الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 03:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-05-2006, 10:44 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي


    (1) يجلس شابان على مقعدين متجاورين تماما أو مقعد يتسع لإثنين. الصمت يطبق عليهما، شانهما شان بقية الجالسين على المقاعد الأخرى. الأطول قامة منهما ينظر إلى الأشياء من حوله بنوع من الاستعلاء لا يحاول مواراته. أما الندبة الممتدة من أسفل خده و حتى الذقن فتؤكد ما يذهب إليه الناظر تجاهه من أنه خاض معارك ربما لم تكن ضرورية. على أية حال، كان وسيما أنيقا لا يضع ذيل قميصه داخل بنطاله.

    الآخر ذو البشرة الداكنة كان يمسك صحيفة و مظروفا بني اللون و بحجم كبير. لم يكن يكترث للأشياء من حوله. فيما عدا ذلك يديم النظر إلى الصبايا الجميلات و غير الجميلات اللائي يعبرن في الجوار، أو يقفن. لم يقم بفرد الصحيفة و تصفح محتوياتها على العكس مما يوحي به مظهره. ذلك أن الذي يرتدي قميصا بنيا و حزاما بلون الكبد المحروقة فضلا عن الحذاء البني الذي لم تتردد إيطاليا في تصديره إلى العالم، يتعين عليه أن يفعل ذلك سيما و أن شاربه رفيع كشارب مجاوره.

    قال أحدهما لأحد المنضمين حديثا إلى المجموعة مشيرا إلى شخص أخذ يبتعد:
    - أيعرفك ذلك الشخص؟
    - لا!
    - كانت يده في جيبك.
    انتفض الرجل متلهفا إلى إدخال يده في جيب بنطاله الخلفي. عاثت يده طويلا و بتسرع، ثم قال بطمأنينة أكيدة:
    - لا أعرفه.

                  

07-05-2006, 10:59 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    (2) هأنت تجمع أوراقك المهمة في هذا المظروف الكبير. تحاول ملء عينيك من هذه الحياة التي تستعذبها؛ الوطن، الناس، الشمس الأكثر سطوعا، و هذا التعرق الذي يغرقك طوفانه. ما أجمل الفتيات و كل النساء في عينيك اليوم! هل لأن ذلك الهرمون مرتفع النسبة في دمائك هذه الأيام؟ أم لأنهن فعلا كذلك؟ أم الاثنان معا؟ لا تهمك الإجابات بقدر ما يبدو كل شيئ مسترعيا الإنتباه و جميل التفاصيل.

    في مظروفك يرقد خطابها الأخير إليك. كتبته بعناية رغم عدم وضوح خطها. هل تراها كلماتها بذات الوضوح المتخفي بين ثنايا السطور؟ حتى اسمك لم تكتبه في صدر الخطاب. أما توقيعها فلم تكتحل عيناك بمرآه قط. لقد كانت تحرص في أوقات تواجدكما معا في المدينة على أن تظهرا كثنائي معظم الأوقات، و على مرآى من الجميع. الكثيرون ربطوا بينكما. حتى أنت كنت تحسها عالقة تماما. أحيانا تبوح لك بسر معاكسات الآخرين لها، و عروض العشق و الزواج التي تتلقاها، و في كل مرة تقول لك:
    - لا أدري لماذا أخبرك بهذه الأشياء، فأنا لا أخبر بها أحدا و بخاصة شقيقيّ.

    عندها كنت تستمع إليها فقط و لا تعلق بشيئ. و مع ذلك تجد نفسك مرتاحا بحضرتها و لا تشتهيها.
    .
    .
    .
                  

07-05-2006, 11:17 AM

غادة عبدالعزيز خالد
<aغادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    الاخ ابو عسل

    نتابع معك النص القصصى,

    و نركض معك, الى الشمس

    و نتبعك الى تلكم

    المدائن,

    برغم البعد

    خالص الود
    غادة
                  

07-05-2006, 11:32 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: غادة عبدالعزيز خالد)

    المحترمة
    غادة عبد العزيز خالد
    يا سيدتي، شكرا على كلماتك الجميلة.

