كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ
|
للأوربيين عامة، الغربيين منهم بشكل خاص، والبريطانيين بشكل أكثر خصوصية، لهم عادة وتقليد قديم وجميل وهو أنه وبعد إكمال المرحلة الدراسية الأخيرة ما قبل الدخول إلى الجامعة، لبد للواحد/ة منهم أن يذهب فى رحلة إلى خارج بلده ويزور بلدا أو عدة بلدان أخرى، طمعا فى التعرف إلى العالم من حوله والتعرف على ثقافات جديدة، وكأنى بهم يطبقون فحوى أبيات الشعر تلك التى تعدد فوائد السفر الخمس، والتى أظن أنها قد بلغت الخمسين الآن
العام ثمانون وتسعمائة وألف بعد ميلاد المسيح عليه السلام، بدأت أفكر فى إنتهاج ذات الفكرة، ونسبة لضيق ذات اليد، والقدم ايضا، لم يكن بالطبع ممكنا حتى مجرد التفكير فى الذهاب إلى خارج الوطن، ثم إنتعشت فى المخيلة فكرة كانت تلح منذ وقت طويل قبل ذلك
لِم لا أسافر وأتنقل فى جهات بلادى الأربع، أتعرف على الأهل والوطن فى الشرق والجنوب والشمال وفى الغرب، وحتى تلك اللحظة لم أكن قد سافرت إلا فى خط مستقيم لمسافة لا تتعدى المائة كيلومتر مما يعدون أو يزيد قليلا، كانت الوجهة فى أغلب الأحيان هى "ود مدنى" بحكم وجود بقية الأسرة هناك، أو الى المعشوقة "الخرطوم" والتى هى أقرب إلينا من حبل وريد المحبة مما نعّد، أو حوالى الثمانين كيلومتر إلى الشمال، مما يعدون.
وبدأ التفكير والتدبير
وجاءت الفرصة على وحول طبق من "فول" أثمن من ذهب "شيبون" ونضار "بنى شنقول"
صديقى "عادل" يزمع السفر شمالا إلى حيث أهله، قلت له أنا مسافر معك، قلتها بكل صرامة وحزم لا يقبل الجدال
يا زول هوى إنت قايل داير تركب "نيسان" الحصاحيصا" وتشيل معاك الجريدة ونص ساعة تكون فى اهلك ولا شنو، ده شغل ما بتقدر عليهو
ما عليك بى، أنا مسافر معاك يعنى مسافر
على كيفك، ذنبك على جنبك، وتعال عاد كان اصلك مصر، عشان تشوف السفر الجد جد مو زى سفركم
وحين عرف "عبد القيوم" خال صديقى عادل بالأمر، تبسم ضاحكا من فكرتى و قال لى وفى لهجة حاسمة
إتا مطرطش ولا شنو، قايلو سفرنا ده زى سفركن "المحنكش" ده ولا شنو ديل يومين بى لياليهن، غبار ورمله و "صاجات" و "باجات" وسخانة و"قهبونه" تقلى حب العيش
يا زول ما عندك بى شغله، مسافر يعنى مسافر
وجاء اليوم الموعود
كان مسرح البداية، من أمام "دكان حسن بحرى" فى السجانة
وجوه الناس أخذت هيئة ولون فرح مشوب بوجل خفى، والكلمات تزينت بأهازيج الشوق وأمنيات مبهمة
و "لورى" "فضل الله" يقف شامخا كما الطود العتى
تعال يا شفى شوف "النيسان" الما لعب، عشان تآمن
وفى "عصرا هالك" وعقرب الدقائق يتهادى فى كسل فوق أديم ساعتى ال "جوفيال" العتيقة، أعلن المنادى، أن قوموا إلى سفركم يرحمكم الله
وبدأ مشوار العشق
يتبع
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
إعتلينا فى فرح طفولى بهيج صهوة ذلك "النيسان" الشامخ، كان جوفه يحوى ما لا نعرف من صنوف البضائع والأغراض، وفوق ذلك "كان مجلسنا" و "الفرح الكتير حارسنا" أنا وعادل وعبد المهيمن وبعض اشخاص، وكان "المساعد" يلعب ببراعة تامة وقدرة مذهلة دور "أم العروس" بكل انشغالها وتوترها الظريف
