت حرب لبنان الأهلية (العربية العربية) عن هزال تلك اللغة الفضفاضة، حتى تحول الكل إلى عدو ضد الكل. ويقدم غزو الكويت دليلاً على هذيان تلك اللغة الهزيلة، أما سقوط بغداد، فقد عبّر بعمق على موت تلك اللغة الهزيلة والمريضة. ومع أن كل طرف يزعم أنه يمتلك اللغة الصريحة والعميقة، بيد أن الجميع كانوا يتلهون بالتنميق والتزويق على حساب الواقع العنيد والوله بالاستعارة لسد الفجوات بين الكلام والعمل، أو بين الشكل والمضمون، على نحو ما حدث للأدب العربي حين د��ل في عصر الانحطاط.


    إذاً، تنهض أطروحة الكتاب، التي تنهل من التاريخ وعلم الاجتماع والسياسة، على حالة خراب الأمة، أمة العرب، وهي على أعتاب القرن الحادي والعشرين، لذلك يريد الصافي سعيد ل«خريف العرب» أن يشكل إقرار حالة يائسة لأمة أرادوا لها أن تكون بائسة، مع أن أطروحة الكتاب لا تتوقف عند هذه الأطروحة وحسب، بل تحفر عميقاً في تربة البؤس، التي تتشكل من ثلاثية البئر والصومعة والجنرال، والتي دارت فوقها حرب أهلية دامية بين توأم العروبة والإسلام، انتهت إلى التدمير المتبادل، حسب تصور المؤلف.


    لقد حفر العرب الأوائل بئراً، ثم رفعوا من حوله صومعة، بعد ذلك نادوا: «الله أكبر، حي على الفلاح، حي على الجهاد». أما عرب القرن العشرين فقد حفر لهم الأجانب آباراً عديدة، ثم أخفوا بداخل بعضها صومعاتهم العديدة، بعد ذلك جاء جنود كثيرون لحراسة الآبار وجنرالات عتاة لتعليمهم الصلاة.


    ويتوقف الصافي سعيد عند الانعطافات التاريخية الكبرى التي ألمت بحال العرب، من سقوط بغداد الأول في عام 1258 إلى يافا في عام 1898، لكن الانعطافات تتوالى وصولاً إلى سقوط بغداد الثاني في عام 2003.


    ويستعين بابن الأثير ليصف حال بغداد في عام 1258، حيث يخبرنا هذا المؤرخ الكبير في لهجة باكية، مؤثرة، بأن غزو المغول للشرق الأدنى كان أعظم كارثة حلّت بالإنسانية»، حيث استطاع المغول أن ينتشروا على حساب عدة إمبراطوريات، فاستكانت الأرض تحت أرجلهم من وسط الصين إلى عين جالوت في فلسطين. لكن دار الخلافة العباسية، بغداد، التي خُربت، سوف يبتلعها الظلام لقرون طويلة، وقد أصبحت مسكناً لأمراء مبرقطين، ولإسلام مشعوذ ومأخوذ بالخرافات.


    إن الإسلام الذي كان لسانه الأقوى والحاد عربياً، قد بات أعجمياً، متلعثماً وثقيلاً ومولداً للسخريات والانشقاقات، ونُقل مع الخلافة العثمانية إلى خارج مداره العربي، إذ لأول مرة نشأت دار خلافة جديدة ورابعة خارج بلاد العرب ليصبح الإسلام غريباً عن العرب، ويصبح العرب يتامى الإسلام.


    تلك هي لحظة الانشقاق الكبير داخل نواة توأم العروبة والإسلام، وهي لحظة كانت تحمل خطرين كبيرين على ذلك التوأم، خطر العثمانيين القادمين من الشرق، وخطر الأوروبيين القادمين من الغرب، وكلاهما كان يطمح لامتلاك القوة والهيمنة على التجارة الدولية وسحق العرب إن جاز التعبير.


    ثم يتوقف الصافي سعيد عند القسطنطينية 1453، حين استولى محمد الفاتح الثاني على هذه المدينة، وهدم آخر الرموز البيزنطية. وكان سقوطها مدوياً على النحو العنيف الذي أحدثه سقوط بغداد قبل نحو قرنين من الزمن، حيث اجتاح العثمانيون الخط الفاصل ما بين الغرب والشرق. في تلك اللحظة، راح العرب يتوارون خلف الضباب، وخلف الإمبراطوريات الأعجمية، ولم يبق لهم إلا أن يسيروا في موكب جنازتهم كأمة قائدة، ثم جنازة دينهم الذي أصبح أعجمياً أو عثمانياً، بعد ان كان عربياً.


    وكانت غرناطة في عام 1492 آخر ممالك العرب في البرّ الواقع بين شمال المتوسط والمحيط الأطلسي، إلى أن دخلها الملك «فرديناند»، فيما أُخرج العرب والمسلمون بعد 781 سنة من الحكم العربي الإسلامي للأندلس. وفي عام 1798 إنقض نابليون بونابرت على أحسن ممتلكات الدولة العثمانية في أفريقيا، حيث تقدم إلى القاهرة من الإسكندرية، وهزم المماليك الذين كانوا لا يزالون حماة الأرض المصرية.


    ثم في العام 1830 تم احتلال الجزائر من طرف فرنسا ثم تونس والمغرب، فيما احتلت إيطاليا ليبيا، وبذلك فقدت الإمبراطورية العثمانية معالم الطرقات، فخسر العثمانيون القرن العشرين قبل أن يبلغوه، وكذلك الحال بالنسبة إلى العرب الذين ما أن شرعوا في تدريب أنفسهم على حكم أنفسهم بأنفسهم حتى فقدوا أوطانهم وثقافتهم وكثيراً من طموحاتهم.


    وفي لحظة القسطنطينية ويافا في عام 1898 يتوقف الصافي سعيد أولاً في القسطنطينية في اللحظة التي غاب فيها السلطان عبد الحميد، حين أيقن العثمانيون أنهم ودعوا آخر سلاطينهم الكبار، وأكثرهم صلابة وتكتيكاً، ثم يتوقف ثانية في يافا حين زار هرتزل لأول مرّة أرض فلسطين، إذ بعد برهة من زيارته جاءت اتفاقيات سايكس / بيكو ثم وعد بلفور.


    ولا يتوقف الصافي سعيد عن هذه اللحظات فقط، بل ينتقل إلى انعطافات القرن العشرين من تاريخ ما يعرف بالدولة العربية الحديثة، من خلال فصول سردية وأخرى تحليلية لتركيبة السلطة ونشأتها في العالم العربي، من المغرب وصولاً إلى عمان، مستعيناً بقراءة بانورامية موثقة، وبأسلوب سردي تارة وتحليلي تارة أخرى، ومتناولاً بنية الأنظمة العربية، وأهم التيارات الفكرية والسياسية التي نشأت بعد الاستقلال، حيث عمل بعضها على إعادة الالتحام بين العروبة والإسلام، وذلك عبر نظام قومي علماني ومدني ومتعدد الثقافات والهويات، يستند إلى تراث الإنسانية في الاختلاف والديمقراطية.


    فقد انطلق العرب في بداية القرن العشرين بعزيمة كبيرة، تدفعها طموحات شرعية لصناعة مجالهم الحيوي، لكنهم تجمدوا في الأماكن التي انطلقوا منها. لم يتمكنوا من توحيد التجزئة التي ورثوها، ولم يقدروا على منع التجزئة التي أحبوها بفعل الخوف والتهاون، حتى صارت التجزئة فلسفة للحكم والاستيلاء. وأثبتت التجربة أن الدولة العربية الحديثة أدامت واقع التجزئة، بوصفها كانت من نتائج اتفاقات دولية ومساومات جانبية، وليست من نتاج إرادات محلية وأهلية.


    وإن كان وجود الدول العربية ضرورة جيوستراتيجية، فرضها مبدأ الهيمنة الخارجي، فإن جدلاً واسعاً يدور اليوم حول إمكانية استمرار وجودها بشكله الحالي. فأمامنا العراق وهو ممدد على المشرحة الاستراتيجية من أجل إعادة صياغته على نحو ضروري ونافع للخارج، فانطلاقاً من النجف كعاصمة دينية مستعادة سيصبح الهلال الإسلامي، وهو ما يسمى اليوم، بالشرق الأوسط الكبير، تحت هيمنة النجف الشيعية في محاولة لتهميش مكة والقدس والقاهرة، وتغليب مبدأ الأقليات على الأغلبية.


    ويضيق المكان بسكانه، حين تعجز السلطة عن استثماره، إذ كلما مالت السلطة إلى الاستبداد ازداد عجزها، فلكي تزيد من رقابتها وشموليتها، عليها أن تشل من دينامية الشعب، ودينامية الممانعة. ويصبح الشعب ميالاً للكسل، عبر الحيلة والغش في كل شيء. فما دام السيّد يغش فلا لوم على العبيد.


    وتستند المنظومة الاستبدادية والكليانية إلى غموض الخطاب وصلابة السلطة وضعف المجتمع المدني، ويجد أن كل تقسيم للمكان إلى مساحات كبيرة يذهب أدراج الريح، ذلك أن كبر المساحة لا يعني زيادة الأرض ومن ثم الثروة، إنما يؤدي إلى تشديد الرقابة وتكثيفها للسيطرة على المكان وعلى السكان.