    إنه تراكضنا جميعا إلى فراديس ستظل مستحيلة
    نبحث عنها في كل مكان بعد أن ضاع منا الوطن
    هل ضيعناه نحن؟ أم أضاعه الحكماء المرتزقة؟

    إنه إنتظار الملايين لمسيح ربما لن يأتي
    لكن الشمس ستظل مد الأفق تفتح ذراعيها لنا
    ربما تكتسي الشمس أوشحة الحرية فهي لا تكذب
    و لا تتجمل، لأنها الأنبل..
    و لأننا نركض إيها
    عشت
                  

07-05-2006, 11:36 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    في مظروفك الكبير أيضا تتمدد شهاداتك الأكاديمية و المهنية بتعدداتها و نسخها. هي ما بقي لك من سلاح مثلوم تواجه به الحياة التي أمست لا تعترف بمؤهل أعل كعبا من الحظ الحسن و التوفيق و المحسوبية. هذا عدا عن معايير ربما لا تعرفها أو تغض الطرف عن تذكرها لبشاعتها. هل ستلاحقك تلك المحسوبية في غدك الذي تستشرفه مشرقا؟

    لتعد إلى فتاتك –بالأحرى سابقا- و لتستخرج خطابها المزعوم أخيرا، و تفتحه، و تقرأه. هل ستستبقيه ذكرى لتلك الأيام التي كنت تجدها حلوة؟ تلك الأيام التي يسرق فيها القمر أضواء المدينة ليظل وحده متربعا على قبة العشق مدعيا الإمساك بمقاليد النفوس؟ أم تلك الأيام العذبة التي كانت تجلس فيها إليك تحدثك عن كل شيئ بدءً بأحاسيسها و صغائر أحلامها، و حتى لون أطفالكما و عدد الإناث فيهم؟ ذات مرة قالت لك إنكما سترقدان منفصلين، كلاً في غرفة، بعد زواجكما. أجبتها بأنك ستتزوجها و تظل مقيما مع أمك كشأنها في بيت أبيها. حتى جاءت تلك الأوقات التي حدثتك فيها عن قريب أبيها و غيرته الأخوية، و أرتك صوره ببزاته العبقرية و وسامته. كنت تعجب أنه لم يتقدم للزواج منها تبعا لما أخبرتك به! لكن ثمة أناس يؤمنون ألا كرامة لنبي في أهله. أما هي فتؤكد أنها لم تعرف العشق قبلك. فلتحتفظ لها بذكرى قرصاتها لك في فخذك عندما تداعبها بأنك على غير استعداد لتدليل شخص أكبر منك سنا؛ هي. و المدينة المشتغلة بالناس تنقل إليك أن قريبها ذاك يريد زواجها. فلربما رفضته و ظل على وفاء القربى و بقية من حب ظن أنه سينتصر. ثمة أناس يستهويهم الرفض و يظنونه تمنعا. فليهنأ بها، أو فليفعل غيره! أما أنت فالحياة الجديدة تناديك، و الصبايا أرتال.
    .
    .
    .
                  

07-05-2006, 04:47 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)


    فليهنأ بها، أو فليفعل غيره! أما أنت فالحياة الجديدة تناديك، و الصبايا أرتال.

    تجري عيناك على السطور و الكلمات من خطابها، لكنك تغرق في جداول أفكارك الجامحة، و تعرف أن الحب عندما يتحول إلى شفقة يضحي مناحة في عرس. فلتمنحها صكا بالحب؛ حبك و للحب؛ حبها، لتظل هي سمكة ظمأى للعشق و للرجال.

    هيا، أعد خطابها المتوسل ذكرى جميلة إلى المظروف، و لتخرج جواز سفرك ذا الخضرة و الزهاء، و تتملّى من تأشيرة الدخول إلى تلك البلاد البعيدة لتتنسم عبير حياة لم تجربها! هل هي الحرية، أم التحرر، أم الإيغال في التمدن؟ لتؤجل الإجابة ريثما تكتشف كل شيئ بنفسك!

    تلحظ أن شريكك في المقعد يحاول استراق النظر إلى ما بين يديك، فتلتفت لتراه لأول مرة. هل هي فعلا لأول مرة؟ كأنك رأيته من قبل. نعم.. هو قريبها ذو البذات و الحلل. ما باله شاحب و ناحل؟ أم هي الصور خدعتك؟ يتململ في جلسته و يتنحنح. هل هو الفضول؟ لا تأبه له. هو جزء شاحب من ماض أكثر طيفية. تحبط كل محاولاته جرك إلى الحديث. لعله لمح الخطاب، و عرف الخط. لكن سيَان الآن.
    نعم، أنت لست روميو و لا جميل. من اللاشيئ الراقد، هناك، في قلبك تستنبط لها صورا شتى ليس كما تتمنى بل كما بدت في المرة الأخيرة التي إلتقيتها فيها. كانت متسخة يعلوها زبد العاطفة. و أنت، ستنتظر المخاض و فينوس الخارجة من ثبج البحر.
    .
    .
    .
                  