دخلنا إلى احشاء ام درمان، وما هى إلا لحظات حتى انعكست اشعة مذهبة من شمس خائرة الضوء على صفحات الرمال وكأنها تمنح الإذن بالمسير وتكتب فوق خدود الكثبان أجمل قصائد السفر ونشوة التوق إلى لقيا الأحباب وعناقهم
أما أنا فقد كان الإحساس فى دواخلى مغايرا ربما عما هو لدى كل تلك الرفقة، فقد كان كل واحد منهم ينمى شعوره بما يتولد من دواخله التى تعتمل باشياء يصعب التكهن بها، أما أنا، الوحيد بينهم الذى تختلف أهداف سفره ونوايا ترحاله
نحن الآن بين ايدى ورحمة المكان
أرض واسعة ممتدة أطفى عليها لونها البنى القاتم مع ما تبقى من اشعة الشمس، طعما عميق المعنى، فقد ترائت لى وكأنها جبين "عريس اسمر جميل معفر ببقايا "الضريرة" ومن على البعد تطل ومن حين لآخر، هامات الجبال التى تحس وكأنها تدير رؤؤسها معك مرحبة ثم ملوحة بالوداع
لا شئ هنا سوى المكان، وسماء فتحت أفقها بلا حد ولا نهاية
اين الإنسان؟
مررنا بوهاد وقفار لا يوجد فيها غير التراب والأحجار ووجه الله
وبعد طول مسير وصلنا إلى "أم الحسن"
كانت شامخة مثل شجرة "دوم" عجوز وكانت تمتلئ بالحياة مثل رسم لطفل طروب
وبين أقداح الشاى والإستماع إلى صوت "صديق أحمد" الذى كان يأتينا من "ركوردر" حسبما اسماه "المساعد" حين علق قائلا
دى "سفنجة" شايقية، هسه تلقاها شاحنة تمر وغنا
كان يشير إلى شاحنة ال "بد فورد" بوجهها الأزرق الوسيم وقد فغرت فاها، طمعا فى الفوز ببعض نسمات باردة ترطب احشاء ماكينتها التى حتما قد اضناها عراك الرمل
وما زال الطريق حلم يحبو
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
يا ابوذر
تخيل ( فضرالله ) زي ما بنقول لسه عندو نيسيان ابيض بمشي و بجي من الخرطوم لاكتر من 35 سنة .
اسالك بالله ما دق ليكم بي بوري تلاتة غنية ( انتي كلك زينة و عايمة كالوزينة ) في ام الحسن ؟
واصل يا ابوذر متابعين معاك .
وديدي
طلعت حنكوش ساكت و البلد لسه ما شوفتها .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: حمد فتح الرحمن)
|
كيف الحال يا حمد
وعساك طيب
ما تقول لى إنت برضو من هناك
لو كده ياخى معناهو نحن أهل عديل
تعرف فضل الله ده، وفعلا الجماعة كان بقولو ليهو "فضر الله"
لحدى اللحظة أنا بتذكر شكله ولونه البنى الجميل وابتسامته الأجمل
كدى يا حمد ذكرنى إسم سيد النيسان التانى الكامل
إسمه الأول "محمد" وهو زول شباب، فى الوقت داك طبعا، وشعره كتير وجسمه مليان
وهو من ناس البلد نفسها، بس نسيت إسمه بالكامل
ده الزول الأنا جيت راجع معاهو من هناك
تحياتى وودى ليك يا حمد
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
ابوذر
انا من القولد جم رومي البكري
طيب في رومي في تلاتة نسيانات ، واحد ياهو السافرتو بيهو ، و التاني بتاع محمد الامين ، و التالت بتاع ود عمارة اسمو محمد ود عمارة
و الله يا ابوذر قبيل كوتا عاز اقول ليك اشا الله تكون جيت راجع مع ود عمارة ، رجل نكتة صحيح
يحكي عنه يا ابوذر : مرة في واحدة من سفريات العيد و هو مسافر البلد جاهو مغترب مليان شنط و عفش و ما عندو طريقة الا يركب مع ودعمارة ،
ود عمارة عاين ليو و عاين لي عفشو قام قاليو بوصلك بي 50 جنية ، و دا كان مبلغ مبالغ فيه .
المغترب مزنوق و عايز يلحق عيالو قال ليو ( ما يخالف ) .
ود عمارة قبل علي الراكب جمبو وقال لي روحو ( يا خشيم الشقي ما تقول بي 100 ) .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: حمد فتح الرحمن)
|
سلمت والله يا حمد
محمد الأمين، بس ياهو ده
نسيت والله الإسم تماما، ياخى الكلام ده قبل ربع قرن وسنة زيادة كمان
مشيت القولد طبعا ياحمد كم مره واتفرجنا فى ملامحها الأنيقة وعبق الأصالة الفيها
أكيد أنا نسيت تفاصيل كتيرة جدا جدا فى الرحلة الفريدة دى
وتصدق يا حمد فى نفس السنة ديك وبعد ما رجعت من الشمالية
مشيت جبل مرة وبرضه حمت ليك جنوب دارفور كلهاحله حله ووادى وادى
ياخى السودان ده فيهو ناس ما عاديين ابدا
إن شاء الله يدوم عزه وصفاهو ويحفظه لينا الكريم
قول آمين
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
صوت "صديق الدبة" الساحر لا يزال يسرى
"إزينا
إنت ما خليتنا يا نور حينا"
أرح آ شباب
صاح المنادى معلنا متابعة المسير
بعد ده داخلين على "القبولاب"
وما أدراك ما تلك القبولاب
أول ما وقع بصرى عليه من مناظر، تخيلت أنى أرى السماء وقد وضعت على الأرض وهى مطرزة ومزخرفة النجوم، كان ذلك مشهد "المنقه" وهى تفترش الأرض زاهية ونضيرة مثل خدود الصبايا فى يوم عيد
ثم تواصل المسير
الباجة
إنا خلقنا الإنسان فى كبد
الغابة
مدينة يحتضنها النهر وتحتضن الغياب
ثم كان اللقاء الموعود
الوقت يفتح شرفة الأصيل، والمكان يفتح حديقة اللقيا
رومى البكرى
تلك هى أمامنا
عليك الله قول لى "فضل الله" يدخل النيسان ده بى رجله اليمين
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
وشربت العيون من "شفق المغارب" قبل أن تنهل من كأسات مزاجها محبة وحنان فياض، تعجز الروح تماما أمامه
هنا يوجد بشر تحس ومنذ الوهلة، ما قبل الأولى، ،هم يختلفون حقا عمن سواهم
يلتقيك شخص لم تره من قبل
يأخذك بين أحضانه، فتحس بأن كل دفء العالم يسرى منه إليك، وتدمع عيناه
يسيل الإبتسام أنهارا من أناس لا أظن أن "أهل الفراديس العلية" بفوقونهم فى طيبتهم ونقاء أرواحهم
يا إلهى
من هم هؤلاء الناس، ومن أى مجرة سلطانها الندى والطيبة والسماحة أتوا؟
أنا جدك إبراهيم الطاهر
شاب فى الثمانين من عمره
استعار الخالق نضارة القمح وكسا به جسم ذلك الرجل
فى كل خد فى وجهه، تقف ثلاث سنابل نحيلة ووسيمة، أدركت بعد حين أنها "شلوخ"
أنا أمك فاطمة عبد الحليم
احتضنتى وهى تضحك وتدمع عيناها
إبتسامة أرحب من كل الأمنيات وأعذب من أى سلسبيل فرات
يا إلهى
دخل عادل وهو يحمل جهاز "استريو" ووضعه على طاولة قريبة
قوم يا زول استحم وغير هدومك دى، الليلة عندنا سهرة
سهرة شنو يا عادل أتا جنيت ولا شنو، نحن لينا يومين ما نمنا تقول لى سهرة
امش أتا استحم أول شى وانا بعدك
لم يعرنى عادل أى إنتباه ومضى إلى خارج الغرفة
قمت أنا وكان التعب قد تملكنى تماما وأخرجت بعضا من أشرطة الكاسيت التى أتينا بها
تناولت أولها ووضعته فى جوف الجهاز وضغطت على زر التشغيل
Don’t stop till get enough
جاء صوت "مايكل جاكسون" "قبل ما يتعولق" وجاءت كلماته وكأنها تحفزنى لأخذ المزيد من هذا الدفق الإنسانى البديع
أغمضت القلب والعينين وهومت فى سماوات التخيل وقد اعترتنى سكينة لم أحس بمثلها من قبل
وايقظنى صوت عادل مجددا
ياخى ما تخلى الكسل ده قوم
الناس مستننا