    وعليه فإن الصافي سعيد يرى بأن الطغيان لم يقسم المكان فقط إلى أجزاء صغيرة، بل هو شتت السكان إلى مجموعات صغيرة، أو إلى شظايا من الأفراد المتناثرين، يقعون بين درجة الرعية والمواطنة، قاضياً على المجموعات الفاعلة والمنظمة والضاغطة على مركز الطغيان، وعليه فإن الحريات لا تنمو في المساحات الصغيرة، لأن درجة التفاعل والجدل والتجمع وحتى الاحتجاج تقلّ، لأنها تصبح تحت مجهر الرقابة الضخم


    وبخصوص علاقة الإسلام بالديمقراطية، يرى الصافي سعيد أن الإسلام أثبت جدارته بالديمقراطية في أمم أخرى وقدرته على تنويع وإثراء تلك الديمقراطية حين يلتحم بحيزه الجغراسياسي القومي. فالمشكلة لا توجد في الإسلام، إنما توجد في السلطة العربية، وكذلك في الحركات الأصولية والسلفية، حيث تحتكر السلطة العربية المتن والهامش، الشرح والتأويل من جهة أولى، فيما تتبنى الأصولية والسلفية تقاليد وقيم أبشع عصور الإسلام ولا تتبنى عصوره الذهبية من جهة أخرى. وفيما الإسلام عرف التسامح والمعرفة والموسيقا والشعر، يصرّ السلفيون والأصوليون على العودة إلى الجزء المظلم من الإسلام، وهو ��بارة عن مسرح خاو يجد فيه المؤمن نفسه وجهاً لوجه مع ربه.


    وإذا كانت السلطة العربية قد دمرت الحيز الجغرافي للأمة العربية وجعلته هباءً للتحكم فيه، فإن حركات الإسلام السياسي هي، أيضاً، قد شوّهت المرجعيات الثقافية بعد أن دمرت الحيز الاجتماعي، وجعلت من الأمة الإسلامية الافتراضية بديلاً للأمة العربية الواقعية، وعليه فإن السبيل للخروج من هذا المأزق هو تبني العلمانية التي يعتبرها الصافي سعيد من الإنجازات الكبرى لتعزيز حرية الإنسان، ذلك أن فصلها بين السياسي والديني لن يضمن فقط تعايش عدة معتقدات، بل يضمن الحصول على المواطنة السياسية بمعزل عن هذه المعتقدات.


    وينتهي الكتاب عند حدث سقوط بغداد، لكن خريف العرب لا ينتهي عند هذا الحدث الجلل، حيث لم يتوقف الصراع الدامي بين العروبة والإسلام، إذ باتت العروبة شبحاً مطارداً ومنتحراً، وبات الإسلام عابراً وتائهاً، بل وانتحارياً بعد أن رفع رايته الاصوليون والجهاديون، وصار الصراع على الإسلام مفتوحاً.


    عمر كوش


    الكتاب: خريف العرب


    البئر والصومعة والجنرال


    الناشر: دار بيسان ـ بيروت 2005


    الصفحات: 471 صفحة من القطع الكبير




    البئر والصومعة والجنرال


    الناشر: دار بيسان ـ بيروت 2005


    الصفحات: 471 صفحة من القطع الكبير
                  

07-20-2006, 03:42 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خريف العرب // اتمني الحصول علي هذا الكتاب هل من مجيب (Re: Sabri Elshareef)
                  

07-20-2006, 11:04 AM

Omayma Alfargony
<aOmayma Alfargony
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خريف العرب // اتمني الحصول علي هذا الكتاب هل من مجيب (Re: Adil Osman)

    الاخ صبري

    تحياتي وأشواقي

    تخيل كل ما امشي مدبولي أو سور الازبكية أو الديوان بسأل عن خريف العرب

    لكن للاسف الاجابة تظل كما هي...لا والله مافيش بس تعالي كمان اسبوعين نحن جايلنا شحنة كتب جديدة

    طبعا المصريين في البكس يعجبوك...يعنى انا هسة لي سنة مستنية الشحنة تجى وكل مرة الشحنة بتتأخر اسبوعين وشهر.

    المهم
    ان شاء الله انت تلم فيه.

    خالص المني.
                  

07-26-2006, 11:55 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خريف العرب // اتمني الحصول علي هذا الكتاب هل من مجيب (Re: Sabri Elshareef)

    شكرا عادل عثمان ما عدمناك


    كذلك الصديقة اللطيفة دكتورة اميمة كتر خيرك علي


    الوصل منك لكن تحت الرف عامل مدبولي يبيع الكتب الممنوعة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de