07-08-2006, 08:42 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    كانت متسخة يعلوها زبد العاطفة. و أنت، ستنتظر المخاض و فينوس الخارجة من ثبج البحر.(3) هأنذا أتعافى أخيرا من جراحي. رصاصة في الساق و خمسة عشر يوما ثم يجيئون لنقلنا إلى العاصمة بتموضعها البعيد. عذاب لا يطاق كابدته، و انتهى بي الحال إلى أن أسعى بساق أقصر من رفيقتها. ما أيد شفائي السريع زياراتها المتكرة لي في المشفى البغيض. دموعها التي تذرفها عند مرآي كانت دليل محبتها برغم رفضها غير الصريح لي. هل رفضتني حقا ذات يوم؟ في الواقع، هل طرحت عليها فكرة الإقتران بي فعلا؟ كانت لقاءاتنا مزيجا من إمعانها في التهرب كلما تجاسرتُ على إثارة موضوع ثنائية الرجل و المرأة و نظرات مترددة البوح.

    كلما أحسستها قريبة مني أشعر بها تفر عن عمد، و هو ما كان يحبط محاولاتي طرح سؤال الإرتباط. في كل مكان قدمتني إلى صويحباتها على أنني قريب أبيها. ألا تعلم أن أباها يعود بجذوره فقط إلى منطقتنا؟ هكذا صرت معروفا في تلك المدينة حيث تقيم و أهلها و حيث ذهبت أعمل بشعور المنفي إلى فصول الجحيم. و هكذا ربطت المدينة المشتغلة بالناس بيني و بينها لدرجة أن زملائي سالوني عن موعد الزواج و أجبت بأنه سيكون قريبا.

    اليوم، و قبل رحيلي إلى مدينة أخرى في الأقاصي، أذكر جيدا أنني عندما كنت أرقد في المشفى سألتها إن كانت تقبل بي زوجا و أجابت بأن عليَ أن آخذ الدواء في مواعيده و آكل جيدا حتى أشفى بسرعة و عندها سنتحدث في كل شيئ. كانت محاولة مني لإنتزاع نصر في حالة ضعف بينما تقمصت هي دور طبيبة ناجحة. إن أجمل انتصاراتنا هي التي تتحق و نحن في وضع ضعيف. ثم جاء يوم أشد وقعا في نفسي من الجراح و الشظايا السبع التي تستقر في جسدي. علمت أن آخرا في حياتها. أو هكذا خمن الكثيرون، فقد شاهدوا شابا أنيقا لا يفوقني في شيئ يكثر الظهور معها. ربما ما يحمل من درجة علمية مؤهله الوحيد لإجتذابها، و لكن لي مركزي المتميز. تُرى هل كان يقف طوال الوقت بيني و بينها دون أن أعلم؟ أم قفز إلى حياتها بعد رحيلي من تلك المدينة إلى أحد "المنافي" البعيدة؟ آه لو ألتقيه و استنطقه، أو أعرف منه الحقيقة! لا.. بل سأكتفي بأن أطلق عليه رصاصة واحدة من مسدسي الكبير.
    .
    .
    .
    .
                  

07-08-2006, 08:42 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    كانت متسخة يعلوها زبد العاطفة. و أنت، ستنتظر المخاض و فينوس الخارجة من ثبج البحر.(3) هأنذا أتعافى أخيرا من جراحي. رصاصة في الساق و خمسة عشر يوما ثم يجيئون لنقلنا إلى العاصمة بتموضعها البعيد. عذاب لا يطاق كابدته، و انتهى بي الحال إلى أن أسعى بساق أقصر من رفيقتها. ما أيد شفائي السريع زياراتها المتكرة لي في المشفى البغيض. دموعها التي تذرفها عند مرآي كانت دليل محبتها برغم رفضها غير الصريح لي. هل رفضتني حقا ذات يوم؟ في الواقع، هل طرحت عليها فكرة الإقتران بي فعلا؟ كانت لقاءاتنا مزيجا من إمعانها في التهرب كلما تجاسرتُ على إثارة موضوع ثنائية الرجل و المرأة و نظرات مترددة البوح.

    كلما أحسستها قريبة مني أشعر بها تفر عن عمد، و هو ما كان يحبط محاولاتي طرح سؤال الإرتباط. في كل مكان قدمتني إلى صويحباتها على أنني قريب أبيها. ألا تعلم أن أباها يعود بجذوره فقط إلى منطقتنا؟ هكذا صرت معروفا في تلك المدينة حيث تقيم و أهلها و حيث ذهبت أعمل بشعور المنفي إلى فصول الجحيم. و هكذا ربطت المدينة المشتغلة بالناس بيني و بينها لدرجة أن زملائي سالوني عن موعد الزواج و أجبت بأنه سيكون قريبا.

    اليوم، و قبل رحيلي إلى مدينة أخرى في الأقاصي، أذكر جيدا أنني عندما كنت أرقد في المشفى سألتها إن كانت تقبل بي زوجا و أجابت بأن عليَ أن آخذ الدواء في مواعيده و آكل جيدا حتى أشفى بسرعة و عندها سنتحدث في كل شيئ. كانت محاولة مني لإنتزاع نصر في حالة ضعف بينما تقمصت هي دور طبيبة ناجحة. إن أجمل انتصاراتنا هي التي تتحق و نحن في وضع ضعيف. ثم جاء يوم أشد وقعا في نفسي من الجراح و الشظايا السبع التي تستقر في جسدي. علمت أن آخرا في حياتها. أو هكذا خمن الكثيرون، فقد شاهدوا شابا أنيقا لا يفوقني في شيئ يكثر الظهور معها. ربما ما يحمل من درجة علمية مؤهله الوحيد لإجتذابها، و لكن لي مركزي المتميز. تُرى هل كان يقف طوال الوقت بيني و بينها دون أن أعلم؟ أم قفز إلى حياتها بعد رحيلي من تلك المدينة إلى أحد "المنافي" البعيدة؟ آه لو ألتقيه و استنطقه، أو أعرف منه الحقيقة! لا.. بل سأكتفي بأن أطلق عليه رصاصة واحدة من مسدسي الكبير.
    .
    .
    .
    .
                  

07-09-2006, 06:51 AM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    لا.. بل سأكتفي بأن أطلق عليه رصاصة واحدة من مسدسي الكبير.

    أحس الجالس إلى جواري يتصفح الكثير من الأوراق. فلألق نظرة لن تقتل غزالا على أي حال. يا لطيف الألطاف، نجنا مما نخاف! أرى خطها على الورقة التي بين يديه محدقا فيها لفترة طويلة! نعم.. أجزم أنه خطها. و لكن من هذا الرجل؟ و من أين له هذه الورقة؟ لأكن حذرا و أحاول استراق النظر إلى الورقة. "احتكمت عواطفي إلى أنبل احساس فاخترتك شريكا لروحي توءما لحياتي في الابدية و في هذه الدنيا الفانية." يا للهول! هو أسلوبها عينه. إذن فهو غريمي! الرجل الذي نجح في ما لم أنجح فيه قط. لكن لأستوثق منه. أعرف كيف أجره إلى محادثة عابرة يعقبها تعارف. هيا.. عليَ أن أسرع!
    _ الجو حار جدا هذه الأيام.
    _ ...........

    ما باله يصمت؟ هل هو مستغرق أم متصامم؟ لأجدد المحاولة:
    _ الناس في هذه الأيام لا يعرفون الإتيكيت..
    _ ..........

    هو صامت كأبي الهول يعبث بأوراقه و يطوي الخطاب بعناية و يضعه في مغلفه الذي يحمل، أيضا، خطها الواضح ثم يدخله في المظروف البني الكبير. ها هو يسد النافذة الزجاجية دون أن ينظر إليَ، بعد أن طلبت منه ذلك.

    هل سأرضى أن ينتصر مثل هذا الذاهل عليَ؟ لماذا لا أكون واقعيا، فهناك ألف فتاة تتمناني و هي لا تصل عشر معشار إحداهن. إذن، فهنيئا له بها!
    .
    .
    .
    .
                  

07-10-2006, 09:17 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    لماذا لا أكون واقعيا، فهناك ألف فتاة تتمناني و هي لا تصل عشر معشار إحداهن. إذن، فهنيئا له بها!

    (4) توقفت الحافلة عند محطها الأخير في وسط المدينة. دفع أولهما نزولا قيمة تذكرتين دون أن يتم التعارف بينهما. ترجل الآخر بعده، و كذلك دفع قيمة تذكرتين للسائق فنبهه الأخير إلى أنها مدفوعة. اندهش! سأل عمن فعل، فأشار السائق إلى جهة ما. عزم أن يتعرف إليه و يشكره. لكنه عندما إلتفت وجد أن الآخر كان يركض بكل ما أوتي من حُلم.
                  

07-05-2006, 02:08 PM

صديق عبد الهادي

تاريخ التسجيل: 11-02-2005
مجموع المشاركات: 705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    الاخ ابو عسل،


    "(2) هأنت تجمع أوراقك المهمة في هذا المظروف الكبير. تحاول ملء عينيك من هذه الحياة التي تستعذبها؛ الوطن، الناس، الشمس الأكثر سطوعا، و هذا التعرق الذي يغرقك طوفانه. ما أجمل الفتيات و كل النساء في عينيك اليوم!"

    هل هنالك ما يحرض علي المتابعة اكثر من ذلك ؟ !!!

    مودتي،

    صديق عبد الهادي.
                  

07-11-2006, 04:42 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: صديق عبد الهادي)

    الكريم: صديق عبد الهادي
    مرة أخرى يا سيدي البنت مباركة و إن شاء الله
    تكون من بنات الوطن الماجدات. و تحضرني مقولة
    أمهاتنا و خالاتنا و جداتنا أن "البنت رجلها باردة"
    بمعنى أن مقدمها ميمون سيما لو جاءت في الباكورة.
    هذا المكان شع طويلا لحضورك... أما المتابعة
    فنحن ، النص و شخصي الأغبش، فسعداء بها حد الغبطة
    .
    .
    .
    تعيش
                  

07-05-2006, 02:25 PM

AMNA MUKHTAR
<aAMNA MUKHTAR
تاريخ التسجيل: 07-31-2005
مجموع المشاركات: 13702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: ربما تكتسي الشمس أوشحة الحرية فهي لا تكذب
    و لا تتجمل، لأنها الأنبل..


    متابعين مع هذا التشريح

    أخى الفاضل ابو عسل ..
                  

07-12-2006, 07:50 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: AMNA MUKHTAR)

    أختي النبيلة آمنة مختار
    يا سيدتي، مثلك من يجترح التشريح و الاستبصار
    سعيد بمتابعتك و حضورك الباهي...
    كني بخير و النجمة
                  

07-10-2006, 09:34 PM

sharnobi
<asharnobi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4414

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote:

    لماذا لا أكون واقعيا، فهناك ألف فتاة تتمناني و هي لا تصل عشر معشار إحداهن. إذن، فهنيئا له بها!




    ????
                  

07-13-2006, 09:55 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: sharnobi)

    sharnobi
    مرورك الجميل تشكر عليه كثيرا جدا
    بس عندي سؤال حول تساؤلك :
    علامات الاستفهام الأربعة ديل بخصوا منو؟
    الشخصية التي تروي؟ أم كاتب النص؟
    .
    .
    تاني شكرا ليك
                  

07-13-2006, 10:34 PM

sharnobi
<asharnobi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4414

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    ابو عسل


    1- لماذا لا أكون واقعيا؟
    2- فهناك ألف فتاة تتمناني!
    3- هي لا تصل عشر معشار إحداهن
    4- إذن، فهنيئا له بها!

    الاصح
    سؤال
    معطى
    معطى
    نتيجة
    ويمكن يكون الاستفسار واقعيا لا عن الكاتب او بطل القصة ايضا للقارئ
                  

07-13-2006, 10:39 PM

Muhib
<aMuhib
تاريخ التسجيل: 11-12-2003
مجموع المشاركات: 4084

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: sharnobi)

    جزئيه ..
    Quote: 1- لماذا لا أكون واقعيا؟
    2- فهناك ألف فتاة تتمناني
    !

    جزء من السؤال ..نتيجه حتميه يعلمها السائل وهو متاكد منها .. قصص جميله اخ ابو عسل
                  

07-16-2006, 10:17 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: Muhib)

    Muhib
    Quote: .. قصص جميله اخ ابو عسل
    جميلة هي قراءتك للنص .. و لذا فهي
    قد كسته جمالا.
    .
    .
    Quote: 1- لماذا لا أكون واقعيا؟
    2- فهناك ألف فتاة تتمناني

    !

    جزء من السؤال ..نتيجه حتميه يعلمها السائل وهو متاكد منها

    هذه الشخصية تساءلت.. ربما هي تعلم
    الإجابة كما تفضلت يا سيدي...
    لكن الأكيد هو أنني لا أعلم الإجابة
    دم بألف خير
                  

07-14-2006, 03:07 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: sharnobi)

    العزيز sharnobi
    سلامات تاني.
    شكرا على ردك على سؤالي..
    أعتقد أن إجابتك في غاية الذكاء.
    و لعلها تصب في خانة الشراكة التي
    تظل قائمة بين الكاتب و القارئ..
    أما الشخوص فتظل تتأرجح ما بين الاثنين
    في ظني...
    عشت
                  

07-16-2006, 10:58 PM

Muhib
<aMuhib
تاريخ التسجيل: 11-12-2003
مجموع المشاركات: 4084

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    Quote: هذه الشخصية تساءلت.. ربما هي تعلم
    الإجابة كما تفضلت يا سيدي...
    لكن الأكيد هو أنني لا أعلم الإجابة


    جميل تجردك من معرفة شخوصك او رموزك الكتابيه .. احب الكاتب الذي يعامل شخصيات قصصة , كشخوص مستقلين .. انت قاص هنا , فدع للنقاد تفنيد تجارب
    رموزك وشخوصك والغوص معهم ..كم انت جميل ياعسل ..
                  

07-19-2006, 05:20 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: Muhib)

    المحترم محب
    يا صديقي، أشكرك على نثر رؤاك الشفيفة هنا .
    Quote: كم انت جميل ياعسل

    هذا من حسن ظنك و كم الجمال الذي تزدحم به
    دواخلك يا أخي. شكرا أنك نفحتنا بدفق منه.

    أما النقاد و استبصاراتهم فالمجال مشرع لها
    مد الأفق...
    يقيني أنك تملك ما هو أكثر من الاستبصار فدونك
    النص افعل به ما تشاء.ذلك أنني أؤمن أن النص،
    أي نص، يغدو إرثا إنسانيا بمجرد فراغ كاتبه
    من صياغته..
                  

07-21-2006, 09:48 PM

ابوعسل السيد احمد
<aابوعسل السيد احمد
تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 3416

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الركض إلى الشمس و مدائن بعيدة؛ نص قصصي (Re: ابوعسل السيد احمد)

    لنضع أجزاء النص الآن إلى جوار بعضها
    و لنر كيف يمكن أن يُقرأ:


    (1) يجلس شابان على مقعدين متجاورين تماما أو مقعد يتسع لإثنين. الصمت يطبق عليهما، شانهما شان بقية الجالسين على المقاعد الأخرى. الأطول قامة منهما ينظر إلى الأشياء من حوله بنوع من الاستعلاء لا يحاول مواراته. أما الندبة الممتدة من أسفل خده و حتى الذقن فتؤكد ما يذهب إليه الناظر تجاهه من أنه خاض معارك ربما لم تكن ضرورية. على أي حال، كان وسيما أنيقا لا يضع ذيل قميصه داخل بنطاله.

    الآخر ذو البشرة الداكنة كان يمسك صحيفة و مظروفا بني اللون و بحجم كبير. لم يكن يكترث للأشياء من حوله. فيما عدا ذلك يديم النظر إلى الصبايا الجميلات و غير الجميلات اللائي يعبرن في الجوار أو يقفن. لم يقم بفرد الصحيفة و تصفح محتوياتها على العكس مما يوحي به مظهره. فالذي يرتدي قميصا بنيا و حزاما بلون الكبد المحروقة فضلا عن الحذاء البني الذي لم تتردد إيطاليا في تصديره إلى العالم، يتعين عليه أن يفعل ذلك سيما و أن شاربه رفيع كشارب مجاوره.

    قال أحدهما لأحد المنضمين حديثا إلى المجموعة مشيرا إلى شخص أخذ يبتعد:
    _ أيعرفك ذلك الشخص؟
    _ لا!
    _ كانت يده في جيبك.
    انتفض الرجل متلهفا إلى إدخال يده في جيب بنطاله الخلفي. عاثت يده طويلا و بتسرع، ثم قال بطمأنينة أكيدة:
    _ لا أعرفه.

    (2) هأنت تجمع أوراقك المهمة في هذا المظروف الكبير. تحاول ملء عينيك من هذه الحياة التي تستعذبها؛ الوطن، الناس، الشمس الأكثر سطوعا، و هذا التعرق الذي يغرقك طوفانه. ما أجمل الفتيات و كل النساء في عينيك اليوم! هل لأن ذلك الهرمون مرتفع النسبة في دمائك هذه الأيام؟ أم لأنهن فعلا كذلك؟ أم الاثنان معا؟ لا تهمك الإجابات بقدر ما يبدو كل شيئ مسترعيا الإنتباه و جميل التفاصيل.

    في مظروفك يرقد خطابها الأخير إليك. كتبته بعناية رغم عدم وضوح خطها. هل تراها كلماتها بذات الوضوح المتخفي بين ثنايا السطور؟ حتى اسمك لم تكتبه في صدر الخطاب. أما توقيعها فلم تكتحل عيناك بمرآه قط. لقد كانت تحرص في أوقات تواجدكما معا في المدينة على أن تظهرا كثنائي معظم الأوقات، و على مرآى من الجميع. الكثيرون ربطوا بينكما. حتى أنت كنت تحسها عالقة تماما. أحيانا تبوح لك بسر معاكسات الآخرين لها، و عروض العشق و الزواج التي تتلقاها، و في كل مرة تقول لك:
    _ لا أدري لماذا أخبرك بهذه الأشياء، فأنا لا أخبر بها أحدا و بخاصة شقيقيّ.
    عندها كنت تستمع إليها فقط و لا تعلق بشيئ. و مع ذلك تجد نفسك مرتاحا بحضرتها و لا تشتهيها.

    في مظروفك الكبير أيضا تتمدد شهاداتك الأكاديمية و المهنية بتعدداتها و نسخها. هي ما بقي لك من سلاح مثلوم تواجه به الحياة التي أمست لا تعترف بمؤهل أعلى كعبا من الحظ الحسن، و التوفيق، و المحسوبية. هذا عدا عن معايير ربما لا تعرفها أو تغض الطرف عن تذكرها لبشاعتها. هل ستلاحقك تلك المحسوبية في غدك الذي تستشرفه مشرقا؟

    لتعد إلى فتاتك –بالأحرى سابقا- و لتستخرج خطابها المزعوم أخيرا، و تفتحه، و تقرأه. هل ستستبقيه ذكرى لتلك الأيام التي كنت تجدها حلوة؟ تلك الأيام التي يسرق فيها القمر أضواء المدينة ليظل وحده متربعا على قبة العشق مدعيا الإمساك بمقاليد النفوس؟ أم تلك الأيام العذبة التي كانت تجلس فيها إليك تحدثك عن كل شيئ بدءاً بأحاسيسها و صغائر أحلامها، و حتى لون أطفالكما و عدد الإناث فيهم؟ ذات مرة قالت لك إنكما سترقدان منفصلين، كلاً في غرفة، بعد زواجكما. أجبتها بأنك ستتزوجها و تظل مقيما مع أمك كشأنها في بيت أبيها. حتى جاءت تلك الأوقات التي حدثتك فيها عن قريب أبيها و غيرته الأخوية، و أرتك صوره ببزاته العبقرية و وسامته. كنت تعجب أنه لم يتقدم للزواج منها تبعا لما أخبرتك به! لكن ثمة أناس يؤمنون ألا كرامة لنبي في أهله. أما هي فتؤكد أنها لم تعرف العشق قبلك. فلتحتفظ لها بذكرى قرصاتها لك في فخذك عندما تداعبها بأنك على غير استعداد لتدليل شخص أكبر منك سنا؛ هي. و المدينة المشتغلة بالناس تنقل إليك أن قريبها ذاك يريد زواجها. فلربما رفضته و ظل على وفاء القربى و بقية من حب ظن أنه سينتصر. ثمة أناس يستهويهم الرفض و يظنونه تمنعا. فليهنأ بها، أو فليفعل غيره! أما أنت فالحياة الجديدة تناديك، و الصبايا أرتال.

    تجري عيناك على السطور و الكلمات من خطابها، لكنك تغرق في جداول أفكارك الجامحة، و تعرف أن الحب عندما يتحول إلى شفقة يضحي مناحة في عرس. فلتمنحها صكا بالحب؛ حبك و للحب؛ حبها، لتظل هي سمكة ظمأى للعشق و للرجال.

    هيا، أعد خطابها المتوسل ذكرى جميلة إلى المظروف، و لتخرج جواز سفرك ذا الخضرة و الزهاء، و تتملّى من تأشيرة الدخول إلى تلك البلاد البعيدة لتتنسم عبير حياة لم تجربها! هل هي الحرية، أم التحرر، أم الإيغال في التمدن؟ لتؤجل الإجابة ريثما تكتشف كل شيئ بنفسك!

    تلحظ أن شريكك في المقعد يحاول استراق النظر إلى ما بين يديك، فتلتفت لتراه لأول مرة. هل هي فعلا لأول مرة؟ كأنك رأيته من قبل. نعم.. هو قريبها ذو البذات و الحلل. ما باله شاحب و ناحل؟ أم هي الصور خدعتك؟ يتململ في جلسته و يتنحنح. هل هو الفضول؟ لا تأبه له. هو جزء شاحب من ماض أكثر طيفية. تحبط كل محاولاته جرك إلى الحديث. لعله لمح الخطاب، و عرف الخط. لكن سيَان الآن.

    نعم، أنت لست روميو و لا جميل. من اللاشيئ الراقد، هناك، في قلبك تستنبط لها صورا شتى ليس كما تتمنى بل كما بدت في المرة الأخيرة التي إلتقيتها فيها. كانت متسخة يعلوها زبد العاطفة. و أنت، ستنتظر المخاض و فينوس الخارجة من ثبج البحر.

    (3) هأنذا أتعافى أخيرا من جراحي. رصاصة في الساق و خمسة عشر يوما ثم يجيئون لنقلنا إلى العاصمة بتموضعها البعيد. عذاب لا يطاق كابدته، و انتهى بي الحال إلى أن أسعى بساق أقصر من رفيقتها. ما أيد شفائي السريع زياراتها المتكرة لي في المشفى البغيض. دموعها التي تذرفها عند مرآي كانت دليل محبتها برغم رفضها غير الصريح لي. هل رفضتني حقا ذات يوم؟ في الواقع، هل طرحت عليها فكرة الإقتران بي فعلا؟ كانت لقاءاتنا مزيجا من إمعانها في التهرب كلما تجاسرتُ على إثارة موضوع ثنائية الرجل و المرأة و نظرات مترددة البوح.

    كلما أحسستها قريبة مني أشعر بها تفر عن عمد، و هو ما كان يحبط محاولاتي طرح سؤال الإرتباط. في كل مكان قدمتني إلى صويحباتها على أنني قريب أبيها. ألا تعلم أن أباها يعود بجذوره فقط إلى منطقتنا؟ هكذا صرت معروفا في تلك المدينة حيث تقيم و أهلها و حيث ذهبت أعمل بشعور المنفي إلى فصول الجحيم. و هكذا ربطت المدينة المشتغلة بالناس بيني و بينها لدرجة أن زملائي سالوني عن موعد الزواج و أجبت بأنه سيكون قريبا.

    اليوم، و قبل رحيلي إلى مدينة أخرى في الأقاصي، أذكر جيدا أنني عندما كنت أرقد في المشفى سألتها إن كانت تقبل بي زوجا و أجابت بأن عليَ أن آخذ الدواء في مواعيده و آكل جيدا حتى أشفى بسرعة و عندها سنتحدث في كل شيئ. كانت محاولة مني لإنتزاع نصر في حالة ضعف بينما تقمصت هي دور طبيبة ناجحة. إن أجمل انتصاراتنا هي التي تتحق و نحن في وضع ضعيف. ثم جاء يوم أشد وقعا في نفسي من الجراح و الشظايا السبع التي تستقر في جسدي. علمت أن آخرا في حياتها. أو هكذا خمن الكثيرون، فقد شاهدوا شابا أنيقا لا يفوقني في شيئ يكثر الظهور معها. ربما ما يحمل من درجة علمية مؤهله الوحيد لإجتذابها، و لكن لي مركزي المتميز. تُرى هل كان يقف طوال الوقت بيني و بينها دون أن أعلم؟ أم قفز إلى حياتها بعد رحيلي من تلك المدينة إلى أحد "المنافي" البعيدة؟ آه لو ألتقيه و استنطقه، أو أعرف منه الحقيقة! لا.. بل سأكتفي بأن أطلق عليه رصاصة واحدة من مسدسي الكبير.

    أحس الجالس إلى جواري يتصفح الكثير من الأوراق. فلألق نظرة لن تقتل غزالا على أي حال. يا لطيف الألطاف، نجنا مما نخاف! أرى خطها على الورقة التي بين يديه محدقا فيها لفترة طويلة! نعم.. أجزم أنه خطها. و لكن من هذا الرجل؟ و من أين له هذه الورقة؟ لأكن حذرا و أحاول استراق النظر إلى الورقة. "احتكمت عواطفي إلى أنبل احساس فاخترتك شريكا لروحي توءما لحياتي في الابدية و في هذه الدنيا الفانية." يا للهول! هو أسلوبها عينه. إذن فهو غريمي! الرجل الذي نجح في ما لم أنجح فيه قط. لكن لأستوثق منه. أعرف كيف أجره إلى محادثة عابرة يعقبها تعارف. هيا.. عليَ أن أسرع!
    _ الجو حار جدا هذه الأيام.
    _ ...........
    ما باله يصمت؟ هل هو مستغرق أم متصامم؟ لأجدد المحاولة:
    _ الناس في هذه الأيام لا يعرفون الإتيكيت..
    _ ..........
    هو صامت كأبي الهول يعبث بأوراقه و يطوي الخطاب بعناية و يضعه في مغلفه الذي يحمل، أيضا، خطها الواضح ثم يدخله في المظروف البني الكبير. ها هو يسد النافذة الزجاجية دون أن ينظر إليَ، بعد أن طلبت منه ذلك.

    هل سأرضى أن ينتصر مثل هذا الذاهل عليَ؟ لماذا لا أكون واقعيا، فهناك ألف فتاة تتمناني و هي لا تصل عشر معشار إحداهن. إذن، فهنيئا له بها!

    (4) توقفت الحافلة عند محطها الأخير عند وسط المدينة. دفع أولهما نزولا قيمة تذكرتين دون أن يتم التعارف بينهما. ترجل الآخر بعده، و كذلك دفع قيمة تذكرتين للسائق فنبهه إلى أنها مدفوعة. اندهش! سأل عمن فعل، فأشار السائق إلى جهة ما. عزم أن يتعرف إليه و يشكره. لكنه عندما إلتفت وجد أن الآخر كان يركض بكل ما أوتي من حُلم.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de