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
كان الحفل قد أعد مسبقا
جلسنا فوق الأسرة والمقاعد وتناثر الحضور حول المكان
غناء وبهجة مسائية شجية أنستنا ولو مؤقتا بعضا من ذلك الإرهاق الذى سكن فى كل تفاصيل وأقاليم أجسادنا
ثم الحناء
أجل تخيلت نفسى وأنا عريس فى غمرة نشوته، والحناء تلامس أسطح جسدى الناشف
وفى كل لحظة كنت أترقب أن أرى العريس الحقيقى والذى نصب من أجله هذا الفرح الباذخ ببساطته ورقة القائمين عليه
وبعد أن "إتالت الليل" كدت أن أخر مغشيا على من وقع المفاجأة العجيبة
كل هذا الفرح بحفله وغنائه وبهجته وتلك النشوة العجيبة التى فاضتت من عيون هؤلاء الناس الأكارم، لم يكن كل ذلك إلا إحتفاءا وتكريما لنا نحن
لنا نحن؟
كل ذلك كان لنا نحن يا عادل؟
آى لينا والله، وليك اتا بالخصوص كمان
يا الله
أى أرواح تسكن أجساد هؤلاء القوم
واختبأت داخل الفراش وأنا تحت سطوة الفرح و "الدكاى" "السالط"
ليتكِ يا أمى كنتى معى الآن لتعرفى هؤلاء الناس
غفوت وأنا أجوس بين حقول الحمد أرسل الشكر عاليا للخالق على أن هيأ لنا وطنا بمثل هذا البهاء وخلق فيه بشر هم إلى الأملاك أقرب
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
و كيف لا أعشق جمالك يا وطنى
وفيك أناس بمثل هذا الجمال والنقاء؟صحوت فى صباح اليوم التالى لوصولنا، ولم تكف المفاجئات المبهجة عن التفتح
وقبل أن أنهض من السرير، رايت قريبا منى حوالى خمس أو ست "صوانى" بعضها مغطى بأغطية بلاستيكية والبعض الآخر بأغطية قماشية، وكانت رائحتها تشى بمكنونها
ثم تنامت إلى سمعى أصوات بدا وأنها قادمة من خارج الغرفة
نهضت من رقادى وكل أجزاء جسمى تشكو التعب من جراء مكابدة تلك الرحلة العجيبة، وبعد ذلك خرجت لأتفاجأ بحشد من القوم، جميعهم من الرجال وكلهم كانوا فى تمام هندامهم وتفوح منهم رائحة العطور العبقة المختلطة مع رائحة العشب المرتوى القادم من منزل صديقنا "عبد المنعم إبراهيم" وكان طالبا فى الإقتصاد فى ذلك الوقت، بن عم "محجوب هاشم" طالب القانون، وقد تركنا كليهما خلفنا فى الخرطوم
وتكرر ذات المشهد السماوى الآسر، عناق ودعوات وضحكات وحبور عميم
يشعر الإنسان فيه ومعه بإنس لم ير مثله من قبل
أيوجد أناس بمثل هذا الصفاء وهذه الطيبة فى هذا العالم؟
كان كل واحد منهم قد أتى ويحمل "صينية" الفطور، إحتفاءا وتكريما للعبد الفقير إلى الخالق والغنى بمحبتهم وطيبة أرواحهم
قلبت كل ذلك فى رأسى، أنا القادم من وسط الوطن، حيث تغير كثير من معانى الأشياء وملامحها، وكم وددت فى تلك اللحظات ومثلها وغيرها، أن اسجل كل ذلك بالصوت والصورة ليشاهده الناس هناك حيث أتيت أنا، ولأقول لهم، هذا هو الإنسان بمعناه المطلق، وهذا هو ال Design الذى من المؤكد أنه يشبع ويرضى طموح ورغبة الخالق الأعلى وهو حتما يمثل الأنموذج الأسمى لمعنى أن تكون بشرا إنسانا
أنا عمك عيسى الطاهر يا ولدى
إن شاء اهلك شداد وطيبين
إتا بلدكن اسما شنو
ويقاطعه أحد الحاضرين
عمك عيسى ده باقى حام الواطا كلها
هى داب حوامه يا ود سوار، انا يمكن اكون اول زول فى البلد كلها سقت لى عربية
شفت الخط الجيتو بيهو ده، انا اول واحد فتحو
وعرفت بعد ذلك أن عم عيسى هو والد صديقنا اللطيف، محمد "مجيد" عيسى وعصام عيسى الطاهر، وهم أعمام صديقى عادل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
فى كل صباح جديد، تشرق الشمس وهى ترسل مع ألق اشعتها
سببا جديدا لعشق هذا الوطن
عبر هؤلاء الناس الطيبين
وتوالت مباهج الأيام وسعدها وأنا فى تلكم الرحاب الندية البهية
تعرفت على شباب الحى وما وجاوره من أحياء
سهرات "الكوشتينة" ورحلات "البحر" و حضور بعض المناسبات
الذهاب إلى "القولد" وتناول الفطور فى مطاعمها ومقاهيها العتيقة
والقولد لا تبعد لأكثر من مسافة تستغرق حوالى نصف الساعة من هناك
أذكر أننا كنا نذهب ونحن نستقل "بوكسى ولد حسن جزار"
فتى متحفر لونه "أحمر" وتنبعث من عينيه علامات الذكاء والطيبة الممزوجة بالمكر الطيب
ثم "عدينا" ذهبنا إلى الضفة الشرقية من النهر، حيث "أمنتجو" و "ناوا"
بالله دى "ناوا"؟
وطاف بالخاطر وجه "سيد أحمد الحاردلو"
الليلة "يحى شمت" قال تجو تتعشو معاهو
وباكر عازمنا خالد وديدى غدا
بدر الدين السكنابى برضو مصر لازم نتغدا معاهو، لكين انا قلت ليهو بنجيك يوم الخميس
كدى قوم أرح النمش نغشى ناس حبوبتى واوريك بيت ناس الطاهر الحسن
الطاهر الحسن هو بن عم عبد القيوم عبد الحليم الحسن، خال عادل، وكان يومها يعمل مستشارا فى مجلس الوزراء، و عبد القيوم كان أمينا لمكتبة كلية الآداب فى الجامعة، وأظنه الآن فى جامعة افريقيا
طيب ياخى انت ما قلت لى حنمشى نسلم على أهل ناس "عبد الإله" و "عبد الشافى" و"عبد التواب" فى البكرى
لسه ياخى الأيام راقده، وكلهم بنمش ليهم
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
نهاية الأفراح، بداية الأحزان
أوشكت أيام الندى على نهايتها
فى القلب حسرة وفى الروح كدر
تفاصيل كثيرة وجميلة غاصت بين شعاب الذاكرة، ولكن تظل عناوين السمو الإنسانى وطيبة الأرواح وعلو معانيها، تسيطر على ألواح الروح ولا تموت أحرفها التى نحتتها أقلام اؤلئك البشر المتفردين
ثلاثة اسابيع انقضت منذ قدومنا إلى هذا المكان الآسر حقا
مرت اللحظات وانقضت عجلى، لكنها وفى كل برهة فيها غرست شتلات ود ومحنة وترحاب اضحت الآن أشجارا باسقة وافرة الظلال ووفيرة الثمر
عادل لم يكن ينوى العودة معى بالطبع، وتم تحديد موعد السفر وأنا أغالب لوعة الفراق من أناس تمنيت صادقا لو أنى كنت خلقت بينهم أو لأقضى العمر معهم
فى صباح يوم السفر
إمتلأ البيت على سعته، وتجمع كل من فى الحى يسبقهم نفس البشر الذى استقبلونا به
ثم لاحظت حركة متزايدة من نساء الحى فى داخل المنزل، عرفت بعدئذ أنهن كن يقمن بإعداد "زوادة السفر" لى
جاءت العربة "النيسان" مرة أخرى وترائى ذات المشهد الأول، لكنها كانت رحلة العودة هذه المرة
أعود وأنا مشبع بدفق إنسانى بديع قل أن يوجد مثله
ثم كانت لحظة الوداع
والله شعرت وكأنى محمول بين أحضان السحب، أو محلقا فى سماوات لم تطأها حتى أقدام الملائكة
مزيج من كلمات الوداع والدعوات الخضراء والدمعات الصادقة
ومع كل شخص يقوم بوداعك، كنت أحس بأنه يدس يده فى جيبى، ولم أنتبه تماما لذلك فى تلكم اللحظات العجيبة، ثم اكتشفت بعد حين أن كل شخص كان يضع مبلغا من النقود فى جيبى، واشهد الله العظيم أن غالبية من أتوا لوداعى فى ذلك اليوم، كانوا ممن لم ألتقيهم أو أجلس معهم، ومعظمهم من النساء
هل سمعتم أو رايتم مثل هذه الأريحية وهذا الفضل والسماحة من قبل؟
وكانت المفاجأة الأعظم بعد وصولنا إلى السجانة
نادانى "محمد" صاحب العربة وأخرج من جيبه قطعة ورق وأخذ يقرأ
اسمع امش جيب ليك بكسى عشان تشيل الحاجات دى
الحاجات ياتا يا ابو حميد
ياخى ربع اللورى ده حقك
كيف يعنى؟
اسمع، ثم اخذا يقرأ ما كتبه على الورقة
تلاتة شوال فول مصرى من أعمامك فلان و فلان
اتنين شوال فاصوليا من ناس فلان
اتنين شوال تمر جابا ليك حاج فلان
يا زول لقيف ها، ديل اشيلن كيفن هسه انا
قاطعته قبل أن ينهى قائمة العطاء الجزيل ذاك
امش ياخينا نحن عندنا مشاوير تانى، هسه من دربى ده انا ماشى الشجرة عشان اسلم ناس حاجاتن
فعلا احتاج الأمر لعربة نقل لأتمكن من حمل ما أهدى إلى
ولكن ما كنت فى اشد الحاجة إليه حينذاك
هو قلب وروح أكبر مما أملك
حتى استطيع أن أحمل وأحتمل كل ذلك السمو الإنسانى الفريد
نورى البكرى
سلام عليكِ وعلى أهلك فى العالمين
ولك منى الروح محبة وودا ووفاءا لا ينتهى
فقد كنتِ سببا لعشقى هذا الوطن وأهله
كل الوطن ، كل أهله
======================
نهاية مسدار العشق
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: أبوذر بابكر)
|
و الله يا أبوذر رجعتني البلد و أنا أقرأ في كلامك هذا....
طبعاً أنت بتتكلم عن منطقة من أحب بقاع الأرض في الدنيا بالنسبة لي
رغم إني من القولد لكن لي كمية من الأهل في رومي البكري
و تقريباً أغلب من ذكرتهم أنت و قابلتهم قرايبي..
و بالمناسبة أنت حظك ما حلو لأنك ما قابلت ود عمارة و لا الصادق ولدو
و الله ما كان مرقت من هناك كلو كلو ديل ناس لا يمكن للأنسان أن يمل الجلوس معهم أبداً
طبعا أنا عشت حياتي كلها في الخرطوم لذلك كنت أذهب للبلد في فترات متباعدة
لكن بعد التخرج من الجامعة بدأنا مشروع باصات سفرية حديثة من الخرطوم للقولد
طبعا رومي دي اسة بقت أقرب من الحصاحيصا!! بالجد والله يعني تسافر من الخرطوم 7 صباحأً
قبل الساعة العاشرة أنت في رومي و في باص مريح جدا
لذلك قابلت كل السواقين في هذا الخط (خط الشمال عموما)في السجانة حيث كنت أعمل
كنت في البداية متهيب العمل في السجانة أعتقاداً مني أنني لن أندمج في ذلك المجتمع
و لكن بعد أقل من شهر أصبحت لا أستطيع مفارقتها لحظة واحدة
بعد ذلك كثرت زياراتي للقولدو رومي و ما جاورهما
و في اجازتي الأخيرة ذهبت الي هناك و لم أعد الا يوم السفر
رغم أن جميع أسرتي بالخرطوم....
و أنت الآن مشكورا أعدتني الي هناك من جديد
لك مني الشكر و جزيل الأحترام
خالد
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رومى/ البكرى -- سببٌ آخرٌ للعشقِ (Re: خالد عبد الله محمود)
|
تحياتى وتقديرى ليك يا خالد
وعبرك أحى كل الأهل فى رومى البكرى والقولد
وهم فعلا جديرين بالتحية والمحبة
وربك يهون كده ونرجع البلد تانى بعد الطشيش الطويل ده
ونزورهم تانى وتالت خاصة والسفر بقى ساهل ما زى زمان
بس بينى وبينك زمان كان عنده طعم مميز وممتع
تكون راكب فى ضهر اللورى والليل بارد ومنعش والنجوم فوق ليك
أو تنزل وتعافر فى الصاجات مع المساعدين
شكرا كتير ليك يا خالد
| |
|
|
|
|
|
|
| |
أبوذر بابكر
الفاتح وديدي
حمد فتح الرحمن
صلاح الدين عبدالله محمد
خالد عبد الله محمود
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست