|
|
 الحاج ورّاق عن أزمنة الكوليرا: علاقة الانقاذ بمواطنيها علاقة عبودية شاذة تقوم علي الجباية
|
عن أزمنة الكوليرا !
الحاج وراق
في يوم الخميس 6 يوليو، ورد في الصحف ، بما في ذلك غير المتهمة بولائها للطابور الخامس«!» :
- (مازالت موجة الاسهالات المائية الحادة تهدد معظم الولايات... . فقد أصاب المرض أكثر من (7) ولايات شمالية بالاضافة الى الولايات الجنوبية ، وبلغت نسبة الاصابة في الولايات الشمالية (2406) حالة منها (90) حالة وفاة!... وأشارت منظمة الصحة العالمية في تقرير سابق لها الى ان عدد الاصابات بالولايات الجنوبية بلغ أكثر من 14 ألف حالة منها (500) حالة وفاة ... وعزت الوزارة المسألة لانقطاع المياه لمدة 6 شهور واستخدام مياه غير صالحة للشرب في الجنوب.
كما بلغت نسبة الاصابة بالمرض بولاية الخرطوم (700) إصابة حيث بدأ ظهور المرض في اماكن محددة وانتشر في بقية الولاية بسبب المياه الملوثة وتدهور صحة البيئة خاصة في الاسواق... وقالت وزارة الصحة بولاية الخرطوم ان السبب في ذلك يرجع الى انقطاع المياه لمدة عشرة أيام متتالية واستخدام المواطنين لمياه غير صالحة للشرب الامر الذي أدى الى انفجار الوضع وارتفاع عدد حالات الاصابة... ).
تقرير اخباري لعواطف عبد القادر ـ صحيفة (الانتباهة).
- (ارتفعت حالات الاصابة بمرض الاسهال المائي الحاد في ولاية النيل الابيض الى 1115 حالة منها (500) حالة بمحلية الجبلين و(206) حالة بمنطقة جودة... وعزا المصدر ارتفاع الحالات الى تلوث المياه وشحها واعتماد المواطنين على المياه الراكدة... .)
صحيفة (الوطن)
- (كشف مصدر طبي مسؤول بولاية الجزيرة عن ارتفاع حالات الاصابة المكتشفة للاسهال المائي الحاد بمنطقة (ألتي) الى (35) حالة ووفاة (6) من المصابين... ).
صحيفة (اخبار اليوم).
ü لوحة واحدة، تمتد من جنوب البلاد الى شمالها، حيث يعاني المواطنون ، في دولة نفطية، من شح المياه! فيضطرون الى تجرع المياه الملوثة والراكدة، بما في ذلك في العاصمة القومية، التي يحتضنها النيل برافديه! والتي انقطعت المياه عن بعض احيائها لعشرة ايام متتالية! ولاتزال الكثير من أحيائها تسهر الى ساعات الفجر الاولى للحصول على أقل القليل من المياه! وفي المحليات المختلفة، التي تتفنن سلطاتها في جباية الاتاوات التي تشبه اتاوات المافيا وتجمع بذات وحشية الباشبوزق في التركية السابقة، ومن بينها اتاوات النفايات، في كل هذه المحليات نشهد تدهورا في صحة البيئة، خاصة في الاسواق!... وبالنتيجة انفجار خطير لما يسمي بالاسهالات المائية الحادة (الاسم الحركي للكوليرا)! وقد علمت الكوارث والمآسي السودانيين الكوميديا السوداء، علق احدهم ساخراً بان الحاحهم في الحديث عن الاسهالات المائية كأنما يقول بان هناك اسهالات (ناشفة)!!
ü وحقاً ان الاوضاع في البلاد لا يمكن وصفها الا بمفردات الكوميديا السوداء، فأي استهتار، وأي ضيق أفق، تدير بهما الحكومة القائمة البلاد؟!
تصل الاصابات الى حوالي عشرين ألف إصابة، وتنتقل من ولاية الى أخرى، والخريف على الأبواب، بما يشير بوضوح الى احتمال انفجار وبائي هائل، وضع يدفع أية حكومة مسؤولة لأن يقف شعر رأسها، ولكن مع ذلك لم نسمع بأن مجلس الوزراء قد عقد جلسة طارئة مخصوصة لمناقشة الوضع الصحي، أو خصص ميزانية طوارئ لمقابلة تفشي الأوبئة الخطيرة في البلاد! ولم نسمع بأن ولاة الولايات قد عدلوا أولياتهم في سفلتة الطرق وإنارة الشوارع بما يتفق وأولوية الأولويات أى توفير المياه التي جعل منها كل شئ حي، أو مواجهة تدهور صحة البيئة! ولم نسمع بالولاة وقد غيروا برامج زياراتهم الاستثمارية الى الخارج، ولم نسمع بخطة محددة وواضحة لإصحاح البيئة في المدن ، كما لم نسمع بمحاسبة لسلطات المحليات التي تجبي رسوم النفايات لتغدقها على بكتريا الصرف الاداري والبذخي، مما يشكل الأساس الموضوعي لانتشار بكتريا الكوليرا!.
ü إن هذه اللامبالاة الاجرامية لتؤكد بأن الانقاذ إنما تتصور علاقتها بالمواطنين كعلاقة عبودية شاذة- علاقة تستنزف فيها عبيدها بالجبايات والرسوم، ثم تصرف هذه المداخيل على رفاه الأسياد، الاسياد من «الاتراك» و«المتوركين». على قصورهم «المشيدة» و«العائمة» و«الراجلة» ، ومن ثم على «الكرباج» أى على الأمن السياسي الذي يبقى العبيد تحت الإخضاع !. ومصدر الشذوذ في هذه العلاقة إن علاقة العبودية نفسها، تتطلب من الأسياد الحرص في حدود معينة على صحة عبيدهم!! ثم إن الأمن السياسي نفسه، على المدى الطويل، لا يمكن استدامته اذا لم يترافق وتوفير أبسط مقومات الحياة كمياه الشرب! ولكن الإنقاذ «المتغلبة» - كما في مصطلح أول عالم إجتماع في التاريخ ابن خلدون- أو التي تعاني غطرسة القوة كما في المصطلح الحديث، لا تأبه بشئ اذا لم يهدد سلطتها تهديداً مباشراً، ولهذا فإنها تهتم بلعلعة الرصاص فتسعى الى «تسكين» نخب الولايات في جداولها لتوزيع السلطة والثروة، ولكنها لا تهتم بانفجار الكوليرا ولا بعطش المواطنين، أو بالايدز، ولا بالزحف الصحراوي، أو بخراب التعليم والمستشفيات الحكومية، فاذا لم تمسك الحركة الجماهيرية بهذه القضايا وتضغط بها بما يحولها الى قضايا «أمنية» مباشرة تعيرها الانقاذ اهتمامها، فإن الأوضاع في البلاد، وكما تنبأ ابن خلدون، تتجه حثيثاً الى «خراب العمران»!!.
ü وهذه هى الانقاذ، وهذه طبائع تغلبها، فما بال الحركة الشعبية وأحزاب التجمع الوطني الديمقراطي؟ كان المأمول أن يدشن تسلم الحركة الشعبية لوزارة الصحة ثورة شاملة في الخدمات الصحية في البلاد ! ولكن الواضح إن د.ثابيتا ميؤوس منها، ولكي لا يمتد اليأس الى الحركة الشعبية نفسها، فهناك الكثير ما يمكن عمله ، وليشرع في ذلك الاستاذ/ ياسر عرمان بحكم مسؤولياته، كرئيس لكتلة نواب الحركة وكرئيس للجنة الاعلام في البرلمان، وليقم بزيارة الى أقسام الحوادث في مستشفيات العاصمة، وليلزم التلفزيون الحكومي بتغطية زيارته، وعرض مشاهد المرضى في النقالات المهترئة والمتسخة، وعلى الأرض، يتسولون المعاينة ولا تتوفر لهم حتى مجرد امكانية فحص الفسحة في المستشفى!، تلك خطوة أولى وأساسية ، لتعرية الأوضاع القائمة، وعرضها بلا تزويق، كمقدمة للإصلاح ، وليبدأ بعقد سمنارات في البرلمان عن الخدمات الصحية، بما فيها صحة البيئة، وبمناقشة كيفية زيادة ميزانية الصحة، واشراك الاطباء في التخطيط لترقية الخدمات، وبزيادة أعدادهم وتحسين أوضاعهم ، وإعادة التفكير في التوازن بين سلطات ومسؤوليات المحليات، بين جباياتها وخدماتها... الخ وهذه هى الخطوات المحددة والملموسة لجعل أطروحة السودان الجديد ذات مغزى!
www.alsahafa.info
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست