الفنان ابراهيم عبد الجليل ... او عندما يكون المبدع غير واعي لدوره ....
هل تسائلتم ما هي قصة الاغنية السودانية ؟؟ وكيف وصلت لما نحن عليه الأن ؟؟ ومن سقط في هذا الطريق المحفوف بالاماني الامل والالم ؟ ..
وانا اتصفح كتاب ( الغناء والموسيقي في السودان من اقدم العصور حتي 1940 ) للكاتب الاستاذ / معاوية حسن يسن ... مررت بكثير من اسماء الرجال الذين صنعو التاريخ الفني لهذا البلد .. رجال تركوا لنا ارث ذو قيمة عاليه .. رغم شح المصادر والتوثيق عنهم وقل الصفحات ولكن ادوراهم واثارهم وابدعاتهم واعمالهم لا تزال الاكثر تاثير والاكثر جمال .
. ولكن من منهم ادرك فعلا دوره الفني .. هل كانو يقومون بذلك عن درايه ومعرفة لدورهم الطليعي ام كانو يؤدوا ذلك بفطره فقط وكعمل يشعرهم بالبهجة والسعادة والبريق الوقتي ؟؟
سوف احاول ان اكتب خواطر لا ترقي لمستوي بحث بقدر ماهي ملاحظات عن بعض تلك الشخصيات ..
لماذا ابراهيم عبدالجليل ؟؟؟
مررت بشخصيات كتيره علي صفحات الكتاب المذكور.. وتركت اثار مختلفة علي نفسي لقد حزنت كثيرا وانا اعيش التفاصيل المؤلمة للكثير منهم وشعرت بالفخر والسعادة ببعضهم .. ولكن 3 شخصيات تركت في نفسي احساس مليء بالمرارة وكان حزني مضاعف مثل اعجابي بهم ايضا .. اول هذه الشخصيات هو ابراهيم عبدالجليل .. ثم الحاج محمد احمد سرور والشاعر علي المساح وسوف اكتب لاحقا عن سرور والمساح .. تاثرت بقصة ابراهيم عبدالجليل لانها مليئة بالماسي ولانها عكس حياة البشر او ما يفترض ان تكون عليه .. فنجدها حياة تبدأ بالشهرة والنعمه وتنتهي بالوحدة والبكاء والادمان .. حياة تبدا ببريق وتنتهي بزوال البريق في عز العمر ..
من هو ابراهيم عبدالجليل ؟
ابراهيم عبدالجليل مطرب سوداني ذو صوت جميل بدأ الغناء في سن مبكرة وابدع فيه وترك لنا تسجيلات رائعة تخبرنا عن امكانيات فنية وصوتيه قمة في الاداء والتطريب يعتبر من جيل الاوائل الذين وضعوا حجر الاساس للاغنية السوداني وصنعوا الضمير الفني السوداني الذي يميزنا اليوم ويميز اغنيتنا وجمعنا ويجعل القلب يخفق لدي سماع او نغمة او نوته من الاغنية .. ( ولد ابراهيم عبدالجليل عام 1917 في مدينة امدرمان في حي الموردة .. والتحق ( بالخلوه ) في سن مبكرة وتركها علي عجاله لظروفة الاقتصادية ليعمل بمهنه صبي سمكري .. يصنع الاباريق والمصابيح ) نلاحظ ان ولادة ابراهييم عبدالجليل في امدرمان لها دلاله مهمه فامدرمان كانت الحاضنة لفنون الغناء وكانت المركز لكثير من المطربين والشعراء والادباء .. اذن توفر لمطربنا المكان المثالي للتشرب من ذلك النبع الفني وهو المكان الذي يعيش فيه سرور وكرومة وهم الجيل الاول في عصر الاغنية السودانية الحديثة المعروفة لدينا اليوم ـ والحقيبة خصوصا
الصوت والموهبه واكتشاف ابراهيم عبدالجليل .. ذكر الفنان التاج مصطفي في لقاء معه علي صحيفة الانباء كم هائل من الذكريات الندية تختزنها في جوانحك لك الخيار في سرد ماعني لك؟ كنت معجبا بأداء وصوت الفنان المبدع ابراهيم عبدالجليل وزاد اعجابي به اكثر عندما كنا في رحلة فنية بايطاليا وقد قمنا بزيارة الي اذاعة روما وبالصدفة وجدنا صورة للفنان ابراهيم عبدالجليل في حجم كبير مكتوب عليها صاحب اقوي حنجرة في الشرق وهذا تأكيد لعظمة هؤلاء المبدعين اصحاب العطاء الثر والذين وضعوا بصمات واضحة للفن السوداني ( المصدر صحيفة الانباء )
اكتشاف موهبة ابراهيم عبدالجليل مختلف عليها وعلي بداياته حيث الزمان والمكان ولكن هذه الروايات تتفق ان اكتشافة كان عن طريق ( محمد ديمتري البازار ) * صدفة من حيث المقابلة ولكن لم يكن صدفة من حيث موهبة ابرهيم عبدالجليل .. ومختصر الرواية بلسان ديمتري البازار كما وردت في الكتاب :
( ذات يوم اثناء توجهي الي فرع مكتبتي بامدرمان صادفت شابا يافعا يدندن بصوت عذب وهو يعبر شارع الموردة ، فأعجبني الصوت . ودون سابق سابق معرفة اوقفت الشاب وسالته عن اسمه فاجابني : ابراهيم عبدالجليل . فسألته هل استمع الي المطرب عبدالله الماحي ؟ فرد بالأيجاب ، فقلت له إنني ارغب في في اخذه الي مصر ليعبئ اسطوانات بصوته ، فطلب ان استاذن ذويه . واشترط هؤلاء ان اتعهد لهم خطيا باعادة ابنهم الي السودان . وكانت نتيجة تلك الرحله عدة اسطوانات لابراهيم اشهرها " الشويدن روض الجنان " وهي الاغنية التي كان ابراهيم يدندن بها حين صادفته في شارع الموردة وكذلك اغنية " ينوحن لي حماماتن .. " ) انتهي كلام البازار
اذن ان يلفت صبي ـ بعمر ثلاثة عشر ربيعا ـ نظر شخصية مثل البازار يعمل في مجال الفن ومع عمالقته هذا دليل علي ان الصبي كان صاحب موهبة وصوت ملفت حتي لمن يسير بالقرب منه .وان موهبته ليست صدفة . وان الفن هي روحه في مدينة تشبع فيها باصوات العمالقة مثل سرور او كرومة الذي يذكر ابراهيم عبدالجليل انه فنانه المفضل .وعدد الاغاني التي سجلها ابراهيم عبدالجليل علي اسطوانات تعرفنا بمدي تمكن هذا المطرب من الغناء وانه استمر لفتره طويلة يبدع في الغناء وتسجيل الاسطوانات
وردت في الكتاب قائمة بالاغاني التي قام ابراهيم عبد الجليل بتسجيلها في اسطوانات :. - الشويدن روض الجنان - طيف الحبيب - ياليل صباحك مالو ( خليل فرح ) - يا حبيبي فؤادي ( ابوصلاح ) - بدر فاق بدرك ( عبيد عبد الرحمن ) - زمني الخاين ( المساح ) - القمرة الطالعة - الجواهر عقد القصيد - ام جمالا يسبي العقول - غني القمري علي الغصون - ليلة كانت من ذات ليلة - فريع البان البرنع ياقوت - عزة الفراق بي طال ( العبادي ) - خمسون عاما حكموا اللئام ( نشيد ) - عاشت العربية ( نشيد 193 - رسايل الشوق - مولاك ذو الجلال - منظر شئ بديع - يا ظبي رامه - يلوحن لي حماماتن - ضاع صبري ( عبيد عبدالرحمن ) - الباسم الفنان ( عبد الرحمن الريح ) - محبي قبل اصرح ( عبدالرحمن الريح ) - ناح القمري - الطيور تغريدة - الفني في البرهه القليله ( عبيد عبد الرحمن ) - عروس الروض ( الياس ابو شبكة ) - افكاري ديمة مقسمة . _________ حواشي : 1 .مصدري في هذه الخاطره هو كتاب (الغناء والموسيقي في السودان من اقدم العصور حتي 1940 ) للكاتب الاستاذ / معاوية حسن يسن ... وما ورد بالخط العريض هو نقل حرفي لما جاء بالكتاب المذكور.
ولقاء مع الفنان الفنان التاج مكي في صحيفة الانباء موجود علي الانترنيت .
2 .من خلال هذا الكتاب احسست بحجم المعناها التي عاشها الكاتب في جمع هذا الكم من المعلومات .. وحاولت جاهدا ان اجد وسيلة للتحدث معه والتفاكر والاستفادة من خبرته ومعلوماته والمواد التي يمتلكها وان نجد طريقة لحفظ هذا التراث ولكن ضاعت كل جهودي في الوصول اليه.. وهذه دعوه لكل من له معرفة بالاستاذ / معاوية حسن يسن في ايصال هذه الدعوه للتواصل .
3. دعوه اخري لكل الاخوه والاخوات في كل اصقاع الارض ان يقتطعوا القليل من زمنهم الخاص واموالهم لمحاوله تجميع هذا التراث .. وهناك عدة امثلة اوردها الكاتب عن المواد الفنية والاسطوانات القديمة والاخبار في الصحف والمجلات التي جمعها وكان الحجم الاكبر منها موجود في الاذاعات الاوربية مثل الاذاعة البريطانية او الالمانية ... الخ .. لماذا لا نقوم بمحاولة جمع لهذه المواد كل في الدولة التي يعيش فيها وبذلك نوزع الجهد علي اكبر عدد ممكن ؟؟ .
________ يتبع حول ابراهيم عبدالجليل ... عن سفراته الي مصر وعلاقة حبه مع ام كلثوم ومعاقرته الخمر وضياع الموهبة في ربيع العمر ووفاته .
انزل هذا الموضوع في منتدي سودانيات بتاريخ 15/2/2006
كما ذكرنا سابقا ومن حديث البازار ان اول عرض قدمه للصبي اليافع كان عبارة عن رحلة لمصر لتعبئة الاسطوانات .. وكانت الرحلة الاولي قد استغرقت 17 يوما وكان ايراداها المادي مبلغ ( 50 جنية ) وهي تعتبر ثروة بحساب عهدها .. وقد يكون هذا مؤشر اخر علي موهبة الفتي .. وكما ورد في الكتاب
( تمكن ان يسافر الي مصر ثماني مرات بعد ذلك . ولذلك كانت مصر منطلق عطائة وبوابة نفاذه دلف منها وولج دنيا العطاء المنظم )
لا ننسي انه في ذلك الزمان كانت مصر بلد العمالقة في عالم الفن .. ام كلثوم .. وهي المطربة الاسطورة التي لم يجتمع العرب علي شئ مثل حبهم لها واعجابهم بها .. كانت مصر في ذلك العهد عبد الوهاب اسطورة الغناء والموسيقي .. نجيب الريحاني علي الكسار رواد المسرح في مصر .. اذن تلك الرحلات بالتاكيد لها اثر فني كبير علي مبدعنا فان لم تكن من الناحية الاكاديمية الفنية فهي علي الاقل من الناحية الحياتيه .. فرؤية مثل هذه العوالم المشبعة بالفن والجو المحيط بها ورؤية مثل هذه الاوجه الكبيرة والذائعة الصيت لابد ان تكون قد اثرت في نفسية ابراهيم عبدالجليل وبالاخص ان اسمه صار (معروفا) في وسط هذه الاجواء . ولكن هل هذا التاثير كان ايجابيا ليجعله يزيد من جهده ويصقل اعماله ليفرض اسمه ويسطره في التاريخ .. وهل كان ابراهيم عبدالجليل مدركا لهذه الفرصة وهل كان من حوله يفكرون بهذه الطريقه ام كان ابراهيم عبدالجليل وكل من معه يتمتعون باللحظة التي هم فيها فقط ويعيشون مثل معظم المبدعين السودانيين في ( صوفيه ) اكتسبوها من مجتمعاتهم .. اتسائل احيانا كيف يكون حال اغنيتنا اليوم لو كان ابراهيم عبدالجليل قد استفاد من فرصة سفراته الكثيرة الي مصر واستفاد من فرص ( سنذكرها لاحقا ) ودرس الموسيقي تخيلوا كيف كانت ستكون النقلة وكيف ان الاغنيات السودانية كانت اختصرت كثير من رحلتها الطويلة للوصول الي شكلها الحالي .. وهل كانت اصلا ستكون بنفس الشكل الحالي ؟ اسئلة حائرة قد لا نجد لها اجابة الا في الخيال .. ولكن قطعا تلك الرحلات لو استثمرت جيدا كانت ستكون فرصة جيدة للفتي شخصيا وللاغنية السودانية عموما .
يقول الكاتب ( وفي احدي رحلاته الي مصر شارك في احياء حفلة في " تياترو الماجستيك " لصاحبة الممثل الكبير علي الكسار وقابل نجيب الريحاني وامينة رزق . غير ان صلاح الدين فرج الله يقول ان زيارة ابراهيم عبد الجليل الاولي الي مصر العام 1931 وهي التي شهدت اول لقاء بينه وبين السيدة ام كلثوم ، اذا شاهدته يغني مصادفة في استديوهات شركة اوديون الالمانية اثناء تسجيله احدي اغنياته فاعجبت بصوته الغلامي الجميل ولقبته " عصفور السودان " وهو اللقب الذي لازمه حتي وفاته . اما البازار فيقول ، في هذا الشان . انه تصادف وجود سيدة الغناء العربي في الاستديو اثناء تسجيل اسطوانات ابراهيم عبدالجليل فاعجبت بصوته " طلبت منه ان يلقنها ما يقول فرددت معه بلهجتها المصرية " الشويدن روض القنان " و كان ابراهيم مصر علي ان تقول روض " الجِنان" وليس " القِنان " وبعد اللقاء طلبت ام كلثوم ان يلقب ابراهيم عبد الجليل " عصفور السودان" )
( غير ان ذلك لم يكن اللقاء الوحيد بين عبدالجليل وكوكب الشرق ، اذ تعددت اللقاءات حتي " ظهرت اشاعة في السودان عن انه علي علاقة عاطفيه مع ام كلثوم .... ( ... ) البستهما حلة الغرام وبولغ في تصويرها لدرجة ان الزواج بينهما اصبح وشيكا " ...
يذكر الكتاب ايضا ان ام كلثوم قد ذهبت الي " بار اللواء " واعتبر الكاتب ان ذلك ( غير مصادفة ) وكان هناك حفل يحييها ابراهيم عبدالجليل وعوض وابراهيم شمبات وقد اصطحبت معها محمد عبدالوهاب وغني ابراهيم عبد الجليل اغنية " ضاع صبري " .
قد تكون هذه العلاقة ( والارجح ) انها من نسج خيال ابراهيم نفسه او المجتمع الذي حوله ولكن الاكيد ان ام كلثوم كانت معجبه بصوته مما دعاها الي الاستماع له عده مرات وحتي الذهاب الي مكان يحي فيه حفل لكي تستمع له و ان تعرض عليه البقاء في القاهرة والدارسة في معهد الموسيقي العربيه ــ وهذا هو المهم في الامر
،
كيف اضاع ابراهيم عبدالجليل الفرصة الاكاديمية وبلوغ النجومية ؟
يقول عوض شمبات ( ام كلثوم جات زارته في اللوكانده في اليوم التالي " بقصد اليوم التالي لحفل بار اللواء " وقالت ليه يا ابراهيم انا عايزة ادخلك معهد الموسيقي العربية وتسكن معاي ، واصرف عليك لامن تتخرج ، قال ليها : اشوف . اول ما طلعت قال لينا : بالله شوف "الحلبية " المجنونة دي ! انا اقعد هنا واخلي سكر الموردة داك لمنو ؟ )
هكذا اذن ... من خلال هذا الرد استشفيت كثير من شخصية ابراهيم عبدالجليل ( بافتراض ان الواقعة صحيحة ) .. ان تلوح له مثل هذه الفرصة من شخصية تعتبر نجمه عصرها ولها مكانتها الفنية في المجمتع وكل الدول العربيه وان تكون دعوتها له في مصلحته وفي مصلحه فنه . ولا ابالغ اذا قلت في مصلحه الفن السوداني .. وان يكون رد ابراهيم عبد الجليل بهذه " السطحية " فهذا يؤكد لي ان الرجل لم يكن يعي موهبته او لم يولها الاهتمام الواجب وان السكر " الذي دمره فنيا ونفسيا " كان هو الاهم بالنسبة له ... اذكر انه عند مطالعتي لهذه الواقعة اول مرة رددت في نفسي ( ما بال هؤلاء القوم وكيف كانو يفكرون ؟؟ ) تري اذا كان ابراهيم عبدالجليل قد وافق علي طلب ام كلثوم .. بالمكوث في مصر والدراسة في معهد الموسيقي العربية وهذا الحديث في ثلاثنيات القرن الماضي .. كيف كان سيكون حاله .. وهل كنا سوف نجتر سؤال يرد في كل اللقاءات الفنية ( لماذا الاغينة السودانية غير رائجة عربيا ) ؟؟؟ الرد يكون في خيالنا فقط لان الرجل فضل السكر في الموردة علي الدراسة الاكاديمية.
يقول الكاتب ( جني ابراهيم المرهف ثروة طيبة من رحلاته الي شمال الوادي وكان يتقاضي مبلغا مقطوعا من المتعهد الذي يتكفل عادة نفقات سفره واقامته في القاهره ، وهو مبلغ كان محترما للغاية في تلك الايام ( في الغالب 100 جنية حسيما ذكر عوض شمبات وذكر ابراهيم لمجلة الصباح الجديد عام 1962 ... بل قال للمجلة نفسها " كت باخد في كل اسطوانه تباع 4 قروش وانا اول فنان سوداني امتلك عربه واردف متحسرا علي مجده الآفل " سبحان مغير الاحوال " )
اذن كان ابراهيم مطرب ونجم لعصره وكان وهذه ( الثروة) تدلل علي ذلك . وكان يجد الوضع الطبيعي الذي يستحقه من اهتمام ودعوات للحفلات .. واعتقد مرة اخري ان هذا كان كفيلا بان يجعله يزيد من اهتمامه بالهبه الالهية التي حباه الله بها وان يحافظ عليها ...
الطريق الي التلاشي الفني يبدا بالشرب .. الطرد من الاذاعه ..
وفي ذلك يذكر الكاتب ( لا نعرف السبب الحقيقي الذي دمر ابراهيم نفسيا لكنه – مثل نماذج عدة في الوسط الفني والرياضي السوداني – دفن نفسه وهمومه في الخمر ، لا يفيق الا ليغيب في عالمها فتره اطول . يقول فرج الله ( وهو صلاح الدين فرج الله مؤلف كتاب العصفور الجريح ) : اساس مشكلته الاسراف في الشرب " ص 66 ويشير الي انه شرب كثيرا ذات مساء " حتي ثمل الكاس معه (...) وفي صباح اليوم التالي ذهب لمحطة الاذاعة وكانت الخمر تلعب براسه وابدي بعض التصرفات بلا وعي واصطدم مع المسئولين في الاذاعة " ) ... وتلك الحادثة كانت لها ذيولها اذا ذهب مره لإحياء حفلة متفق عليها " لكن المشرف ( الاذاعي ) فاجاة بالقول انت رجل مخمور وليس مسموحا لك بالغناء في الاذاعة . وكانت هذه بداية تحطم حياته ونجاحه )
غير اني اري ان بداية تحطم نجاحة في بدا قبل ذلك ومع هذه الحادثة الاتيه في 1931 في حفلة "بار اللواء" كما ذكر عوض شمبات :
( اتعاهدنا ما نشرب خمر .. ابراهيم عبدالجليل اختفي حوالي الساعة اربعة وجانا راجع طينة .. لبسناه وقلنا ليه تقعد ساكت . ام كلثوم وعبدالوهاب دخلو الحفلة. كلنا غنينا .. قامو سالو فين ابراهيم ؟؟ ام كلثوم سمعته قبل كده . حكينا ليهم الحاصل عليه . واصروا لازم يسمعوه . اضطرينا جبناه وقعدناه في كرسي نحن الكورس واقفين علي طولنا والسر اصلا بيعزف كمنجة واقف . السر بدا العزف .. الكورس شال ردد المطلع .. وهو دخل ( بدا الغناء ) ... والله لو قلت ليه ازيك ما يعرف يرد ... علي الطلاق غني غناء لو كان صاحي ما يقدر يغنيه .. والله لما مشيت اعتذر لعبد الوهاب عن انه ابراهيم سكران قال لي : المخلوق دا اذا ما سكر ما تخلوه يغني )
هي اوهام الشرب ومعضلته التي ترافق المبدعين في السودان وفي كثير من العالم .. لا اعرف شخصيا حقيقة فعلها الايجابي ولكني قطعا اعرف السلبي منه وتمثلها في غياب كثير من النجوم وفي كثير من الساحات .. وفي ضياع كثير من المواهب في طرقاتها الوعره .. واعرف تجمع اصحاب السؤ حول المبدع لتزيين الامر له وغيابهم مع انطفا اول نجمه في عوالم ابداعه ..
نواصل .. جانب عاطفي اخر في حياة ابراهيم عبدالجليل ولقاء صحفي
:
لقاء مع ابراهيم عبدالجليل في مجلة الصباح الجديد اجراها معه الصحفي سليمان عبدالجليل وورد ما ياتي : - متي ستتزوج ؟ - ج : لن اتزوج . - ليه ؟ - ج : كفايه الشايفو من النسوان - يعني كنت بتحب ؟ - ج : حرام عليك .. ما طعنتني في اللحم الحي .. ذكرتني حاجات ما معقوله . حب ما بيعرفو حد . واحب حتي الموت . - وطيب ليه ما اتزوجتها ؟ - ج : ما كان عندي قروش - واين هي الان ؟؟ - ج : قاعده حية ساكنه الخرطوم بحري . - ولسة بتحبها ؟؟ - ج : بحبها لي بكره . كنت بمشي بحري يوميا .. اسبوعيا .. وفي فترات متناقله .. انت يا ولدي حرقت قلبي وذكرتني حاجات قديمة اندفنت . وكنت مصر علي ان اتزوجها .
ربما كان هذا جانب اخر من الجوانب التي اثرت علي مبدعنا .. الحب العذري او الحب الضائع في غياهب المستحيل اعتقد ان هذا هو الحب الحقيقي في حياه ابراهيم عبدالجليل .. لا ادري السبب الحقيقي غير عدم (وجود قروش ) ولكني ارجح ايضا نظرة المجتمع للمطرب حينها .. فنجد الواحد منهم يطرب اشد الطرب لسماع الفنان بل ويحاول كسب وده وصداقته .. ولكن عندما يطلب منه الفنان يد ابنته او اخته يكون الرفض .. ربما هي متناقضات مجتمع لكن لها اثرها القوي علي نفسيه الانسان الحساس المطرب لان ما يمتاز به من حساسية قد تفوق الاخرين .. والعزل الاجتماعي في جانب والقبول في جانب اخر قد يسبب حيرة تزيد من مصاعب الحياه ..ابراهيم عبدالجليل انسان لم يهتم بنفسه ولم يهتم به الاخرون .. كان يمكن ان يكون الرقم الاول في تاريخنا الفني ولكن لم تكن كل العوامل متوفره له .. فبجانب الموهبة والحظ الجيد لم يكن يمتلك رجاحة العقل والوعي الكافي لدوره ولم ينظر الي الامر من معناه الواسع بل عاش في دوائر ضيقه ففوت علي نفسه وعلي الفن السوداني فرصة عظيمة .
في الختام لن احمل ابراهيم عبدالجليل فوق ما تحتمل طاقته وكل ما ذكر اعلاه هو خاطره ونظره خاصة جدا وبمصادر محدوده ايضا ربما كان للرجل ظروفه التي لم نعرفها .. وربما كان يري الامور غير ما نري .. فاللرجل حقة في ان يحيا كما يريد .. ولكن لنا ايضا حقنا في ان نتمني ما نريد ولو من باب التمني فقط .
رحم الله ابراهيم عبدالجليل رحمه واسه وغفر له ... وجعل حبنا له شفاعه .. فوالله ما كتبت هذا الا من باب الحب
تابعتك وتابعت تفاصيل كتاب الاخ الصديق معاويه ياسين..وانا من العباسيه مورده وهى تخوم تضم خور ابوعنجه..وشارع الفيل الفاصل..وخور المورده..يعنى حله واحده.فى صبا الايام كنت اشاهد عصفور السودان وكنا نتحدث معه ويبهرنا هو وشقيقه التوم عبد الجليل..والمورده لها وفاء النيل ووشائج ربط اهلها .ورايت البازار..وهو الذى شيد سياج قبر ابراهيم عبد الجليل على مقابر الشيخ حمد النيل.وكان وفيا.وهو اول بادره لتصدير وتوثيق واذاعة الغناء السودانى.وهو قبطى.اسلم واحتفظ باسم الاسره البازار..تخيلوا كل ذلك قبل وبعد الحرب العالميه الثانيه...وذلك الطموح قبل انشاء الاذاعه السودانيه...افاق لتصدير المعرفه واسماع غناء السودان قبل هيئة الاذاعه البريطانيه التى انشات بعد الحرب..تقدم وثاب.لم يحفط له.ابدا..!! الاستاذ معاويه ياسين صحفىوكاتب وذواقه ومتمكن وباحث ومهتم بشئون الغناء والحقيبه.وكتابه يعد مرجعا.. كم اتمنى ان يربط الاستاذ عوض احمد فى برامج بحثه وتوثيقه مع عصفور السودان..
سيد المساء والسهر..
واصل توثيقك.وانت لك من ابداع وملكات..تجعلنا نكتم ونشهق انفاسنا ونتظر وهج الاشراق اشفى غليل اشواقنا...وليل السهر.. عميق الحب
Quote: .ورايت البازار..وهو الذى شيد سياج قبر ابراهيم عبد الجليل على مقابر الشيخ حمد النيل.وكان وفيا
انظر معي لهذا الوفاء في زمان نمسح فيه الجميل من تراثنا لنسجل عليه في ساحات الفداء وفي زمان يتم تقطيع برامج الامس ويستعيض الفنيين في التلفزيون بوضع ورود واشكال هلامية مكان البنات ..
تسلم .. لن اقول انه توثيق بقدر ما هي خاطره .. التوثيق يحتاج الي كثير من المراجع وكثير من الزيارات الميدانية .. مثل هؤلاء الرجال نحتاج الي معرفتهم عن قرب
شكراً خالد على المعلومات القيمة، حول الفنان الكبير إبراهيم عبد الجليل. أثره كبير على الفن السوداني، ويكفي تقديمه عبر اسطوانات مشيان المصرية بالصوت الإغريقي المميز الذي كان يوصفه ب"عصفور السودان". يحفظ التاريخ لإبراهيم عبد الجليل أنه أول من أدخل الكورس النسائي في الغناء السوداني،وذلك في الثلاثينات، وظهر ذلك رسمياً في تسجيل إسطوانه له في مصر، وصاحبه كورس نسائي مصري. في بداية الأربعينات، وربنا يسهل وأحاول ألقى التسجيل.. دائماً رائع يا تنقو
07-07-2006, 01:16 PM
خدر خدر
تاريخ التسجيل: 02-07-2005
مجموع المشاركات: 13188
شكراً ليك يا تنقو .. وأنت تؤرخ لعصفور السودان الراحل إبراهيم عبدالجليل .. للأسف نسيت كتاب جميل يتحدث عن تاريخ الفن السوداني .. من بدايته إلى وقت قريب .. والكتاب الأن في السودان سوف أقوم باحضاره إن شاء الله .. ومرة ثانية شكراً على هذا المجهود الكبير والمقدر ..
كن بخير ..
07-14-2006, 05:46 PM
معتصم الطاهر معتصم الطاهر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 3995
تنقو سلامات ياخي قدر ما هربت من التعليق علي البوست ماقدرت عصفور السودان لم يكن الحالة النادره الوحيده في هذا الوجود الذي كانت جرعه الاهتمام و الشهره اكبر من طاقته فلماذا تحملونه اكبر من طاقاته طاقة الانسان - طاقة الفنان الامثله كتيره من الواقع الامريكي و العربي لصبيان و صبايا تم انتشالهم من يفوعتهم وزُج بهم من اجل متع الكبار ونزواتهم المسماه زورا دعم الفن و الفنون طفل صغير يدندن يحريه عابرا شارع جانبي يجد نفسه بين ليلة و ضحاها في (ام الدنيا) محاطا بالفنانين و عظام الدنيا في ذلكـ العهد .. أ و تكفي الخمر لجعله يستوعب الواقع الجديد ؟؟ انصفوا عظمائنا و استوعبوا تكوينهم الثقافي و الاجتماعي قبل ان تحكموا عليهم يا اهلي .
اللهم ارحم ابراهيم عبدالجليل عصفور السودان بقدر ما اطربنا آمين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
مطر قادم
عصمت العالم
saadeldin abdelrahman
Rakoba
خدر
معتصم دفع الله
معتصم الطاهر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست